زراعة الكيف
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
زراعة الكيف
الحشيش.. ثروة «إمارة» الريف الوطنية
يوسف ججيلي
تنتشر
زراعة الكيف في مناطق مختلفة بشمال المغرب. وبعدما ظلت «العشبة» تستهلك
قرونا بشكلها الطبيعي، تطور أمرها خلال العقود الأربعة المنصرمة حيث صار
يستخرج منها «الحشيش»، الذي تصدر 90 في المائة منه إلى أوربا عبر إسبانيا.
ويفيد المرصد الجيو سياسي للمخدرات بباريس أن المغرب يغطي 40 في المائة من
الطلب العالمي على القنب الهندي. «المساء» ترصد سلسلة إنتاج الكيف وتحويله
ومسارات تسويقه وتصديره.
زراعة الكيف في مناطق مختلفة بشمال المغرب. وبعدما ظلت «العشبة» تستهلك
قرونا بشكلها الطبيعي، تطور أمرها خلال العقود الأربعة المنصرمة حيث صار
يستخرج منها «الحشيش»، الذي تصدر 90 في المائة منه إلى أوربا عبر إسبانيا.
ويفيد المرصد الجيو سياسي للمخدرات بباريس أن المغرب يغطي 40 في المائة من
الطلب العالمي على القنب الهندي. «المساء» ترصد سلسلة إنتاج الكيف وتحويله
ومسارات تسويقه وتصديره.
بين
سلسلة جبال الريف بشمال المغرب، اختار عدد من المغاربة الاقتيات من زراعة
يعتبرونها شرعية، لكن غير مقننة، يستحوذ المغرب على حصة مهمة في السوق
الدولية بفضل إنتاجه الوفير منها. القنب الهندي أو «الكيف» زراعة مكنت
المغرب من تغطية 40 في المائة من الطلب العالمي على هذا المخدر، وتدر
عائدات مالية متباينة على جميع المتدخلين فيها.
«المساء» تتبعت مسلسل إنتاج وتسويق «العشبة»، كما يسميها الريفيون،
انطلاقا من حقول وزان، ومرورا بمعامل «التصنيع» بنفس المنطقة لتحويله إلى
«حشيش»، مقتفية الممرات البديلة بين المدن إلى نقاط العبور بضواحي مدينة
الناظور، وشحنه في الزوارق النفاثة التي تضمن وصوله إلى جنوب إسبانيا في
ظرف لا يتعدى الخمس عشرة دقيقة.
نقاط العبور انطلاقا من حقول الزراعة يتطلب قضاء حوالي ثماني ساعات
عبر حافلة من ضواحي مدينة وزان في اتجاه الناظور، وقضاء 12 ساعة أخرى
لاكتشاف الممرات البديلة لتصدير الحشيش بالقرب من مدينة تطوان.
يتعدد المتدخلون والوسطاء في سلسلة إنتاج وتسويق «الحشيش»، ويتباين
دخل كل واحد منهم، فأجرة المزارع تقل مئات المرات عن تلك التي يتقاضاها
حامل جهاز «الجي.بي.إس» بالزورق النفاث، حيث لا يتجاوز دخله 60 إلى 70
درهما في اليوم الواحد، فيما يحقق الأخير ما يتراوح بين 30 إلى 35 مليون
سنتيم خلال الرحلة الواحدة.. ومن هذه الأمثلة كثير.
ما هو حجم عائدات الحشيش؟ كيف توزع؟ من يستفيد منها؟ وكيف يتم
تبييضها؟ وما هو أثرها على اقتصاد الجهة الشمالية؟ ..أسئلة من بين أخرى
حاولنا إيجاد إجابات لها من خلال الانتقال إلى الميدان والتحقيق فيها.
بعيدا عن الأكاذيب..هذه خلاصة ما توصل إليه تحقيق «المساء».
اعتراف مزارع
يعترف عدد ممن يمتهنون زراعة القنب الهندي، التقتهم «المساء»، أن
دخلهم هو الأضعف في حلقة إنتاج وتسويق «الحشيش»، إذ إن دورهم ينحصر في
الزراعة وحصد المحصول، ويستعين المزارع في عمله بزوجته وأبنائه ومنهم
الأطفال، إضافة إلى بعض العمال الموسميين مقابل أجر يومي يتراوح ما بين 60
إلى 70 درهما.
يقول أحمد، أحد المزارعين بضواحي مدينة «وزان»: «إن الفلاح لا يستفيد
كثيرا من هذه الزراعة سوى ضمان بيعه للمحصول بشكل كامل بعد عملية الحصاد،
فلن تجد مزارعا واحدا بهذه المنطقة يقوم بتخزين إنتاجه السنوي، لأن الطلب
في ارتفاع متزايد على «الكيف»، خصوصا بعد عمليات المداهمة التي تقوم بها
السلطات الأمنية، في بعض الأحيان، والتي تؤدي غالبا إلى إتلاف محصول
الأراضي التي تزرع فيها «العشبة» وتمنع زراعتها على جنبات الطرق لكي لا
تظهر للعابرين لمدينة وزان في اتجاه مدينتي الشاون أو فاس، مما يساهم في
رفع سعر الكيلو الواحد من «الكيف الخام».
وأضاف أحمد أن « تكاليف العمال الذين يستأجرهم للعمل معه ومصاريف
تغذيتهم، التي تضاف إليها مستلزمات البيت، تؤثر سلبا على هامش ربحه من هذه
الزراعة»، متسائلا: «عما يمكن زراعته، غير «الكيف»، في منطقة معروفة
ببرودة جوها وقلة التساقطات بها».
الطقس محدد أساسي للحصول على نوع جيد من القنب الهندي، إذ يتطلب
لنجاح هذه الزراعة أن تكون المنطقة باردة طيلة السنة وجافة، وهو ما يميز
«كيف» منطقة كتامة على كيف المناطق الأخرى، حيث يلائم مناخها وقلة
التساقطات المطرية بها هذا النوع من الزراعة.
تنضاف إلى ذلك نوعية البذور أو «الزريعة» التي يتم زرعها، حيث تنقسم
إلى عدة أنواع فمنها من تعطي محصولا من كمية كبيرة مقابل جودة متوسطة،
وهناك أخرى يطلق عليها اسم «البلدية» والتي تمنح للفلاح محصولا بجودة أحسن
ولكن بكمية أقل.
وهناك أيضا نوع آخر من «الزريعة» يستعمله الفلاحون الكبار يسمى
«الباكستانية»، وكما يوحي بذلك اسمها، فإن هذه البذرة يتم استيرادها من
باكستان وبدأت تستعمل بكثرة بالمغرب، خصوصا بمنطقة كتامة إذ تمنح جودة من
النوع الرفيع، ويتضح ذلك بعد تحويل محصولها من القنب الهندي إلى «حشيش»،
بحيث يباع الكيلوغرام الواحد منها بـ»الكراج»، أي بمكان التصنيع بلغة
«المنتجين»، بما يفوق مليون سنتيم.
زراعة القنب الهندي تمر عبر أربع مراحل، أولاها يتم خلالها قلب الأرض
وذلك ما بين شهري دجنبر ويناير، وبعدها زرع البذور ما بين شهري فبراير
ومارس، وفي مرحلة ثالثة تتم تنقيته إذ يتم سحب ذكر «العشبة» وترك الأنثى
تكبر، لتأتي المرحلة الأخيرة وهي الحصاد، وغالبا ما تتم ما بين شهري
يوليوز وغشت.
في سياق آخر، يصر أحمد، في ختام حديثه لـ«المساء»، على أن المزارعين
لا يستفيدون كثيرا من هذه الزراعة، ويعلق على حالهم ساخرا بالقول: «إن
مصاريفهم تتضاعف لأن غالبيتهم تتوفر على زوجة ثانية في المدينة»، موضحا
الأمر بأن زراعة القنب الهندي عمل يومي شاق يتطلب مجهودا كبيرا غالبا ما
يأتي على ملامح الجمال لدى زوجة المزارع التي تعمل معه في الحقل طيلة
اليوم، مما يدفعه إلى البحث عن امرأة أخرى غير بعيدة عنه بالمدينة.
عملية التحويل
بعد عملية الحصاد تتم تنقية المحصول وغربلته في «الكراج»، وهو مكان
شبيه بمصنع يتم به تحويل القنب الهندي إلى «حشيش»، يكون غالبا قريبا من
حقول «الكيف» لخفض تكاليف النقل.
وتتميز هذه المرحلة بتعدد عدد العاملين بـ«الكراج»، حيث يقومون بوضع
كمية من محصول «الكيف» في ثوب شفاف به ثقوب صغيرة جدا ويحزمونها ويضعون
تحتها “بانيو”، ويشرع العمال في الضرب على الثوب حتى تتساقط من الثقوب
الصغيرة “غبرة” ذات لون بني شبيهة بالقهوة.
عملية الغربلة تكلف المنتج ما بين 50 إلى 70 درهما للعامل الواحد في
اليوم، إلا أن هناك عاملا، في هذه المرحلة من سلسلة الإنتاج، يكون له وضع
اعتباري، وهو “الدقاق” الذي يكون ممسكا بهراوة كبيرة، بعد أن تتم عملية
إضافة مادة “الرزينة” لتتماسك الغبرة البنية، ويقوم بتصميم شكل قطعة
“الحشيش” من فئة 250 غرام أو نصف كيلو في أقصى الأحوال.
“الدقاق” الماهر أجرته لا تقل عن 200 درهم في اليوم الواحد وقد تصل
إلى 500 درهم إذا أظهر مهارة عالية في هندسة قطع الحشيش، وتغذيته تكون
مميزة عن باقي العمال في “الكراج”، كما أن وضعه الاعتباري يسمح له باحتساء
كؤوس من الخمر في نفس الوقت الذي يزاول فيه عمله.
إيصال «السخرة»
مرحلة الإنتاج تنتهي في “الكراج”، لتنطلق أخرى وهي الأصعب في سلسلة
تسويق مخدر “الحشيش”، الماركة المغربية الخالصة، وهي تلك المتعلقة بنقل
المنتوج من مركز الإنتاج صوب نقاط التصدير.
بعد أن يكون المنتوج جاهزا يتم تحمليه بعد تغليفه بورق الجرائد
وتثبيته بواسطة لصاق ثم إعادة وضعه في ورق الجرائد ثم حزمه باللصاق قبل
تغليفه بالبلاستيك ليوضع في علب كرتونية مربعة ويتم نقله على متن سيارات
كبيرة غالبا ما تكون ذات دفع رباعي.
عملية الشحن يتقاضى عنها سائق السيارة أو ما يعرف بـ”الحمال” ما بين
200 إلى 500 درهم للكيلو الواحد، وذلك لإيصالها إلى أماكن ترسو بها
الزوارق النفاثة.
يحكي محمد الذي يشتغل كـ”حمال”، والذي التقته “المساء” بمدينة تطوان،
“أنه في السابق كانت تستعمل الدواب لإيصال “السخرة”، في إشارة إلى
“الحشيش”، من “الكراج” إلى نقاط العبور في اتجاه اسبانيا”، حيث توضع عليها
“باكية” من المخدرات في جانبي الدابة”. “الباكية يعادل وزنها 30
كيلوغراما”.
يتم الوصول إلى طنجة أو الناظور مرورا عبر التضاريس الوعرة للمنطقة، مقابل 600 إلى 700 درهم”.
أما اليوم فإن الأحوال تغيرت، يضيف محمد، حيث عوضت سيارات “الكات كات”
البغال، إذ إنه يتم شحن ما يناهز 60 “باكية” في سيارة واحدة، وهو ما ساهم
في تراجع الطلب على “الحمالة”.
تكلفة التصدير
“حشيش” المغرب، الذي لا ينقصه سوى حمل طابع شهادة “إيزو” للجودة، تؤشر
عليه السلطات الأمنية ليصل إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط”،
يقول شكيب الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان.
الخياري، الذي التقته “المساء” بمدينة الناظور، طالب بفتح تحقيق
بخصوص تورط مسؤولين أمنيين بإقليم الناظور في الاتجار الدولي للمخدرات عبر
بحيرة "مارتشيكا". وسلم "المساء" نسخة من شكاية وجهتها جمعية الريف لحقوق
الإنسان خلال الشهر الماضي للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمدينة
الناظور، جاء فيها أن" تورط مسؤولين ضمن الجسم الأمني على المستوى
الإقليمي في الاتجار الدولي بالمخدرات من خلال بحيرة "مارتشيكا"، أمر ثابت
وواضح، تؤكده الوقائع الطبيعية ونتائج حملة 2006، إذ إن الأجهزة الأمنية
قد قامت وقتذاك بحجز 123 زورقا خاصا بنقل المخدرات داخل البحيرة التي
تتوفر على ممر وحيد يبلغ عرضه 80 مترا يوجد على جانبيه مركزان للقوات
المساعدة إلى جانب تواجد عناصر من الدرك الملكي والبحرية الملكية وكذا
ممثلي وأعوان السلطات المحلية"، مضيفا أنه "قبل الحملة المذكورة فإنه على
امتداد سنوات طويلة ظلت العديد من الزوارق بكل من شاطئ جماعة بوعارك
ومنطقة الجزيرة بجماعة قرية أركمان وأطالايون التابعة لبلدية بني أنصار،
تواصل عملها أمام أنظار الجميع، مواطنين وسلطة، مما يؤكد المسؤولية
المباشرة للسلطات الإقليمية" على حد قوله.
يعترف عدد ممن التقهم "المساء" بثبوت مسؤولية رجال العنيكري والضريس
ونسليمان في تسهيل عمل تجار المخدرات ومصدري "الحشيش"، وأكد أحدهم أن هناك
سماسرة معروفين بالمنطقة يقومون بلعب دور الوسيط ما بين السلطات الأمنية
والمهربين. كيف ذلك؟
يسلم الوسيط مبلغا ماليا يتراوح ما بين 50 إلى 80 مليون سنتيم
للمسؤول الأمني واسم "الزودياك" التي ستبحر محملة بـ "السخرة" إلى
إسبانيا، وذلك بعد اتفاق مسبق مع صاحب السلعة.
المبلغ المالي يشفع للزورق النفاث بالمرور لأنه يتوفر على تأشير
السلطات الأمنية، فيما لا تتجاوز حصة "السمسار" من الصفقة مليون سنتيم إلى
مليونين في أقصى الأحوال.
يؤكد شكيب الخياري أنه قبل مراسلة جمعيته الملك سنة 2006، فإن شحن المخدرات على متن الزوارق ظل يتم في واضحة النهار في "مارتيشكا".
"مارتيشكا" أو البحر الصغير، كما يطلق عليها أهل الناظور، يتسع لمئات
الزوارق النفاثة التي كانت ترسو به منتظرة الضوء الأخضر للانطلاق صوب
إسبانيا..
سواء كان يتم تصدير المخدرات في الليل أو في النهار انطلاقا من
"مارتيشكا" فإن معبر هذه الأخيرة ضيق جدا لا يتجاوز 80 مترا، كيف كان يتم
ذلك؟ سؤال قد يتوفر بعض المسؤولين الأمنيين بالإقليم على جواب له.
مدن «منسية»
أبناء شمال المغرب يقولون إن منطقتهم تميزت بنفوذ العصابات على مر
التاريخ الحديث، ويستندون في ذلك إلى ما عرفته فترة السبعينيات من القرن
الماضي، في رأيهم، من اقتسام الأراضي القريبة من الشواطئ في ما بين العديد
من الشخصيات المعروفة في ذاك الوقت، ومنهم جنرالات و”زعماء” أحزاب.
معظم من التقتهم “المساء” من شباب المنطقة يقولون إن تجارة المخدرات
شرعية، لكنها غير قانونية بشمال المغرب، ويشتكون من كون بارونات المخدرات
أضروا بمنطقتهم ولم يفيدوها في شيء. فمداخيلهم من هذه التجارة لا تتم
إعادة استثمارها في أنشطة مدرة للربح، بل يتم تبييضها في قطاعات كالعقار
والنقل وشراء المقاهي، وأنهم ساهموا في غلاء أسعار المساكن في مدن أقل ما
يمكن أن يقال عنها إنها..”منسية”.
«الرايس» أو« مول GPS» يتقاضى ما يفوق 30 مليونا عن كل رحلة
عملية تصدير “الحشيش” صوب إسبانيا يقوم بها في الغالب ما بين ثلاثة
إلى أربعة أشخاص على أقصى تقدير، حيث يقود سائق الزورق النفاث الذي يخضع
لتعليمات “الرايس”، الذي يحدد الاتجاه عبر جهاز “جي.بي.إس”، إضافة إلى
اثنين من “العساسة” وظيفتهما السهر على مراقبة “السخرة” ووضعها على
اليابسة عند وصولهم إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، أو رميها
في البحر، عندما ترصدهم سلطات الأمن الإسبانية وتداهمهم، في أغلب الأحيان،
باستعمال المروحيات.
اختلاف الوظائف على متن الزورق النفاث يساهم في تباين مستوى أجور
العاملين به، إذ إن أعلى راتب بين راكبي الزورق يتقاضاه “الرايس”، والذي
قد يتراوح ما بين 30 إلى 35 مليون سنتيم، ويأتي بعده السائق بمدخول يتراوح
ما بين 10 إلى 12 مليون سنتيم، ثم “العساسة” الذين يتقاضون أجرا هزيلا
مقارنة مع “الرايس” و”الشيفور” إذ لا يتجاوز 500 درهم في الليلة الواحدة،
بيد أنه قد يصل في بعض الأحيان إلى 6 ملايين سنتيم إذا كانت الظروف
الأمنية مخففة، إذ يكثر الطلب عليهم لمرافقة الزوارق النفاثة تجاه
إسبانيا.
يؤكد كريم، “شيفور” يعمل بمدينة الناظور، أنه إذا كان “الرايس”
و”الشيفور” محترفين فقد يقطعان المسافة الرابطة بين مدينتي الناظور وقادس
الإسبانية في ظرف 15 دقيقة، ويعلق ساخرا “ “الشيفور” الحرايفي بإمكانه أن
يسبق الطائرة ما بين شمال المغرب وأي نقطة وصول في إسبانيا”.
وأشار إلى أن بعض الزوارق تخبأ في بعض الغابات منتظرة إشارة الانطلاق
في جنح الظلام لتبلغ الضفة الأخرى في الليلة ذاتها والعودة في فجر اليوم
الموالي.
“لكن في كل مرة أجد نفسي أمام المقود أقرأ الشهادتين، لأنني أشكك في
إمكانية عودتي حيا إلى منزلي في اليوم الموالي، أو قد تكون جثتي صيدا
ثمينا لأسماك القرش في عرض البحر”، يضيف كريم بنبرة حزينة، خصوصا وأن
“الكوارديا” أصبحوا لا يترددون في إطلاق النار على جل الزوارق التي تقترب
من المياه الإقليمية الإسبانية.
مشيرا إلى أنه عندما يعلم المصدرون أن مركب الحرس البحري الفرنسي
يقوم بجولة في المياه الأوروبية فإنهم يفضلون التريث قبل أن يتحركوا،
لأنهم يعلمون أنه سوف يتم حجز كميات “الحشيش” الموجودة على متن الزورق
واقتياد راكبي الزورق إلى السجن.
“ركاب الزورق النفاث يحفهم الخطر من كل جانب”، يؤكد المصدر نفسه.
وفي هذا السياق، كشف كريم، لـ”المساء”، عن حكاية وفاة أحد أصدقائه
بسبب قيادته لإحدى الزوارق التي تستعمل في تصدير “الحشيش”، وذكر أنه فور
عودة صديقه من رحلة عبر زورقه النفاث أصبح وجهه شاحبا، وبعد نقله إلى
المستشفى، تبين أن دمه تجمد بجسمه بفعل البرد الذي تلقاه خلال رحلته
بالبحر مما تسبب في وفاته بالمستشفى”.
حكايات كهذه عديدة، بعضها قد يُدرج في خانة الأساطير، غير أن القصص
الحقيقية والأخرى التي يجود بها خيال من يحكيها يوحد بينهما أن كل من
يمتطي الزورق في رحلة “المجهول” يقوم بذلك من أجل الهروب من جحيم العطالة
التي تلاحق أبناء الريف.
الناظور تعتلي عرش الودائع البنكية
مدينة الناظور تستقبل مؤسساتها المالية ثاني أكبر عدد من الودائع
البنكية بعد الدارالبيضاء بما يفوق 14 مليار درهم (إلى حدود نهاية شهر
فبراير الماضي)، دون احتساب تلك المرتبطة بنواحيها المحسوبة عليها إداريا.
الرقم الصادر عن بنك المغرب يثير تساؤلات عدة، من قبيل: كيف لمدينة
لا تتميز بحركة اقتصادية نشيطة أن تتبوأ مراتب أولى على مستوى الودائع
البنكية؟ علما أنها كانت في وقت من الأوقات من أولى المناطق التي تهرع
ساكنتها للاكتتاب في سندات الخزينة التي كانت تطلقها الدولة.
البعض يرجع هذه المكانة التي تحتلها مدينة الناظور إلى ارتباطها
بالأنشطة التجارية لمدينة مليلية وإلى تحويلات مغاربة الخارج من أصول
ريفية، فيما يرى البعض الآخر أن عائدات تجارة المخدرات هي السبب الرئيسي
في ارتفاع الودائع البنكية بهذه المدينة، إذ لو كانت تحويلات المغاربة
المنحدرين من الناظور حاسمة لما تقدمت على مدينة أكادير التي يقيم عدد
كبير من ساكنتها بالخارج، ناهيك عن النشاط الاقتصادي الكبير الذي تعرفه
المدينة.
يحكي مدير إحدى الوكالات البنكية بالمنطقة أنه «على عكس باقي
المؤسسات المالية في مختلف المدن، فإن تلك المتواجدة بالمناطق التي تنشط
فيها تجارة المخدرات، يتواصل العمل بها إلى غاية ساعات متأخرة من الليل»،
ويفسر ذلك، بكون «أغلب الأموال تأتي محملة في أكياس «خنشات» بعد إغلاق
الوكالة البنكية لأبوابها».
المصدر ذاته أقر بأنه في إحدى الفترات كان أحد زبائن بنكه يأتي محملا
بكيس بداخله ما بين 3 إلى 4 ملايير سنتيم، ما بين مرتين إلى ثلاث مرات في
الشهر الواحد، مضيفا أن جل الأبناك المغربية تتوفر على وكالات في جل
المناطق المعروفة بزراعة وتجارة الحشيش، وتجد بعضها يختار الاستقرار
بضواحي المدن، في أماكن شبه مزروعة، متسائلا عما يمكن أن يودع بهذه
الأبناك التي تتواجد بهذه المناطق غير أموال تجارة الحشيش.
عدل سابقا من قبل iswal في الجمعة 25 أبريل 2008 - 23:38 عدل 1 مرات
iswal- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1023
Localisation : CASA
Emploi : j'ai 1 travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: زراعة الكيف
«فاش خدام اباك؟» ... «بزناس»
أثناء إعداد هذا التحقيق، تلقيت دعوة من طرف أستاذ صديق لحضور حصة دراسية بأحد الدواوير بضواحي مدينة وزان.
دعوة الأستاذ كان الغرض منها التعرف على ما تمثله زراعة القنب الهندي بالنسبة لأطفال المنطقة.
باشر الأستاذ شرح الدرس لتلاميذه، الذين أبانوا عن ذكاء كبير، حيث
كانوا يتسابقون للإجابة عن أسئلة أستاذهم النشيط. وبعد مرور حوالي ساعة من
الزمن وقبيل انتهاء الحصة الدراسية بحوالي عشر دقائق، سأل الأستاذ أحد
تلامذته عن دخله المالي خلال هذا الأسبوع فأجابه بأن والده أعطاه 200
درهم.
فكرر السؤال نفسه على تلميذ آخر الذي رد عليه بنفس جواب زميله،
ليطرح بعد ذلك سؤالا آخر على أحد التلاميذ،: “مقابل ماذا يمنحك أبوك هذا
المبلغ” فأجابه: “إنني أساعده على حش الكيف بالمنجل”.
اختلف التلاميذ في تصوراتهم وتعابيرهم لكنهم أجمعوا على أن زراعة القنب الهندي نشاط شرعي غير مقنن.
صديقنا الأستاذ وضع سؤالا آخرا هذه المرة على جميع تلامذته، قائلا:
“من منكم يزرع والداه “الكيف”؟ “ حينذاك كان الجواب موحدا بين الجميع،
برفعهم لأصابعهم.
جميع تلاميذ القسم، الذي يقدر عددهم بحوالي الثلاثين، يقتاتون من
زراعة القنب الهندي، أي أن هناك ثلاثين عائلة بهذا الدوار التي تعيش على
ما تدره هذه الزراعة عليهم.
بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الاثنتي عشرة سنة،
فإن زراعة “الكيف” لا تختلف في شيء عن زراعة الحبوب أو القطاني، إلا في
الدخل المالي، إذ أن هذه الأخيرة تدر أكثر من باقي الزراعات الأخرى.
بعد أخذ ورد في الحديث مع هؤلاء الأطفال، وضع الأستاذ سؤالا جديدا
على أحد تلامذته قائلا : «فاش خدام اباك؟».. فأجابه التلميذ: «بزناس».
«الكتامية».. سهمها مرتفع ببورصة الاتجار الدولي في المخدرات
تحويل «الكيف» إلى «حشيش» يتطلب مهارة وفنية كبيرتين من لدن المصنعين الذين تنتمي غالبيتهم إلى منطقة الريف.
وتمر هذه العملية عبر ثلاث مراحل، حيث يتم استخراج، في المرحلة
الأولى، ما بين 450 إلى 500 غرام من هذه الغبرة مما يعادل قنطارا واحدا من
«الكيف»، وفي المرحلة الثانية تتم إعادة حزم نفس الكمية في ثوب جديد وتعطي
كمية أكبر من الغبرة البنية تتراوح ما بين 900 غرام إلى كيلوغرام واحد،
وفي المرحلة الأخيرة يتم استخراج أكثر من كيلوغرام من نفس كمية الكيف التي
تم تحويلها في المرحلتين السابقتين، قبل أن يتم تخليط ما تم استخراجه من
المراحل الثلاث السابقة للحصول على جودة جيدة للغبرة التي ستتحول بعد
إضافة مادة «الرزينة» عليها إلى «حشيش» يمكن تدخينه.
«الحشيش» المستخرج من عملية الغربلة الأولى يكون الأغلى على مستوى
السعر، إذ يبلغ ما بين 9000 إلى 10000 درهم للكيلوغرام الواحد منه
بـ«الكراج»، أي بمكان التصنيع.
في المقابل يبلغ سعر «الحشيش» المستخرج من المرحلة الثانية للغربلة
ما بين 4500 إلى 5000 درهم للكيلوغرام الواحد بمكان الصنع، فيما لايتعدى
سعر ذاك المستخرج من المرحلة الثانية لتحويل «الكيف» إلى «حشيش» حوالي 150
درهما للكيلوغرام وقد يهبط سعره في بعض الأحيان إلى درهمين فقط لرداءة
جودته. وبين جميع هذه الأنواع يبقى «الحشيش» المصنوع من القنب الهندي
المزروع بالبذور المستوردة من باكستان هو الأعلى سعرا في الوقت الراهن، إذ
يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد منه 15000 ألف درهم. بعض المصادر أكدت أن
«كيف» هذه المنطقة لايتجاوز سعره 50 درهما للكيلو، مشيرة إلى أنه يتم في
بعض الأحيان، بتوافق بين المصنعين، إرسال كميات كبيرة من «حشيش» هذه
المنطقة إلى كتامة ليتم خلطه قصد الحصول على جودة عالية، لأن منتوج هذه
الأخيرة يعد الأجود مقارنة مع باقي المناطق التي تزرع فيها البذور
المغربية.
المغرب يغطي لوحده ما يناهز 40 في المائة من الطلب العالمي على القنب
الهندي، وذلك حسب أرقام صادرة عن المرصد الجيوسياسي للمخدرات بباريس.
الرقم يبين المكانة التي يتبوؤها المغرب في هذا النوع من المزروعات
عالميا، ينضاف إليها «سمعة الحشيش المغربي» التي تجاوزت جميع الحدود وبلغت
أقصاها بعد أن أصبح ينافس ذاك المستورد من السوق الباكستانية والأفغانية
في الأسواق العالمية.
المساء 25/4/2008
أثناء إعداد هذا التحقيق، تلقيت دعوة من طرف أستاذ صديق لحضور حصة دراسية بأحد الدواوير بضواحي مدينة وزان.
دعوة الأستاذ كان الغرض منها التعرف على ما تمثله زراعة القنب الهندي بالنسبة لأطفال المنطقة.
باشر الأستاذ شرح الدرس لتلاميذه، الذين أبانوا عن ذكاء كبير، حيث
كانوا يتسابقون للإجابة عن أسئلة أستاذهم النشيط. وبعد مرور حوالي ساعة من
الزمن وقبيل انتهاء الحصة الدراسية بحوالي عشر دقائق، سأل الأستاذ أحد
تلامذته عن دخله المالي خلال هذا الأسبوع فأجابه بأن والده أعطاه 200
درهم.
فكرر السؤال نفسه على تلميذ آخر الذي رد عليه بنفس جواب زميله،
ليطرح بعد ذلك سؤالا آخر على أحد التلاميذ،: “مقابل ماذا يمنحك أبوك هذا
المبلغ” فأجابه: “إنني أساعده على حش الكيف بالمنجل”.
اختلف التلاميذ في تصوراتهم وتعابيرهم لكنهم أجمعوا على أن زراعة القنب الهندي نشاط شرعي غير مقنن.
صديقنا الأستاذ وضع سؤالا آخرا هذه المرة على جميع تلامذته، قائلا:
“من منكم يزرع والداه “الكيف”؟ “ حينذاك كان الجواب موحدا بين الجميع،
برفعهم لأصابعهم.
جميع تلاميذ القسم، الذي يقدر عددهم بحوالي الثلاثين، يقتاتون من
زراعة القنب الهندي، أي أن هناك ثلاثين عائلة بهذا الدوار التي تعيش على
ما تدره هذه الزراعة عليهم.
بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الاثنتي عشرة سنة،
فإن زراعة “الكيف” لا تختلف في شيء عن زراعة الحبوب أو القطاني، إلا في
الدخل المالي، إذ أن هذه الأخيرة تدر أكثر من باقي الزراعات الأخرى.
بعد أخذ ورد في الحديث مع هؤلاء الأطفال، وضع الأستاذ سؤالا جديدا
على أحد تلامذته قائلا : «فاش خدام اباك؟».. فأجابه التلميذ: «بزناس».
«الكتامية».. سهمها مرتفع ببورصة الاتجار الدولي في المخدرات
تحويل «الكيف» إلى «حشيش» يتطلب مهارة وفنية كبيرتين من لدن المصنعين الذين تنتمي غالبيتهم إلى منطقة الريف.
وتمر هذه العملية عبر ثلاث مراحل، حيث يتم استخراج، في المرحلة
الأولى، ما بين 450 إلى 500 غرام من هذه الغبرة مما يعادل قنطارا واحدا من
«الكيف»، وفي المرحلة الثانية تتم إعادة حزم نفس الكمية في ثوب جديد وتعطي
كمية أكبر من الغبرة البنية تتراوح ما بين 900 غرام إلى كيلوغرام واحد،
وفي المرحلة الأخيرة يتم استخراج أكثر من كيلوغرام من نفس كمية الكيف التي
تم تحويلها في المرحلتين السابقتين، قبل أن يتم تخليط ما تم استخراجه من
المراحل الثلاث السابقة للحصول على جودة جيدة للغبرة التي ستتحول بعد
إضافة مادة «الرزينة» عليها إلى «حشيش» يمكن تدخينه.
«الحشيش» المستخرج من عملية الغربلة الأولى يكون الأغلى على مستوى
السعر، إذ يبلغ ما بين 9000 إلى 10000 درهم للكيلوغرام الواحد منه
بـ«الكراج»، أي بمكان التصنيع.
في المقابل يبلغ سعر «الحشيش» المستخرج من المرحلة الثانية للغربلة
ما بين 4500 إلى 5000 درهم للكيلوغرام الواحد بمكان الصنع، فيما لايتعدى
سعر ذاك المستخرج من المرحلة الثانية لتحويل «الكيف» إلى «حشيش» حوالي 150
درهما للكيلوغرام وقد يهبط سعره في بعض الأحيان إلى درهمين فقط لرداءة
جودته. وبين جميع هذه الأنواع يبقى «الحشيش» المصنوع من القنب الهندي
المزروع بالبذور المستوردة من باكستان هو الأعلى سعرا في الوقت الراهن، إذ
يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد منه 15000 ألف درهم. بعض المصادر أكدت أن
«كيف» هذه المنطقة لايتجاوز سعره 50 درهما للكيلو، مشيرة إلى أنه يتم في
بعض الأحيان، بتوافق بين المصنعين، إرسال كميات كبيرة من «حشيش» هذه
المنطقة إلى كتامة ليتم خلطه قصد الحصول على جودة عالية، لأن منتوج هذه
الأخيرة يعد الأجود مقارنة مع باقي المناطق التي تزرع فيها البذور
المغربية.
المغرب يغطي لوحده ما يناهز 40 في المائة من الطلب العالمي على القنب
الهندي، وذلك حسب أرقام صادرة عن المرصد الجيوسياسي للمخدرات بباريس.
الرقم يبين المكانة التي يتبوؤها المغرب في هذا النوع من المزروعات
عالميا، ينضاف إليها «سمعة الحشيش المغربي» التي تجاوزت جميع الحدود وبلغت
أقصاها بعد أن أصبح ينافس ذاك المستورد من السوق الباكستانية والأفغانية
في الأسواق العالمية.
المساء 25/4/2008
iswal- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1023
Localisation : CASA
Emploi : j'ai 1 travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: زراعة الكيف
انهم ضحايا الجهل والتخلف تلميد يفتخر ان ابوه يزرع الكيف وبزناز لا حول و لا قوة الا بالله
driss el ghazouni bob3ani- عدد الرسائل : 95
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى