موسم مولاي عبد السلام بن مشيش يرسخ مبادئ العولمة النبيلة

كشف نبيل بركة، مدير المنتدى العالمي للطريقة المشيشية الشاذلية، أن موسم مولاي عبد السلام بن مشيش، مؤسس الطريقة الشاذلية، سينظم في فاتح يوليوز المقبل.

بجبل لعلام بطنجة، بحضور الشرفاء العلميين، ومحبي التصوف، ووجوه معروفة على الصعيد المحلي والعالمي.

وأبرز
نجل عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين، أن هذا الحدت الروحي سيطبعه
حضور رموز تنتمي الى الأقاليم الجنوبية ممثلة في شرفاء الركيبات،
ولعروسيين، وأهل الشيخ ماء العينين، إلى جانب التكنا، وأولاد دليم، وأولاد
تدرارين، وأيت أوسا، لإحياء صلة الرحم بين أبناء الجنوب وإخوانهم في أقصى
نقطة في الشمال.

ويتميز الحفل الديني والروحي بإجراء حلقات
مفتوحة في الذكر والسماع الصوفيين. وقال نبيل بركة في حديث إلى "المغربية"
إن المريدين من مختلف الدول سيزورون جبل العلم لتأكيد ارتباطهم الروحي
بالطريقة المشيشية الشاذلية، وسيعمقون النقاش في جلسات فكرية حول الأسس
الفكرية والدينية والروحية لمغزى التصوف، ويستنبطون حكم التصوف عبر لقاءات
مفتوحة مع ممثلي مختلف الطرق الصوفية داخل المغرب وخارجه.

وأوضح
نبيل بركة أن المريدين على اختلاف مسالكهم الروحية لا يخلفون وعدهم، مع
هذا الحدث الديني، إذ يتوافدون من جهات العالم الأربع لإحياء طقوس ينسون
معها مشاكل الحياة، وينسجون قيم المحبة والتسامح في مكان تطبعه عولمة
نبيلة ويحتفي بأحد أقطاب الصوفية المغربية مولاي عبد السلام بن مشيش،
وتلميذه أبو الحسن الشاذلي.

وزاد موضحا أن الهدف الأساسي من هذا
اللقاء التعريف بطريقة مولاي عبد السلام بن مشيش، وأهميته في العمل الروحي
المغربي، ونطمح إلى أن يصبح مناسبة لالتقاء المريدين، باعتبار الطريقة
المشيشية الشاذلية أداة للتنمية المستدامة، من خلال ربط علاقات متينة بين
الناس، إضافة إلى إيمانها بالحوار والاختلاف.

وبخصوص مميزات هذه
الطريقة الصوفية، ضرب مثلا بمقولة يونس كوفوي، أستاذ محاضر بجامعة
ستراسبورغ الفرنسية، مفادها أن "الشاذلية تعنينا، في عدة مستويات، لأنها
ليست جامدة، ومحافظة على روحيتها في الوقت نفسه، فهي عالمية، من خلال
انفتاحها وانتشارها في دول البلقان، وإفريقيا جنوب الصحراء، والهند، وجنوب
شرق آسيا، والصين، وأميركا وحتى أوروبا الغربية، ولا بد أيضا من الحديث عن
مدرسة روحية حققت إشعاعا كبيرا".

هذه الطريقة نكون مع الله في كل لحظة، وتمنحنا سلوكات جيدة، نجدها دائما لدى القلوب الغارقة في حب الله.

المغزى
الروحي والديني للطريقة، أكده عدد من رجال الدين اجتمعوا في موسم مولاي
عبد السلام بن مشيش السنة الماضية، وأبرزوا أن الصوفية، من خلال الحكمة،
التي تتمتع بها وبالإيمان الراسخ والعقلنة المتجذرة، يمكنها أن تلعب دور
المعالج الروحي ضد سلبيات العصر الحالي والمساعدة على ولوج عالم أفضل
ينبني على القيم الإنسانية المشتركة، كما كان الملتقى الروحي مناسبة
لمريدي التصوف ورجال الدين، من أجل تحديد طرق هذه الحكمة الكبيرة، وهي
الصوفية، ومناقشة الواقع الفلسفي الإنساني والتصالح مع الذات والمحيط.

والصوفية
كتيار ديني تدعو مريديها إلى القبول الإيجابي للآخرين، بعيدا عن
الاختلافات الدينية، وبفضل هذه الحكمة، فإن الصوفي يتوجه إلى الآخر الذي
يختلف معه بالقول"إنني في حاجة إليك من أجل أن نتكامل".
ومن بين الأسس الفكرية التي تنبني عليها الزاوية المشيشية الشاذلية، خلق أرضية للحوار والتفكير في طرق علاج أمراض العصر.

وما
يدل على أن هذه الأرضية توضع ضمن الأولويات هو أن الهدف يكمن في جمع
الإرادات الحسنة من مختلف الآفاق بغية تشكيل معرفة مشتركة توجه نحو"اعتراف
واحترام البعض للبعض الآخر" حسب أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة
المحمدية للعلماء.

تاريخيا يعود إنشاء الزاوية المشيشية إلى
القطب الجليل عبد السلام بن مشيش، ولم يكن صدفة أن يتشبع نقيب الشرفاء
العلميين عبد الهادي بركة، بالتعاليم الروحية للزاوية، فهو من بيت صلاح
وفلاح وتقوى وجهاد، تربى في حضن أسرة موشومة بعبق الوطنية متشبعة بتعاليم
مدرسة جدها قطب البلاد، صاحب الصلاة المشيشية المشتملة على عصارة الفكر
السني في التوحيد، وهي مدرسة لم تكن فيها دعوى، لكن دعوة إلى مجاهدة النفس
والجهاد في سبيل الحق، والدفاع عن حوزة الوطن.

بدأ نقيب الشرفاء
العلميين تعليمه بالكتاب القرآني بالقرية نفسها قبل أن ينتقل إلى مدينة
تطوان لمتابعة دراسته الابتدائية والثانوية، ثم أكمل دراسته الجامعية
بالعاصمة الإسبانية مدريد.

عمل في بداية الاستقلال مستشارا أول
بالسفارة المغربية بالديار الإسبانية، ونائبا سابقا بمجلس النواب عن دائرة
عروس. وهو الآن يزاول مهنة المحاماة بهيئة طنجة .

من الرعيل الأول
للشباب، الذي انخرط في صفوف الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، حيث
أسس فرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمدريد، وتعرض من قبل الاستخبارات
العسكرية إلى عدة مضايقات، بلغت حد تهديده بالطرد رفقة صديقه أبي بكر
بنونة من التراب الإسباني، وحرمانه من الدراسة به، ومنع من قبل المقيم
العام الإسباني بتطوان من الدخول لإسبانيا لأسباب تعود لنشاطه السياسي
والنضالي.

في الفترة الحرجة من تاريخ المغرب، بعد نفي المغفور له
جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، نظم مع رفاقه الطلبة بالعاصمة
الإسبانية مدريد أول حفل احتفال بعيد العرش المجيد بأحد أفخم فنادقها
بتمويل مادي من والده المجاهد الحاج محمد بركة، حضره الزعيم علال الفاسي،
وعمر بن عبد الجليل، وأحمد بلافريج، والمقاوم المذكوري، إضافة إلى تنظيم
استقبال حافل للأمين العام للجامعة العربية عبد الخالق حسونة رفقة الحبيب
بورقيبة.

ويتميز نقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي بركة بدعوته
إلى الصلاح والفلاح، مسترشدا بمقولة المتصوفة "إنني في حاجة إليك من أجل
أن نتكامل"، وهو ما يهتدي به موسم مولاي عبد السلام بن مشيش، حيث يتوحد
الواحد في المتعدد والمتعدد في الواحد، في جو أخوي عالمي متسامح منفتح على
الديانات السماوية جميعها.



المغربية