ما هو موقعنا في زمن الانفجار الاتصالاتي?
صفحة 1 من اصل 1
ما هو موقعنا في زمن الانفجار الاتصالاتي?
ما هو موقعنا في زمن الانفجار الاتصالاتي?
09:59 | 14.06.2008 | محمد أديب السلاوي | المغربية |
الزمن أثمن ما نملك في الحياة والوقت جزء من الزمن. قال عنه القدماء، الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. و الوقت من ذهب إن لم تدركه ذهب. و هو خارج هذه المقولات، ما يمتلكه كل فرد منا. يملكنا و نملكه، يمتد على حياتنا من الولادة إلى الوفاة.
ووعينا بالزمن فطري، كلنا ندرك علاقة الزمن بالحياة و شؤونها، تقدمها و تخلفها، إلا أن القليل منا من يستطيع إدراك قيمه و مسافاته وتأثيراته، ذلك لأن الأمر يتعلق بتربية و تنشئة وثقافة كل شخص على حدة، و بإدراكه العميق، أن الزمن لا يعيد نفسه.
إن الإنسان، مهما كان موقعه في الوجود، فهو محكوم بالزمن، خاضع لشروطه، يفرض عليه زمنه المحدود أن يستغل ذلك الزمن بدقة متناهية في التمتع به، واستثماره لصالحه، ذلك لأن زمن الإنسان هو حياته، و خارج هذا الزمن لا توجد سوى سيادة الفناء.
والزمن يختلف من إنسان لآخر، غير أن الفلاسفة وعلماء النفس و الفقهاء، في الماضي الإنساني العريق، كما في الحاضر، أكدوا على أهميته وجذواه في بناء الشخصية، وفي إدارة شؤونها، وفي استثمار معارفها ومواهبها.
قال أحد حكماء إفريقيا : الزمن سيف حاد، إن لم تحكمه بقوة فتتك وأنهك قواك.
وقال أحد حكماء الصين : كل مفقود نسترجعه إلا الزمن المفقود.
وقال أحد الحكماء العرب : إذا سمحنا بضياع الوقت عد علينا سفها وطيشا.
والسؤال المحير الذي شغل/ يشغل الباحثين و الفلاسفة : كيف للإنسان أن يمزج بين القيمة الحقيقة للوقت، الذي هو عمره و حياته، والذي سيحاسب عليه وكيفية تصرفه فيه. وما قدم من خلاله لنفسه و محيطه وأسرته وبلده...؟
وبخلاف القضايا الفلسفية الأخرى. الكثير من المفكرين و علماء الدين و علماء النفس والاجتماع، اهتموا بمثل هذا السؤال، ولكن القليل منهم تداخلوا معه في أبعاده الفكرية والسلوكية، على اعتبار أن الوعي بقيمة الوقت، هو احتياج دائم و مستمر لكافة الأشخاص، و لكافة الشرائح والطبقات، ذلك لأن التواصل مع منظومة المعرفة الإنسانية،
كان وما يزال يتوقف على مسألة الوقت وثقافته. وأيضا على قهر ذلك الحاجز النفسي الذي يفصل الإنسان عن وقته، وما يختزنه من قيم ومعرفة وإشارات.
هل يعني ذلك أن الإنسان، مازال بعيدا عن وقته، وعن إدراك مسافات هذا الوقت، الثقافية والبيولوجية؟
** ** **
في تاريخ الثقافة العربية، كان الزمن حاضرا باستمرار في أطروحات المثقفين الأقدمين، كانت المعلقات و الحكم و المعلمات تعكس بدرجات متفاوتة من الوضوح فلسفة الزمن و قياساته و انعكاساته على الحياة....
وقد لاحظ باحث مغربي ( أحمد السطاتي في أطروحته عن مفهوم الزمن في الفكر العربي/ 1980) أن زمن الماضي كان حاضرا باستمرار في وعي الإنسان العربي، يظل محمولا في ذاكرته، يعيد إنتاجه باستمرار. خلاف المستقبل الذي ظل محجوبا مغيبا لا مجال للكشف عن أسراره، إلا باللجوء إلى السحر والخرافة والأسطورة. وهو ما يعني أن الفكر العربي قبل ظهور الإسلام، بدل أن يحلل الواقع بالتحليل المعقول، لجأ إلى الخيال... ومن تمة تحول الزمن من مجال للفاعلية والسيطرة وتحقيق مختلف الإمكانات، ليغدو مجالا للحلم والانفعال أكثر منه مجالا للفعل.
لربما من أجل ذلك جاء القرآن بمنظور مغاير للزمن. فهو في كتابنا المقدس، عنصر أساسي من عناصر بناء الذات على ضوء الهداية الربانية. فهو معبر ومخبر يمارس الإنسان من خلاله واجبات الدنيا والآخرة.
في كتابه "الوقت في حياة المسلم" يؤكد الشيخ يوسف القرضاوي، أن الوقت ليس فراغا أبدا، فلا بد له من أن يملأ بخير أو بشر. ومن لم يشغل نفسه بالحق يشغله بالباطل. وفي رأيه، أن الوقت نعمة كبيرة، إذا كفر العبد بها، فتح على نفسه باب الهوى، وإنقاد في تيار الشهوات. لذلك كان الإسلام وسيظل، يقيس الوقت/ الزمن، بالإنجاز الخير، ويدفع إلى توظيف الوقت في كل ما هو خير.
** ** **
في الثقافة المعاصرة، اتجه اهتمام الباحثين والفلاسفة والعلماء المختصين، إلى تركيز "تربية الزمن" في نفوس الأطفال. بالروض والمدرسة، وإلى تعميق الشعور بأهميته في الدراسة والتكوين والترفيه، بهدف جعل وقت الناشئة، وقتا إنتاجيا. يساهم في تطوير الكفاءات الذاتية، لتصبح أكثر فاعلية ... ذلك أن القيمة الأخلاقية والجمالية للزمن، في نظر هؤلاء الباحثين والفلاسفة يجب أن تظل حاضرة في الشعور الفردي للأشخاص بمحتواها وأبعادها داخل الضمير الإنساني، من المهد إلى اللحد... وهو ما أبرز إلى الوجود ما يطلق عليه في عالم اليوم، "الوقت الثالث".
الباحثون والعلماء، يقدرون للإنسان، أنه يمتلك ثلث وقته، أي الوقت الذي يبقى خارج أوقات العمل والنوم وضرورات الحياة، وهو الوقت الثالث. وهو يختلف بطبيعة الحال، من فرد لآخر، ومن شريحة إلى أخرى، باختلاف الأشخاص والأعمار والتكوين والبيئة والعمل والمستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي... ويلح العلماء على أن يكون هذا الوقت/ الثالث إنتاجيا على مستوى قيمته الأخلاقية والجمالية.
إسلاميا، جاء الاهتمام بهذا الوقت/ الثالث، مبكرا، فأطلق عليه المسلمون الأوائل، "وقت الفراغ" وألحوا على استغلال نعمه في ما يرضي الله... على أن لا تطغى أوقات على أخرى، أي لا يتغلب وقت العمل على وقت ترويح النفس، ولا وقت الواجب الديني على وقت الواجب الأسروي... ولكن من منا تعامل مع وقته وفق هذه المقاييس؟
** ** **
في الزمن الراهن، كما في الأزمان الغابرة، يطرح مفهوم الزمن نفسه بحدة، أولا لأنه أصبح يرتبط بالعديد من الإشكالات والتساؤلات. وثانيا، لأنه ( أي الزمن ) أصبح أكثر من أي زمن مضى، ينعكس على قضايا الإنسان الفكرية و التربوية و الدينية والاجتماعية ليتحول في النهاية، إلى موضوع دائم للتأمل والبحث والمقاربة والاستنتاج.
إن الانفجار الاتصالاتي الذي يعتمد اليوم على الصور والرسائل والأرقام وغيرها من المنتوجات الإلكترونية، التي تنقل الزمن من قارة إلى أخرى بسرعة فائقة على امتداد الكوكب الأرضي، جعل من السرعة الهائلة سمة لعصرنا الحديث/ عصر العولمة/ عصر التكنولوجيا/ عصر المعرفة. بل إن هذا الانفجار قلص المسافات، وألغى الحدود بين الزمان والمكان/ بين العلاقات البشرية/ بين المسافات الجغرافية، بين الثقافات والحضارات، وهو ما جعل إنسان الجنوب يعيش نفس لحظة إنسان الشمال، وجعل غرب الكرة الأرضية مكشوفا أمام شرقها. وجعل كل شيء يجري إنجازه ونقله في اللحظة ذاتها، خارج أي رقابة أو حدود... وهو ما شكل بعدا جديدا لمفهوم الزمن، ولمفهوم العالم.
تتجسد مظاهر هذا الانفجار في ملمحين اثنين : ثورة الاتصالات التي ألغت المسافات بين الأزمنة و الأمكنة. و انفجار المعلومات التي غيرت بشكل صارخ حياة الناس وأنماط عيشهم وطرائق تفكيرهم وآلياتهم.
السؤال : أين موقعنا نحن المغاربة/ نحن العرب/ نحن العالم الثالث من هذا الانفجار الاتصالاتي/ التكنولوجي...؟
من المؤسف القول، إننا بقدر ما نوجد داخل هذا الانفجار المعرفي نوجد خارجه. إننا مازلنا نعاني من فقر معلوماتي/ اتصالاتي، مدقع، مازلنا مستهلكين للمعلومات وأوعيتها بشكل سيء، ومازلنا نعاني من التبعية المطلقة لإنتاجية هذه المعرفة... ونعاني من جهلنا بقيمنا الأخلاقية والعلمية.
لاشك أن علوم التكنولوجيا الحديثة، قد جعلت كوكب الأرض، نقطة محدودة/ مكشوفة في الزمان و المكان. وضعت للزمن مفهوما مغايرا. جعلت الإنسان يعيش في اللحظة ذاتها زمانه الذاتي و أزمنة الآخرين الذين تفصلهم عنه مسافات الجغرافيا التي يتعذر الإمساك بها،بل جعل الإنسانية جمعاء تعيش عالما يقترب بعضه من بعض، حتى بدأت قاراته ومحيطاته المتباعدة تلامس بعضها البعض في الزمان والمكان. وهو ما يضع الإنسانية جمعاء أمام قدر جديد/ تاريخ جديد/ مفاهيم جديدة للزمن... لكن ذلك لا يعني بالإطلاق تحليل الإنسان من قيمه، أو من رؤيته الأخلاقية والتربوية للزمن.
إن الزمن اليوم، بفضل التطور العلمي/ التكنولوجي، أصبح يعيد تشكيل الوجود داخل جوف التكنولوجيا، ولكنه لا يعيد تشكيل القيم لا داخل مفاهيم الزمن، ولا داخل مفاهيم الإنسان المحكوم بزمن محدد في حياته . وتلك مسألة تفرض علينا إعادة النظر في ثقافتنا ... وفي مفاهيمها وقيمها وفي نظرتها للإنسان والكون.
والسؤال المحير، متى وكيف لنا أن نفعل ذلك، ونحن خارج دائرة هذا الزمن، الذي كسر كل حدود بين الأنا والآخر... بين الكائن والممكن، داخل الكوكب الأرضي... وخارجه؟
كاتب مغربي
إن الإنسان، مهما كان موقعه في الوجود، فهو محكوم بالزمن، خاضع لشروطه، يفرض عليه زمنه المحدود أن يستغل ذلك الزمن بدقة متناهية في التمتع به، واستثماره لصالحه، ذلك لأن زمن الإنسان هو حياته، و خارج هذا الزمن لا توجد سوى سيادة الفناء.
والزمن يختلف من إنسان لآخر، غير أن الفلاسفة وعلماء النفس و الفقهاء، في الماضي الإنساني العريق، كما في الحاضر، أكدوا على أهميته وجذواه في بناء الشخصية، وفي إدارة شؤونها، وفي استثمار معارفها ومواهبها.
قال أحد حكماء إفريقيا : الزمن سيف حاد، إن لم تحكمه بقوة فتتك وأنهك قواك.
وقال أحد حكماء الصين : كل مفقود نسترجعه إلا الزمن المفقود.
وقال أحد الحكماء العرب : إذا سمحنا بضياع الوقت عد علينا سفها وطيشا.
والسؤال المحير الذي شغل/ يشغل الباحثين و الفلاسفة : كيف للإنسان أن يمزج بين القيمة الحقيقة للوقت، الذي هو عمره و حياته، والذي سيحاسب عليه وكيفية تصرفه فيه. وما قدم من خلاله لنفسه و محيطه وأسرته وبلده...؟
وبخلاف القضايا الفلسفية الأخرى. الكثير من المفكرين و علماء الدين و علماء النفس والاجتماع، اهتموا بمثل هذا السؤال، ولكن القليل منهم تداخلوا معه في أبعاده الفكرية والسلوكية، على اعتبار أن الوعي بقيمة الوقت، هو احتياج دائم و مستمر لكافة الأشخاص، و لكافة الشرائح والطبقات، ذلك لأن التواصل مع منظومة المعرفة الإنسانية،
كان وما يزال يتوقف على مسألة الوقت وثقافته. وأيضا على قهر ذلك الحاجز النفسي الذي يفصل الإنسان عن وقته، وما يختزنه من قيم ومعرفة وإشارات.
هل يعني ذلك أن الإنسان، مازال بعيدا عن وقته، وعن إدراك مسافات هذا الوقت، الثقافية والبيولوجية؟
** ** **
في تاريخ الثقافة العربية، كان الزمن حاضرا باستمرار في أطروحات المثقفين الأقدمين، كانت المعلقات و الحكم و المعلمات تعكس بدرجات متفاوتة من الوضوح فلسفة الزمن و قياساته و انعكاساته على الحياة....
وقد لاحظ باحث مغربي ( أحمد السطاتي في أطروحته عن مفهوم الزمن في الفكر العربي/ 1980) أن زمن الماضي كان حاضرا باستمرار في وعي الإنسان العربي، يظل محمولا في ذاكرته، يعيد إنتاجه باستمرار. خلاف المستقبل الذي ظل محجوبا مغيبا لا مجال للكشف عن أسراره، إلا باللجوء إلى السحر والخرافة والأسطورة. وهو ما يعني أن الفكر العربي قبل ظهور الإسلام، بدل أن يحلل الواقع بالتحليل المعقول، لجأ إلى الخيال... ومن تمة تحول الزمن من مجال للفاعلية والسيطرة وتحقيق مختلف الإمكانات، ليغدو مجالا للحلم والانفعال أكثر منه مجالا للفعل.
لربما من أجل ذلك جاء القرآن بمنظور مغاير للزمن. فهو في كتابنا المقدس، عنصر أساسي من عناصر بناء الذات على ضوء الهداية الربانية. فهو معبر ومخبر يمارس الإنسان من خلاله واجبات الدنيا والآخرة.
في كتابه "الوقت في حياة المسلم" يؤكد الشيخ يوسف القرضاوي، أن الوقت ليس فراغا أبدا، فلا بد له من أن يملأ بخير أو بشر. ومن لم يشغل نفسه بالحق يشغله بالباطل. وفي رأيه، أن الوقت نعمة كبيرة، إذا كفر العبد بها، فتح على نفسه باب الهوى، وإنقاد في تيار الشهوات. لذلك كان الإسلام وسيظل، يقيس الوقت/ الزمن، بالإنجاز الخير، ويدفع إلى توظيف الوقت في كل ما هو خير.
** ** **
في الثقافة المعاصرة، اتجه اهتمام الباحثين والفلاسفة والعلماء المختصين، إلى تركيز "تربية الزمن" في نفوس الأطفال. بالروض والمدرسة، وإلى تعميق الشعور بأهميته في الدراسة والتكوين والترفيه، بهدف جعل وقت الناشئة، وقتا إنتاجيا. يساهم في تطوير الكفاءات الذاتية، لتصبح أكثر فاعلية ... ذلك أن القيمة الأخلاقية والجمالية للزمن، في نظر هؤلاء الباحثين والفلاسفة يجب أن تظل حاضرة في الشعور الفردي للأشخاص بمحتواها وأبعادها داخل الضمير الإنساني، من المهد إلى اللحد... وهو ما أبرز إلى الوجود ما يطلق عليه في عالم اليوم، "الوقت الثالث".
الباحثون والعلماء، يقدرون للإنسان، أنه يمتلك ثلث وقته، أي الوقت الذي يبقى خارج أوقات العمل والنوم وضرورات الحياة، وهو الوقت الثالث. وهو يختلف بطبيعة الحال، من فرد لآخر، ومن شريحة إلى أخرى، باختلاف الأشخاص والأعمار والتكوين والبيئة والعمل والمستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي... ويلح العلماء على أن يكون هذا الوقت/ الثالث إنتاجيا على مستوى قيمته الأخلاقية والجمالية.
إسلاميا، جاء الاهتمام بهذا الوقت/ الثالث، مبكرا، فأطلق عليه المسلمون الأوائل، "وقت الفراغ" وألحوا على استغلال نعمه في ما يرضي الله... على أن لا تطغى أوقات على أخرى، أي لا يتغلب وقت العمل على وقت ترويح النفس، ولا وقت الواجب الديني على وقت الواجب الأسروي... ولكن من منا تعامل مع وقته وفق هذه المقاييس؟
** ** **
في الزمن الراهن، كما في الأزمان الغابرة، يطرح مفهوم الزمن نفسه بحدة، أولا لأنه أصبح يرتبط بالعديد من الإشكالات والتساؤلات. وثانيا، لأنه ( أي الزمن ) أصبح أكثر من أي زمن مضى، ينعكس على قضايا الإنسان الفكرية و التربوية و الدينية والاجتماعية ليتحول في النهاية، إلى موضوع دائم للتأمل والبحث والمقاربة والاستنتاج.
إن الانفجار الاتصالاتي الذي يعتمد اليوم على الصور والرسائل والأرقام وغيرها من المنتوجات الإلكترونية، التي تنقل الزمن من قارة إلى أخرى بسرعة فائقة على امتداد الكوكب الأرضي، جعل من السرعة الهائلة سمة لعصرنا الحديث/ عصر العولمة/ عصر التكنولوجيا/ عصر المعرفة. بل إن هذا الانفجار قلص المسافات، وألغى الحدود بين الزمان والمكان/ بين العلاقات البشرية/ بين المسافات الجغرافية، بين الثقافات والحضارات، وهو ما جعل إنسان الجنوب يعيش نفس لحظة إنسان الشمال، وجعل غرب الكرة الأرضية مكشوفا أمام شرقها. وجعل كل شيء يجري إنجازه ونقله في اللحظة ذاتها، خارج أي رقابة أو حدود... وهو ما شكل بعدا جديدا لمفهوم الزمن، ولمفهوم العالم.
تتجسد مظاهر هذا الانفجار في ملمحين اثنين : ثورة الاتصالات التي ألغت المسافات بين الأزمنة و الأمكنة. و انفجار المعلومات التي غيرت بشكل صارخ حياة الناس وأنماط عيشهم وطرائق تفكيرهم وآلياتهم.
السؤال : أين موقعنا نحن المغاربة/ نحن العرب/ نحن العالم الثالث من هذا الانفجار الاتصالاتي/ التكنولوجي...؟
من المؤسف القول، إننا بقدر ما نوجد داخل هذا الانفجار المعرفي نوجد خارجه. إننا مازلنا نعاني من فقر معلوماتي/ اتصالاتي، مدقع، مازلنا مستهلكين للمعلومات وأوعيتها بشكل سيء، ومازلنا نعاني من التبعية المطلقة لإنتاجية هذه المعرفة... ونعاني من جهلنا بقيمنا الأخلاقية والعلمية.
لاشك أن علوم التكنولوجيا الحديثة، قد جعلت كوكب الأرض، نقطة محدودة/ مكشوفة في الزمان و المكان. وضعت للزمن مفهوما مغايرا. جعلت الإنسان يعيش في اللحظة ذاتها زمانه الذاتي و أزمنة الآخرين الذين تفصلهم عنه مسافات الجغرافيا التي يتعذر الإمساك بها،بل جعل الإنسانية جمعاء تعيش عالما يقترب بعضه من بعض، حتى بدأت قاراته ومحيطاته المتباعدة تلامس بعضها البعض في الزمان والمكان. وهو ما يضع الإنسانية جمعاء أمام قدر جديد/ تاريخ جديد/ مفاهيم جديدة للزمن... لكن ذلك لا يعني بالإطلاق تحليل الإنسان من قيمه، أو من رؤيته الأخلاقية والتربوية للزمن.
إن الزمن اليوم، بفضل التطور العلمي/ التكنولوجي، أصبح يعيد تشكيل الوجود داخل جوف التكنولوجيا، ولكنه لا يعيد تشكيل القيم لا داخل مفاهيم الزمن، ولا داخل مفاهيم الإنسان المحكوم بزمن محدد في حياته . وتلك مسألة تفرض علينا إعادة النظر في ثقافتنا ... وفي مفاهيمها وقيمها وفي نظرتها للإنسان والكون.
والسؤال المحير، متى وكيف لنا أن نفعل ذلك، ونحن خارج دائرة هذا الزمن، الذي كسر كل حدود بين الأنا والآخر... بين الكائن والممكن، داخل الكوكب الأرضي... وخارجه؟
كاتب مغربي
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى