أسرار التابوت
صفحة 1 من اصل 1
أسرار التابوت
يقص علينا القرآن الكريم قصة طالوت مع بني إسرائيل بعد موت سيدنا موسي
عليه السلام حيث- قال تعالي- مبينا تمرد بني إسرائيل وجدالهم "ألم تر إلي
الملأ من بني إسرائيل من بعد موسي إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل
في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا ومالنا
ألا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم
القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين" سورة البقرة آية .246
فالملأ والجماعة من بني إسرائيل من بعد موت موسي عليه السلام قالوا
لنبي لهم وهو شمويل "ابعث لنا ملكا" أي أقم ملكا نقاتل معه في سبيل الله
حتي تنتظم به كلمتنا ونرجع إليه في أمورنا فقال لهم شمويل "هل عسيتم أن
كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا" وقد عزموا علي القتال أنهم اخرجوا من
ديارهم وابنائهم وقد فعل بهم ذلك قوم جالوت "فلما كتب عليهم القتال تولوا
إلا قليلا منهم" وهم الذين عبروا النهر مع طالوت وبالفعل فقد سأل شمويل
ربه ان يرسل إلي بني إسرائيل ملكا فأجابه إلي إرسال طالوت ليتولي أمورهم.
ولما أرسل الله طالوت إلي بني إسرائيل واستجاب لشمويل نبيهم تمردوا
علي طالوت وعلي نبيهم واعترضوا علي طالوت كيف يكون ملكا عليهم وهم أحق
بالملك ولم يؤت سعة من المال؟ وقد صور القرآن هذا الاعتراض فقال تعالي:
"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أني يكون له الملك
علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم
وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم".
لقد كان طالوت دباغاً أو راعياً ولم يكن نبياً ولكنه كان أعلم بني
إسرائيل وأجملهم وأتمهم خلقا فاختاره الله للملك ولكن بني إسرائيل علي
عادتهم يجادلون ويعترضون فيطلبون من شمويل نبيهم آية صريحة وواضحة تكون
دليلاً علي ملك طالوت يقول تعالي: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم
التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون تحمله
الملائكة".
إن هذا التابوت أو الصندوق كان فيه صور لأنبياء منذ آدم وقد استمر
إليهم فغلبهم العمالقة واخذوه وكانوا يستفتحون به علي عدوهم ويقدمونه في
القتال ويسكنون إليه "فيه سكينة" أي طمأنينة لقلوبكم وكان فيه ايضاً "بقية
مما ترك آل موسي وآل هارون" أي اشياء مما تركوه من آثارهم قيل: بغل موسي
وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم في عصر موسي وبعض
الألواح "تحمله الملائكة" فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون
إليه حتي وضعته عند طالوت ليكون دليلاً وآية علي ملكه فأقروا بملكه
وتسارعوا إلي الجهاد بعد تمرد شديد وجدال طويل.
لقد اختير من ملأ بني إسرائيل ومن شبابهم سبعين ألفاً "فلما فصل
طالوت بالجنود" أي خرج من بيت المقدس وكان الحر شديداً طلبوا منه الماء
"قال إن الله مبتليكم بنهر" أي مختبركم بنهر فيه الماء ليظهر المطيع من
العاصي والكافر من المؤمن وكان بين الأردن وفلسطين أي في أرض الشام "فمن
شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا
منه إلا قليلا منهم" وهذا لا شك اختبار من الله- عز وجل- لهؤلاء ولكنهم
شربوا كثيراً وارتووا ولم يقتصروا علي غرفة اليد التي أمرهم بها طالوت
وبذلك يكونون قد خالفوا أوامر الله وأوامر ملكهم "فلما جاوزه هو والذين
آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" والذين آمنوا مع طالوت
هم الذين اقتصروا علي الغرفة باليد من ماء النهر وكانوا ثلاث مائة وبضعة
عشر رجلا وحينما رأوا جيش جالوت جبنوا وتقاعسوا عن القتال "قال الذين
يظنون أنهم ملاقوا الله" أي الذين يوقنون بالبعث وهم الذين جاوزو معه
البحر وكانوا من صفوة المؤمنين وصفوة من مع طالوت "كم من فئة قليلة غلبت
فئة كثيرة بإذن الله".
ولما برز هؤلاء لجالوت وجنوده أي ظهروا لقتالهم توجهوا إلي الله
بالدعاء قائلين "ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم
الكافرين".
وكانت النتيجة المرجوة والنهاية المتوقعة ألا وهي نصر الله للفئة
القليلة المستضعفة المؤمنة "فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت" وكان في
عسكر طالوت وآتاه الله الملك والحكمة أي النبوة بعد موت شمويل وطالوت
واصبح داود نبياً لبني إسرائيل بعد ذلك.
وهذه القصة فيها دروس وعبر منها علي سبيل الذكر لا الحصر.
1 عدم الانخداع بالناس وكلامهم ولذلك لم ينخدع شمويل نبي بني إسرائيل بطلبهم الجهاد وهو يعلم أنهم غير جادين في طلبهم.
2 مكانة الوطن في قلوب الناس ويتمثل ذلك في قول اليهود وحينما ردوا
علي نبيهم حيث شكك في جدية إقبالهم علي القتال قائلين "ومالنا ألا نقاتل
في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا".
3 من الأمانة ان يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب حيث اصطفي
الله طالوت كملك قوي الجسد قوي العلم وعمل علي تنقية الصف من الجبناء
والمثبطين فكان امتحان النهر ليختار الصابرين الطائعين.
4 الفئة القليلة إذا اعتصمت بالله ظفرت علي اعدائها فالعبرة ليست بالعدد والعتاد ولكن العبرة بالتقوي والايمان والعزيمة والإرادة.
5 التوجه إلي الله بالدعاء لاستكمال النقص وجبر الحاجات.
6 الوقوف في وجه الباطل بكل ما نملك من قوة.
بقلم: مجدي عبدالباسط قراميط
وكيل معهد دمياط الأزهري
عليه السلام حيث- قال تعالي- مبينا تمرد بني إسرائيل وجدالهم "ألم تر إلي
الملأ من بني إسرائيل من بعد موسي إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل
في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا ومالنا
ألا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم
القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين" سورة البقرة آية .246
فالملأ والجماعة من بني إسرائيل من بعد موت موسي عليه السلام قالوا
لنبي لهم وهو شمويل "ابعث لنا ملكا" أي أقم ملكا نقاتل معه في سبيل الله
حتي تنتظم به كلمتنا ونرجع إليه في أمورنا فقال لهم شمويل "هل عسيتم أن
كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا" وقد عزموا علي القتال أنهم اخرجوا من
ديارهم وابنائهم وقد فعل بهم ذلك قوم جالوت "فلما كتب عليهم القتال تولوا
إلا قليلا منهم" وهم الذين عبروا النهر مع طالوت وبالفعل فقد سأل شمويل
ربه ان يرسل إلي بني إسرائيل ملكا فأجابه إلي إرسال طالوت ليتولي أمورهم.
ولما أرسل الله طالوت إلي بني إسرائيل واستجاب لشمويل نبيهم تمردوا
علي طالوت وعلي نبيهم واعترضوا علي طالوت كيف يكون ملكا عليهم وهم أحق
بالملك ولم يؤت سعة من المال؟ وقد صور القرآن هذا الاعتراض فقال تعالي:
"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أني يكون له الملك
علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم
وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم".
لقد كان طالوت دباغاً أو راعياً ولم يكن نبياً ولكنه كان أعلم بني
إسرائيل وأجملهم وأتمهم خلقا فاختاره الله للملك ولكن بني إسرائيل علي
عادتهم يجادلون ويعترضون فيطلبون من شمويل نبيهم آية صريحة وواضحة تكون
دليلاً علي ملك طالوت يقول تعالي: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم
التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون تحمله
الملائكة".
إن هذا التابوت أو الصندوق كان فيه صور لأنبياء منذ آدم وقد استمر
إليهم فغلبهم العمالقة واخذوه وكانوا يستفتحون به علي عدوهم ويقدمونه في
القتال ويسكنون إليه "فيه سكينة" أي طمأنينة لقلوبكم وكان فيه ايضاً "بقية
مما ترك آل موسي وآل هارون" أي اشياء مما تركوه من آثارهم قيل: بغل موسي
وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم في عصر موسي وبعض
الألواح "تحمله الملائكة" فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون
إليه حتي وضعته عند طالوت ليكون دليلاً وآية علي ملكه فأقروا بملكه
وتسارعوا إلي الجهاد بعد تمرد شديد وجدال طويل.
لقد اختير من ملأ بني إسرائيل ومن شبابهم سبعين ألفاً "فلما فصل
طالوت بالجنود" أي خرج من بيت المقدس وكان الحر شديداً طلبوا منه الماء
"قال إن الله مبتليكم بنهر" أي مختبركم بنهر فيه الماء ليظهر المطيع من
العاصي والكافر من المؤمن وكان بين الأردن وفلسطين أي في أرض الشام "فمن
شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا
منه إلا قليلا منهم" وهذا لا شك اختبار من الله- عز وجل- لهؤلاء ولكنهم
شربوا كثيراً وارتووا ولم يقتصروا علي غرفة اليد التي أمرهم بها طالوت
وبذلك يكونون قد خالفوا أوامر الله وأوامر ملكهم "فلما جاوزه هو والذين
آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" والذين آمنوا مع طالوت
هم الذين اقتصروا علي الغرفة باليد من ماء النهر وكانوا ثلاث مائة وبضعة
عشر رجلا وحينما رأوا جيش جالوت جبنوا وتقاعسوا عن القتال "قال الذين
يظنون أنهم ملاقوا الله" أي الذين يوقنون بالبعث وهم الذين جاوزو معه
البحر وكانوا من صفوة المؤمنين وصفوة من مع طالوت "كم من فئة قليلة غلبت
فئة كثيرة بإذن الله".
ولما برز هؤلاء لجالوت وجنوده أي ظهروا لقتالهم توجهوا إلي الله
بالدعاء قائلين "ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم
الكافرين".
وكانت النتيجة المرجوة والنهاية المتوقعة ألا وهي نصر الله للفئة
القليلة المستضعفة المؤمنة "فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت" وكان في
عسكر طالوت وآتاه الله الملك والحكمة أي النبوة بعد موت شمويل وطالوت
واصبح داود نبياً لبني إسرائيل بعد ذلك.
وهذه القصة فيها دروس وعبر منها علي سبيل الذكر لا الحصر.
1 عدم الانخداع بالناس وكلامهم ولذلك لم ينخدع شمويل نبي بني إسرائيل بطلبهم الجهاد وهو يعلم أنهم غير جادين في طلبهم.
2 مكانة الوطن في قلوب الناس ويتمثل ذلك في قول اليهود وحينما ردوا
علي نبيهم حيث شكك في جدية إقبالهم علي القتال قائلين "ومالنا ألا نقاتل
في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا".
3 من الأمانة ان يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب حيث اصطفي
الله طالوت كملك قوي الجسد قوي العلم وعمل علي تنقية الصف من الجبناء
والمثبطين فكان امتحان النهر ليختار الصابرين الطائعين.
4 الفئة القليلة إذا اعتصمت بالله ظفرت علي اعدائها فالعبرة ليست بالعدد والعتاد ولكن العبرة بالتقوي والايمان والعزيمة والإرادة.
5 التوجه إلي الله بالدعاء لاستكمال النقص وجبر الحاجات.
6 الوقوف في وجه الباطل بكل ما نملك من قوة.
بقلم: مجدي عبدالباسط قراميط
وكيل معهد دمياط الأزهري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» للـــــــــــدكّار أسرار
» أسرار الكيبورد
» أسرار العدد 7
» الإبل أسرار وإعجاز
» أسرار خطيرة عن ليلى بن علي
» أسرار الكيبورد
» أسرار العدد 7
» الإبل أسرار وإعجاز
» أسرار خطيرة عن ليلى بن علي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى