صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حصان طروادة .. الأسطورة والواقع

اذهب الى الأسفل

حصان طروادة .. الأسطورة والواقع Empty حصان طروادة .. الأسطورة والواقع

مُساهمة من طرف ندى السبت 23 مايو 2009 - 23:23


من وقت لآخر أحاول
الهرب من الواقع ، خاصة واقعنا العربي الراهن ، بأحداثه العجيبة وهمومه
التي لا تنتهي ، إلى حيث جزيرتي الهوائية النائية . أحيانا أجد طائري
الأبيض هناك واقف يغرّد منفردا على أحد الأغصان . يستقبلني بشوق الصديق
لصديقه .. ينتظرني بلهفة ليخبرني عن آخر الأخبار في عالم الطيور . يشكو لي
بمرارة قسوة النسور وحدة طباع بعض الصقور ، و"نذالة" بعض الغربان . فأشكو
له في المقابل كل ما سبق ذكره من بنود ولكن على الطريقة البشرية وضمن
منظومة القهر والجبروت التي يمارسها "البعض" على المستضعفين .
غالبا
نتفق وأحيانا نختلف .. ولكننا رغم ذلك ما زلنا أصدقاء منذ فترة ليست بسيطة
على أية حال . أصارحه بأنني أغبطه على جناحيه اللذان يستطيع بهما الطيران
حيثما أراد ووقت ما يشاء .. فيقول لي في المقابل : أغبطك على عقلك البشري
(ربما لا يعلم أنه أصبح مستهلكا ولا يصلح هذه الأيام إلا للبيع في أحد
أسواق الأجهزة المستعملة) . عموما أرتاح حين البوح له بأسرار عقلي
"البشري" فيبادلني التغريد .. كل على طريقته . كورال من شخصين أحدهما يغني
وحيدا خارج السرب والآخر يصرخ في جزيرته النائية ولا يسمعه أحد .
أهرب
من جغرافيا المكان فيلاحقني تاريخ الزمان . فلا أجد بُدا من دخول إحدى
مكتبات التاريخ التي تنتشر على منعطفات ذاكرتي وتعرجات عقلي . فتحت هذه
المرة كتاب يرجع تاريخه إلى ثلاثة آلاف وثلاثمائة سنة تقريبا . لم يكن ذلك
الكتاب سوى ملحمة "الإلياذة" الشهيرة للشاعر اليوناني "هوميروس" ، والتي
صوّر من خلالها حرب "طروادة" الشهيرة .
"طروادة"
مدينة تركية تقع في منطقة الأناضول . قدر لها أن تتعرض لغزو إغريقي آت من
ناحية الغرب وتحديدا "إسبارطة" اليونانية . كان ذلك في القرن الثالث عشر
قبل الميلاد . بدأت القصة بعد أن قام "بارس" ابن شقيق حاكم "إسبارطة"
باختطاف "هيلين" زوجه ذلك الحاكم (أي زوجة عمه) . ولم يجد طرفا الخيانة
أهدأ ولا أجمل من مدينة "طروادة" لتكون مقرا لخيانتهما.
بالطبع
غضب حاكم "إسبارطة" لما حدث وقرر استعادة زوجته "المختطفة" . ضرب جيش
الإغريق حصارا على "طروادة" وأهلها لمدة عشر سنوات كاملة ولكنهم لم ينجحوا
في دخولها طوال هذه الفترة ، فابتدعوا حيلة غاية في الدهاء العسكري والمكر
السياسي . ولم تكن تلك الحيلة إلا حصان خشبي ضخم وأجوف اختبأ داخله عدد من
جنود الإغريق حتى يقوموا بفتح أبواب المدينة أمام بقية الجيش الذي كان
يختبئ بالقرب من حدود طروادة متحفزا لاقتحامها.
بالفعل
جاء "جاسوس" إغريقي وأقنع أهل طروادة بأن الحصان هدية من "أصدقائهم"
الإغريق وقبل أولئك الآمنين الحصان "الهدية" على أنه "عرض سلام" إغريقي .
ورفع الحصار أخيرا عن طروادة . وأقيمت الاحتفالات وعمّت الأفراح والليالي
الملاح أرجاء المدينة ، التي غاب معظم أهلها عن الوعي ولم يتمكنوا وقتها
من إدراك المخاطر التي تنتظرهم في ظل "وعود زائفة" وهدية "قيّمة" قدمها
لهم الإغريق .
خرج
الجنود من الحصان إلى داخل المدينة وفتحوا بواباتها لبقية الجيش . وكانت
النتيجة نهب المدينة بلا رحمة وقتل وأسر من حاول رفع رأسه من الرجال ،
و"سبي" النساء وأخذهم مع الأطفال كعبيد . وانتهت "حدوتة" حرب طروادة ،
بحصارها وحصانها وغياب أهلها عن وعي اللحظة وإدراك المخاطر المحدقة بهم من
خلال مخطط شيطاني ودهاء عسكري ، وتنفيذ فعلي على أرض الواقع . انتهت
أسطورة "طروادة" التركية القديمة ، ولم تنته بعد أسطورة "طروادة" العربية
الراهنة ، التي تخنقنا بغبارها وتلفحنا بنارها صيفا وتجمّد أطرافنا شتاء .

"حصار"
دام عشر سنوات لمدينة صغيرة بواسطة أقوى جيوش العالم وقتها . ولم يستطع
ذلك الجيش دخولها أو اقتحامها بالقوة إلا بعد خدعة الحصان "الهدية" ووسوسة
الجاسوس الإغريقي في أذن "بعض" أهل طروادة وتصديقهم "الذي كان في غير
محله" ووصول غالبيتهم إلى حالة من غياب الوعي بسبب الهدية إياها وحيل
الغدر والخداع . حينما كان أهل "طروادة" بوعيهم وإدراكهم لطبيعة الموقف
والحصار لم يستطع الإغريق اقتحام مدينتهم وهزيمتهم لأنهم كانوا يملكون
إرادتهم . ولكن حينما تبدّل حالهم وغاب وعيهم ، ولو مؤقتا . وحينما
ابتلعوا "طّعم" الحصان "الهدية" وأمنوا مكر أعدائهم .. وقتها فقط استطاع
هؤلاء الأعداء تحقيق ما عجزوا عنه طيلة عشر سنوات من الحصار .
المدينة
نفس المدينة .. وأهلها هم أنفسهم وكذلك أعداؤهم . لم يتغير في الحكاية
"المأساة" سوى "غياب الوعي" . لا يهم السبب فالأسباب كثيرة ، ولا يهم من
وراءها .. فهم كثرون . ولا يهم زمان المأساة ومكانها . ذلك أن التاريخ
يعيد نفسه وإن تغير الزمان وإن تغير المكان . أركان الحكاية "المأساة""
تتشابه في كلا "الطروادتين" .. التركية القديمة والعربية الراهنة. وإن
اختلف لون طلاء الجدران أو ارتفاع السقف طالما أن الأرضية واحدة وهي خداع
الأعداء وتصديق "البعض للوعود البراقة الزائفة ، والهدايا "الملغّمة" .
نقل
لنا التاريخ أحداث حرب طروادة بكل تفاصيلها . واجتهد "هوميروس" من خلال
"إلياذته" في وصف تلك الحرب بصورة دقيقة . يرددها البعض كحكاية تروى
والبعض الآخر إعجابا بنصوص الشعر. والبعض يفلسفها حسبما يرى ووفقا للظروف
المحيطة "زمانا ومكان" . ويمر عليها البعض "مرور الكرام" دون تعليق أو
انتباه لمعانيها . أما البعض فلا يعلم عنها إطلاقا حتى الآن (ربما هم
أولئك الباحثون عن الهدوء بعيدا عن التاريخ ووجع القلب) .
أبتسم
"بمرارة" كلما سنحت لي الفرصة للإطلاع على مثل تلك القصص والحكايات
التاريخية التي تحمل بين طياتها معان ودروس كثيرة لمن يريد المعرفة .
وأتألم كمواطن عربي ، حينما أرى واقعنا الراهن . وعندما أحاول الهرب من
الواقع إلى التاريخ فإنني أهرب وأنا ولله الحمد بكامل قواي العقلية لعلي
أجد منفذا أو معبرا يوصلني إلى حقيقة ما في موضوع معين . فأجد نفسي أمام
كمّ هائل من أساطير وروايات وقصص وحكايات ، أعتقد أن علينا تحليلها وفهمها
بصورة أكثر نضجا وواقعية حتى ننجو بأنفسنا من مخالب ذئاب العالم "الغابة"
.
يقولون
أن التاريخ يعيد نفسه .. ربما صحيح . وأن الجغرافيا تتغير تبعا للمناخ
السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي السائد حسب الزمان والمكان
والظروف . ولكن الإنسان هو الذي يجب عليه تحديد الداء ليسهل وصف الدواء
ومن ثم أخذه طلبا للعلاج . توفر الإرادة وحضور الوعي وإدراك الواقع بشكل
سليم ومحاولة تغييره إلى الأفضل مطلوبين الآن "عربيا" أكثر من أي وقت مضى
حتى نستطيع اجتياز منطقة عنق الزجاجة التي ربما وضعنا أنفسنا داخلها من
حيث لا نعلم . الأسباب متعددة ولكن النتيجة واحدة في أغلب الأحيان .
فلننتبه
جيدا أيها العرب .. "حصان طروادة" وجنوده المختبئين في جوفه موجودون الآن
. كل رموز الأسطورة موجودة في هذا الزمان ولكن بأشكال متنوعة وألوان
متعددة وتؤدي دورها المرسوم بدقة ودهاء . علينا الانتباه والمواجهة حتى
نحصل على أعلى الدرجات في اختبارات التاريخ والجغرافيا والكيمياء وحساب
المثلثات ، الذي بات على الأبواب هذه الأيام ، بموجب جدول الحصص الذي جرى
توزيعه على طلاب المدرسة العالمية للأم المتحدة مؤخرا بواسطة مديرها العام
ووكيله .. المتحفزين دائما عند أي إشارة أو طلب . وسلامة الجميع من
البطاقات الحمراء والصفراء .. وركلات الجزاء "الترجيحية" .
وليد أبو حوسة / كاتب فلسطيني
ندى
ندى

انثى عدد الرسائل : 596
العمر : 34
Localisation : اسفي
Emploi : مستخدمة في القطاع الخاص
تاريخ التسجيل : 16/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى