تاج محل : حسن قاسم حبش البجدلي *
صفحة 1 من اصل 1
تاج محل : حسن قاسم حبش البجدلي *
لقد
امتاز عصر الأباطرة «أكبر ، جهانكير، شاه جهان، أورنك زيب، بازدهار فن
العمارة، وسائر الفنون في شبه الجزيرة الهندية، وكانت العاصمة أكرا ثم فتح
بورسيكري ثم لاهور ثم شبه جزيرة «دلهي» وامتازت العمارة الهندية الاسلامية
بالأضرحة الضخمة وأشهرها «تاج محل» الذي يعتبر بناؤه ذروة فن العمارة
الاسلامية الهندية. ولاشك أن أبدع منشأة، وربما في كل العصور هي منشأة
«تاج محل» ويعتبر المبنى ثمرة من ثمرات شجرة الفن المعماري الاسلامي
البعيدة الجذور، وقد شيده الامبراطور شاه جهان «1593 ـ 1666 م في أكرا في
الفترة 1058/1039 هـ ـ 1648/1630 م» وأنفق على ما يقال ستين مليونا من
المال في سبيل إنشاء ذلك الآثر العظيم، والضريح الذي أقامه شاه جهان أصبح
رمزا للحب والوفاء، وتخليدا لذكرى زوجته الجميلة الشابة «ارجمند بانو»
الملقبة بـ «ممتاز محل» التي تغير اسمها وأصبح «تاج محل».
لقد كان
الفتاة «شاه جهان» تعاني من سكرات الموت، طلبت الى زوجها ان يحقق لها بعد
موتها أمنيتين: الاولى ان لا يتزوج كي يحول دون تنازع الاولاد على وراثة
العرش، والثانية أن يقيم فوق قبرها بناء تتغنى بعظمته الركبان. وعندما
توفيت ممتازت محل الشابة زوجة شاه جهان، دفنت في قبر عادي مؤقت في «برهان
بور» على ضفة نهير التابني.. وبلغ اليأس والحزن بالامبراطور بعد وفاة
زوجته مبلغا جعله عاجزا عن إدارة شؤون بلاده، فولى عرشه ابنه البكر بضعة
شهور عاد بعدها الى تسلم الصولجان من جديد، وقد خفت آلامه وما يعانيه .
وأقسم الامبراطور على عدم الزواج فوفى بذلك الوعد الذي قطعه لزوجته
الراحلة. أما الوعد الآخر، وهو بناء القبر العظيم فقد كان من الصعب إن لم
نقل من المستحيل تحقيقه، وذات يوم عزم على تخليد ذكرى المرأة التي باذلته
حبا بحب، والتي لم تمت في أعماقه، ولم تغب عن عينيه ومخيلته ثانية واحدة..
أراد أن يخلدها التاريخ وأن يجعل من مزارها تاجا فنيا يليق بها، ويحج إليه
الملأ أجمعين.
وذات ليلة رأى الامبراطور في منامه ملاكا يشير الى بناية
رائعة ذات جمال يعجز عن الوصف.. وقال له الملاك أن: أبدأ ببناء مثلها
ولسوف يعينك الله.. واستيقظ الملك فشكر الله على نعمه وفي الصباح استدعى
رئيس وزرائه وأمره أن يستدعي جميع مهندسي الامبراطورية المشهورين وبنائيها
المهرة، فحضروا جميعا وعرض عليهم فكرة البناء لكنهم أجابوا أنها مستحيلة
التحقيق... وجاءه ذات يوم بناء شاب مغمور الشهرة اسمه «يوسف» وطلب مقابلة
الامبراطور ولما مثل بين يديه قال له: إن فكرة مولاي ممكنة التحقيق شرط أن
يسمح لي أولا أن أتناول من الخزينة المبالغ التي أريد، وثانيا يدل صاحب
الجلالة على الموقع الذي رأى فيه البناء في منامه، فوافق الامبراطور
العظيم في منامه. وبينما المركب في وسيط النهر راح يوسف يقذف بالأكياس
الملأى بالقطع الذهبية الواحد تلو الآخر على مرأى من الامبراطو ر ومرافقيه
حتى أتى عليها كلها. وعندما بلغوا الضفة الاخرى أشار «شاه جهان» الى
المكان الذي رأى فيه البناء، فانحنى يوسف باحترام وقال: يوسف يقوم البناء
هنا وفق رغبة مولانا، وإن عملا كهذا يتطلب ما لا يحصى من أموال وسنوات
عديدة من الجهد والمثابرة.. وإنما ألقت بالذهب في النهر لاختبر جلالة
الامبراطور.. فضحك الامبراطور عندما سمع هذا القول أجاب: إنني أملك ملايين
الأكياس من الذهب.. ولا يهمني ما ينفق منه..
وخلال العامين التاليين
دعا مهندسي الشرق الى التسابق في وضع رسمه، وحمل أقصى البلاد على جلب أغلى
الحجارة، وأعزها رفعة، وبدأ المهندسون يرسمون خطة روضة «ممتاز محل»
ويتأنقون في تصميمها حتى تكون قصرا وروضة في آن واحد. وأصبحت الاستعدادات
على أتمها للمباشرة ببناء التحفة المعمارية والأثر الاسلامي الخالد
المعروف بتاج محل. ولقد عمل في بنائه 20 ألف عامل، كما عمل أقدر الفناين
والمهندسين والبنائين بالعشرات مدة ثمانية عشر عاما على تحقيق فكرة الملك
شاه جهان، حتى نهاية عام 1648م، والملك المفجوع يتجول ليلا ونهارا في
حدائق التاج محل بين ألواح المرمر البيضاوي، التي جلبت من شتى أنحاء
البلاد حتى تغلف البناء من الداخل والخارج..
وراح يوسف يعمل في البناء،
مات الامبراطور خلالها، وعندما اكتمل البناء نقل ابنه الاصغر «أورنك زيب»
رفاة الامبراطور ورفاة الامبراطورة إليه.. وبهذا يكون قد انتهى البناء في
عهد أورنك زيب «1200/1079 هـ» «1707/1668 م» الذي اغتصب الملك من أخوته
الثلاثة الكبار، بعد أن قتلهم وأباد جيوشهم. وهكذا استطاع الامبراطور «شاه
جهان» أن يحقق مشيئة زوجته في ذلك البناء الضخم الذي يعد إحدى عجائب
الدنيا السبع، والذي لايزال رمزا للحب الزوجي الخالد، أما المشيئة الاخرى
وهي تلافي الخلاف بين اولاده فإنه لم يستطع تحقيقها لزوجته. وعندما نصل
الى روضة تاج محل نجد أنفسنا أمام عمل هندسي رائع يقوم على فكرة الروضة
قبرا وقصرا في آن واحد، وإذا كان عقله الواعي قد جعلها مسجدا لله فقد
جعلها عقله غير الواعي قصرا للمتوفى.. والتاج نفسه عبارة عن بناء مربع
مؤلف من طابقين بارزين، تعلوها خمس قباب، قبة رئيسية في الوسط، أربع صغار
في أطرافه الاربعة، وأما الشرفات والابواب الخارجية فجميعها من المرمر
الصافي المنحوت بذوق وأناقة نحتا دقيقا. وفي كل زاوية من زوايا سورو التاج
محل المربع توجد مئذنة هيفاء، بهية الطلعة، بديعة التكوين لتذكر الزوار
بالله، الخالق الجبار الذي يحيي من يشاء ويميت من يشاء فإن الجزء الرئيسي
من المبنى، وهو الذي يقوم فيه قبة «ممتاز محل المسجد» وما يعرف بقاعة
الزوار، إنما هو في الحقيقة بيت صلاة ومسجد قسم الى دواوين ثلاثة. تبلغ
مساحة الديوان 192X64 قدما وهذه العمارة شامخة فخمة. في جدارها الغربي
رواق ذي ثلاثة محاريب، يوضع فيه عرش الدولة عند المحاكمات، وهو تخت من
الرخام، ومقابل هذا العرش يجلس الوزراء على الجانبين، وقد بنى شاه جهان
«ديوان خاص» من الرخام أيضا.. وهو يتجلى بكمال التزيين وغاية الزخرفة، وفي
مدينة أكرا أقام شاه جهان مسجدا بالغ الجمال، أطلق عليه اسم «مسجد لؤلؤة».
يقوم تاج محل في نهاية حدائق رائعة مستطيلة تتخللها صفحة مياه في بحيرة
طويلة محاطة بالسرو، و من خلفه مباشرة يبدو نهر جمنه، وقد كسى بالمرمر
الناصع اللامع، الذي ولع شاه جهان في فترة حكمه من سنة 1076/1037 هـ ـ
1627 ـ 1666م بالرخام. فحول العمارات المبنية بالحجر الاحمر الى بنايات من
الرخام أيضا، بعد ان هدم الديوان العام الذي شيد في عهد أكبر «1». وقد
أضفى على مدينة أكرا بطوره حللها، وذلك ببناء ضريح لزوجته «ممتاز محل».
أما شكل القبة وأمالة الاركان وهيئة الابراج الاربعة والتفاصيل المعمارية
والزخرفية داخل الضريح، فعليها كلها الطابع الهندي الواضح. ولهذا الضريح
التذكاري قبة عالية تحتها قبران، واحد للزوجة وواحد للزوجة وواحد للزوج
يحيط بالقبرين حاجز من المرمر الابيض. واحد للزوجة وواحد للزوج يحيط
بالقبرين حاجز من المرمر الابيض، نقشت فيه الزخارف نقشا رائعا بطريقة
التخريم الدقيق حتى ليبدو وكأنه من المدبج «الدانتيلا».. وتنهض في واجهة
البناء بوابة عالية محلاة بالمقرنصات، على طرفيها طابقان من الحنيات،
وتعلو الكتلة المثمنة قبة بصلية تحيط بهاج واسق كما تنهض في أركان السطح
الذي يقوم عليه بناء المدفن. أربع مآذن مخروطية منعزلة عن البناء. ويشغل
الضريح أرضا مساحتها 186X186 قدما كلها من الرخام الابيض الناصع، ويتصل به
مسجد صغير لطيف الشكل. والضريح في مجموعه يوحي بعبقرية بانيه، حيث يسود
الانسجام والتناسيق في الابعاد ويبدو الطابع الهندي في الركان ومحيط القبة
والأبراج والمآذن الاربع. يقول الدكتور زكي محمد حسن الصفحة 129 «ومن
العجيب أن في هذا الضريح دقة في النسب المعمارية ومجالا في العناصر،
وفخامة في المظهر مما جعل بعض مؤرخي الفن من الأوربيين يظنون أن الذي أشرف
على تصميمه وبنائه مهندسي أوربي.. كان التوفيق الى مثل هذا النجاح
المعماري وقف على الاوربيين، وحسبنا من الرحالة الالماني «ألبرت مندلزلو»
اللذي زار الهند سنة 638 م أنه أعجب بمدينة أكرا أشد الإعجاب.
* باحث من العراق
2008/6/12
امتاز عصر الأباطرة «أكبر ، جهانكير، شاه جهان، أورنك زيب، بازدهار فن
العمارة، وسائر الفنون في شبه الجزيرة الهندية، وكانت العاصمة أكرا ثم فتح
بورسيكري ثم لاهور ثم شبه جزيرة «دلهي» وامتازت العمارة الهندية الاسلامية
بالأضرحة الضخمة وأشهرها «تاج محل» الذي يعتبر بناؤه ذروة فن العمارة
الاسلامية الهندية. ولاشك أن أبدع منشأة، وربما في كل العصور هي منشأة
«تاج محل» ويعتبر المبنى ثمرة من ثمرات شجرة الفن المعماري الاسلامي
البعيدة الجذور، وقد شيده الامبراطور شاه جهان «1593 ـ 1666 م في أكرا في
الفترة 1058/1039 هـ ـ 1648/1630 م» وأنفق على ما يقال ستين مليونا من
المال في سبيل إنشاء ذلك الآثر العظيم، والضريح الذي أقامه شاه جهان أصبح
رمزا للحب والوفاء، وتخليدا لذكرى زوجته الجميلة الشابة «ارجمند بانو»
الملقبة بـ «ممتاز محل» التي تغير اسمها وأصبح «تاج محل».
لقد كان
الفتاة «شاه جهان» تعاني من سكرات الموت، طلبت الى زوجها ان يحقق لها بعد
موتها أمنيتين: الاولى ان لا يتزوج كي يحول دون تنازع الاولاد على وراثة
العرش، والثانية أن يقيم فوق قبرها بناء تتغنى بعظمته الركبان. وعندما
توفيت ممتازت محل الشابة زوجة شاه جهان، دفنت في قبر عادي مؤقت في «برهان
بور» على ضفة نهير التابني.. وبلغ اليأس والحزن بالامبراطور بعد وفاة
زوجته مبلغا جعله عاجزا عن إدارة شؤون بلاده، فولى عرشه ابنه البكر بضعة
شهور عاد بعدها الى تسلم الصولجان من جديد، وقد خفت آلامه وما يعانيه .
وأقسم الامبراطور على عدم الزواج فوفى بذلك الوعد الذي قطعه لزوجته
الراحلة. أما الوعد الآخر، وهو بناء القبر العظيم فقد كان من الصعب إن لم
نقل من المستحيل تحقيقه، وذات يوم عزم على تخليد ذكرى المرأة التي باذلته
حبا بحب، والتي لم تمت في أعماقه، ولم تغب عن عينيه ومخيلته ثانية واحدة..
أراد أن يخلدها التاريخ وأن يجعل من مزارها تاجا فنيا يليق بها، ويحج إليه
الملأ أجمعين.
وذات ليلة رأى الامبراطور في منامه ملاكا يشير الى بناية
رائعة ذات جمال يعجز عن الوصف.. وقال له الملاك أن: أبدأ ببناء مثلها
ولسوف يعينك الله.. واستيقظ الملك فشكر الله على نعمه وفي الصباح استدعى
رئيس وزرائه وأمره أن يستدعي جميع مهندسي الامبراطورية المشهورين وبنائيها
المهرة، فحضروا جميعا وعرض عليهم فكرة البناء لكنهم أجابوا أنها مستحيلة
التحقيق... وجاءه ذات يوم بناء شاب مغمور الشهرة اسمه «يوسف» وطلب مقابلة
الامبراطور ولما مثل بين يديه قال له: إن فكرة مولاي ممكنة التحقيق شرط أن
يسمح لي أولا أن أتناول من الخزينة المبالغ التي أريد، وثانيا يدل صاحب
الجلالة على الموقع الذي رأى فيه البناء في منامه، فوافق الامبراطور
العظيم في منامه. وبينما المركب في وسيط النهر راح يوسف يقذف بالأكياس
الملأى بالقطع الذهبية الواحد تلو الآخر على مرأى من الامبراطو ر ومرافقيه
حتى أتى عليها كلها. وعندما بلغوا الضفة الاخرى أشار «شاه جهان» الى
المكان الذي رأى فيه البناء، فانحنى يوسف باحترام وقال: يوسف يقوم البناء
هنا وفق رغبة مولانا، وإن عملا كهذا يتطلب ما لا يحصى من أموال وسنوات
عديدة من الجهد والمثابرة.. وإنما ألقت بالذهب في النهر لاختبر جلالة
الامبراطور.. فضحك الامبراطور عندما سمع هذا القول أجاب: إنني أملك ملايين
الأكياس من الذهب.. ولا يهمني ما ينفق منه..
وخلال العامين التاليين
دعا مهندسي الشرق الى التسابق في وضع رسمه، وحمل أقصى البلاد على جلب أغلى
الحجارة، وأعزها رفعة، وبدأ المهندسون يرسمون خطة روضة «ممتاز محل»
ويتأنقون في تصميمها حتى تكون قصرا وروضة في آن واحد. وأصبحت الاستعدادات
على أتمها للمباشرة ببناء التحفة المعمارية والأثر الاسلامي الخالد
المعروف بتاج محل. ولقد عمل في بنائه 20 ألف عامل، كما عمل أقدر الفناين
والمهندسين والبنائين بالعشرات مدة ثمانية عشر عاما على تحقيق فكرة الملك
شاه جهان، حتى نهاية عام 1648م، والملك المفجوع يتجول ليلا ونهارا في
حدائق التاج محل بين ألواح المرمر البيضاوي، التي جلبت من شتى أنحاء
البلاد حتى تغلف البناء من الداخل والخارج..
وراح يوسف يعمل في البناء،
مات الامبراطور خلالها، وعندما اكتمل البناء نقل ابنه الاصغر «أورنك زيب»
رفاة الامبراطور ورفاة الامبراطورة إليه.. وبهذا يكون قد انتهى البناء في
عهد أورنك زيب «1200/1079 هـ» «1707/1668 م» الذي اغتصب الملك من أخوته
الثلاثة الكبار، بعد أن قتلهم وأباد جيوشهم. وهكذا استطاع الامبراطور «شاه
جهان» أن يحقق مشيئة زوجته في ذلك البناء الضخم الذي يعد إحدى عجائب
الدنيا السبع، والذي لايزال رمزا للحب الزوجي الخالد، أما المشيئة الاخرى
وهي تلافي الخلاف بين اولاده فإنه لم يستطع تحقيقها لزوجته. وعندما نصل
الى روضة تاج محل نجد أنفسنا أمام عمل هندسي رائع يقوم على فكرة الروضة
قبرا وقصرا في آن واحد، وإذا كان عقله الواعي قد جعلها مسجدا لله فقد
جعلها عقله غير الواعي قصرا للمتوفى.. والتاج نفسه عبارة عن بناء مربع
مؤلف من طابقين بارزين، تعلوها خمس قباب، قبة رئيسية في الوسط، أربع صغار
في أطرافه الاربعة، وأما الشرفات والابواب الخارجية فجميعها من المرمر
الصافي المنحوت بذوق وأناقة نحتا دقيقا. وفي كل زاوية من زوايا سورو التاج
محل المربع توجد مئذنة هيفاء، بهية الطلعة، بديعة التكوين لتذكر الزوار
بالله، الخالق الجبار الذي يحيي من يشاء ويميت من يشاء فإن الجزء الرئيسي
من المبنى، وهو الذي يقوم فيه قبة «ممتاز محل المسجد» وما يعرف بقاعة
الزوار، إنما هو في الحقيقة بيت صلاة ومسجد قسم الى دواوين ثلاثة. تبلغ
مساحة الديوان 192X64 قدما وهذه العمارة شامخة فخمة. في جدارها الغربي
رواق ذي ثلاثة محاريب، يوضع فيه عرش الدولة عند المحاكمات، وهو تخت من
الرخام، ومقابل هذا العرش يجلس الوزراء على الجانبين، وقد بنى شاه جهان
«ديوان خاص» من الرخام أيضا.. وهو يتجلى بكمال التزيين وغاية الزخرفة، وفي
مدينة أكرا أقام شاه جهان مسجدا بالغ الجمال، أطلق عليه اسم «مسجد لؤلؤة».
يقوم تاج محل في نهاية حدائق رائعة مستطيلة تتخللها صفحة مياه في بحيرة
طويلة محاطة بالسرو، و من خلفه مباشرة يبدو نهر جمنه، وقد كسى بالمرمر
الناصع اللامع، الذي ولع شاه جهان في فترة حكمه من سنة 1076/1037 هـ ـ
1627 ـ 1666م بالرخام. فحول العمارات المبنية بالحجر الاحمر الى بنايات من
الرخام أيضا، بعد ان هدم الديوان العام الذي شيد في عهد أكبر «1». وقد
أضفى على مدينة أكرا بطوره حللها، وذلك ببناء ضريح لزوجته «ممتاز محل».
أما شكل القبة وأمالة الاركان وهيئة الابراج الاربعة والتفاصيل المعمارية
والزخرفية داخل الضريح، فعليها كلها الطابع الهندي الواضح. ولهذا الضريح
التذكاري قبة عالية تحتها قبران، واحد للزوجة وواحد للزوجة وواحد للزوج
يحيط بالقبرين حاجز من المرمر الابيض. واحد للزوجة وواحد للزوج يحيط
بالقبرين حاجز من المرمر الابيض، نقشت فيه الزخارف نقشا رائعا بطريقة
التخريم الدقيق حتى ليبدو وكأنه من المدبج «الدانتيلا».. وتنهض في واجهة
البناء بوابة عالية محلاة بالمقرنصات، على طرفيها طابقان من الحنيات،
وتعلو الكتلة المثمنة قبة بصلية تحيط بهاج واسق كما تنهض في أركان السطح
الذي يقوم عليه بناء المدفن. أربع مآذن مخروطية منعزلة عن البناء. ويشغل
الضريح أرضا مساحتها 186X186 قدما كلها من الرخام الابيض الناصع، ويتصل به
مسجد صغير لطيف الشكل. والضريح في مجموعه يوحي بعبقرية بانيه، حيث يسود
الانسجام والتناسيق في الابعاد ويبدو الطابع الهندي في الركان ومحيط القبة
والأبراج والمآذن الاربع. يقول الدكتور زكي محمد حسن الصفحة 129 «ومن
العجيب أن في هذا الضريح دقة في النسب المعمارية ومجالا في العناصر،
وفخامة في المظهر مما جعل بعض مؤرخي الفن من الأوربيين يظنون أن الذي أشرف
على تصميمه وبنائه مهندسي أوربي.. كان التوفيق الى مثل هذا النجاح
المعماري وقف على الاوربيين، وحسبنا من الرحالة الالماني «ألبرت مندلزلو»
اللذي زار الهند سنة 638 م أنه أعجب بمدينة أكرا أشد الإعجاب.
* باحث من العراق
2008/6/12
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى