العلاقة الهندسية بين الطواف والسعي
صفحة 1 من اصل 1
العلاقة الهندسية بين الطواف والسعي
1/2
نبه المولي سبحانه وتعالي في القرآن الكريم إلي أن البيت الحرام فيه آيات
بينات مصداقا لقوله: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي
للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم" "آل عمران: 96. 97".
ان الطواف حول الكعبة المشرفة هو أحد أركان مناسك الحج أو العمرة
مصداقا لقوله تعالي: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت
العتيق" "الحج: آية 29" كما ان من خصوصيات المسجد الحرام الطواف حول
الكعبة المشرفة سبعة اشواط بدلا من اداء ركعتي تحية المسجد كما في باقي
مساجد الأرض الأخري.
كما ان السعي ما بين جبلي الصفا والمروة من اركان الحج أو العمرة
ايضا كما انه لا جناح علي أي مسلم أن يسعي بينهما في أي وقت شاء مصداقا
لقوله سبحانه وتعالي: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم"
"البقرة: آية 158".
ويلاحظ من الآيات الكريمة السابقة ان القرآن الكريم قد وصف السعي بين
الصفا والمروة بأنه طواف ايضا فهل هذا الوصف القرآني الدقيق يلفت أنظارنا
لوجود علاقة ما بين "الطوافين"؟ أي الطواف حول الكعبة والطواف بين الصفا
والمروة.
ان الهدف من هذه الدراسة هو محاولة كشف العلاقة الهندسية "الحسابية"
بين الطواف حول الكعبة المشرفة والسعي ما بين جبلي الصفا والمروة انطلاقا
من التنبيه القرآني الذي سبق الاشارة إليه.
أولاً: الطواف والسعي لغة وشرعا:
الطواف في اللغة: "الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يدل علي دوران
الشيء علي الشيء وأن يحف به ثم يحمل عليه يقال: طاف به وبالبيت يطوف طوفا
وطوافا وأطاف به" أما في الشرع فهو التعبد لله بالدوران حول الكعبة علي
صفة مخصوصة.
"صفة الطواف"
وصفة الطواف المشروع أن يبتديء طوافه من الركن الذي فيه الحجر الاسود
فيستقبله ويستلمه ويقبله ان لم يؤذ الناس بالمزاحمة فيحاذي بجميع بدنه
جميع الحجر.. بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف
الحجر.. ثم يبتديء طوافه مارا بجميع بدنه علي جميع الحجر جاعلا يساره إلي
جهة البيت ثم يمشي طائفا بالبيت ثم يمر وراء الحجر بكسر الحاء ويدور
بالبيت فيمر علي الركن اليماني ثم ينتهي إلي ركن الحجر الاسود وهو المحل
الذي بدأ منه طوافه فتتم له بهذا طوفة واحدة ثم يفعل كذلك حتي يتم سبعا.
أما السعي في اللغة: يطلق علي المشي والقصد إلي الشيء والعدو والتصرف
في الأعمال واصطلاحا: المشي بين الصفا والمروة وقد يطلق علي السعي الطواف
والتطوف كما في قوله تعالي: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" أي يسعي بينهما.
وقد أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله ان الطواف يعني ان تبدأ من
نقطة أو"مكان" ثم تعود إليها فالمسلم في طوافه حول الكعبة يبدأ من أمام
ركن الحجر الاسود ويطوف حول الكعبة راجعا إليه فيحسب هذا شوطا كما ان
المسلم في السعي يبدأ من عند جبل الصفا ذاهبا إلي جبل المروة ثم يعود
للصفا وهكذا تتكرر الحركة ما بين الجبلين فتكون طوافا.
فالخلاصة: ان الطواف لا يعني الدوران وانما يعني الذهاب والاياب من
شيء إلي شيء مهما كانت حالة ذلك الشيء والسعي يعني المشي بجد وكل من
المعنيين موجود في الطواف بالبيت والصفا والمروة فبداية الطواف بالبيت
وبين الصفا والمروة نعبر عنه بالمشي أو السعي وإذا تكرر كان طوافا فكل
طواف هو سعي ومشي.
ولكن إذا كان المعني اللغوي يحتمل أن يصف القرآن الكريم السعي بين
الصفا والمروة بالطواف حتي ولو كانت الحركة بينهما ترددية في خط مستقيم
وليست دائرية أو بيضاوية كما في حالة الطواف حول الكعبة المشرفة فهل الوصف
الذي يجمع ما بين الحركتين لغوي فقط؟ أم ان بينهما علاقة هندسية "حسابية"
يمكن أن تعتبر من الآيات البينات الموجودة في المسجد الحرام؟ هذا ما سوف
نحاول اثباته في المحاور التالية من البحث.
"القواعد الأصلية"
ثانياً: الطواف حول الكعبة المشرفة في زمن سيدنا ابراهيم:
ظلت الكعبة المشرفة بنفس المقاسات من حيث اطوال حوائطها وعلي نفس
قواعدها الأصلية حتي عهد قريش وذلك لأن قريشا عند إعادة بنائها للكعبة
المشرفة انقصت عدة أذرع من جهة الحجر. لذلك اصبح الطواف حول الكعبة
المشرفة منذ أن فرض علي الأمة الاسلامية وحتي الآن حول مبني الكعبة
بالإضافة إلي حجر اسماعيل ايضا وذلك لأن الفقهاء يعتبرون ان من دخل في
طوافه من داخل حجر اسماعيل فقد اصبح طوافه باطلا لوجود جزء من الكعبة في
حجر اسماعيل والمطلوب هو الطواف بكل الكعبة لا بجزء منها فقط. يطوف
المسلمون منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي الآن حول الكعبة المشرفة
وحجر اسماعيل معا.
وهنا يثور تساؤل عن كيفية الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت
أركانها الأربعة علي القواعد الاصلية قبل تجديد قريش لها ويمكن الاجابة
علي هذا التساؤل من خلال ما أورده الأزرقي في كتابه تحت عنوان "ذكر حج
ابراهيم عليه السلام وآدابه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافه وطواف
الأنبياء بعده" حيث قال: حدثنا أبوالوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم
عن عثمان بن ساج قال: اخبرني محمد بن اسحاق قال: لما فرغ ابراهيم خليل
الرحمن من بناء البيت الحرام جاءه جبريل فقال: طف به سبعا فطاف به سبعا هو
واسماعيل يستلمان الأركان كلها في كل طواف فلما اكملا سبعا هو واسماعيل
صليا خلف المقام ركتين وفي موضع آخر من نفس الباب يقول: "وقال ابن اسحاق:
وبلغني ان آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل ابراهيم".
والشاهد من النصين السابقين ان سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل كانا
يستلمان "أي يلمسان" الأركان كلها في كل طواف وكذلك فعل آدم عليه السلام
قبلهما وهذا يعني ان الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت أركانها
الأربعة علي القواعد الأصلية كان مختلفا عما يحدث في عصرنا الحديث حيث ان
الطواف كان بجوار حوائط الكعبة تماما بحيث يمكن لمن يطوف أن يلمس "يستلم"
أركانها الأربعة.
نبه المولي سبحانه وتعالي في القرآن الكريم إلي أن البيت الحرام فيه آيات
بينات مصداقا لقوله: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي
للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم" "آل عمران: 96. 97".
ان الطواف حول الكعبة المشرفة هو أحد أركان مناسك الحج أو العمرة
مصداقا لقوله تعالي: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت
العتيق" "الحج: آية 29" كما ان من خصوصيات المسجد الحرام الطواف حول
الكعبة المشرفة سبعة اشواط بدلا من اداء ركعتي تحية المسجد كما في باقي
مساجد الأرض الأخري.
كما ان السعي ما بين جبلي الصفا والمروة من اركان الحج أو العمرة
ايضا كما انه لا جناح علي أي مسلم أن يسعي بينهما في أي وقت شاء مصداقا
لقوله سبحانه وتعالي: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم"
"البقرة: آية 158".
ويلاحظ من الآيات الكريمة السابقة ان القرآن الكريم قد وصف السعي بين
الصفا والمروة بأنه طواف ايضا فهل هذا الوصف القرآني الدقيق يلفت أنظارنا
لوجود علاقة ما بين "الطوافين"؟ أي الطواف حول الكعبة والطواف بين الصفا
والمروة.
ان الهدف من هذه الدراسة هو محاولة كشف العلاقة الهندسية "الحسابية"
بين الطواف حول الكعبة المشرفة والسعي ما بين جبلي الصفا والمروة انطلاقا
من التنبيه القرآني الذي سبق الاشارة إليه.
أولاً: الطواف والسعي لغة وشرعا:
الطواف في اللغة: "الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يدل علي دوران
الشيء علي الشيء وأن يحف به ثم يحمل عليه يقال: طاف به وبالبيت يطوف طوفا
وطوافا وأطاف به" أما في الشرع فهو التعبد لله بالدوران حول الكعبة علي
صفة مخصوصة.
"صفة الطواف"
وصفة الطواف المشروع أن يبتديء طوافه من الركن الذي فيه الحجر الاسود
فيستقبله ويستلمه ويقبله ان لم يؤذ الناس بالمزاحمة فيحاذي بجميع بدنه
جميع الحجر.. بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف
الحجر.. ثم يبتديء طوافه مارا بجميع بدنه علي جميع الحجر جاعلا يساره إلي
جهة البيت ثم يمشي طائفا بالبيت ثم يمر وراء الحجر بكسر الحاء ويدور
بالبيت فيمر علي الركن اليماني ثم ينتهي إلي ركن الحجر الاسود وهو المحل
الذي بدأ منه طوافه فتتم له بهذا طوفة واحدة ثم يفعل كذلك حتي يتم سبعا.
أما السعي في اللغة: يطلق علي المشي والقصد إلي الشيء والعدو والتصرف
في الأعمال واصطلاحا: المشي بين الصفا والمروة وقد يطلق علي السعي الطواف
والتطوف كما في قوله تعالي: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" أي يسعي بينهما.
وقد أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله ان الطواف يعني ان تبدأ من
نقطة أو"مكان" ثم تعود إليها فالمسلم في طوافه حول الكعبة يبدأ من أمام
ركن الحجر الاسود ويطوف حول الكعبة راجعا إليه فيحسب هذا شوطا كما ان
المسلم في السعي يبدأ من عند جبل الصفا ذاهبا إلي جبل المروة ثم يعود
للصفا وهكذا تتكرر الحركة ما بين الجبلين فتكون طوافا.
فالخلاصة: ان الطواف لا يعني الدوران وانما يعني الذهاب والاياب من
شيء إلي شيء مهما كانت حالة ذلك الشيء والسعي يعني المشي بجد وكل من
المعنيين موجود في الطواف بالبيت والصفا والمروة فبداية الطواف بالبيت
وبين الصفا والمروة نعبر عنه بالمشي أو السعي وإذا تكرر كان طوافا فكل
طواف هو سعي ومشي.
ولكن إذا كان المعني اللغوي يحتمل أن يصف القرآن الكريم السعي بين
الصفا والمروة بالطواف حتي ولو كانت الحركة بينهما ترددية في خط مستقيم
وليست دائرية أو بيضاوية كما في حالة الطواف حول الكعبة المشرفة فهل الوصف
الذي يجمع ما بين الحركتين لغوي فقط؟ أم ان بينهما علاقة هندسية "حسابية"
يمكن أن تعتبر من الآيات البينات الموجودة في المسجد الحرام؟ هذا ما سوف
نحاول اثباته في المحاور التالية من البحث.
"القواعد الأصلية"
ثانياً: الطواف حول الكعبة المشرفة في زمن سيدنا ابراهيم:
ظلت الكعبة المشرفة بنفس المقاسات من حيث اطوال حوائطها وعلي نفس
قواعدها الأصلية حتي عهد قريش وذلك لأن قريشا عند إعادة بنائها للكعبة
المشرفة انقصت عدة أذرع من جهة الحجر. لذلك اصبح الطواف حول الكعبة
المشرفة منذ أن فرض علي الأمة الاسلامية وحتي الآن حول مبني الكعبة
بالإضافة إلي حجر اسماعيل ايضا وذلك لأن الفقهاء يعتبرون ان من دخل في
طوافه من داخل حجر اسماعيل فقد اصبح طوافه باطلا لوجود جزء من الكعبة في
حجر اسماعيل والمطلوب هو الطواف بكل الكعبة لا بجزء منها فقط. يطوف
المسلمون منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي الآن حول الكعبة المشرفة
وحجر اسماعيل معا.
وهنا يثور تساؤل عن كيفية الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت
أركانها الأربعة علي القواعد الاصلية قبل تجديد قريش لها ويمكن الاجابة
علي هذا التساؤل من خلال ما أورده الأزرقي في كتابه تحت عنوان "ذكر حج
ابراهيم عليه السلام وآدابه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافه وطواف
الأنبياء بعده" حيث قال: حدثنا أبوالوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم
عن عثمان بن ساج قال: اخبرني محمد بن اسحاق قال: لما فرغ ابراهيم خليل
الرحمن من بناء البيت الحرام جاءه جبريل فقال: طف به سبعا فطاف به سبعا هو
واسماعيل يستلمان الأركان كلها في كل طواف فلما اكملا سبعا هو واسماعيل
صليا خلف المقام ركتين وفي موضع آخر من نفس الباب يقول: "وقال ابن اسحاق:
وبلغني ان آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل ابراهيم".
والشاهد من النصين السابقين ان سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل كانا
يستلمان "أي يلمسان" الأركان كلها في كل طواف وكذلك فعل آدم عليه السلام
قبلهما وهذا يعني ان الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت أركانها
الأربعة علي القواعد الأصلية كان مختلفا عما يحدث في عصرنا الحديث حيث ان
الطواف كان بجوار حوائط الكعبة تماما بحيث يمكن لمن يطوف أن يلمس "يستلم"
أركانها الأربعة.
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: العلاقة الهندسية بين الطواف والسعي
1/2
نبه المولي سبحانه وتعالي في القرآن الكريم إلي أن البيت الحرام فيه آيات
بينات مصداقا لقوله: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي
للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم" "آل عمران: 96. 97".
ان الطواف حول الكعبة المشرفة هو أحد أركان مناسك الحج أو العمرة
مصداقا لقوله تعالي: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت
العتيق" "الحج: آية 29" كما ان من خصوصيات المسجد الحرام الطواف حول
الكعبة المشرفة سبعة اشواط بدلا من اداء ركعتي تحية المسجد كما في باقي
مساجد الأرض الأخري.
كما ان السعي ما بين جبلي الصفا والمروة من اركان الحج أو العمرة
ايضا كما انه لا جناح علي أي مسلم أن يسعي بينهما في أي وقت شاء مصداقا
لقوله سبحانه وتعالي: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم"
"البقرة: آية 158".
ويلاحظ من الآيات الكريمة السابقة ان القرآن الكريم قد وصف السعي بين
الصفا والمروة بأنه طواف ايضا فهل هذا الوصف القرآني الدقيق يلفت أنظارنا
لوجود علاقة ما بين "الطوافين"؟ أي الطواف حول الكعبة والطواف بين الصفا
والمروة.
ان الهدف من هذه الدراسة هو محاولة كشف العلاقة الهندسية "الحسابية"
بين الطواف حول الكعبة المشرفة والسعي ما بين جبلي الصفا والمروة انطلاقا
من التنبيه القرآني الذي سبق الاشارة إليه.
أولاً: الطواف والسعي لغة وشرعا:
الطواف في اللغة: "الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يدل علي دوران
الشيء علي الشيء وأن يحف به ثم يحمل عليه يقال: طاف به وبالبيت يطوف طوفا
وطوافا وأطاف به" أما في الشرع فهو التعبد لله بالدوران حول الكعبة علي
صفة مخصوصة.
"صفة الطواف"
وصفة الطواف المشروع أن يبتديء طوافه من الركن الذي فيه الحجر الاسود
فيستقبله ويستلمه ويقبله ان لم يؤذ الناس بالمزاحمة فيحاذي بجميع بدنه
جميع الحجر.. بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف
الحجر.. ثم يبتديء طوافه مارا بجميع بدنه علي جميع الحجر جاعلا يساره إلي
جهة البيت ثم يمشي طائفا بالبيت ثم يمر وراء الحجر بكسر الحاء ويدور
بالبيت فيمر علي الركن اليماني ثم ينتهي إلي ركن الحجر الاسود وهو المحل
الذي بدأ منه طوافه فتتم له بهذا طوفة واحدة ثم يفعل كذلك حتي يتم سبعا.
أما السعي في اللغة: يطلق علي المشي والقصد إلي الشيء والعدو والتصرف
في الأعمال واصطلاحا: المشي بين الصفا والمروة وقد يطلق علي السعي الطواف
والتطوف كما في قوله تعالي: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" أي يسعي بينهما.
وقد أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله ان الطواف يعني ان تبدأ من
نقطة أو"مكان" ثم تعود إليها فالمسلم في طوافه حول الكعبة يبدأ من أمام
ركن الحجر الاسود ويطوف حول الكعبة راجعا إليه فيحسب هذا شوطا كما ان
المسلم في السعي يبدأ من عند جبل الصفا ذاهبا إلي جبل المروة ثم يعود
للصفا وهكذا تتكرر الحركة ما بين الجبلين فتكون طوافا.
فالخلاصة: ان الطواف لا يعني الدوران وانما يعني الذهاب والاياب من
شيء إلي شيء مهما كانت حالة ذلك الشيء والسعي يعني المشي بجد وكل من
المعنيين موجود في الطواف بالبيت والصفا والمروة فبداية الطواف بالبيت
وبين الصفا والمروة نعبر عنه بالمشي أو السعي وإذا تكرر كان طوافا فكل
طواف هو سعي ومشي.
ولكن إذا كان المعني اللغوي يحتمل أن يصف القرآن الكريم السعي بين
الصفا والمروة بالطواف حتي ولو كانت الحركة بينهما ترددية في خط مستقيم
وليست دائرية أو بيضاوية كما في حالة الطواف حول الكعبة المشرفة فهل الوصف
الذي يجمع ما بين الحركتين لغوي فقط؟ أم ان بينهما علاقة هندسية "حسابية"
يمكن أن تعتبر من الآيات البينات الموجودة في المسجد الحرام؟ هذا ما سوف
نحاول اثباته في المحاور التالية من البحث.
"القواعد الأصلية"
ثانياً: الطواف حول الكعبة المشرفة في زمن سيدنا ابراهيم:
ظلت الكعبة المشرفة بنفس المقاسات من حيث اطوال حوائطها وعلي نفس
قواعدها الأصلية حتي عهد قريش وذلك لأن قريشا عند إعادة بنائها للكعبة
المشرفة انقصت عدة أذرع من جهة الحجر. لذلك اصبح الطواف حول الكعبة
المشرفة منذ أن فرض علي الأمة الاسلامية وحتي الآن حول مبني الكعبة
بالإضافة إلي حجر اسماعيل ايضا وذلك لأن الفقهاء يعتبرون ان من دخل في
طوافه من داخل حجر اسماعيل فقد اصبح طوافه باطلا لوجود جزء من الكعبة في
حجر اسماعيل والمطلوب هو الطواف بكل الكعبة لا بجزء منها فقط. يطوف
المسلمون منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي الآن حول الكعبة المشرفة
وحجر اسماعيل معا.
وهنا يثور تساؤل عن كيفية الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت
أركانها الأربعة علي القواعد الاصلية قبل تجديد قريش لها ويمكن الاجابة
علي هذا التساؤل من خلال ما أورده الأزرقي في كتابه تحت عنوان "ذكر حج
ابراهيم عليه السلام وآدابه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافه وطواف
الأنبياء بعده" حيث قال: حدثنا أبوالوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم
عن عثمان بن ساج قال: اخبرني محمد بن اسحاق قال: لما فرغ ابراهيم خليل
الرحمن من بناء البيت الحرام جاءه جبريل فقال: طف به سبعا فطاف به سبعا هو
واسماعيل يستلمان الأركان كلها في كل طواف فلما اكملا سبعا هو واسماعيل
صليا خلف المقام ركتين وفي موضع آخر من نفس الباب يقول: "وقال ابن اسحاق:
وبلغني ان آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل ابراهيم".
والشاهد من النصين السابقين ان سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل كانا
يستلمان "أي يلمسان" الأركان كلها في كل طواف وكذلك فعل آدم عليه السلام
قبلهما وهذا يعني ان الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت أركانها
الأربعة علي القواعد الأصلية كان مختلفا عما يحدث في عصرنا الحديث حيث ان
الطواف كان بجوار حوائط الكعبة تماما بحيث يمكن لمن يطوف أن يلمس "يستلم"
أركانها الأربعة.
د. يحيي وزيري
نبه المولي سبحانه وتعالي في القرآن الكريم إلي أن البيت الحرام فيه آيات
بينات مصداقا لقوله: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي
للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم" "آل عمران: 96. 97".
ان الطواف حول الكعبة المشرفة هو أحد أركان مناسك الحج أو العمرة
مصداقا لقوله تعالي: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت
العتيق" "الحج: آية 29" كما ان من خصوصيات المسجد الحرام الطواف حول
الكعبة المشرفة سبعة اشواط بدلا من اداء ركعتي تحية المسجد كما في باقي
مساجد الأرض الأخري.
كما ان السعي ما بين جبلي الصفا والمروة من اركان الحج أو العمرة
ايضا كما انه لا جناح علي أي مسلم أن يسعي بينهما في أي وقت شاء مصداقا
لقوله سبحانه وتعالي: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم"
"البقرة: آية 158".
ويلاحظ من الآيات الكريمة السابقة ان القرآن الكريم قد وصف السعي بين
الصفا والمروة بأنه طواف ايضا فهل هذا الوصف القرآني الدقيق يلفت أنظارنا
لوجود علاقة ما بين "الطوافين"؟ أي الطواف حول الكعبة والطواف بين الصفا
والمروة.
ان الهدف من هذه الدراسة هو محاولة كشف العلاقة الهندسية "الحسابية"
بين الطواف حول الكعبة المشرفة والسعي ما بين جبلي الصفا والمروة انطلاقا
من التنبيه القرآني الذي سبق الاشارة إليه.
أولاً: الطواف والسعي لغة وشرعا:
الطواف في اللغة: "الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يدل علي دوران
الشيء علي الشيء وأن يحف به ثم يحمل عليه يقال: طاف به وبالبيت يطوف طوفا
وطوافا وأطاف به" أما في الشرع فهو التعبد لله بالدوران حول الكعبة علي
صفة مخصوصة.
"صفة الطواف"
وصفة الطواف المشروع أن يبتديء طوافه من الركن الذي فيه الحجر الاسود
فيستقبله ويستلمه ويقبله ان لم يؤذ الناس بالمزاحمة فيحاذي بجميع بدنه
جميع الحجر.. بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف
الحجر.. ثم يبتديء طوافه مارا بجميع بدنه علي جميع الحجر جاعلا يساره إلي
جهة البيت ثم يمشي طائفا بالبيت ثم يمر وراء الحجر بكسر الحاء ويدور
بالبيت فيمر علي الركن اليماني ثم ينتهي إلي ركن الحجر الاسود وهو المحل
الذي بدأ منه طوافه فتتم له بهذا طوفة واحدة ثم يفعل كذلك حتي يتم سبعا.
أما السعي في اللغة: يطلق علي المشي والقصد إلي الشيء والعدو والتصرف
في الأعمال واصطلاحا: المشي بين الصفا والمروة وقد يطلق علي السعي الطواف
والتطوف كما في قوله تعالي: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" أي يسعي بينهما.
وقد أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله ان الطواف يعني ان تبدأ من
نقطة أو"مكان" ثم تعود إليها فالمسلم في طوافه حول الكعبة يبدأ من أمام
ركن الحجر الاسود ويطوف حول الكعبة راجعا إليه فيحسب هذا شوطا كما ان
المسلم في السعي يبدأ من عند جبل الصفا ذاهبا إلي جبل المروة ثم يعود
للصفا وهكذا تتكرر الحركة ما بين الجبلين فتكون طوافا.
فالخلاصة: ان الطواف لا يعني الدوران وانما يعني الذهاب والاياب من
شيء إلي شيء مهما كانت حالة ذلك الشيء والسعي يعني المشي بجد وكل من
المعنيين موجود في الطواف بالبيت والصفا والمروة فبداية الطواف بالبيت
وبين الصفا والمروة نعبر عنه بالمشي أو السعي وإذا تكرر كان طوافا فكل
طواف هو سعي ومشي.
ولكن إذا كان المعني اللغوي يحتمل أن يصف القرآن الكريم السعي بين
الصفا والمروة بالطواف حتي ولو كانت الحركة بينهما ترددية في خط مستقيم
وليست دائرية أو بيضاوية كما في حالة الطواف حول الكعبة المشرفة فهل الوصف
الذي يجمع ما بين الحركتين لغوي فقط؟ أم ان بينهما علاقة هندسية "حسابية"
يمكن أن تعتبر من الآيات البينات الموجودة في المسجد الحرام؟ هذا ما سوف
نحاول اثباته في المحاور التالية من البحث.
"القواعد الأصلية"
ثانياً: الطواف حول الكعبة المشرفة في زمن سيدنا ابراهيم:
ظلت الكعبة المشرفة بنفس المقاسات من حيث اطوال حوائطها وعلي نفس
قواعدها الأصلية حتي عهد قريش وذلك لأن قريشا عند إعادة بنائها للكعبة
المشرفة انقصت عدة أذرع من جهة الحجر. لذلك اصبح الطواف حول الكعبة
المشرفة منذ أن فرض علي الأمة الاسلامية وحتي الآن حول مبني الكعبة
بالإضافة إلي حجر اسماعيل ايضا وذلك لأن الفقهاء يعتبرون ان من دخل في
طوافه من داخل حجر اسماعيل فقد اصبح طوافه باطلا لوجود جزء من الكعبة في
حجر اسماعيل والمطلوب هو الطواف بكل الكعبة لا بجزء منها فقط. يطوف
المسلمون منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي الآن حول الكعبة المشرفة
وحجر اسماعيل معا.
وهنا يثور تساؤل عن كيفية الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت
أركانها الأربعة علي القواعد الاصلية قبل تجديد قريش لها ويمكن الاجابة
علي هذا التساؤل من خلال ما أورده الأزرقي في كتابه تحت عنوان "ذكر حج
ابراهيم عليه السلام وآدابه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافه وطواف
الأنبياء بعده" حيث قال: حدثنا أبوالوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم
عن عثمان بن ساج قال: اخبرني محمد بن اسحاق قال: لما فرغ ابراهيم خليل
الرحمن من بناء البيت الحرام جاءه جبريل فقال: طف به سبعا فطاف به سبعا هو
واسماعيل يستلمان الأركان كلها في كل طواف فلما اكملا سبعا هو واسماعيل
صليا خلف المقام ركتين وفي موضع آخر من نفس الباب يقول: "وقال ابن اسحاق:
وبلغني ان آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل ابراهيم".
والشاهد من النصين السابقين ان سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل كانا
يستلمان "أي يلمسان" الأركان كلها في كل طواف وكذلك فعل آدم عليه السلام
قبلهما وهذا يعني ان الطواف حول الكعبة المشرفة عندما كانت أركانها
الأربعة علي القواعد الأصلية كان مختلفا عما يحدث في عصرنا الحديث حيث ان
الطواف كان بجوار حوائط الكعبة تماما بحيث يمكن لمن يطوف أن يلمس "يستلم"
أركانها الأربعة.
د. يحيي وزيري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» الطواف عكس عقارب الساعة
» أخطاء شائعة عند الطواف
» الطواف وتقبيل الحجر الأسود
» كيفيات الحج والعمرة: ركعتا الطواف
» العلاقة بين حزب الله وإسرائيل
» أخطاء شائعة عند الطواف
» الطواف وتقبيل الحجر الأسود
» كيفيات الحج والعمرة: ركعتا الطواف
» العلاقة بين حزب الله وإسرائيل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى