إعادة إصدار كتاب 'حافظ وشوقي' بعد مرور الذكرى الخامسة والسبعين لهما
صفحة 1 من اصل 1
إعادة إصدار كتاب 'حافظ وشوقي' بعد مرور الذكرى الخامسة والسبعين لهما
باحثون يردون هجوم العقاد على شوقي إلى العنف غير المبرر وحب الاستظهار:
القاهرة ـ 'القدس العربي' من محمود قرني: أعاد المجلس الأعلى للثقافة طبعة
الكتاب البحثي الذي صدر برفقة المؤتمر الموسع الذي عقد بمناسبة مرور خمسة
وسبعين عاما على رحيل شوقي وحافظ، وهو المؤتمر الذي انعقد في العام الماضي
تحت رعاية لجنة الشعر بالمجلس، وصدر مرافقا له الأعمال الكاملة لكلا
الشاعرين بالإضافة للكتاب البحثي الذي أعيد طبعه والذي تضمن العديد من
الدراسات التي جاء معظمها في دراسة أشعار شوقي مع إهمال كبير لشعر حافظ
إبراهيم، فمن إجمالي حوالي خمس عشرة دراسة، نال شوقي منها اثنتي عشر
دراسة، بينما لم ينل حافظ الا ثلاث دراسات مشتركة مع آخرين.
وقد شارك
من النقاد كل من محمد فتوح أحمد، أندرية هيكل، أحمد درويش، محمد
عبدالمطلب، يوسف بكار، الصديق المجتبي، الطاهر مكيو زكريا عناني، محمد
الهادي الطرابلسي، محمد نجيب التلاوي، أحمد عثمان، أحمد عنتر مصطفى، هناء
عبدالفتاح، محمد بربري، محمد حماسة عبداللطيف، وآخرون.
وسوف نحاول هنا أن نتوقف عند أبرز الدراسات التي قدمها الكتاب.
الحاجة إلى حافظ وشوقي
نبدأ
من تلك الورقة التي قدمها الدكتور أحمد درويش تحت عنوان 'الحاجة إلى حافظ
وشوقي'، ويرى ذلك من واقع روح المد والأمل اللتان ميزتا لغة عصريهما، في
فنون الشعر والنثر التي عالجاها على وجه خاص، ويقول: إن تلك الروح أثمرت
في مجال اللغة حيوية واتساعا وتجددا، وفي مجال الفن إرواء لظمأ جماهير
عصرهما وارتباطا أشد بين الفن ومتلقيه.
ويضيف درويش أن اللغة كانت
خارجة لتوها من فترة الرطانة والتتريك، متعثرة في مجالات التعبير عن
منجزات العصر، محاولة مجاراة حركة النهضة الأدبية العالمية التي بدأت
الاتصال بها.
ويرى درويش أن أحمد شوقي ـ على نحو خاص ـ كان رائدا في
جعل اللغة تستجيب لمحاولاته تطوير الفن منذ القرن التاسع عشر، وذلك عبر
إبداعاته الروائية التي ظلت شبه مجهولة، والتي حاول من خلالها خلق فن
روائي جديد في العربية، فكانت أعماله النثرية السبعة الجيدة على امتداد
ثلث القرن، وقد واكبتها في الفترة نفسها أعمال حافظ النثرية في الإبداع
والتعريب.
أما في مجال الشعر فيقول أحمد درويش: إن روح التجديد والأمل
والامتداد دافعا لأن يغزو الشعر العربي على يدي حافظ وشوقي مجالات المسرح
والشعر التاريخي والشعر القومي وشعر الأطفال، وأن يجددا في موسيقاه وصوره
وقوالبه التعبيرية.
ويوضح درويش رؤيته قائلا: ليس معنى الاحتفال هو
اقتداء نمط التجديد الذي ارتضيناه وإنماه معناه تبني روح الأمل والامتداد
والاتساع باللغة والمواءمة بينها وبين العصر، في لحظة تشتد فيه الحاجة إلى
ذلك الأمل بسبب اشتداد الحصار والخناق حول اللغة باشتداد الدعوات إلى
تقليصها وإلى التخفف منها واستبدالها بغيرها.
أما الدكتور الطاهر مكي
فقدم ورقة عن منفى شوقي في أسبانيا وتناول سببها المباشر وهي أنه كان
مقربا من الخديوي عباس حلمي الثاني الذي خلعه الانكليز في 19 ديسمبر عام
1914 عندما كان يصطاف في اسطنبول وولوا مكانة السلطان حسين كامل، ويقول
مكي: إن أمير الشعراء كان وثيق الصلة بالخديوي، لذلك رأى الانجليز نفي
سوقي بدل اعتقاله وعرضوا عليه الذهاب الى أي بلد محايد لا يشارك في الحرب،
ليسهل عليهم مراقبته فأختار إسبانيا.
ويذكر مكي أن شوقي غادر القاهرة
الى ميناء السويس ليأخذ هناك باخرة فلبينية تجارية، بها أمكنة قليلة
للركاب، متجهة إلى برشلونة ولم يحضر لوداعه غير عدد قليل جدا من الأقارب
والأصدقاء، وترك هذا جرحا غائرا في أعماقه.
ويذكر أن شوقي ترك والدته
في مصر لأنها كانت مريضة، وصحب معه زوجه، وبنته وبنتها، وولديه حسين وعلي،
ومربية تركية وخادمتين وطاهيا، ويشير على ان شوقي عانى معاناة مريرة في
رحلته إلى برشلونة، ويذكر أيضا ـ وهو استاذ الأدب الإسباني ـ أن برشلونة
عند وصول شوقي كانت حركة جيل 98 التجديدية في أوج ازدهارها، وهي حركة تضم
اتجاهات عدة، ذات غايات متنوعة، ولكنها في نهاية المطاف تدعو إلى تجديد
الحياة الإسبانية في مختلف جوانبها، لتلحق إسبانيا بأوروبا.
ويذكر مكي
أن شوقي لم يكن سعيدا بإقامته في برشلونة ولم يتعلم شيئا من الإسبانية لغة
الأدب والثقافة والإعلام، ولا من القطلونية لغة العامة والحياة، وظل شوقي
في برشلونة قرابة خمسة أعوام، وكان وقع الوحدة والغربة قاسيا شديد الوطأة
على نفسه ـ حسب تعبير مكي ـ وعندما عاد إلى مصر بعد انتهاء الحرب استقبله
شبابها استقبالا رائعا كان له أبلغ الأثر في نفس أمير الشعراء، عبر عنه
بامتنان شديد في قصيدته، 'بعد العودة من المنفى'.
ويرى مكي أن مرحلة
المنفى تمثل خطا فاصلا في حياة شوقي وشعره، لم يعد بعدها شاعر العقد ولا
الأمير، وإنما أصبح لسان أمته ووطنه والمعبر عن آماله، والتحم مع جموع
المواطنين، وأحس بآلامهم، وغنى شعبه أعذب قصائده وأجملها، وسجل انتصاراته
وتقدمه. غير أن مكي يرى أن شعر شوقي عن الأندلس لا علاقة له بوجودها
العيني ولكنه مستمد من قراءاته التراثية ومن مشاهدات عاجلة اقتصرت على
مسجد قرطبة وجلال مسجدها الجامع، ويذكر أن مدينة الزهراء التي عرض لها
فكانت على أيامه أنقاضا تحت التراب لا يبين لها أثر ويقول: لم أجد لآثار
بني الأحمر في غرناطة ذكر في شعر رغم أن قصورهم لا تزال قائمة، لم تذهب
عاديات الزمن إلا بالقليل منها.
أما الشاعر حسن طلب فقدم ورقة تحت
عنوان 'تجديد الوعي الديني في شعر شوقي' تناول فيها مظاهر الوعي الديني
التي تشكلت مع بداية عصر النهضة في القرن التاسع عشر، ويقول طلب أن الشعر
لعب دورا مهما في تشكل هذا الوعي الجديد، منذ رائد مدرسة الإحياء التي حمل
محمود سامي البارودي ثم أحمد شوقي، ويرى طلب أن الانتماء الوطني أخذ في
مزاحمة الانتماء الديني تحت وطأة الظروف الجديدة التي فرضها النضال ضد
الاحتلال من جهة، والإطلاع على بعض جوانب الثقافة الغربية من جهة أخرى،
ويقول طلب: إن الانتقال من فكرة الدين باعتباره هوية إلى الدين باعتباره
تجربة روحية، لم يتجسد بصورة واضحة وحاسمة إلا من خلال الشعر في تلك
الفترة، خاصة في شعر أحمد شوقي الذي تحدث فيه صراحة عن عبادة الوطن.
القاهرة ـ 'القدس العربي' من محمود قرني: أعاد المجلس الأعلى للثقافة طبعة
الكتاب البحثي الذي صدر برفقة المؤتمر الموسع الذي عقد بمناسبة مرور خمسة
وسبعين عاما على رحيل شوقي وحافظ، وهو المؤتمر الذي انعقد في العام الماضي
تحت رعاية لجنة الشعر بالمجلس، وصدر مرافقا له الأعمال الكاملة لكلا
الشاعرين بالإضافة للكتاب البحثي الذي أعيد طبعه والذي تضمن العديد من
الدراسات التي جاء معظمها في دراسة أشعار شوقي مع إهمال كبير لشعر حافظ
إبراهيم، فمن إجمالي حوالي خمس عشرة دراسة، نال شوقي منها اثنتي عشر
دراسة، بينما لم ينل حافظ الا ثلاث دراسات مشتركة مع آخرين.
وقد شارك
من النقاد كل من محمد فتوح أحمد، أندرية هيكل، أحمد درويش، محمد
عبدالمطلب، يوسف بكار، الصديق المجتبي، الطاهر مكيو زكريا عناني، محمد
الهادي الطرابلسي، محمد نجيب التلاوي، أحمد عثمان، أحمد عنتر مصطفى، هناء
عبدالفتاح، محمد بربري، محمد حماسة عبداللطيف، وآخرون.
وسوف نحاول هنا أن نتوقف عند أبرز الدراسات التي قدمها الكتاب.
الحاجة إلى حافظ وشوقي
نبدأ
من تلك الورقة التي قدمها الدكتور أحمد درويش تحت عنوان 'الحاجة إلى حافظ
وشوقي'، ويرى ذلك من واقع روح المد والأمل اللتان ميزتا لغة عصريهما، في
فنون الشعر والنثر التي عالجاها على وجه خاص، ويقول: إن تلك الروح أثمرت
في مجال اللغة حيوية واتساعا وتجددا، وفي مجال الفن إرواء لظمأ جماهير
عصرهما وارتباطا أشد بين الفن ومتلقيه.
ويضيف درويش أن اللغة كانت
خارجة لتوها من فترة الرطانة والتتريك، متعثرة في مجالات التعبير عن
منجزات العصر، محاولة مجاراة حركة النهضة الأدبية العالمية التي بدأت
الاتصال بها.
ويرى درويش أن أحمد شوقي ـ على نحو خاص ـ كان رائدا في
جعل اللغة تستجيب لمحاولاته تطوير الفن منذ القرن التاسع عشر، وذلك عبر
إبداعاته الروائية التي ظلت شبه مجهولة، والتي حاول من خلالها خلق فن
روائي جديد في العربية، فكانت أعماله النثرية السبعة الجيدة على امتداد
ثلث القرن، وقد واكبتها في الفترة نفسها أعمال حافظ النثرية في الإبداع
والتعريب.
أما في مجال الشعر فيقول أحمد درويش: إن روح التجديد والأمل
والامتداد دافعا لأن يغزو الشعر العربي على يدي حافظ وشوقي مجالات المسرح
والشعر التاريخي والشعر القومي وشعر الأطفال، وأن يجددا في موسيقاه وصوره
وقوالبه التعبيرية.
ويوضح درويش رؤيته قائلا: ليس معنى الاحتفال هو
اقتداء نمط التجديد الذي ارتضيناه وإنماه معناه تبني روح الأمل والامتداد
والاتساع باللغة والمواءمة بينها وبين العصر، في لحظة تشتد فيه الحاجة إلى
ذلك الأمل بسبب اشتداد الحصار والخناق حول اللغة باشتداد الدعوات إلى
تقليصها وإلى التخفف منها واستبدالها بغيرها.
أما الدكتور الطاهر مكي
فقدم ورقة عن منفى شوقي في أسبانيا وتناول سببها المباشر وهي أنه كان
مقربا من الخديوي عباس حلمي الثاني الذي خلعه الانكليز في 19 ديسمبر عام
1914 عندما كان يصطاف في اسطنبول وولوا مكانة السلطان حسين كامل، ويقول
مكي: إن أمير الشعراء كان وثيق الصلة بالخديوي، لذلك رأى الانجليز نفي
سوقي بدل اعتقاله وعرضوا عليه الذهاب الى أي بلد محايد لا يشارك في الحرب،
ليسهل عليهم مراقبته فأختار إسبانيا.
ويذكر مكي أن شوقي غادر القاهرة
الى ميناء السويس ليأخذ هناك باخرة فلبينية تجارية، بها أمكنة قليلة
للركاب، متجهة إلى برشلونة ولم يحضر لوداعه غير عدد قليل جدا من الأقارب
والأصدقاء، وترك هذا جرحا غائرا في أعماقه.
ويذكر أن شوقي ترك والدته
في مصر لأنها كانت مريضة، وصحب معه زوجه، وبنته وبنتها، وولديه حسين وعلي،
ومربية تركية وخادمتين وطاهيا، ويشير على ان شوقي عانى معاناة مريرة في
رحلته إلى برشلونة، ويذكر أيضا ـ وهو استاذ الأدب الإسباني ـ أن برشلونة
عند وصول شوقي كانت حركة جيل 98 التجديدية في أوج ازدهارها، وهي حركة تضم
اتجاهات عدة، ذات غايات متنوعة، ولكنها في نهاية المطاف تدعو إلى تجديد
الحياة الإسبانية في مختلف جوانبها، لتلحق إسبانيا بأوروبا.
ويذكر مكي
أن شوقي لم يكن سعيدا بإقامته في برشلونة ولم يتعلم شيئا من الإسبانية لغة
الأدب والثقافة والإعلام، ولا من القطلونية لغة العامة والحياة، وظل شوقي
في برشلونة قرابة خمسة أعوام، وكان وقع الوحدة والغربة قاسيا شديد الوطأة
على نفسه ـ حسب تعبير مكي ـ وعندما عاد إلى مصر بعد انتهاء الحرب استقبله
شبابها استقبالا رائعا كان له أبلغ الأثر في نفس أمير الشعراء، عبر عنه
بامتنان شديد في قصيدته، 'بعد العودة من المنفى'.
ويرى مكي أن مرحلة
المنفى تمثل خطا فاصلا في حياة شوقي وشعره، لم يعد بعدها شاعر العقد ولا
الأمير، وإنما أصبح لسان أمته ووطنه والمعبر عن آماله، والتحم مع جموع
المواطنين، وأحس بآلامهم، وغنى شعبه أعذب قصائده وأجملها، وسجل انتصاراته
وتقدمه. غير أن مكي يرى أن شعر شوقي عن الأندلس لا علاقة له بوجودها
العيني ولكنه مستمد من قراءاته التراثية ومن مشاهدات عاجلة اقتصرت على
مسجد قرطبة وجلال مسجدها الجامع، ويذكر أن مدينة الزهراء التي عرض لها
فكانت على أيامه أنقاضا تحت التراب لا يبين لها أثر ويقول: لم أجد لآثار
بني الأحمر في غرناطة ذكر في شعر رغم أن قصورهم لا تزال قائمة، لم تذهب
عاديات الزمن إلا بالقليل منها.
أما الشاعر حسن طلب فقدم ورقة تحت
عنوان 'تجديد الوعي الديني في شعر شوقي' تناول فيها مظاهر الوعي الديني
التي تشكلت مع بداية عصر النهضة في القرن التاسع عشر، ويقول طلب أن الشعر
لعب دورا مهما في تشكل هذا الوعي الجديد، منذ رائد مدرسة الإحياء التي حمل
محمود سامي البارودي ثم أحمد شوقي، ويرى طلب أن الانتماء الوطني أخذ في
مزاحمة الانتماء الديني تحت وطأة الظروف الجديدة التي فرضها النضال ضد
الاحتلال من جهة، والإطلاع على بعض جوانب الثقافة الغربية من جهة أخرى،
ويقول طلب: إن الانتقال من فكرة الدين باعتباره هوية إلى الدين باعتباره
تجربة روحية، لم يتجسد بصورة واضحة وحاسمة إلا من خلال الشعر في تلك
الفترة، خاصة في شعر أحمد شوقي الذي تحدث فيه صراحة عن عبادة الوطن.
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: إعادة إصدار كتاب 'حافظ وشوقي' بعد مرور الذكرى الخامسة والسبعين لهما
أما الأكاديمي الدكتور عبداللطيف عبدالحليم فقد قدم ورقة تحت عنوان
'العقاد وشوقي، موقف وتاريخ' كشف فيها عن وثيقة تؤكد تراجع العقاد عن
موقفه من شوقي وهي كلمة ألقاها فيا لاحتفال بذكرى شوقي في العام 1957،
عندما كان مقررا للجنة الشعر بالمجلس الأعلى للفنون والآداب، ونشرت أيضا
بمجلة الهلال آنذاك. وقد نشر الكتاب الصادر بأبحاث المؤتمر صورة
زنكوغرافية لكلمة العقاد، ويقول في ختامها: 'لقد وجد شعر النماذج في شوقي
رسوله المبين، بل خاتم رسله أجمعين، فأبطاله في الممدوحين والمرثيين طراز
في مراتب المجد التي يرتضيها السمت والهيبة، وفضائل الأخلاق في قصائده هي
الفضائل التي اصطلح عليها العرف وتتابعت بها معايير الحمد والثناء، وعواطف
الإنسان هي العواطف التي رسمتها لنا تقاليد الزمن في أحوال المحبين أو
الطامحين، أو آداب الآباء والبنين، وأيته فيما عرض له في ذلك كله ـ تلك
قدرته البارعة في تجويد الصناعة التي تفوقها قدرة في عصره، ونكاد نقول في
عصور الأقدمين والمحدثين.
ومهما تتعدد الآراء والأذواق في النظر إلى
شعر النماذج، فلابد له في صفحة باقية في كل أدب وكل لغة، وصفحته الباقية
في اللغة العربية مقرونة باسم شوقي في الأدب الحديث، يجدد ذكراها وتجدد
ذكراه، ويقوم عليها حقه في البقاء، ويتردد حولها صوته وصداه'.
أما
الورقة التي قدمها عبداللطيف عبدالحليم حول شوقي فهي تنهج منهج العقاد،
باعتباره واحدا من أتباعه تحت وطأة اعتقاده بأن سليل مدرسة الديوان وأنه
آخر أعلامها، فالرجل أكاديمي يكتب شعرا مرذولا من فرط ما يغلب عليه من
طبيعة النظم بوعي يسرف في قدامته واستسلامه لعسف التقليد وأسره، وقد أصدر
كتابا عن مدرسة الديوان اعتبر فيه العقاد أول الشعر الحديث وأنه شخصيا آخر
تلك السلالة، رافضا في الوقت نفسه كل تراث الشعر الحر المكتوب بالعربية
مهما كان كاتبه، لذلك فإن ورقته ـ في ظني ورغم عنفها وصلفها ـ لا تستحق
النقاش، السؤال الباقي فقط، هو كيف يظل مثل هذا الرجل عضوا بلجنة الشعر
طيلة هذه السنوات، وكيف يكتب عنه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي العديد من
المقالات معتبرا أنه وجه يستعيد قيمة التقليد في القصيدة العربية.
أما
محمد الهادي الطرابلسي فقد قدم ورقة تحت عنوان 'ثقافة التلاقي في أدب
شوقي' أشار فيها الى تعدد المشارب التكوينية لدى شوقي حتى تبلور برنامجه
التحديثي وتجوهرت في ما يسميه آفاق التلقي لبناء ما نصطلح عليه بثقافة
التلاقي أو ما قد يسمى التنوع الثقافي الخلاق ويضيف الطرابلسي قائلا: سعي
شوقي الى التجديد: من شعر القصيد إلى شعر الأغنية والنشيد مرورا بتجارب
المعارضات والحكايات والمسرحيات مؤمنا بأن لا تغيير في الأوضاع إلا
بالإبداع ولا تحقيق لطرافة إلا بالإضافة، ويوضح الطرابلسي أن ثقافة
التلاقي التي يقصدها اتخذت في آثار شوقي صبغة الرسالة المكتملة، إذا
انتقلت من مستوى المشروع الجاهز إلى وضعية العمل الناجز، وأنها بلغت في
النضج حدا جعل منها مثالا متميزا في الثقافة العربية وفي الثقافات
العالمية الحية، ذلك لأن الشاعر ـ حسب الطرابلسي ـ وسع الدائرة وكسر الطوق
فسما بهمة الإنسان الى فوق، إذ أحدث نقلة نوعية في الكتابة الأدبية.
أما
الدكتور محمد بريري فقدم ورقة حملت عنوان 'التضمينات الثقافية في انتاج
أحمد شوقي، هامش على قراءة لطفي عبدالبديع' ويوضح بريري أن عنوان الدراسة
ينصرف إلى الثقافة بمعناها الأنثرويولوجي الذي يتوجه إلى الوعي الجمعي
بأكثر مما يتوجه إلى ثقافة الفرد، كما هو الشأن في هذه الدراسة المقترحة
التي تهدف إلى النظر في مادة انتجها فرد معين في سياق تاريخي محدد، ويقول
بريري: أنه إذا كان ثمة صلة بين انتاج شوقي الذي انظر فيه الوعي الثقافي
العام فإنها صلة تنحصر ـ غالبا ـ في الموقف النقدي من هذا الوعي كما تضمنه
خطاب شوقي في حالات محددة، وبأسلوب غير مباشر يتجاوز غالبا نوايا شوقي
نفسه.
شوقي بين المسرح والغناء
كذلك حفل الكتاب بعدد من الدراسات والأوراق التي تناولت مسرح شوقي حيث
قدم الدكتور أحمد عثمان ورقة بعنوان مسرحية 'مصرع كليوباترا مالها وما عليها'.
ويبدأ
عثمان ورقته بالإقرار بأن شوقي هو مؤسس الشعر المسرحي في اللغة العربية،
حيث لم يعرف العرب القدامى فن المسرح ولم يترجموا الشعر المسرحي الإغريقي،
لأنهم كانوا يرون أن الشعر غير قابل للترجمة، ولم يمارسوا فن العرض
المسرحي ولذا لم يستوعبوا التجربة الإغريقية المسرحية. ويرى عثمان أن
مسرحية 'مصرع كليوباترا تحتل أهمية خاصة باعتبارها أنضج أعمال شوقي وكذلك
تستمد أهميتها من التاريخ القومي المتصل دوما بحضارات الشعوب الأخرى ولا
سيما شعوب البحر المتوسط، فكليوباترا ملكة مصرية ذات أصول إغريقية وقع في
حبها قياصرة روما وأبطالها الذين بنوا الإمبراطورية الرومانية وسيطروا على
كل العالم.
ويرى عثمان أن ظهور مسرحية مصرع كليوباترا في عشرينيات
القرن الماضي يسجل لأحمد شوقي سبقا وفضلا وريادة لا مراء حولها ولا جدل في
أحقيته أن يتبوأ مركز الصدارة في تأسيس الشعر المسرحي، الذي لم يحقق سوى
خطوات يسيرة من بعده.
أما الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة فقدم ورقة
بعنوان 'قراءة جديدة في مسرحية 'مجنون ليلى' لأمير الشعراء، تناول في
بدايتها جانبا من حياة شوقي واتصاله بالقصر ثم ابتعاثه الى فرنسا.
ويرى
أبو سنة أن شوقي كشف في تلك المسرحية عن هويته الخاصة التي تتجلى في
المناجاة ويؤدي الحوار الدرامي ـ حسب أبي سنة ـ إلى تنامي الحركة
التاريخية الدرامية حيث تبنى الكثير من الأحداث حتى مشهد وادي عبقر، ويرى
أن العنصر الأساسي في هذه الوحدة الدرامية فهي شعر أحمد شوقي الذي يتراسل
بتناغم مدهش مع شعر قيس، وفي الإجمالي يرى أبو سنة أن مسرحية 'مجنون ليلى'
برهان ساطع على مقدرة شوقي الشعرية والدرامية، ويقول اننا نلحظ في بنائها
تأثر شوقي بالمسرح الغربي في تجلياته ونصوصه الكلاسيكية والرومانتيكية،
ويردف: انه إذا كان من الممكن إضافة هذه المسرحية الى ديوان الغزل العربي
فهي لم تكن مجرد فاتحة رائدة للمسرح الشعري في ادبنا وشعرنا الحديث بل
كانت رائعة من روائع المسرح، وما فعله شوقي في مسرحه الشعري كان تأسيسا
نابضا بالجمال والفن لجانب ركين من جوانب النهضة الأدبية والوطنية
والشعرية والمسرحية في العصر الحديث.
أما الدكتور هناء عبدالفتاح أستاذ
الدراما فقدم ورقة تحت عنوان 'شوقي بين الدراما المسرحية والأوبريت
الغنائي' ويتناول البحث ـ حسب الورقة المقدمة ـ قضية نقدية قال انها
جوهرية، تدور حول ما إذا كانت مسرحيات شوقي الشعرية تصلح أن تكون مادة
درامية مسرحية، يجوز أن تقيم ـ على مستوى النقد ـ باعتبارها إبداعات
مسرحية تتحقق فيها شروط العرض المسرحي، فضلا عن كونها رافدا أساسيا من
روافد مسرحنا الشعري المصري والعربي، أم أنها لا تصلح أن تكون.
شوقي وحافظ ومسيرة للإمارة
تضمنت
الدراسات التي قدمها الكتاب ثلاث قراءات لا أكثر كما سبق أن أسلفنا عن
حافظ وشوقي وذلك من جملة ثمانية عشر بحثا وهو ما يوضح حجم الظلم الذي تعرض
له حافظ إبراهيم وشعره.
كانت الورقة الأولى مقدمة من الدكتور محمد
عبدالمطلب تحت عنوان 'شوقي وحافظ في مرآة النقد'، يقول الناقد في بداية
ورقته ان الشعرية العربية سارت في تاريخها الطويل معتمدة أربع ركائز
أساسية هي: الموسيقى العروضية، واللغة، والخيال، والمعنى، وقد حافظت كل
مرحلة من مراحلها على هذه الركائز، ومعظم مغامرتها التجديدية كانت في
إعادة ترتيبها حسب عقيدتها الإبداعية.
ويضيف أن المدرسة الإحيائية جاءت
فحافظت على هذه الرباعية مفهوما وترتيبا، بوصفها المنطقة التي يصلح أن
تبدأ منها تجديد الشعر العربي، واستعادة مكانته التي كان يحتلها بوصفه
ديوان العرب.
ويقول عبدالمطلب: الحق أن شوقيا وحافظا قد استقبلا
تراثهما الشعري بكثير من المحبة والاحترام لكنهما لم يذوبا تماما، بل كان
لكل منهما إضافته التي أكسبته خصوصية في مسيرة الشعر العربي عموما وشعر
الإحيائيين على وجه الخصوص، ويردف أن شوقي كانت إجراءاته التجديدية وليدة
ثقافة واسعة في التراث العربي من ناحية، والثقافة الغربية من ناحية أخرى،
ومن ثم جاء تجديده إضافة غير مسبوقة، وبخاصة في شعره للأطفال والشعر
المسرحي، فضلا عن إضافته في الشعر التاريخي والسياسي.
غير أن عبدالمطلب
يرى أن تجديد حافظ لم يكن على هذا النحو، إذ أن مخزونه الثقافي كان محدودا
بحدود الثقافة العربية، دون أثر يعتد به من الثقافة الغربية، ومن ثم انحصر
تجديده في الشعر السياسي والاجتماعي الذي كان مرآة صادقة لآمال وآلام أمته
ومن الممكن النظر في رثائياته بوصفها نوعا من التجديد، إذا ارتفع بالرثاء
من الفردية إلى الجماعية والتحمت فيه ذاته بذات من يرثيه، وذات كارثة.
أما
يوسف بكار فقدم ورقة تحت عنوان 'الجواهري بين شوقي وحافظ' أكد فيها على ما
يربط الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري بمصر عامة، وبعدد من
أعلامها الكبار بخاصة، لا سيما طه حسين الذي كان ذا فضل عليه.
ويردف
بكار أنه يبدو من بعض أقوال الجواهري ومن شعره أنه كان من المعجبين
بالشاعرين شوقي وحافظ، وأنه قرأ شعرهما جيدا وتمثله كعادته في تمثل أشعار
الأثيرين عنده من الشعراء القدامى كالبحتري وأبي تمام والمتنبي والمعري
وغيرهم.
ويضيف بكار: أنه كان من مخرجات اهتمام الجوهري بشوقي وحافظ ومن
تأثره الجلي بهما تأسيسه قصيدة في رثاء حافظ على قصيدة لحافظ نفسه، ويردف:
انه من تأثره الخفي أحيانا أنه كان يعمد إلى المناقلة الأدبية بين الموضوع
والموضوع والقصيدة والقصيدة والبيت والبيت في تناصية فنية دقيقة بارعة لا
يروغ عن العارف بشعره وشعر شوقي وحافظ ناهيك باعترافه بقيمتها وقدرهما في
تاريخ الشعر العربي الحديث كما يتبدى من رثائه لهما رثاء لا بكاء فيه ولا
نواح، بل هو أقرب إلى المدح والثناء.
أما الورقة الأخيرة في هذا السياق
فكانت للدكتور يوسف نوفل تحت عنوان 'شوقي وحافظ ومسيرة ديوان الشعر العربي
الحديث'، رصد نوفل الطبعات المختلفة التي صدرت من أعمال كل من شوقي وحافظ
ويقول: تنوع ما صدر من دواوين الشعر منذ بداية الطباعة بين دواوين التضمين
والتشطير، والتخميس، أو المخمسات والتشبيع، والتعشير، والأراجيز، وهي
مرحلة الهزال والضعف في الشعر ثم ظهر الديوان الذي هو صورة من ذات الشاعر
فكرا ووجدانا وذلك حين تطور إلى الديوان الشعري الحديث على نحو ما ظهر في
دواوين الشعراء منذ عصر النهضة'.
25/10/2008
'العقاد وشوقي، موقف وتاريخ' كشف فيها عن وثيقة تؤكد تراجع العقاد عن
موقفه من شوقي وهي كلمة ألقاها فيا لاحتفال بذكرى شوقي في العام 1957،
عندما كان مقررا للجنة الشعر بالمجلس الأعلى للفنون والآداب، ونشرت أيضا
بمجلة الهلال آنذاك. وقد نشر الكتاب الصادر بأبحاث المؤتمر صورة
زنكوغرافية لكلمة العقاد، ويقول في ختامها: 'لقد وجد شعر النماذج في شوقي
رسوله المبين، بل خاتم رسله أجمعين، فأبطاله في الممدوحين والمرثيين طراز
في مراتب المجد التي يرتضيها السمت والهيبة، وفضائل الأخلاق في قصائده هي
الفضائل التي اصطلح عليها العرف وتتابعت بها معايير الحمد والثناء، وعواطف
الإنسان هي العواطف التي رسمتها لنا تقاليد الزمن في أحوال المحبين أو
الطامحين، أو آداب الآباء والبنين، وأيته فيما عرض له في ذلك كله ـ تلك
قدرته البارعة في تجويد الصناعة التي تفوقها قدرة في عصره، ونكاد نقول في
عصور الأقدمين والمحدثين.
ومهما تتعدد الآراء والأذواق في النظر إلى
شعر النماذج، فلابد له في صفحة باقية في كل أدب وكل لغة، وصفحته الباقية
في اللغة العربية مقرونة باسم شوقي في الأدب الحديث، يجدد ذكراها وتجدد
ذكراه، ويقوم عليها حقه في البقاء، ويتردد حولها صوته وصداه'.
أما
الورقة التي قدمها عبداللطيف عبدالحليم حول شوقي فهي تنهج منهج العقاد،
باعتباره واحدا من أتباعه تحت وطأة اعتقاده بأن سليل مدرسة الديوان وأنه
آخر أعلامها، فالرجل أكاديمي يكتب شعرا مرذولا من فرط ما يغلب عليه من
طبيعة النظم بوعي يسرف في قدامته واستسلامه لعسف التقليد وأسره، وقد أصدر
كتابا عن مدرسة الديوان اعتبر فيه العقاد أول الشعر الحديث وأنه شخصيا آخر
تلك السلالة، رافضا في الوقت نفسه كل تراث الشعر الحر المكتوب بالعربية
مهما كان كاتبه، لذلك فإن ورقته ـ في ظني ورغم عنفها وصلفها ـ لا تستحق
النقاش، السؤال الباقي فقط، هو كيف يظل مثل هذا الرجل عضوا بلجنة الشعر
طيلة هذه السنوات، وكيف يكتب عنه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي العديد من
المقالات معتبرا أنه وجه يستعيد قيمة التقليد في القصيدة العربية.
أما
محمد الهادي الطرابلسي فقد قدم ورقة تحت عنوان 'ثقافة التلاقي في أدب
شوقي' أشار فيها الى تعدد المشارب التكوينية لدى شوقي حتى تبلور برنامجه
التحديثي وتجوهرت في ما يسميه آفاق التلقي لبناء ما نصطلح عليه بثقافة
التلاقي أو ما قد يسمى التنوع الثقافي الخلاق ويضيف الطرابلسي قائلا: سعي
شوقي الى التجديد: من شعر القصيد إلى شعر الأغنية والنشيد مرورا بتجارب
المعارضات والحكايات والمسرحيات مؤمنا بأن لا تغيير في الأوضاع إلا
بالإبداع ولا تحقيق لطرافة إلا بالإضافة، ويوضح الطرابلسي أن ثقافة
التلاقي التي يقصدها اتخذت في آثار شوقي صبغة الرسالة المكتملة، إذا
انتقلت من مستوى المشروع الجاهز إلى وضعية العمل الناجز، وأنها بلغت في
النضج حدا جعل منها مثالا متميزا في الثقافة العربية وفي الثقافات
العالمية الحية، ذلك لأن الشاعر ـ حسب الطرابلسي ـ وسع الدائرة وكسر الطوق
فسما بهمة الإنسان الى فوق، إذ أحدث نقلة نوعية في الكتابة الأدبية.
أما
الدكتور محمد بريري فقدم ورقة حملت عنوان 'التضمينات الثقافية في انتاج
أحمد شوقي، هامش على قراءة لطفي عبدالبديع' ويوضح بريري أن عنوان الدراسة
ينصرف إلى الثقافة بمعناها الأنثرويولوجي الذي يتوجه إلى الوعي الجمعي
بأكثر مما يتوجه إلى ثقافة الفرد، كما هو الشأن في هذه الدراسة المقترحة
التي تهدف إلى النظر في مادة انتجها فرد معين في سياق تاريخي محدد، ويقول
بريري: أنه إذا كان ثمة صلة بين انتاج شوقي الذي انظر فيه الوعي الثقافي
العام فإنها صلة تنحصر ـ غالبا ـ في الموقف النقدي من هذا الوعي كما تضمنه
خطاب شوقي في حالات محددة، وبأسلوب غير مباشر يتجاوز غالبا نوايا شوقي
نفسه.
شوقي بين المسرح والغناء
كذلك حفل الكتاب بعدد من الدراسات والأوراق التي تناولت مسرح شوقي حيث
قدم الدكتور أحمد عثمان ورقة بعنوان مسرحية 'مصرع كليوباترا مالها وما عليها'.
ويبدأ
عثمان ورقته بالإقرار بأن شوقي هو مؤسس الشعر المسرحي في اللغة العربية،
حيث لم يعرف العرب القدامى فن المسرح ولم يترجموا الشعر المسرحي الإغريقي،
لأنهم كانوا يرون أن الشعر غير قابل للترجمة، ولم يمارسوا فن العرض
المسرحي ولذا لم يستوعبوا التجربة الإغريقية المسرحية. ويرى عثمان أن
مسرحية 'مصرع كليوباترا تحتل أهمية خاصة باعتبارها أنضج أعمال شوقي وكذلك
تستمد أهميتها من التاريخ القومي المتصل دوما بحضارات الشعوب الأخرى ولا
سيما شعوب البحر المتوسط، فكليوباترا ملكة مصرية ذات أصول إغريقية وقع في
حبها قياصرة روما وأبطالها الذين بنوا الإمبراطورية الرومانية وسيطروا على
كل العالم.
ويرى عثمان أن ظهور مسرحية مصرع كليوباترا في عشرينيات
القرن الماضي يسجل لأحمد شوقي سبقا وفضلا وريادة لا مراء حولها ولا جدل في
أحقيته أن يتبوأ مركز الصدارة في تأسيس الشعر المسرحي، الذي لم يحقق سوى
خطوات يسيرة من بعده.
أما الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة فقدم ورقة
بعنوان 'قراءة جديدة في مسرحية 'مجنون ليلى' لأمير الشعراء، تناول في
بدايتها جانبا من حياة شوقي واتصاله بالقصر ثم ابتعاثه الى فرنسا.
ويرى
أبو سنة أن شوقي كشف في تلك المسرحية عن هويته الخاصة التي تتجلى في
المناجاة ويؤدي الحوار الدرامي ـ حسب أبي سنة ـ إلى تنامي الحركة
التاريخية الدرامية حيث تبنى الكثير من الأحداث حتى مشهد وادي عبقر، ويرى
أن العنصر الأساسي في هذه الوحدة الدرامية فهي شعر أحمد شوقي الذي يتراسل
بتناغم مدهش مع شعر قيس، وفي الإجمالي يرى أبو سنة أن مسرحية 'مجنون ليلى'
برهان ساطع على مقدرة شوقي الشعرية والدرامية، ويقول اننا نلحظ في بنائها
تأثر شوقي بالمسرح الغربي في تجلياته ونصوصه الكلاسيكية والرومانتيكية،
ويردف: انه إذا كان من الممكن إضافة هذه المسرحية الى ديوان الغزل العربي
فهي لم تكن مجرد فاتحة رائدة للمسرح الشعري في ادبنا وشعرنا الحديث بل
كانت رائعة من روائع المسرح، وما فعله شوقي في مسرحه الشعري كان تأسيسا
نابضا بالجمال والفن لجانب ركين من جوانب النهضة الأدبية والوطنية
والشعرية والمسرحية في العصر الحديث.
أما الدكتور هناء عبدالفتاح أستاذ
الدراما فقدم ورقة تحت عنوان 'شوقي بين الدراما المسرحية والأوبريت
الغنائي' ويتناول البحث ـ حسب الورقة المقدمة ـ قضية نقدية قال انها
جوهرية، تدور حول ما إذا كانت مسرحيات شوقي الشعرية تصلح أن تكون مادة
درامية مسرحية، يجوز أن تقيم ـ على مستوى النقد ـ باعتبارها إبداعات
مسرحية تتحقق فيها شروط العرض المسرحي، فضلا عن كونها رافدا أساسيا من
روافد مسرحنا الشعري المصري والعربي، أم أنها لا تصلح أن تكون.
شوقي وحافظ ومسيرة للإمارة
تضمنت
الدراسات التي قدمها الكتاب ثلاث قراءات لا أكثر كما سبق أن أسلفنا عن
حافظ وشوقي وذلك من جملة ثمانية عشر بحثا وهو ما يوضح حجم الظلم الذي تعرض
له حافظ إبراهيم وشعره.
كانت الورقة الأولى مقدمة من الدكتور محمد
عبدالمطلب تحت عنوان 'شوقي وحافظ في مرآة النقد'، يقول الناقد في بداية
ورقته ان الشعرية العربية سارت في تاريخها الطويل معتمدة أربع ركائز
أساسية هي: الموسيقى العروضية، واللغة، والخيال، والمعنى، وقد حافظت كل
مرحلة من مراحلها على هذه الركائز، ومعظم مغامرتها التجديدية كانت في
إعادة ترتيبها حسب عقيدتها الإبداعية.
ويضيف أن المدرسة الإحيائية جاءت
فحافظت على هذه الرباعية مفهوما وترتيبا، بوصفها المنطقة التي يصلح أن
تبدأ منها تجديد الشعر العربي، واستعادة مكانته التي كان يحتلها بوصفه
ديوان العرب.
ويقول عبدالمطلب: الحق أن شوقيا وحافظا قد استقبلا
تراثهما الشعري بكثير من المحبة والاحترام لكنهما لم يذوبا تماما، بل كان
لكل منهما إضافته التي أكسبته خصوصية في مسيرة الشعر العربي عموما وشعر
الإحيائيين على وجه الخصوص، ويردف أن شوقي كانت إجراءاته التجديدية وليدة
ثقافة واسعة في التراث العربي من ناحية، والثقافة الغربية من ناحية أخرى،
ومن ثم جاء تجديده إضافة غير مسبوقة، وبخاصة في شعره للأطفال والشعر
المسرحي، فضلا عن إضافته في الشعر التاريخي والسياسي.
غير أن عبدالمطلب
يرى أن تجديد حافظ لم يكن على هذا النحو، إذ أن مخزونه الثقافي كان محدودا
بحدود الثقافة العربية، دون أثر يعتد به من الثقافة الغربية، ومن ثم انحصر
تجديده في الشعر السياسي والاجتماعي الذي كان مرآة صادقة لآمال وآلام أمته
ومن الممكن النظر في رثائياته بوصفها نوعا من التجديد، إذا ارتفع بالرثاء
من الفردية إلى الجماعية والتحمت فيه ذاته بذات من يرثيه، وذات كارثة.
أما
يوسف بكار فقدم ورقة تحت عنوان 'الجواهري بين شوقي وحافظ' أكد فيها على ما
يربط الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري بمصر عامة، وبعدد من
أعلامها الكبار بخاصة، لا سيما طه حسين الذي كان ذا فضل عليه.
ويردف
بكار أنه يبدو من بعض أقوال الجواهري ومن شعره أنه كان من المعجبين
بالشاعرين شوقي وحافظ، وأنه قرأ شعرهما جيدا وتمثله كعادته في تمثل أشعار
الأثيرين عنده من الشعراء القدامى كالبحتري وأبي تمام والمتنبي والمعري
وغيرهم.
ويضيف بكار: أنه كان من مخرجات اهتمام الجوهري بشوقي وحافظ ومن
تأثره الجلي بهما تأسيسه قصيدة في رثاء حافظ على قصيدة لحافظ نفسه، ويردف:
انه من تأثره الخفي أحيانا أنه كان يعمد إلى المناقلة الأدبية بين الموضوع
والموضوع والقصيدة والقصيدة والبيت والبيت في تناصية فنية دقيقة بارعة لا
يروغ عن العارف بشعره وشعر شوقي وحافظ ناهيك باعترافه بقيمتها وقدرهما في
تاريخ الشعر العربي الحديث كما يتبدى من رثائه لهما رثاء لا بكاء فيه ولا
نواح، بل هو أقرب إلى المدح والثناء.
أما الورقة الأخيرة في هذا السياق
فكانت للدكتور يوسف نوفل تحت عنوان 'شوقي وحافظ ومسيرة ديوان الشعر العربي
الحديث'، رصد نوفل الطبعات المختلفة التي صدرت من أعمال كل من شوقي وحافظ
ويقول: تنوع ما صدر من دواوين الشعر منذ بداية الطباعة بين دواوين التضمين
والتشطير، والتخميس، أو المخمسات والتشبيع، والتعشير، والأراجيز، وهي
مرحلة الهزال والضعف في الشعر ثم ظهر الديوان الذي هو صورة من ذات الشاعر
فكرا ووجدانا وذلك حين تطور إلى الديوان الشعري الحديث على نحو ما ظهر في
دواوين الشعراء منذ عصر النهضة'.
25/10/2008
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى