كوابيس الطفولة 1/3
صفحة 1 من اصل 1
كوابيس الطفولة 1/3
سمفونية ليال شتوية
كان العالم ضيقا لحد بدا فيه أن أنفاس طفل صغير كانت التهابا.الآفاق كانت ممتنعة على الابصار بسبب الجبال التي كانت تسيج القرية من كل جهة.و ربما لهذا كانت تنظر بحزن الى الرحاب التي كان كل من يدب فيها ينطق بالغربة و الضياع.و ربما لهذا أيضا بدت تلك البقاع سجنا حشر فيه قاطنوها نتيجة خطيئة وحدهم الأسلاف يعرفون كنهها.
الصغار ما اهتموا لهذا في البدء.لكن التطلعات الفضوليةهي ما كانت تسرح بهم بعيدا عن الألعاب الطفولية. وحين كانت الحيرة تستبد بهم، كانوا ينظرون للكبار.
لم يكن ممكنا بناء حوار مجد مع انسان يافع مشكلته الوحيدة البحث عن لقمة غير متيسرة. اللقمة التي حولته الى مخلوق شرس لا يختلف في الكثير عن الضواري التي تجوب البراري.
العجزة وحدهم من كانوا المؤهلين لذلك أو ربما كان ذلك الشئ الوحيد المتبقى لديهم.ولذا فقد امتدت أواصر صداقة وطيدة كانت تبلغ الاوج في الليل.
كان الظلام يوحي بأشياء كثيرة. اذ مع اختفاء أشعة الشمس كانت الأزقة تفرغ، و يعود الآدميون الى بيوتهم لبفسحوا المجال لحياة أخرى. ومع احكام الليل لسيطرته، كان عواء الذئاب يرتفع مخترقا الاثير قادما من الروابي و الجبال في تأن و استرسال معلنا بداية سطوتهم .
الكلاب في تحد غير مجد كانت تنسج على منوالها فتبدأ سمفونية سرعان ما تنظم اليها أصوات أخرى. لكن الزيارة المتأخرة لطائر الشؤم "نوع من البوم" كان يدفع بالرعب الى أقصى حالاته.
الكبار أنفسهم كان يخشون طائر الشؤم. الخوف لم يكن منه، بل من الموت الذي يستعين بتغريده في التعرف على ضحاياه. الأحاديث كانت تنقطع لتتركز الأسماع قصد تحديد موقع الطائر و معرفة ما ان كان قريبا أو بعيدا و بالتالي يتوجب طرده و ابعاده الى انحاء أخرى و التمكن من مغالطة الموت.
اللحظات تكون رهيبة تتضخم فيها الحواس لحد أن نبض الأفئدة يتناهى الى السمع في حجم انفجار و كأن ما يحدث في الخارج ينبعث من خلال مكبرات. العيون كانت تنظر للأشياء برياء شديد. و خلف الأحاسيس التي كانت تنطق بها الوجوه كان يتراءى عالم يتفسخ.
الكبار لم يكونوا ليطيقوا نظرات الصغار التي كانت تكشف جبنهم. و من ثم كانوا يغادرون البيوت ليسمع فقط صوت الأحجار وهي ترتطم بالأغصان .
الطبيعة نفسها لم تكن لتتأخر عن الانضمام لسمفونية الليل. الليل الشتوي كان الأعنف.باقي الأصوات لم تكن لتمثل فيه أكثر من حافظة للايقاع.
الريح، هذا الذي لا يبدو شيئا كان صفيره في تلك الليالي يقطع الأنفاس و يعلن حالة حصار رهيبة، خصوصا حين يكون صفيره مصحوبا بالزخات المطرية العنيفة. تتعرى السقوف و تتساقط. تنتاب الكبار موجات من الغضب أقرب للصرع فتتعالى أصواتهم و لعناتهم و كأن بهم مس من الجنون. أما حين كان يلمع البرق و يقصف الرعد فقد كان يبدو أن الدنيا قد بلغت حافة نهايتها .....يتبع
كان العالم ضيقا لحد بدا فيه أن أنفاس طفل صغير كانت التهابا.الآفاق كانت ممتنعة على الابصار بسبب الجبال التي كانت تسيج القرية من كل جهة.و ربما لهذا كانت تنظر بحزن الى الرحاب التي كان كل من يدب فيها ينطق بالغربة و الضياع.و ربما لهذا أيضا بدت تلك البقاع سجنا حشر فيه قاطنوها نتيجة خطيئة وحدهم الأسلاف يعرفون كنهها.
الصغار ما اهتموا لهذا في البدء.لكن التطلعات الفضوليةهي ما كانت تسرح بهم بعيدا عن الألعاب الطفولية. وحين كانت الحيرة تستبد بهم، كانوا ينظرون للكبار.
لم يكن ممكنا بناء حوار مجد مع انسان يافع مشكلته الوحيدة البحث عن لقمة غير متيسرة. اللقمة التي حولته الى مخلوق شرس لا يختلف في الكثير عن الضواري التي تجوب البراري.
العجزة وحدهم من كانوا المؤهلين لذلك أو ربما كان ذلك الشئ الوحيد المتبقى لديهم.ولذا فقد امتدت أواصر صداقة وطيدة كانت تبلغ الاوج في الليل.
كان الظلام يوحي بأشياء كثيرة. اذ مع اختفاء أشعة الشمس كانت الأزقة تفرغ، و يعود الآدميون الى بيوتهم لبفسحوا المجال لحياة أخرى. ومع احكام الليل لسيطرته، كان عواء الذئاب يرتفع مخترقا الاثير قادما من الروابي و الجبال في تأن و استرسال معلنا بداية سطوتهم .
الكلاب في تحد غير مجد كانت تنسج على منوالها فتبدأ سمفونية سرعان ما تنظم اليها أصوات أخرى. لكن الزيارة المتأخرة لطائر الشؤم "نوع من البوم" كان يدفع بالرعب الى أقصى حالاته.
الكبار أنفسهم كان يخشون طائر الشؤم. الخوف لم يكن منه، بل من الموت الذي يستعين بتغريده في التعرف على ضحاياه. الأحاديث كانت تنقطع لتتركز الأسماع قصد تحديد موقع الطائر و معرفة ما ان كان قريبا أو بعيدا و بالتالي يتوجب طرده و ابعاده الى انحاء أخرى و التمكن من مغالطة الموت.
اللحظات تكون رهيبة تتضخم فيها الحواس لحد أن نبض الأفئدة يتناهى الى السمع في حجم انفجار و كأن ما يحدث في الخارج ينبعث من خلال مكبرات. العيون كانت تنظر للأشياء برياء شديد. و خلف الأحاسيس التي كانت تنطق بها الوجوه كان يتراءى عالم يتفسخ.
الكبار لم يكونوا ليطيقوا نظرات الصغار التي كانت تكشف جبنهم. و من ثم كانوا يغادرون البيوت ليسمع فقط صوت الأحجار وهي ترتطم بالأغصان .
الطبيعة نفسها لم تكن لتتأخر عن الانضمام لسمفونية الليل. الليل الشتوي كان الأعنف.باقي الأصوات لم تكن لتمثل فيه أكثر من حافظة للايقاع.
الريح، هذا الذي لا يبدو شيئا كان صفيره في تلك الليالي يقطع الأنفاس و يعلن حالة حصار رهيبة، خصوصا حين يكون صفيره مصحوبا بالزخات المطرية العنيفة. تتعرى السقوف و تتساقط. تنتاب الكبار موجات من الغضب أقرب للصرع فتتعالى أصواتهم و لعناتهم و كأن بهم مس من الجنون. أما حين كان يلمع البرق و يقصف الرعد فقد كان يبدو أن الدنيا قد بلغت حافة نهايتها .....يتبع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى