صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فصل من رواية :معذبتي التي ستصدر قريبا عن« دار الشروق» بالقاهرة/ بنسالم حميش

اذهب الى الأسفل

فصل من رواية :معذبتي التي ستصدر قريبا عن« دار الشروق» بالقاهرة/ بنسالم حميش Empty فصل من رواية :معذبتي التي ستصدر قريبا عن« دار الشروق» بالقاهرة/ بنسالم حميش

مُساهمة من طرف said السبت 19 ديسمبر 2009 - 18:49

ماتش المساجين
بنسالم حميش


في الغد عند حمّارة القيظ واشتداد العطش، كان موعدي مع مقابلة كرة القدم بملعب رملي خلف بنايات المركز. الفريقان معا من السجناء، حسبما ذكر وأُعلن من بوق معلق في نافذة. استرعى انتباهي أن فريقي كله، وسموه الأسود الضارية، من الحفاة أو بنعال مطاطية مثلي، وأكثرهم مهزولون ضعاف؛ بينما عناصر الفريق الخصم، وسموه الحُمُر الوحشية، ينتعلون أحذية احترافية، ويشبهون لاعبي الروكـبي الشداد الأصحاء. سألت همسا أقرب حلفائي عن سر تلك الفوارق الخارقة، أجابني وهو يتريض: ستفهم. الصمت الآن أحسن.
بعد عمليات تسخينية، نادت على اللاعبين جميعا بصفارتها حَكَمَة ذات زي أسود، وهي بالذات والصفات ماما غولة، السيئة الذكر والصيت، فخاطبتنا بفرنسيتها المحبوبة ولهجة الحاكمة العسكرية التي لا يشق لأوامرها غبار. قال الترجمان:
- لعبة كرة القدم عندنا ليست ما علمتم وعهدتم. نحن هنا فيها، كما في كل شيء، نبتكر الجديد ونبدع الأصيل. المقابلة تجري في شوط واحد متصل لا ثانيَ بعده، لا أشواط إضافية، لا استراحة؛ شوط واحد أحد تُحتسب فيه الأهداف، لكن النصر لا يعود إلا للفريق الذي يظل يصبر ويقاوم، ولا يعلن انهزامه ولا ينسحب... والآن توكلوا على الله حتى تكون الغلبة للأقوى.
بعد كلامها الغريب ذاك، أجرت الغولة قرعة افتتاح الماتش، فكان من نصيب فريقي، ثم ذهبت تتفحص الشباكين، وتتحدث مع بعض الحرس الواقفين على خطوط التماس مع كلابهم البوليسية. عندئذ بادر فريق الحُمُر الوحشية إلى إطلاق الأعنة للقذف والسب في حق فريقي بعبارات بذيئة منكرة، مصحوبة بإشارات التهديد والوعيد، ورد بعض صحابي على شرهم بشر أهون، فحدث تراشق بالبصاق واللطمات، ولم يوقفوا خرقهم للأدب الرياضي إلا حين عادت الحَكمة إلينا معلنة بصفارتها بداية المقابلة.
وقتٌ أقدره بنصف ساعة مضى على البداية، والبالون لا يفارق أرجل فريقي، واعجباه! وقتٌ سجلنا خلاله تباعا حصة ثقيلة من أحد عشر هدفا، كان نصيبي منها أربعة، وذلك من دون أن نلقى من الخصوم اعتراضات جدية ولا مقاومة تذكر. حتى حارسهم كان كلما رأى مهاجمينا يزحفون نحو شباكه، تكوم داخله مبديا ارتباكه ورعبه أو فر خارج خط التماس صارخا مستغيثا، فيما أصحابه يتضاحكون ويقهقهون.
بدءا من الهدف السابع، شعرت أن مؤامرة ما تحاك ضد فريقي، فأنشأتُ أنبههم إلى ذلك عند تسجيل أي هدف إضافي، صار أغلبهم، وهم في غمرة التعانق والتباوس، يتهمونني بالتخاذل والتشاؤم، ويدعون أن فريقنا ينطبق عليه اسمه «الأسود الضارية» عن استحقاق وجدارة. لكنهم مالوا إلى موافقتي الرأي حينها دبّ العياء في أوصالهم واستفحل من شدة التهافت على شباك الخصم، وكثرة الأهداف والتصويبات الخاطئة، فأمسوا يجرجرون أرجلهم داخل مربع الدفاع، لا يتخطونه، وإذا غامر أحدهم خارجه فلكي يمشيَ متنزها، كما لو أنه في ملعب كولف أو حديقة عمومية.
بعد انصرام الوقت المذكور بدقائق معدودات، تغير وضعنا تماما وساء، بل تطور من سيئ إلى أسوأ، ذلك أن خصومنا ما إن شبعوا من فصل الهزل والمسخرة حتى عقدوا أحزمة الجد وشحذوا أسلحة الهجوم والثأر، فأظهروا واستعرضوا عضلاتهم ولياقتهم البدنية القاهرة، إذ حولوا الملعب إلى ساحة حرب هجومية ضارية، وغارات عنيفة متوالية. ولمّا حشرونا في نصف الملعب ثم في خطنا الدفاعي المهزوز، أجهزوا بالضرب المبرّح على من منا أمسك بقدمه البالون، أو فقط وقف بجواره؛ إجهاز أفضى بالتدريج إلى تساقط متوعكين بكدمات وكسور وجروح، نُقل فاقدو الوعي منهم إلى المستوصف، وظل آخرون منطرحين على الرمل ينزفون ويئنون، ومنهم ذاك الذي سألته من قبل عن الفوارق الخارقة بين الفريقين. انحنيت عليه مواسيا، قال لي لاهثا: أظنك الآن فهمت... الفريق المتغلب بالعنف والضرب هو من السجناء العملاء التائبين، ومن هؤلاء الاحتياطيون الملتحقون بفريقنا لتعويض جرحانا... ستراهم سالمين معافين عند نهاية لعبة البطش هاته، إن لم يصبك من قبل أذى.
وفعلا شاهدت هؤلاء، ومعظمهم من ذوي البطون المنتفخة، أبداً لا يجْرون، بل يمشون الهوينا، يختالون، يتمخترون مدخنين، مترشفين البيرة. وإذا جاءت الكرة إلى قدم أحدهم أو اصطدمت به عرضا، بادر إلى تضييعها أو- وهذا في الغالب - إلى تمريرها للخصوم بشكل لافتٍ مفضوح؛ وأيضا كان بعضهم يقبعون في جوار مرمى الخصم، حتى إذا قُدمّ لهم البالون على طبق من ذهب، تلاعبوا به حينا ثم أتلفوه بعيدا عن الشباك. هذا فيما صوت مراسل في بوق، لم يكن يُسمع جيدا من قبل، صار يهذي بكلام تُفهم كلاماتُه، لكن والله ليس له أيُّ صلة بوصف المباراة لا من قريب ولا من بعيد.
متصببا عرقا بفعل الحر والانفعال، هرولت نحو الحَكمة، بنتِ الكلب، وقد تهادت على جنبات الملعب، متسكعة مدخنة، متبرجة بمؤخرتها المهولة، كأنما نسيت دورها وفقدت صفارتها او سرطتها. نبهتُها إلى تجاوزات الفريق الخصم وخروقاته العنيفة، فلوت على ربطة عنقي التي نسيتُ التخلص منها، وعاجلتني بضربة رأسية متبوعة بأمر حاد، فهمتُ من فرنسيته أن عليَّ إبعاد نتانتي عنها وتعويضَ حارسنا النائم داخل المرمى، وإلا رفعت ضدي تقريرا شديد اللهجة في إثبات عصياني وزيغي عن قواعد اللعبة.
قصدت للتو شباك فريقي لمحاولة وقف نزيف الإصابات البالغة الثلاثين على أقل تقدير. تأكدت من أن سلفي حارسِ المرمى ما زال على قيد الحياة، ثم تموقعت بين العارضتين متعبئا مستنفرا، فتوفقتُ في حماية شباكي من هدفين خطيرين، ولو بفقدان نعليّ الممزقين، لكن الهدف الثالث، المسجل بقدفة صاروخية على بعد بضعة أمتار فقط، ارتطم معه البالون بوجهي، فهويت على الأرض دائخا مدهدها بعض الوقت، أقدم خلاله لاعبون، متهكمين مستهترين، على إدخال الكرة بضربات بهلوانية من مؤخراتهم أو حجورهم.
غالبت حالي بشق الأنفس، تموقعت من جديد حافيَ القدمين، شاهدت بعض صحابي الصابرين، إذا مرر أحدهم الكرة فإنه يُمنع من المرور ويُسقط. وفي هذه المرة زحف نحوي خصم وقد تمكن بشدة من البالون، توقف أمامي على بعد متر وهددني قائلا: بهذه الإصابة أنيكك، يا دين أمك... تفرست وجهه وصحت: إلياس! أنت والله إلياس... كيف حالك يا صديقي؟ فرد: بل عباس ابن فرناس. وقام بمراوغة بهلوانية مكنته من تمرير الكرة بين رجليّ لإذلالي، غير أني إنقاذا لماء الوجه، تراميت عليها جنبيا ومنعتها من الهدف، ثم استقمت واقفا لاويا عليها. آنئذ لكمني خصمي لكمة أسقطتني أرضا، وجرفني مع الكرة داخل الشباك، حيث انهال عليَّ بركلات عنيفة أفقدتني في آخر الدوار وعيي.

12/18/2009
الاتحاد الاشتراكي
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى