العنف.. حاجز كبير أمام التعددية الثقافية
صفحة 1 من اصل 1
العنف.. حاجز كبير أمام التعددية الثقافية
هذه
الدراسة مساهمة من المهدي المنجرة، عالم المستقبليات، في تقرير عالمي
سيصدر عن اليونسكو حول التعددية الثقافية عبر العالم.. ننشر دراسة الدكتور
المنجرة مترجمة على حلقات نظرا لأهميتها العلمية والعملية...
الدراسة مساهمة من المهدي المنجرة، عالم المستقبليات، في تقرير عالمي
سيصدر عن اليونسكو حول التعددية الثقافية عبر العالم.. ننشر دراسة الدكتور
المنجرة مترجمة على حلقات نظرا لأهميتها العلمية والعملية...
يتمثل الحاجز الكبير أمام التعددية في العنف بجميع أنواعه والذي مافتئ
ينتشر يوما بعد آخر؛ نزاعات مسلحة وإرهاب الدولة الذي ينتهك القانون
الدولي على نطاق واسع، وذاك الذي يمس بحركات التحرير والآخر المتعلق
بالعصابات التي تمس بالنظام العام، دون إغفال انحراف الشباب.
ومن بين الأسباب التي تتبادر إلى الذهن، نسجل ما يلي: النزاعات
المسلحة التي تقوم بها الدول على أراضيها الخاصة أو ضد شعوب أخرى
والاحتلال العسكري والاستغلال الإيديولوجي والسياسي للظلم الذي تتعرض له
المجتمعات التي يسود بها الفقر والجهل وغياب الديمقراطية وسيادة التجبر
وعدم احترام دولة الحق والقانون.
حان الوقت لمباشرة تقييم، في العمق، لدور وأنشطة المؤسسات الدولية في
تعزيز التعددية الثقافية مع دراسات بعض الحالات الملموسة، وينبغي أن يعاد
التفكير في المعنى الثقافي للتعددية حتى يكون مُكَوْنَنا عالميا.
أصبح الدفاع عن مفهوم التعددية صعبا مع مرور الوقت، مما يبين أن
النظام الدولي بكامله في حاجة إلى عملية إعادة تركيب حتى يستعيد مصداقية
مفقودة بسبب هيمنة القوى الكبرى. يكفي التفكير في الصراعات التي تدور
رحاها في العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان والسودان وأقطار أخرى تعاني
من انعدام السلام.
تغيير آخر يرتسم اليوم في سلوك شباب العالم الثالث ليس له أي مركب
نقص من تلك التي شكلتها سلطات الاستعمار، حيث تراجعوا بدون وعي ليتبنوا
القيم الغربية. وإذا لم يبذل الشمال مجهودا كافيا لفهم قيم الآخر، فسينقطع
عن وقائع الجنوب في غضون 10 إلى 15 سنة، مما يعني أن تصفية الاستعمار
لايزال أمامها مستقبل كبير، وهو ما يرتهن به مستقبل التعددية الثقافية.
أصبح الحكم بواسطة الخوف وسلطة الكراهية القاعدة الأساسية في عالم
ظمآن للحرية والكرامة. ربما يكون الدور الأساسي للتعددية الثقافية في ضمان
حد أدنى من الكرامة لفائدة كل سكان العالم بداية باحترام متبادل للقيم،
بدون تمييز ولا إهانة، وتواصل ثقافي أفضل. هدف يستلزم تحقيقه إعداد سياسات
ثقافية وطنية في إطار برنامج عالمي للدفاع عن الكرامة، وهو ما يعتبر تحديا
حقيقيا أمام المجتمع الدولي ومستقبل منظمة اليونسكو من أجل «كوننة
الكوني».
الإعلان العالمي لليونسكو حول التعددية الثقافية
الإعلان العالمي لليونسكو الخاص بالتعددية الثقافية، المصادق عليه في
2001 أداة تعترف لأول مرة بوجود اختلافات ثقافية. وقد صادق عدد كبير من
الدول أعضاء المنظمة على هذه الاتفاقية والتزم بالتوعية بأهمية موضوعها.
يكفي فقط أن نقوم ببحث على شبكة الأنترنيت عن طريق محرك البحث غوغل
مستعملين كلمتي المفتاح «التعددية + الثقافية» لنقتنع بهذا الأمر؛ نحصل
على 11.970.000 باللغة الفرنسية في مقابل 60 مليونا باللغة الإنجليزية.
التنسيقيات المشكلة في 19 شتنبر 2007 من أجل الدفاع عن شروط التعددية
الثقافية أدت إلى تأسيس فيدرالية، أعضاؤها المؤسسون ينتمون إلى التيارات
ثقافية مختلفة. غير أن إشكالية تصفية الاستعمار الثقافي لا تزال تتبدى على
عدة أصعدة، إذ تتجلى على المستوى السياسي في التوتر شمال-جنوب؛ توتر نجده
أيضا داخل الدول بين الأغنياء والفقراء. ومن جهة أخرى، جزء كبير من الدول
المتقدمة لا يريد أن يعترف بالحق الفعلي لدول الجنوب في تعدديتها على
النحو الذي تريده.
هناك أيضا شيء أساسي إذا أردنا تطبيق هذه المعاهدة الكونية؛ إنه بكل
بساطة قبول تصفية حقيقية للاستعمار الثقافي، فعلى عكس الاستقلال السياسي
والاقتصادي ستستمر،على الأقل، لجيلين اثنين لكونها تستوجب تواصلا ثقافيا
أفضل مع احترام كبير لقيم الآخر من أجل تفادي نشوب النزاعات الحضارية.
إن تحقيق مثل هذه الأهداف يمر بالأساس عبر تصفية الاستعمار الثقافي
قصد الحد من أضرار النظام العالمي الجديد ونزعة استعمارية مستقبلية لاتزال
تسم العلاقات بين الدول المصنعة ودول العالم الثالث. نزعة استعمارية
مستقبلية تنجم عن تكامل بين مسيري بعض الدول ونخب أخرى. هل يمكن وجود
مستعمِرين بدون مستعمَرين؟ تمثل تصفية الاستعمار الثقافي تحديا كبيرا
لمجموع سكان الأرض لأنها تستلزم تحولات مهمة في البنيات العقلية للشمال
والجنوب على حد سواء.
وهذا يعني أنني أؤمن بالكوني الذي هو: «... نتاج تقاطع تعدديات تكون
قاعدته الأساسية مبنية على العدل والإنصاف المطبقين بدون تمييز سواء على
مستوى العرق أو الدين أو الجنس أو المدخول. أؤمن بكونية الخير والحب. أؤمن
بكونية الإبداع والابتكار بكل حرية. أؤمن بالروحانية التي يُتجاوز بها
الكائن البشري بكل حرية. أؤمن بكونية طلب العلم. أؤمن بمصير مشترك
للإنسانية... كل هذه القناعات توصل إلى رفضي لنزعة كونية سريعة متحكم فيها
بواسطة النزعات العرقية والإديولوجيا السياسية والهيمنة».
لايزال أمام التعددية الثقافية مسار طويل لتقطعه لا غنى عنه للعيش بكرامة بالنسبة إلى مجموع الإنسانية والأرض.
المهدي المنتجرة
المساء
18/9/2008
ربيع- عدد الرسائل : 1432
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 04/07/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى