الأطفال ليسوا دائما حمقى .محـمد شكري
صفحة 1 من اصل 1
الأطفال ليسوا دائما حمقى .محـمد شكري
الأطفال ليسوا دائما حمقى.
المسيرة بدأت من أحد الدروب . عددهم سبعة . اثنان يحملان لافتة بيضاء لا شيء مكتوب عليها، يتقدم المسيرة طفل يحمل حمامة بيضاء في قفص أخضر ، في كل درب يمرون منه ينضم إليهم أطفال آخرون ، يحملون أقفاصا فيهاعصافير. تتبعهم كلابهم . كثيرون يحملون بين ذراعيهم قططا و أرانب و ديوكا و كتاكيت . المسيرة تكبر كلما خرجوا من درب و دخلوا في آخر. لم يعد ممكنا أن يُعدّ عددُهم. صامتون كما لم يبدوا من قبل. مسيرتهم تجعل المارة يبتسمون ، لكن لا أحد يضحك .يتساءل الناس عن معنى المسيرة. الحيوانات التي يحملونها تزيد المسيرة غموضا. الكبار لا يعرفون . قد يكون السبعة الصغار وحدهم يعرفون. ربما حتى الأطفال الجدد المشاركون في المسيرة لا يعرفون . لا يتكلّمون ، لا يتدافعون ، لا يتسابقون . يسيرون و يسيرون بين الدروب القديمة . يتكاثرون و يتكاثرون. عددهم الكثير ، و صمتهم الجدِّي يدهشان بعض المارة. عاقلون اليوم أكثر من المألوف هؤلاء الأطفال . هكذا قال الناس. آباء و أمهات يسيرون مع المسيرة . يمشون خلفها ، أو إلى جانبها . الأطفال ينفصلون عن آبائهم و أمَّهاتهم و ينضمُّون إلى المسيرة. طفل في الطريق يبكي . يريد أن يشارك في المسيرة و أمه الخائفة تمنعه. ظل يخبط و يبكي و يعض يديها حتى انفلت منها و انضم إلى المسيرة صامتا ، هادئا . حتى دموعه لم يمسحها لكي لا يشوِّش نظام المسيرة.
حينما وصلواإلى الساحة الصغيرة ، توقفوا للحظة . و قف رواد المقهى احتراما للمسيرة. تجمَّع حولهم جمهور كبير .أناس يطلُّون من شرفات الفنادق و المنازل. صامتون هادئون . لا يلتفتون إلا إلى الأمام. يشكِّلون عالما خاصا بهم . لم يكن يُرى أي طفل بعيدا عن مسيرتهم .حين يعقل الأطفال بهذا الشكل ، فإن الكبار عليهم أن يحترموهم. إن العالم يبدو له معنى آخر. هكذا قال أحد المارة لصديقه.
تحركت المسيرة إلى الأمام . وصلوا إلى الساحة الكبيرة . توقفوا . شكَّلوا دائرة . تقدم إلى وسط الدائرة الكبيرة ثلاثة . رفع الطفلان الطفل الذي يصغُرُهما على كتفيهما . أخرج الطفل الصغير ورقة بيضاء لا شيء مكتوب عليها .أخذ يخطب في صمت . يفتح فمه دون أن يقول شيئا .ينظرون جميعا إلى الخطيب الصغير الذي يفتح فمه و لا يقول شيئا. حين انتهى من خطبته الصامتة ، طوى الورقة و وضعها في جيبه . صفَّق الصغار و الكبار. أنزل الطفلان زميلهما الصغير برِفق. تقدم حامل الحمامة البيضاء في القفص الأخضر و أطلق الحمامة في الهواء. أطلق الأطفال الآخرون مئات العصافير و الحمائم في الهواء. سُـــرِّحت أيضا الحيوانات التي لا تطير. صفق الجمهور. زغردت البدويات و المدنيات اللواتي يلبسن الجلباب و اللثام. كل الناس الآن يبسمون و يضحكون. تعطلت حركة مرور السيارات بضع دقائق. لم يسمع أي صفير سيارة احتجاجا على تعطل المرور .يتأمَّلون جميعا العصافير و الحمائم المحلِّقة و الحيوانات التي لا تطير تقفز بين أرجلهم دون أن يمسها أحد . بدأ الأطفال يتفرقون فرحين هـــــــــــاتفين:
_ عاشت الحمائم
_ عاشت العصافير
_ عاش الدجاج
_ عاشت الأرانب
_ عاشت القطط
_ عاشت الكلاب
آباء و أمهات يضمون أبناءهم و يــــــــــقـــــــــــبِّـــــــــــــــلـــــــــونـــــــــهم.
طنجة 1973
محمد شكري ، مجنون الورد (قصص)
الطبعة الثانية ، الدار البيضاء ، يوليوز ، 1985
ص.41و42
المسيرة بدأت من أحد الدروب . عددهم سبعة . اثنان يحملان لافتة بيضاء لا شيء مكتوب عليها، يتقدم المسيرة طفل يحمل حمامة بيضاء في قفص أخضر ، في كل درب يمرون منه ينضم إليهم أطفال آخرون ، يحملون أقفاصا فيهاعصافير. تتبعهم كلابهم . كثيرون يحملون بين ذراعيهم قططا و أرانب و ديوكا و كتاكيت . المسيرة تكبر كلما خرجوا من درب و دخلوا في آخر. لم يعد ممكنا أن يُعدّ عددُهم. صامتون كما لم يبدوا من قبل. مسيرتهم تجعل المارة يبتسمون ، لكن لا أحد يضحك .يتساءل الناس عن معنى المسيرة. الحيوانات التي يحملونها تزيد المسيرة غموضا. الكبار لا يعرفون . قد يكون السبعة الصغار وحدهم يعرفون. ربما حتى الأطفال الجدد المشاركون في المسيرة لا يعرفون . لا يتكلّمون ، لا يتدافعون ، لا يتسابقون . يسيرون و يسيرون بين الدروب القديمة . يتكاثرون و يتكاثرون. عددهم الكثير ، و صمتهم الجدِّي يدهشان بعض المارة. عاقلون اليوم أكثر من المألوف هؤلاء الأطفال . هكذا قال الناس. آباء و أمهات يسيرون مع المسيرة . يمشون خلفها ، أو إلى جانبها . الأطفال ينفصلون عن آبائهم و أمَّهاتهم و ينضمُّون إلى المسيرة. طفل في الطريق يبكي . يريد أن يشارك في المسيرة و أمه الخائفة تمنعه. ظل يخبط و يبكي و يعض يديها حتى انفلت منها و انضم إلى المسيرة صامتا ، هادئا . حتى دموعه لم يمسحها لكي لا يشوِّش نظام المسيرة.
حينما وصلواإلى الساحة الصغيرة ، توقفوا للحظة . و قف رواد المقهى احتراما للمسيرة. تجمَّع حولهم جمهور كبير .أناس يطلُّون من شرفات الفنادق و المنازل. صامتون هادئون . لا يلتفتون إلا إلى الأمام. يشكِّلون عالما خاصا بهم . لم يكن يُرى أي طفل بعيدا عن مسيرتهم .حين يعقل الأطفال بهذا الشكل ، فإن الكبار عليهم أن يحترموهم. إن العالم يبدو له معنى آخر. هكذا قال أحد المارة لصديقه.
تحركت المسيرة إلى الأمام . وصلوا إلى الساحة الكبيرة . توقفوا . شكَّلوا دائرة . تقدم إلى وسط الدائرة الكبيرة ثلاثة . رفع الطفلان الطفل الذي يصغُرُهما على كتفيهما . أخرج الطفل الصغير ورقة بيضاء لا شيء مكتوب عليها .أخذ يخطب في صمت . يفتح فمه دون أن يقول شيئا .ينظرون جميعا إلى الخطيب الصغير الذي يفتح فمه و لا يقول شيئا. حين انتهى من خطبته الصامتة ، طوى الورقة و وضعها في جيبه . صفَّق الصغار و الكبار. أنزل الطفلان زميلهما الصغير برِفق. تقدم حامل الحمامة البيضاء في القفص الأخضر و أطلق الحمامة في الهواء. أطلق الأطفال الآخرون مئات العصافير و الحمائم في الهواء. سُـــرِّحت أيضا الحيوانات التي لا تطير. صفق الجمهور. زغردت البدويات و المدنيات اللواتي يلبسن الجلباب و اللثام. كل الناس الآن يبسمون و يضحكون. تعطلت حركة مرور السيارات بضع دقائق. لم يسمع أي صفير سيارة احتجاجا على تعطل المرور .يتأمَّلون جميعا العصافير و الحمائم المحلِّقة و الحيوانات التي لا تطير تقفز بين أرجلهم دون أن يمسها أحد . بدأ الأطفال يتفرقون فرحين هـــــــــــاتفين:
_ عاشت الحمائم
_ عاشت العصافير
_ عاش الدجاج
_ عاشت الأرانب
_ عاشت القطط
_ عاشت الكلاب
آباء و أمهات يضمون أبناءهم و يــــــــــقـــــــــــبِّـــــــــــــــلـــــــــونـــــــــهم.
طنجة 1973
محمد شكري ، مجنون الورد (قصص)
الطبعة الثانية ، الدار البيضاء ، يوليوز ، 1985
ص.41و42
abderrazzak dekkan- عدد الرسائل : 502
العمر : 58
Localisation : الزواقين- وزان
Emploi : التعليم
تاريخ التسجيل : 15/11/2010
مواضيع مماثلة
» حميد شكري
» الخبز الحافي - محمد شكري
» يخافونك يا شكري حتى وانت تحت التراب!!!
» حلوى الموت شعر : محمد شكري ميعادي / تونس
» مجموعة لمشاهب
» الخبز الحافي - محمد شكري
» يخافونك يا شكري حتى وانت تحت التراب!!!
» حلوى الموت شعر : محمد شكري ميعادي / تونس
» مجموعة لمشاهب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى