صوم رمضان تعالٍ عن الأنا
صفحة 1 من اصل 1
صوم رمضان تعالٍ عن الأنا
الصوم، في شهر رمضان المبارك (سورة البقرة: آية 183)، هو الركن الثالث
للايمان الاسلامي. يمتنع فيه المسلمون عن تناول الطعام والماء والعلاقات
الجنسية من الفجر الى المغيب خلال شهر كامل. وينبغي لهم ان يكونوا على
أفضل وجه من التصرف ويمارسوا شعائر روحية وأخلاقية مميزة.
1 – ذكر الله وحمده
رمضان
هو الشهر الذي بدأ فيه التنزيل على النبي محمد (صلعم) هدى للناس للتمييز
بين الخير والشر (سورة البقرة: آية 185). لذا، ان الصوم احتفال ينطوي على
هدفين:
فانطلاقا من السورة المذكورة، يجعل الصوم المسلمين يستذكرون
الله. انه تعليم شامل عبر ترويض جسدي معمّق. يرى المؤمن وهو يعاني قسوة
جسدية ان الله هو الطراوة وأن النور لا يأتي الا من شظف عيش يرتضيه.
يمتنع
الجسد، في سبيل الله، عن الطعام والماء وممارسة الجنس من طلوع الفجر الى
غروب الشمس، وتغدو النفس مدركة بعمق حضور الله مع كل احساس لها بالجوع
والعطش.
ليس الأمر هنا مجرد امساك وكفر حتى بأقارب وأملاك. فعلى المسلم
الحقيقي ان ينمو خلال شهر الصوم في صبره وتحمله وتواضعه بسبب من معرفته أن
الله يرعاه. وهكذا، يعزف المسلم عن الكلام البذيء، ولا يرفع صوته. واذا ما
تكلم عليه أحدهم بالسوء او حاول منازلته، اكتفى بالقول: أنا صائم.
هذا
من وحي ما جاء على لسان النبي محمد (صلعم). أما علماء الاسلام فيذهبون الى
أنه، اذا ما عيل صبر أحدهم او صارع أخاه على غير وجه حق او توسل الكلام
البذيء والنابي أو لجأ الى أكاذيب مضلِّلة، أمسى صومه فارغا او تلاشت
قيمته.
الصوم يهذّب النفس فيعدل المؤمن عن القيام بأي عمل لا يرضي الله ويرفضه القرآن صراحة.
يشير
القرآن ايضا الى أن الصوم يجعل الصائم يشكر الله ويحمده. إنه محك المؤمن.
فهو يبرز صعوبة المكابدة اليومية، لدى عامة الشعب، بسبب الفقر والعوز.
وهكذا، تشعر النفس بالامتنان لله لما يغدقه على الصائم من خيرات يعتبرها
من باب تحصيل الحاصل ولكن لا قائمة للحياة من دونها.
ان شكر الله لا
يتجلى بترتيل اسمه او تمضية النهار كله للصلاة في الجامع بل بالاحرى بأن
يشرك المؤمن في طعامه وشرابه أولئك الذين حوله ممن ليس لديهم ما يتناولونه
ما ان تميل الشمس الى المغيب، بل انهم يحملون على الاقلال من طعامهم مما
يجعلهم يعيشون طبيعيا وروحيا حياة فضلى.
يمسي الصوم اذا طريقة يتوسلها
الاغنياء لمشاركة من هم أقل غنى منهم لفترة وجيزة في خبرتهم اليومية في
الحياة. لذا، على الصوم ان يستثير شعور مؤاساة للفقراء وشعورا بالمسؤولية
في اطعام المعوزين وإلباس العراة.
يوصي القرآن الكريم بالصوم احتفالا
بالشهر الذي أنزل خلاله. وما زال مفسروه يشيرون الى ان الطبع الذي تنمّيه
النفس البشرية انطلاقا من الصوم هو النموذج الذي يدعو القرآن الكريم
الرجال والنساء إلى ان يصبوا اليه.
لقد أنزل القرآن الكريم لتذكير
الناس بخطى الله وتوجيههم شطرها. يدرب شهر الصوم كله النفس البشرية على
مراقبة ذاتها بحيث إن القلب الطاهر الذي يدعو الى الصبر وسواء السبيل
يتعالى على الأنا (الفردي و/أو الجماعي) او يهذب الرغبات التي تدعو النفس
الى الغضب والعنف.
2 – التمتع بالنواحي المشتركة للصوم
خلال الشهر الفضيل تتضاعف الاجواء المتسامية ويبتعد المؤمن عن الاجواء الدنيئة ويكبّل الشيطان وتفتح أبواب السماء على مصاريعها.
خلال
شهر رمضان المعروف بـ"شهر القرآن" ترفع صلوات ليلية خاصة (التراويح) في
الجوامع تحت كل سماء، تتلو الجماعة كل ليلة ما يربو على 1/30 من القرآن
الكريم بحيث ان الكتاب كله يتلى في نهاية الشهر المبارك. وهذه الصلوات
الطويلة وفترات اللقاء في الجوامع تجعل الجماعة متجانبة الافراد، مما
يجعلهم جد متأسفين على انصرام الشهر. إنه زمان التوحد بأسرى الارض
وأدنيائها، بالمحرومين فرحها. انه التساوي في رصانة التروض، في وحدة
الحاجة الى ما هو فوق، في اعلان إخاء المسلمين للبشر كافة.
3 – صوم يتجاوز رمضان
كثير
من المسلمين يصومون خارج شهر رمضان كسبيل لمتابعة مسيرة مراقبة الذات
وتعزيز شاهقات القيم الروحية التي تتأتى خلال ذاك الشهر المبارك وممارسة
استقامة الاخلاق.
يوصي النبي محمد (صلعم) بأن يركن صحبه الذين ليس
لديهم امكانات الزواج، الى الصوم لكبح جماح غرائهم الجنسية. ويحظر النبي
العربي من مغبة اللجوء الى صيام دائم لا توقف فيه لأنه يؤدي الى التطرف.
وأن الحد الاقصى من الصوم المسموح به خارج رمضان قد مارسه النبي داود الذي
درج على الصوم يوما بعد يوم. أما النبي محمد (صلعم) فقد دأب في الصيام
يومي الاثنين والخميس مما يتمشى عليه مؤمنون كثر على مدار السنة.
جهاد نعمان
(أستاذ الفلسفة واللاهوت في الجامعة اللبنانية)
للايمان الاسلامي. يمتنع فيه المسلمون عن تناول الطعام والماء والعلاقات
الجنسية من الفجر الى المغيب خلال شهر كامل. وينبغي لهم ان يكونوا على
أفضل وجه من التصرف ويمارسوا شعائر روحية وأخلاقية مميزة.
1 – ذكر الله وحمده
رمضان
هو الشهر الذي بدأ فيه التنزيل على النبي محمد (صلعم) هدى للناس للتمييز
بين الخير والشر (سورة البقرة: آية 185). لذا، ان الصوم احتفال ينطوي على
هدفين:
فانطلاقا من السورة المذكورة، يجعل الصوم المسلمين يستذكرون
الله. انه تعليم شامل عبر ترويض جسدي معمّق. يرى المؤمن وهو يعاني قسوة
جسدية ان الله هو الطراوة وأن النور لا يأتي الا من شظف عيش يرتضيه.
يمتنع
الجسد، في سبيل الله، عن الطعام والماء وممارسة الجنس من طلوع الفجر الى
غروب الشمس، وتغدو النفس مدركة بعمق حضور الله مع كل احساس لها بالجوع
والعطش.
ليس الأمر هنا مجرد امساك وكفر حتى بأقارب وأملاك. فعلى المسلم
الحقيقي ان ينمو خلال شهر الصوم في صبره وتحمله وتواضعه بسبب من معرفته أن
الله يرعاه. وهكذا، يعزف المسلم عن الكلام البذيء، ولا يرفع صوته. واذا ما
تكلم عليه أحدهم بالسوء او حاول منازلته، اكتفى بالقول: أنا صائم.
هذا
من وحي ما جاء على لسان النبي محمد (صلعم). أما علماء الاسلام فيذهبون الى
أنه، اذا ما عيل صبر أحدهم او صارع أخاه على غير وجه حق او توسل الكلام
البذيء والنابي أو لجأ الى أكاذيب مضلِّلة، أمسى صومه فارغا او تلاشت
قيمته.
الصوم يهذّب النفس فيعدل المؤمن عن القيام بأي عمل لا يرضي الله ويرفضه القرآن صراحة.
يشير
القرآن ايضا الى أن الصوم يجعل الصائم يشكر الله ويحمده. إنه محك المؤمن.
فهو يبرز صعوبة المكابدة اليومية، لدى عامة الشعب، بسبب الفقر والعوز.
وهكذا، تشعر النفس بالامتنان لله لما يغدقه على الصائم من خيرات يعتبرها
من باب تحصيل الحاصل ولكن لا قائمة للحياة من دونها.
ان شكر الله لا
يتجلى بترتيل اسمه او تمضية النهار كله للصلاة في الجامع بل بالاحرى بأن
يشرك المؤمن في طعامه وشرابه أولئك الذين حوله ممن ليس لديهم ما يتناولونه
ما ان تميل الشمس الى المغيب، بل انهم يحملون على الاقلال من طعامهم مما
يجعلهم يعيشون طبيعيا وروحيا حياة فضلى.
يمسي الصوم اذا طريقة يتوسلها
الاغنياء لمشاركة من هم أقل غنى منهم لفترة وجيزة في خبرتهم اليومية في
الحياة. لذا، على الصوم ان يستثير شعور مؤاساة للفقراء وشعورا بالمسؤولية
في اطعام المعوزين وإلباس العراة.
يوصي القرآن الكريم بالصوم احتفالا
بالشهر الذي أنزل خلاله. وما زال مفسروه يشيرون الى ان الطبع الذي تنمّيه
النفس البشرية انطلاقا من الصوم هو النموذج الذي يدعو القرآن الكريم
الرجال والنساء إلى ان يصبوا اليه.
لقد أنزل القرآن الكريم لتذكير
الناس بخطى الله وتوجيههم شطرها. يدرب شهر الصوم كله النفس البشرية على
مراقبة ذاتها بحيث إن القلب الطاهر الذي يدعو الى الصبر وسواء السبيل
يتعالى على الأنا (الفردي و/أو الجماعي) او يهذب الرغبات التي تدعو النفس
الى الغضب والعنف.
2 – التمتع بالنواحي المشتركة للصوم
خلال الشهر الفضيل تتضاعف الاجواء المتسامية ويبتعد المؤمن عن الاجواء الدنيئة ويكبّل الشيطان وتفتح أبواب السماء على مصاريعها.
خلال
شهر رمضان المعروف بـ"شهر القرآن" ترفع صلوات ليلية خاصة (التراويح) في
الجوامع تحت كل سماء، تتلو الجماعة كل ليلة ما يربو على 1/30 من القرآن
الكريم بحيث ان الكتاب كله يتلى في نهاية الشهر المبارك. وهذه الصلوات
الطويلة وفترات اللقاء في الجوامع تجعل الجماعة متجانبة الافراد، مما
يجعلهم جد متأسفين على انصرام الشهر. إنه زمان التوحد بأسرى الارض
وأدنيائها، بالمحرومين فرحها. انه التساوي في رصانة التروض، في وحدة
الحاجة الى ما هو فوق، في اعلان إخاء المسلمين للبشر كافة.
3 – صوم يتجاوز رمضان
كثير
من المسلمين يصومون خارج شهر رمضان كسبيل لمتابعة مسيرة مراقبة الذات
وتعزيز شاهقات القيم الروحية التي تتأتى خلال ذاك الشهر المبارك وممارسة
استقامة الاخلاق.
يوصي النبي محمد (صلعم) بأن يركن صحبه الذين ليس
لديهم امكانات الزواج، الى الصوم لكبح جماح غرائهم الجنسية. ويحظر النبي
العربي من مغبة اللجوء الى صيام دائم لا توقف فيه لأنه يؤدي الى التطرف.
وأن الحد الاقصى من الصوم المسموح به خارج رمضان قد مارسه النبي داود الذي
درج على الصوم يوما بعد يوم. أما النبي محمد (صلعم) فقد دأب في الصيام
يومي الاثنين والخميس مما يتمشى عليه مؤمنون كثر على مدار السنة.
جهاد نعمان
(أستاذ الفلسفة واللاهوت في الجامعة اللبنانية)
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى