مخاطر الاحتباس الحراري
صفحة 1 من اصل 1
مخاطر الاحتباس الحراري
ذوبان الجليد.. خطر يتقدم ارتفاع متر واحد من مياه المحيطات يعرّض مئات الملايين من الأشخاص للخطر
10 ملايين مصري و30 مليون بنغالي وربع سكان فيتنام سيهاجرون من منازلهم.. والخطر سيطال لندن ونيويورك
تعقد في بوزنان (بولونيا) حاليا قمة الامم المتحدة للتغيرات المناخية، وفي
الوقت نفسه، تقرع المنظمة المناخية العالمية ناقوس الخطر: فالغازات
الاساسية للاحتباس الحراري، والتي هي اصل مشكلة تسخين الكرة الارضية، قد
تجاوزت معدلاتها ارقاما قياسية من التركيز في عام 2007، هذا التحذير ليس
مجردا، ويدل على ذلك قلق العلماء حول امكان كارثة جليدية في القطب الجنوبي.
بقلم: دانييل تانورو*
«يمكن
للمسارات الدينامية المرتبطة بذوبان الجليد، غير الممثلة حاليا في النماذج
المناخية الراهنة، ولكن التي توحي بها المشاهدات حديثة العهد، ان تضاعف من
هشاشة القنن الثلجية ازاء التسخن الحراري، ما قد يزيد من الارتفاع
المستقبلي لمستوى البحار»، لم تسترع ما تستحقه من انتباه هذه الجملة
الصغيرة المستلة من التقرير الرابع لمجموعة الخبراء الحكوميين المشتركة
حول تطور المناخ GIEC، الذي نُشر في 2 فبراير 2007، واذا كان الاعلام قد
لفت الانظار الى احتمال ارتفاع مستوى البحار ما بين 18 و59 سم حتى نهاية
القرن الحالي، فإنه لم يتساءل حول حدود النماذج الرياضية المناخية.
لكن
العديد من خبراء المناخ يخشون ان يؤدي الذوبان التدريجي للثلوج الى
انهيارات ينجم عنها ارتفاع متسارع واكثر اهمية للمياه، سيناريو مثير للقلق
يوسع الهوة بين الحاجة الملحة «لإنقاذ» المناخ والمفاوضات الآتية حول
معاهدة جديدة لما بعد كيوتو ستطرح امام مؤتمر الامم المتحدة في بوزنان
خلال شهر ديسمبر، وفي الشهر نفسه من عام 2009 في كوبنهاغن، والرهان هو
حياة ملايين من الناس، خصوصا في دول الجنوب.
في المناطق القطبية، تشهد
الفصول المعتدلة تشكل خزانات واسعة من المياه الحرة على سطح القنن الثلجية
تحفر بؤرا عميقة في الجليد، فمثل ذلك، تفرغت اخيرا في غرونلاند بحيرة بعرض
ثلاثة كيلومترات خلال 90 دقيقة، كما تفرغ مغسلة المنازل، فالماء الذي يغور
حتى القاعدة الصخرية للمجلدات، يساهم في تفكك كتل جليد ضخمة تنزلق نحو
البحر لتتسبب بارتفاع مفاجئ لمستوى المياه.. هذا هو كابوس علماء الجليد.
لا يوجد دقيقة لإضاعتها
تُشاهَد
هذه المسارات الدينامية منذ عدة سنوات في المناطق القطبية الشمالية، حيث
تحتوي قنة غرونلاند ما يكفي من المياه لرفع مستوى المحيطات ستة امتار، لكن
القطب الجنوبي بات بدوره مصدرا للقلق، فمجمعه الجليدي يتألف من اربعة
عناصر: القنة الشرقية، القنة الغربية، مجلدات شبه الجزيرة ومرتفعات الجليد
الطافية على المحيط.
اذا زالت القنة الشرقية فسيرتفع مستوى المحيطات
خمسين مترا! ولكن لحسن الحظ، لا تزال هذه القنة ثابتة حتى الآن، في
المقابل، فإن الذوبان يتسارع على الساحل الغربي لشبه الجزيرة، حيث ارتفاع
الحرارة لا مثيل له في اي مكان آخر من الارض: +3 درجات خلال خمسين عاما،
وفي الشمال الشرقي، حيث يسجل ميزان الحرارة 2،2 درجة كمعدل صيفي، سيصل
التسخن الى معدل 0،5 درجة سنويا.
ويساوي جليد شبه الجزيرة والقنة
الغربية ارتفاعا بنسبة خمسة امتار لمستوى البحار لكل منها، ويزداد الخطر
بفعل خاصيتين، الاولى: الوديان الجبلية لشبه الجزيرة اقل ضيقا، والتواء من
تلك التي في غرونلاند، بحيث يمكن للمجلدات ان تنزلق بسرعة اكبر نحو البحر.
وبالفعل،
فإن سرعة بعض انزلاقات الجليد قد تضاعفت ثلاث مرات في السنوات الاخيرة،
والثانية: ان الكتلة الصخرية الحاملة للقنة الغربية تقع تحت مستوى البحر
بعمق كبير، وفي العديد من النقاط تنحدر نزولا نحو اعالي البحار، ويخشى
الاختصاصيون من اقتراب التيار المحيطي حول القطب والمتسخن شيئا فشيئا من
السواحل، ما قد يؤدي الى ذوبان قاعدة القنة تحت البحر.
الخطر داهم أكثر مما نعتقد
بالنسبة
لجايمس هانسن، مدير معهد غودار لدراسات الفضاء في الادارة الوطنية للبحار
والفضاء («الناسا»، وكالة الفضاء الاميركية). وبالنسبة لثمانية من خبراء
آخرين وقعوا معه مقالا في مجلة العلوم، فإن الخطر داهم اكثر مما نعتقد،
وهم يتوصلون الى هذه الخلاصة من خلال الاسترشاد بعلم مناخ العهود
الجيولوجية القديمة.
فقبل 65 مليون سنة، كانت الارض مجردة عمليا من
الجليد، وقد بدأ تجلد القطب الشمالي قبل 35 مليون سنة تقريبا، وحصلت هذه
الظاهرة عند اجتياز عتبة: اي عندما اتاحت العوامل الخاصة بالاشعاع الشمسي
و«الالبيدو» وتركز الغازات المسخنة للحرارة في الفضاء بتبريد المناخ، تلا
ذلك انخفاض في مستوى المحيطات، وتراكم المطر في القطبين على شكل ثلوج، لكن
وفق الخبراء، نحن اليوم نجتاز هذه العتبة، انما في الاتجاه المعاكس.
يجب
اخذ هذا التحذير بمنتهى الجدية. ففي الواقع، تبقى تقديرات ارتفاع مستوى
المحيطات هي الاقل دقة بين توقعات مجموعة الخبراء الحكوميين المشتركة حول
تطور المناخ: فبين 1990 و2006، بلغ الارتفاع الفعلي 3،3 ملم سنويا، بينما
كان المتوقع 2 ملم سنويا. والفارق البالغ 60% يمكن ان ينجم عن صعوبة تنميط
سلوك المجلدات في نماذج رياضية.
وفي حال استقر ارتفاع الحرارة عند
درجتين فقط قياسا على عام 1780 (نهاية الحقبة ما قبل الصناعية)، تتوقع
النماذج ارتفاعا بين 0،4 و1،4 متر خلال عدة قرون. لكن الفارق بنسبة 60%
كاف لرفع المعدل الى ما بين 0،6 و2،2 متر (تقديرات منخفضة على الارجح لأن
تفكك القنن لا يخضع لمسار خطي). لا سيما ان مقياس الزمن يتغير كليا، فإذا
كان هانسن ورفاقه فعلا على حق، فليس لدينا دقيقة واحدة نضيعها لتفادي
الكارثة التي لا مفر منها، والممكنة الحدوث خلال بضعة عقود من الزمن.
إن
مترا واحدا من ارتفاع مياه المحيطات يعرض مئات الملايين من الاشخاص للخطر،
وسيتحتم على عشرة ملايين مصري وثلاثين مليون بنغالي وربع سكان فيتنام ان
يهاجروا من اماكن اقامتهم. والخطر سيتهدد ايضا لندن ونيويورك.
في اشارة
منه الى ان «الوضع مخيف»، قال رئيس مجموعة الخبراء الحكوميين GIFC راجندا
باشوري انه يأمل «ان يقدم التقرير التالي معلومات افضل حول الذوبان
المحتمل لهذين المجمعين الكبيرين (الغرينلاند والقطب الجنوبي الغربي).
ولكن للأسف، لن يصدر هذا التقرير قبل عام 2013. حينها يكون الوقت قد فات
للضغط على المؤتمرات الدولية في ديسمبر 2008 و2009 حيث ستناقش آليات ما
بعد معاهدة كيوتو.
الكل مسؤولون
ويمكن لتخفيف التقديرات عن
اهمية ارتفاع المياه ان يكون مؤسفا اكثر، خصوصا ان التوقعات الحالية
لمجموعة الخبراء الحكوميين، التي تتبناها الحكومات، تستخدم كقاعدة للتفاوض
المقرر في بالي في شهر ديسمبر 2007. في الوقت الذي يخفف اصحاب القرار
السياسي منهجيا من هذه التوقعات.
بحسب مجموعة الخبراء الحكوميين، فإن
حصر ارتفاع الحرارة ما بين 2 و4 درجات نسبة الى الحقبة ما قبل الصناعية
يفترض البدء بخفض الانبعاثات العالمية لغازات التسخن المناخي في مهلة
اقصاها 2015 لارجاعها من هنا حتى عام 2050 من 50% الى 80% قياسا على مستوى
عام 2000. في هذه الحالة، يتطلب مبدأ «الملوث هو الذي يدفع» جهدا خاصا على
درجة من الاهمية من قبل البلدان المتطورة: فعلى انبعاثاتها ان تنخفض من
80% الى 95% من هنا حتى عام 2050، مرورا بخفض انتقالي من 25% الى 40% عام
2020. في الوقت نفسه، ودائما بحسب مجموعة الخبراء الحكوميين، فإن على
انبعاثات البلدان النامية الابتعاد كثيرا عن السيناريو الاساسي، في اتجاه
الخفض ايضا.
أهملت المؤسسات السياسية ايضا هذه التوصيات، التي هي اصلا
اقل صرامة من تلك التي تقدم بها هانسن وفريقه. اذ يلاحظ استاذ علم المناخ
في جامعة لوفان الكاثوليكية والعضو في مكتب مجموعة الخبراء الحكوميين جان
باسكال فان ايبرسيليه، أن اعضاء مجموعة الدول الثماني يوافقون دوريا على
خفض الانبعاثات بنسبة 50%، مع الحرص على عدم الاشارة الى الـ 85% التي
تمثل الجزء الاعلى من الهامش الاجمالي. وتسكت هذه الدول ايضا عن الاهداف
المحددة الناجمة عن المسؤولية الرئيسية للدول المتقدمة في التغيير
المناخي. فالأمور تسير في الاتجاه نفسه اينما كان.
ويتبين مثلا ان
اجندة «الطاقة ـــ المناخ» المقترحة من قبل المفوضية الاوروبية لفترة 2013
ـــ 2020 لا تتناسب مع قرار المجلس المتخذ عام 1996 بالحد من ارتفاع
الحرارة بمعدل درجتين قياسا على عام 1780. اما مشروع باراك اوباما للطاقة
والمناخ الذي يلحظ خفضا للانبعاثات الاميركية بنسبة 80% عام 2050 فإن هدفه
للعام 2020 يوازي فقط العودة الى مستوى انبعاثات عام 1990.
أخيرا،
وبينما يزداد قلق العلماء، تضاعف الحكومات من التصريحات الاعلانية، لكنها
تركز اهدافها فقط على التوقعات الاكثر محافظة، مع المراهنة على «الآليات
اللينة» لحصر جهد بلدان الشمال عموما في الخفض «التلقائي». ويخشى ان تولد
المفاوضات المناخية، اذا افضت الى نتيجة، هدفا مشروطا باهتمامات الربح
اكثر منه بحماية الشعوب وانقاذ المناخ.
عن لوموند دبلوماتيك
في أقل من قرن
حتى
الآن كان المطلوب الا يتجاوز تركز الغاز المسبب للاحتباس الحراري في
الفضاء عتبة ما بين 450 و500 جزء من المليون ppm من مكافئ ثاني اكسيد
الكربون، منها 360 الى 400 ppm من ثاني الاكسيد، وهو تركيز اعلى بضعفين عن
فترة ما قبل الثورة الصناعية. لكن دراسة تشكل القنن تدفع بجايمس هانسن
ونظرائه الى التأكيد ان الاستقرار عند هذا المستوى يعيدنا في المدى
المستقبلي الى عالم بلا جليد. عندما تخزنت قنة القطب الجنوبي، كان تركز
ثاني اكسيد الكربون ما بين 350 و500 ppm. ونحن اليوم في مستوى 385 ppm من
ثاني اكسيد الكربون، وعند تحقيق التوازن، سترتفع المحيطات «عدة امتار على
الاقل»، وتاريخ الارض يبرهن ان هذا الارتفاع يمكن ان يحدث في اقل من قرن.
10 ملايين مصري و30 مليون بنغالي وربع سكان فيتنام سيهاجرون من منازلهم.. والخطر سيطال لندن ونيويورك
تعقد في بوزنان (بولونيا) حاليا قمة الامم المتحدة للتغيرات المناخية، وفي
الوقت نفسه، تقرع المنظمة المناخية العالمية ناقوس الخطر: فالغازات
الاساسية للاحتباس الحراري، والتي هي اصل مشكلة تسخين الكرة الارضية، قد
تجاوزت معدلاتها ارقاما قياسية من التركيز في عام 2007، هذا التحذير ليس
مجردا، ويدل على ذلك قلق العلماء حول امكان كارثة جليدية في القطب الجنوبي.
بقلم: دانييل تانورو*
«يمكن
للمسارات الدينامية المرتبطة بذوبان الجليد، غير الممثلة حاليا في النماذج
المناخية الراهنة، ولكن التي توحي بها المشاهدات حديثة العهد، ان تضاعف من
هشاشة القنن الثلجية ازاء التسخن الحراري، ما قد يزيد من الارتفاع
المستقبلي لمستوى البحار»، لم تسترع ما تستحقه من انتباه هذه الجملة
الصغيرة المستلة من التقرير الرابع لمجموعة الخبراء الحكوميين المشتركة
حول تطور المناخ GIEC، الذي نُشر في 2 فبراير 2007، واذا كان الاعلام قد
لفت الانظار الى احتمال ارتفاع مستوى البحار ما بين 18 و59 سم حتى نهاية
القرن الحالي، فإنه لم يتساءل حول حدود النماذج الرياضية المناخية.
لكن
العديد من خبراء المناخ يخشون ان يؤدي الذوبان التدريجي للثلوج الى
انهيارات ينجم عنها ارتفاع متسارع واكثر اهمية للمياه، سيناريو مثير للقلق
يوسع الهوة بين الحاجة الملحة «لإنقاذ» المناخ والمفاوضات الآتية حول
معاهدة جديدة لما بعد كيوتو ستطرح امام مؤتمر الامم المتحدة في بوزنان
خلال شهر ديسمبر، وفي الشهر نفسه من عام 2009 في كوبنهاغن، والرهان هو
حياة ملايين من الناس، خصوصا في دول الجنوب.
في المناطق القطبية، تشهد
الفصول المعتدلة تشكل خزانات واسعة من المياه الحرة على سطح القنن الثلجية
تحفر بؤرا عميقة في الجليد، فمثل ذلك، تفرغت اخيرا في غرونلاند بحيرة بعرض
ثلاثة كيلومترات خلال 90 دقيقة، كما تفرغ مغسلة المنازل، فالماء الذي يغور
حتى القاعدة الصخرية للمجلدات، يساهم في تفكك كتل جليد ضخمة تنزلق نحو
البحر لتتسبب بارتفاع مفاجئ لمستوى المياه.. هذا هو كابوس علماء الجليد.
لا يوجد دقيقة لإضاعتها
تُشاهَد
هذه المسارات الدينامية منذ عدة سنوات في المناطق القطبية الشمالية، حيث
تحتوي قنة غرونلاند ما يكفي من المياه لرفع مستوى المحيطات ستة امتار، لكن
القطب الجنوبي بات بدوره مصدرا للقلق، فمجمعه الجليدي يتألف من اربعة
عناصر: القنة الشرقية، القنة الغربية، مجلدات شبه الجزيرة ومرتفعات الجليد
الطافية على المحيط.
اذا زالت القنة الشرقية فسيرتفع مستوى المحيطات
خمسين مترا! ولكن لحسن الحظ، لا تزال هذه القنة ثابتة حتى الآن، في
المقابل، فإن الذوبان يتسارع على الساحل الغربي لشبه الجزيرة، حيث ارتفاع
الحرارة لا مثيل له في اي مكان آخر من الارض: +3 درجات خلال خمسين عاما،
وفي الشمال الشرقي، حيث يسجل ميزان الحرارة 2،2 درجة كمعدل صيفي، سيصل
التسخن الى معدل 0،5 درجة سنويا.
ويساوي جليد شبه الجزيرة والقنة
الغربية ارتفاعا بنسبة خمسة امتار لمستوى البحار لكل منها، ويزداد الخطر
بفعل خاصيتين، الاولى: الوديان الجبلية لشبه الجزيرة اقل ضيقا، والتواء من
تلك التي في غرونلاند، بحيث يمكن للمجلدات ان تنزلق بسرعة اكبر نحو البحر.
وبالفعل،
فإن سرعة بعض انزلاقات الجليد قد تضاعفت ثلاث مرات في السنوات الاخيرة،
والثانية: ان الكتلة الصخرية الحاملة للقنة الغربية تقع تحت مستوى البحر
بعمق كبير، وفي العديد من النقاط تنحدر نزولا نحو اعالي البحار، ويخشى
الاختصاصيون من اقتراب التيار المحيطي حول القطب والمتسخن شيئا فشيئا من
السواحل، ما قد يؤدي الى ذوبان قاعدة القنة تحت البحر.
الخطر داهم أكثر مما نعتقد
بالنسبة
لجايمس هانسن، مدير معهد غودار لدراسات الفضاء في الادارة الوطنية للبحار
والفضاء («الناسا»، وكالة الفضاء الاميركية). وبالنسبة لثمانية من خبراء
آخرين وقعوا معه مقالا في مجلة العلوم، فإن الخطر داهم اكثر مما نعتقد،
وهم يتوصلون الى هذه الخلاصة من خلال الاسترشاد بعلم مناخ العهود
الجيولوجية القديمة.
فقبل 65 مليون سنة، كانت الارض مجردة عمليا من
الجليد، وقد بدأ تجلد القطب الشمالي قبل 35 مليون سنة تقريبا، وحصلت هذه
الظاهرة عند اجتياز عتبة: اي عندما اتاحت العوامل الخاصة بالاشعاع الشمسي
و«الالبيدو» وتركز الغازات المسخنة للحرارة في الفضاء بتبريد المناخ، تلا
ذلك انخفاض في مستوى المحيطات، وتراكم المطر في القطبين على شكل ثلوج، لكن
وفق الخبراء، نحن اليوم نجتاز هذه العتبة، انما في الاتجاه المعاكس.
يجب
اخذ هذا التحذير بمنتهى الجدية. ففي الواقع، تبقى تقديرات ارتفاع مستوى
المحيطات هي الاقل دقة بين توقعات مجموعة الخبراء الحكوميين المشتركة حول
تطور المناخ: فبين 1990 و2006، بلغ الارتفاع الفعلي 3،3 ملم سنويا، بينما
كان المتوقع 2 ملم سنويا. والفارق البالغ 60% يمكن ان ينجم عن صعوبة تنميط
سلوك المجلدات في نماذج رياضية.
وفي حال استقر ارتفاع الحرارة عند
درجتين فقط قياسا على عام 1780 (نهاية الحقبة ما قبل الصناعية)، تتوقع
النماذج ارتفاعا بين 0،4 و1،4 متر خلال عدة قرون. لكن الفارق بنسبة 60%
كاف لرفع المعدل الى ما بين 0،6 و2،2 متر (تقديرات منخفضة على الارجح لأن
تفكك القنن لا يخضع لمسار خطي). لا سيما ان مقياس الزمن يتغير كليا، فإذا
كان هانسن ورفاقه فعلا على حق، فليس لدينا دقيقة واحدة نضيعها لتفادي
الكارثة التي لا مفر منها، والممكنة الحدوث خلال بضعة عقود من الزمن.
إن
مترا واحدا من ارتفاع مياه المحيطات يعرض مئات الملايين من الاشخاص للخطر،
وسيتحتم على عشرة ملايين مصري وثلاثين مليون بنغالي وربع سكان فيتنام ان
يهاجروا من اماكن اقامتهم. والخطر سيتهدد ايضا لندن ونيويورك.
في اشارة
منه الى ان «الوضع مخيف»، قال رئيس مجموعة الخبراء الحكوميين GIFC راجندا
باشوري انه يأمل «ان يقدم التقرير التالي معلومات افضل حول الذوبان
المحتمل لهذين المجمعين الكبيرين (الغرينلاند والقطب الجنوبي الغربي).
ولكن للأسف، لن يصدر هذا التقرير قبل عام 2013. حينها يكون الوقت قد فات
للضغط على المؤتمرات الدولية في ديسمبر 2008 و2009 حيث ستناقش آليات ما
بعد معاهدة كيوتو.
الكل مسؤولون
ويمكن لتخفيف التقديرات عن
اهمية ارتفاع المياه ان يكون مؤسفا اكثر، خصوصا ان التوقعات الحالية
لمجموعة الخبراء الحكوميين، التي تتبناها الحكومات، تستخدم كقاعدة للتفاوض
المقرر في بالي في شهر ديسمبر 2007. في الوقت الذي يخفف اصحاب القرار
السياسي منهجيا من هذه التوقعات.
بحسب مجموعة الخبراء الحكوميين، فإن
حصر ارتفاع الحرارة ما بين 2 و4 درجات نسبة الى الحقبة ما قبل الصناعية
يفترض البدء بخفض الانبعاثات العالمية لغازات التسخن المناخي في مهلة
اقصاها 2015 لارجاعها من هنا حتى عام 2050 من 50% الى 80% قياسا على مستوى
عام 2000. في هذه الحالة، يتطلب مبدأ «الملوث هو الذي يدفع» جهدا خاصا على
درجة من الاهمية من قبل البلدان المتطورة: فعلى انبعاثاتها ان تنخفض من
80% الى 95% من هنا حتى عام 2050، مرورا بخفض انتقالي من 25% الى 40% عام
2020. في الوقت نفسه، ودائما بحسب مجموعة الخبراء الحكوميين، فإن على
انبعاثات البلدان النامية الابتعاد كثيرا عن السيناريو الاساسي، في اتجاه
الخفض ايضا.
أهملت المؤسسات السياسية ايضا هذه التوصيات، التي هي اصلا
اقل صرامة من تلك التي تقدم بها هانسن وفريقه. اذ يلاحظ استاذ علم المناخ
في جامعة لوفان الكاثوليكية والعضو في مكتب مجموعة الخبراء الحكوميين جان
باسكال فان ايبرسيليه، أن اعضاء مجموعة الدول الثماني يوافقون دوريا على
خفض الانبعاثات بنسبة 50%، مع الحرص على عدم الاشارة الى الـ 85% التي
تمثل الجزء الاعلى من الهامش الاجمالي. وتسكت هذه الدول ايضا عن الاهداف
المحددة الناجمة عن المسؤولية الرئيسية للدول المتقدمة في التغيير
المناخي. فالأمور تسير في الاتجاه نفسه اينما كان.
ويتبين مثلا ان
اجندة «الطاقة ـــ المناخ» المقترحة من قبل المفوضية الاوروبية لفترة 2013
ـــ 2020 لا تتناسب مع قرار المجلس المتخذ عام 1996 بالحد من ارتفاع
الحرارة بمعدل درجتين قياسا على عام 1780. اما مشروع باراك اوباما للطاقة
والمناخ الذي يلحظ خفضا للانبعاثات الاميركية بنسبة 80% عام 2050 فإن هدفه
للعام 2020 يوازي فقط العودة الى مستوى انبعاثات عام 1990.
أخيرا،
وبينما يزداد قلق العلماء، تضاعف الحكومات من التصريحات الاعلانية، لكنها
تركز اهدافها فقط على التوقعات الاكثر محافظة، مع المراهنة على «الآليات
اللينة» لحصر جهد بلدان الشمال عموما في الخفض «التلقائي». ويخشى ان تولد
المفاوضات المناخية، اذا افضت الى نتيجة، هدفا مشروطا باهتمامات الربح
اكثر منه بحماية الشعوب وانقاذ المناخ.
عن لوموند دبلوماتيك
في أقل من قرن
حتى
الآن كان المطلوب الا يتجاوز تركز الغاز المسبب للاحتباس الحراري في
الفضاء عتبة ما بين 450 و500 جزء من المليون ppm من مكافئ ثاني اكسيد
الكربون، منها 360 الى 400 ppm من ثاني الاكسيد، وهو تركيز اعلى بضعفين عن
فترة ما قبل الثورة الصناعية. لكن دراسة تشكل القنن تدفع بجايمس هانسن
ونظرائه الى التأكيد ان الاستقرار عند هذا المستوى يعيدنا في المدى
المستقبلي الى عالم بلا جليد. عندما تخزنت قنة القطب الجنوبي، كان تركز
ثاني اكسيد الكربون ما بين 350 و500 ppm. ونحن اليوم في مستوى 385 ppm من
ثاني اكسيد الكربون، وعند تحقيق التوازن، سترتفع المحيطات «عدة امتار على
الاقل»، وتاريخ الارض يبرهن ان هذا الارتفاع يمكن ان يحدث في اقل من قرن.
المخلوطي- عدد الرسائل : 376
العمر : 59
Localisation : Salé
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» الاحتباس الحراري
» الانحباس الحراري .... واشنطن أكبر الملوثين
» من ينقذ أرضنا الجميلة؟!/ د.جمال حسـين
» ظاهرة الاحتباس الحراري والصراع من أجل البقاء
» مخاطر النوم أكثر من 9 ساعات...
» الانحباس الحراري .... واشنطن أكبر الملوثين
» من ينقذ أرضنا الجميلة؟!/ د.جمال حسـين
» ظاهرة الاحتباس الحراري والصراع من أجل البقاء
» مخاطر النوم أكثر من 9 ساعات...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى