مغزى المسيرة / عبد الله العروي
صفحة 1 من اصل 1
مغزى المسيرة / عبد الله العروي
هذا المقال كتبه الأستاذ العروي في مجلة «لاماليف» التي كانت تصدر في الدارالبيضاء بالفرنسية، وننشر ترجمته بالعربية.
«لقد برهنت عدة أحداث سابقة على أن قرارات مجلس الأمن وتوصيات الجمعية
العامة لهيئة الأمم المتحدة لم تكف في حد ذاتها لحل المشاكل المتعلقة
بالوحدة اللترابية لدول أعضاء في المنظمة الدولية.
وهي في أحسن الظروف تكتفي بمنح الأصول الشرعية لاتفاق يفرض نفسه بموجب تطور الأحداث التي يعيشها البلد صاحب النزاع.
إن المغرب عرف تقسيما استعماريا لايرحم رغم الضمانات التي منحت له من لدن
الدول العظمى ومن بينها فرنسا واسبانيا وهما عضوان في مؤتمري مدريد (1880)
والخزيرات (1906) ولم يفتأ يطرح مشكل الصحراء في هذا الإطار.
واعترفت محكمة العدل الدولية بوجود أسس مشروعة لهذا الموقف، مما أدى
بالحكومة المغربية الى استخلاص النتيجة المنطقية وتنظيم مسيرة شعبية سلمية
تهدف إلى محو الحدود المصطنعة وغير المشروعة.
لقد أثبتت التعبئة الوطنية التي لاحظ كل المراقبين مدى حماسها وتلقائيتها
أن فكرة استرجاع الأراضي المغتصبة لم تنبثق من الدوائر الحاكمة ولا من
الأحزاب السياسية (الباحثة عن شعبية) كما ذكرت اسبانيا أنه بالرغم من كل
المناورات المحاكة تحت قناع القانونية الأممية، فلن يمكن حل مشكل الصحراء
في غيبة المغرب وبالأحرى ضد المغرب.
وبرهنت هذه التعبئة كذلك عن أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تحبذ
الوقائع بتغالطها في جدل ربما كان ذكيا لكن غير ملائم، إذ جعل من الصحراء
المغربية منطقة تحت وصاية اسبانيا فرض أمرها إلى لجنة تصفية الاستعمار.
كل هذه الضوضاء المفتعلة والرامية قبل كل شيء الى خدمة مصالح المستعمرين القدامى واطماع بعد الجيران لاتنطبق وحقائق الأحداث.
لم تكن الصحراء أبدا أرضا مواتا قامت فيها اسبانيا بمهمتها الحضارية، بل
تم استقطاعها تعسفيا من وطن هو عضو في هيئة الأمم المتحدة لن يفتأ يذكر
ذلك.
إن أصدق تعبير عن الإرادة الشعبية ليس ما يجبر ابداؤه تحت بنادق اسبانية
يستعملها موظفون أجانب، بل هو ما ينبثق تلقائيا عند تلاقي أفراد شعب واحد
أجبرتهم ظروف قاسية على الفراق.
إن دور الأمم المتحدة أصبح واضحا الآن: فهو يهدف إلى تسهيل وتوصية وتشجيع
المفاوضات بين المسؤول على التقسيم الاستعماري وضحاياه حتى ولو اقتضى
الأمر أن تعطى الصبغة القانونية الدولية لهذا الاتفاق.
ولم يكف المغرب من جهته عن المطالبة بهذا الحل، باعتباره واقعيا ودائم
المفعول مع الاعتراف بأن لبعض الدول القريبة أو البعيدة مصالح تسعى
لتزكيتها بعد أن وجد الحل للمشكل الأساسي وهو السيادة وذلك طبقا لطرق
تتناسب وجوهر النزاع، والوضعية الحالية التي أدى إليها القرار المغربي
حولت الآمال أوهاما بالنسبة لمن تشبثوا بفكرة تجعل مشكل الصحراء في إطار
مصطنع بين اسبانيا وهيئة الأمم المتحدة.
لذا نجد أن للمسيرة السلمية المغربية مغزى دقيقا:
فهي ليست أداة يضغط بها على الخصم كما أنها لاتقتصر على خلق حدث جديد أعد له خصوم المغرب كل الاحتياطات.
بل هي ليست سوى وسيلة للتذكير بحقيقة لم تفتأ الرباط تؤكدها، لكن عشر
سنوات من المناورات والدسائس حجبتها مؤقتا عن أعين من يتعمدون خلط الأصول
بالحلول.
فبهذه المسيرة يريد المغرب حكومة وشعبا أن يقنع الجميع بأنه لن يقبل أن
تكون الوحدة الترابية للبلاد تحت رحمة انتخابات تافهة ومستعجلة.
ولايجب أن يكون الحوار بين اسبانيا بصفتها السلطة الحاكمة ولجنة تصفية
الاستعمار التابعة لهيأة الأمم المتحدة التي تشبه المغرب ظلما بليبيا، لكن
المخاطب الوحيد للاستعمار هو الذي قاسى من أثره، ولم يبق لأحد أي مجال
للشك في هويته وشخصيته بعد أن أبدت محكمة العدل بلاهاي رأيها وبعد أن
استنتجت حكومة الرباط موقفها.
الاتحاد الاشتراكي
عبدالله العروي
«لقد برهنت عدة أحداث سابقة على أن قرارات مجلس الأمن وتوصيات الجمعية
العامة لهيئة الأمم المتحدة لم تكف في حد ذاتها لحل المشاكل المتعلقة
بالوحدة اللترابية لدول أعضاء في المنظمة الدولية.
وهي في أحسن الظروف تكتفي بمنح الأصول الشرعية لاتفاق يفرض نفسه بموجب تطور الأحداث التي يعيشها البلد صاحب النزاع.
إن المغرب عرف تقسيما استعماريا لايرحم رغم الضمانات التي منحت له من لدن
الدول العظمى ومن بينها فرنسا واسبانيا وهما عضوان في مؤتمري مدريد (1880)
والخزيرات (1906) ولم يفتأ يطرح مشكل الصحراء في هذا الإطار.
واعترفت محكمة العدل الدولية بوجود أسس مشروعة لهذا الموقف، مما أدى
بالحكومة المغربية الى استخلاص النتيجة المنطقية وتنظيم مسيرة شعبية سلمية
تهدف إلى محو الحدود المصطنعة وغير المشروعة.
لقد أثبتت التعبئة الوطنية التي لاحظ كل المراقبين مدى حماسها وتلقائيتها
أن فكرة استرجاع الأراضي المغتصبة لم تنبثق من الدوائر الحاكمة ولا من
الأحزاب السياسية (الباحثة عن شعبية) كما ذكرت اسبانيا أنه بالرغم من كل
المناورات المحاكة تحت قناع القانونية الأممية، فلن يمكن حل مشكل الصحراء
في غيبة المغرب وبالأحرى ضد المغرب.
وبرهنت هذه التعبئة كذلك عن أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تحبذ
الوقائع بتغالطها في جدل ربما كان ذكيا لكن غير ملائم، إذ جعل من الصحراء
المغربية منطقة تحت وصاية اسبانيا فرض أمرها إلى لجنة تصفية الاستعمار.
كل هذه الضوضاء المفتعلة والرامية قبل كل شيء الى خدمة مصالح المستعمرين القدامى واطماع بعد الجيران لاتنطبق وحقائق الأحداث.
لم تكن الصحراء أبدا أرضا مواتا قامت فيها اسبانيا بمهمتها الحضارية، بل
تم استقطاعها تعسفيا من وطن هو عضو في هيئة الأمم المتحدة لن يفتأ يذكر
ذلك.
إن أصدق تعبير عن الإرادة الشعبية ليس ما يجبر ابداؤه تحت بنادق اسبانية
يستعملها موظفون أجانب، بل هو ما ينبثق تلقائيا عند تلاقي أفراد شعب واحد
أجبرتهم ظروف قاسية على الفراق.
إن دور الأمم المتحدة أصبح واضحا الآن: فهو يهدف إلى تسهيل وتوصية وتشجيع
المفاوضات بين المسؤول على التقسيم الاستعماري وضحاياه حتى ولو اقتضى
الأمر أن تعطى الصبغة القانونية الدولية لهذا الاتفاق.
ولم يكف المغرب من جهته عن المطالبة بهذا الحل، باعتباره واقعيا ودائم
المفعول مع الاعتراف بأن لبعض الدول القريبة أو البعيدة مصالح تسعى
لتزكيتها بعد أن وجد الحل للمشكل الأساسي وهو السيادة وذلك طبقا لطرق
تتناسب وجوهر النزاع، والوضعية الحالية التي أدى إليها القرار المغربي
حولت الآمال أوهاما بالنسبة لمن تشبثوا بفكرة تجعل مشكل الصحراء في إطار
مصطنع بين اسبانيا وهيئة الأمم المتحدة.
لذا نجد أن للمسيرة السلمية المغربية مغزى دقيقا:
فهي ليست أداة يضغط بها على الخصم كما أنها لاتقتصر على خلق حدث جديد أعد له خصوم المغرب كل الاحتياطات.
بل هي ليست سوى وسيلة للتذكير بحقيقة لم تفتأ الرباط تؤكدها، لكن عشر
سنوات من المناورات والدسائس حجبتها مؤقتا عن أعين من يتعمدون خلط الأصول
بالحلول.
فبهذه المسيرة يريد المغرب حكومة وشعبا أن يقنع الجميع بأنه لن يقبل أن
تكون الوحدة الترابية للبلاد تحت رحمة انتخابات تافهة ومستعجلة.
ولايجب أن يكون الحوار بين اسبانيا بصفتها السلطة الحاكمة ولجنة تصفية
الاستعمار التابعة لهيأة الأمم المتحدة التي تشبه المغرب ظلما بليبيا، لكن
المخاطب الوحيد للاستعمار هو الذي قاسى من أثره، ولم يبق لأحد أي مجال
للشك في هويته وشخصيته بعد أن أبدت محكمة العدل بلاهاي رأيها وبعد أن
استنتجت حكومة الرباط موقفها.
الاتحاد الاشتراكي
عبدالله العروي
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 65
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مواضيع مماثلة
» عبد الله العروي أديبا
» عبد الله العروي ومقدمات الإصلاح / سعيد حداوي
» تاريخانة عبد الله العروي على مشرحة النقد
» الخلافة والملك الدولة الإسلامية كما يراها عبد الله العروي
» حوار مع المفكر المغربي عبد الله العروي
» عبد الله العروي ومقدمات الإصلاح / سعيد حداوي
» تاريخانة عبد الله العروي على مشرحة النقد
» الخلافة والملك الدولة الإسلامية كما يراها عبد الله العروي
» حوار مع المفكر المغربي عبد الله العروي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى