التجارة الرابحة
صفحة 1 من اصل 1
التجارة الرابحة
من شاء الموازنة بين نفس صائمة ونفس غير
صائمة فليتصور رجلين دخلا سوقاً واحدة واتجرا في تجارة واحدة أما أحدها
فإنه كان يقظاً متنبهاً لكل ما يناله من الربح حريصاً علي ألا يسرقه منه
سارق ولا يسلبه منه سالب وأما الآخر فقد غره ما يتدفق إليه من الربح
الوفير والكسب الغزير فكان منه التهاون في حفظه والإهمال في حراسته فقضي
عليه فريق من أعدائه الحاسدين وأضداد النعم واغتنموا منه تلك الغفلة
فأغاروا عليه من كل جانب وتحوطوه من كل ناحية وتركوه فارغ الكفين صفر
اليدين يعض أصابعه آسفاً وحسرة علي ما ضيع من النعم ثم سرعان ما نفضت
السوق وخرج الأول فرحاً مسرورا قرير العين مغتبطاً بكسبه سعيداً بما أوتي
من حظ جزيل وخرج الآخر حزيناً كئيباً خاسراً لم ينل إلا التعب والعناء ولم
يجن ثمرة إلا البؤس والشقاء هذان الرجلان هما مثل رجلين دخل عليهما شهر
الصيام فأحسنا استقباله ورحبا به خير ترحيب وشمرا فيه عن ساعد الجد للعمل
والطاعة يصومان نهاره ويقومان ليله يسعيان فيه إلي المساجد لأداء الصلوات
وشهود الجمع والجماعات واستماع النصائح والعظات ولكن بينهما من ناحية أخري
تفاوت كبير وفروق شتي أما أحدهما فقد عرف ما يناله في شهر الصيام من
الأجور الكبيرة والدرجات الرفيعة والرحمة والرضوان والعتق من النيران وعرف
أن له أعداء وحساداً من الشياطين يودون إفساد عبادته ويحاولون إحباط عمله
فوقف في وجوههم موقف الحذر يقودونه إلي المعصية فلا ينقاد ويزينون له
القبيح فيجدونه صعب القياد فسلمت له طاعاته وضوعفت حسناته وصار عند الله
من المقربين حقيقاً بقوله تعالي: "أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس
هم فيها خالدون" المؤمنون ..1110 وأما الآخر فقد خدعه صيامه وقيامه وركوعه
وسجوده وذكره ودعاؤه فغفل عن نفسه وأهمل حراستها فوثب عليه الشيطان بخيله
ورجله وخيل إليه أن ما قدمه من الخير كفيل بنجاته جدير برجحان كفة حسناته
فوقع المسكين في شبكة الشيطان وبات أسيراً في قبضته يلعب به كيف يشاء
ويصرفه كما يشاء يأمره بالمعصية فيجده سميعاً ويدعوه إلي القبح فيلبيه
سريعاً يحسن له الغية فيغاب والنميمية فينم والكذب فيكذب وقول الزور
فينطلق به فلا يلبث إلا وقد أفسد عليه الشيطان كل صالحاته وزاده سيئات فوق
سيئاته وضيع صيامه وقيامه وضاعف ذنوبه وآثامه وتركه جديراً يقول الله
تعالي: "وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً" الفرقان:.23
وقول الرسول صلي الله عليه وسلم : "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وقائم ليس له من قيامه إلا السهر".
بقلم الشيخ: زكريا أحمد نور
مراقب عام الوعظ بالأزهر
صائمة فليتصور رجلين دخلا سوقاً واحدة واتجرا في تجارة واحدة أما أحدها
فإنه كان يقظاً متنبهاً لكل ما يناله من الربح حريصاً علي ألا يسرقه منه
سارق ولا يسلبه منه سالب وأما الآخر فقد غره ما يتدفق إليه من الربح
الوفير والكسب الغزير فكان منه التهاون في حفظه والإهمال في حراسته فقضي
عليه فريق من أعدائه الحاسدين وأضداد النعم واغتنموا منه تلك الغفلة
فأغاروا عليه من كل جانب وتحوطوه من كل ناحية وتركوه فارغ الكفين صفر
اليدين يعض أصابعه آسفاً وحسرة علي ما ضيع من النعم ثم سرعان ما نفضت
السوق وخرج الأول فرحاً مسرورا قرير العين مغتبطاً بكسبه سعيداً بما أوتي
من حظ جزيل وخرج الآخر حزيناً كئيباً خاسراً لم ينل إلا التعب والعناء ولم
يجن ثمرة إلا البؤس والشقاء هذان الرجلان هما مثل رجلين دخل عليهما شهر
الصيام فأحسنا استقباله ورحبا به خير ترحيب وشمرا فيه عن ساعد الجد للعمل
والطاعة يصومان نهاره ويقومان ليله يسعيان فيه إلي المساجد لأداء الصلوات
وشهود الجمع والجماعات واستماع النصائح والعظات ولكن بينهما من ناحية أخري
تفاوت كبير وفروق شتي أما أحدهما فقد عرف ما يناله في شهر الصيام من
الأجور الكبيرة والدرجات الرفيعة والرحمة والرضوان والعتق من النيران وعرف
أن له أعداء وحساداً من الشياطين يودون إفساد عبادته ويحاولون إحباط عمله
فوقف في وجوههم موقف الحذر يقودونه إلي المعصية فلا ينقاد ويزينون له
القبيح فيجدونه صعب القياد فسلمت له طاعاته وضوعفت حسناته وصار عند الله
من المقربين حقيقاً بقوله تعالي: "أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس
هم فيها خالدون" المؤمنون ..1110 وأما الآخر فقد خدعه صيامه وقيامه وركوعه
وسجوده وذكره ودعاؤه فغفل عن نفسه وأهمل حراستها فوثب عليه الشيطان بخيله
ورجله وخيل إليه أن ما قدمه من الخير كفيل بنجاته جدير برجحان كفة حسناته
فوقع المسكين في شبكة الشيطان وبات أسيراً في قبضته يلعب به كيف يشاء
ويصرفه كما يشاء يأمره بالمعصية فيجده سميعاً ويدعوه إلي القبح فيلبيه
سريعاً يحسن له الغية فيغاب والنميمية فينم والكذب فيكذب وقول الزور
فينطلق به فلا يلبث إلا وقد أفسد عليه الشيطان كل صالحاته وزاده سيئات فوق
سيئاته وضيع صيامه وقيامه وضاعف ذنوبه وآثامه وتركه جديراً يقول الله
تعالي: "وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً" الفرقان:.23
وقول الرسول صلي الله عليه وسلم : "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وقائم ليس له من قيامه إلا السهر".
بقلم الشيخ: زكريا أحمد نور
مراقب عام الوعظ بالأزهر
ادريس- عدد الرسائل : 539
العمر : 59
Localisation : سلا الجديدة
Emploi : نشيط مشتغل
تاريخ التسجيل : 17/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى