بشاربن برد يتودد إلى معشوقته عبدة
صفحة 1 من اصل 1
بشاربن برد يتودد إلى معشوقته عبدة
ان في برديَّ جسما ناحلا
لو توكأت عليه لانهدم
ما هذا الجسم الضعيف
الاركان الذي ينهدم إذا ما اتكأ احد عليه، انه عصا متآكلة، هذا التشبيه
البليغ كل البلاغة، والعجيب يقوله هذا الاعمى بشار بن برد ابومعاذ مولى بن
عقيل! شاعر المحدثين في اوائل دولة بني العباس، ولا بأس من ان نتحدث عنه،
فهو بصري قدم بغداد، اما والده فهو من سبي المهلب بن ابي صفرة من اهل
طخارستان، وكان أكمه، ولد اعمى جاحظ الحدقتين، قد يغشاهما لحم احمر، كان
ضخما عظيم الخلق والوجه، مجدرا طويلا، وهو الذي يقول:
هل تعلمين وراء الحب منزلة
تدني اليك فان الحب أقصاني
كما ان بشارا هذا، صاحب اغزل بيت قاله المولدون وهو:
انا والله اشتهي سحر عينيك
واخشى مصارع العشاق
ومن اجمل ما قاله هذا الشاعر ايضا:
يا قوم اذني لبعض الحي عاشقة
والاذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذى! فقلت لهم
الاذن كالعين توفي القلب ما كانا
وروى
محمد بن زيد العجلي انه سمع الاصمعي يذكر ان بشارا كان شديد التبرم
بالناس، وكان يقول: الحمد لله الذي أذهب بصري حتى لا ارى من أبغض. كما ذكر
الاصمعي ان بشارا ولد اعمى، لم ير الناس على الاطلاق، وكان يشبه الاشياء
ببعضها البعض في شعره، فيأتي بما لا يقدر البصراء على ان يأتوا بمثله،
وقيل له يوما وقد انشد قوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
يا
ابا معاذ، ما قيل احسن من هذا التشبيه، فمن اين لك هذا وانت لم تر الدنيا
قط، ولم تر شيئا فيها؟ فقال: «ان فقد النظر يقوي ذكاء القلب ويقطع عنه
الشغل بما ينظر اليه من الاشياء، فيتوفر حسه، وتذكو قريحته».
وقد قال
بشار ايضا: لي اثنا عشر الف قصيدة، أفما في كل قصيدة بيت جيد؟. وكان يذكر
انه هجا جريرا الشاعر، فاعرض عني ولم يعرني انتباها ولو هجاني لكنت أشعر
الناس.
يعتبر بشارا خاتمة الشعراء بحسب الاصمعي الذي قال: لولا تأخره
على الاوائل لقدمته على كثير منهم، وكان هذا الشاعر من مداحي الخليفة
العباسي الثالث محمد المهدي بن عبدالله المنصور، وهو السبب في مقتله، فقد
روى الامام الطبري في تاريخه، ان يعقوب بن داود وزير المهدي وشى به عنده،
وقال له: انه هجاه.
فسارالمهدي الى البصرة للنظر الى احوالها، وكان
يريد بشاراً، فلما بلغ البطيحة سمع اذانا في ضحى النهار، فقال: انظروا ما
هذا الأذان في غير وقته، فاذا ببشار سكران يؤذن، فأتى به المهدي فقال: يا
زنديق، عجيب ان يكون هذا غيرك، اتلهو بالاذان في غير وقته وانت سكران؟ ثم
دعا بأبي نهيك وكان جلاداً عند المهدي وامره بضربه سبعين سوطاً اتلفه
فيها، فكان اذا اصابه السوط قال من الالم "حس – حس"، فقيل له: يا زنديق
تقول "حس" ولا تقول باسم الله، فقال بشار: ويلك اطعام هو فأسمي عليه!!
فقيل له افلا قلت الحمد لله؟ فقال: اوهي نعمة فأحمد الله عليها؟ انما هي
بلية اتوجع منها، فلما ضرب سبعين سوطاً بان الموت ي عينيه، فألقي في سفينة
فقال: ليت عيون أبو الشمقمق تراني حيث يقول:
ان بشار بن برد
تيس اعمى في سفينه
وقيل
في اسباب وفاته غير ذلك ومن اجمل ما قاله البيت السائر الذي اشرنا اليه في
البداية وكان مولده على وجه التقريب عام ثمانين للهجرة، وتوفي سنة سبع
وقيل ثمان وستين ومائة.
مشعل السعيد
لو توكأت عليه لانهدم
ما هذا الجسم الضعيف
الاركان الذي ينهدم إذا ما اتكأ احد عليه، انه عصا متآكلة، هذا التشبيه
البليغ كل البلاغة، والعجيب يقوله هذا الاعمى بشار بن برد ابومعاذ مولى بن
عقيل! شاعر المحدثين في اوائل دولة بني العباس، ولا بأس من ان نتحدث عنه،
فهو بصري قدم بغداد، اما والده فهو من سبي المهلب بن ابي صفرة من اهل
طخارستان، وكان أكمه، ولد اعمى جاحظ الحدقتين، قد يغشاهما لحم احمر، كان
ضخما عظيم الخلق والوجه، مجدرا طويلا، وهو الذي يقول:
هل تعلمين وراء الحب منزلة
تدني اليك فان الحب أقصاني
كما ان بشارا هذا، صاحب اغزل بيت قاله المولدون وهو:
انا والله اشتهي سحر عينيك
واخشى مصارع العشاق
ومن اجمل ما قاله هذا الشاعر ايضا:
يا قوم اذني لبعض الحي عاشقة
والاذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذى! فقلت لهم
الاذن كالعين توفي القلب ما كانا
وروى
محمد بن زيد العجلي انه سمع الاصمعي يذكر ان بشارا كان شديد التبرم
بالناس، وكان يقول: الحمد لله الذي أذهب بصري حتى لا ارى من أبغض. كما ذكر
الاصمعي ان بشارا ولد اعمى، لم ير الناس على الاطلاق، وكان يشبه الاشياء
ببعضها البعض في شعره، فيأتي بما لا يقدر البصراء على ان يأتوا بمثله،
وقيل له يوما وقد انشد قوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
يا
ابا معاذ، ما قيل احسن من هذا التشبيه، فمن اين لك هذا وانت لم تر الدنيا
قط، ولم تر شيئا فيها؟ فقال: «ان فقد النظر يقوي ذكاء القلب ويقطع عنه
الشغل بما ينظر اليه من الاشياء، فيتوفر حسه، وتذكو قريحته».
وقد قال
بشار ايضا: لي اثنا عشر الف قصيدة، أفما في كل قصيدة بيت جيد؟. وكان يذكر
انه هجا جريرا الشاعر، فاعرض عني ولم يعرني انتباها ولو هجاني لكنت أشعر
الناس.
يعتبر بشارا خاتمة الشعراء بحسب الاصمعي الذي قال: لولا تأخره
على الاوائل لقدمته على كثير منهم، وكان هذا الشاعر من مداحي الخليفة
العباسي الثالث محمد المهدي بن عبدالله المنصور، وهو السبب في مقتله، فقد
روى الامام الطبري في تاريخه، ان يعقوب بن داود وزير المهدي وشى به عنده،
وقال له: انه هجاه.
فسارالمهدي الى البصرة للنظر الى احوالها، وكان
يريد بشاراً، فلما بلغ البطيحة سمع اذانا في ضحى النهار، فقال: انظروا ما
هذا الأذان في غير وقته، فاذا ببشار سكران يؤذن، فأتى به المهدي فقال: يا
زنديق، عجيب ان يكون هذا غيرك، اتلهو بالاذان في غير وقته وانت سكران؟ ثم
دعا بأبي نهيك وكان جلاداً عند المهدي وامره بضربه سبعين سوطاً اتلفه
فيها، فكان اذا اصابه السوط قال من الالم "حس – حس"، فقيل له: يا زنديق
تقول "حس" ولا تقول باسم الله، فقال بشار: ويلك اطعام هو فأسمي عليه!!
فقيل له افلا قلت الحمد لله؟ فقال: اوهي نعمة فأحمد الله عليها؟ انما هي
بلية اتوجع منها، فلما ضرب سبعين سوطاً بان الموت ي عينيه، فألقي في سفينة
فقال: ليت عيون أبو الشمقمق تراني حيث يقول:
ان بشار بن برد
تيس اعمى في سفينه
وقيل
في اسباب وفاته غير ذلك ومن اجمل ما قاله البيت السائر الذي اشرنا اليه في
البداية وكان مولده على وجه التقريب عام ثمانين للهجرة، وتوفي سنة سبع
وقيل ثمان وستين ومائة.
مشعل السعيد
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى