تقرير عن دول مجلس التعاون الخليجي
صفحة 1 من اصل 1
تقرير عن دول مجلس التعاون الخليجي
انضمام المغرب والأردن.. عبء أم قيمة؟
ذكر تقرير صدر عن بنك كريدي أغريكول الفرنسي اخيرا أن دراسة دول مجلس
التعاون الخليجي لتوسيع نطاقها عبر ضم المغرب والأردن اليها، ربما يؤدي مثل
هذا المقترح بشكل واضح الى خلق محور جديد من التأثير الجيوسياسي في منطقة
الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن الحافز الأساسي لضم الأردن والمغرب هو سياسي
بطبيعته في الوقت الحالي. ولا يتوقع أن يحمل أي أثر في السوق في الأشهر
المقبلة. غير أن التأثيرات الاقتصادية في اندماج دولتين مستوردتين للنفط في
مجموعة غنية بمصادر الطاقة، ربما تكون هائلة وتستدعي تقييما متأنيا ما اذا
كان سيتم تحقيق تكامل اقتصادي بين هذه البلدان.
وأضاف التقرير إنه حتى
الآن ليس من الواضح ما اذا كانت دول التعاون الست تدرس فكرة العضوية
الكاملة لانضمام الأردن أو المغرب، وما اذا كانت الفكرة ستخلق رابطا جديدا
من العضوية المستندة الى المصالح العسكرية والسياسية المتبادلة. ومع أن
التوقيت لم يعلن، ورغم أن عملية انضمام الأردن والمغرب قد تأخذ بعض الوقت،
فإن اتفاقية التعاون قد تأتي لاحقا.
الى جانب هذا، لا يملك الأردن ولا
المغرب ثروة نفطية هائلة، الأمر الذي يجعلهما بعيدين عن دول التعاون، التي
تعتمد على صادراتها النفطية في تكوين أغلب ايراداتها الحكومية. وباعتبارهما
بلدين مستوردين للنفط، فهمان متنوعان اقتصاديا أكثر، وعلى عكس دول الخليج،
تواجه حكومة البلدين عجزا ماليا هذا العام، وتعود بعض الأسباب في ذلك الى
ارتفاع تكلفة الطاقة. ويقول التقرير إن الكثير من الفوائد التي سيكسبها
البلدان من انضمامها للمجلس الخليجي، اذ ستسهل العضوية من الاستثمارات
الأجنبية المباشرة بشكل أكبر، وتعزز من التجارة ونقل العمالة بينهما. أما
الزراعة التي تمثل نحو 16 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وتوظف 42
في المائة تقريبا من العمال، فقد توفر فرصا اضافية للاستثمار لمصلحة دول
التعاون في بحثها عن استثمارات زراعية في الخارج. وربما تحصل الصادرات
الصناعية الأردنية على دعم من المستثمرين الخليجيين. كما من المتوقع أن
يزيد الاستثمار في قطاع السياحة بالمغرب والأردن.
ان انضمام هذين
الأخيرين المتوقع الى مجلس التعاون الخليجي من دون شك مدفوع بالرغبة في
تعزيز التواجد السياسي والحضور العالمي للمجموعة، عبر استفادة دول المنطقة
من الخبرة العسكرية والأمنية للأردن، وبناء أهداف سياسية مشتركة مع المغرب.
الى
هذا، دخل وزراء الخارجية الخليجيون في مفاوضات مع هذين البلدين في ما
يتعلق بالعضوية. ومن وجهة نظر «كريدي أغريكول»، فانه وحتى تستكمل العضوية
بالكامل، قد تكون فرصة نجاح ضم الأردن أقوى من المغرب. فبعيدا عن السياسة،
قد يجعل التقارب الجغرافي الذي يعزز الروابط التجارية مع السعودية، وربط
العملة بالدولار، وصغر الاقتصاد والديموغرافيات من الأردن مرشحاً أقوى. ومن
ناحية أخرى، على دول التعاون أن تسير بتأن كي تضمن التوافق الاقتصادي،
وليس وضع المزايا السياسية في قلب مساعي التفاوض فقط.
مجموعة اقتصادية
يقول
التقرير إن انضمام المغرب والأردن الى دول التعاون بالنسبة للجانب
الاقتصادي، سيضيف 12.2 في المائة الى الناتج المحلي الاجمالي الاسمي
استناداً الى بيانات 2010، وهو ما سيجعل المجلس كياناً صلباً، وستصل قيمة
الناتج المحلي الاجمالي الى تريليون دولار. وقد يكون أسهل بكثير على دول
التعاون أن تستوعب الأردن مقارنة بالمغرب، على اعتبار أن اقتصادها يساوي
27.5 مليار دولار كما في 2010، وهو أصغر من اقتصاد عُمان ويساوي حوالي خُمس
حجم اقتصاد السعودية. ولفت التقرير الى أن الأردن يتشارك بالحدود مع
السعودية وهو أفضل جغرافياً من المغرب الواقعة على ساحل البحر الأبيض
المتوسط في شمال افريقيا.
من جهته، يساوي اقتصاد المغرب 103.5 مليارات
دولار كما في 2010، وهو ليس أقل بكثير من قطر والكويت، وانضمام الدول هذه
قد يؤدي الى تعديل كبير في الهيكلة الاقتصادية للمجلس. ومع هذا، فان انضمام
البلدين قد يقلص من مجموع مساهمة الناتج المحلي الاجمالي للسعودية في مجلس
التعاون الخليجي الى 36 في المائة من أصل 42 في المائة، وفقاً لبيانات
الناتج المحلي الاجمالي لعام 2009.
في هذا الصدد، قال التقرير أيضاً ان
معدلات النمو الاقتصادي الحقيقية للبلدين تتوافق الى حد بعيد مع المعدلات
التي حققتها دول التعاون في غضون العامين الماضيين، باستثناء قطر التي شهدت
نمواً اقتصادياً مكوناً من خانات مزدوجة، بفضل طاقتها من الغاز الطبيعي.
أما بالنسبة لمعدلات التضخم، فيرى التقرير أنها تتساوى مع دول التعاون، على
الرغم من أن الضغوط على الأسعار الاستهلاكية أشد في الأردن والسعودية من
بقية دول المنطقة. ومن المرجح أن تصل نسبة التضخم في الأردن هذا العام الى
6.1 في المائة، لتتجاوز بذلك توقعات التضخم في السعودية التي تبلغ 5.6 في
المائة. كذلك ومن بين الأمور الأخرى المشتركة قضية بطالة الشباب وتوفير فرص
العمل التي تواجه الكثير من صناع السياسة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص
الأردن والمغرب والسعودية.
من جهة أخرى، يقول التقرير ان توقيت وشكل
انضمام الأردن والمغرب غير معروفين، وأن التزام أنظمة العملات في هذه الدول
تتباين. فالعملة الأردنية مرتبطة بالدولار، بينما ترتبط العملة المغربية
بسلة عملات يهيمن عليها اليورو. وبالتالي، السياسة النقدية في وضع الأردن
متركزة في الغالب على أميركا، بينما في المغرب متركزة على منطقة اليورو.
وربما مع الوقت يصبح البلدان منحازين بشكل أكبر مع نظام العملات الخليجي
الذي قد يتطور لمصلحة دول التعاون ويرتبط بسلة عملات واسعة بعيداً عن
الدولار.
الاختلافات المالية
يقول التقرير ان الاختلافات بين دول
مجلس التعاون الخليجي الحالية وبين العضوين الجديدين المرتقبين أكثر من
نقاط التشابه بينهم. وهو يتضح بشكل جلي على الصعيد المالي، فعجز الميزانية
في الأردن يصل إلى 1.5 مليار دولار في 2010، أو 5.4 في المائة من الناتج
المحلي الإجمالي، بما في ذلك المساعدات الأجنبية، ومن المرجح أن يتسع أكثر
هذا العام، بينما تواجه المغرب عجزاً متزايداً، خاصة على صعيد تدفقات
الاستثمارات والسياحة في المنطقة التي تضررت هذا العام بسبب عدم الاستقرار
الذي ضرب عدداً من الدول العربية. وكانت حصة الدين العام الأردني بلغت 62.7
في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 مع سعي الحكومة إلى تمويل
العجز المالي. على العكس من ذلك، عززت معظم دول التعاون باستثناء البحرين
من فوائض ميزانيتها القوية، التي أضافتها إلى مجموع موجوداتها الأجنبية
الغنية.
ولعل انضمام الأردن والمغرب في هذا السياق يضر نوعاً ما بعملية
تقدم المجلس نحو التكامل الاقتصادي. فدول التعاون تعمل نحو تأسيس سوق
مشترك، يضم حرية تحرك القوى العاملة ورؤوس الأموال والسلع والخدمات. كما
يضع مجلس التعاون هدفاً بعيد المدى لتأسيس عملة موحدة، على الرغم من أن
الخطة تعرضت لتأجيلات وعوائق عديدة، ليس أقلها قرار الإمارات الانسحاب من
المشروع في 2009. وتحافظ دول التعاون على ربط عملتها بالدولار باستثناء
الكويت، التي تربط الدينار بسلة عملات مؤلفة بشكل رئيسي من الدولار. كذلك
الأردن يربط عملته بالدولار، بينما المغرب بسلة عملات رئيسية.
وكانت دول
التعاون الحالية قد أنجزت الكثير من الشروط المسبقة للاتحاد النقدي. فهي
دول مصدرة للنفط بشكل رئيسي ومنفتحة جداً على التجارة واستيراد العمالة،
ولديها أسواق عمل مرنة. غير أن الاتحاد النقدي لم يسر كما هو مطلوب بسبب
الافتقار إلى الإرادة السياسية، ودخول ظروف نقدية ومالية مختلفة جداً، قد
يعقد المشروع أكثر مما هو عليه الآن. وأظهرت من جانبها أزمة الديون
السيادية في الاتحاد الأوروبي أهمية التركيز على السياسة المالية والنقدية
لتجنب خروقات عجز الميزانية وحدود الديون التي قد تثير الاضطراب في دول
التعاون.
عدد السكان من 45 مليوناً إلى 83 مليوناً
من بين الأسئلة الرئيسية التي تتعلق بانضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون
الخليجي، التركيبة السكانية. فعدد سكان دول التعاون الجديدة بعد انضمام
الأردن والمغرب قد يتضاعف تقريباً، ويرتفع إلى 82.9 مليون نسمة مقارنة بنحو
45 مليون نسمة في وضع مجلس التعاون الخليجي الحالي.
من جانب آخر، يقول
التقرير تتيح الحدود المفتوحة للمواطنين الخليجيين التنقل بحرية من دون
تأشيرات بين دول المجلس. وهو أمر متاح بسبب صغر التركيبة السكانية في معظم
الدول الخليجية. وباستثناء السعودية التي يصل فيها عدد السكان إلى 18.5
مليون نسمة، فإن عدد السكان المحليين في معظم دول الخليج صغير جداً، وفي
كثير من الحالات لا يشكلون سوى جزء بسيط من حجم السكان ككل. في الإمارات
على سبيل المثال، يقدر عدد السكان بأقل من خُمس الموجودين في البلاد والذين
يبلغ عددهم 8.2 ملايين نسمة، بينما في البحرين لا يتجاوز عددهم النصف من
أصل 1.2 مليون نسمة.
لكن السماح لتنقل الأردنيين والمغربيين بين دول
التعاون من دون تأشيرات ربما يمثل مشكلة، خاصة بالنسبة للسعودية، التي تطبق
قوانين صارمة على إصدار التأشيرات الخاصة بالسياحة الدينية للدول غير
الخليجية. أما الأردن فيبلغ عدد سكانه 6.1 ملايين نسمة وهو أكثر من الكويت
وقطر وعُمان والبحرين. بينما بلغ عدد سكان المغرب في 2010 نحو 31.8 مليون
نسمة، وهو رقم أكبر بنسبة 17 في المائة من عدد سكان السعودية الذي يضم بينه
وافدين. ونحو 2.5 في المائة من المغاربة الذين يشكلون 20 في المائة من
القوة العاملة الإجمالية في البلاد يجدون وظائف في الخارج خاصة أوروبا. في
حين يعمل 600 ألف أردني في منطقة التعاون، وتساوي حوالاتهم المالية إلى
الأردن 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
من جهة أخرى،
يعتبر دخل المغاربة والأردنيين أقل بالمقارنة مع المواطنين الخليجيين، وهو
ما يثير بعض الاعتبارات المتعلقة بحرية تنقل العمالة. إذ بلغ الناتج المحلي
الإجمالي لكل فرد في الأردن العام الماضي 4449 دولارا، بينما بلغ في
المغرب 3250 دولارا، وهي الأدنى بين دول التعاون. ولهذا من المتوقع، أن
تزيد عضوية الأردن والمغرب من سهولة سعي الخبراء من الأردنيين والمغربيين
للعمل في دول التعاون. لكن إذا ما سعوا وراء أجور أقل من تلك التي يتقاضاها
المواطنون الخليجيون الآخرون، فسوف يتفاقم وضع البطالة في الخليج بدلاً من
أن يخدمه انضمام البلدين.
روابط سياحية وتجارية.. متفاوتة
يقول التقرير ان تقارب الروابط الاقتصادية قد يمكن المغرب والاردن من تحسين
ميزان التجارة مع الدول العربية الخليجية، وتوفير تنوع اكبر بالنسبة
للواردات. لكن وفي الوضع الحالي يميل الميزان التجاري بشكل كبير نحو دول
التعاون. فالاردن عانى من عجز تجاري العام الماضي بلغ 2.6 مليار دولار،
بينما بلغ عجز التجارة في المغرب 1.6 مليار دولار.
ومن بين السمات
الاخرى لدول مجلس التعاون الخليجي الاتحاد الجمركي الذي يفرض سقفا على رسوم
البضائع المستوردة بنسبة 5 في المائة بين دول التعاون، وهي ميزة قد تنتقل
الى العضو الجديد. كذلك يقول التقرير ان النشاط التجاري الخليجي مع الاردن
مزدهر. على عكس الروابط التجارية بين دول التعاون والمغرب. لكن انضمام
الاخيرة للمجلس قد يوفر لها اسواقا جديدة لتصريف سلعها الزراعية. وتعتمد
دول الخليج بشكل كبير على استيراد الغذاء خاصة وانها تسعى الآن وراء طرق
لتعزيز امن الغذاء، في وقت شكلت صادرات الغذاء 21.4 في المائة من صادرات
المغرب عام 2009.
كذلك سيمكن تحالف المغرب مع دول التعاون من تقليص
اعتمادها على اوروبا، التي تشكل نحو 60 في المائة من واردات المغرب و70 في
المائة من صادراتها عام 2009.
أما على صعيد الروابط السياحية بين دول
التعاون والمغرب، فيقول التقرير انها بديهية في الوقت الراهن. اذ شكل
السياح الاوروبيون في المغرب قبل عامين 84 في المائة مقارنة مع 2.7 في
المائة من سياح الشرق الاوسط.
ومرة اخرى يختلف الوضع في الاردن، اذ ان
اغلب سياحها من الخليجيين الذين يشكلون 28.2 في المائة من اجمالي حركة
السياحة وفق بيانات 2010. ويشكل السياح من السعودية فقط نحو 16.2 في المائة
من اجمالي السياح الذين زاروا الاردن قبل عام.
هذه البيانات تظهر وفق
المراحل الاولية ان انضمام الاردن لدول التعاون اسهل من المغرب، وبناء على
ذلك يتوقع ان المضي قدما في المفاوضات قد ينتج عنه تحذير لضمان مصالح
اقتصادات دول الخليج. ورغم وجود بعض المزايا الجوهرية الواضحة في الوقت
الراهن لمثل هذا المشروع، الا ان الاتحاد الاوروبي كدليل آن، والاعتبارات
السياسية ربما هي من يقرر بشكل اقوى جوهر عملية تقديم التكامل الاقتصادي.
رزان عدنان
القبس
ذكر تقرير صدر عن بنك كريدي أغريكول الفرنسي اخيرا أن دراسة دول مجلس
التعاون الخليجي لتوسيع نطاقها عبر ضم المغرب والأردن اليها، ربما يؤدي مثل
هذا المقترح بشكل واضح الى خلق محور جديد من التأثير الجيوسياسي في منطقة
الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن الحافز الأساسي لضم الأردن والمغرب هو سياسي
بطبيعته في الوقت الحالي. ولا يتوقع أن يحمل أي أثر في السوق في الأشهر
المقبلة. غير أن التأثيرات الاقتصادية في اندماج دولتين مستوردتين للنفط في
مجموعة غنية بمصادر الطاقة، ربما تكون هائلة وتستدعي تقييما متأنيا ما اذا
كان سيتم تحقيق تكامل اقتصادي بين هذه البلدان.
وأضاف التقرير إنه حتى
الآن ليس من الواضح ما اذا كانت دول التعاون الست تدرس فكرة العضوية
الكاملة لانضمام الأردن أو المغرب، وما اذا كانت الفكرة ستخلق رابطا جديدا
من العضوية المستندة الى المصالح العسكرية والسياسية المتبادلة. ومع أن
التوقيت لم يعلن، ورغم أن عملية انضمام الأردن والمغرب قد تأخذ بعض الوقت،
فإن اتفاقية التعاون قد تأتي لاحقا.
الى جانب هذا، لا يملك الأردن ولا
المغرب ثروة نفطية هائلة، الأمر الذي يجعلهما بعيدين عن دول التعاون، التي
تعتمد على صادراتها النفطية في تكوين أغلب ايراداتها الحكومية. وباعتبارهما
بلدين مستوردين للنفط، فهمان متنوعان اقتصاديا أكثر، وعلى عكس دول الخليج،
تواجه حكومة البلدين عجزا ماليا هذا العام، وتعود بعض الأسباب في ذلك الى
ارتفاع تكلفة الطاقة. ويقول التقرير إن الكثير من الفوائد التي سيكسبها
البلدان من انضمامها للمجلس الخليجي، اذ ستسهل العضوية من الاستثمارات
الأجنبية المباشرة بشكل أكبر، وتعزز من التجارة ونقل العمالة بينهما. أما
الزراعة التي تمثل نحو 16 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وتوظف 42
في المائة تقريبا من العمال، فقد توفر فرصا اضافية للاستثمار لمصلحة دول
التعاون في بحثها عن استثمارات زراعية في الخارج. وربما تحصل الصادرات
الصناعية الأردنية على دعم من المستثمرين الخليجيين. كما من المتوقع أن
يزيد الاستثمار في قطاع السياحة بالمغرب والأردن.
ان انضمام هذين
الأخيرين المتوقع الى مجلس التعاون الخليجي من دون شك مدفوع بالرغبة في
تعزيز التواجد السياسي والحضور العالمي للمجموعة، عبر استفادة دول المنطقة
من الخبرة العسكرية والأمنية للأردن، وبناء أهداف سياسية مشتركة مع المغرب.
الى
هذا، دخل وزراء الخارجية الخليجيون في مفاوضات مع هذين البلدين في ما
يتعلق بالعضوية. ومن وجهة نظر «كريدي أغريكول»، فانه وحتى تستكمل العضوية
بالكامل، قد تكون فرصة نجاح ضم الأردن أقوى من المغرب. فبعيدا عن السياسة،
قد يجعل التقارب الجغرافي الذي يعزز الروابط التجارية مع السعودية، وربط
العملة بالدولار، وصغر الاقتصاد والديموغرافيات من الأردن مرشحاً أقوى. ومن
ناحية أخرى، على دول التعاون أن تسير بتأن كي تضمن التوافق الاقتصادي،
وليس وضع المزايا السياسية في قلب مساعي التفاوض فقط.
مجموعة اقتصادية
يقول
التقرير إن انضمام المغرب والأردن الى دول التعاون بالنسبة للجانب
الاقتصادي، سيضيف 12.2 في المائة الى الناتج المحلي الاجمالي الاسمي
استناداً الى بيانات 2010، وهو ما سيجعل المجلس كياناً صلباً، وستصل قيمة
الناتج المحلي الاجمالي الى تريليون دولار. وقد يكون أسهل بكثير على دول
التعاون أن تستوعب الأردن مقارنة بالمغرب، على اعتبار أن اقتصادها يساوي
27.5 مليار دولار كما في 2010، وهو أصغر من اقتصاد عُمان ويساوي حوالي خُمس
حجم اقتصاد السعودية. ولفت التقرير الى أن الأردن يتشارك بالحدود مع
السعودية وهو أفضل جغرافياً من المغرب الواقعة على ساحل البحر الأبيض
المتوسط في شمال افريقيا.
من جهته، يساوي اقتصاد المغرب 103.5 مليارات
دولار كما في 2010، وهو ليس أقل بكثير من قطر والكويت، وانضمام الدول هذه
قد يؤدي الى تعديل كبير في الهيكلة الاقتصادية للمجلس. ومع هذا، فان انضمام
البلدين قد يقلص من مجموع مساهمة الناتج المحلي الاجمالي للسعودية في مجلس
التعاون الخليجي الى 36 في المائة من أصل 42 في المائة، وفقاً لبيانات
الناتج المحلي الاجمالي لعام 2009.
في هذا الصدد، قال التقرير أيضاً ان
معدلات النمو الاقتصادي الحقيقية للبلدين تتوافق الى حد بعيد مع المعدلات
التي حققتها دول التعاون في غضون العامين الماضيين، باستثناء قطر التي شهدت
نمواً اقتصادياً مكوناً من خانات مزدوجة، بفضل طاقتها من الغاز الطبيعي.
أما بالنسبة لمعدلات التضخم، فيرى التقرير أنها تتساوى مع دول التعاون، على
الرغم من أن الضغوط على الأسعار الاستهلاكية أشد في الأردن والسعودية من
بقية دول المنطقة. ومن المرجح أن تصل نسبة التضخم في الأردن هذا العام الى
6.1 في المائة، لتتجاوز بذلك توقعات التضخم في السعودية التي تبلغ 5.6 في
المائة. كذلك ومن بين الأمور الأخرى المشتركة قضية بطالة الشباب وتوفير فرص
العمل التي تواجه الكثير من صناع السياسة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص
الأردن والمغرب والسعودية.
من جهة أخرى، يقول التقرير ان توقيت وشكل
انضمام الأردن والمغرب غير معروفين، وأن التزام أنظمة العملات في هذه الدول
تتباين. فالعملة الأردنية مرتبطة بالدولار، بينما ترتبط العملة المغربية
بسلة عملات يهيمن عليها اليورو. وبالتالي، السياسة النقدية في وضع الأردن
متركزة في الغالب على أميركا، بينما في المغرب متركزة على منطقة اليورو.
وربما مع الوقت يصبح البلدان منحازين بشكل أكبر مع نظام العملات الخليجي
الذي قد يتطور لمصلحة دول التعاون ويرتبط بسلة عملات واسعة بعيداً عن
الدولار.
الاختلافات المالية
يقول التقرير ان الاختلافات بين دول
مجلس التعاون الخليجي الحالية وبين العضوين الجديدين المرتقبين أكثر من
نقاط التشابه بينهم. وهو يتضح بشكل جلي على الصعيد المالي، فعجز الميزانية
في الأردن يصل إلى 1.5 مليار دولار في 2010، أو 5.4 في المائة من الناتج
المحلي الإجمالي، بما في ذلك المساعدات الأجنبية، ومن المرجح أن يتسع أكثر
هذا العام، بينما تواجه المغرب عجزاً متزايداً، خاصة على صعيد تدفقات
الاستثمارات والسياحة في المنطقة التي تضررت هذا العام بسبب عدم الاستقرار
الذي ضرب عدداً من الدول العربية. وكانت حصة الدين العام الأردني بلغت 62.7
في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 مع سعي الحكومة إلى تمويل
العجز المالي. على العكس من ذلك، عززت معظم دول التعاون باستثناء البحرين
من فوائض ميزانيتها القوية، التي أضافتها إلى مجموع موجوداتها الأجنبية
الغنية.
ولعل انضمام الأردن والمغرب في هذا السياق يضر نوعاً ما بعملية
تقدم المجلس نحو التكامل الاقتصادي. فدول التعاون تعمل نحو تأسيس سوق
مشترك، يضم حرية تحرك القوى العاملة ورؤوس الأموال والسلع والخدمات. كما
يضع مجلس التعاون هدفاً بعيد المدى لتأسيس عملة موحدة، على الرغم من أن
الخطة تعرضت لتأجيلات وعوائق عديدة، ليس أقلها قرار الإمارات الانسحاب من
المشروع في 2009. وتحافظ دول التعاون على ربط عملتها بالدولار باستثناء
الكويت، التي تربط الدينار بسلة عملات مؤلفة بشكل رئيسي من الدولار. كذلك
الأردن يربط عملته بالدولار، بينما المغرب بسلة عملات رئيسية.
وكانت دول
التعاون الحالية قد أنجزت الكثير من الشروط المسبقة للاتحاد النقدي. فهي
دول مصدرة للنفط بشكل رئيسي ومنفتحة جداً على التجارة واستيراد العمالة،
ولديها أسواق عمل مرنة. غير أن الاتحاد النقدي لم يسر كما هو مطلوب بسبب
الافتقار إلى الإرادة السياسية، ودخول ظروف نقدية ومالية مختلفة جداً، قد
يعقد المشروع أكثر مما هو عليه الآن. وأظهرت من جانبها أزمة الديون
السيادية في الاتحاد الأوروبي أهمية التركيز على السياسة المالية والنقدية
لتجنب خروقات عجز الميزانية وحدود الديون التي قد تثير الاضطراب في دول
التعاون.
عدد السكان من 45 مليوناً إلى 83 مليوناً
من بين الأسئلة الرئيسية التي تتعلق بانضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون
الخليجي، التركيبة السكانية. فعدد سكان دول التعاون الجديدة بعد انضمام
الأردن والمغرب قد يتضاعف تقريباً، ويرتفع إلى 82.9 مليون نسمة مقارنة بنحو
45 مليون نسمة في وضع مجلس التعاون الخليجي الحالي.
من جانب آخر، يقول
التقرير تتيح الحدود المفتوحة للمواطنين الخليجيين التنقل بحرية من دون
تأشيرات بين دول المجلس. وهو أمر متاح بسبب صغر التركيبة السكانية في معظم
الدول الخليجية. وباستثناء السعودية التي يصل فيها عدد السكان إلى 18.5
مليون نسمة، فإن عدد السكان المحليين في معظم دول الخليج صغير جداً، وفي
كثير من الحالات لا يشكلون سوى جزء بسيط من حجم السكان ككل. في الإمارات
على سبيل المثال، يقدر عدد السكان بأقل من خُمس الموجودين في البلاد والذين
يبلغ عددهم 8.2 ملايين نسمة، بينما في البحرين لا يتجاوز عددهم النصف من
أصل 1.2 مليون نسمة.
لكن السماح لتنقل الأردنيين والمغربيين بين دول
التعاون من دون تأشيرات ربما يمثل مشكلة، خاصة بالنسبة للسعودية، التي تطبق
قوانين صارمة على إصدار التأشيرات الخاصة بالسياحة الدينية للدول غير
الخليجية. أما الأردن فيبلغ عدد سكانه 6.1 ملايين نسمة وهو أكثر من الكويت
وقطر وعُمان والبحرين. بينما بلغ عدد سكان المغرب في 2010 نحو 31.8 مليون
نسمة، وهو رقم أكبر بنسبة 17 في المائة من عدد سكان السعودية الذي يضم بينه
وافدين. ونحو 2.5 في المائة من المغاربة الذين يشكلون 20 في المائة من
القوة العاملة الإجمالية في البلاد يجدون وظائف في الخارج خاصة أوروبا. في
حين يعمل 600 ألف أردني في منطقة التعاون، وتساوي حوالاتهم المالية إلى
الأردن 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
من جهة أخرى،
يعتبر دخل المغاربة والأردنيين أقل بالمقارنة مع المواطنين الخليجيين، وهو
ما يثير بعض الاعتبارات المتعلقة بحرية تنقل العمالة. إذ بلغ الناتج المحلي
الإجمالي لكل فرد في الأردن العام الماضي 4449 دولارا، بينما بلغ في
المغرب 3250 دولارا، وهي الأدنى بين دول التعاون. ولهذا من المتوقع، أن
تزيد عضوية الأردن والمغرب من سهولة سعي الخبراء من الأردنيين والمغربيين
للعمل في دول التعاون. لكن إذا ما سعوا وراء أجور أقل من تلك التي يتقاضاها
المواطنون الخليجيون الآخرون، فسوف يتفاقم وضع البطالة في الخليج بدلاً من
أن يخدمه انضمام البلدين.
روابط سياحية وتجارية.. متفاوتة
يقول التقرير ان تقارب الروابط الاقتصادية قد يمكن المغرب والاردن من تحسين
ميزان التجارة مع الدول العربية الخليجية، وتوفير تنوع اكبر بالنسبة
للواردات. لكن وفي الوضع الحالي يميل الميزان التجاري بشكل كبير نحو دول
التعاون. فالاردن عانى من عجز تجاري العام الماضي بلغ 2.6 مليار دولار،
بينما بلغ عجز التجارة في المغرب 1.6 مليار دولار.
ومن بين السمات
الاخرى لدول مجلس التعاون الخليجي الاتحاد الجمركي الذي يفرض سقفا على رسوم
البضائع المستوردة بنسبة 5 في المائة بين دول التعاون، وهي ميزة قد تنتقل
الى العضو الجديد. كذلك يقول التقرير ان النشاط التجاري الخليجي مع الاردن
مزدهر. على عكس الروابط التجارية بين دول التعاون والمغرب. لكن انضمام
الاخيرة للمجلس قد يوفر لها اسواقا جديدة لتصريف سلعها الزراعية. وتعتمد
دول الخليج بشكل كبير على استيراد الغذاء خاصة وانها تسعى الآن وراء طرق
لتعزيز امن الغذاء، في وقت شكلت صادرات الغذاء 21.4 في المائة من صادرات
المغرب عام 2009.
كذلك سيمكن تحالف المغرب مع دول التعاون من تقليص
اعتمادها على اوروبا، التي تشكل نحو 60 في المائة من واردات المغرب و70 في
المائة من صادراتها عام 2009.
أما على صعيد الروابط السياحية بين دول
التعاون والمغرب، فيقول التقرير انها بديهية في الوقت الراهن. اذ شكل
السياح الاوروبيون في المغرب قبل عامين 84 في المائة مقارنة مع 2.7 في
المائة من سياح الشرق الاوسط.
ومرة اخرى يختلف الوضع في الاردن، اذ ان
اغلب سياحها من الخليجيين الذين يشكلون 28.2 في المائة من اجمالي حركة
السياحة وفق بيانات 2010. ويشكل السياح من السعودية فقط نحو 16.2 في المائة
من اجمالي السياح الذين زاروا الاردن قبل عام.
هذه البيانات تظهر وفق
المراحل الاولية ان انضمام الاردن لدول التعاون اسهل من المغرب، وبناء على
ذلك يتوقع ان المضي قدما في المفاوضات قد ينتج عنه تحذير لضمان مصالح
اقتصادات دول الخليج. ورغم وجود بعض المزايا الجوهرية الواضحة في الوقت
الراهن لمثل هذا المشروع، الا ان الاتحاد الاوروبي كدليل آن، والاعتبارات
السياسية ربما هي من يقرر بشكل اقوى جوهر عملية تقديم التكامل الاقتصادي.
رزان عدنان
القبس
منصور- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007
مواضيع مماثلة
» هل للمغرب مكان في مجلس التعاون ؟
» التعاون علي البر والتقوي
» ثقافة المحيط الهندي ... عولمة التعاون في جذوره المتنوعة
» مجلس منتخب في حالة استرخاء...
» مجلس أوروبا يدعو فرنسا لحظر الضرب
» التعاون علي البر والتقوي
» ثقافة المحيط الهندي ... عولمة التعاون في جذوره المتنوعة
» مجلس منتخب في حالة استرخاء...
» مجلس أوروبا يدعو فرنسا لحظر الضرب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى