هل ذهب الوفاء.. والخير .. والعفو من الناس؟
صفحة 1 من اصل 1
هل ذهب الوفاء.. والخير .. والعفو من الناس؟
من رحمة الله بعباده أن حجب عنهم معرفة أسرار وخفايا بعضهم بعضا (فلو تكاشفتم.. لتباغضتم..) فهذه الدنيا لا تخلو من المنغصات والمكدرات التي تعتري سلوكيات الناس من بغض وسوء ظن وظلم تجعل الحياة في بعض الأحيان مُرّة المذاق ولا تطاق.
ومع كل هذا، فهناك نماذج ومعادن من الناس تعادل في وزنها ذهباً، لرقي أخلاقها وسمو مشاعرها.. عزيزي القارئ أرجو أن تتحلى بالصبر لقراءة هذه الحادثة بكل تمعن وتدبر:
أتى شابان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفاه أمامه، قال عمر: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا، قال: أقتلت أباهم؟ قال: نعم قتلت! قال: كيف قتلته؟ قال: دخل بجمله في أرضي، فزجرته، فلم ينزجر، فارسلت عليه حجراً، وقع على رأسه فمات.. قال عمر: القصاص يعني القتل.
قال الرجل ياأمير المؤمنين: اسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ان تتركني ليلة، لاذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فاخبرهم بأنك سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا. قال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إليّ؟ فسكت الناس جميعاً، إنهم لا يعرفون اسمه، ولا خيمته، ولا داره ولا قبيلته ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهي كفالة ليس على مبلغ من المال، ولا على أرض، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة ان تقطع بالسيف.. ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله! ومن يشفع عنده؟ ومن يمكن أن يفكر في وساطة لديه؟ فسكت الصحابة، وعمر متأثر، لأنه وقع في حيرة. هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك، أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول، وسكت الناس، ونكس عمر رأسه، والتفت إلى الشابين: أتعفوان عنه؟ قالا: لا، من قتل أبانا لا بد أن يقتل يا أمير المؤمنين.. قال عمر: من يكفل هذا أيها الناس؟! فقام أبو ذر الغفاري بشيبته وزهده وصدقه، وقال: يا أمير المؤمنين: أنا أكفله، قال عمر: هو قتل، قال: ولو كان قاتلاً! قال: أتعرفه؟
قال: ما أعرفه، قال: كيف تكلفه؟ قال: رأيت فيه سمات المؤمنين، فعلمت انه لا يكذب، وسيأتي إن شاء الله، قال عمر: يا أبا ذر، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك؟! قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين.. فذهب الرجل، واعطاه عمر ثلاث ليال، يهيئ فيها نفسه، ويودع أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده، تم يأتي، ليقتص منه لأنه قتل.. وبعد ثلاث ليال لم ينس عمر الموعد، يعد الأيام عداً، وفي العصر نادى مناد في المدينة: الصلاة جامعة، فجاء الشابان اللذان قتل أبوهما، واجتمع الناس، وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر، قال عمر: أين الرجل؟ قال: ما أدري يا أمير المؤمنين! وتلفت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت الصحابة أجمعين عليهم من التأثر ما لا يعلمه إلا الله.
وقبل الغروب بلحظات، وإذا بالرجل يأتي، فكبر عمر، وكبر المسلمون معه فقال عمر أيها الرجل أما أنك لو بقيت في باديتك، ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك! قال: يا أمير المؤمنين، والله ما عليّ منك ولكن عليّ من الذي يعلم السر وأخفى! ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئت لأقتل، وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس، فسأل عمر بن الخطاب، أبا ذر لماذا ضمنته! فقال أبو ذر خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس، فوقف عمر وقال للشابين: ماذ تريان؟ قالا وهما يبكيان: عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس. قال عمر: الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته.. جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما.
وجزاك الله خيراً يا أبا ذر يوم فرجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل لصدقك ووفائك.
ونحن نقول جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين على عدلك.. في زمن أصبح فيه العدل عملة نادرة بين الناس.
• آخر العنقود:
كم من المحن التي تمر على الإنسان.. تنقلب فيه هذه المحنة إلى منحة يهبها الله لمن يشاء من عباده الصالحين.
«فهل من مُدّكر؟»
ومع كل هذا، فهناك نماذج ومعادن من الناس تعادل في وزنها ذهباً، لرقي أخلاقها وسمو مشاعرها.. عزيزي القارئ أرجو أن تتحلى بالصبر لقراءة هذه الحادثة بكل تمعن وتدبر:
أتى شابان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفاه أمامه، قال عمر: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا، قال: أقتلت أباهم؟ قال: نعم قتلت! قال: كيف قتلته؟ قال: دخل بجمله في أرضي، فزجرته، فلم ينزجر، فارسلت عليه حجراً، وقع على رأسه فمات.. قال عمر: القصاص يعني القتل.
قال الرجل ياأمير المؤمنين: اسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ان تتركني ليلة، لاذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فاخبرهم بأنك سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا. قال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إليّ؟ فسكت الناس جميعاً، إنهم لا يعرفون اسمه، ولا خيمته، ولا داره ولا قبيلته ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهي كفالة ليس على مبلغ من المال، ولا على أرض، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة ان تقطع بالسيف.. ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله! ومن يشفع عنده؟ ومن يمكن أن يفكر في وساطة لديه؟ فسكت الصحابة، وعمر متأثر، لأنه وقع في حيرة. هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك، أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول، وسكت الناس، ونكس عمر رأسه، والتفت إلى الشابين: أتعفوان عنه؟ قالا: لا، من قتل أبانا لا بد أن يقتل يا أمير المؤمنين.. قال عمر: من يكفل هذا أيها الناس؟! فقام أبو ذر الغفاري بشيبته وزهده وصدقه، وقال: يا أمير المؤمنين: أنا أكفله، قال عمر: هو قتل، قال: ولو كان قاتلاً! قال: أتعرفه؟
قال: ما أعرفه، قال: كيف تكلفه؟ قال: رأيت فيه سمات المؤمنين، فعلمت انه لا يكذب، وسيأتي إن شاء الله، قال عمر: يا أبا ذر، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك؟! قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين.. فذهب الرجل، واعطاه عمر ثلاث ليال، يهيئ فيها نفسه، ويودع أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده، تم يأتي، ليقتص منه لأنه قتل.. وبعد ثلاث ليال لم ينس عمر الموعد، يعد الأيام عداً، وفي العصر نادى مناد في المدينة: الصلاة جامعة، فجاء الشابان اللذان قتل أبوهما، واجتمع الناس، وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر، قال عمر: أين الرجل؟ قال: ما أدري يا أمير المؤمنين! وتلفت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت الصحابة أجمعين عليهم من التأثر ما لا يعلمه إلا الله.
وقبل الغروب بلحظات، وإذا بالرجل يأتي، فكبر عمر، وكبر المسلمون معه فقال عمر أيها الرجل أما أنك لو بقيت في باديتك، ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك! قال: يا أمير المؤمنين، والله ما عليّ منك ولكن عليّ من الذي يعلم السر وأخفى! ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئت لأقتل، وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس، فسأل عمر بن الخطاب، أبا ذر لماذا ضمنته! فقال أبو ذر خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس، فوقف عمر وقال للشابين: ماذ تريان؟ قالا وهما يبكيان: عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس. قال عمر: الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته.. جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما.
وجزاك الله خيراً يا أبا ذر يوم فرجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل لصدقك ووفائك.
ونحن نقول جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين على عدلك.. في زمن أصبح فيه العدل عملة نادرة بين الناس.
• آخر العنقود:
كم من المحن التي تمر على الإنسان.. تنقلب فيه هذه المحنة إلى منحة يهبها الله لمن يشاء من عباده الصالحين.
«فهل من مُدّكر؟»
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى