أقبل شهر الخير

من الواجب على المسلمين الالتزام بآداب المجالس في رمضان وذلك من خلال: الصبر علي الإساءة والأذي لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم رمضان وسابك أحد أو شاتمك فقل اني صائم اني صائم" مع ضرورة التزود في هذه المجالس بتقوي الله تبارك وتعالي لأن رمضان شهر التقوي فقد قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
لابد أن يحرص المسلم علي تجنب الغيبة والنميمة لأنها محرمة مطلقا في رمضان وفي غير رمضان ولكن هذه الحرمة تتأكد أكثر في رمضان. ويشدد علي انه إذا كانت المجالس في الطرقات والشوارع فعلي المسلم غض البصرر وعدم الاساءة إلي المارة لقول النبي صلي الله عليه وسلم: ""إياكم والجلوس في الطرقات" قلنا يا رسول الله ما لنا بد عن هذه المجالس قال: ان كنتم فاعلين فعليكم بغض البصر وكف الأذي.. لابد أيضا من تدبر أمور الدين وأحوال المسلمين والمساهمة في حل مشاكلهم لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
علي المسلم كذلك الاهتمام بأهل بيته والعناية بهم في هذا الشهر الكريم لأنهم أمانة في أعناقه فقد قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نار وقودها الناس والحجارة".
ان كل مسلم يعد العدة لاستقبال شهر رمضان المعظم ويعقد العزم علي التغيير من نفسه ومن سلوكياته في هذا الشهر لكن سرعان ما ينشغل الكثيرون مع مرور الأيام عن تنفيذ ما خططوا له لذلك نذكر اخواتنا بضرورة اصطحاب النية الصالحة طوال الشهر الكريم ووضعها نصب أعينهم وحبذا لو تم تعليق عبارة "سأغير نفسي في رمضان" علي لوحة ووضعها في مكان ظاهر.
فشهر رمضان نفحة من نفحات الله عز وجل أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم بالتعرض لها واستثمارها ومحاولات التغيير التي يجب علي العبد أن يهتم بها تنحصر في علاقته بكل من ربه ونفسه وأهله والناس من حوله علي اختلاف علاقاتهم وكل مجال من هذه المجالات يحتاج إلي مكاشفة ومصارحة مع النفس للوقوف علي عيوبها والبدء في علاجها والتخلص منها وهذا يحتاج إلي صبر ومجاهدة فلن تتخلص من عيوبك كلها مرة واحدة ولن تتغير من النقيض إلي النقيض في لمح البصر فلابد أن نعد لأنفسنا خطة نسير عليها خلال شهر رمضان نراعي فيها التغيير والاصلاح في مختلف المجالات.. ففي مجال إصلاح العلاقة مع الله عز وجل لابد أن ننظر لتقصيرنا في عبادته وأن نجبر هذا التقصير فإن كان في الصلاة فلنعاهد الله سبحانه وتعالي علي أن نحافظ علي الصلوات في أوقاتها وان كنا قد ارتكبنا محرما فلنعاهد الله علي الاقلاع عنه والتحول من المعصية إلي الطاعة.
وفي مجال الأهل لابد أن ننظر كيف نعامل والدينا واخوتنا وذوي ارحامنا وباقي اهلنا فنتحول من العقوق إلي البر ومن القطيعة إلي الصلة.
ولنراجع علاقاتنا مع جيراننا وزملائنا واخواننا واصدقائنا فنتحول من الايذاء إلي الاحسان ومن الحقد إلي التسامح والعفو. ومن الحسد إلي حب الخير للناس.
أما بالنسبة للنفس فلنحصر عيوبها الدفينة فنتحول من الكبر إلي التواضع ومن الرياء إلي الاخلاص ومن الكذب إلي الصدق ومن النقمة إلي الرضا.
وبهذا نخرج من هذا الشهر الكريم وقد وجدنا الله عز وجل قد من علينا بفضله وتحولت نفسنا وتغيرت إلي الأفضل في كل المجالات وهذا يحتاج إلي صبر ومجاهدة.
ومن المهم ألا يتوقف بعد رمضان حرصنا علي اصلاح أنفسنا وتهذيبها وتحسين علاقتنا مع الله ومع الناس بل يجب أن يستمر هذا فرب رمضان هو رب شوال ورب الشهور كلها وما رمضان إلا محطة وقود يتزود منها العبد لباقي الشهور والأيام فلا تكن من عباد رمضان ولكن كن من عباد الله عز وجل فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان شهر يولي وينقضي ومن كان يعبد الله فإن الله حي باق لا يموت .