ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
صفحة 1 من اصل 1
ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
ستراوس.. تقليم المركزية الغربية في المعرفة!!
كل من انتصر لميشيل فوكو، وقبله لميرلو بونتي، وقبلهما معا لجون بول سارتر،، سوف يظل ينظر إلى كلود ليفي - ستراوس، نظرة « ريبة معرفية ». ذلك أن الرجل « مخالف » لكل البناء المعرفي ( الغربي، الذي أصبح في ما بعد ملكا للبشرية كلها )، الذي صدر في مدارج الفكر بالعواصم الأروبية، عن فلسفة الشك التي قَعَّدَ لها « أستاذ الجميع » فريديريك نيتشه. ومخالفة ستراوس لكل المدرسة الفلسفية الأروبية خلال النصف الأول من القرن العشرين، أنه لم يكن سجين النظرية، بل إنه كان يبني المعارف و« اليقينيات » من تجربة ميدانية. لا شئ يستقيم عنده إلا إذا كان مسنودا بالتجربة، ولا مجال للحدوس عنده. بل إن ما ظل يميزه - ربما - أنه لم يكن ينتصر لا للحدس الكانطي ( وإرث الفلسفة الألمانية عموما، التي أطرت الفكر الأروبي كله لقرون )، ولا للتجريبية البرغسونية ( الميزة الأخرى للفلسفة الأنغلو - ساكسونية ). لقد كان بشكل ما، متبنيا لخلاصة ذلك البطل المسرحي الذي يصرخ في مسرحية « فاوست » للأديب الألماني غوته، الذي يعلمنا: « أن النظرية يا صاحبي سوداء اللون، وشجرة الحياة دوما مخضرة ».. وما كان يعني ستراوس، أساسا هو شجرة الحياة تلك، واخضرارها الدائم، ولم هي بذلك الشكل دون غيره، في هذه الثقافة أو في تلك..
مع ستراوس، الذي عمر طويلا ( 101 عاما.. ولد في نونبر 1908 وتوفي في نونبر 2009 )، والذي نخصص له هذا العدد من « الملحق الثقافي »، تحقق للفكر الفلسفي العالمي منجز بحثي غير مسبوق. بل إنه شكل انعطافة في الإجتهاد الفكري الإنساني ذاك، يوازي ما قام به سيغموند فرويد في مجال علم النفس، كونه أحدث ثورة في الإنتباه لمكانة اللاوعي في تأطير رؤيتنا وسلوكنا اليومي. إن الإنثربولوجيا، مع ستراوس، قد ساهمت في تنسيب المعرفة، ومنحتها حقها الطبيعي في البروز كتجربة إنسانية في الحياة. أي أن الرجل، بصرامته العلمية المشهودة، إنما قام بتقويض « مركزية الفكر الأروبي »، وأعاده إلى طبيعته، أنه اجتهاد إنساني بين باقي الإجتهادات الإنسانية. لقد قاد الكثيرين في العالم إلى مكرمة التواضع في المعرفة، وفي فهم ميكانيزمات إنتاجها بين البشر. وبهذا المعنى، فالرجل ظل حريصا على أن لا يسكن إلى « اليوتوبيات الغربية في تصنيف المعارف »، بل إنه ساهم في إنتاج شجرة أنساب أوسع وأشمل للمعرفة، بحجم امتداد الكرة الأرضية، وبحجم تعدد الكائنات الحية العاقلة ( الإنسان ) التي تدب فوقها. معه، تعلم العالم مكرمة « حسن الإنصات إلى الآخر » في خصوصيته، في اختلافه، وفي شكل إنتاجه للمعرفة التي تجعله متصالحا مع ذاته ومع محيطه، وعضوا في « الجماعة ». بالتالي، فحين اشتغل طويلا، ومن خلال عمل ميداني دؤوب وصبور، على « المجتمعات البدائية » في أدغال الأمازون، وفي مجاهل إفريقيا، وأحراش غابات آسيا الهندية، إنما كان يسعى إلى أن يجعلنا ننتبه أن الإعتراف بالإختلاف، هو في عدم البحث عن التطابق، ولا في تدمير البنى المعرفية القائمة لحملها على تمثل قيمنا المدينية الحديثة ( قيم أروبا الغربية أساسا )، بل في فك شفرة المعنى الذي يرتاح فيه الآخرون، مهما كان شكل تنظيمهم، وشكل ممارستهم للحياة.
لننصت إليه حين يقول: « إن المجتمعات الغربية صُنعَت لكي تتغيّر. هذا هو مبدأ بنيتها وتنظيمها. في حين أن المجتمعات المسمّاة «بدائية» تبدو لنا بدائية لأنها، على الأخص، قد صُنعت من قِبَل أعضائها لكي تدوم. فانفتاحها على الخارج محصور جدًا، وما نسمّيه عندنا بـ «ذهنية الحنين إلى مسقط الرأس» يطغى عليها. أما الغريب فإنه يُعتبر وسخًا ومبتذلاً حتى ولو كان جارًا قريبًا. بل إنّ «البدائيين» يذهبون الى حد نزع الصفة البشرية عنه. لكن البنية الاجتماعية الداخلية لديهم تمتاز، على العكس، بلحمة أكثر تراصًّا وبديكور أغنى مما نجده في الحضارات المركّبة. فلا شيء متروك للصدفة في تلك المجتمعات. بحيث إن المبدأ المزدوج الذي يجعل لكل شيء موضعًا، ويحتّم على كل شيء أن يكون في موضعه، يهيمن على كل الحياة الأخلاقية والاجتماعية».
إن فكرة المجتمع المركب ( مجتمع المدينة الذي ندخله مغربيا كصدمة منذ قرن من الزمان )، تعنينا كثيرا. بالتالي، فحين نستعيد مشروع ستراوس ( الذي ليس مطلوبا أن نتفق معه أو لا نتفق معه، لأن المعرفة تتطلب حسن الإنصات والتمثل برؤية نقدية وليس انبهارية )، حين نستعيد مشروعه هنا في بعض من جوانبه الأساسية، إنما نسعى أن نفهم بعضا من واقعنا، ومعنى التحول الهائل الذي نعيشه كمجتمع، كأمة وكبشر..
مع ستراوس، الذي عمر طويلا ( 101 عاما.. ولد في نونبر 1908 وتوفي في نونبر 2009 )، والذي نخصص له هذا العدد من « الملحق الثقافي »، تحقق للفكر الفلسفي العالمي منجز بحثي غير مسبوق. بل إنه شكل انعطافة في الإجتهاد الفكري الإنساني ذاك، يوازي ما قام به سيغموند فرويد في مجال علم النفس، كونه أحدث ثورة في الإنتباه لمكانة اللاوعي في تأطير رؤيتنا وسلوكنا اليومي. إن الإنثربولوجيا، مع ستراوس، قد ساهمت في تنسيب المعرفة، ومنحتها حقها الطبيعي في البروز كتجربة إنسانية في الحياة. أي أن الرجل، بصرامته العلمية المشهودة، إنما قام بتقويض « مركزية الفكر الأروبي »، وأعاده إلى طبيعته، أنه اجتهاد إنساني بين باقي الإجتهادات الإنسانية. لقد قاد الكثيرين في العالم إلى مكرمة التواضع في المعرفة، وفي فهم ميكانيزمات إنتاجها بين البشر. وبهذا المعنى، فالرجل ظل حريصا على أن لا يسكن إلى « اليوتوبيات الغربية في تصنيف المعارف »، بل إنه ساهم في إنتاج شجرة أنساب أوسع وأشمل للمعرفة، بحجم امتداد الكرة الأرضية، وبحجم تعدد الكائنات الحية العاقلة ( الإنسان ) التي تدب فوقها. معه، تعلم العالم مكرمة « حسن الإنصات إلى الآخر » في خصوصيته، في اختلافه، وفي شكل إنتاجه للمعرفة التي تجعله متصالحا مع ذاته ومع محيطه، وعضوا في « الجماعة ». بالتالي، فحين اشتغل طويلا، ومن خلال عمل ميداني دؤوب وصبور، على « المجتمعات البدائية » في أدغال الأمازون، وفي مجاهل إفريقيا، وأحراش غابات آسيا الهندية، إنما كان يسعى إلى أن يجعلنا ننتبه أن الإعتراف بالإختلاف، هو في عدم البحث عن التطابق، ولا في تدمير البنى المعرفية القائمة لحملها على تمثل قيمنا المدينية الحديثة ( قيم أروبا الغربية أساسا )، بل في فك شفرة المعنى الذي يرتاح فيه الآخرون، مهما كان شكل تنظيمهم، وشكل ممارستهم للحياة.
لننصت إليه حين يقول: « إن المجتمعات الغربية صُنعَت لكي تتغيّر. هذا هو مبدأ بنيتها وتنظيمها. في حين أن المجتمعات المسمّاة «بدائية» تبدو لنا بدائية لأنها، على الأخص، قد صُنعت من قِبَل أعضائها لكي تدوم. فانفتاحها على الخارج محصور جدًا، وما نسمّيه عندنا بـ «ذهنية الحنين إلى مسقط الرأس» يطغى عليها. أما الغريب فإنه يُعتبر وسخًا ومبتذلاً حتى ولو كان جارًا قريبًا. بل إنّ «البدائيين» يذهبون الى حد نزع الصفة البشرية عنه. لكن البنية الاجتماعية الداخلية لديهم تمتاز، على العكس، بلحمة أكثر تراصًّا وبديكور أغنى مما نجده في الحضارات المركّبة. فلا شيء متروك للصدفة في تلك المجتمعات. بحيث إن المبدأ المزدوج الذي يجعل لكل شيء موضعًا، ويحتّم على كل شيء أن يكون في موضعه، يهيمن على كل الحياة الأخلاقية والاجتماعية».
إن فكرة المجتمع المركب ( مجتمع المدينة الذي ندخله مغربيا كصدمة منذ قرن من الزمان )، تعنينا كثيرا. بالتالي، فحين نستعيد مشروع ستراوس ( الذي ليس مطلوبا أن نتفق معه أو لا نتفق معه، لأن المعرفة تتطلب حسن الإنصات والتمثل برؤية نقدية وليس انبهارية )، حين نستعيد مشروعه هنا في بعض من جوانبه الأساسية، إنما نسعى أن نفهم بعضا من واقعنا، ومعنى التحول الهائل الذي نعيشه كمجتمع، كأمة وكبشر..
لحسن العسبي
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
كلود ليفي ستراوس.. عدو اليقينيات، صاحب «الريبة المعرفية »..
رؤية أمريكية لمنجز ستراوس الأنتربولوجي.. لماذا يعشق شعبكم الحرب؟!
بقلم: لاري روتر / ترجمة: عبد الله أوسار
يستهل «كلود ليفي ستراوس» كتابه الشهير «مداريات حزينة» بالكلمات التالية: «أكره السفر والمستكشفين»، لكن ما جعل هذا العالم الأنثربولوجي والفيلسوف أحد أعظم مفكري القرن العشرين كان بالتحدي عشقه للقيام بالرحلات الاستكشافية في الأدغال والمجتمعات النائية وفي أعماق العقل البشري. وكأحد آباء المدرسة الفكرية التي أضحت معروفة باسم «المدرسة البنيوية»، كان السيد ليفي ستراوس الذي توفي الجمعة الماضي، أي شهر واحد قبل احتفاله لذكرى ميلاده المائة وواحد، كان دوما يسعى للوصول على نماذج وعلاقات وطرقية كونية للتنظيم والتفكير. ولبلوغ ذلك المسعى، كان ينتقل إلى مختلف الأمكنة سلاحه في ذلك ذهنه المتفتح وعينه المتيقظة وأذنه المنصتة باهتمام والكل كان مجتمعا في كتبه «مداريات حزينة». في سنة 1978، قمت بأول رحلة إلى الجزء البرازيلي من الأمازون مرفوقا بكتاب «مداريات حزينة» في نسخته ذات الغلاف المزدان باللونين الأبيض والبرتقالي، لأنه الكتاب الوحيد الذي كان يتسع له جرابي. كانت حينها قد مرت حوالي أربعة عقود منذ قام السيد ليفي ستراوس، وهو في عقده الثاني من العمر، بالتوغل في ذات الأدغال، وكان الفضول يحملني لأرى ما تبقى من ذلك العالم لاذي واجهه وغاص في وصفه بذلك الأسلوب السهل الممتنع. تغيرات كثيرة شهدها المكان بطبيعة الحال. فبدلا من أعمدة التلغراف التي كانت تدله على الطريق، أصبحت هناك طريق سالكة رغم أنها مليئة بالحفر. كما أن المكان أصبح مزدحما بأسر المزارعين القادمين من جنوب البرازيل، والذين كان النظام الديكتاتوري العسكري يدفعهم إلى الاستقرار في منطقة حوض الأمازون. ومع ذلك، فقد كان من الممكن أن تشاهد على امتداد جنبات الطريق عددا من السكان الأصليين الذين يطلق عليهم «نامبيكوارا». والملاحظ أن ملامح وجوههم وهم جالسون تؤشر على نوع من الغضب والارتباك وقد يبدون وكأنهم سكارى. ومن بين المجموعات الأربع التي قضى معها السيد ليفي ردحا من الزمن ـ طبعا إلى جانب مجموعات البورورو، كادوفيو وكاواهيب ـ كان واضحا أنه كان متأثرا للغاية بمأساة مجموعة نامبيكوارا، التي جعل من أسرها وحياتها المجتمعية موضوعا لأطروحة الدكتوراه التي اشتغل عليها إثر عودته إلى أوربا سنة 1939. وهو يكتب عن نامبيكوارا، كان السيد ستراوس يستبق المأساة والمصير التراجيدي لشعب حُكم على ثقافته ونمط عيشه بالاندثار. لذلك تجده حريصا على الدقة في توثيق جميع مناحي حياتهم إلى أقصى حد يستطيعه، بما في ذلك طبيعة العلاقات التي تربط بين الجنسين، وبناء المآوي وانتهاء بنظام الحمية الذي يتبعونه وتربية الحيوانات وجمع المجوهرات. ويقول الأنثروبولوجيون البرازيليون إن تاريخ الثقافة الشفاهية لجماعة نامبيكوارا لا يزال يتذكر زيارة «البروفسور ليفي». والواضح أن السيد ليفي كان ربما على علم كبير بخصائص جماعة كابوكلوس، وهي إحدى الجماعات المهيمنة في المنطقة والتي كانت تتحدث اللغة البرتغالية. التوصيفات التي قدمها لسلوكهم وطريقة لباسهم كانت دقيقة بشكل مثير. وخلال رحلاتي، كنت أسمع عن أسماء لألوان تستحيل مصادفتها، لكنني قرأتها في «مداريات حزينة»، والتي كنت قبل ذلك أظنها أخطاء ارتكبها لعدم إلمامه الكبير باللغة البرتغالية. وهناك مثال استقيته من كتابات حول رحلة أخرى لا يزال حيا إلى وقتنا هذا. فعندما كنت في رحلة على متن أحد القوارب التي حملتني نحو أعماق الأمازون سنة 1979، تبين لي أن أفراد الطاقم يؤمنون بشدة بأن النهر مليء بالحوريات والوحوش، وتعرفت على العديد من تلك الأساطير لأنها وردت في «مداريات حزينة». وذات صباح، توقفنا بمستعمرة تدعى «سانتو أنطونيو دو إثا» لتحميل شحنة من المطاط وإنزال شحنة من ورق المرحاض والمشروبات الروحية. لاحظت أن رفوف المخزن كانت شبه فارغة، فسألت المسؤول هناك عن السبب وراء ذلك، فرد علي بهذه العبارة: «لا نحتاج إلا لما لا نملك!» عبارة سأصادفها أياما قليلة بعد ذلك في كتاب «مداريات حزينة». منذ أبحر «فرانسيسكو دي أوريلانا» عبر نهر الأمازون سنة 1541، ظلت تلك الغابة التي يخترقها النهر تحظى بالنصيب الأكبر في فكر الرحالة الأوربيين المغامرين، لكن السيد ليفي ستراوس لم يأت باحثا عن الذهب، أو عن مدينة «إلدورادو» الأسطورية، أو عن الأودية والجبال بهدف نيل أوسمة ملكية لدى عودته إلى بلده، ولا حتى عن حيوانات ونباتات يطلق عليها اسمه. أكثر ما كا يهمه في كل ذلك هو تلك الشعوب التي كانت تسكن هناك، من منظور إنساني بحت. لا يمكن القول إن «مداريات حزينة» عمل كامل، وحتى السيد ليفي ستراوس ليس في منأى عن النواقص بنفسه، بعضها تم الإقرار بها، وبعضها لم يتم. فقد ارتكب أخطاء في تدوين أسماء بعض الأماكن التي شملتها زياراته، كما أنه عندما باشر الكتابة خمسة عشر عاما بعد رحلاته، لم يوفي زوجته الأولى، ديانا، حقها، وهي الباحثة المتميزة التي شاركته أسفاره، ولم يعترف حتى بالدور الذي لعبته في إنجاز عمله. ومع ذلك، فإن كتاب «مداريات حزينة» يظل من النفائس الناذرة، كتاب جمع بين طابعه الفكري والأدبي. كانت البداية تؤشر على أنه عمل روائي، لكن السيد ليفي ستراوس أدرك بسرعة أنه لا يحوز ما يكفي من الوسائل لإنتاج عمل أدبي، لكن ذلك لم يحل دون أن يمتعنا بأسلوب بديع وطريقة مثيرة في سرد قصصه كمسافر يحط الرحال في مناطق مختلفة. في يومنا هذا، قد يبدو من العسير على أي شخص عادي أن يدرك تماما ذلك النقاش الصاخب الذي كانت تشتد وتيرته بين البنيويين والوجوديين، كما كان عليه الأمر في الفترة الممتدة من الخمسينات إلى الثمانينات من القرن الماضي، بل وقد يبدو ذلك نقاشا عقيما ومتجاوزا في الحد ذاته. وبغض النظر عما يمكن أن يقوله أي شخص عن السيد ليفي ستراوس ونظرياته، فإنه يظل من الصعب بما كان مباشرة بحث جدي في مواضيع الأنثروبولوجيا والدراسات العرقية والسوسيولوجية والفلسفية واللسانية من دون القيام على الأقل بالاعتراف بهذا الشخص أو حتى التهكم عليه. ٌإثر عودتي من رحلتي الأمازونية الأولى، وجدتني منشغلا بالإبحار في مؤلفات السيد ليفي ستراوس ومحاولة سبر أغوار عوالمه قدر الإمكان وبمختلف اللغات التي أجدها متوفرة أمامي. لاحظت أن اللغة التي كتب بها «البنيات الأولية لعلاقة القرابة» جافة إلى أبعد حد وموجهة بالدرجة الأولى إلى الاختصاصيين، في مقابل كتابي «النيء والمطبوخ» و«من العسل إلى الرماد»، اللذين أجدهما أكثر عمقا، رغم أنهما لا يبلغان نفس درجة الشاعرية التي تميز كتاب «مداريات حزينة». قد يكون عنوان كتاب «العقل المتوحش» مضللا بعض الشيء، لكنه لا يسير في نفس اتجاه كتاب «روسو» «المتوحش النبيل»، بل ولم يسقط في فخ الاعتقاد بأن النماذج والأفكار والسلوكات الغربية أسمى من نظيرتها الخاصة بالمجتمعات التي تطلق عليها تسمية «البدائية» أو «المتوحشة». تذكرت السيد ليفيستراوس عندما كنت في زيارة لقبائل «سينتا لارغا» كمراسل لـ «نيويورك تايمز» نونبر 2006، على مقربة منطقة كان قد زارها قبل سبعين عاما. تحدثت إلى زعيم قبلي كان قد أمر بقتل 29 من عمال المناجم عندما تم الإمساك بهم وهم يخترقون المناطق الخاصة بالقبيلة، وأوقف الحوار ليسألني: «لماذا يعشق شعبكم الحرب؟» في تلك اللحظة، بدا لي وكأنني أسمع الرجل وهو يطلق ضحكة متهكمة. < عن «نيويورك تايمز» | ||
11/13/2009 | ||
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
دارس بنيات القرابة والميثولوجيات والطوطمية.. ورد الاعتبار للفكر البدائي..
عبداللّطيف الوراري
عبداللّطيف الوراري
1 - عن المائة عامٍ وعام، يرحل المفكِّر الفرنسي كلود ليفي- ستروس[1908 ـ 2009م] عن عالمنا. وقد ذاع صيت الرجل في المنتصف الثاني من القرن العشرين باعتباره رائد البنيويّة وعالم الأنثروبولوجيا الذي قادتْهُ مغامرات فكره إلى استكشاف الآليّات الخفية للثقافة عبر سبل متنوّعة ومتضافرة من العمل المُضني، وهو ما أتاح له فهْمَ قطاعٍ مهمّ من تلك الآلة الرمزية المتعاظمة التي تنغلق على مجموع خطط الحياة البشرية، من العائلة إلى المعتقدات الدينية، ومن الأعمال الفنّية إلى آداب المائدة. ولقد مرّ، بعد ذلك، حينٌ من الدهر لم يُسمع شيءٌ عنه، وظلّ في صمت مطبق، حتى اعتقد الكثيرون أنّه غادرنا، إلى أن أفاقوا على أصداء الاحتفال الكبير الذي خصّته به فرنسا لمرور مائة عام على ميلاده. وكان ليفي- ستروس ، بسبب تذمّره ممّا يحدث حواليه، يقول: «إنّا نعيش في عالم لا أنتمي إليه منذ زمن. إنّ العالم الذي عرفته وأحببته كان يتضمن ملياراً ونصف المليار نسمة، وعالم اليوم يتألف من ستة مليارات نسمة. لم يعد هذا العالم عالمي». 2 - بدأ ليفي- ستروس حياته العملية بدراسة علم الإثنيات، قبل أن تغيّر مكالمة هاتفية مسار حياته وتجلب له حظّاً وشهرة وافرين، وهو يتلقى ذات صباح من أيام خريف 1934م عرضاً من مدير دار المعلمين العليا بباريس للعمل كأستاذ علم الاجتماع في جامعة ساو باولو البرازيلية. وهكذا، مثلما يحكي ذلك في سيرته الفكرية «المدارات الحزينة» الصادرة 1955م، بدأت أهمّ تجربة في حياته، وهو يتولّى مهامّ استكشافية إثنوغرافية في «ماتو غروسو» وفي غابات الأمازون، ويلتقي قبائل هندية تعيش في مجتمعات يقال عنها «بدائية» حيث وصف، بشكل رائع، حياتها وعاداتها ومعتقداتها دوّنها في تقييداته المسمّاة «الحياة العائلية والاجتماعية عند هنود نامبيكوارا». وقد حمل من رحلاته الإستكشافية بالبرازيل بين عامي 1935 و 1939م علماً غزيراً وجزءاً لا يُقدّر من ذاكرة الهنود وحياتهم وأساطيرهم اليومية. وبسبب قوانين حكومة فيشي المعادية لليهود، صرف ليفي ستراوس من الخدمة طبقاً للقوانين العنصرية التي سنّتها، وانتقل لاجئاً، برفقة العشرات بمن فيهم شاعر السوريالية أندريه بروتون، إلى أمريكا حيث عُيّن أستاذاً بالمدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي بنيويورك [1942 ـ 1945]، وفيها عاش «مرحلة هامة من العمل الفكري العميق» بجوار علماء أنثروبولوجيا لامعين، مثلما التقى بالعالم اللغوي رومان ياكبسون الذي استمع إلى دروسه، وتأثّر به، قائلاً:»كنت أمارس البنيوية دون أن أدرك ذلك، وقد أفادني ياكبسون عن وجود منهج علمي قائم». وبعدما وضعت الحرب أوزارها، التحق بالمركز الجامعي للبحث العلمي بباريس. وبعد توالي دراساته الرائدة في الأنثروبولوجيا والإشعاع الذي تركته في زمنها، جرى انتخابه بالكوليج دوفرانس في كرسي الأنثروبولوجيا الاجتماعية عام 1959م، وبالأكاديمية الفرنسية عام 1973م. ترك كلود ليفي- ستروس كتباً كثيرة خلخلت جزءاً مهمّاً في مفاهيم العلوم الإنسانية، من أهمّها: «البنيات الأساسية للقرابة»1949م، وفيه يدرس المبادئ التي يقوم عليها نظام القرابة وقوانينها، متوقّفاً عند مسألة الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة، أي هذه الحياة التي تدور على تبادل الممتلكات والنساء والرسائل. و»الأنثروبولوجيا البنيوية» 1958م، الذي رفضته دار غاليمار بذريعة أن فكر الكاتب «لم يبلغ بعد مرحلة النضج»، وهو مجموع مقالات عالج فيها ليفي- ستروس أنساق القرابة والعلاقة بين اللسانيات والأنثروبولوجيا، وبنية الأساطير، ووضعية الأنثروبولوجيا في العلوم الإجتماعية، والسحر ومكان الرمزية فيه. وفي الجزء الثاني، الصادر عام 1973م، يمسك بطريقة في التحليل سعت إلى التأكيد على البنى المخبأة للظواهر الإنسانية، انطلاقاً من فرضية أن «الطبيعة الحقيقية تظهر في البداية من خلال العناية المبذولة للتهرب من إبرازها»، متطرّقاً إلى النزعة الإنسية والنقد الأدبي وكتابات روسو وفضل دوركايم على الأثنولوجيا. و»الفكر البدائي»1962م، الّذي أظهر فيه الكاتب أن فكر «البدائيّين» لا يختلف في طبيعته عن فكر الإنسان المتحضّر، وكلّ ما في الأمر أنّ منطلق «الفكر البدائي» يحوِّل خصائص الواقع، متوجّهاً بالنقد إلى سارتر. و»الطوطمية اليوم»1962م، وفيه يعرض لمختلف النظريات في تفسير الطوطمية، واجداً في تطبيق عالم الحيوان والنبات والجماد على المجتمع وأنظمته مفتاح تفسيره للطوطمية على الخصوص، ومبيِّناً أن الطوطمية ليست سوى وهم من ابتداع الغربيّين الذين لم يفهموا ما تقوم به «الطوطمية» من دوْرٍ تصنيفيّ. إلى جانب ذلك، كرّس مشروعه العلمي في تحليل «الميثولوجيات» بأجزائه الأربعة الممتدّة بين 1964م و1971م، بدءاً من «النيّء والمطبوخ» الذي بحث فيه الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة عبر اكتشاف نار الطبخ، ومروراً ب»من العسل إلى الرماد» الذي حلّل فيه تقابلاً ثانياً، هو التقابل بين العسل والتبغ، من حيث أن أحدهما يكمل الأول، فالأول قبل الطبخ والثاني بعده، و»أصل آداب المائدة» الذي بيّن فيه كيف أنّ الانتقال إلى الثقافة يتجلّى في الأساطير بواسطة أخلاق تتعلّق بآداب المائدة وتربية النساء والزواج، وانتهاءً ب»الإنسان العاري» حيث تتجلّى الطبيعة في العري، بينما يتمّ الانتقال إلى الثقافة عن طريق التبادل التجاري. 3 - وكان الراحل كلود ليفي- ستروس مديناً لثلاثة مجالات علمية في بحثه عن البنية الخفية التي يمكن بها تفسير الظواهر، هي: الجيولوجيا، الماركسية والتحليل النفسي. تبيّن هذه الثلاثة أن الفهم يتمّ بإرجاع نمطٍ من الواقع إلى نمطٍ آخر، وأن الواقع الحقيقي ليس أبداً هذا الواقع الظاهر. مثلما أنّ حدوسه الأولى ازدادت دقّةً واتّخذت لغة يقينيّة وصبغة علمية عندما تعرَّف، عن كثب، على أثنولوجيا مارسيل موس الذي أحدثت دراسته عن «العطاء» لدى الشعوب البدائية ثورةً في الفكر الأثنولوجي، وعلى اللسانيات البنيوية التي أفادته في دراسة الظاهرات المجتمعية، كما على الرياضيات الحديثة التي أفادته، بدورها، في معالجة مشاكل القرابة بواسطة نظرية المجموعات، وفي تحليلاته للأساطير الطويلة والدقيقة للغاية بواسطة الرموز الرياضية. ومثلما يبدو من أبحاثه، كان يريد أن يجعل من الأثنولوجيا علماً يتميز بالدقة اللازمة لنشأة العلوم، وتكون بذلك، أيضاً، نموذجاً للعلوم الإنسانية الأخرى، لا سيّما وأنّها تجد في البنيوية سندها الابستيمولوجي ومنهجها العلمي الذي يسعى إلى التبسيط والتفسير، ويبني النماذج، ويقوم بالتجريب، كما أنّه قادرٌ على التوقع. ولا نستغرب، في هذه الحال، أن يقول ليفي ستراوس أنّه «لا يوجد في فرنسا إلاَّ ثلاثة بنيويّين حقيقيّين، هم: بينفنيست ودوميزيل وأنا. ولا يدخل الآخرون في هذا العدد إلاَّ بفعل ضلال». ويقصد بالآخرين: جاك لاكان، وميشال فوكو ولوي ألتوسير. وتجلّى التحليل البنيوي، عنده، في مجالين كبيرين، فقد تعلّق بأنساق القرابة أو الأنساق التصنيفية من جهة، والأنساق الأسطورية من جهة أخرى. وطالما ردّد أنّ الفكر البنيوي يبحث باستمرار عن التوفيق بين المحسوس والمعقول، كما لفت إلى أنّ البنيوية قد أعادت للغائيّة مكانتها، وردّت إليها اعتبارها من جديد بعد أن ساد الفكر العلمي المتشبّع بالنزعة الآليّة والتجربيية. وبسبب من الطابع الأكاديمي والسجالي الغنيّ لعلمه، لم يسلم كلود ليفي- ستروس من انتقادات معاصريه, منهم من يرى أنّه لا يلتزم في شأن مصادره بالدقّة الكافية، فهو قادر دائماً على أن يعثر بالضبط على ما يبحث عنه، ومنهم من قال إنّ ممارسته للجدل هيغليّة أكثر منها ماركسية، ومنهم من عاب عليه نكرانه للتاريخ الذي لا يجعل له في ما يكتبه سوى مكانة لا تذكر. برحيل كلود ليفي ستراوس يفقد الفكر الإنساني واحِداً من مغامريه الكبار، الذي ثار على تقاليد البحث العلمي، وأقام لوحده مدرسة في بحث تلك الآلة الرمزية المتعاظمة التي تنغلق عليها الحياة البشرية، من العائلة إلى المعتقدات الدينية، ومن الأعمال الفنّية إلى آداب المائدة. ولن تشغل صوَرُه الصفحات الثقافية لكُبْريات الصحف والمجلّات لأيّامٍ وأسابيع تنعيه إلى قرّائه المنتشرين في المعمورة فحسب، بل سوف تبقى صورَتُه كمفكّرٍ إشْكاليّ راسِخةً في ذاكرة الأرض لسنواتٍ طِوال إلى جانب إخوته الإشكاليّين فرويد وفوكو وبارث وبورخيس ودريدا، تمثيلاً لا حصْراً. وسوف يكون من المفيد أن يعود المرء، اليوم، إلى «المدارات الحزينة» سيرته الذاتية في الحياة والفكر، ليعلم أيّة «ضريبة رمزية» تلك التي أدّاها ليفي ستراوس من متاع روحه وجسده في عصْرٍ مضطربٍ ولولبيٍّ، حتّى يستحقّ كل هذا الاحترام وهو يُغمض عينيه عن شعلة هذا الكون. | ||
11/13/2009 |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
الفكر الميثولوجي ليس أقل قوة من فكر العلماء
حسونة المصباحي (٭
حسونة المصباحي (٭
منذ سنة بالضبط، وتحديدا في الثاني والعشرين من شهر نونبر كان عالم الانتروبولوجيا الكبير كلود ليفي ستراوس صاحب كتاب «مدارات حزينة» قد بلغ من العمر 100 عام. وهاهو يرحل أياما قبل إكماله السنة بعد قرن كامل من عمره المديد. ولأنه واحد من أعظم المفكرين الذين عرفهم العالم خلال القرن العشرين، ونظرا للدور الهام الذي لعبه في فتح آفاق جديدة أمام الانتروبولوجيا، وأمام الفلسفة الانسانية بصفة عامة، فإن فرنسا قد سبق وخصصت له احتفالات وندوات تعرّف بأفكاره، وبالقضايا الكبرى والاساسية التي عالجها في مجمل أعماله خلال مسيرته الفكرية الطويلة. وكانت البداية، صدور المجلد الأول من أعمال كلود ليفي ستراوس ضمن سلسلة «البلياد» الشهيرة المختصة في نشر أعمال عظماء الانسانية من الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين من مختلف اللغات والثقافات. وقد قال المشرف على صدور المجلد المذكور: »إن دخول كلود ليفي ستراوس ضمن سلسلة «البلياد» يمثل الاعتراف به كاتبا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. ونحن نتعرف على نوع من الكتابة والأسلوب اللذين يندرجان ضمن لغة وأسلوب كل من بوسييه وشاتوبريان. ويعني هذا الدخول إلى «البلياد» أيضا أننا نرغب في توسيع معنى ومفهوم الأدب. وهذا الأدب لم يعد معنيا فقط باستكشاف الذات الانسانية، وإنما بمجالات أخرى مختلفة ومتعددة. ثم إن كلود ليفي ستراوس يشكل لنا نوعا جديدا من القراءة. وعندما نقرأ أعماله، فإننا نقوم بتجربة لشكل من أشكال الفكر، ونجد أنفسنا مجبرين على أن نجعل فكرنا يتفاعل مع أفكار الشعوب التي درس أحوالها وأوضاعها. بهذا المعنى يمكن القول إن كلود ليفي ستراوس يحتفظ بشيء من التجربة الخاصة بالأدب في القرن العشرين...». ولد كلود ليفي ستراوس في بروكسيل ببلجيكا يوم 28 نونبر 1908. ومنذ الطفولة اهتم بثقافات الشعوب الأخرى، البعيدة بالخصوص. وكان أحيانا يحلم بالبرازيل، ذلك البلد الذي سحره فيما بعد، عندما نضج فكريا، فكتب من وحي رحلاته إليه، واقامته الطويلة فيه، عمله الفكري الرائع «مدارات حزينة». وعند دخوله إلى الجامعة، فتنته نظريات فرويد في علم النفس وأيضا أفكار ماركس. وعن هذا الأخير، كتب في ما بعد يقول: »لقد حلّقت بي قراءتي لماركس بعيدا حتى أنني عقدت الصلة من خلالها مع التيار الفلسفي الذي يبدأ من كانط وينتهي بهيغل. وقد بدا لي أن عالما بأكمله انكشف لي. ومنذ ذلك الحين، لم يفارقني التحمس لأفكار ماركس. ونادرا ما كنت أنشغل بمسألة تتعلق بعلم الاجتماع أو بالاثنولوجيا من دون أن أقوم مسبقا بشحذ أفكاري من خلال قراءتي لصفحات من مؤلفاته مثل « 18 من برومير للويس بونابرت» أو «نقد الفكر الاقتصادي». أما النظريات والفلسفات الميتافيزيقية مثل الفينومينولوجيا والوجودية، فلم تفتن المفكر الشاب الذي هو كلود ليفي ستراوس الذي اكتشف خلال السنة الفاصلة بين 1933 و1934، كتابا سوف يحدد مساره الفكري. ولم يكن هذا الكتاب إلا »المجتمع البدائي« لروبرت. هـ. لويفي الذي ساعده على اكتشاف حياة وتقاليد البعض من المجتمعات البدائية، وجعله يشعر بأن فكره انفتح للمرة الأولى على «الهواء الطلق». وواصفا المشاعر التي هزت نفسه إثر قراءته للكتاب المذكور، كتب كلود ليفي ستراوس يقول في «مدارات حزينة»: «مثل حضري يطلق في الجبال، انتشيت بالفضاء في حين كانت عيني المنبهرة تعاين ثراء الأشياء وتنوّعها». بعد اكتشافه للأنثروبولوجيا الأنجلو - أمريكية، اندفع الشاب كلود ليفي ستراوس لاكتشاف الثقافات البدائية وفي ذهنه قصة هندي تمكن من الفرار من القبائل الكاليفورنية (نسبة إلى كاليفورنيا) التي كانت لا تزال متوحشة. وعلى مدى سنوات، ظل هذا الهندي يعيش مجهولا من قبل سكان المدن الكبيرة، ناحتا الحجر، ليصنع منه رؤوس النبّال التي كان يصطاد بها. وشيئا فشيئا انقرضت الحيوانات والطيور التي كان يصطادها ليجد نفسه ذات يوم عاريا وجائعا عند مدخل المدينة الكبيرة. وقد انهى هذا الهندي حياته حارس عمارة في كاليفورنيا. وفي ما بعد سيكتب ليفي ستراوس قائلا: »العالم بدأ من دون الإنسان، وسوف ينتهي من دونه أيضا. والمؤسسات والعادات والتقاليد التي كان عليّ أن أمضي الشطر الأكبر من حياتي في فهمها وفي استكشافها وإحصائها هي في حقيقة الأمر بداية تفتّح عابر لتكوين لا نملك تجاهه أي معنى، سوى السماح ربما للانسانية بأن تلعب فيها دورها«. في عام 1935، وبعد أن درّس الفلسفة في المعاهد الفرنسية انطلق كلود ليفي ستراوس إلى البرازيل حيث عيّن أستاذا في جامعة ساوباولو التي ظل فيها حتى عام 1938. وخلال هذه السنوات، اقترب المفكر الشاب من القبائل البدائية في غابات »الامازون« وبدأ ينشغل بدراسة سلوكياتها، وعاداتها، وتقاليدها. ومتحدثا عن اكتشافات كلود ليفي ستراوس في هذه المرحلة الحاسمة من مسيرته الفكرية، كتب أحدهم يقول: «إن أهم إسهام لكلود ليفي ستراوس هو مشاركته في ليّ عنق الرؤية الاثنولوجية المركزية للحضارات كما تم ترويجها من قبل فلسفة التاريخ لدى ماركس: فـ «البدائيون» بحسب هذه الفلسفة يشكّلون مرحلة ثقافية متخلفة في التاريخ الانساني. واليوم، وقد أصبح تقييم الهويات والاختلافات الثقافية مبدأ، فإنه من الصعب علينا معاينة أهمية مثل هذا النقل. ومع ذلك، ومن دون أن نحترس، فإن عمق هذا المفهوم لم يختلف بعد، حتى على مستوى الفكرة العفوية التي تقول إن المجتمعات البدائية قد تكون «أقرب من الطبيعة» من المجتمعات المتحضرة. فإن ننظر إلى غياب الحضارة كشائبة (ايديولوجية التقدم)، أو كفضيلة (نقد الحداثة)، فإن نفس الفكرة الغامضة حاضرة. وهذه الفكرة تقول إن البدائيين ينتمون إلى الطبيعة أكثر من انتمائهم للثقافة. وضد هذا ركز ليفي ستراوس نقده قائلا إن هذه المجتمعات لا تمثل مرحلة طفولية وسفلى في تاريخ الانسانية - كان ليفي برومل يتحدث عام 1910 عن «عقلية ما قبل المنطق» - وإنما هي مؤسسات معقدة لا رغبة له في ما نمتلكه نحن بحسب مقاييس ثقافية. وأشكال هذه الثقافة المتوحشة هي التي سيضع ليفي ستراوس أسسها في اتجاهين أساسيين: التحليل الانثروبولوجي لبنى الأبوّة والتحليل الايديولوجي للحكاية الميثولوجية، أي الحالات الاجتماعية العامة والخطب الجماعية التي ترافقها». نهاية الثلاثينات من القرن الماضي عاد ليفي ستراوس إلى فرنسا، غير أن اندلاع الحرب الكونية الثانية جعله يسرع بالرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعيش هناك سنوات طويلة التقى خلالها بعدد كبير من المفكرين والمبدعين والفنانين والفلاسفة. كما التقى العالم اللغوي الشهير رومان جاكوبسون الذي كان أول من ساعده على وضع الأسس الأولى لما أصبح يسمى ب «البنيوية» التي ستصبح العدوة اللدودة لوجودية سارتر «هذا الطفل المدلل وغير المحتمل الذي شغل طويلا المشهد الفلسفي، مانعا كل عمل جدي مطالبا الناس بأن يكونوا منتبهين له هو فقط». بعد الحرب، أصبح ليفي ستراوس مستشارا ثقافيا في السفارة الفرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد ظل في هذا المنصب حتى عام 1948. وعند عودته إلى فرنسا، عمل في التدريس وفي الآن نفسه انشغل بتأليف واحد من أعماله الأساسية، أعني بذلك »البني الأولية للقرابة« الذي كتب في نهايته يقول: «لقد لاحظنا هكذا أن قواعد معتمدة واعتباطية في الظاهر يمكن أن تختصر في عدد صغير: ليس هناك إلا ثلاث بنى قرابة ممكنة تتشكل بمساعدة موضوعيْ تبادل يتعلقان بطابع مفارقة وحيد، هو الطابع المتطابق أو المتفاوت للنظام المدروس». وخلال الخمسينات من القرن الماضي، انشغل كلود ليفي ستراوس بما سماه «وضع قليل من النظام داخل العلوم الانسانية». وقد كتب يقول في »الانسان عاريا« الذي أصدره عام 1971: «لقد نجحت الفلسفة ولوقت طويل في أن تحبس العلوم الانسانية داخل حلقة وذلك بعدم السماح لها بأن تدرك بالنسبة للوعي أي موضوع آخر للدرس غير الوعي ذاته (..) وما تريد الماركسية استكماله بعد روسو، وماركس، ودوركهايم، وسوسير، وفرويد هو الكشف عن موضوع آخر للدرس من غير الوعي. وإذن جعله في مواجهة الظواهر الانسانية في وضع مشابه للوضع الذي نجحت فيه العلوم الفيزيائية والطبيعية في أن تثبت أنه الوحيد القادر على السماح للمعرفة بأن تعمل وبأن تكون«. وعندما كان المثقفون الفرنسيون منشغلين بالقضايا السياسية، خصوصا خلال حرب التحرير الجزائرية، رفض كلودليفي ستراوس الانضمام إلى صفوفهم وأبدا لم يُمض على أية عريضة من تلك العرائض التي طالبت باستقلال الشعوب المستعمرة (بفتح الميم). وكان يقول: «نحن لا نستطيع أن نقيّم مجتمعا انطلاقا من نظام معيّن. واي مجتمع هو قبل كل شيء مصنوع من ماضيه، ومن عاداته ومن ممارساته: مجموعة من العوامل اللاعقلانية ضدها تتكالب الأفكار النظرية». وكان يقول أيضا: »من الأفضل أن أواصل العمل بكتمان، وأن أحاول لأحل المشاكل الكبرى لمصير الانسان أو لمستقبل المجتمعات، وإنما تجاوز صعوبات صغيرة لا أهمية لها في الوقت الراهن. وقد اخترتها لأنني أعتقد أنه باستطاعتي معالجتها بطريقة دقيقة لا تقدر عليها تلك العلوم التي تسمى بالعلوم الانسانية وذلك عندما تتصدى منذ البداية لمواضيع جدّ معقدة على أمل أن تساهم ولكن على مدى طويل في بلورة فهم أفضل لأولويات الحياة الاجتماعية ولنشاط الفكر الانساني«. من عام 1959 وحتى عام 1982، وهي السنة التي تقاعد فيها، عمل كلود ليفي ستراوس استاذا في «الكوليج دوفرانس». وفي عام 1973 أنتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية. عن كلودليفي ستراوس، كتب اللغوي والفيلسوف تودوروف يقول: «يجسد كلود ليفي ستراوس بالنسبة إليّ راهنا امكانية تجاوز الفصل التقليدي بين العالم والفنان. فقد عرف كيف يبيّن أن الفكر الميثولوجي ليس أقل قوة من فكر العلماء. وقد أثبت ذلك في جميع كتبه التي لا يقل جمالها عن جمال الروايات». (٭) كاتب وأديب تونسي، خصنا مشكورا بمقالته هذه بعد رحيل ستراوس.. | ||
11/13/2009 |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
كلود ليفي شتراوس..
لم أعد أنتمي إلى هذا العالم
عبد الصمد الكباص
لم أعد أنتمي إلى هذا العالم
عبد الصمد الكباص
« القلب لا يعرف أبدا الشيخوخة »، تكفي هذه العبارة التي قالها ذات يوم كلود ليفي شتروس لصديقته الفيلسوفة كاترين كليمان، للدلالة على قوة مسار هذا الرجل وغناه الفكري وطراوته الإبداعية التي زادت نضجا وتألقا مع توالي السنين. وتنطبق عليه تلك الإجابة الطريفة التي قدمها المغني شارل أزنافور عندما حل ضيفا على نشرة الأخبار في السنة الماضية بقناة «ت. ف 1» الفرنسية ، حيث سألته الصحفية قائلة « إنك تتجاوز الثمانين من عمرك و مازلت تغني و تقف فوق الخشبة.. هل ذلك ممانعة منك اتجاه الشيخوخة ؟ ». فرد عليها المغني : «سيدتي عليك أن تعلمي، أن التقدم في السن ليس بالضرورة شيخوخة » .. ذلك بالضبط ما يمكن العثور عليه في هذا المشوار الطويل الذي يغطيه إسم كلود ليفي شتروس ، والذي حافظ على نظارته لما يفوق مائة سنة . بموت كلود ليفي شتروس يكون عصر بكامله قد أكمل دورته.. عصر شكل الاختلاف سؤاله المركزي والتعدد نواته النظرية. وبنته أسماء فكرية كبيرة انسحبت تباعا كميشيل فوكو و جاك ديريدا و جيل دولوز.. وكان آخر المنسحبين منها صاحب «الانثربولوجيا البنيوية». ليعوضهم جيل آخر من المفكرين الذين يتمتعون بشعبية واسعة و انتشار كبير ويقترحون رؤية جديدة يعوّض فيها سؤال الاختلاف بسؤال البناء الجمالي للذات وأسلوب الحياة ومتعة الحاضر؛ في مقدمتهم الفيلسوف ـ النجم «مشيل أنفراي» صاحب مبادرة الجامعات الشعبية للفلسفة والأرقام القياسية في مبيعات الكتب و «أندريه كومت سبونفيل» الذي يؤطر مشروعه الفلسفي شعار « الفلسفة بضمير المتكلم » .. كان ميلاد كلود ليفي شتروس في 28 نونبر من سنة 1908 ببروكسيل . وتابع دراسته بباريس التي انتهت بحصوله على شهادة التبريز في الفلسفة. لم يكن اختياره لهذا التخصص شيئا اعتباطيا. ففي أحد الحوارات المتلفزة التي أجراها معه بضيعته بكوت دور سنة 1972 جورج مارشون يكشف شتروس عن سر انجذابه للفلسفة في هذه المرحلة قائلا :« كان حينها لدي ميل للأفكار ، و كنت أعتقد ـ إما عن صواب أو خطأ ـ أن ذلك ما يمكنني ممارسته بيسر .. » غير أنه يربط اهتمامه بالفلسفة بولعه القوي في فترة يفاعته بالرسم و الموسيقى و التحف القديمة ، و وحدها الفلسفة كانت في نظره قادرة على استيعاب كل ذلك .. تكمن حياة قوية و غنية خلف المشوار الفكري للرجل ، لا تنفصل فيها المغامرة عن التجربة الفكرية كما عبرت عنها أعماله . ففي فترة شبابه و بداية ممارسته التدريس كان منجذبا أكثر للسياسة كما كشف ذلك لمحاوره جورج مارشون . حيث اتصل بالفكر الاشتراكي من خلال مناضل ببروكسيل اكتشف عبره عوالم كارل ماركس و فريدريك إنجلز و يعترف بتأثيرهما البالغ في تكوينه الفلسفي . تعرفه على سيغموند فرويد كان أيضا متاحا من خلال أحد لقاءات الحياة و صدفها التي جمعته أيام الدراسة بزميل له كان والده طبيبا مختصا في الطب العقلي هو مارسيل بياتون الذي ساهم إلى جانب ماري بونابارت في تعريف الفرنسيين بفكر فرويد . كان في ذلك الاكتشاف طابعا مدهشا بالنسبة لشخصية تتوجه لتكون إحدى عبقريات القرن العشرين و أحدأعلامها العظام . « كان ذلك من الاكتشافات الكبرى في حياتي ـ يقول ليفي ستراوس ـ فقد علمني فرويد أن ما يمتثل خلف المظاهر الأكثر عبثية و لا عقلانية يخفي وراءه معقولية سرية .. « تكشف مسيرة شتروس أن الفكر لا يمكن أن يكون في عمقه سوى تمرنا على الوجود و أسلوبا في الحياة و شكلا من ممارسة الذات . ففي قلب الرهانات النظرية الكبرى يتحرك شغف خاص بالحياة . تنضبط حالة شتروس لما يسميه الفيلسوف مشيل أنفراي بالهاباكس الوجودي hapax existentiel الذي يعين به حدثا كبيرا يقلب مجرى الفيلسوف و يحول مساره الفكري لينبري على أسئلة بعينها و إشكاليات بذاتها . يعطي في ذلك مثلا بالفيلسوف جول لوكيي الذي انتهى منتحرا في فبراير 1862 . و الذي كان انصرافه إلى التفلسف مرتبطا بحادث عارض قد لا يبدو لشخص آخر ذي أهمية تذكر . ففي أحد الأيام صادف أثناء مروره قرب شجرة أن لمس أحد أغصانها فطار منه عصفور صغير ماكاد يغادر الشجرة حتى تمكنت منه مخالب صقر . أبكى ذلك لوكيي كثيرا لشعوره بالمسؤولية على ما وقع للعصفور فانبرى بسبب ذلك للتصدي لمسألة الضرورة و الحرية . بالطبع ليس هناك أي تماثل بين حالة جول لوكيي و حالة كلود ليفي ستروس . لكن هناك شئ لايخلو من إثارة في مسار صاحب « المدارات الحزينة « فالإتنولوجيا التي تألق فيها شتروس و مارس إبداعه الفكري ، لم تكن تخصصه الأصلي و لا مجال تكوينه . حينها ـكما يقول ـ لم يكن للإثنولوجيا أي وضع رسمي في النسق الأكاديمي الفرنسي و لم تكن تخصصا قائم الذات . يعترف أن ارتباطه بها لم يكن ممكنا لولى لقائه ببول نيزان الذي نبهه إلى أن الإثنوغرافيا يمكن أن تشكل منفذا لشخص مبرز في الفلسفة مثله . لكننه يعود إلى الإقرار بأن في اختياره هذا إشباع لشغفه الدائم بالمشي على الأقدام و والتخييم و ارتياد الغابات و تسلق الجبال . إنه مرتبط برغبته في اكتشاف آفاق جديدة .. ربما الشغف نفسه هو ما نجده خلف استجابته لدعوة هاتفية تلقاها سنة 1934 للتدريس بجامعة ساو باولو بالبرازيل . إذ يشير في أحد الحوارات التي أجريت معه سنة 2005 ، أن استجابته السريعة تلك كانت بسبب عشقه للغابات . يعتبر شتروس فترة تدريسه بالبرازيل هي الأهم في حياته . فرغم أن انتقاله بعد الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث حدثت لقاءات مع مفكرين كانت حاسمة في صنع مآله الفكري كما هو الشأن بالنسبة للقائه برومان جاكبسون ، إلا أن البرازيل ظلت بالنسبة إليه تجربة استثنائية . يرجع ذلك في تقديره لأنها تهم فترة شبابه حتى أنه يصعب الفصل بينهما . يضاف إلى ذلك احتكاكه بالشباب البرازيلي الذي كان يحمل رؤية للعالم مختلفة عن تلك السائدة في أوروبا . معاني كثيرة تغيرت مع ليفي شتروس الذي استهلك رسميا في اعتباره مؤسس البنيوية . كان ذلك منسجما مع فتنة عصر بالمنهج . لكنه حجب الأهم و هو جعله التفاضل بين الحضارات بلا أساس .فأهمية ستروس لم تكن مجرد نقلة منهجية في الانثربولوجيا بتأسيسها بناء على نموذج لسني ، و إنما في كشف أن تراتبية الثقافات و تفاضلية الحضارات هي بلا اساس ، إن البدائية ليست مرحلة دنيا من الحضارة الإنسانية أو درجة متخلفة منها . لقد كان منشغلا كما قال وهو يتأمل مساره بأن الحضارة الغربية وعت منذ نهاية القرن 18 قوتها فامتدت في كل أصقاع الأرض و هددت الآلاف من المجتمعات الصغيرة بتنوع ثقافاتها التي تشكل رافدا اساسيا للتراث الإنساني . وكتب في هذا السياق «العالم بدأ من دون الإنسان، وسوف ينتهي من دونه أيضا. والمؤسسات والعادات والتقاليد التي كان عليّ أن أمضى الشطر الأكبر من حياتي في فهمها وفى استكشافها وإحصائها هي في حقيقة الأمر بداية تفتّح عابر لتكوين لا نملك تجاهه أي معنى، سوى السماح ربما للإنسانية بأن تلعب فيها دورها». حينما كانت فرنسا في السنة الماضية تحتفل بالذكرى المئوية لميلاد كلود ليفي ستراوس كتب مقدم أعماله في مجموعة لابلياد قائلا:« عندما نقرأ أعماله، فإننا نقوم بتجربة لشكل من أشكال الفكر، ونجد أنفسنا مجبرين على أن نجعل فكرنا يتفاعل مع أفكار الشعوب التى درس أحوالها وأوضاعها. بهذا المعنى يمكن القول إن كلود ليفى ستراوس يحتفظ بشيء من التجربة الخاصة بالأدب فى القرن العشرين...». ربما تكفي هذه العبارة للتعبير عن قوة فكر الرجل و إسهامه الكبير في تأسيس الصرح الإبداعي للحضارة الإنسانية في القرن العشرين . فقد قاد الإنسانية إلى بلورة شكل جديد من الوعي بتنوعها الثقافي و جدد رؤيتها لاختلافها خارج أية تراتبية ، و فتح آفاق متحررة لإدراك مأزق التجربة التي يجتازها المجتمع الإنساني في العصر الحديث ، لقد سمح للنموذج المهيمن أن يدرك حدوده في مرآة المجتمعات الصغرى . في أحد الحوارات المتلفزة التي أجريت معه سنة 2005 سأله الصحفي: « قلت مرة أنك لم تعد تنتمي لهذا العالم ، هل يمكن تفسير مامعنى ذلك ؟ ».. فأجابه ستراوس بقوله : « عندما ولدت كان عدد سكان العالم مليار ونصف ، عندما وصلت ساو باولو صار عددهم مليارين ، واليوم عددهم ستة ملايير ، وبعد عشرين أو ثلاثين سنة سيصبحون تسعة ملايير . لذلك فأنا أحس أنني لم أعد أنتمي لهذا العالم ..» | ||
11/13/2009 |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ستراوس /ملف الملحق الثقافي -الاتحاد الاشتراكي
فرنسا تكرم ذكراه..
كلود ليفي ستراوس .. مفكر خالد
ترجمة : سعيد بــوخليط
كلود ليفي ستراوس .. مفكر خالد
ترجمة : سعيد بــوخليط
I ـ مفكر القرن : هو، أنثروبولوجي وإثنولوجي، أستاذ شرفي بكوليج دوفرانس، عميد الأكاديمية الفرنسية، صاحب أطروحة الفكر البدائي، ثم آخر ممثلي قرن أساتذة التفكير... مات بباريس يوم 3 أكتوبر 2009. 28 نوفمبر 1908، ولادة ليفي ستراوس بمدينة بروكسيل، بين أحضان أسرة تتكون من الفنانين 1909، ترك بلجيكا لكي يستقر بفرنسا، باريس أولا ثم فيرساي 1918، عودته إلى باريس ودراساته الثانوية بمدرسة : Janson-de-Sailly. 1935، نال شهادة التبريز في الفلسفة، تدريسه للسوسيولوجيا، بساوباولو، وتجليات أول اتصالاته بهنود الأمازون. 1940، ذهابه إلى نيويورك، وبعد أن انضم إلى فرنسا الحرة، درَّس بالمدرسة الحرة للدراسات العليا. 1949، أصبح نائب مدير «متحف الإنسان» بباريس، دفاعه عن أطروحته : [الأبنية الأولية للقرابة]. 1960، (5 يناير)، ألقى الدرس الافتتاحي بكوليج دو فرانس، كما أسس مختبر الأنثروبولوجيا الاجتماعية. 1961، إصدار أول إعداد مجلته «الإنسان». 1973، انتخابه لعضوية الأكاديمية الفرنسية. 1983، سفره الثالث إلى اليابان. 1984، زيارته لإسرائيل. 1985، بمناسبة إقامة رسمية للرئيس فرانسوا ميتران بالبرازيل، فقد شكل ذلك فرصة سانحة أمام ليفي ستراوس ليعثر ثانية على البلد الذي غادره منذ خمسين سنة، هيأت له جامعة ساو باولو استقبالا حماسيا. 1989، معرض «أمريكيو ليفي ستراوس» بمتحف الإنسان. 2006، دشن الرئيس جاك شيراك متحف «الفنون الأولى» معبرا عن تقديره الشديد ل ستراوس 2008، وُضِعت مؤلفاته ضمن قائمة ما تتضمنه المؤسسة النفيسة : Bibliothèque de la pléiade . 28 نوفمبر 2008، احتفال بعيد مولده المائة، زاره الرئيس ساركوزي في بيته كي يعبر له عن امتنانه ويشكره باسم كل الوطن. إذن عن عمر يناهز 101 سنة، ودعنا ليفي ستراوس أحد الرموز الأساسية للثقافة الفرنسية في العالم، بعد أن جسد العلم الحديث برفعة وبساطة لا يضاهيان. سيتردد صدى رحيله من «هارفارد» إلى «يال»، وفي البرازيل وكذا داخل كل مدرجات جامعات العالم، بنفس الحدة كما هو الحال في باريس. لقد، كان ربما آخر مفكر فرنسي بأبعاد كونية جد واسعة. سيعرف ليفي ستراوس عالميا، بكونه قد كرس ذاته للتعميم، حينما أدخل البنيوية إلى الأنثروبولوجيا. فأعمال مثل «البنيات الأولية للقرابة»، «الأنثروبولوجيا البنيوية»، أو «الفكر البدائي»، أضحت الآن خالدة. نجد أيضا في الريادة كتاباته عن «النيئ والمطبوخ» أو «أصل طرق المائدة»، حيث فتنت جمهورا واسعا. أما، دراسته المعنونة ب «المدارات الحزينة» وبدءا من أولى مقاطعها الرائعة : «أكره الأسفار والمستكشفون»، فقد شهدت نجاحا كونيا. رؤية ليفي ستراوس المتقاطعة إلى الحضارات، غيرت بعمق فكرة الثقافة ذاتها، إنه رجل للحاضر والأبدية. من أتاح لهم الحظ فرصة التعرف إليه عن قرب، اكتشفوا ستراوس أكثر لباقة ودماثة وتواضعا، اعتقدوا معها محاوروه دائما ـ خطأ ـ بأنهم أنداد له. استثنائي كذلك على مستوى ثقافته الأدبية، وكذا ذاكرته، فلا أحد مثله يلم ب لا فونتين وبودلير، وحتى آخر أيامه ظل يستشهد بهما بفتوة مدهشة. سيشكل رحيله، حزنا حقيقيا للذين أضمروا له إعجابا دائما. احتفى به العالم قاطبة. دُرِّس في كل الجامعات الأوروبية والأمريكية، كما تُرجِم إلى أربعين لغة. لكن، كلود ليفي ستراوس يصر بشيء من التأنق على رفضه بطاقة أستاذ للفكر. عندما، استحضرنا معه ذلك، داخل شقته المتواجدة بحي باسي Passy، والتي تتزاحم فيها الكتب والذكريات، أكد ستراوس بأن صفة كهاته تثير لديه الانقباض والرفض. يقول : «أثناء مراهقتي، ربما حلمت بدور أستاذ للتفكير، لكن هذه الرغبة تلاشت». صاحب «سلالة وتاريخ»، الذي ولج الأكاديمية الفرنسية سنة 1973 يفضل تعريف ذاته مثل حرفي يشتغل في العمق على أسئلة محددة : «لا أبالي كثيرا بما يأتي من دماغي»، يكرر على غرار ديكارت. هذه السخرية المستمرة والعلنية ثم اليقينية ، مثلت واحدة من السمات المميزة لعقله. ستراوس، الذي امتلك النكهة والأسلوب، لا يترك أي شخص غير مكترث. نتذكر، جملته المتهتكة التي افتتح بها «المدارات الحزينة» : «أكره الأسفار ورواد الاستكشاف»، العرض التأسيس الصادر سنة 1955، يشكل مع ذلك واحدا من الكتب الاستكشافية الكبرى خلال القرن العشرين. ولد كلود ليفي ستراوس بمدينة بروكسيل يوم 28 نوفمبر 1908 وسط عائلة، تتألف من رسامين وموسيقيين فرنسيين. مفكر، رفض البقاء عند حدود مركز معين، بالتالي لم يشعر قط بالرغبة في توجيه فكره نحو بؤرة معينة. وفضل حفيد حاخام مدينة فيرساي، الارتقاء المتمرد صوب موضوع بحثه. سلسلته «أساطير» : النيئ والمطبوخ (1964)، من العسل إلى الرماد (1967)، أصل طرق المائدة (1968)، والإنسان العاري (1971)، مجموعة إشارات واقعية للإثنولوجي، انتهت بتقديم خلاصات دقيقة جدا للفيلسوف. مع ذلك، بعد مضي ربع قرن على إنجاز هذه الرباعية التأسيسية، تحدث كلود ليفي ستراوس عن مأساة للبنيوية نظرا لتحجرها بين ثنايا نظرية فلسفية. على امتداد، حياته، أظهر صاحب الفكر البدائي عن مهارة في المراوغة، مما أضفى على مغامراته الذهنية فنا للمعنى. يحب كلود ليفي ستراوس التذكير، بأن كل شيء بدأ ذات يوم أحد من خريف 1934، حين تلقى اتصالا هاتفيا من مدير المدرسة العليا للأساتذة، لكي يقترح عليه منصب أستاذ السوسيولوجيا بجامعة ساو باولو. حصل، ستراوس على الإجازة في القانون والتبريز في الفلسفة سنة 1931، ثم بعد دراسات بالسوربون، انتقل لممارسة التدريس بثانوية «Laon». شاب مرتاب، يعشق في الآن ذاته الجيولوجيا، الموسيقى، الأدب، الرسم، التنجيم، الفنون الغرائبية، وكذا الأعمال الاقتصادية لماركس، تبين له استحالة رفضه لاقتراح المدير، لذلك سيعبر المحيط الأطلسي سنة 1935 رغبة في اكتشاف البرازيل : ((إنها التجربة الأكثر أهمية في حياتي))، صرح سنوات بعد ذلك. غداة الهدنة، وبعد سنة من عودته إلى فرنسا، لم يجد ثانية مقعدا للتدريس، حيث اصطدم بتشريعات فيشي Vichy المعادية للسامية، فتحول إلى «طريدة داخل معتقل». ترك، فرنسا مرة أخرى متوجها إلى نيويورك للاستقرار فيها بين سنوات 1941 -1944 إلى جانب حشد من المفكرين والفنانين المنفيين. هناك، وضع لبنات مرحلة مفصلية أخرى في حياته، بمؤسسة : [New Scool for social Research]، وكذا المدرسة الحرة للدراسات العليا. بمدينة نيويورك أيضا، حيث وقع التزما مع القوى الفرنسية الحرة، واصل ليفي ستراوس الدفاع عن مسألة استقلال رجل العلم عن السياسي. يسترجع فترات الحقبة تلك بتأثر : ((كان مكسبا رائعا بالنسبة إلي، أن يقبلني فجأة هؤلاء العلماء... وفرصة لاكتشاف اللسانيات مع رومان جاكبسون)). سنة 1947، رجع ليفي ستراوس بصفة نهائية إلى فرنسا، ليشغل وظيفة نائب مدير «متحف الإنسان» (1949)، والذي أثراه قبل الحرب بتحف برازيلية. لقد جمع بوفرة محتويات اثنوغرافية قبل أن يحتك بنظريات المدرسة الأمريكية. لكن، حان الوقت كذلك قصد إضفاء الانسجام على متنه الفكري، ذلك ما قام به سنة 1949 مع أطروحته بخصوص : [البنيات الأولية للقرابة]، بيّن من خلالها أن الالتزام عند مجموعة اجتماعية فيما يتعلق بإعطاء النساء أو الحصول عليهن وحظر ارتكاب المحرّم، أسس للثقافة في قلب الطبيعة. بفضل ستراوس، إذن عثر الإثنوغرافي على موقع جديد داخل علوم الإنسان. في السنة الموالية، أصبح كلود ليفي ستراوس مدير الدراسات ب «المدرسة التطبيقية للدراسات العليا»، ثم التحول إلى كرسي الأنثروبولوجيا الاجتماعية الذي وُضع خصيصا له سنة 1959 بمعهد كوليج دو فرانس. فهذا : «العارف الفلكي بالمجموعات الإنسانية»، وقد أخذ بعين الاعتبار كل نتاجات النشاط الاجتماعي، أدوات، موضوعات، طعام، أناشيد، رقصات، أشكال سحرية، مهووس بقراءة الثقافات كأنساق رمزية. على امتداد خمسين سنة الماضية، جسَّم ستراوس الأستاذ والفنان قطبا علميا، فقد أرسى مرتكزات مشروع يتداوله كل العالم. حظي بهالة داخل فرنسا ووضع اعتباري متميز. انتمى إلى عدة أكاديميات أجنبية، كما تُوِّج بدكتوراه فخرية من طرف جامعات أكسفورد ويال وكولومبيا. من جانب آخر، تعرض ستراوس للتشنيع حينما آخذ عليه البعض، إعطاؤه لوجهة نظر فلسفية حول الإنسانية نظاما علميا. بقي ستراوس منفتحا هاته السنوات الأخيرة، لكنه لا ينخدع بالمستقبل الزهيد، كمايتضمنه وقتنا الراهن. الذين زاروه، أفصح لهم عن تعلقه بالحياة بناء على إحساس كوني أكثر منه روحي. يجيب، على الرسائل التي يتلقاها، ويتابع الإصدارات الحديثة، كما يتواصل باستمرار مع رواده الفرنسيين وغيرهم. ستراوس مع تواضعه، هو صاحب نزعة إنسانية، منح نفسه امتياز أن يعيش اللحظات المتبقية من عمره في تألق لا نهائي. II ـ عالِم في البرازيل. لا ندرك اليوم جيدا، تأثير الفكر الفرنسي على أمريكا اللاتينية قبل الحرب. بجامعة ساو باولو، التقى ستراوس ثانية مع المؤرخ «فيرناند بروديل»، والجغرافي «بيير مونبيغ»، وكذا السوسيولوجي «روجي باستيد»، وحاضر باللغة الفرنسية أمام طلبة ينتمون للأوليغارشية المحلية. مثل، مسافري منطقة النورمندي إبان القرن 16، الذين افتتن بحكاياتهم مونتين، لن يتردد ستراوس كي «يصير برازيليا»، وهو يخضع الثقافة الأوروبية التي كان ممثلا لها، إلى الرؤية النقدية. فبدأت حقبة التفكيك البنيوية والتأويلات المتعددة الاختصاصات، لكن تكرارها الميكانيكي عند تلامذة غير مؤهلين، شكل خيانة لمسار كلود ليفي ستراوس: «أعشق تلك الظواهر المهملة جدا، لتحريك الانفعالات الإنسانية، لكنها قد تصير أحيانا موضوع معرفة دقيقة». انعدم كليا وجود هذا العلم بالمتعدد المتناهي، والذي تمكن الأستاذ الشاب من الاشتغال عليه، لحظات أسفاره الإثنوغرافية إلى القبائل الهندية «ماتو غروسو» (Mato Grosso) والأمازون بين سنوات 1935-1939. أساطير، عادات، فنون، لغات، قواعد القرابة، دين، مؤسسات، كل شيء يسحر عند هنود : كادوفيو Caduveo، بورورو Bororo، نامبيكوارا Nambikwara، توبي ? كاواهيب Tupi- Kawahib. بجوارها، استوعب ستراوس «الفكرة البدائية» وفحص بنيته الباطنية : ((مع هنود أمريكا، أحببت الانعكاس، بل هو عابر هناك. خلال حقبة كان فيها النوع عند مستوى عالمه، يصرُّ على علاقة متماثلة بين ممارسة الحرية وعلاماته)). III ـ ثلاث كتب أساسية : * المدارات الحزينة : [Tristes Tropiques]. العمل الذي أعطى شهرة لكلود ليفي ستراوس، صدر سنة 1955 ضمن سلسلة «الأرض الإنسانية» التي أشرف عليها آنذاك الكاتب والإثنوغرافي «جون مالوري». وبقدر قابليته للتناول، فقد التصق الكتاب أيضا أكثر من العناوين الأخرى بذاتية ستراوس، البالغ من العمر آنذاك 47 سنة. يمزج بين القصد السير ذاتي والتحليل الأنثروبولوجي، يتجول القارئ مع ستراوس بين القبائل التي زارها بالبرازيل والبنجاب، ثم باكستان. ويكشف معه، كيف أصبح الرجل عالما بالإثنولوجيا ؟ واستماتته مدافعا عن قضية البدائيين ضد رؤية للحضارات متمركزة إتنيا. * الفكر البدائي [La pensée Sauvage]. ظهر سنة 1962، فضح ستراوس بين صفحاته، ما نهمشه من تعقيد عند الشعوب، الموصوفة بأنها «بدائية». كما رفض عبره أيضا، وجودية سارتر، وهو ما سيشكل موضوع جدالات ظلت مأثورة بعد ذلك وبالأخص قضية التطور في التاريخ. * كوكبة الخالدين [La Pléiade]. في السنة الماضية، كان ليفي ستراوس أول أنثروبولوجي، تضمه مصنفات «مكتبة المشاهير». كذلك، نادرا ما تصدر المكتبة إنتاج رائد ما وهو لا يزال على قيد الحياة. احتوى هذا العمل على ما كتبه ستراوس خلال نصف قرن. لاشك، ستحقق المكتبة نجاحا غير معهود وهي تخرج إلى القارئ فكرا من هذا الطراز. IV ـ البنيوية في أربعة أسئلة : 1 ـ ما هي البنيوية ؟ نظرية، تؤكد عدم إمكانية ضبط الكائن الإنساني إلا في إطار شبكة علاقات رمزية، والتي بقدر ما هي بنيات يساهم فيها بشكل لا واعي. استلهمتها أبحاث الأنثروبولوجيا والإثنولوجيا واللسانيات، مما أدى إلى تطور مفهوم البنيوية بعيد الحرب العالمية الثانية. في دراسته الأولى المهمة : [البنيات الأولية للقرابة] (1949)، وضح ستراوس أهمية منع ارتكاب المحرَّم في العلاقات بين الرجال والنساء عند هنود الأمازون. شبكة من العلاقات، سنقف عليها في عمله : [المدارات الحزينة]. من خلال كل ميادين الحياة الاجتماعية، وكذا العطاء الفني، كما هو الحال مثلا مع روايات بروست أو فاغنر، سعى ستراوس إلى تبيان القواعد التي تهيكل عناصر النتاج الإنساني وتمنحه المعنى. اعتُبر، كواحد من اللذين تمثلوا هذا الهاجس البنيوي، إلى جانب أعمال فلاسفة كميشيل فوكو، لوي ألتوسير، ولسانيين مثل رومان جاكبسون، أو مختصين في التحليل النفسي حيث يحضر اسم جاك لاكان، الذي أمكنه الجزم وهو يقتفي أثر ستراوس، بأن «اللاوعي مبنين مثل اللغة». 2 ـ هل يعتبر ستراوس مبدع البنيوية ؟ بالطبع، يرتبط عمل ستراوس بموجة واسعة من الأفكار تجلت سنة 1960، سُميت بالبنيوية. وعلى الرغم، من احتفاظه دائما بمسافة أمام هذه التسمية التي استفادت من انتشار واسع لنموذجها، يمكننا أن ننظر إلى ستراوس، باعتباره المحرك الجوهري لهذه الكيفية الجديدة في التفكير. 3 ـ ما هو الأثر، الذي خلفه ستراوس في تلك الفترة ؟ لقد قام بدور محوري في فرنسا وخارجها، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه قاوم الوجودية التي هيمن عليها رمز جان بول سارتر، والذي استمر في الاعتقاد بأن الإنسان كائن ذات مسؤول عن مصيره. موقف، وضعه ستراوس جذريا موضع مساءلة، متهما إياه ب «السذاجة». 4 ـ كيف تدرك البنيوية اليوم ؟ مثل تيار فكري، كشف عن حدود الحرية الإنسانية، لكن أيضا حركة تحولت أحيانا إلى دوغماطيقية عويصة. يضاف إلى هذا، أن مفكرين كبار مثل إيمانويل ليفيناس، اختلفوا مع ليفي ستراوس لأنه أهمل أهمية الشخصية الإنسانية. 1- Le Figaro, Mercredi 4 Novembre 2009. | ||
11/13/2009 |
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى