تحويل القبلة

من طرف abdelhamid السبت 24 يوليو 2010 - 8:17

"تحويل القبلة" حقق أمل الرسول في الاتجاه للمسجد الحرام كشف السفهاء والذين لم يثبت الإيمان في قلوبهم

حينما يهل شهر شعبان يستبشر الناس خيرا ويتطلعون إلي الله - عز وجل -
أن يهديهم إلي صراط مستقيم لأن شهر شعبان يحمل لهم ذكريات طيبة ففي منتصف
هذا الشهر تم تحويل القبلة من المسجد الأقصي في أرض الشام إلي المسجد
الحرام بأم القري وهذا التحويل حقق هوي المصطفي واستجاب لأمله وتطلعه في
أن يكون بيت الله العتيق في مكة المكرمة قبلة يتجه إليها كل المسلمين من
أقصي الدنيا إلي أقصاها يقول الحق - تبارك وتعالي - "قد نري تقلب وجهك في
السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم
فولوا وجوهكم شطره" وحينما أذن الله - عز وجل - بهذا التحويل صارت تساؤلات
وانطلق السفهاء يرددون "ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" وزادوا
وعادوا في الكلام ورددوا أقاويل حول هذا التحويل وحينما أذن الله بذلك أمر
الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالاتجاه إلي المسجد الحرام ولايزال في أم
القري مسجد به هاتان القبلتان مما يؤكد أن الذين ثبت الإيمان في قلوبهم
اتجهوا شطر المسجد الحرام وتولي الحق - تبارك وتعالي - الرد علي هؤلاء
السفهاء بآيات في القرآن الكريم "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن
قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط
مستقيم" وأنتم أيها السفهاء لا مكان لكم ولا شأن لكم بأمر أنزله الله - عز
وجل - وأن أمر الله لابد أن يمتثل له كل إنسان مسلم وذلك التغيير لم يكن
كبيرا إلا علي ضعاف الإيمان أما الذين هداهم الله فثبت الإيمان في قلوبهم
ونفذوا أمر الله في التحويل.

ورغم ذلك لم يتوقف السفهاء عن ترديد أقوالهم فقالوا: وهل ذهب أجر
الصلوات التي كان يتجه بها محمد - صلي الله عليه وسلم - وأصحابه إلي
المسجد الأقصي فهل ضاع أجر ذلك العمل وذهب هذا الثواب فرد الله عليهم
كيدهم وقال: "وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم"
والله - عز وجل - لا يضيع أجر من أحسن عملا الذين أوتوا الكتاب من أهل
التوراة والإنجيل يعلمون أن هذا الاتجاه هو الحق من عند الله - عز وجل -
لكن الحقد أعمي قلوبهم وبصيرتهم فزلت ألسنتهم بالأباطيل وثبت الله النبي -
صلي الله عليه وسلم - علي الحق وقال لنبيه ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب
بكل آية فإنهم سوف يلقونها بالجحود والنكران وذلك في مواجهة الذين قالوا
لمحمد - صلي الله عليه وسلم - نتجه يوما إلي قبلتك وتتجه يوما أنت إلي
قبلتنا فرد الله عليهم هذا الزعم وكشفهم أمام رسول الله - صلي الله عليه
وسلم - حيث قال: "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك
وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما
جاءك من العلم إنك إذن لمن الظالمين" "145 سورة البقرة".

هذا التحويل كشف الكثير أيضا من ضعاف الإيمان فانقلبوا - والعياذ
بالله - علي أعقابهم لأن نور الحقيقة لم يتغلغل في الصدور "أفأنت تسمع
الصم ولو كانوا لا يعقلون" إنما هؤلاء عقلاء ولكنهم حادوا عن الصراط
المستقيم وهكذا في كل زمان ومكان يقف في وجه دعوة الحق أدعياء الإيمان ومن
لم يلتزموا بجادة الطريق ولايزال في القرن الواحد والعشرين رغم تقدم العلم
فهناك أناس يسخرون من المسلمين وللأسف الشديد فإن كثيرا من المسلمين لم
يلتزموا بشعيرة الصلاة ويتهاونون في أدائها رغم أنها هي الركن الأساسي في
الإسلام وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا
الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا" وشهر شعبان أيضا يحمل ذكريات طيبة
عن سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقد كان يكثر من الصيام في شهر
شعبان استعدادا لاستقبال أيام شهر رمضان المبارك ولكي يقتدي المسلمون به
فيقبلون علي أيام رمضان وهم معتادو الصيام حتي لا يتعبوا من الصيام في
رمضان.

ولا شك أن شهر شعبان يحمل نفحات ونفحات وبركات وبركات ففي هذا الشهر
الكريم وقع حادث تحويل القبلة وهناك أيضا من يصلون في ليلة النصف من شعبان
صلوات مخصوصة وأدعية مخصوصة مرة بطول العمر ومرة بسعة الرزق ومرة بمحو
الآثام أو السيئات ومما يردده البعض قولهم "اللهم إن كنت كتبتني عندك في
أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا عليّ في الرزق فامح. اللهم
بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي واقتار رزقي واكتبني عندك في أم الكتاب سعيدا
مرزوقا موفقا للخيرات". وأكثر أهل العلم يرفضون ذلك ويقولون فليدع الإنسان
في شهر شعبان ما يحلو له لكن ليس بهذه الصيغة وهناك بعض أهل العلم يقولون
بصحة هذا الدعاء وبين هؤلاء وهؤلاء علي المسلم أن يلتزم برأي الأغلبية
ويدعو الله بما شاء لأن رب العالمين لم يحدد حينما قال "وإذا سألك عبادي
عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" وخير الدعاء ما جاء في آيات
القرآن الكريم "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة
إنك أنت الوهاب". "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا". "ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" فبأي صيغة يدعو المسلم
والله - عز وجل - لا يرد سائلا.

وهذه الذكريات الطيبة وتلك النفحات تتطلب من الذين آمنوا الالتزام
بآداب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - والإكثار من الصيام وتعمير بيوت
الله وتهيئتها بصورة أكثر اهتماما لتكون جاهزة لاستقبال الصائمين في شهر
رمضان حيث يؤدون صلاة العشاء والتراويح.

إن شعبان شهر كريم له مكانة في قلوب الذين آمنوا يكثرون فيه من
الصدقات ويتجهون إلي الله - عز وجل - بجلائل الأعمال ويتطلعون إلي أن يحقق
الله رجاءهم في الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة. رضاء الله غاية الأمل
والإقبال عليه هو مطمح الصالحين من عباد الله "لا يستوي أصحاب النار
وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون" نسأل الله - عز وجل - الهداية
للجميع والاقتداء برسول الله - صلي الله عليه وسلم - في تلك الأيام
المباركة.

السيد العزاوي