صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ما بعد الليبرالية الوحشية/عبد الإله بلقزيز

اذهب الى الأسفل

ما بعد الليبرالية الوحشية/عبد الإله بلقزيز Empty ما بعد الليبرالية الوحشية/عبد الإله بلقزيز

مُساهمة من طرف said الإثنين 17 نوفمبر 2008 - 7:39

يسدّد الانهيار المالي، الأمريكي والعالمي، ضربةً لاعتقاد سخيف تردّد في
مخَايِيلِ بعضِ المُنْدََفِعَةِ- على غير تبيّن أو رَيْث- وراء سراب
الليبرالية الجديدة ومقتضاهُ أن الدولة تُوشِكُ على الختام إذا لم تَكُنِ
انتهت. وهو كان يُطِلّ منذ الحقبة الريغانية، وعلى وَقْع سياسات التحرير
الأعمى للنظام المصرفي، قبل أن يتكرس عقيدة ً إيمانيةً رسمية للرأسمالية
في عهد الليبراليين الجدد الخارجين من رحم لحظة الانفلات الريغاني-
التاتشري للاقتصاد والمال من عِقال الرقابة والنظام وقيود العقلانية
الرأسمالية الكلاسيكية. واقترن وَهْمُ نهاية الدولة، واستقلال دورة
الاقتصاد والمال عنها، بفتوحات العولمة وطفرة النظام المصرفي والسيولة
النقدية (النظرية) الخيالية التي أقامت على «معطياتها» اقتصاداً افتراضياً
لا تشدُّهُ صلةُ إلى إنتاج! وكاد الوهمُ ذاك يأخذ المأخوذين به إلى
التسليم بأن الوظيفة الوحيدة التي تبقَّت للدولة هي حماية الاقتصاد
المستقل عنها من الأعداء الخارجين والتحوّل إلى إدارة عسكرية. وما كان من
باب الصدفة اقتران العولمة والليبرالية الوحشية بتنامي النزعة العسكرية
والجنوح نحو الحرب والانتقال إلى ما بات يُعَرَفُ بظاهرة عسكرة العولمة،
فلقد سعى المحافظون الجدد في إدارة جورج بوش في ترجمة هذه العقيدة من طريق
تظهير الوظيفة الأمنية الحصرية للدولة وتكريس مبدأ القوة العسكرية العمياء
لحماية المصالح التي تسبح خارج محيط الدولة.

يصحو الأمريكيون اليوم، ومعهم القسمُ الأعظم من دول الغرب، على
الحقيقة التي جرّبوا مَحْوَها بالقوة وبالتشديد على الاستقلال التام
للمجال الاقتصادي عن السياسة والدولة، وحياد الدولة الكامل أمام الحياة
الاقتصادية والنشاط المالي والمصرفي والتجاري، واقتصار دورها على حماية
النظام الرأسمالي والحرية الاقتصادية: الاستثمار، المنافسة، حرية السوق.
والحقيقة التي صَحَوا عليها هي المآلات الكارثية التي أدت إليها هذه
النظرة الليبرالية الوحشية إلى الاقتصاد والمال وإلى دور الدولة البوليسي
في حماية رأسمالٍ متفلت من أي ضابط. تقول الكارثة التي حلّت بأمريكا
وأسواق المال في العالم إن الدولة هي الحقيقة الاجتماعية التي تملك قوى
الليبرالية الوحشية أن تتجاوزها، وأن الحلم بنهايتها ليس في حساب الواقع
أكثر من الذهاب إلى انتحار الليبرالية نفسِها! وها هي ليبرالية الاقتصاد
الافتراضي والطفرة الرقمية المزيَّفَة للمال تنتحر في وول ستريت وأخواتها
وتنحر معها ملايين المخدوعين بسياسات الإقراض العقاري، والمكلومين بسياسات
الإعفاء الضريبي للقوى الطفيلية التي تبغي من الدولة أن تحميَ مصالحها حتى
من دون تقديم «أتاواة» شرعية لقاء خدمةٍ عمومية!

هاهي الدولة تتدخّل من أجل إنقاذ البنوك والمصارف المنهارة
والمفلِسة. وهي تفعل ذلك من أموال دافعي الضرائب من المواطنين الذين
داسَتْهم بالأقدام مصالحُ قوى الرأسمال الوحشي في الولايات المتحدة
الأمريكية وأخواتها. إن الأموال الخيالية التي ضَخَّتْها الخزينة
الفيدرالية في السوق المالي الأمريكي، بموافقة الكونغريس، ومثيلاتها في
البنوك المركزية في الاتحاد الأوربي واليابان وكوريا الجنوبية، قرينة على
أن لا مستقبل للنظام الرأسمالي«الحُرّ» خارج منظومةِ دُوَله، وأن الهزيمة
المروِّعة للعولمة في أولّ عشرين عاماً من حياتها يعيد للدولة ككيانٍ
سياسي ولتدخليّتها كوظيفة اقتصادية واجتماعية اعتباراً جرَّبت طوبى
الليبرالية الجديدة مصادرتََهَُ ودفنَه وإهالة التراب على قبره! والمفارقة
أن المحاولة البائسة نفسَها حصلت بعد الحرب العالمية الأولى، وأدَّت بها
أوهامُها إلى كارثة العام 1929 قبل أن تستنجد الرأسمالية الأمريكية
بسياسات الدولة التدخليّة ومبدأ التخطيط بعد طول حربٍ عليها.

يمكن للمرء أن يقول باطمئنان شديد إن ما ذهب إليه الاشتراكيون، منذ
ما يزيد على قرنٍ من الزمان، من تشديدٍ على الصلة بين الاقتصاد والدولة
وعلى الدور الحاسم للدولة في التنمية وفي التخطيط وحماية حقوق المنتخبين
(الطبقات العاملة)، لم يكن ضرباً من الزّيْغ عن قاعدة التنمية. كان
–بالأحرى- ترتيلاً لها وإقراراً بأبجديتها. فعلوا ذلك في روسيا البلشيفية
والصين وشرق أوربا وفي ظنهم أنهم يقيمون الاشتراكية. وفَعَلَ ذلك متأثرون
بهم في مصر الناصرية وعراق البعث وشيلي حكومة الوحدة الشعبية وإيران
مصدَّق وهو يقيمون تجربة التنمية الوطنية. وما أقام الاشتراكيون
اشتراكيةً، لكنهم بنوا رأسمالية دولة ناجحة وقاعدة صناعية متقدمة أخرجتْهم
سريعاً من العصور الوسطى ووضعتهم على خطّ منافسة الغرب الليبرالي: في
صناعته وتِقَانَتِه وقوَّ ته العسكرية والاستراتيجية.

وفي وُسْعِ المرء أن يَشْتُم النظام السياسيّ الكلاَّني
(التوتاليتاري) الذي أقامه لينين وستالين وماوتسي تونغ، لأنه كَبَتَ
الحريات وَمَنَعَ الحزبية وصَادَرَ السياسة وانتهك حقوق الإنسان؛ لكنه لا
يملك تشنيعاً على – ولا هزْءاً بـ- سياسة النيب(السياسة الاقتصادية
الجديدة) اللينينية، أو سياسة التخطيط المركزي الستالينية وسياسة التصنيع
الثقيل وتسخير الموارد الطبيعية والبشرية فيها، أو سياسة التراكم
الرأسمالي في صين ماوتسي تونغ: وخاصة في عهد دينغ كسيا ويينغ، كما لا يملك
قَدْح سياسات توزيع الثروة وحماية الحقوق الاجتماعية للكادحين. لقد أنجز
الاشتراكيون شيئا مذهلاً في التنمية الرأسمالية التي أطلقوا عليها خطأً
اسم التنمية الاشتراكية. وإذا كان لشامتٍ أن يقول: ولماذا انهار الاتحاد
السوفييتي ومعسكره إذن؟ فإن سؤاله يجيب عنه ما كان من استقطاب دولي أرهق
الدولة السوفييتية في سباق تسلّح مع الغرب كلّه بقيادة أمريكا. أما الصين،
التي لم تدخل في ذلك السباق، فاحتفظت بقوتها، وها هي اليوم تحقق أعلى نسبة
إنتاج في تاريخ البشرية.

لم يَبْن الاشتراكيون اشتراكية حلموا بها، وإنما أقاموا رأسمالية
دولة. كانوا وفاءً لمنطق الرأسمالية من الليبرالية، لأنهم حافظوا للدولة
على دورها الطبيعي في التنمية والتخطيط والتدخل لضبط الأسواق والأسعار
وتنظيم الاستثمار وتحصيل الحقوق الضريبية وحماية حقوق الكادحين
والمستهلكين. وكلّما ألَمّتْ بالرأسمالية الليبرالية الوحشية – المعادية
للدولة- ملمّة، لجأت إلى حكمة الاشتراكيين واستنجدت بالدولة.. ولكن «بعد
خراب البصرة» كما يقول

المثل!

حين يسخر الرئيس الفينزويلي هوغوتشافيز من «الرفيق بوش» المنتبه-
متأخِّراً جدّا- إلى دور الدولة الاقتصادي يسخر من الليبرالية الوحشية
برمتها:من طوبويتها التي تأخذ النظام الرأسمالي إلى حتفه، فتسارع الدولة
إلى إنقاذه. ومن المفارقات أن الماركسيين المتهمين برفض الدولة والتمرّد
عليها هم- في النهاية- من يدافعون عنها حين تَتَنَكّر لها

الليبرالية!
المساء :العدد 671 الاحد 16 نونبر 2008
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى