الأزمات المتلاحقة تضرب مفهوم «الملاذات الآمنة»
صفحة 1 من اصل 1
الأزمات المتلاحقة تضرب مفهوم «الملاذات الآمنة»
في السابق كان من السهل عادة العثور على الملاذات الآمنة للمستثمرين، فديون
الحكومتين الأميركية والألمانية والدولار الأميركي والفرنك السويسري كانت
هي الملاذ الكلاسيكي للمستثمرين، لكن الأزمة المالية وتداعياتها أخلت بتلك
الحسابات.
فالدين الحكومي، على وجه الخصوص، لم يعد ينظر إليه الآن على
أنه الاستثمار الخالي من المخاطر تماما، وبدأ المستثمرون في النظر الى
سندات الشركات باعتبارها قد تكون أكثر أمانا، وهو أمر كان بمنزلة البدعة
حتى وقت قريب جدا.
«منذ عام 2008 والشركات أكثر أمانا بشكل عام»، وفق
ديدييه دوريت، مدير الاستثمارات التنفيذي في بنك ايه ان بي أمرو للخدمات
المصرفية الخاصة. ويضيف «انها غنية بالسيولة النقدية ولديها المال الذي لا
تملكه الدول. علينا أن نقوم باعادة نظر شاملة حول مفهوم الملاذ الآمن».
أزمة اليورو
وتتحمل
أزمة منطقة اليورو جزءا من المسؤولية في ما يتعلق بالوضع الراهن. فالتدهور
السريع في تكاليف الاقتراض لبلدان مثل اليونان وايرلندا، بل وحتى ايطاليا،
حطمت فكرة أن جميع البلدان في العالم المتقدم خالية من المخاطر.
وبات
على المستثمرين الآن أن يواجهوا فكرة مخاطر الائتمان، أو احتمالات العجز عن
السداد والتعثر، لجميع البلدان، في حين، تقليديا كان ما يدعو للقلق بشأنه
هو مخاطر الفائدة فقط. ويظهر خفض تصنيف الائتمان للولايات المتحدة من قبل
وكالة ستاندرد آند بورز من درجة AAA، كيف تأثرت حتى أكبر الحكومات، رغم أنه
لم يكن من المفترض أن يتطور الأمر الى ما هو عليه الآن.
طبيعة الديون
الحكومية الخالية من المخاطر ماثلة في النظام المصرفي العالمي ولوائح
التأمين، مما يسمح للمؤسسات المالية بعدم تجنيب مخصصات مالية مقابل الديون
السيادية، ويعتبر تملك ديون الشركات عادة أكثر ارهاقا من الناحية المالية.
ومع ذلك، بدأ الكثير من المستثمرين يرى في الشركات رهاناً أكثر أمانا من
الحكومات، وجزء من هذا نابع من لعبة تمرير الحزمة من مؤسسة الى أخرى في
السنوات الأخيرة. فالشركات تعلمت الدرس الى حد كبير من جيبها الخاص من خلال
أعباء الديون الكبيرة التي تحملتها في مطلع القرن، أما الآن فهي تملك
ميزانيات عمومية هي الأقوى منذ عقود، وتملك الشركات في الولايات المتحدة
وحدها فقط سيولة نقدية متراكمة كبيرة جدا تصل الى 2000 مليار دولار.
ومن
ثم، لا عجب أن يتوافد المستثمرون على ديون الشركات، كما أن الميزانية
العمومية للشركة يسهل قراءتها وفهمها، في حين ينظر الى ميزانيات البنوك
والحكومات من قبل الكثيرين على أنها غير شفافة في أفضل الأحوال.
تقدير المخاطر
يقول
مارتن ايغان، المدير العالمي للأسواق الأساسية في بي ان بي باريبا، «يمكن
لحاملي السندات فهم مخاطر الشركات، فهي تنتج أشياء نأكلها أو نشربها أو
نقودها، لذلك يفضل المستثمرون بشدة مخاطر الشركات لأنهم يستطيعون رؤية
الاتجاه الصعودي، وتقدير الاتجاه النزولي أيضا، كل هذا كان أقل وضوحا
بالنسبة للمخاطر السيادية والمؤسسات المالية».
وتقدم ايطاليا واسبانيا
بعضا من أفضل الأمثلة على هذه الظاهرة، فالسندات التي يستحق أجلها لشركة
تليفونيكا الاسبانية للاتصالات، التي لها أعمال تشغيلية كبيرة في بريطانيا
وأماكن أخرى، بلغت عائداتها %2.89 في منتصف أكتوبر. في حين بلغت عائدات
السندات الحكومية الاسبانية لأجل عامين %3.68.
وبالمثل، لدى شركة ايني
الايطالية للنفط والغاز سندات مستحقة في 2013 بعائدات %2.39، في حين أن
عائد السندات السيادية الايطالية لأجل عامين بلغ %4.29. ويقول بول غريفيث،
مدير العائدات الثابتة في شركة أبردين لادارة الأصول: «هناك فرصة أمام
الشركات لأن تصبح رصيد ائتمان أو استثمارات أفضل من الأوراق الحكومية
الأساسية». ويضيف: ان من الضروري التأكد من أن الشركة لا تعتمد على بلد
واحد، لا سيما في مقرها الرئيسي، في جني معظم ايراداتها.
وعلى سبيل
المثال، قد تكون شركات البناء الاسبانية أتخمت من العمل في السوق المحلية
في الفترة التي سبقت الأزمة، لكن شركات مثل «اف سي سي»، تنخرط الآن في
مشاريع متعددة من سنغافورة الى المكسيك. ويشرح غريفيث قائلا: «الأسماء
العالمية الكبيرة التي لا تدين بالفضل الى دولة واحدة أيا كانت، لديها
القدرة على أن تخطو بعيدا عما يحدث في موطنها».
طبع الأموال
لكن
فكرة أن الشركات هي أكثر أمانا من البلدان تشكل صعوبات، بعضها نظري. فمعظم
البلدان لا تزال قادرة على طبع الأموال، عادة، بينما لا تستطيع الشركات
القيام بذلك. ومن الطبيعي أن يرى الكثيرون في ذلك واحدة من نقاط ضعف منطقة
اليورو، اذ أن بعض البلدان لم يعد قادرا على القيام بذلك بعد الآن.
ويعني
ذلك أن معتقد «الشركات كملاذ آمن» ربما يكون أقوى في منطقة العملة
الموحدة، سمة ثانية تميز الدول هي أنها تملك النفوذ والسلطة لفرض الضرائب
ويمكن في الواقع أن تخضع الشركات لزيادة مستمرة في الضرائب، ويمكن أن نجد
مثالا على ذلك في شركات المرافق العامة الأوروبية التي فرضت عليها ضرائب
جديدة. لكن ربما أكبر تفنيد يأتي من الواقع الأخير، اذ دفع المستثمرون
عائدات سندات الخزينة الأميركية الى أدنى مستوياتها منذ 1946، والسندات
الألمانية الى أدنى مستوياتها على الاطلاق، مما دفع الشركات الى البيع.
ووصلت بعض المؤشرات الى مستوى بعيد جدا عن عائدات الحكومة تماما كما فعلت
بعد انهيار ليمان براذرز في سبتمبر 2008.
بالنسبة للشركة الصح في البلد
الخطأ، فان فكرة أنها قد تكون رهانا أكثر أمانا من الدين الحكومي لم تعد
بالأمر الغريب واللامعقول. ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من الشركات الأخرى
غير الآمنة حولنا، مما يعني أن المستثمرين بحاجة الى توخي الحذر بشأن
الشركة التي سيختارونها قبل شطب الحكومات من حساباتهم بسرعة كبيرة جدا.
¶ فايننشال تايمز ¶
الحكومتين الأميركية والألمانية والدولار الأميركي والفرنك السويسري كانت
هي الملاذ الكلاسيكي للمستثمرين، لكن الأزمة المالية وتداعياتها أخلت بتلك
الحسابات.
فالدين الحكومي، على وجه الخصوص، لم يعد ينظر إليه الآن على
أنه الاستثمار الخالي من المخاطر تماما، وبدأ المستثمرون في النظر الى
سندات الشركات باعتبارها قد تكون أكثر أمانا، وهو أمر كان بمنزلة البدعة
حتى وقت قريب جدا.
«منذ عام 2008 والشركات أكثر أمانا بشكل عام»، وفق
ديدييه دوريت، مدير الاستثمارات التنفيذي في بنك ايه ان بي أمرو للخدمات
المصرفية الخاصة. ويضيف «انها غنية بالسيولة النقدية ولديها المال الذي لا
تملكه الدول. علينا أن نقوم باعادة نظر شاملة حول مفهوم الملاذ الآمن».
أزمة اليورو
وتتحمل
أزمة منطقة اليورو جزءا من المسؤولية في ما يتعلق بالوضع الراهن. فالتدهور
السريع في تكاليف الاقتراض لبلدان مثل اليونان وايرلندا، بل وحتى ايطاليا،
حطمت فكرة أن جميع البلدان في العالم المتقدم خالية من المخاطر.
وبات
على المستثمرين الآن أن يواجهوا فكرة مخاطر الائتمان، أو احتمالات العجز عن
السداد والتعثر، لجميع البلدان، في حين، تقليديا كان ما يدعو للقلق بشأنه
هو مخاطر الفائدة فقط. ويظهر خفض تصنيف الائتمان للولايات المتحدة من قبل
وكالة ستاندرد آند بورز من درجة AAA، كيف تأثرت حتى أكبر الحكومات، رغم أنه
لم يكن من المفترض أن يتطور الأمر الى ما هو عليه الآن.
طبيعة الديون
الحكومية الخالية من المخاطر ماثلة في النظام المصرفي العالمي ولوائح
التأمين، مما يسمح للمؤسسات المالية بعدم تجنيب مخصصات مالية مقابل الديون
السيادية، ويعتبر تملك ديون الشركات عادة أكثر ارهاقا من الناحية المالية.
ومع ذلك، بدأ الكثير من المستثمرين يرى في الشركات رهاناً أكثر أمانا من
الحكومات، وجزء من هذا نابع من لعبة تمرير الحزمة من مؤسسة الى أخرى في
السنوات الأخيرة. فالشركات تعلمت الدرس الى حد كبير من جيبها الخاص من خلال
أعباء الديون الكبيرة التي تحملتها في مطلع القرن، أما الآن فهي تملك
ميزانيات عمومية هي الأقوى منذ عقود، وتملك الشركات في الولايات المتحدة
وحدها فقط سيولة نقدية متراكمة كبيرة جدا تصل الى 2000 مليار دولار.
ومن
ثم، لا عجب أن يتوافد المستثمرون على ديون الشركات، كما أن الميزانية
العمومية للشركة يسهل قراءتها وفهمها، في حين ينظر الى ميزانيات البنوك
والحكومات من قبل الكثيرين على أنها غير شفافة في أفضل الأحوال.
تقدير المخاطر
يقول
مارتن ايغان، المدير العالمي للأسواق الأساسية في بي ان بي باريبا، «يمكن
لحاملي السندات فهم مخاطر الشركات، فهي تنتج أشياء نأكلها أو نشربها أو
نقودها، لذلك يفضل المستثمرون بشدة مخاطر الشركات لأنهم يستطيعون رؤية
الاتجاه الصعودي، وتقدير الاتجاه النزولي أيضا، كل هذا كان أقل وضوحا
بالنسبة للمخاطر السيادية والمؤسسات المالية».
وتقدم ايطاليا واسبانيا
بعضا من أفضل الأمثلة على هذه الظاهرة، فالسندات التي يستحق أجلها لشركة
تليفونيكا الاسبانية للاتصالات، التي لها أعمال تشغيلية كبيرة في بريطانيا
وأماكن أخرى، بلغت عائداتها %2.89 في منتصف أكتوبر. في حين بلغت عائدات
السندات الحكومية الاسبانية لأجل عامين %3.68.
وبالمثل، لدى شركة ايني
الايطالية للنفط والغاز سندات مستحقة في 2013 بعائدات %2.39، في حين أن
عائد السندات السيادية الايطالية لأجل عامين بلغ %4.29. ويقول بول غريفيث،
مدير العائدات الثابتة في شركة أبردين لادارة الأصول: «هناك فرصة أمام
الشركات لأن تصبح رصيد ائتمان أو استثمارات أفضل من الأوراق الحكومية
الأساسية». ويضيف: ان من الضروري التأكد من أن الشركة لا تعتمد على بلد
واحد، لا سيما في مقرها الرئيسي، في جني معظم ايراداتها.
وعلى سبيل
المثال، قد تكون شركات البناء الاسبانية أتخمت من العمل في السوق المحلية
في الفترة التي سبقت الأزمة، لكن شركات مثل «اف سي سي»، تنخرط الآن في
مشاريع متعددة من سنغافورة الى المكسيك. ويشرح غريفيث قائلا: «الأسماء
العالمية الكبيرة التي لا تدين بالفضل الى دولة واحدة أيا كانت، لديها
القدرة على أن تخطو بعيدا عما يحدث في موطنها».
طبع الأموال
لكن
فكرة أن الشركات هي أكثر أمانا من البلدان تشكل صعوبات، بعضها نظري. فمعظم
البلدان لا تزال قادرة على طبع الأموال، عادة، بينما لا تستطيع الشركات
القيام بذلك. ومن الطبيعي أن يرى الكثيرون في ذلك واحدة من نقاط ضعف منطقة
اليورو، اذ أن بعض البلدان لم يعد قادرا على القيام بذلك بعد الآن.
ويعني
ذلك أن معتقد «الشركات كملاذ آمن» ربما يكون أقوى في منطقة العملة
الموحدة، سمة ثانية تميز الدول هي أنها تملك النفوذ والسلطة لفرض الضرائب
ويمكن في الواقع أن تخضع الشركات لزيادة مستمرة في الضرائب، ويمكن أن نجد
مثالا على ذلك في شركات المرافق العامة الأوروبية التي فرضت عليها ضرائب
جديدة. لكن ربما أكبر تفنيد يأتي من الواقع الأخير، اذ دفع المستثمرون
عائدات سندات الخزينة الأميركية الى أدنى مستوياتها منذ 1946، والسندات
الألمانية الى أدنى مستوياتها على الاطلاق، مما دفع الشركات الى البيع.
ووصلت بعض المؤشرات الى مستوى بعيد جدا عن عائدات الحكومة تماما كما فعلت
بعد انهيار ليمان براذرز في سبتمبر 2008.
بالنسبة للشركة الصح في البلد
الخطأ، فان فكرة أنها قد تكون رهانا أكثر أمانا من الدين الحكومي لم تعد
بالأمر الغريب واللامعقول. ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من الشركات الأخرى
غير الآمنة حولنا، مما يعني أن المستثمرين بحاجة الى توخي الحذر بشأن
الشركة التي سيختارونها قبل شطب الحكومات من حساباتهم بسرعة كبيرة جدا.
¶ فايننشال تايمز ¶
mohamed- عدد الرسائل : 1147
العمر : 53
Localisation : kénitra
Emploi : employé
تاريخ التسجيل : 02/09/2006
مواضيع مماثلة
» المبيدات تضرب الزرزور...
» أسباب الأزمات المالية العالمية وسياسات مواجهتها
» كتامة.. بورصة شامخة لا تهزها الأزمات الاقتصادية
» هزة أرضية تضرب وزان والعرائش
» صدق او لا تصدق
» أسباب الأزمات المالية العالمية وسياسات مواجهتها
» كتامة.. بورصة شامخة لا تهزها الأزمات الاقتصادية
» هزة أرضية تضرب وزان والعرائش
» صدق او لا تصدق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى