مسرح الحياة وحياة المسرح
صفحة 1 من اصل 1
مسرح الحياة وحياة المسرح
* عبد الإله عاجل
- 1 - سنوات « الوضع تحت الحراسة»
قليلون هم الذين حين تجالسهم
لا تشعر بمرور الوقت ، ولا يتسرب الملل إليك وهو يحكي ويتذكر ويربط الماضي
بالحاضر في سيرورة حكواتية ذات نكهة شعبية خالصة . عبد الإله عاجل أحد
هؤلاء ، ابن درب الأحباس الذي عايش تقلبات المسرح من صعود وهبوط ، وتواثر
المغامرة الفنية في زمن النهوض والتقهقر ، وربط بفرادة بين القول والتأمل ،
بين الضحك وهموم الواقع ، عرف كيف يكتسح الساحة رفقة مسرح الحي في مسرحيات
شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا ، ويثري المسرح المغربي بتجارب هامة سواء في
رائعة الزهرة بنت البرنوصي أو في مسرح الكاف
لكن قبل هذا وذاك ، يبقى عاجل الإنسان ، صاحب الذاكرة الثرية والعين
الثاقبة هو المستهدف من خلال هذه السلسلة ، التي تسعى إلى إعادة رسم مرحلة
من تاريخ جيل عانى وكابد فنجح هنا وأخفق هناك ، غنى ورثى وضحك وحزن ، في
مسرح الحياة وحياة المسرح
هو الخامس بين اثني عشر طفلا رزق بهم الوالد الحاج عاجل بنموسى من زوجتين ،
في 23 يونيو 1957 رأى النور ، وعلى عكس معظم الولادات التي كانت تتم في
مغرب حصل للتو على الاستقلال ، فقد فتح عينيه في مستشفى درب غلف ، وهناك
قيد في دفاتر الحالة المدنية، رغم أن العائلة كانت تقطن في حي الأحباس
القريب . أما اسم عبد الإله فقد أطلقه عليه الوالد ، الذي أسمى أغلب أبناءه
باسم يبدأ بعبد ، عبد الحق ، عبد العزيز، عبد الحكيم ...
كان الوالد متزوجا من اثنتين ، الاولى الحاجة مباركة ، وهي التي أرضعت عبد
الإله وكان يناديها أمي وأصلها من تافيلالت ، والثانية الحاجة السعدية أمه
التي يناديها سعدي ، وهي لازالت حية ترزق. الوالدة ، تنحدرمن نواحي سطات
مثل الوالد ، الذي شب وترعرع في نزالة البوطوار ، الدرب الذي ينحدر منه
ادريس البصري ، كان يقطن بالزنقة 7 ، في حين لا يجزم عبد الإله بالضبط هل
كان والده يقطن بالزنقة 9 أم 11 ، لكنه يؤكد أن منزل الجد كان أمام عرصة
الحاج بوشعيب ، فهو ما زال يتذكر تلك الأمكنة حين كان يتوجه إلى هناك في
الصغر لزيارة الجد ، البصري درس مع أخيه الاكبر الحاج احمد ، في الواقع هو
أخوه بالتبني لأن الوالد الحاج بنموسى ربى أحمد رحمه الله وهو في الأيام
الأولى من ولادته ، الحاج أحمد سيصبح مفتشا في الضرائب وظل الاتصال قائما
مع رفيقه في الدراسة ، لكن رغم هذا القرب إلا أن عاجل يؤكد أنه لم يلتقي
أبدا بوزير الداخلية السابق ، سواء في صغره أو عندما أصبح الرجل شخصا نافذا
في البلاد ، سعى من وراءه من سعى وكسب من كسب . العديد من أصدقاء عبد
الإله الذين كانوا يعرفون هذه القصة ، كانوا يلومونه على عدم السعي لاقتناص
الفرصة بدوره ، كطلب مأذونية مثلا ، عاجل يفسر ذلك بكل بساطة : هو كيدير
شغلو وأنا كندير شغلي »
منزل العائلة في حي الأحباس كان يقع في الزنقة 20 ، هو في الحقيقة منزل
مكون من سفلي وطابقين وسطح ، وبابين ، الأول الذي يحمل الرقم 11 اكتراه
الوالد ، الوالدة الحاجة السعدية أطال الله عمرها ما زالت تقطن هناك إلى
يومنا هذا ، أما الطابقين الأول والثاني والسطح فكان مسكن العائلة التي
كانت تمتلك المنزل وهي عائلة القادري المنحدرة من فاس كما هو شأن أغلب سكان
حي الأحباس آنذاك ، وكان لهم باب خاص يحمل الرقم 11 بيس ، عبد الإله
واخوته كانوا يعتبرونه منزلهم الثاني ، ففي الأحباس ، درب السلطان ، درب
ليهودي ، درب غلف وغيره من الأحياء الشعبية بالبيضاء ، كانت البيوت تظل
مشرعة أبوابها إلى ساعة متأخرة من الليل ، ومرحبا بأطفال الحومة في كل وقت
...كانت تلك أياما ولت إلى غير رجعة.. عبد الإله يؤكد ذلك بالقول :
العلاقات بين السكان كانت تتعدى كونها علاقات بين مجرد جيران ، بل تشبه
العلاقات بين العائلات او الإخوة
رغم أن درب الأحباس هو الحي الذي كان يقيم فيه ، إلا أنه وبحكم الجوار كان
يقضى معظم أوقاته في درب ليهودي ودرب السلطان ، درب غلف أيضا كان يقصده في
البداية لاستخراج عقد الازدياد من المقاطعة التي لم يعد يتذكر رقمها
- كانت تحمل الرقم 3 ، أو هكذا أتذكر فأنا من مواليد درب غلف ، بعدها غيروا الرقم أظنه 10 ، أحاول إنعاش ذاكرته
لكن بعد ذلك سيصبح عاجل زائرا لهذا الحي ، الذي كان يعج بالحلاقي التي كانت
تعقد في ساحة فسيحة لم يعد لها الآن وجودا بعد أن ابتلعها الزحف العمراني ،
وهي إذا لم أبالغ كانت ثاني أشهر ساحة في المغرب بعد ساحة جامع الفنا ،
لكن هذه حكاية أخرى..
عبد الإله عاش طفولة اسثتنائية ، وذلك لأنه « زوهري » هذه الصفة التي كانت
وما تزال تقض مضجع العائلات المغربية التي تخشى على أبنائها « الزوهريين»
من تعرضهم إلى الاختطاف على يد مشعودين يعتقدون بأن لهؤلاء الأطفال ملكة
خاصة تساعدهم على كشف الكنوز .
هكذا سيجد الطفل عبد الإله نفسه مجبرا على ملازمة البيت ، لا يغادره للعب
في الدرب مثل أقرانه ، وفي المرات القليلة التي كان يرى فيها شكل هذا
العالم الذي جاء إليه ، كان ذلك يتم برفقة الأم ، الأولى أو الثانية ،
وعندما وصل سن التمدرس ، لم يتغير الأمر ، إذ ظل دائما يذهب إلى المدرسة
ويعود منها تحت حراسة لصيقة ، ولم يستقل بذاته إلا بعد سنوات من ذلك ، لكنه
عندما فعل انطلق من عقاله ليجوب البلاد طولا وعرضا ، كأنه يعوض ما فاته من
سنوات «الوضع تحت الحراسة »
عزيز الساطوري
الاتحاد الاشتراكي - 08.08.2012
- 1 - سنوات « الوضع تحت الحراسة»
قليلون هم الذين حين تجالسهم
لا تشعر بمرور الوقت ، ولا يتسرب الملل إليك وهو يحكي ويتذكر ويربط الماضي
بالحاضر في سيرورة حكواتية ذات نكهة شعبية خالصة . عبد الإله عاجل أحد
هؤلاء ، ابن درب الأحباس الذي عايش تقلبات المسرح من صعود وهبوط ، وتواثر
المغامرة الفنية في زمن النهوض والتقهقر ، وربط بفرادة بين القول والتأمل ،
بين الضحك وهموم الواقع ، عرف كيف يكتسح الساحة رفقة مسرح الحي في مسرحيات
شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا ، ويثري المسرح المغربي بتجارب هامة سواء في
رائعة الزهرة بنت البرنوصي أو في مسرح الكاف
لكن قبل هذا وذاك ، يبقى عاجل الإنسان ، صاحب الذاكرة الثرية والعين
الثاقبة هو المستهدف من خلال هذه السلسلة ، التي تسعى إلى إعادة رسم مرحلة
من تاريخ جيل عانى وكابد فنجح هنا وأخفق هناك ، غنى ورثى وضحك وحزن ، في
مسرح الحياة وحياة المسرح
هو الخامس بين اثني عشر طفلا رزق بهم الوالد الحاج عاجل بنموسى من زوجتين ،
في 23 يونيو 1957 رأى النور ، وعلى عكس معظم الولادات التي كانت تتم في
مغرب حصل للتو على الاستقلال ، فقد فتح عينيه في مستشفى درب غلف ، وهناك
قيد في دفاتر الحالة المدنية، رغم أن العائلة كانت تقطن في حي الأحباس
القريب . أما اسم عبد الإله فقد أطلقه عليه الوالد ، الذي أسمى أغلب أبناءه
باسم يبدأ بعبد ، عبد الحق ، عبد العزيز، عبد الحكيم ...
كان الوالد متزوجا من اثنتين ، الاولى الحاجة مباركة ، وهي التي أرضعت عبد
الإله وكان يناديها أمي وأصلها من تافيلالت ، والثانية الحاجة السعدية أمه
التي يناديها سعدي ، وهي لازالت حية ترزق. الوالدة ، تنحدرمن نواحي سطات
مثل الوالد ، الذي شب وترعرع في نزالة البوطوار ، الدرب الذي ينحدر منه
ادريس البصري ، كان يقطن بالزنقة 7 ، في حين لا يجزم عبد الإله بالضبط هل
كان والده يقطن بالزنقة 9 أم 11 ، لكنه يؤكد أن منزل الجد كان أمام عرصة
الحاج بوشعيب ، فهو ما زال يتذكر تلك الأمكنة حين كان يتوجه إلى هناك في
الصغر لزيارة الجد ، البصري درس مع أخيه الاكبر الحاج احمد ، في الواقع هو
أخوه بالتبني لأن الوالد الحاج بنموسى ربى أحمد رحمه الله وهو في الأيام
الأولى من ولادته ، الحاج أحمد سيصبح مفتشا في الضرائب وظل الاتصال قائما
مع رفيقه في الدراسة ، لكن رغم هذا القرب إلا أن عاجل يؤكد أنه لم يلتقي
أبدا بوزير الداخلية السابق ، سواء في صغره أو عندما أصبح الرجل شخصا نافذا
في البلاد ، سعى من وراءه من سعى وكسب من كسب . العديد من أصدقاء عبد
الإله الذين كانوا يعرفون هذه القصة ، كانوا يلومونه على عدم السعي لاقتناص
الفرصة بدوره ، كطلب مأذونية مثلا ، عاجل يفسر ذلك بكل بساطة : هو كيدير
شغلو وأنا كندير شغلي »
منزل العائلة في حي الأحباس كان يقع في الزنقة 20 ، هو في الحقيقة منزل
مكون من سفلي وطابقين وسطح ، وبابين ، الأول الذي يحمل الرقم 11 اكتراه
الوالد ، الوالدة الحاجة السعدية أطال الله عمرها ما زالت تقطن هناك إلى
يومنا هذا ، أما الطابقين الأول والثاني والسطح فكان مسكن العائلة التي
كانت تمتلك المنزل وهي عائلة القادري المنحدرة من فاس كما هو شأن أغلب سكان
حي الأحباس آنذاك ، وكان لهم باب خاص يحمل الرقم 11 بيس ، عبد الإله
واخوته كانوا يعتبرونه منزلهم الثاني ، ففي الأحباس ، درب السلطان ، درب
ليهودي ، درب غلف وغيره من الأحياء الشعبية بالبيضاء ، كانت البيوت تظل
مشرعة أبوابها إلى ساعة متأخرة من الليل ، ومرحبا بأطفال الحومة في كل وقت
...كانت تلك أياما ولت إلى غير رجعة.. عبد الإله يؤكد ذلك بالقول :
العلاقات بين السكان كانت تتعدى كونها علاقات بين مجرد جيران ، بل تشبه
العلاقات بين العائلات او الإخوة
رغم أن درب الأحباس هو الحي الذي كان يقيم فيه ، إلا أنه وبحكم الجوار كان
يقضى معظم أوقاته في درب ليهودي ودرب السلطان ، درب غلف أيضا كان يقصده في
البداية لاستخراج عقد الازدياد من المقاطعة التي لم يعد يتذكر رقمها
- كانت تحمل الرقم 3 ، أو هكذا أتذكر فأنا من مواليد درب غلف ، بعدها غيروا الرقم أظنه 10 ، أحاول إنعاش ذاكرته
لكن بعد ذلك سيصبح عاجل زائرا لهذا الحي ، الذي كان يعج بالحلاقي التي كانت
تعقد في ساحة فسيحة لم يعد لها الآن وجودا بعد أن ابتلعها الزحف العمراني ،
وهي إذا لم أبالغ كانت ثاني أشهر ساحة في المغرب بعد ساحة جامع الفنا ،
لكن هذه حكاية أخرى..
عبد الإله عاش طفولة اسثتنائية ، وذلك لأنه « زوهري » هذه الصفة التي كانت
وما تزال تقض مضجع العائلات المغربية التي تخشى على أبنائها « الزوهريين»
من تعرضهم إلى الاختطاف على يد مشعودين يعتقدون بأن لهؤلاء الأطفال ملكة
خاصة تساعدهم على كشف الكنوز .
هكذا سيجد الطفل عبد الإله نفسه مجبرا على ملازمة البيت ، لا يغادره للعب
في الدرب مثل أقرانه ، وفي المرات القليلة التي كان يرى فيها شكل هذا
العالم الذي جاء إليه ، كان ذلك يتم برفقة الأم ، الأولى أو الثانية ،
وعندما وصل سن التمدرس ، لم يتغير الأمر ، إذ ظل دائما يذهب إلى المدرسة
ويعود منها تحت حراسة لصيقة ، ولم يستقل بذاته إلا بعد سنوات من ذلك ، لكنه
عندما فعل انطلق من عقاله ليجوب البلاد طولا وعرضا ، كأنه يعوض ما فاته من
سنوات «الوضع تحت الحراسة »
عزيز الساطوري
الاتحاد الاشتراكي - 08.08.2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
- 2 - ليالي سيدي عبد الرحمان
يتذكر عبد الإله أن والدته ، عندما كانت تضطر لمغادرة المنزل لهذا الغرض أو ذاك ، كانت تربطه بحبل على دفة باب إحدى الغرف ، وكان طول الحبل يسمح للطفل الصغير إياه بحرية الحركة ، لكنه ليس طويلا كفاية ليوصله إلى المطبخ ، فهناك قنينة الغاز والسكاكين وغيرها من أدوات المطبخ ، التي قد تشكل خطورة عليه ، لكن رغم ذلك الحرص كان للقدر رأيا آخر ، فقد وقعت حادثة كادت أن تغير مجرى حياته وذلك تحت أعين والدته وزوجة أبيه كان عبد الإله في الخامسة ، وكان يتم إجلاسه في كرسي خشبي مخصص للأطفال كان يسمى آنذاك « البراك» ، أي الكرسي الذي يجلس فيه الطفل ، في الوقت الحالي تستعمل الأمهات نفس الكرسي لكنه لم يعد مصنوعا من الخشب بل من البلاستيك أو البوليستير ، وفي أحد الأيام ، كانت المرأتان مستغرقتان في تصبين الزرابي والأغطية ، عندما سقط عبد الإله من فوق البراك ، وكان عاليا كفاية لتكون السقطة مؤلمة الحاجة السعدية والحاجة امباركة اللتان هرعتا لتدارك الطفل بعد سقوطه فوق بركة المياه المتخلفة من الغسيل ، حمدتا الله أنه لم يسقط على رأسه وإنما على ضهره ، لكنهما لم تدركا وقتها أن إصابته في الضهر كانت خطيرة ، ففي اليوم التالي لاحظتا أن الطفل ، الذي كان آنذاك في الخامسة من عمره ، قد فقد تلك الحيوية التي تميز الأطفال في مثل سنه ، وفي اليوم الموالي بدأ ضهره في الانتفاخ ، وعندما عاد الوالد إلى المنزل يوم الجمعة ، كان الضهر قد انتفخ أكثر وصار متل حدبة فحمله إلى المستشفى تفاصيل كثيرة من تلك الحادثة لا يتذكرها عبد الإله وإنما علم بها لاحقا ، لكنه مازال يتذكر كما لو أن ذلك حدث بالأمس تلك الزيارات المتكررة إلى المستشفى حيث كان الطبيب يفرغ من ضهره كل مرة حوالي لتر من الماء . بعد تجاوز المرحلة الحرجة نصح الطبيب الحاج عاجل بنموسى بأخذ ابنه إلى الشاطئ ودفنه في الرمال الساخنة حتى يتحاشى إصابته بالروماتيزم، وهو ما فعله كل نهاية أسبوع عندما كان يعود من العمل يقال بأن لكل مأساة جانبها الإيجابي ، وفي هذه الحالة يتذكر عبد الإله تلك الأيام الخوالي عندما كان يرافق والده إلى شاطئ سيدي عبد الرحمان ، كان الطفل يشعر بسعادة وهو يعيش في جو مرح يؤثته والده وأصدقاء هذا الأخير ، الذين كانوا ينصبون خيمة مربعة ذات مدخل يقي من لهيب الشمس ، كتلك الخيام التي كانت تؤجر في عين الذئاب في السبعينات بعشرة دراهم لليوم ، وأصبحت جزءا من ذاكرة البيضاويين كان الحاج عاجل بنموسى وأصدقاؤه يقضون سحابة يومهم في صيد السمك ، وخصوصا الأخطبوط ، الذي كانوا يقطعونه إلى أجزاء صغيرة بعد سلخه ثم يقلونه في الزيت ، وكانوا يتفنون في إعداد أكلات شهية يتناولها معهم عبد الإله بلذة كبيرة . والحقيقة فقد كان عبد الإله ، رغم حالته الصحية ، محظوظا بتلك الصحبة ، كان الطفل الوحيد الذي حظي بفرصة مرافقة والده وأصدقائه في خلوتهم تلك. كان أصدقاء الحاج عاجل بنموسى يقضون الليل في الخيمة ، بينما هو كان يقضي الليل في منزله ويعود صباح الأحد . ذات سبت اقترح عليه أصدقاؤه ترك عبد الإله يبيت معهم ، مادام سيضطر للعودة به صباح اليوم التالي ، خصوصا أن الساعة كانت تقارب منتصف الليل ، وهو ما اعتبره اقتراحا معقولا ، لكنه لم يكن يتوقع ردة فعل زوجته ، فعندما عاد إلى البيت لم تقتنع الحاجة السعدية بكلامه واعتقدت أن طفلها مات مختنقا بعد دفنه في الرمال ، أو غرق في البحر، وأن زوجها يحاول إخفاء الأمر عنها في تلك الساعة المتأخرة وانتظار الصبح ليخبرها ، ولم يزدها تأكيده أن ما تصورته مجرد أوهام إلا إصرارا على الذهاب تلك الساعة إلى شاطئ سيدي عبد الرحمان لتتأكد بنفسها . مازال عبد الإله يتذكر إلى الآن تلك الحظة التي رأى فيها والده ووالدته وعدد من إخوته يقفون أمام الخيمة، بعد الساعة الواحدة صباحا ، لتحمله أمه معها وتنيمه ليلتها جنبها في السرير ستمر السنوات ، وتضطر الظروف العائلة تخفيف قيودها عن عبد الإله ، لقد تأخر بعد الوقت ، لكن العالم الذي خرج إليه ، كان كبيرا بكبر الأحلام التي كانت تخالجه وهو في طفولته مقيدا إلى كرسي خشبي ، فما أن خرج إليه ، حتى أصبح يلهث في محاولة لاكتشافه . كان عليه أن يمرن ذاكرته على الدروب والساحات ، وأن يقطعها طولا وعرضا ، من درب ليهودي إلى درب البلدية ، ومن الحي المحمدي إلى درب غلف . في هذا الأخير ، كان زائرا دؤوبا إلى تلك الساحة الفسيحة التي كان رواد الحلقة يتخذون منها مسرحا لعرض ما كانت تجود به قريحتهم من حكايات ونوادر شعبية وقصص موغلة في الماضي، وعندما اكتشف قاعات السينما سيصبح ملازما لها ، وإلى حدود الآن ، عندما يحكي عاجل عن تلك الليالي الطويلة التي كان يقضيها هناك ، يلتهم كل ما تعرضه من أفلام الغرب الأمريكي وبوليود ، الأفلام الهندية ، وغيرها ، كانت نبرة من الحنين ترافق كلماته . |
9/8/2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
3 - العائلة والإرهاصات الأولى
قاعات مثل الأطلس ، الكواكب ، موريطانيا ، المامونية ، شهرزاد والشاوية ، تعرف عليها عبد الإله تقريبا في نفس الفترة ، في سن الثانية عشرة تقريبا ، لا يخفي عاجل أن تلك الأفلام أثرت فيه كثيرا ، فقد جعلته يمرن خياله على إعادة تمثيل مشاهد منها بعد مغربتها وتقريبها إلى لغة أصدقائه ليصبح بطلا حقيقيا يثير اهتمامهم موريطانيا مثلا كانت ، وماتزال ، متخصصة في عرض الأفلام الهندية ، يتذكر عبد الإله أنها كانت تعرض فيلمين في سهرة المساء ، بين الأول والثاني ، كانت تبث نشرات الأخبار ، وعن طريقها كان المتفرجون يطلعون على ما يحدث في المغرب والعالم ، وبعد نشرة الأخبار يتم بث أغاني أم كلثوم ..منذ تلك الفترة سيصبح عاجل متيما بكوكب الشرق ، على غرار ملايين العرب الذين كانت أم كلثوم ملهتهم كانت السهرة طويلة ، تبدأ في السادسة مساء لتنتهي مع تباشير الصباح ، المستخدمون والعمال كانوا من هناك يتوجهون إلى مقار عملهم ، عبد الإله وأصدقاءه ، كانوا يكتفون خلال كل هذه الساعات بسندويش من المصبرات والفلفل الحار الشهير ، والذي لم تعلم به موسوعة غينيتس آنذاك وإلا كانت صنفته ضمن أشهر مأكولات الفقراء في العالم ، الذين يسمونه « الطون والحرور» كان الجميع يلج القاعة متأبطا هذه الأكلة بالإضافة إلى قنينية مشروب غازي من الحجم المتوسط ، وكانوا، مثل عبد الإله، يحسون بسعادة حقيقية وهم يشاهدون الأفلام الهندية ويقضمونها قضما شارع الإمام القسطلاني يفصل درب ليهودي عن حي الأحباس ، وهناك كان محل لإصلاح الأدوات الكهربائية لصاحبه المعلم حدونة ، في هذا المحل كان عبد الإله وأصدقاءه يجتمعون لمتابعة التمثيليات الإذاعية التي كان يشارك فيها أكبر فناني المغرب آنذاك ، من أمثال العربي الدغمي ، عبد الرزاق حكم، أمينة رشيد وغيرهم ، بعد مدة أصبح عبد الإله هو من ينشط تلك السهرات التي كانت تمتد إلى التاسعة صباحا ، كان يحكي ويشخص ما علق بخياله من حكايات رواد الحلقة في درب غلف ، وما شاهده من أفلام في موريطانيا وغيرها لكن قبل ذلك ، كان عاجل قد تمرن جيدا على فن التشخيص في وسطه العائلي ، وهو يؤكد أنه كان محظوظا لأنه تربى في حضن عائلة تعشق الفن. كانت عائلة اسثتنائية بكل المقاييس ، أخواله ، أحمد ، المختار ومحمد ، كانوا يعشقون الفن ، ليس ذلك فقط ، فقد كانوا يمارسونه أيضا وقد ازداد عشقهم للفن بعد قضاء سنوات في أوروبا ، خاله أحمد كان مثلا عازفا على الساكسفون ، وقد كان يملك مختبرا للأدوية في ذلك الوقت ، اشتغل معه عبد الإله لاحقا لبضعة أشهر . الخال المختار ومحمد لم يشدا عن أخيهما ، لا في عشق الفن ولا في مهنة الصيدلة كان الوالد ، الحاج عاجل بنموسى يشتغل كموزع للعجلات في مختلف ربوع المغرب ، وكان يسافر كل اثنين على مثن شاحنة ، ويعود يوم الجمعة نهاية كل أسبوع ، كانت العائلة الكبيرة تلتئم بالتناوب ، كل مرة عند فرد من العائلة ، وهو التقليد الذي ماتزال بعض العائلات محافظة عليه وإن بدرجة أقل تحت تسمية « دارت» كان المظيف هو من يتكفل بالأكل ، وجبات عديدة ومتنوعة ، تبدأ وتنتهي بصينية الشاي الملازمة لكل جلسة مغربية ، فما اجتمع مغربيان إلا وكانت الصينية ثالثهما ، الصينية التي ألهمت ناس الغيوان وخصصت لها أغنية خالذة ، والتي لعبد الإله قصة خاصة معها بالإضافة إلى الأكل وكؤوس الشاي ، كانت النكات والحكايات والموسيقى التي يؤديها الأخوال تؤثت تلك اللقاءات . الذكريات الأولى التي احتفظ بها عاجل تعود إلى بداية الستينات ، كان عمره آنذاك خمس أو ست سنوات ، ذات مرة خطر له أن يضيف نكهة أخرى إلى جلسات العائلة ، فقام بتقليد أخواله ، ونجح في ذلك إلى درجة أنهم طلبوا منه أن يقلد والده . أمام هذا الإحراج ، سيكتفي عبد الإله بتقليد طريقة والده في التدخين ومسك السيجارة وسط ضحكات الجميع. كانت الجدة ، والدة والدته الحاجة السعدية ، هي من تتكفل بإعداد الشاي في هذه الجلسات ، طريقة جلوسها تتوسط الجميع ، بلباسها الأبيض الذي يشع وقارا وهالة ، وطريقة إعداد الشاي وصبه ، كانت جزءا أساسيا من طقوس تلك الجلسات ، طقوس لن يستوعب عاجل مغزاها وما تعنيه بالنسبة للمغاربة إلا بعد سنوات عندما سيستمع لأول مرة للأغنية الاشهر في تاريخ الأغنية الشعبية المغربية ، حينها راوده إحساس أن الغيوان غنوها خصيصا عن جدته ، وأن «اللي جمعوا عليك هل النية» هم اخواله وباقي أفراد العائلة كان والد عبد الإله يملك جهازا للأسطوانات ، وبعد ظهور ناس الغيوان أصبحت أسطواناتهم تملأ البيت على رأسها الأسطوانة التي تضم أغنية الصينية ، ذات يوم وكانت العائلة مجتمعة في منزله بالأحباس ، بحث عن الأسطوانة فلم يجدها ، فما كان إلا أن طلب من ابنه عبد الإله أن يؤديها أمامهم لمعرفته أنه يحسن الغناء فأداها واعجبوا كثيرا بطريقة أدائه ، في ذلك الوقت لم تكن له سابق معرفة بناس الغيوان ولم يكن يدرى أنه سيتعرف عليهم عن قرب وسيرافقهم في العديد من الجولات وأن صداقة عميقة ستجمع بينهم ، بل إنه سيشتغل مع العربي باطمة في فيلم تلفزيوني وسيخرج مسرحية كتبها الفنان الراحل . قبل ذلك ، وعندما أصبح عاجل تلميذا في الثانوي ، سيقوم برفقة عدد من أفراد عائلته بإنشاء مجموعة غنائية متخصصة في أداء أغاني الغيوان ، لمشاهب وجيل جيلالة ، وكانت الأغنية التي يرددونها أكثر هي «قطتي صغيرة» | ||
10/8/2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مأساة طنجة
بعد نجاحه في أولى تمارين التشخيص أمام أعين أخواله المتمرنة ، سيفكر عبد الإله في الخطوة الثالية ، كان قد أصبح مواظبا على مشاهدة أفلام الغرب الأمريكي ، الويسترن ، فارتأى أن يشخص أمام عائلته دور راعي البقر ، مستعينا ب«هردال» كان يستعمل كغطاء وقبعة والده . قدم الحوار بالدارجة المغربية مما أضفى على الدور نكهة مغربية خاصة أضحكت من شاهدها . عاجل يؤكد أنه لم يكن بعدها قد شاهد الكبيران ، مصطفى الداسوكين ومصطفى الزعري في سلسلتهما الشهيرة حول نفس الموضوع ، التي كان يقبل عليها المغاربة آنذاك أيام كانت أجهزة التلفزيون الموجودة بالبيوت المغربية بالأبيض والأسود الإعجاب الذي كان يحظى به في الوسط العائلي سيكون محفزا له ليشارك بكثافة في الأعمال التي كانت تقدم في المدارس المغربية خلال الأعياد الوطنية ، وهكذا بعد أدائه بعض الأغاني والأدوار في سكيتشات ساخرة ، وتكفله بالتقديم في عروض أخرى، سيخطو خطوة جريئة ، وهذه المرة عبر المشاركة في ورشة مع بعض أصدقاء الدراسة لكتابة وتشخيص عرض مسرحي وفق ما توصلت إليه قريحة أطفال في مثل سنهم ، وتقديمها في إحدى المناسبات الوطنية ، وكان العرض يحمل عنوان « زواج الموضة» ويحكي عن أب ينشر إعلانا في الصحف يبحث عن زوج لابنته فتقدم عدد من المرشحين ، الذين كان الخادم لهم بالمرصاد لفضح عيوبهم وإقناع الأب أنه الأصلح بالزواج من ابنته ، عاجل أدى دور الخادم وقام أيضا بإخراج العرض يقول عبد الإله إنه في هذه الفترة تعرف على شخص عصامي لم ينل نصيبه من الاعتراف ، على غرار العديد من جنود الخفاء الذين كانوا يمدون العون للمواهب الصاعدة ويحفزونهم على الاستمرار ، إنه المرحوم مصطفى الرسام الذي رسم اغلب اللوحات التي كانت تعلق في الاقسام بالمدارس والثانويات مثل لوحة الجزار والخضار...الخ كان استاذا بثانوية الجاحظ، قرب القريعة ، ويدرس اللغة العربية ، عندما شاهد هذه العرض طلب من عاجل ورفاقه أن يقدموه في الثانويات، كانوا تلامذة في الابتدائي إبانها ، وهكذا قدموها في ثانوية فاطمة الزهراء، رابعة العدوية ، الجاحظ ، محمد الخامس وغيرها، كانت تلك هي الفترة التي بدأ عشق المسرح يتسرب إليه بفضل يالمرحوم الرسام ، عندها أصبح عاجل مواظبا على المشاركة في مختلف الأنشطة التي تتم سواء في الخيمات أو دار الشباب ، ولم يدرى إلا وأصبحت هذه الأنشطة جزءا لا يتجزأ من حياته قبل أن تصبح حياته كلها لكن تلك المرحلة لم تكن كلها وردية ، فقد تعرض عاجل لتجربة مريرة أثرت في حياته ، وما زالت تفاصيلها تؤرقه كلما تذكرها كان الوالد ، الحاج عاجل بنموسى ، كما تمت الإشارة إلى ذلك ، يشتغل كموزع للعجلات في مختلف ربوع المغرب ، وكان يسافر كل اثنين على مثن شاحنة ، ويعود يوم الجمعة ، عبد الإله بعد أن أصبح في الثانية عشر تقريبا أصبح يرافق والده خلال العطل ، وكان هو من يتكفل بالشحن والإفراغ وتدقيق الحسابات ، فبعد كل رحلة كانت المداخيل التي يتحصل عليها الوالد تقدر بملايين السنتيمات ، وكانت الأمور تقتضي تدقيقا جيدا للحسابات خلال هذه الرحلات سيكتشف عاجل سحر المناطق الشمالية المغربية ، من أصيلة إلى طنجة ، حيث أصبح يغتنم كل فرصة متاحة للسفر إلى هناك ، وفي الصيف كان يقضي عطلته بين المدينتين رفقة العائلة. في أصيلة اشتهر عاجل بتنظيم حفلات في الشاطى تمتد إلى الصباح . كان عدد من الشبان والشابات ، ينظمون حلقة كل ليلة تلتف حولها العديد من العائلات ويغنون مقاطع لناس الغيوان ،لمشاهب ، جيل جيلالة وغيرها من المجموعات وكان أمهرهم على الإطلاق هو عبد الإله ، بعد مدة التحقت بهم شابة أبهرت الجميع بصوتها الجميل وهي تؤدي أغاني كوكب الشرق أم كلثوم ، بعدها تخصصت في أداء الملحون وأصبحت مشهورة في المغرب كله ، إنها ثريا الحضراوي طنجة أيضا كان عبد الإله يقضي فيها جزءا من العطلة ، لكن كل الذكريات السعيدة التي قضاها آنذاك في عروس الشمال توارت خلف المأساة التي ماتزال حاضرة كلما جرنا الحديث عن تلك الفترة في إحدى العطل ، توجهوا إلى طنجة واكتروا منزلا لقضاء بضعة أيام ، كان عبد الإله رفقة شقيقه عبد اللطيف الذي يصغره بسنة وشقيقه عز الدين وشقيقته جميلة بالإضافة إلى الوالدة وزوجة الأب ذات صباح توجه عاجل وإخوته إلى الشاطئ ، بعد قضاء وقت في اللعب والسباحة تناولوا وجبة الغذاء ، عبد الإله الذي كان يكبرهم سنا كان يتكفل بكل شيئ ، تهييئ الوجبة ، غسل الصحون ومراقبة اخوته . بعد الغذاء نصحهم بعدم التوجه إلى البحر وانتظار مرور بعض الوقت وعدم الابتعاد ، بعد مدة عادت جميلة وعز الدين ، لكن عبد اللطيف لم يظهر له أثرا في البداية اعتقد عبد الإله أن شقيقه ربما يلعب هنا أو هناك فالشاطئ كبير وبه عدد غير قليل من المصطافين ، لكنه عندما رأى من بعيد جمعا من الشبان قادمين يحملون جثة لطفل أحس بانقباض في قلبه ، وراودته أفكارا سوداء دفعته إلى التوجه إليهم لاستطلاع الأمر ، وسرعان ما تأكدت هواجسه، لقد كانت جثة عبد اللطيف الذي غرق في البحر. سارع عبد الإله بالتوجه إلى مركز الإغاثة ، لحد الآن لا يدري بالضبط ماذا فعل هناك لأنه حينها فقد السيطرة على نفسه ، كل ما يتذكره أنه عنف المسعفين بشدة ، وطالبهم بإنقاذ شقيقه رغم تأكيداتهم له أن الوقت قد فات ، قذف ببعض الكراسي والأدوات وفي لحظة وجد نفسه يجري صوب الشارع عازما على وضع حد لحياته . عندما رأى من بعيد شاحنة قادمة بأقصى سرعة توجه نحوها ، لكن في آخر لحظة أمسك به شاب بقوة أسقطتهما معا ، ليكتشف بعد ذلك أن الشاب الذي أنقذه هو جار لهم في حي الأحباس بالدار البيضاء ، لا يدرى أية صدفة جعلته يتواجد في ذلك المكان وذلك الوقت بالتحديد. هكذا سيجد عبد الإله نفسه عائدا إلى المنزل الذي كانوا يكترونه ، يرافقه شقيقه الآخر عز الدين وشقيقته جميلة ، لكن دون عبد اللطيف ، وسيجد نفسه مضطرا لإبلاغ والدته وزوجة أبيه بالخبر الفاجعة عندما كان البكاء والعويل يعم المنزل ، جاء الجيران ، سكان طنجة الطيبين الذين وجدت فيهم العائلة البعيدة عن بيتها ومدينتها خير مواساة في تلك اللحظات الرهيبة ، وكان لا بد من إبلاغ الأب الذي كان آنذاك في مراكش ،وعندما حاولوا الاتصال به وجدوا أنه علم بالخبر بطريقة لازال عبد الإله لحد الآن يجهلها توجه الوالد بالشاحنة بأقصى سرعة إلى طنجة ودون توقف ، كل ما كان يعلمه تلك اللحظة أن ابنه غرق في البحر ، لكنه لم يكن يعرف من بالضبط ، وكان يعتقد أن عبد الإله هو الضحية ، وعندما وصل بعد وقت متأخر ، ووجد عبد الإله منزوي قرب الباب لا يقوى على الكلام ، قال له جملة واحدة « آش بغيتي عندي» الرجال يحزنون بطريقتهم الخاصة ، وفي حالة الحاج عاجل بنموسى ، وبعد أن عرف أن ابنه عبد اللطيف هو الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى وجد نفسه مجبرا على مواساة أبناءه وزوجتيه وخصوصا أم الفقيد ، معتبرا أن قضاء الله لاراد له ، وعندما سأله الجيران عن مكان الدفن قال : لقد شاءت الأقدار أن يموت في طنجة وسندفنه في طنجة ، وهكذا كان بعد كل هذه السنوات ، وكلما شاءت الظروف أن يذهب إلى طنجة ، مازال عبد الإله يحرص على زيارة مقبرة سيدي بوعراقية للترحم على روح عبد اللطيف | ||
11/8/2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
الخطوات الأولى
عائلة موميل ارتبط بها عاجل منذ وقت مبكر ، كان صديقا لأحد أبناءها ، حمودة ، وكانت العائلة تعتبر عبد الإله واحدا منها ، كانت العائلة تتوفر على استراحة صيفية ، كابانو ، في زناتة القريبة من الدار البيضاء ، هناك قضى عاجل أوقاتا عديدة ، بل إنه في بعض الفترات ، سيصبح عمليا مستقرا بهذه الاستراحة ، في مرحلة تحول هامة في حياته ، وهناك سيقرر أنه سيحترف المسرح في زناتة ، يتذكر عاجل ، كان هناك صاحب فيلا يملك محل «كاروسري» في سيدي البرنوصي ، وكان رجلا مهتما بالعمل الجمعوي . في ذلك الوقت المبكر ، كان هو من أطلق حملة لتنظيف شاطئ زناتة ووزع أقمصة على عدد من الشبان تحمل عبارة « لنحافظ على شواطئنا» مقابل تحفيزات هامة ، وكان عاجل من بينهم كان الرجل أيضا مهتما بالفن وكان ينظم حفلات يدعو إليها عددا من الفنانين والمجموعات الغنائية . يتذكر عاجل أنه ذات مرة كلفه «رحالي» بتقديم الحفل الذي دعا إليه مجموعة لمشاهب ومجموعة السهام ، بالإضافة إلى الفنان محمد بنبراهيم . تم وضع منصة ومكبرات الصوت وكان الحضور ملفتا ، بدأت العروض ، وفجأة تقدم أمام عاجل شاب سأله إن كان بمستطاعه أن يساهم في هذا النشاط وأخبره أنه سبق أن ساهم بعدة سكيتشات في السابق وأنه قادم من بلجيكا . ذهب عاجل ليخبر منظم الحفل ، فقدمه أيضا إلى الفنان بنبراهيم ، هذا الأخير سيخبر عاجل أنه يعرف هذا الشاب فهو يقلده في عروضه ورحب بمشاركته شريطة أن يقدم عرضه بعده ، كان هذا الشاب هو سعيد الناصري بالإضافة إلى زناتة ، كان موسم مولاي عبد الله بضواحي الجديدة موعدا سنويا لعاجل وعدد من أصدقائه ، يقضون هناك بضعة أيام معتمدين على أنفسهم في كل شيء ، كانوا يحملون معهم خيمة وينصبونها في الشاطئ ، وكان عاجل هو الذي يتكفل بالطبخ لأنه ، وإلى حد الآن ، هوايته المفضلة ، وكان كل واحد منهم يتدبر مبلغا من المال يتراوح بين 150 و 180 درهما للمعيش ذات مرة تخلف عاجل عن الذهاب مع أصدقائه ، الذين سبقوه إلى مولاي عبد الله ، بعد انصرام يومين لحق بهم ولم يكن معه مبلغ من المال للمساهمة إلى جانبهم في تكاليف الأكل ، وصل بالليل ، ومعه قنينة من الماء المعدني ، وفي الصباح طلبوا منه أن يذهب إلى السوق لجلب الخضر واللحم ، وعندما أخبرهم أنه لا يتوفر على النقود اللازمة لم يصدقوه : تغسل وجهك بماء معدني وتقول إنك لا تتوفر على نقود ، غير ممكن » هكذا كانت ردة فعلهم تصرف عاجل ذلك اليوم يقدم مفتاحا لفهم شخصيته في تلك السن المبكرة ، فقد غادر الخيمة وتوجه إلى مقهى مجاور وهناك سأل عن الأشخاص الذين ينظمون الحلقة ، أخبروه أن هناك شخصا ينظم حلقة في الصباح وعرفوه عليه ، وعندما طلب منه عبد الإله مشاركته ، قبل هذا الأخير ذلك فورا ، وكان عرض عاجل ناجحا وجمع الاثنان مبلغا ماليا محترما ، بمقياس ذلك الوقت ، قسماه فيما بينهما وكان نصيبه حوالي 90 درهما ، كانت كافية ليشتري بهما قوت يوم كامل للأصدقاء . كانت تلك أول وآخر مرة يشارك فيها في حلقة ، لكن تلك التجربة أكدت أنه ليس من ذلك النوع الذي يتراجع أمام المصاعب ، وأنه يملك من الموهبة والجرأة ما يجعلانه قادرا على مواجهة تقلبات الزمن في درب الأحباس ودرب ليهودي ، كان يعيش أشخاص اسثتنائيون ، يملكون موهبة فطرية تجعلهم متميزين عن غيرهم ، يحكي عبد الإله أنه تعرف عن قرب ورافق عددا منهم ، من أمثال ادريس بائع النعناع ، فضيل وعبد الله بائع الفول والبطاطس المسلوقة ، كانوا نسخة درب الأحباس من شخصية «كيرا» الذي اشتهر في الحي المحمدي ، صاحب النوادر التي سارت بذكرها الركبان كان بائع النعناع والفوال يملكان دكانيهما في وسط الساحة التي تقع فيها العوينة ، جنب دكاكين عديدة كانت في الواقع ملتقى لسكان الحي ، كانوا بتلقائية يتنافسون في إطلاق النكت واستغلال أي موقف للسخرية من هذا العالم العجيب ، يقول عبد الإله إن الدرب تلك الأيام يذكره ب«زقاق المدق» كما صوره نجيب محفوظ فضيل العاطل عن العمل كان كوميديا لا يشق له غبار وكانت العائلات الميسورة تستدعيه بين الفينة والأخرى للترويح عنهم ، والآخرون لكل واحد منهم حكايات لا يسع المجال لذكرها عاجل رافق هؤلاء وجالسهم عدة سنوات ، ويؤكد أنه تعلم منهم الكثير ، لكنه لم يقف عند هذا الحد..كان المسرح قد بدأ يستهويه ، فقرر أن يجمعهم في عرض مسرحي ساخر ، سماه «وليدات الدوار» ، وكان اقتباسا من إحدى مسرحيات تشيخوف ، قرأها عاجل في إحدى المجلات العربية قام عاجل بإخراج المسرحية التي عرضت في مقر للشبيبة الاستقلالية في درب الأحباس، كان يتوفر على خشبة ، وقدمت المسرحية لسكان الحي مقابل ثمن رمزي ، 50 سنتيما ، وكان الحضور كبيرا لدرجة أن القاعة لم تتسع للجميع ، وكان من بين الحاضرين إخوة عبد الإله وعدد من أفراد عائلته ما حدث خلال العرض أن فنانا مسرحيا كبيرا حضر لبضعة دقائق وشاهد شبان الحي ورواده يقدمون عرضا ساخرا جدا وبإتقان ، فطأطأ برأسه كعلامة على الإعجاب وغادر القاعة .. كان هو الطيب الصديقي عندما انتهى العرض وأخبر المسؤولون عن القاعة عاجل بحضور الفنان المسرحي الكبير، غضب جدا لأنهم لم يستقبلوه استقبالا يليق به ولم يطلبوا منه البقاء بعد العرض : «كنت أريد أن ألتقي به وآخذ صورة معه» يقول عبد الإله . وقتها لم يكن يعرف أن الظروف ستمنحه هذه الفرصة... نجاح المسرحية دفع أحد المهتمين لأن يقترح على عاجل عرضها في قاعة سينما الأمل بدرب الكبير ، التي لم يعد لها وجود الآن على غرار معظم القاعات السينمائية بالمغرب . سر عبد الإله بالاقتراح وأجر «كارو» لحمل الديكور والممثلين وجلس هو قرب السائس مزهوا بنفسه ، كيف لا وهو ذاهب ليعرض عملا له أمام جمهور عريض في قاعة سينما ، لكن عندما وصلوا أخبرهم الحارس باستحالة عرض المسرحية لأن القاعة تم قطع الكهرباء عنها بسبب عدة فواتير غير مؤداة ، وهكذا انتهت قصة مسرحية «وليدات الدوار» رغم أن هذه المسرحية لم تعرض إلا مرة واحدة ووحيدة ، إلا أنها فتحت أمام عبد الإله الباب للولوج إلى هذا العالم الساحر ، فقد كان من بين الذين شاهدوها الاستاذ محمد دراعو ، الذي كان يشتغل مع المرحوم حوري الحسين في دار الشباب بوشنتوف ، المشتل الذي أعطى للمغرب العديد من الوجوه الفنية الرائدة ، فدعا عبد الإله للمشاركة في مسرحية سالم وحليمة ، التي ألفها دراعو وأخرجها حوري الحسين، وكان الدور الذي أداه عاجل ، دور الملاكم كانت المسرحية من النوع الذي أطلق عليه آنذاك المسرح التحريضي ، وكانت مرحلة السبعينات التي عرفت بسنوات الرصاص فترة مواجهة بين السلطة والمعارضة ، وكانت الجامعات من بين ساحات المعركة الملتهبة ذات مرة أخبر دراعو الممثلين أنهم سيتوجهون إلى كلية الآداب بالرباط لعرض المسرحية ، كان الاستقبال حارا ، وبعد المسرحية فتح نقاش مع الطلبة ، لكن خلال العودة إلى الدار البيضاء تم توقيف المجموعة ونقلوا إلى إحدى الكوميسريات ، حيث خضعوا للتحقيق لمدة دامت ثلاث ساعات قبل إطلاق سراحهم ، كانت تلك أول تجربة لعاجل مع السلطة التي لم يسبق أن نظرت بعين الرضى للمسرح أو غيره من الفنون التي تنتقد الواقع الاجتماعي والسياسي ، لكن ما أفزعه حينها هو احتمال أن يصل الخبر إلى والده « اللهم ملقاك مع المخزن ولا مع والديك» كما قال ، وهكذا طلب من باقي الممثلين التكتم عن الأمر ، وكأن شيئا لم يقع... | ||
13-08-2012 |
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
من حوري الحسين
14-08-2012
كان
الراحل حوري الحسين هو مخرج مسرحية «سالم وحليمة» ، التي اعتقل بسببها
عاجل وبقية أعضاء الفرقة قرابة 3 ساعات في الرباط، لكنه لم يلتقي به سوى
مرات قليلة آنذاك، غير أنها كانت كافية، يؤكد عبد الإله، ليدرك أنه أمام
مسرحي استثنائي..يقول عاجل متذكرا : كان يدخن كثيرا، والسيجارة لم تكن
تغادر شفتيه، حتى عندما كان يتكلم، وبالتالي كان على المستمع بذل مجهود
لفهم ما يقصده الحسين بالضبط، وكانت كلمة «إيه.. إيه» لازمة له.
كان حوري الحسين ، يقول عبد الإله ، متواضعا، موضوعيا في حكمه على الأعمال
والاشياء، عندما كان المرحوم محمد الركاب يعد لشريطه «حلاق درب الفقراء»
اقترح على حوري الحسين الدور الرئىسي، لكنه رفض واقترح على الركاب محمد
الحبشي، واكتفى هو بدور صغير هو دور صاحب المقهى . كان رأيه سديدا، فقد
أبدع الحبشي في هذا الدور بشكل ملفت.
لكن بعد مدة غير طويلة ستسمح الظروف لعبد الإله ليتعرف عن قرب على حوري
الحسين، وذلك سنة 1982 في مدينة آسفي، بمناسبة المهرجان الوطني 23 لمسرح
الهواة. كان عاجل مشاركا في المهرجان بمسرحية «الزهرة بنت البرنوصي»، وحوري
الحسين بمسرحية اغتيال الاشجار ، المقتبسة عن رواية «الأشجار واغتيال
مرزوق» لعبد الرحمان منيف، والتي ستفوز خلال هذا المهرجان بجائزة الديكور.
قبل ذلك كان عبد الإله قد شاهد الحسين في عدة مسرحيات، أثارت انتباه مختلف
المهتمين بمسرح الهواة، منها الحرباء، عبدو والكراكيز وغيرها، لكن في آسفي
ستسمح الظروف لعاجل أن يتعرف عن قرب على هذا الفنان المتمرد.
يقول عبد الإله، كان حوري الحسين ساخطا على الوضع، وعلى الخصوص وضع المسرح
في المغرب، بما في ذلك الوضع الاعتباري لرجل المسرح والفنان بشكل عام ،
ويضيف ، في آسفي مثلا كانت ظروف الإقامة بالنسبة للمشاركين سيئة، وهو ما
أثار احتجاج حوري الحسين الذي كان يردد «منعسينا بحال السردين» ..كان حوري
الحسين آخر من ينام وأول من يستيقظ ، وعندما يفعل ينادي على بقية المشاركين
«فيقو ألنمل» استيقظوا يا نمل، وهي عبارة كان يرددهافي مسرحيته عبدو
والكراكيز.
في آسفي وقع حادث لم يثر إبانها الاهتمام اللازم، إلا بعد مدة، ففي إحدى
الليالي رأى حميد نجاح حوري الحسين يحاول أن يلقي بنفسه من النافذة، في
البداية لم يأخذ نجاح ذلك على مأخذ الجد، فحوري كثيرا ما كان يفاجئ أصدقاءه
بمواقف غير متوقعة، لكن عندما وصله خبر انتحار حوري الحسين في المحمدية،
تذكر ذلك المشهد، وحكى ذلك لعاجل .
بعد آسفي سيكون لعاجل لقاء آخر مع حوري الحسين، وذلك في مدينة المحمدية،
كان آنذك مشرفا على عروض بهذه المدينة، وقام بدعوة عاجل لعرض مسرحية
«الزهرة بنت الحسين» وذلك في قاعة ابن عربي. عندما ذهب عاجل الى هناك كان
حوري الحسين لا يخفي سعادته. بل إنه ساعد بنفسه في تجهيز الخشبة وكان يجمع
المسامير ، وقد فوجئت به الزوهرة نجوم وهو يفعل ذلك لكنه قال لها : لا يجب
تركها هنا حتى لا تطأها أقدامكما وأنتما فوق الخشبة..
بعد أسابيع قليلة، جاء الخبز المزلزل، انتحار حوري الحسين ..عندما وجدوه
مشنوقا، وجدوا بجانبة ربطة نعناع أو ما تبقى منها، براد شاي شرب منه قليلا ،
خبزة أكلت منه قطعة صغيرة وعلبة سردين كذلك أكل منها جزء ، ثم ورقة كتب
عليها« قتلت نفسي ولم يقتلني أحد أحبكم جميعا»
قيل الكثير عن الأسباب التي دفعت هذا الفنان المتميز إلى إنهاء حياته بتلك
الطريقة، عبد الإله يؤكد، من خلال علاقته بالمرحوم أن السبب الحقيقي هو
اليأس.، وفقدان الثقة، ففنان في مثل قامته، لم ينل الاعتراف الذي يستحقه،
وللأسف ظل هذا النكران حتى بعد وفاته، فلا توجد قاعة مسرح ، أو شارع يحمل
اسمه، عاجل يستغل مرة أخرى هذه المناسبة بدعوة كل المعنيين بالأمر إلى
إعادة إحياء ذاكرة هذا المسرحي الكبير، وجمع أعماله وتوثيقها.
بعد مسرحية «سالم وحليمة» سيشارك عبد الإله في تجربة ثانية مختلفة، وكانت
هي مسرحية« المقامة المراكشية » التي ألفها سعد الله عبد المجيد، لكن سوء
الحظ لازم هذا العمل بعد 5 أو 6 عروض ، وذلك بعد وفاة أحد الممثلين الذين
شاركوا في هذه المسرحية، وكان عبد الإله قد أدى فيها دور عيسى بن هشام.
وبعد المقامة المراكشية، سيقدم سعد الله عبد المجيد لعاجل نص مسرحية ستشكل
علامة فارقة في مساره. كان ذلك نهاية 1979 - بداية 1980، كانت أحداث
المسرحية تدور حول رجل سلطة وعاهرة تطلب رخصة، وكان الاقتراح الأول الذي
قدمه سعد الله لعاجل هو البحث عن ممثل شاب يؤدي ذور بائعة الهوى . أخذ عبد
الإله النص الذي كتبه عيد المجيد سعد الله بخط يده ، وقرأه ، أعجب بمضمونه
كثيرا، لكنه لم يتحمس لفكرة أن يؤدي شاب دور بائعة الهوى، رغم أنه في تلك
الأثناء كان من غير السهل إيجاد ممثلة تلتزم بأداء عمل مسرحي مرهق مع ما
يتطلبه ذلك من ساعات تدريب طويلة قد تمتد الى وقت متأخر، وعرضها في مدن
خارج الدار البيضاء... إلخ وهكذا اقتنع عاجل أنه من الأفضل أن لا يشارك في
هذه المسرحية
في تلك الأثناء، كان عاجل مداوما على دار الشباب بوشنتوف. كان يذهب ليشاهد
الفرق المسرحية خلال تداريبها، ويتابع مباريات الشطرنج وكرة الطاولة ،
وغيرها من الأنشطة. ذات مرة، كان بساحة دار الشباب عندما رأى شابة تلج باب
الدار، تعرف عليها بسرعة لأنه سبق أن رآها في الرباط ترقص في مجموعة «محمد
بنان» وذلك في مهرجان الشباب العربي، كانت قادمة إلى دار الشباب لإجراء بعض
التمارين مع الفرقة المذكورة، وما أن رآها حتى تأكد عاجل أنها هي التي
ستؤدي الدور
لم يترك الفرصة تمر فتوجه نحوها ، وبعد التحية ، اقترح عليها المشروع فطلبت
منه قراءة النص. النسخة التي كانت مع عبد الإله وكان يحملها معه ذلك
اليوم، كانت هي الوحيدة، لكنه سيسلمها لها بعد أن لمس منها اهتماما
بالفكرة. طلبت منه مهلة لبضعة أيام، واتفقا على أن تزوره في المنزل وسط
الاسبوع، عندما لا يكون الوالد الحاج عاجل بنموسى موجودا خشبية أن لا تروقه
فكرة أن يستقبل ابنه زميلة له في منزله، أخبر عبد الإله والدته فوافقت
وأعدت الشاي والحلوى، وواجبات الضيافة، وظل هو ينتظرها، لكن فجأة بدأ المطر
يهطل بشدة لدرجة أن المارة اختفوا بسرعة من الشارع. كانت هي تسكن في
القريعة، وقدر عبد الإله أنه من الصعب أن تقطع هذه المسافة من هناك إلى درب
الأحباس في هذا الجو الممطر، لكن فجأة سمع طرقا على الباب، وعندما فتح
وجدها أمامه.
لم يسألها إن كانت وافقت على المشاركة في المسرحية، لأن خروجها في مثل ذلك
الجو الممطر كان دليلا على أنها أعجبت بالنص وموافقة على أداء الدور، وهكذا
ما أن جلسا حتى بدآ يتحدثان عن المسرحية والاستعدادات اللازمة..كانت تلك
هي مسرحية «الزهرة بنت البرنوصي» أما الشابة التي ما أن رآها في دار الشباب
بوشنتوف حتى اقتنع بأنها الممثلة التي يجب أن تؤدي ذلك الدور فهي نجوم
الزوهرة، التي ستصبح بعد ذلك زوجته وأم ابنيه عصام ونزار
الراحل حوري الحسين هو مخرج مسرحية «سالم وحليمة» ، التي اعتقل بسببها
عاجل وبقية أعضاء الفرقة قرابة 3 ساعات في الرباط، لكنه لم يلتقي به سوى
مرات قليلة آنذاك، غير أنها كانت كافية، يؤكد عبد الإله، ليدرك أنه أمام
مسرحي استثنائي..يقول عاجل متذكرا : كان يدخن كثيرا، والسيجارة لم تكن
تغادر شفتيه، حتى عندما كان يتكلم، وبالتالي كان على المستمع بذل مجهود
لفهم ما يقصده الحسين بالضبط، وكانت كلمة «إيه.. إيه» لازمة له.
كان حوري الحسين ، يقول عبد الإله ، متواضعا، موضوعيا في حكمه على الأعمال
والاشياء، عندما كان المرحوم محمد الركاب يعد لشريطه «حلاق درب الفقراء»
اقترح على حوري الحسين الدور الرئىسي، لكنه رفض واقترح على الركاب محمد
الحبشي، واكتفى هو بدور صغير هو دور صاحب المقهى . كان رأيه سديدا، فقد
أبدع الحبشي في هذا الدور بشكل ملفت.
لكن بعد مدة غير طويلة ستسمح الظروف لعبد الإله ليتعرف عن قرب على حوري
الحسين، وذلك سنة 1982 في مدينة آسفي، بمناسبة المهرجان الوطني 23 لمسرح
الهواة. كان عاجل مشاركا في المهرجان بمسرحية «الزهرة بنت البرنوصي»، وحوري
الحسين بمسرحية اغتيال الاشجار ، المقتبسة عن رواية «الأشجار واغتيال
مرزوق» لعبد الرحمان منيف، والتي ستفوز خلال هذا المهرجان بجائزة الديكور.
قبل ذلك كان عبد الإله قد شاهد الحسين في عدة مسرحيات، أثارت انتباه مختلف
المهتمين بمسرح الهواة، منها الحرباء، عبدو والكراكيز وغيرها، لكن في آسفي
ستسمح الظروف لعاجل أن يتعرف عن قرب على هذا الفنان المتمرد.
يقول عبد الإله، كان حوري الحسين ساخطا على الوضع، وعلى الخصوص وضع المسرح
في المغرب، بما في ذلك الوضع الاعتباري لرجل المسرح والفنان بشكل عام ،
ويضيف ، في آسفي مثلا كانت ظروف الإقامة بالنسبة للمشاركين سيئة، وهو ما
أثار احتجاج حوري الحسين الذي كان يردد «منعسينا بحال السردين» ..كان حوري
الحسين آخر من ينام وأول من يستيقظ ، وعندما يفعل ينادي على بقية المشاركين
«فيقو ألنمل» استيقظوا يا نمل، وهي عبارة كان يرددهافي مسرحيته عبدو
والكراكيز.
في آسفي وقع حادث لم يثر إبانها الاهتمام اللازم، إلا بعد مدة، ففي إحدى
الليالي رأى حميد نجاح حوري الحسين يحاول أن يلقي بنفسه من النافذة، في
البداية لم يأخذ نجاح ذلك على مأخذ الجد، فحوري كثيرا ما كان يفاجئ أصدقاءه
بمواقف غير متوقعة، لكن عندما وصله خبر انتحار حوري الحسين في المحمدية،
تذكر ذلك المشهد، وحكى ذلك لعاجل .
بعد آسفي سيكون لعاجل لقاء آخر مع حوري الحسين، وذلك في مدينة المحمدية،
كان آنذك مشرفا على عروض بهذه المدينة، وقام بدعوة عاجل لعرض مسرحية
«الزهرة بنت الحسين» وذلك في قاعة ابن عربي. عندما ذهب عاجل الى هناك كان
حوري الحسين لا يخفي سعادته. بل إنه ساعد بنفسه في تجهيز الخشبة وكان يجمع
المسامير ، وقد فوجئت به الزوهرة نجوم وهو يفعل ذلك لكنه قال لها : لا يجب
تركها هنا حتى لا تطأها أقدامكما وأنتما فوق الخشبة..
بعد أسابيع قليلة، جاء الخبز المزلزل، انتحار حوري الحسين ..عندما وجدوه
مشنوقا، وجدوا بجانبة ربطة نعناع أو ما تبقى منها، براد شاي شرب منه قليلا ،
خبزة أكلت منه قطعة صغيرة وعلبة سردين كذلك أكل منها جزء ، ثم ورقة كتب
عليها« قتلت نفسي ولم يقتلني أحد أحبكم جميعا»
قيل الكثير عن الأسباب التي دفعت هذا الفنان المتميز إلى إنهاء حياته بتلك
الطريقة، عبد الإله يؤكد، من خلال علاقته بالمرحوم أن السبب الحقيقي هو
اليأس.، وفقدان الثقة، ففنان في مثل قامته، لم ينل الاعتراف الذي يستحقه،
وللأسف ظل هذا النكران حتى بعد وفاته، فلا توجد قاعة مسرح ، أو شارع يحمل
اسمه، عاجل يستغل مرة أخرى هذه المناسبة بدعوة كل المعنيين بالأمر إلى
إعادة إحياء ذاكرة هذا المسرحي الكبير، وجمع أعماله وتوثيقها.
بعد مسرحية «سالم وحليمة» سيشارك عبد الإله في تجربة ثانية مختلفة، وكانت
هي مسرحية« المقامة المراكشية » التي ألفها سعد الله عبد المجيد، لكن سوء
الحظ لازم هذا العمل بعد 5 أو 6 عروض ، وذلك بعد وفاة أحد الممثلين الذين
شاركوا في هذه المسرحية، وكان عبد الإله قد أدى فيها دور عيسى بن هشام.
وبعد المقامة المراكشية، سيقدم سعد الله عبد المجيد لعاجل نص مسرحية ستشكل
علامة فارقة في مساره. كان ذلك نهاية 1979 - بداية 1980، كانت أحداث
المسرحية تدور حول رجل سلطة وعاهرة تطلب رخصة، وكان الاقتراح الأول الذي
قدمه سعد الله لعاجل هو البحث عن ممثل شاب يؤدي ذور بائعة الهوى . أخذ عبد
الإله النص الذي كتبه عيد المجيد سعد الله بخط يده ، وقرأه ، أعجب بمضمونه
كثيرا، لكنه لم يتحمس لفكرة أن يؤدي شاب دور بائعة الهوى، رغم أنه في تلك
الأثناء كان من غير السهل إيجاد ممثلة تلتزم بأداء عمل مسرحي مرهق مع ما
يتطلبه ذلك من ساعات تدريب طويلة قد تمتد الى وقت متأخر، وعرضها في مدن
خارج الدار البيضاء... إلخ وهكذا اقتنع عاجل أنه من الأفضل أن لا يشارك في
هذه المسرحية
في تلك الأثناء، كان عاجل مداوما على دار الشباب بوشنتوف. كان يذهب ليشاهد
الفرق المسرحية خلال تداريبها، ويتابع مباريات الشطرنج وكرة الطاولة ،
وغيرها من الأنشطة. ذات مرة، كان بساحة دار الشباب عندما رأى شابة تلج باب
الدار، تعرف عليها بسرعة لأنه سبق أن رآها في الرباط ترقص في مجموعة «محمد
بنان» وذلك في مهرجان الشباب العربي، كانت قادمة إلى دار الشباب لإجراء بعض
التمارين مع الفرقة المذكورة، وما أن رآها حتى تأكد عاجل أنها هي التي
ستؤدي الدور
لم يترك الفرصة تمر فتوجه نحوها ، وبعد التحية ، اقترح عليها المشروع فطلبت
منه قراءة النص. النسخة التي كانت مع عبد الإله وكان يحملها معه ذلك
اليوم، كانت هي الوحيدة، لكنه سيسلمها لها بعد أن لمس منها اهتماما
بالفكرة. طلبت منه مهلة لبضعة أيام، واتفقا على أن تزوره في المنزل وسط
الاسبوع، عندما لا يكون الوالد الحاج عاجل بنموسى موجودا خشبية أن لا تروقه
فكرة أن يستقبل ابنه زميلة له في منزله، أخبر عبد الإله والدته فوافقت
وأعدت الشاي والحلوى، وواجبات الضيافة، وظل هو ينتظرها، لكن فجأة بدأ المطر
يهطل بشدة لدرجة أن المارة اختفوا بسرعة من الشارع. كانت هي تسكن في
القريعة، وقدر عبد الإله أنه من الصعب أن تقطع هذه المسافة من هناك إلى درب
الأحباس في هذا الجو الممطر، لكن فجأة سمع طرقا على الباب، وعندما فتح
وجدها أمامه.
لم يسألها إن كانت وافقت على المشاركة في المسرحية، لأن خروجها في مثل ذلك
الجو الممطر كان دليلا على أنها أعجبت بالنص وموافقة على أداء الدور، وهكذا
ما أن جلسا حتى بدآ يتحدثان عن المسرحية والاستعدادات اللازمة..كانت تلك
هي مسرحية «الزهرة بنت البرنوصي» أما الشابة التي ما أن رآها في دار الشباب
بوشنتوف حتى اقتنع بأنها الممثلة التي يجب أن تؤدي ذلك الدور فهي نجوم
الزوهرة، التي ستصبح بعد ذلك زوجته وأم ابنيه عصام ونزار
14-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
عبد الإله عاجل .. الزهرة بنت البرنوصي
في يوليوز الماضي ، وبمناسبة
المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، الدورة 14 ، تم عرض مسرحية «الزهرة بنت
البرنوصي» ، وكان ذلك هو العرض الـ 266 . شخصيا لا أعرف إن كانت هناك
مسرحية مغربية تجاوزت هذا العدد من العروض، لكن في جميع الأحوال، يبقى عدد
المرات التي عرضت فيها هذه المسرحية، منذ أول عرض سنة 1982 ، قياسيا
بالنسبة للمغرب، بل إن تواصل عرضها لمدة 30 سنة بنفس الممثلين ، هو في حد
ذاته أمر غير عادي ، فحتى المسرحيات التي قدمها عاجل مع مسرح الحي، وهي
مسرحيات جماهيرية، لم تتجاوز عروض كل واحدة منها 160-170 عرضا.
عاجل، بكل تواضع، يقول بأن المسرحية لا تتطلب تكاليف عديدة لعرضها ، سواء
من حيث الديكور أو عدد الممثلين، إثنان هما عاجل والزوهرة نجوم، و«عندما
تطلب مني هذه الجهة أو تلك للمشاركة بعرض مسرحي في إحدى المناسبات، عادة ما
أقترح الزهرة بنت البرنوصي».
قد تكون هذه الأسباب ساهمت في استمرارية المسرحية، لكن هناك مسرحيات عديدة
لا تتطلب تكاليف عديدة لم تستمر إلا بضعة عروض، والحقيقة فإن مضمون
المسرحية لعب الدور الرئىسي في استمرارها، عاجل هنا يؤكد كذلك أن العديد من
الجمعيات والهيئات عندما تتصل به تصر على عرض «الزهرة بنت البرنوصي» لأن :
هناك جيلا من المغاربة شاهدوا المسرحية، وبدافع التحمس يسعون إلى أن
يشاهدها أيضا الجيل الجديد.»يقول
المسرحية التي كتبها المبدع عبد المجيد سعد الله، ورغم أنها كتبت نهاية
السبعينات- بداية الثمانينات ، بهموم وقضايا هذه المرحلة الملتهبة من تاريخ
المغرب، إلا أنها من ذلك النوع من الأعمال الفنية التي تتجاوز في عمقها
حدود الزمان، بل وحتى المكان.
عاجل يشرح ذلك بالقول إن موضوع المواطن المقهور أمام جبروت السلطة وتحكمها،
موضوع كل جيل وكل دولة، خصوصا في العالم العربي ولذلك فعندما تعرض
المسرحية الآن ، مازلنا نجد نفس التجاوب الذي كنا نجده في الثمانينات.
بعد العثور على الممثلة التي ستؤدي الدور في المسرحية، الزوهرة نجوم ،
والتي كانت هذه أول مغامرة مسرحية لها استطاعت أن تكسب رهانها بكل استحقاق،
بدأت الاستعدادات التي لم تكن سهلة على الإطلاق ...بعد ثلاثة أيام من
زيارة الزوهرة وإبلاغها عبد الإله موافقتها على المشاركة في المسرحية، بدأت
التمارين، وذلك في دار الشباب بوشنتوف، المرحوم سمير جمال الذي كان مهتما
بالبحث الموسيقي، ومولعا بالموسيقى الكلاسيكية والإيقاعات الروحية، سيقرأ
النص عدة مرات، ويبحث في مختلف الإيقاعات حتى يعثر على موسيقى الروماني
زامفير ، فاقترح على المجموعة الاستعانة بموسيقاه في المسرحية، وكان
اقتراحه سديدا، لدرجة أن الجميع أحسوا أن هذه الموسيقى ألفت خصيصا من أجل
«الزهرة بنت البرنوصي».
الاشتغال على السينوغرافيا أخذ بدوره وقتا غير قصير، وكان عاجل وعبد
المجيد سعد الله يتكلفان به، سعد الله الذي كان مسؤولا أيضا عن إدارة
الممثلين، تكلف أيضا مع عاجل لتمرين الزوهرة نجوم، لأن الدور كان مرهقا.
المشكلة في «الزهرة بنت البرنوصي» ، يؤكد عاجل، أنها كانت تتطلب جهدا
بدنيا استثنائيا. سعد الله ، الخبير في الميدان ، وجد الوصفة السحرية لإعد
اد عاجل بدنيا، وهكذا كان يركب دراجته النارية من درب بوشنتوف إلى كورنيش
عين الذئاب، ويتبعه عاجل على رجليه، وهو يردد حوار المسرحية، كان يفعل ذلك
مرفوقا بتساؤلات المارة ، والذين غالبا ما كانوا يعتقدون أنه مجنون يكلم
نفسه.. وعند الوصول إلى الشاطئ، كان سعد الله يطلب منه أن يتمرن على
المشاهد التي سيظهر فيها وحده وهو حافي القدمين فوق الصخر وفوق الرمال
الساخنة، وأن يتمرن أيضا على قوة الصوت، وذلك وسط الأمواج ، حتى يعلو صوته
على صوتها ، وعند المساء، يعود إلى دار الشباب بوشنتوف ليتمرن مع الزوهرة
نجوم.
أول عرض للمسرحية كان سنة 1982، كانت أحداث 20 يونيو 1981 ما تزال حية في
أذهان المغاربة ، ولذلك لاقت نجاحا باهرا. كان العرض قد تم في مدينة
أكادير، في قاعة البلدية، التي غصت عن آخرها.. بعد نهاية العرض، جاء مسؤول
بالقوات المساعدة عند عاجل وقال له «ياك.. وريتنا وجهنا في المراية» نظرا
للانتقاد الشديد الموجه إلى السلطة في هذه المسرحية.
وفي الوقت الذي كان عاجل والزوهرة يحييان هذا ويصافحان ذاك، ويلتقطان صور
مع الجمهور، برزت سيدة عجوز، فهجمت على عاجل وأمسكته من عنقه بشدة لدرجة
أنه كاد يختنق، وهي تردد عبارات بالأمازيغية لم يفهمها، بعد أن قام الذين
عاينوا هذه الواقعة بتهدئة السيدة العجوز ، شرحوا له ما كانت تقوله،
فالسيدة الطيبة تابعت المسرحية من الأول إلى الآخر وتعاطفت مع الدور الذي
أدته الزوهرة نجوم، وبنفس المستوى حنقت على عاجل، رجل السلطة، وهكذا ما أن
رأته بعد نهاية العرض حتى هجمت عليه وهي تصرخ قائلة : ما الذي فعلته لك
هذه السيدة حتى تذيقها كل هذا العذاب، ألا تخجل من نفسك!»
بعد ذلك جاءت الفرصة التي كان عاجل يحلم بها، وهي أن يقدم عرضا فوق خشبة
المسرح البلدي وذلك بمناسبة الإقصائيات الخاصة بالمهرجان الوطني 23 لمسرح
الهواة، الذي سينعقد بآسفي، شاركت الفرقة بمسرحية «الزهرة بنت البرنوصي»
طبعا ، وكانت اللجنة المسؤولة عن تحديد المسرحيات المؤهلة للمشاركة في
المهرجان الوطني، تتكون من أحمد الصعري، النفالي، البيهاقي، عبد الكريم
ياسين.. عاجل سيفاجأ بالحضور الكبير ، وبعد انتهاء العرض فوجئ بتصفيقات
حارة ومتواصلة، لدرجة أن المرحوم محمد بلقاس صعد إلى الخشبة وعانقه بحرارة،
كما تلقى تهاني من طرف محمد الحبشي وغيره من الفنانين، طبعا كانت النتيجة
أن تأهلت المسرحية للمشاركة في مهرجان آسفي.
لا تتطلب المسرحية إلا ديكورا بسيطا، لكنها عكس ذلك تحتاج لإنارة خاصة،
وجهد في إعدادها، لأن المسرحية تلعب على الإضاءة بشكل كبير.. في آسفي
وعندما عرضت في قاعة الافراح كان الشخص الذي كلف بتجهيز الإنارة قد اشتغل
لمدة طويلة وشعر بتعب شديد، لكنه عوض التشكي علق على الموضوع قائلا: فعلا
هذا هو المسرح!
فيما كان عاجل والزوهرة يستعدان ، خلف الكواليس، حدث داخل القاعة ما لن
يعلمانه إلا لاحقا ، فقد فوجئ الحاضرون لمشاهدة المسرحية بأن الصفوف الأولى
محجوزة من طرف الباشا وأقربائه وهو ما أثار حفيظتهم لأن القاعة لم تسع
الجميع.
بدأ عرض المسرحية ، وفي أحد المشاهد تقول الزوهرة: حنا الشيخات تضاربنا مع
الاستعمار وجرحوني في كتافي، وبقي القرطاس والبارود غير كيتشتش، وقتلت
عسكري فرانساوي، عرفتي باش أعويناتي، بالطعريجة، وعرفتي الباشا؟ فيسألها
عاجل : مالو ؟ وتجيب هي: الباشا هرب.
ما أن نطقت بعبارة «الباشا هرب» ، حتى اهتزت القاعة بشدة كما لو أن انفجارا
شديدا وقع. عاجل والزوهرة ذهلا في البداية، ولم يدركا ماذا حصل، استمر
الصفير والصياح فقام الباشا وأفراد عائلته بمغادرة القاعة، أما المتفرجون
فقد طالبوا بإعادة المشهد صائحين «أعد... أعد» ، لكن عاجل لم يعد المشهد،
ففي المسرح ليس هناك شيء اسمه أعد.. أعد.
توالت العروض بعد ذلك، وماتزال مستمرة الى الآن، ولكل عرض حكاية ومواقف، لا
يتسع المجال لذكرها كلها، لكن في مراكش حدث ما يستحق أن يروى، فقد استدعت
إحدى الجمعيات عاجل لعرض المسرحية، وذلك في قصر البديع، كان ذلك تحديا
صعبا، بسبب متطلبات الإنارة، ولأن قصر البديع لا يتوفر على خشبة، لكنه تغلب
على هذه الصعاب، رغم أنه في الليلة السابقة بالكاد تمكنا ، هو والزوهرة
التي أصبحت آنذاك زوجته، من النوم، بسبب الناموس الذي قض مضجعهما. في أحد
المشاهد تضطر الزوهرة إلى التواري خلف الباب وانتظار بعض الوقت حتى تعود
الى الخشبة لإكمال مشهدها، ولأن الخشبة التي جهزها كان خلفها حائط لا يمكن
تجاوزه، طلب منها، قبل العرض طبعا، أن تغادر الخشبة بعيدا إلى خلف أحد
الأبواب في الجهة المقابلة، فعلت ذلك رغم أنها عندما فتحت الباب كان الظلام
دامسا لدرجة أنها لم تكن ترى شيئا، عاشت الزوهرة دقائق صعبة لأن وجودها
لوحدها في ذلك المكان المظلم كان يثير الرعب لكنها صمدت وبقيت هناك الوقت
اللازم.. في الغد، سيعرف عاجل والزوهرة أن رجال المطافئ والسلطات حضروا
إلى قصر البديع بعد معلومات توصلوا بها، وفتحوا الباب وأناروا المكان
ليجدوا ثعبانا ضخما من نوع كوبرا يعيش هناك، وكانت الزوهرة الليلة السابقة
على بعد أمتار قليلة منه.
المسرحية في البداية كانت مكونة من تسع لوحات، أحداث يونيو 1981 ستدفع عبد
المجيد سعد الله لإضافة لوحة عاشرة ، أو ليلة الحلم.. في 1993 عندما عرضت
القناة الثانية المسرحية قامت ببتر المشهد الأخير بكامله تقريبا، مما جعل
منه مشهدا غير مفهوم، ضاربة عرض الحائط بالمصداقية واحترام الجمهور. الآن
مرت أكثر من خمس سنوات ، التي تعطي للقناة الثانية الحق في العرض الحصري
للمسرحية، ولذلك يحاول عاجل مع القناة الأولى أن يصورها، معولا على
التغيرات التي وقعت في البلاد منذ 1993 ، والتي لم يعد يوجد معها مبررا
لبترها، حتى يتمكن من لم يسبق له أن رآها، من مشاهدتها كاملة، فهل سيتحقق
هذا المراد؟
15-08-2012
في يوليوز الماضي ، وبمناسبة
المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، الدورة 14 ، تم عرض مسرحية «الزهرة بنت
البرنوصي» ، وكان ذلك هو العرض الـ 266 . شخصيا لا أعرف إن كانت هناك
مسرحية مغربية تجاوزت هذا العدد من العروض، لكن في جميع الأحوال، يبقى عدد
المرات التي عرضت فيها هذه المسرحية، منذ أول عرض سنة 1982 ، قياسيا
بالنسبة للمغرب، بل إن تواصل عرضها لمدة 30 سنة بنفس الممثلين ، هو في حد
ذاته أمر غير عادي ، فحتى المسرحيات التي قدمها عاجل مع مسرح الحي، وهي
مسرحيات جماهيرية، لم تتجاوز عروض كل واحدة منها 160-170 عرضا.
عاجل، بكل تواضع، يقول بأن المسرحية لا تتطلب تكاليف عديدة لعرضها ، سواء
من حيث الديكور أو عدد الممثلين، إثنان هما عاجل والزوهرة نجوم، و«عندما
تطلب مني هذه الجهة أو تلك للمشاركة بعرض مسرحي في إحدى المناسبات، عادة ما
أقترح الزهرة بنت البرنوصي».
قد تكون هذه الأسباب ساهمت في استمرارية المسرحية، لكن هناك مسرحيات عديدة
لا تتطلب تكاليف عديدة لم تستمر إلا بضعة عروض، والحقيقة فإن مضمون
المسرحية لعب الدور الرئىسي في استمرارها، عاجل هنا يؤكد كذلك أن العديد من
الجمعيات والهيئات عندما تتصل به تصر على عرض «الزهرة بنت البرنوصي» لأن :
هناك جيلا من المغاربة شاهدوا المسرحية، وبدافع التحمس يسعون إلى أن
يشاهدها أيضا الجيل الجديد.»يقول
المسرحية التي كتبها المبدع عبد المجيد سعد الله، ورغم أنها كتبت نهاية
السبعينات- بداية الثمانينات ، بهموم وقضايا هذه المرحلة الملتهبة من تاريخ
المغرب، إلا أنها من ذلك النوع من الأعمال الفنية التي تتجاوز في عمقها
حدود الزمان، بل وحتى المكان.
عاجل يشرح ذلك بالقول إن موضوع المواطن المقهور أمام جبروت السلطة وتحكمها،
موضوع كل جيل وكل دولة، خصوصا في العالم العربي ولذلك فعندما تعرض
المسرحية الآن ، مازلنا نجد نفس التجاوب الذي كنا نجده في الثمانينات.
بعد العثور على الممثلة التي ستؤدي الدور في المسرحية، الزوهرة نجوم ،
والتي كانت هذه أول مغامرة مسرحية لها استطاعت أن تكسب رهانها بكل استحقاق،
بدأت الاستعدادات التي لم تكن سهلة على الإطلاق ...بعد ثلاثة أيام من
زيارة الزوهرة وإبلاغها عبد الإله موافقتها على المشاركة في المسرحية، بدأت
التمارين، وذلك في دار الشباب بوشنتوف، المرحوم سمير جمال الذي كان مهتما
بالبحث الموسيقي، ومولعا بالموسيقى الكلاسيكية والإيقاعات الروحية، سيقرأ
النص عدة مرات، ويبحث في مختلف الإيقاعات حتى يعثر على موسيقى الروماني
زامفير ، فاقترح على المجموعة الاستعانة بموسيقاه في المسرحية، وكان
اقتراحه سديدا، لدرجة أن الجميع أحسوا أن هذه الموسيقى ألفت خصيصا من أجل
«الزهرة بنت البرنوصي».
الاشتغال على السينوغرافيا أخذ بدوره وقتا غير قصير، وكان عاجل وعبد
المجيد سعد الله يتكلفان به، سعد الله الذي كان مسؤولا أيضا عن إدارة
الممثلين، تكلف أيضا مع عاجل لتمرين الزوهرة نجوم، لأن الدور كان مرهقا.
المشكلة في «الزهرة بنت البرنوصي» ، يؤكد عاجل، أنها كانت تتطلب جهدا
بدنيا استثنائيا. سعد الله ، الخبير في الميدان ، وجد الوصفة السحرية لإعد
اد عاجل بدنيا، وهكذا كان يركب دراجته النارية من درب بوشنتوف إلى كورنيش
عين الذئاب، ويتبعه عاجل على رجليه، وهو يردد حوار المسرحية، كان يفعل ذلك
مرفوقا بتساؤلات المارة ، والذين غالبا ما كانوا يعتقدون أنه مجنون يكلم
نفسه.. وعند الوصول إلى الشاطئ، كان سعد الله يطلب منه أن يتمرن على
المشاهد التي سيظهر فيها وحده وهو حافي القدمين فوق الصخر وفوق الرمال
الساخنة، وأن يتمرن أيضا على قوة الصوت، وذلك وسط الأمواج ، حتى يعلو صوته
على صوتها ، وعند المساء، يعود إلى دار الشباب بوشنتوف ليتمرن مع الزوهرة
نجوم.
أول عرض للمسرحية كان سنة 1982، كانت أحداث 20 يونيو 1981 ما تزال حية في
أذهان المغاربة ، ولذلك لاقت نجاحا باهرا. كان العرض قد تم في مدينة
أكادير، في قاعة البلدية، التي غصت عن آخرها.. بعد نهاية العرض، جاء مسؤول
بالقوات المساعدة عند عاجل وقال له «ياك.. وريتنا وجهنا في المراية» نظرا
للانتقاد الشديد الموجه إلى السلطة في هذه المسرحية.
وفي الوقت الذي كان عاجل والزوهرة يحييان هذا ويصافحان ذاك، ويلتقطان صور
مع الجمهور، برزت سيدة عجوز، فهجمت على عاجل وأمسكته من عنقه بشدة لدرجة
أنه كاد يختنق، وهي تردد عبارات بالأمازيغية لم يفهمها، بعد أن قام الذين
عاينوا هذه الواقعة بتهدئة السيدة العجوز ، شرحوا له ما كانت تقوله،
فالسيدة الطيبة تابعت المسرحية من الأول إلى الآخر وتعاطفت مع الدور الذي
أدته الزوهرة نجوم، وبنفس المستوى حنقت على عاجل، رجل السلطة، وهكذا ما أن
رأته بعد نهاية العرض حتى هجمت عليه وهي تصرخ قائلة : ما الذي فعلته لك
هذه السيدة حتى تذيقها كل هذا العذاب، ألا تخجل من نفسك!»
بعد ذلك جاءت الفرصة التي كان عاجل يحلم بها، وهي أن يقدم عرضا فوق خشبة
المسرح البلدي وذلك بمناسبة الإقصائيات الخاصة بالمهرجان الوطني 23 لمسرح
الهواة، الذي سينعقد بآسفي، شاركت الفرقة بمسرحية «الزهرة بنت البرنوصي»
طبعا ، وكانت اللجنة المسؤولة عن تحديد المسرحيات المؤهلة للمشاركة في
المهرجان الوطني، تتكون من أحمد الصعري، النفالي، البيهاقي، عبد الكريم
ياسين.. عاجل سيفاجأ بالحضور الكبير ، وبعد انتهاء العرض فوجئ بتصفيقات
حارة ومتواصلة، لدرجة أن المرحوم محمد بلقاس صعد إلى الخشبة وعانقه بحرارة،
كما تلقى تهاني من طرف محمد الحبشي وغيره من الفنانين، طبعا كانت النتيجة
أن تأهلت المسرحية للمشاركة في مهرجان آسفي.
لا تتطلب المسرحية إلا ديكورا بسيطا، لكنها عكس ذلك تحتاج لإنارة خاصة،
وجهد في إعدادها، لأن المسرحية تلعب على الإضاءة بشكل كبير.. في آسفي
وعندما عرضت في قاعة الافراح كان الشخص الذي كلف بتجهيز الإنارة قد اشتغل
لمدة طويلة وشعر بتعب شديد، لكنه عوض التشكي علق على الموضوع قائلا: فعلا
هذا هو المسرح!
فيما كان عاجل والزوهرة يستعدان ، خلف الكواليس، حدث داخل القاعة ما لن
يعلمانه إلا لاحقا ، فقد فوجئ الحاضرون لمشاهدة المسرحية بأن الصفوف الأولى
محجوزة من طرف الباشا وأقربائه وهو ما أثار حفيظتهم لأن القاعة لم تسع
الجميع.
بدأ عرض المسرحية ، وفي أحد المشاهد تقول الزوهرة: حنا الشيخات تضاربنا مع
الاستعمار وجرحوني في كتافي، وبقي القرطاس والبارود غير كيتشتش، وقتلت
عسكري فرانساوي، عرفتي باش أعويناتي، بالطعريجة، وعرفتي الباشا؟ فيسألها
عاجل : مالو ؟ وتجيب هي: الباشا هرب.
ما أن نطقت بعبارة «الباشا هرب» ، حتى اهتزت القاعة بشدة كما لو أن انفجارا
شديدا وقع. عاجل والزوهرة ذهلا في البداية، ولم يدركا ماذا حصل، استمر
الصفير والصياح فقام الباشا وأفراد عائلته بمغادرة القاعة، أما المتفرجون
فقد طالبوا بإعادة المشهد صائحين «أعد... أعد» ، لكن عاجل لم يعد المشهد،
ففي المسرح ليس هناك شيء اسمه أعد.. أعد.
توالت العروض بعد ذلك، وماتزال مستمرة الى الآن، ولكل عرض حكاية ومواقف، لا
يتسع المجال لذكرها كلها، لكن في مراكش حدث ما يستحق أن يروى، فقد استدعت
إحدى الجمعيات عاجل لعرض المسرحية، وذلك في قصر البديع، كان ذلك تحديا
صعبا، بسبب متطلبات الإنارة، ولأن قصر البديع لا يتوفر على خشبة، لكنه تغلب
على هذه الصعاب، رغم أنه في الليلة السابقة بالكاد تمكنا ، هو والزوهرة
التي أصبحت آنذاك زوجته، من النوم، بسبب الناموس الذي قض مضجعهما. في أحد
المشاهد تضطر الزوهرة إلى التواري خلف الباب وانتظار بعض الوقت حتى تعود
الى الخشبة لإكمال مشهدها، ولأن الخشبة التي جهزها كان خلفها حائط لا يمكن
تجاوزه، طلب منها، قبل العرض طبعا، أن تغادر الخشبة بعيدا إلى خلف أحد
الأبواب في الجهة المقابلة، فعلت ذلك رغم أنها عندما فتحت الباب كان الظلام
دامسا لدرجة أنها لم تكن ترى شيئا، عاشت الزوهرة دقائق صعبة لأن وجودها
لوحدها في ذلك المكان المظلم كان يثير الرعب لكنها صمدت وبقيت هناك الوقت
اللازم.. في الغد، سيعرف عاجل والزوهرة أن رجال المطافئ والسلطات حضروا
إلى قصر البديع بعد معلومات توصلوا بها، وفتحوا الباب وأناروا المكان
ليجدوا ثعبانا ضخما من نوع كوبرا يعيش هناك، وكانت الزوهرة الليلة السابقة
على بعد أمتار قليلة منه.
المسرحية في البداية كانت مكونة من تسع لوحات، أحداث يونيو 1981 ستدفع عبد
المجيد سعد الله لإضافة لوحة عاشرة ، أو ليلة الحلم.. في 1993 عندما عرضت
القناة الثانية المسرحية قامت ببتر المشهد الأخير بكامله تقريبا، مما جعل
منه مشهدا غير مفهوم، ضاربة عرض الحائط بالمصداقية واحترام الجمهور. الآن
مرت أكثر من خمس سنوات ، التي تعطي للقناة الثانية الحق في العرض الحصري
للمسرحية، ولذلك يحاول عاجل مع القناة الأولى أن يصورها، معولا على
التغيرات التي وقعت في البلاد منذ 1993 ، والتي لم يعد يوجد معها مبررا
لبترها، حتى يتمكن من لم يسبق له أن رآها، من مشاهدتها كاملة، فهل سيتحقق
هذا المراد؟
15-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
عاجل وفلان
كان مسرح الهواة هو الذي فتح المجال أمام عبد الإله عاجل لممارسة عشقه
المجنون لأب الفنون، تجربة ساعدته ، كما ساعدت العشرات من الفنانين
المغاربة، على صقل مواهبه قبل اتخاذ الخطوة النهائية بقرار احتراف المجال
بشكل تام.
وهكذا سيشارك عاجل في العديد من الأعمال ضمن مسرح الهواة، مثل حجا في
الرحى، ابن الرومي في مدن الصفيح، الدجال والقيامة... وهي سلسلة مسرحيات مع
عبد الكريم برشيد، كما اشتغل مع المسكيني الصغير في أنا والغربة والرجل
الذي يحمل عينين فقط....
يؤكد عاجل أن هذه التجربة، بقدر ما كانت ثرية، بقدر ما كانت حبلى بالأسئلة،
ذات الأساس الوجودي ، وهي الأسئلة التي تطرح أمام كل شخص في مثل ذلك السن،
والمتعلقة بآفاق المستقبل، الاستقلال عن العائلة، البحث عن مورد العيش،
الزواج، الأطفال إلى غير ذلك
كان عاجل، في كل فترة من فترات القلق هذه، يحب الانزواء في الاستراحة
الصيفية بزناتة، يقضي هناك أياما طويلة في القراءة والتفكير في الخطوات
التالية، لدرجة أنه أصبح شبه مقيم هناك . كان قبل مغادرة الدراسة، وإلى
جانب نشاطه في مسرح الهواة، قد جرب نفسه في عدد من الوظائف، كمحاسب، لكنه
لم يكن يمكث فيها إلا بضعة أشهر، غير أنه خلال هذه المرحلة وهو منزوي في
زناتة سيتخذ القرار الحاسم في حياته، وهو أنه سيواصل حياته في إطار المهنة
التي لا يتقن سواها، الفن والمسرح على الخصوص.
ما بين اتخاذ القرار وتحقيقه على أرض الواقع،بون شاسع، ذلك أن الواقع
غالبا ما يفرض شروطه، لتبقى الإرادة هي المحدد ، كان على عاجل إذا أن يتسلح
بالصبر والمثابرة خصوصا أن المجال في المغرب آنذاك لم يكن مفروشا بالورود ،
كما كان عليه أن يحقق أكبر قدر من الانتشار، لفرض نفسه أولا ، ثم لمواجهة
احتياجات الحياة، هكذا سيشارك في عدد من الأعمال التلفزية التي كان يعدها
المصري شكري سالم بعنوان «أدب وطرب»
كانت سهرات الأقاليم قد انطلقت آنذاك ، وكان عبد الإله قد شارك في البداية
في بعضها كمنشط لوحده ، حيث قدم بعض السكيتشات الخفيفة التي ستؤكد موهبته
ككوميدي صاعد، في 1986 وبعد فوز الفريق الوطني لكرة القدم على نظيره
البرتغالي في كأس العالم بالمكسيك وتأهله إلى الدور الثاني، كان في قلعة
السراغنة، وفي اليوم التالي قدم فقرة عن الموضوع، لاقت استحسانا كبيرا في
جو الابتهاج الذي كان يعم المغرب آنذاك، حيث تحول هذا الانتصار وتأهل
المنتخب إلى الدور الثاني كأول منتخب عربي وإفريقي يصل الى هذا المستوى ،
إلى الحدث الرئيسي في كل البيوت المغربية. الوالد الحاج عاجل بنموسى
سيستقبل عددا من الجيران والأصدقاء ، الذين جاؤوا يهنؤونه على ما قدمه
ابنه. كان الوالد منذ البداية ضد فكرة أن يترك ابنه وظيفة قارة ويدخل غمار
مغامرة غير مضمونة، وكان ككل الآباء يساوره قلق حول مستقبل ابنه، لكنه ،
بعد تلك الليلة ، بدأ يشعر ببعض الارتياح، فليس مستبعدا أن ينجح ابنه في
المجال الذي اختاره، وذات يوم عندما طلب من زوجته أن تسلمه فاتورات الماء
والكهرباء التي تراكمت لحوالي 3 أشهر ، ليؤدي مستحقاتها، بعد أن عجز عن ذلك
في السابق، أخبرته أن عبد الإله تكفل بالأمر، عندها ذهب الى غرفته وشكره
قائلا: «هكذا نبغيك أولدي » ، دون أن يخفي شعوره بالامتنان
بعد مدة تلقى عاجل دعوة للمشاركة في ملحمة « نحن» للطيب الصديقي لأداء دور
صغير رفقة العديد من الممثلين الذي شاركوا فيها، قبل عاجل الدعوة بسرور،
رغم أن دوره فيها كان ثانويا، لكنه اعتبرها فرصة للتعرف عن قرب على فنانين
كبار من أمثال عبد الرزاق حكم ، العربي الدغمي، المحجوب الراجي، فضلا عن
محمد سعيد عفيفي ومحمد الحبشي والطيب الصديقي الذين سبق أن تعرف عليهم في
السابق... في الملحمة كان من بين المشاركين أيضا حسن فلان، الذي سبق أن
اشتغل مع الصديقي، وهكذا سيقترح عليه فلان المشاركة ، هما الاثنين ، كثنائي
في سهرة أسبوعية منظمة من طرف سلطات عين السبع ـ الحي المحمدي، فقبل عاجل
الفكرة، دون أن يعلم، لا هو ولا فلان، أنها ستكون المدخل لتكوين ثنائي
استمر عدة سنوات وسيصبح من أشهر الثنائيات التي عرفها المغرب ، وكان فلان
سبق أن كون ثنائي مع عبد الرحيم المحجوبي الذي لم يستمر إلا حوالي سنة بسبب
سفر هذا الأخير إلى الولايات المتحدة
قال فلان لعاجل إن أمامهما أسبوعين لإعداد الفقرة التي سيقدمانها. انزوى عاجل في منزله وبدأ يعد نص السكيتشات
وهو في منزله يفكر في الموضوع الذي سيقدامنه، كان عاجل يعلم أنه هو وفلان
أمام تحدي حقيقي، فهما سيظهران كثنائي لأول مرة في سهرة يتابعها المغاربة
على نطاق واسع، وبالتالي فإذا لم يقدما فقرة في نفس المستوى سيتعرضان معا
لضربة موجعة من شأنها أن تؤثر على مسارهما.
تواعد عاجل مع فلان على أن يزوره في منزل العائلة بالأحباس لقراءة النص
ومناقشته وبدء التمارين. كان عاجل قد أعد فقرة بها جرعة كوميدية تعتمد على
التشخيص وليس التنكيث ، وهو الأسلوب الذي سيميزهما عن غيرهم ، لكنه لم يكن
يعلم أن الموقف الذي سيعيشه مع فلان، في أول زيارة له إلى منزله، كان
مفارقة تحمل في طياتها كل التوابل الكوميدية. قبل زيارة فلان، دق أحدهم باب
المنزل، ففتحت الوالدة ، الحاجة السعدية الباب لتجد أمامها شخص أسمر
البشرة ، بدأ يتحدث معها بالفرنسية، وقال ما فهمت الوالدة إنه مواطن إفريقي
مقيم في فرنسا وأنه صديق ابنها المقيم بدوره هناك، عبد الحق ، وأراها
صورته. طلبت منه الوالدة الدخول، فحكى لها وهو في قمة التأثر، أنه قدم إلى
المغرب وتعرض إلى السرقة، وأنه بحاجة إلى مبلغ مالي لتدبير أمره، وسيعيده
إلى ابنها عندما يرجع إلى فرنسا. صدقت الوالدة القصة، وذهبت عند زوجها الذي
كان نائما في غرفته. أيقظته وأخبرته بما حدث فسلمها مبلغ 400 درهم وأعطته
للصديق المزعوم... عندما كان هذا الأخير يهم بمغادرة المنزل، كان عاجل قد
استيقظ للتو من قيلولة... رآه يغادر البيت، فسأل أمه عن هوية الزائر،
فأخبرته بالحكاية التي رواها لها ، لكن في اليوم التالي اتصل عبد الإله
بعبد الحق، عبر الهاتف، ففوجئ بأن هذا الأخير لا يعرف أي شخص بهذه
المواصفات ، وذهل كيف تمكن من الاستحواذ على صورته ومعرفة عنوان عائلته...
بعد أيام، دق أحدهم الباب مرة أخرى، في نفس التوقيت تقريبا، فتحت الوالدة
فوجدت أمامها شخصا بشرته سمراء أيضا، وما أن أخبرها أنه صديق عبد الإله ،
حتى أمسكت به بقوة وصاحت منادية زوجها وابنها ، وهي تكيل له السباب قائلة :
«واحد يسأل عن عبد الحق والآخر عن عبد الإله، أيها النصاب» جاء عبد الإله
بسرعة، وبصعوبة استطاع أن يخلص الزائر من قبضة أمه، بعد أن أقنعها أنه
فعلا صديقه، وأنه مغربي ولا علاقة له بالنصاب الإفريقي... كان الزائر هو
حسن فلان.
بعد أيام بدأ الإعلان عن السهرة الأسبوعية. الذين أعدوا الشريط الإعلاني،
استعانوا بفقرة سابقة لعاجل وحده في إحدى السهرات ، وبمشهد لفلان في مسرحية
«أبو حيان التوحيدي» للصديقي وقاموا بعملية مونطاج للإعلان عن ثنائي،
يشارك في السهرة إلى جانب مجموعة ناس الغيوان، تكادة، لمشاهب ومجموعة
مسناوة ، التي كان ذلك أول ظهور لها بالتلفزيون ، بالإضافة الى ثنائي له
شعبية كاسحة آنذاك في المغرب، وهو ثنائي «الداسوكين والزعري» كانت السهرة
ستبث مباشرة، المسؤول عن الحفل، لم يكن يسأل المغنيين والمجموعات عن مضمون
ما سيقدمونه، كان همه هو الثنائي، وهكذا توجه نحو عاجل وفلان وسألهما عن
مضمون ما سيقدمانه . كانا قد أعدا عدة سكيتشات، منها واحد عن الفساد
المستشري في البلاد، رفض ذلك بشدة وقال لهما لا تقدما سوى الفقرات التي لا
تنتقد السلطة، لم يقدما السكيتش عن الفساد، لكنهما قدما آخر عن الوصلات
الإشهارية التي توجه للأغنياء، كانت تلك مراوغة لعقلية لسلطوية متخلفة،
تتحكم في كل ما يبث على شاشة التلفزيون
نجح عاجل وفلان في أول امتحان حقيقي لهما، فانهالت عليهما الطلبات، شاركا
في العديد من السهرات الأسبوعية، لكن العقلية السلطوية كانت لهما بعض
المرات بالمرصاد، بسبب التعليمات.
ذات مرة ، وفي الدار البيضاء، تم استدعاؤهما لسهرة بمناسبة عيد العرش، قدما
فقرة عن العمال المطرودين تجاوب معها الجمهور بشكل كبير، لكن العامل لم
ترقه، وهكذا ما أن غادرا الخشبة حتى ألقي عليهما القبض، وتم وضع الأصفاد في
يديهما، كأنهما مجرمان، وتركا في سيارة تابعة للشرطة أزيد من ساعة، ليتم
اقتيادهما إلى مكتب العامل الذي احتج على تقديم فقرة من هذا النوع في
مناسبة عيد العرش، كان العامل غاضبا بشدة، لدرجة أنه رفض أن يستمع إلى
توضيحات عاجل ، لكن فلان، سيتمكن بأسلوب ساخر من إضفاء جو من الضحك خلال
هذا اللقاء الملتهب، فأطلق سراحهما.. بعد سنوات سيلتقي عاجل مع هذا العامل ،
وكان قد تقاعد ، وذلك في أحد شوارع الدار البيضاء، سلم عليه، وطلب منه هذا
الأخير أن لا يكون قد غضب منه بسبب تصرفه معه ومع فلان، لكن عاجل طمأنه
وأخبره أن هذه قصة من الماضي.
استمر الثنائي بنجاح لسنوات عدة، إلى حدود 1992. في تونس تمكن من الفوز
بجائزة أحسن ثنائي بمهرجان للفكاهة بمدينة سوسة ، وعندما نظم الحسين بنياز
مهرجانا للفكاهة، كان عاجل وفلان من أنجح الثنائيات التي شاركت، لكن عاجل
كان دائما يرى أن الثنائي مرحلة في حياة فنان، يجب أن تنتهي، كما أن
مشاركتهما في الأعراس التي كان ينظمها أثرياء المغرب لم تكن تروقه لأن
الأعراس برأيه لم تكن المكان الملائم لهما، وهكذا سيصل الثنائي عاجل وفلان
إلى نقطة النهاية، لكن عاجل وفلان، كفنانين وصديقين، سيواصلان مشوارهما،
بجانب فنانين آخر، وهذه المرة على خشبة المسرح.
16-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
الطريق نحو الاحتراف
17-08-2012
حقق الثنائي عاجل وفلان الشهرة والانتشار ، وقد تمكنا من إثبات أنفسهما ككوميديان مقتدران، لكن كان واضحا أن لديهما طاقة حقيقية لا يجب أن تستثمر فقط في فقرات ساخرة لا تتجاوز في المعدل 10 أو 15 دقيقة ، على هامش سهرات أو أعراس بمشاركة آخرين. كانت الخلفية المسرحية لكل واحد منهما عاملا مشجعا على أن يفكرا في المسرح، فلان سبق له أن اشتغل في عدة أعمال رفقة الرائد الطيب الصديقي ، وعاجل تمرن وصقل موهبته في مسرح الهواة، لذلك سيجلس الإثنان ويفكران في أن الوقت قد حان لكي يعودا إلى خشبة المسرح. لأجل ذلك كان يجب أن يتوفرا على نص جيد يشتغلان عليه، هكذا سيقومان بزيارة المؤلف المسرحي، المرحوم محمد اليوسفي، ويتحدثان معه حول الموضوع، فسلمهما نص مسرحية «دار سيدي العربي» ، وهي مسرحية تتحدث عن طالبين، يعيشان معا في منزل واحد، الأول يدرس الفلسفة والثاني يدرس الشريعة، لكن عند التخرج ستقع الوزارة في خطأ ويعين دارس الفلسفة أستاذا للشريعة ، ودارس الشريعة أستاذا للفلسفة ، وذلك في قالب ساخر أعجب به عاجل وفلان. لم تحقق المسرحية النجاح الذي كان يحلم به عاجل وفلان، فلم تتجاوز العروض التي قدمت 10 أو 12 عرضا ، وكان ذلك عاملا من شأنه إصابتهما بالإحباط، خصوصا بعد أن صورها التلفزيون دون أن يعرضها ذلك الوقت الذي كانا فيه في أمس الحاجة الى مثل ذلك الدعم ، بعد سنوات عديدة، 2010 ، سيصورانها مرة أخرى بعد أن أضافا الى المسرحية دورا ثالثا، أداه الفنان نور الدين بكر وعرضتها القناة الثانية. كان عاجل مؤمنا بأن الظهور على شاشة التلفزة من شأنه أن يساعد على تحقيق الانتشار ، لذلك وبعد أن رفضت القناة عرض «دار سيدي العربي» آنذاك، حاول ، رفقة فلان ، استغلال الزخم الذي خلقه الثنائي عاجل وفلان لتقديم حلقات تلفزية ساخرة، فتوجها مرة أخرى نحو المرحوم محمد اليوسفي، الذي كتب لهما حلقتين ، الأولى بعنوان «الطبيب في كونجي» ، والثانية بعنوان «الزواج بالماراتون» ، كحلقتين نموذجيتين إذا لاقتا القبول يواصلان تقديم حلقات أخرى . عرضت الحلقة الاولى ، «الطبيب في كونجي» ، لكنها تعرضت لانتقاد شديد في الصحافة ، بل إنه جاء في مقال صحفي أن على عاجل وفلان أن يتركا هذا المجال لأنهما لا يصلحان له. يؤكد عاجل أنه رغم الهجوم الذي تعرضا إليه، إلا أن ذلك لم يثبط من عزيمتهما، كانا كثنائي يواصلان تقديم بعض الفقرات هنا وهناك، وعندما ذهبا إلى سوسة بتونس للمشاركة في المهرجان العربي للفكاهة، كما تمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة السابقة، كالت لهما الصحافة المديح، وزادتهما المشاركة في مهرجان الفكاهة الذي نظمه الحسين بنياز اقتناعا بأن لديهما الإمكانية لتقديم أعمال مسرحية ناجحة، فقط عليهما إيجاد النصوص الجيدة... كانت مسرحية «دار سيدي العربي» مرحلة شبه احترافية في حياة عاجل، رغم أن المسرحية لم تحظ بدعم أية جهة، بعد هذه التجربة بسنة ونصف، وكان المسرح البلدي قد أصبح في خبر كان بعد هدمه، سيتصل بعاجل وفلان عبد اللطيف الزيادي المسؤول عن قاعة الأفراح بالجيش الملكي، ليقترح عليهما عملا جديدا، وهي مسرحية «المدير الجديد» ، التي ألفها مولاي أحمد الزناكي، وهكذا سيقدمان هذا العمل، بمشاركة نور الدين بكر ، ومصطفى الداسوكين ، سلوى الجوهري ونعيمة بوحمالة... وإخراج محمد الطاوجني. كانت تلك أول مسرحية تجمع هذه الأسماء، وهي تجربة يقول عبد الإله كانت مثمرة، فقد جمعت فنانين كوميديين من تجارب ومدارس مختلفة، لكنهم انصهروا في هذا العمل، وقد تم تقديم ما بين 65 إلى 70 عرضا وهو رقم مشجع خصوصا أنها كانت مرحلة إثبات الذات رغم أنها لم تحظى بدعاية كبيرة، وكان خبر عرض المسرحية في كل مدينة حلت بها الفرقة ، ينتقل في الغالب من الفم إلى الأذن ، عوض وسائل الدعاية المتطورة ، والتي يبقى التلفزيون أهمها عاجل يؤكد أنه لو توفرت لهم آنذاك وسائل الدعاية التي توفرت لأعمال أخرى، لقدموا عروضا أكثر، ذلك أن النجاح الذي لاقته المسرحية بعد ذلك داخل أوساط المغاربة، جاء بعد أن تم عرضها في التلفزيون، وبالرغم من ذلك يبقى أنهم قطعوا خطوة مهمة، فالمسرحية عرضت في كبريات المدن المغربية، البيضاء ، الرباط، فاس، مكناس، وجدة... إلخ... المجهود الذي بذل خلال هذه المسرحية، سواء خلال التداريب أو الأسفار، ناهيك عن الضغط اليومي، إلا أن كل هذا لم يكن له عائد مادي يعوض عن ذلك بالنسبة لعاجل ورفاقه، لأن الفرقة لم تكن فرقتهم، والعقد الذي كان يجمعهم مع الفرقة، لم يكن بالنسبة إليهم كافيا لتلبية متطلبات الحياة، خصوصا أن عملهم المسرحي كان موردهم الوحيد، وهكذا سيعيدان ، عاجل وفلان ، النظر في الوضع، وبعد نقاش وتقليب الأمور، سيقررا الاستقلال وتكوين فرقتهما الخاصة. في الواقع، الفرقة كانت موجودة وسبق أن أسسها حسن فلان رفقة عبد الرحيم المحجوبي وعاطف العلالي... ، تحت اسم مسرح الحي، لكنها عمليا لم تعد قائمة، لذلك اتجه الرأي إلى أنه عوض القيام بتأسيس فرقة جديدة، سيكون من الأفضل تجديد هذه الفرقة، على الصعيد القانوني. في دار الشباب الحي المحمدي انعقد الاجتماع، حيث تم تجديد المكتب المسير الذي بموجبه أصبح حسن فلان رئىسا مكلفابالجانب الإداري والتواصل، وعبد الإله عاجل نائبه مكلفا بالنصوص والإخراج بالإضافة إلى نور الدين بكر كمكلف بلقضايا التقنية ، وأصدقاء آخرين متعاطفين. كان رأي عاجل أن تسمية مسرح الحي لا تعبر عن حقيقة الفرقة التي لم يكن كل أعضائها ينتمون إلى الحي المحمدي. وكان رأى تسميتها بالمسرح الحي ، مستلهما ذلك من التجربة التي عرفتها الولايات المتحدة في القرن 19، والتي كانت ترتكز على أن تكون المسرحية مواكبة لقضايا الساعة وتطورات الأحداث، وأن كل عرض تضاف إليه قضايا أخرى.. لكن عندما بدأت الفرقة تعرض مسرحياتها ، ظل اسم مسرح الحي هو الطاغي، وعموما، يؤكد عاجل أن هذه ليست سوى مسألة ثانوية، لأن المهم بالنسبة إليهم ذلك الوقت، أنهم أصبحوا يتوفرون على فرقتهم الخاصة... أصبحوا سادة أنفسهم. كانت أول مسرحية لفرقة مسرح الحي في حلتها الجديدة، هي مسرحية «شارب عقلو»، التي شارك فيها أغلب الذين شاركوا في المسرحية السابقة، المدير الجديد، عاجل، فلان، بكر، الداسوكين. نجحت المسرحية حيث عرضت في مختلف المدن المغربية ، لكن عاجل يؤكد أنه لم يكن النجاج الذي كانوا يطمحون إليه، فبكل موضوعية يقول ، كنا مانزال في مرحلة إثبات الذات، لقد كان الديكور بسيطا، والعروض تتم غالبا في قاعات غير ملائمة، وبجملة واحدة ، يضيف ، لم نكن قد وصلنا إلى الاحتراف بمعناه الحقيقي. رغم ذلك بذل الجميع جهودا مضاعفة، ذات مرة وكان ذلك في الحي الحسني بالدار البيضاء، اضطروا لعرض المسرحية يوم عيد الأضحى ، مساء ، وكان ذلك يستلزم أن يتوجهوا إلى القاعة ساعات قبل ذلك، وهكذا لم يقضوا سوى وقت قصير مع عائلتهم في هذا اليوم ، وعندما جاء الجمهور واستمتع بالعرض ، بدأت التهاني تنهال عليهم خصوصا أنهم عرضوا في يوم عيد فقال الداسوكين بأسلوبه الساخر المعروف لبعض المهنئين : كليتو بولفاف وجيتو تهضمو بينا. بعد العروض الأولى، طلبت الفرقة من إدارة التلفزة بث وصلات إشهارية للمسرحية، مقابل تصويرها وعرضها مجانا، وساعد ذلك على جذب جمهور كبير، حيث أن القاعات كانت تمتلئ عن آخرها، ذات مرة قدموا عرضا في القنيطرة وبدأ الاستعداد لعرض اليوم التالي ، الذي كان مقررا في مكناس. ما أن أنهوا عرض القنيطرة، حتى توصلوا بخبر وفاة محمد الطاوجني، الذي أخرج لهم مسرحية المدير الجديد والذي وافته المنية بالدار البيضاء. نزل عليهم الخبر كالصاعقة. وكان من الضروري أن يقدموا واجب العزاء ويحضرون الجنازة، لكن الظروف لم تكن تسمح لهم بالعودة جميعا إلى الدار البيضاء، فلابد أن يذهب بعض منهم إلى مكناس للإعداد للعرض الذي بيعت تذاكره كلها ولا يمكن تأجيله. هكذا تقرر أن يشارك حسن فلان ونور الدين بكر في الجنازة اليوم التالي، على أن يلتحقا مباشرة بعد ذلك بمكناس، التي توجه إليها عاجل والداسوكين وباقي أعضاء الفرقة. كان العرض مقررا أن يبدأ في التاسعة ليلا، وكان مفترضا أن يحل بمكناس فلان وبكر في السادسة مساء تقريبا، لكن مرت السادسة، السابعة، الثامنة ولم يصلا، وبدأ القلق يساور باقي أعضاء الفرقة، خصوصا الداسوكين، حلت الساعة التاسعة وبدأ الصفير يعم القاعدة، لم يدر عاجل ماذا سيفعل ، فوجود فلان وبكر ضروري ، ولا يمكن للعرض أن يتم بدونهما. فيما كان الجو مشحونا بقاعة العرض في مكناس، كان فلان وبكر يسابقان الزمن من أجل الوصول إلى مكناس، بعد أن أصاب عطل الحافلة التي ركباها من البيضاء ، واضطرا للبحث عن وسيلة أخرى لإتمام المسير. وصلا حوالي الساعة العاشرة وعشر دقائق ، ومباشرة انطلق العرض. كان العياء باديا عليهما، لكن لم يكن هناك مجال للراحة، غير أن فلان في أحد المشاهد، وكان جالسا ، سيغلبه النوم إلى درجة أن شخيره غطى على صوت باقي الممثلين، وهو ما استغله نور الدين بكر بخفته المعهودة لإضفاء مزيد من المرح وسط القاعة، قبل أن يستيقظ فلان ويكمل مع زملائه المسرحية. |
17-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
العربي باطما .. ذلك الساحر
كان عاجل ، منذ الصغر، عاشقا
لناس الغيوان، وفي شبابه أصبح متخصصا في أداء أغاني الفرقة ، وظل إلى حدود
الآن مطلوبا خلال بعض الجلسات من بعض أصدقائه لأداء أغانيهم ، خصوصا أن له
قدرة على تقليد ، وبإتقان ، كل فرد من أفرادها .
عندما بدأ عاجل يشارك في السهرات الأسبوعية، شارك إلى جانب الغيوان في
العديد من الحفلات، وكانت مناسبة لكي يتعرف على أفرادها واحدا واحدا. بعد
ذلك بسنوات سيشارك عاجل إلى جانب المرحوم العربي باطما في مسلسل جنب البير،
الذي أخرجته فريدة بورقية، وقد تم تصوير المسلسل في اولاد بوزيري
بالشاوية، التي ينحدر منها المرحوم ، وقضوا هناك زهاء 4 أشهر التي تطلبتها
مرحلة التصوير. خلال هذه المرحلة سيتعرف عاجل عن قرب على شخصية العربي
باطما ويقف على إمكانياته ومواهبه الفنية المتعددة.
يؤكد عاجل أن المرحوم العربي باطما كان متعدد المواهب، فقد كان ممثلا
ومغنيا، زجالا ومؤلفا، له عين ثاقبة وقدرة فريدة على النفاذ إلى عمق
الأشياء، لكنه وبنفس المستوى، كان متواضعا لا يحب الحديث عن نفسه، ومرات
عديدة كان يقول :«أخي محمد ، رحمه الله كذلك، أزجل مني» أي أنه أفضل من
العربي في مجال الزجل.
كما كان العربي باطما، يوضح عاجل ، طيب المعشر، لا حواجز بينه وبين
الآخرين، والحديث معه متعة حقيقية، لذلك كان منزله لا يخلو من ضيوف،
فنانون، كتاب، صحافيون.. الشاب خالد، مثلا ، كان عندما يحل بالمغرب، يتوجه
مباشرة إلى منزل المرحوم، لكن مع اشتداد المرض، سيقلل من هذه الزيارات لأنه
، كما يقول عاجل، لم يكن يريد أن يراه أصدقاؤه وهو يتألم.
كانت مسرحية «شارب عقلو» هي آخر فصل من مرحلة إثبات الذات ، وقد رأى عاجل ،
وهو الذي كان مسؤولا في فرقة مسرح الحي عن اختيار النصوص والإخراج، رأى أن
الوقت قد حان للتعامل مع مؤلف مشهور ، ونص من شأنه أن ينقل الفرقة إلى
مرحلة الانتشار الواسع، وبالطبع لم يكن هناك أفضل من العربي باطما.
قام عاجل بزيارة العربي باطما، بعد أن علم عن طريق أخيه رشيد باطما أنه
انتهى من تأليف مسرحية جديدة . فاتحه في الموضوع ، فقبل العربي على الفور ،
كان النص المسرحي بعنوان «ثانوية العصافير» فسلمه له، بل أكثر من ذلك
سلمه 30 ألف درهم لإنتاجها، لكن عاجل أخبره أنه لا يمكن أن يقبل هذا
المبلغ، لأن فلان هو المكلف بالمسائل الادارية... لكنه أعجب بالنص ، وبعد
أن قرأه زار باطما وناقش معه مختلف التفاصيل، وكان رأي عاجل أنه من الأفضل
أن يتم تغيير العنوان إلى «العقل والسبورة» على أن يبقى اسم ثانوية
العصافير، التي كانت تتحدث عن إشكالية التعليم الخاص آنذاك ، موجودا داخل
مشاهد المسرحية.
قبل باطما الاقتراح دون تردد، فقد اعتبر بدوره أن عنوان «العقل والسبورة»
سيكون أكثر إثارة وجذبا للجمهور، كانت هذه طبيعته، فسرعان ما يقتنع بفكرة
إذا رأى أنها صائبة
خلال مرحلة الإعداد للمسرحية، سيقترح باطما بدوره على عاجل الاستعانة بكل
من عمر السيد ، الرمز الغيواني الكبير ، ومحمد الخياري، ليشاركا في العمل ،
عمرسيشارك في هذه المسرحية فقط ، بينما استمر الخياري مع مسرح اليوم في
أعمال أخرى
حققت المسرحية النجاح الذي كانت تبحث عنه الفرقة، وعرضت في مختلف المدن
المغربية، وفي الراشدية مثلا، حيث تم عرضها في ملعب كرة القدم، شاهدها ما
يقارب 15 ألف شخص ، بعد الاستعانة بعشرات مكبرات الصوت، وكانت هي التي حققت
الانتشار الواسع لمسرح الحي ومهدت لـ «حسي مسي».
ذات يوم، كان عاجل مع صديق له في أحد المقاهي، عندما وصله الخبر المزلزل،
وفاة العربي باطما، كان يعرف مثل كل أصدقاء ومعارف الفنان الكبير، أن
المرض اشتد عليه، لكن رغم ذلك أحس بخسارة كبيرة، كان المرحوم ـ يؤكد عاجل ـ
مازال في مقتبل العمر، وكان مازال قادرا على الإبداع والعطاء، لكنها إرادة
الله، لقد فقد المغرب كله فنانا كبيرا من الصعب أن يعوض
وكأن قدر عاجل أن يكون للمأساة شوطا ثانيا ، وعندما كانت الفرقة ما زالت
تعرض المسرحية، توفي والده الحاج عاجل بنموسى، وكانت تلك صدمة كبرى بالنسبة
لعبد الإله ، الذي كان قد بدأ يتذوق طعم النجاح ويتمنى أن يعيش معه والده
هذه الفرحة. كانت الفرقة متعاقدة مع أحد المنظمين لعرض المسرحية في سلا،
في نفس اليوم ، فاقترح عليه أعضاء الفرقة تأجيل العرض إلى يوم لاحق، لكنه
رفض بشدة فما ذنب الجمهور الذي اشترى التذاكر وينتظر أن يشاهد المسرحية.
هكذا وبعد أن دفن والده في الواحدة ظهرا، كان في التاسعة ليلا يقف على
الخشبة ويؤدي دوره، دون أن تظهر عليه ملامح التأثر، لكن ما أن كان ينروي
بالكواليس حتى يغلبه البكاء . بعد انتهاء العرض، طلب عمر السيد من
المتفرجين أن يقدموا تحية خاصة لعاجل الذي دفن والده في نفس اليوم، فصعد
جميع من كان في القاعة إلى الخشبة واحدا واحدا، يقدمون له واجب العزاء
إذا كان تحقيق النجاح أمر صعب، فإن الأصعب هو المحافظة على هذا النجاح،
عاجل الذي كان يدرك هذه المسألة، وبعد انتهاء عروض «العقل والسبورة» ،
التي كانت أول تجربة له كمخرج، وشاهدها المغاربة عبر التلفزيون مما زاد من
نسبة الإقبال على مسرح الحي ، قرر التريث قليلا قبل الشروع في عمل جديد ،
يحافظ للفرقة على المكانة التي كسبتها ويزيد من إشعاعها .
18-08-2012
كان عاجل ، منذ الصغر، عاشقا
لناس الغيوان، وفي شبابه أصبح متخصصا في أداء أغاني الفرقة ، وظل إلى حدود
الآن مطلوبا خلال بعض الجلسات من بعض أصدقائه لأداء أغانيهم ، خصوصا أن له
قدرة على تقليد ، وبإتقان ، كل فرد من أفرادها .
عندما بدأ عاجل يشارك في السهرات الأسبوعية، شارك إلى جانب الغيوان في
العديد من الحفلات، وكانت مناسبة لكي يتعرف على أفرادها واحدا واحدا. بعد
ذلك بسنوات سيشارك عاجل إلى جانب المرحوم العربي باطما في مسلسل جنب البير،
الذي أخرجته فريدة بورقية، وقد تم تصوير المسلسل في اولاد بوزيري
بالشاوية، التي ينحدر منها المرحوم ، وقضوا هناك زهاء 4 أشهر التي تطلبتها
مرحلة التصوير. خلال هذه المرحلة سيتعرف عاجل عن قرب على شخصية العربي
باطما ويقف على إمكانياته ومواهبه الفنية المتعددة.
يؤكد عاجل أن المرحوم العربي باطما كان متعدد المواهب، فقد كان ممثلا
ومغنيا، زجالا ومؤلفا، له عين ثاقبة وقدرة فريدة على النفاذ إلى عمق
الأشياء، لكنه وبنفس المستوى، كان متواضعا لا يحب الحديث عن نفسه، ومرات
عديدة كان يقول :«أخي محمد ، رحمه الله كذلك، أزجل مني» أي أنه أفضل من
العربي في مجال الزجل.
كما كان العربي باطما، يوضح عاجل ، طيب المعشر، لا حواجز بينه وبين
الآخرين، والحديث معه متعة حقيقية، لذلك كان منزله لا يخلو من ضيوف،
فنانون، كتاب، صحافيون.. الشاب خالد، مثلا ، كان عندما يحل بالمغرب، يتوجه
مباشرة إلى منزل المرحوم، لكن مع اشتداد المرض، سيقلل من هذه الزيارات لأنه
، كما يقول عاجل، لم يكن يريد أن يراه أصدقاؤه وهو يتألم.
كانت مسرحية «شارب عقلو» هي آخر فصل من مرحلة إثبات الذات ، وقد رأى عاجل ،
وهو الذي كان مسؤولا في فرقة مسرح الحي عن اختيار النصوص والإخراج، رأى أن
الوقت قد حان للتعامل مع مؤلف مشهور ، ونص من شأنه أن ينقل الفرقة إلى
مرحلة الانتشار الواسع، وبالطبع لم يكن هناك أفضل من العربي باطما.
قام عاجل بزيارة العربي باطما، بعد أن علم عن طريق أخيه رشيد باطما أنه
انتهى من تأليف مسرحية جديدة . فاتحه في الموضوع ، فقبل العربي على الفور ،
كان النص المسرحي بعنوان «ثانوية العصافير» فسلمه له، بل أكثر من ذلك
سلمه 30 ألف درهم لإنتاجها، لكن عاجل أخبره أنه لا يمكن أن يقبل هذا
المبلغ، لأن فلان هو المكلف بالمسائل الادارية... لكنه أعجب بالنص ، وبعد
أن قرأه زار باطما وناقش معه مختلف التفاصيل، وكان رأي عاجل أنه من الأفضل
أن يتم تغيير العنوان إلى «العقل والسبورة» على أن يبقى اسم ثانوية
العصافير، التي كانت تتحدث عن إشكالية التعليم الخاص آنذاك ، موجودا داخل
مشاهد المسرحية.
قبل باطما الاقتراح دون تردد، فقد اعتبر بدوره أن عنوان «العقل والسبورة»
سيكون أكثر إثارة وجذبا للجمهور، كانت هذه طبيعته، فسرعان ما يقتنع بفكرة
إذا رأى أنها صائبة
خلال مرحلة الإعداد للمسرحية، سيقترح باطما بدوره على عاجل الاستعانة بكل
من عمر السيد ، الرمز الغيواني الكبير ، ومحمد الخياري، ليشاركا في العمل ،
عمرسيشارك في هذه المسرحية فقط ، بينما استمر الخياري مع مسرح اليوم في
أعمال أخرى
حققت المسرحية النجاح الذي كانت تبحث عنه الفرقة، وعرضت في مختلف المدن
المغربية، وفي الراشدية مثلا، حيث تم عرضها في ملعب كرة القدم، شاهدها ما
يقارب 15 ألف شخص ، بعد الاستعانة بعشرات مكبرات الصوت، وكانت هي التي حققت
الانتشار الواسع لمسرح الحي ومهدت لـ «حسي مسي».
ذات يوم، كان عاجل مع صديق له في أحد المقاهي، عندما وصله الخبر المزلزل،
وفاة العربي باطما، كان يعرف مثل كل أصدقاء ومعارف الفنان الكبير، أن
المرض اشتد عليه، لكن رغم ذلك أحس بخسارة كبيرة، كان المرحوم ـ يؤكد عاجل ـ
مازال في مقتبل العمر، وكان مازال قادرا على الإبداع والعطاء، لكنها إرادة
الله، لقد فقد المغرب كله فنانا كبيرا من الصعب أن يعوض
وكأن قدر عاجل أن يكون للمأساة شوطا ثانيا ، وعندما كانت الفرقة ما زالت
تعرض المسرحية، توفي والده الحاج عاجل بنموسى، وكانت تلك صدمة كبرى بالنسبة
لعبد الإله ، الذي كان قد بدأ يتذوق طعم النجاح ويتمنى أن يعيش معه والده
هذه الفرحة. كانت الفرقة متعاقدة مع أحد المنظمين لعرض المسرحية في سلا،
في نفس اليوم ، فاقترح عليه أعضاء الفرقة تأجيل العرض إلى يوم لاحق، لكنه
رفض بشدة فما ذنب الجمهور الذي اشترى التذاكر وينتظر أن يشاهد المسرحية.
هكذا وبعد أن دفن والده في الواحدة ظهرا، كان في التاسعة ليلا يقف على
الخشبة ويؤدي دوره، دون أن تظهر عليه ملامح التأثر، لكن ما أن كان ينروي
بالكواليس حتى يغلبه البكاء . بعد انتهاء العرض، طلب عمر السيد من
المتفرجين أن يقدموا تحية خاصة لعاجل الذي دفن والده في نفس اليوم، فصعد
جميع من كان في القاعة إلى الخشبة واحدا واحدا، يقدمون له واجب العزاء
إذا كان تحقيق النجاح أمر صعب، فإن الأصعب هو المحافظة على هذا النجاح،
عاجل الذي كان يدرك هذه المسألة، وبعد انتهاء عروض «العقل والسبورة» ،
التي كانت أول تجربة له كمخرج، وشاهدها المغاربة عبر التلفزيون مما زاد من
نسبة الإقبال على مسرح الحي ، قرر التريث قليلا قبل الشروع في عمل جديد ،
يحافظ للفرقة على المكانة التي كسبتها ويزيد من إشعاعها .
18-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
حسي مسي
كان موضوع «العقل والسبورة» يتمحور حول التعليم ، وهو موضوع يهم مختلف شرائح المجتمع وهكذا فكر عاجل أن العمل القادم الذي يجب أن تقدمه الفرقة، يجب أن يتطرق بدوره إلى موضوع يهم المغاربة. في الوقت الذي كان يبحث فيه عاجل عن موضوع للمسرحية القادمة، طلب منه مؤلف شاب، عبد الرزاق مستور، موعدا ليعرض عليه نصا مسرحيا، تم اللقاء، وكان النص بعنوان «فوق السلك»، وكان مكتوبا بخط اليد في دفتر من «السلك» أيضا، قرأ عاجل النص لكنه لم يقتنع به، غير أنه أعجب بالإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها مستور ككاتب حوار، وهكذا عقدا لقاء ثانيا، فأخبره عاجل أنه يفكر في موضوع حول «الحريكَ» ، الهجرة السرية ، عبر 4 نماذج، يمثل كل واحد منها شريحة اجتماعية، لكل واحد منهم خلفيته ودوافعه، يجمعهم كلهم الرغبة في الهجرة السرية، موضوع الساعة في المغرب. قبل مستور التعاون مع عاجل في كتابة النص، وتكفل عاجل بـ «خلق» الشخصيات ووضع البناء الدرامي، وأن يكتب مستور الحوار. استوعب مستور الفكرة وبدأ العمل، وكان العنوان المؤقت الذي وضعاه هو «الحراكَة» ، لكنه عنوان لم يقنع عاجل، الذي لا يطمئن للعبارات المستهلكة، لكنه ترك مسألة العنوان لمحاسن الصدف. لم تكن الكتابة عملية سهلة، وكان عاجل بحاجة إلى الغوص في عالم المهاجرين السريين، لفهم تصرفاتهم، طريقة كلامهم، سلوكاتهم، فأصبح يقضي أوقاتا عديدة في الميناء ليلا ، لمراقبة الشبان الذين يتسللون إلى المراكب والحاويات، ورافق عدد منهم. كانت شركة «أونا» قد قررت آنذاك دعم عدد من المسرحيات ، حوالي 7 ، وكانت المسرحية من بينها وذلك بمبلغ 60 ألف درهم، ساعد الفرقة على إعداد ملخصات ضخمة (3 م /2م) التي تم وضعها في الأماكن المحورية بالدار الييضاء، لكن كانت هناك مسألة يجب الحسم فيها قبل ذلك ، وهي العنوان وهكذا، بعد تفكير طويل، وكانت الساعة تقارب الثالثة صباحا، سيتصل عاجل بفلان ويوقظه من النوم ويقول له : إليك العنوان إنه «حسي مسي». وضع عنوان المسرحية على الملصق، وكان جميلا وجذابا، وبدأ الاستعداد للعروض الأولى ، لكن كان هناك مشهدا في الفصل الاول غير مكتمل، على مستوى الإخراج، لم يجد له عاجل حلا حينها، وأجله مقتنعا أنه لابد ستأتي اللحظة، لحظة الإلهام، ويأتي الحل معها. كان عاجل متعودا أن ينام وجنبه قلم وأوراق بيضاء، لأنه عادة ما كان يستيقظ في منتصف الليل ، بعد أن تراوده فكرة ما، فيكتب ذلك حتى لا ينسى. في الوقت الذي كان يعد اللمسات الأخيرة لمسرحة «حسي مسي» وكان آنذاك يكتري منزلا عبارة عن صالة وغرفة نوم، قطع الكهرباء عن المنزل لأنه تأخر عن أداء الفاتورة بسبب ضائقة مالية. لم يتأثر بالمسألة بعد أن حل بمنزله ليلا، وكانت الشموع كفيلة بإنقاذ الموقف في انتظار اليوم التالي وحل المشكل، لكنه عندما أطفئت الشمعة ونام، أخذ يفكر ووجد الحل اللازم للمشهد غير المكتمل، أراد أن يشعل الضوء لكتابة ذلك، فتذكر أن منزله لا يتوفر على كهرباء، بحث عن الولاعة لإشعال الشمعة فلم يجدها، فخشي أن تتيه الفكرة وسط الظلام الدامس ، وهو يبحث ، عثرت يده على حقيبة زوجته، ففتحها ، وتحسس ما بداخلها حتى عثر على أحمر الشفاه فأخذه وكتب ما تبقى من المشهد على حائط الغرفة، ونام... كانت هذه هي الطريقة التي خرجت بها المسرحية في حلتها الاخيرة. لا عاجل ولا فلان ، ولا باقي أعضاء الفرقة، كانوا يتوقعون مستوى النجاح الذي حققته «حسي مسي» عاجل يقول بأن هناك أشياء وقعت خلال إعداد المسرحية وبدء العروض الأولى لم يجد لها تفسيرا لحد الآن، مثلا كيف خطرت له الفكرة التي بموجبها أنهى آخر مشهد بالفصل الأول وهو نائم ، وكتب ذلك بأحمر الشفاه في الحائط، وكيف كان في السيارة مع أعضاء الفرقة متوجهين إلى الرباط، وتوقفت السيارة في منتصف الطريق فنظر صوب السماء وكان السحاب مجتمعا بطريقة غير مألوفة مثل كلمتي «حسي مسي» وغيرها من الحوادث ، التي يضيف : قد تبدو غير معقولة للقارئ لكن هكذا كانت الأجواء التي عشناها آنذاك، وهناك شهود عليها» هكذا تم تقديم المسرحية التي نقلت بأسلوب ساخر ومؤثر مشاكل وقضايا المهاجرين السريين. كان عاجل ذات مرة بطنجة، وأراد تدخين آخر سيجارة قبل النوم، وكان يسعل بسبب نزلة برد ، فوجد أن العلبة فارغة، فغادر الفندق بحثا عن دكان لبيع السجائر ، لكن الوقت كان متأخرا والدكاكين مقفلة، فوجد بائع سجائربالتقسيط ، وهو شيخ مسن كان يتكلم بلكنة الشماليين، لكنه مختلف عنهم قليلا، لأنه كان ينطق حرف الباء بـ P . رفض الشيخ المسن أن يبيع لعاجل السجائر قائلا له الوقت متأخر اذهب للنوم وحافظ على صحتك، فأنت تسعل ، عاجل لم يفهم سبب هذا التصرف، فالشيخ هذه حرفته، فلماذا يرفض أن يبيعه السجائر، عندما كان يتدرب على الدور تذكر ذلك الشيخ وطريقة نطقه حرف الباء فاستغلها في دوره وكانت تلك هي اللازمة الشهيرة «قنبولة». ذات مرة ذهبت الفرقة إلى مدينة تيفلت ، لعرض المسرحية ، كانت القاعة في حالة جد مزرية ، بل كانت بها حفرة من شأنها أن تشكل خطورة على الممثلين ، أخبر إبراهيم خاي بذلك ، وكلفة بإخطار باقي الممثلين بضرورة تحاشي تلك الحفرة ، بدأ العرض وفجأة سمع عاجل وباقي الممثلين دوي سقطة قوية ، كان إبراهيم خاي ، الذي نبه باقي زملائه ، هو من سقط فيها وسط العرض أيضا ، سيفاجأ أعضاء الفرقة بصعود أحد المتفرجين إلى الخشبة وبدأ يتنزه كأنه في حديقة ، وتوقف العرض ، طلب منه عاجل النزول لأنهم يمثلون مسرحية ، فرفض معتبرا أن الأمر عادي وأنه لا داعي لتوقيف العرض ، ثم توجه جنب نور الدين بكر ، وطلب أخذ صورة معه... 22-08-2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
شرح ملح
استمر نجاح مسرحة «حسي مسي « زهاء سنتين ، عرضت على شاشة التلفزة وحظيت بإعجاب من لم يتمكنوا من مشاهدتها على خشبة المسرح .بعد ذلك بدأ التفكير في المسرحية التالية ، وكان من نافل القول أنها يجب أن تضاهي ، إن لم تفوق ، ما حققته « حسي مسي» ، مع ما يتطلبه ذلك من حسن اختيار الموضوع والحوار والإخراج... وبعد تفكير معمق ، خطرت لعاجل فكرة مستشفى الأمراض العقلية ، كانت مغامرة غير سهلة لأن تصوير الجنون أو الحمق ، ونقل ذلك على خشبة المسرح يتطلب مجهودا خاصا لم تكن فكرة غريبة عن عالم مسرح الحي أو خارج السياق الذي يشتغلون ضمنه، وكما سيقول سعيد لهليل لاحقا لعاجل فإن هناك صيرورة تبدو على شكل ثلاثية مترابطة ما بين أول مسرحية للفرقة « العقل والسبورة» والمسرحية المتعلقة بالحمقى التي سيختار لها عنوان «شرح ملح» ففي « العقل والسبورة « كانوا طلبة فشلوا في التعليم فقرروا الهجرة سرا إلى الخارج ، « حسي مسي» ، وعندما فشلوا ورحلوا إلى المغرب أصيبوا بالجنون ، وهو موضوع « شرح ملح» يؤكد عاجل أن هناك العديد من الأسِئلة كانت تطرحها طبيعة الموضوع ، وكان يجب أن تجيب عنها المسرحية ، في حلتها الأخيرة ، مثل سؤال من هو المجنون ومن هوالعاقل ؟ فعندما نشاهد شخصا في الشارع العام ينزع ملابسه وهو يتحدث بصوت مرتفع ، من السهل أن نحكم عليه بالجنون ، لكن ، فوق الخشبة ، سيكون الأمر مختلفا لأن المتفرج عندما سيأتي لمشاهدة المسرحية ، يعرف مسبقا ، من خلال الدعاية ، أنه سيشاهد مجانين ، وبالتالي فإن المجهود التمثيلي يجب أن يكون مضاعفا لإقناعه أنه بالفعل أمام أشخاص حمقى وليس فقط ممثلين يؤدون ذلك الدور للتقرب أكثر من هذا العالم ، وفهم مختلف دواليبه ، توجه عاجل نحو مستشفى برشيد الشهير. أخبر المسؤول عن المستشفى بمراده ورافق عددا من النزلاء بل وأصبح صديقا لواحد منهم كانت مختلف الظواهر تؤكد أنه سليم ولا يعاني من أي مرض .كان المرضى شبه طلقاء وبإمكانهم التجوال في الحديقة ...بعد ذلك طلب عاجل من المسؤول أن يوافق على ترك هذا الشخص يرافقه إلى الدار البيضاء ويقضي معه بعض الأوقات فوافق على ذلك بعد إحاطته بالموضوع من مختلف جوانبه ، حان موعد ترجمة ذلك على الورق ، فالتقى مع عبد الرزاق مستور الذي سبق أن تعامل معه مسرح الحي في «حسي مسي» وبدأ الإعداد لنص المسرحية . تكفل عاجل بوضع البناء الدرامي للمسرحية ومستور بالحوار وهو نقطة قوته بعد عدة جلسات بدأت الفكرة تكبر وتتحول إلى قصة محبوكة ... عالم المستشفى بكل تناقضاته ، المرضى من جهة والأطباء والممرضين والمسؤولين من جهة أخرى ، المرضى لكل واحد حكايته وخلفيته وشخصيته المختلفة عن الآخرين بل وحتى من يدعي الجنون للإفلات من العقاب ، وخلف كل هذا الواقع الصحي العليل بالمغرب والذي تنخره أمراض الفساد والنهب وانعدام المسؤولية ، وأن يكون العامل المحرك للحدث هو هروب أحد النزلاء وإقدام إدارة المستشفى على جلب شخص آخر من الشارع لإيهام لجنة للتفتيش ستحل بالمستشفى بأنه هو النزيل الحقيقي في الفصل الثاني للمسرحية سيدرك عاجل أن هناك معادلة صعبة يجب أن يتم إيجاد حل لها ، عقدة درامية تساهم في تطور القصة وتدفع إلى مزيد من التشويق والإثارة ، خصوصا أنه يجمع بين الخياري اللوز فهيد السايح لهليل في غرفة ضيقة ، فقرر عاجل بعد العروض الأولى أنه لا بدمن إعادة كتابة الفصل الثاني واتصل بعبد الرزاق مستور، وكانت فكرة عاجل هي أنه لا بدأن يقع حدث ما... وبعد تفكير ارتأى أن يكون الحدث هو وضع نزيلة لمولود لها داخل المستشفى مما سيثير فضيحة ويبدأ البحث عن صاحب هذا الفعل الشنيع أو المتهم بالتسبب في حمل هذه النزيلة كانت فكرة صائبة وزادت من جرعة الفكاهة داخل النص لدرجة أن مشهد اتهام فلان بالفعلة اشتهر بشدة وتم وضعة ضمن وصلة الإشهار للمسرحية عندما سيقول «سيرو صبغوه ووحلوه في « فيرد عليه الخياري « ويلا طاح في جافيل يقدر يولي ابيض» في مسرحية « شرح ملح « سينضاف إلى الفرقة عبد الخالق فهيد ، الذي سبق لعاجل أن رٍآه في ثنائي الصداقة وأعجب بأدائه . كانت نيته أن يستعين بالاثنين لكن النص المسرحي لم يكن يستوعب شخصية مقعد فتم الاقتصار على فهيد .غير أنه ، وبعد بدء العروض، بدأ الهمس داخل الكواليس أن عاجل استقدم فهيد لينافس الخياري وهوما ينفيه بشدة لأن الفرقة كانت قادرة على استيعاب أية موهبة صاعدة ، بل يجب أن يكون هذا جزءا من عملها كما أن الدور، دور الدكتور الميلودي، كان يتطلب ممثلا فكاهيا مثل فهيد تطلبت التداريب حوالي ثلاثة أشهر ، وكان على عاجل أن يخرج فهيد من جبة الثنائي إلى جبة الممثل المسرحي خصوصا في أول مشهد له أمام الدكتورة أمال ، والتي أدت دورها الزوهرة نجوم ، وهو مشهد كتبه مستور بإتقان شديد .عاجل يؤكد أن فهيد تمكن في الأخير من استيعاب الدور وأداه بنجاح كان البداية ليتعرف عليه الجمهور المغربي بشكل واسع عندما كان عاجل بصدد الاطلاع على شخصية المريض العقلي ، واستضاف في الدار البيضاء أحد نزلاء مستشفى برشيد ، دعاه لتناول السمك في مطعم الميناء . جاء النادل وقدم لهم سلطةفي البداية ، فاكتفى المريض بأن نظر إلى صحن السلطة دون أن يلمسها . سأله عاجل « شحال هاذي ما كليتوش شلاضة « بعد تفكير أجابه « شي ديما « أي منذ دائما كان جوابا غير متوقع ، فقرر أن يستعين بهذا الجواب البليغ في المسرحية، ففي أحد المشاهد تفاجئ الدكتورة أمال عاجل ، الذي قام بدور الممرض ، بتبنيج المرضى بشوكة كبيرة حتى يناموا فتسأله منذ متى وأنتم تفعلون ذلك فيجيبها «تكون هذه شي ديما « ذات مرة توجهت الفرقة إلى تطوان لعرض المسرحية ، وخلال تجوله في المدينة رفقة بعض أعضاء الفرقة ، أثار انتباهه طفل يبيع السجائر بالتقسيط ويعلن عن ذلك بطريقة غريبة وكأنه يؤدي أغنية ، فتبعه عاجل وهو يردد معه ورفاقه يصفقون في مشهد مضحك فصادفهم شيخ عجوز فقد كل أسنانه باستثناء ضرس واحد وأخذ يضحك بطريقة غريبة ولسانه متدلي ، فكانت تلك الصورة التي احتفظ بها عاجل ووظفها في المسرحية وكان كلما قام بإخراج لسانه تضج القاعة بالضحك عرضت « شرح ملح « حوالي 180 عرضا ،ذات مرة اتصل الوزير آنذاك سعيد السعدي ، عن طريق صديق مشترك بينهما ، ليسأله إن كانت فرقة مسرح الحي مستعدة لعرض المسرحية أمام حوالي 10 آلاف متفرج وذلك في إطار دعم البرنامج الخاص للنهوض بالمرأة وبثمن رمزي ، أعطى عاجل موافقته المبدئية وعندما سأله عن المكان المقترح لعرضها أجابه أن ذلك سيكون في القاعة المغطاة التابعة للمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء عرض في مثل هذه الضخامة ، كان محتاجا لإمكانيات كبيرة ، وعندما التقى عاجل بالوزير السعدي طمأنه بأن الوزارة ستتكفل بذلك وقد تم تحديد ثمن تذكرة الدخول في 10 دراهم فكان عرضا منقطع النظير في مسرح محمد الخامس تم الاتفاق مع إدارة القناة الأولى على أن يتم تصوير المسرحية لتعرضها بعد ذلك . قبل بداية العرض سيفاجأ عاجل بالحضور الكبير للجمهور، والذي لم يكن يتوقعه ، لدرجة أن إدارة المسرح فتحت الطابق الثالث لاستيعاب الحضور، لكن المفاجأة الأخرى كانت هي إصرار كل من الخياري ، فهيد وخاي إبراهيم على عدم الصعود إلى الخشبة إلا إذا حصلوا على زيادة في الأجر المتفق عليه سابقا حسب ما كان ينص عليه العقد ، بنسبة ثلاثة أضعاف تقريبا، وذلك بعد أن عاينوا العدد الكبير من الجمهور وهو ما يعني مدا خيل أكثر مما كان منتظرا ، وهي واقعة تحدثت عنها الصحف آنذاك تسلم الثلاثة ما طالبوا به قبل العرض .عاجل لم يعجبه هذا الأسلوب فبرأيه العقد الموقع سابقا كان ينص على تسلم كل مشارك لأجر تابت بعد كل عرض ، بغض النظر عن المداخيل ، وقد كانت هناك بعض العروض خلفت مداخيل أقل مما يسمح بالوفاء بالالتزام الموقع ، ورغم ذلك التزمت الفرقة ، وهكذا بعد نهاية العرض أعلن عاجل أن ذلك سيكون آخر عرض للمسرحية حاول عدد من أعضاء الفرقة إثناء عاجل عن قراره لكنه ظل متشبثا بهؤ، ومرت عدة أسابيع وهو يرفض عروضا انهالت على الفرقة ، إلى ذلك اليوم الذي سيتصل به فلان ويخبره أن هناك طلبا لتنظيم عروض للمسرحية لا يمكن رفضه كان العرض هو المشاركة في جولة ببعض الأقاليم دعما لحملة «لنتحد ضد الحاجة» ، على أن تتنازل الفرقة عن خمسين في المائة من المداخيل لفائدة الحملة التضامنية ، قبل عاجل على الفور لكنه اشترط أن تتنازل الفرقة على جميع المداخيل وليس فقط النصف وهكذا ستعرض المسرحية في عشر مدن تقريبا وذهبت كل المداخيل إلى صندوق الحملة تعبيرا من الفرقة عن تضامنها مع المحتاجين ، وفي نهاية الحملة كانت الفرقة من ضمن المشاركين الذين استقبلهم جلالة الملك ، الذي كان آنذاك وليا للعهد ، وهو لقاء يؤكد عاجل «شرفنا كثيرا ورفع من معنوياتنا» ولا يزال يتذكر كل تفاصيله ، خصوصا عندما هنأه ولي العهد وأكد له أن الفرقة شرفت المغرب 23-08-2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
عاين باين
25-08-2012
قبل
أن تتوجه فرقة مسرح الحي إلى أكادير لعرض مسرحية «حب وتبن» تم الاتفاق مع
رئيس لجمعية تعنى بمرضى القصور الكلوي في الجديدة لتقديم عرض للمسرحية
توجهت الفرقة إلى أكادير ، حيث تم تقديم عرضين ، يومي الجمعة والسبت ،
وخلال العرضين كانت القاعة مملوءة عن آخرها واستقبلت الفرقة بحفاوة من طرف
الجمهور . عاجل ما زال يتذكر كل التفاصيل المتعلقة بهذه الرحلة ، ويؤكد أن
عرضي أكادير كانا من أكثر العروض التي لقيت إقبالا من طرف الجمهور .
وفيما كان عاجل يهيئ نفسه للتوجه نحو مدينة الجديدة ، حسب الاتفاق المشار
إليه ، سيعلم أن فهيد والخياري سيقدمان في الجديدة ، وفي نفس القاعة ،
فقرات كوميدية ، كل على حدة ، وأن في خلفية القاعة سيكون هناك ديكور مسرحية
«حب وثبن»
كان فهيد والخياري مشاركان في المسرحية ، وقد اعتبر عاجل هذا التصرف ،
وبدون علمه ، غير لائق فقرر عدم الذهاب إلى الجديدة ومقاطعة العرض ،
كتعبير عن احتجاجه ، رغم إلحاح حسن فلان و نور الدين بكر ، العضوين
المؤسسين ، إلى جانب عاجل ، لفرقة مسرح الحي
عرضت المسرحية في الجديدة بدون عبد الإله عاجل الذي كان يقوم بالدور
الرئيسي ، دور كاسم ، ونجوم الزوهرة زوجته ، وهكذا سيقوم نور الدين بكر
بأداء دور عاجل ، وكلف أحد التقنيين بأداء الدور الذي كان منوطا ببكر ،وبعد
الجديدة تم تقديم ثلاثة أو أربعة عروض لكنها لم تلاقي نفس النجاح الذي
لاقته عندما كانت الفرقة بجميع عناصرها. وحسب ما علم عاجل لاحقا ، فقد
احتج عدد من المشاهدين على غياب عاجل ، وهو الغياب الذي لم يجدوا له تفسيرا
إبانها
كان هذا الخلاف سببا في توقف الفرقة لمدة قاربت السنتين ، وقد انضاف هذا
الخلاف إلى الواقعة التي كان قد شهدها مسرح محمد الخامس بالرباط ، خلال عرض
مسرحية «شرح ملح» بسبب خلاف حول الأجر مع كل من فهيد ، الخياري وخاي
إبراهيم ، وهكذا سينفصل الثلاثة عن الفرقة ويلتحقون بفرقة ميلود الحبشي في
مسرحية «فوق السلك»
بعد ذلك سيتصل فلان ونور الدين بكر بعبد الإله عاجل ن ، سيلحان عليه للعودة
ويقنعانه بضرورة استمرار فرقة «مسرح الحي» واستقدام ممثلين آخرين يعوضون
فهيد ، الخياري وإبراهيم خاي
والحقيقة فرغم غيابه عن الفرقة كان عاجل يفكر في موضوع جديد ، وهكذا سيتصل
بالكاتب عبد الرزاق مستور وسيقترح عليه الفكرة ويبدآن في العمل
كانت الفكرة تتمحور حول الأزمة الاقتصادية العالمية ، والتي بدأت بعض
بوادرها تمس المغرب ، مما أدى إلى إقفال عدد من المعامل وتسريح العمال وما
نتج عنه من مشاكل اجتماعية
كانت تلك هي مسرحية «عاين باين» ، التي تدور أحداثها داخل مصنع ، لا نعرف
ماذا ينتج ، توجد به آلة ضخمة ، هي التي تتحكم برقاب العمال ، إذا توقفت
توقفت أرزاقهم ، وهو ما سيحصل حيث سيجد العمال أنفسهم متوقفين عن العمل وهو
ما سيؤدي إلى توقيف أجورهم ، مما سيضطرهم إلى خوض إضراب عن الطعام داخل
المصنع ، وهكذا ستبعث الإدارة بلجنة للنظر في الموضوع والتي ستقترح على
العمال العمل نصف المدة ، وبالتالي تمكينهم من نصف الأجر الذي كانوا
يتقاضونه ، لكن العمال ، وعن طريق شابة متدربة التحقت بالمصنع ، سيكتشفون
أن سبب مشاكلهم هو الفساد الذي ينخر المصنع ، فالآلة التي توقفت ، ومعها
أرزاقهم ، بيعت واشتريت عدة مرات على الورق في حين أنها لم تبارح مكانها ،
في الوقت الذي كان يجب فيه استبدالها منذ عدة سنوات ، لكن تم التلاعب في
الفواتير من طرف مسؤولين في الإدارة ليتم في الأخير تطويق المصنع من طرف
القوة العمومية تحسبا لوقوع ضحايا بسب المواجهة بين العمال والمسؤولين
في مسرحية «عاين باين « سيعود مصطفى الداسوكين ليشارك إلى جانب زملاؤه
السابقين في هذه المسرحية ، بعد أن اشتغل مع ميلود الحبشي في مسرحية سابقة ،
عندما بدأ عرض المسرحية تزامن ذلك مع بدء عروض مسرحة «فوق السلك» التي
شارك فيها فهيد ، الخياري وإبراهيم خاي ، بل إنه في بعض العروض لم يكن يفصل
بين العرضين سوى بضعة أمتار، كما حدث ذلك عندما عرضت «عاين باين» في سينما
«ريالطو» و»فوق السلك» في سينما «ريتز» بالدار البيضاء ، كما أن السيارة
التي كانت تقوم بالدعاية لمسرحية «عاين باين» هي نفسها التي كانت تقوم
بالدعاية لمسرحية «فوق السلك» ، وهو ما سيؤثر على المسرحيتين معا ،لأن
الفرقتين عمليا اقتسمتا الجمهور ، وهو ما لم يكن في صالحهما
كان موضوع مسرحية «عاين باين» أكثر جدية ، قضايا الطرد من العمل ،
الإضرابات ، تشغيل القاصرين... كما أن الديكور والسينوغرافيا بذل فيهما
جهدا كبيرا ، ديكور يتكون من طابقين ،والآلة التي جهزها سعيد الرايس كانت
توحي بتلك التي ظهرت في فيلم « الأزمنة الحديثة « لشارلي شابلن ، في
المقابل كان عنصر الفكاهة أقل حضورا ، عكس مسرحية «فوق السلك» التي كان
موضوعها أقل جدية ، لكن بجرعة كوميدية كبيرة
عاجل ، وبشجاعة ، يؤكد أنه كمخرج للمسرحية لم يتوفر له الوقت الكافي
لإخراجها بالشكل الذي كان يأمل ، كما أنه لم يقم باستشارة الخبراء في
الموضوع كما اعتاد في السابق ، فصديقه سعيد لماني ، الخبير في قانون الشغل ،
سيثير معه لاحقا عدة ملاحظات أغفلها النص
وبالرغم من أنها سجلت من طرف القناة الأولى ، وعرضت لاحقا ، إلا أن عاجل
يؤكد أن مسرحية «عاين باين» لم تحظى بدعاية كافية ، كما هو الشأن بالنسبة
للمسرحيات الأخرى التي قدمها «مسرح الحي» ، بالإضافة إلى أنه عندما عرضت ،
كان المغرب يعيش على وقع التفجيرات الإرهابية التي وقعت في سيدي مومن وحي
الفرح ، وهو ما أدى إلى عزوف الكثيرين عن الذهاب إلى المسرح وبالتالي
تقليص عدد العروض الذي كان في حدود خمسين عرضا ، رغم أن المسرحية ، على
صعيد الإنتاج ، كلفت الفرقة أكثر من «حسي مسي» أو «شرح ملح» ، وما يعادل
تكلفة إنتاج «حب وثبن»
في مسرحية «العقل والسبورة» ، تعاملت الفرقة مع المرحوم العربي باطما في
بعض المقاطع الموسيقية التي كانت تربط بين المشاهد ، وفي «حسي مسي» مع
المرحوم محمد باطما في المشهد الأخير بأغنية « إلا رجعتي يا بحر» ، وفي
«دار سيدي العربي» مع محمد الدرهم في أغنية « يا دوك اللايمين رفقو من حالي
« في حين أنه في «حب وثبن» تعاملت الفرقة مع مجموعة « تكادة « في جميع
الأغاني التي أثتت مشاهد المسرحية ، أما في «عاين باين» فقد كان هناك
اقتراح للتعامل إما مع المرحوم محمد السوسدي أو مولاي عبد العزيز الطاهري ،
وفي الأخير تم الاتفاق مع الطاهيري بأغنية كتبها خصيصا للمسرحية وكانت
بمثابة لازمة وهي « حنا ديما عرق ونشف عاين باين ، مع الماكينة والشوديرة
تخاوا الكتف عاين باين» . مع توالي العروض ، وعندما أصبح الجمهور الذي
يتابع المسرحية أقل من المتوقع ، مع ما يعني ذلك من انخفاض المداخيل التي
لم تعد تكفي حتى لتغطية مصاريف التنقل ، أصبحت هذه اللازمة نكثه يرددها
أعضاء الفرقة في الكواليس « حنا ديما عرق نشف في مسرحية عاين باي مع
الروسيطة والكيشي تخاوا الكتف في مسرحية عاين باين «
في ربيع المعاريف ، الدار البيضاء، لم يحضر سوى صفين أو ثلاثة للعرض ، بعد
نقاش بين الممثلين والتقنيين تم الاتفاق على عرض المسرحية رغم ذلك وتخفيض
التعويض بنسبة النصف ، كان ذلك آخر عرض لمسرحية « عاين باين».
أن تتوجه فرقة مسرح الحي إلى أكادير لعرض مسرحية «حب وتبن» تم الاتفاق مع
رئيس لجمعية تعنى بمرضى القصور الكلوي في الجديدة لتقديم عرض للمسرحية
توجهت الفرقة إلى أكادير ، حيث تم تقديم عرضين ، يومي الجمعة والسبت ،
وخلال العرضين كانت القاعة مملوءة عن آخرها واستقبلت الفرقة بحفاوة من طرف
الجمهور . عاجل ما زال يتذكر كل التفاصيل المتعلقة بهذه الرحلة ، ويؤكد أن
عرضي أكادير كانا من أكثر العروض التي لقيت إقبالا من طرف الجمهور .
وفيما كان عاجل يهيئ نفسه للتوجه نحو مدينة الجديدة ، حسب الاتفاق المشار
إليه ، سيعلم أن فهيد والخياري سيقدمان في الجديدة ، وفي نفس القاعة ،
فقرات كوميدية ، كل على حدة ، وأن في خلفية القاعة سيكون هناك ديكور مسرحية
«حب وثبن»
كان فهيد والخياري مشاركان في المسرحية ، وقد اعتبر عاجل هذا التصرف ،
وبدون علمه ، غير لائق فقرر عدم الذهاب إلى الجديدة ومقاطعة العرض ،
كتعبير عن احتجاجه ، رغم إلحاح حسن فلان و نور الدين بكر ، العضوين
المؤسسين ، إلى جانب عاجل ، لفرقة مسرح الحي
عرضت المسرحية في الجديدة بدون عبد الإله عاجل الذي كان يقوم بالدور
الرئيسي ، دور كاسم ، ونجوم الزوهرة زوجته ، وهكذا سيقوم نور الدين بكر
بأداء دور عاجل ، وكلف أحد التقنيين بأداء الدور الذي كان منوطا ببكر ،وبعد
الجديدة تم تقديم ثلاثة أو أربعة عروض لكنها لم تلاقي نفس النجاح الذي
لاقته عندما كانت الفرقة بجميع عناصرها. وحسب ما علم عاجل لاحقا ، فقد
احتج عدد من المشاهدين على غياب عاجل ، وهو الغياب الذي لم يجدوا له تفسيرا
إبانها
كان هذا الخلاف سببا في توقف الفرقة لمدة قاربت السنتين ، وقد انضاف هذا
الخلاف إلى الواقعة التي كان قد شهدها مسرح محمد الخامس بالرباط ، خلال عرض
مسرحية «شرح ملح» بسبب خلاف حول الأجر مع كل من فهيد ، الخياري وخاي
إبراهيم ، وهكذا سينفصل الثلاثة عن الفرقة ويلتحقون بفرقة ميلود الحبشي في
مسرحية «فوق السلك»
بعد ذلك سيتصل فلان ونور الدين بكر بعبد الإله عاجل ن ، سيلحان عليه للعودة
ويقنعانه بضرورة استمرار فرقة «مسرح الحي» واستقدام ممثلين آخرين يعوضون
فهيد ، الخياري وإبراهيم خاي
والحقيقة فرغم غيابه عن الفرقة كان عاجل يفكر في موضوع جديد ، وهكذا سيتصل
بالكاتب عبد الرزاق مستور وسيقترح عليه الفكرة ويبدآن في العمل
كانت الفكرة تتمحور حول الأزمة الاقتصادية العالمية ، والتي بدأت بعض
بوادرها تمس المغرب ، مما أدى إلى إقفال عدد من المعامل وتسريح العمال وما
نتج عنه من مشاكل اجتماعية
كانت تلك هي مسرحية «عاين باين» ، التي تدور أحداثها داخل مصنع ، لا نعرف
ماذا ينتج ، توجد به آلة ضخمة ، هي التي تتحكم برقاب العمال ، إذا توقفت
توقفت أرزاقهم ، وهو ما سيحصل حيث سيجد العمال أنفسهم متوقفين عن العمل وهو
ما سيؤدي إلى توقيف أجورهم ، مما سيضطرهم إلى خوض إضراب عن الطعام داخل
المصنع ، وهكذا ستبعث الإدارة بلجنة للنظر في الموضوع والتي ستقترح على
العمال العمل نصف المدة ، وبالتالي تمكينهم من نصف الأجر الذي كانوا
يتقاضونه ، لكن العمال ، وعن طريق شابة متدربة التحقت بالمصنع ، سيكتشفون
أن سبب مشاكلهم هو الفساد الذي ينخر المصنع ، فالآلة التي توقفت ، ومعها
أرزاقهم ، بيعت واشتريت عدة مرات على الورق في حين أنها لم تبارح مكانها ،
في الوقت الذي كان يجب فيه استبدالها منذ عدة سنوات ، لكن تم التلاعب في
الفواتير من طرف مسؤولين في الإدارة ليتم في الأخير تطويق المصنع من طرف
القوة العمومية تحسبا لوقوع ضحايا بسب المواجهة بين العمال والمسؤولين
في مسرحية «عاين باين « سيعود مصطفى الداسوكين ليشارك إلى جانب زملاؤه
السابقين في هذه المسرحية ، بعد أن اشتغل مع ميلود الحبشي في مسرحية سابقة ،
عندما بدأ عرض المسرحية تزامن ذلك مع بدء عروض مسرحة «فوق السلك» التي
شارك فيها فهيد ، الخياري وإبراهيم خاي ، بل إنه في بعض العروض لم يكن يفصل
بين العرضين سوى بضعة أمتار، كما حدث ذلك عندما عرضت «عاين باين» في سينما
«ريالطو» و»فوق السلك» في سينما «ريتز» بالدار البيضاء ، كما أن السيارة
التي كانت تقوم بالدعاية لمسرحية «عاين باين» هي نفسها التي كانت تقوم
بالدعاية لمسرحية «فوق السلك» ، وهو ما سيؤثر على المسرحيتين معا ،لأن
الفرقتين عمليا اقتسمتا الجمهور ، وهو ما لم يكن في صالحهما
كان موضوع مسرحية «عاين باين» أكثر جدية ، قضايا الطرد من العمل ،
الإضرابات ، تشغيل القاصرين... كما أن الديكور والسينوغرافيا بذل فيهما
جهدا كبيرا ، ديكور يتكون من طابقين ،والآلة التي جهزها سعيد الرايس كانت
توحي بتلك التي ظهرت في فيلم « الأزمنة الحديثة « لشارلي شابلن ، في
المقابل كان عنصر الفكاهة أقل حضورا ، عكس مسرحية «فوق السلك» التي كان
موضوعها أقل جدية ، لكن بجرعة كوميدية كبيرة
عاجل ، وبشجاعة ، يؤكد أنه كمخرج للمسرحية لم يتوفر له الوقت الكافي
لإخراجها بالشكل الذي كان يأمل ، كما أنه لم يقم باستشارة الخبراء في
الموضوع كما اعتاد في السابق ، فصديقه سعيد لماني ، الخبير في قانون الشغل ،
سيثير معه لاحقا عدة ملاحظات أغفلها النص
وبالرغم من أنها سجلت من طرف القناة الأولى ، وعرضت لاحقا ، إلا أن عاجل
يؤكد أن مسرحية «عاين باين» لم تحظى بدعاية كافية ، كما هو الشأن بالنسبة
للمسرحيات الأخرى التي قدمها «مسرح الحي» ، بالإضافة إلى أنه عندما عرضت ،
كان المغرب يعيش على وقع التفجيرات الإرهابية التي وقعت في سيدي مومن وحي
الفرح ، وهو ما أدى إلى عزوف الكثيرين عن الذهاب إلى المسرح وبالتالي
تقليص عدد العروض الذي كان في حدود خمسين عرضا ، رغم أن المسرحية ، على
صعيد الإنتاج ، كلفت الفرقة أكثر من «حسي مسي» أو «شرح ملح» ، وما يعادل
تكلفة إنتاج «حب وثبن»
في مسرحية «العقل والسبورة» ، تعاملت الفرقة مع المرحوم العربي باطما في
بعض المقاطع الموسيقية التي كانت تربط بين المشاهد ، وفي «حسي مسي» مع
المرحوم محمد باطما في المشهد الأخير بأغنية « إلا رجعتي يا بحر» ، وفي
«دار سيدي العربي» مع محمد الدرهم في أغنية « يا دوك اللايمين رفقو من حالي
« في حين أنه في «حب وثبن» تعاملت الفرقة مع مجموعة « تكادة « في جميع
الأغاني التي أثتت مشاهد المسرحية ، أما في «عاين باين» فقد كان هناك
اقتراح للتعامل إما مع المرحوم محمد السوسدي أو مولاي عبد العزيز الطاهري ،
وفي الأخير تم الاتفاق مع الطاهيري بأغنية كتبها خصيصا للمسرحية وكانت
بمثابة لازمة وهي « حنا ديما عرق ونشف عاين باين ، مع الماكينة والشوديرة
تخاوا الكتف عاين باين» . مع توالي العروض ، وعندما أصبح الجمهور الذي
يتابع المسرحية أقل من المتوقع ، مع ما يعني ذلك من انخفاض المداخيل التي
لم تعد تكفي حتى لتغطية مصاريف التنقل ، أصبحت هذه اللازمة نكثه يرددها
أعضاء الفرقة في الكواليس « حنا ديما عرق نشف في مسرحية عاين باي مع
الروسيطة والكيشي تخاوا الكتف في مسرحية عاين باين «
في ربيع المعاريف ، الدار البيضاء، لم يحضر سوى صفين أو ثلاثة للعرض ، بعد
نقاش بين الممثلين والتقنيين تم الاتفاق على عرض المسرحية رغم ذلك وتخفيض
التعويض بنسبة النصف ، كان ذلك آخر عرض لمسرحية « عاين باين».
25-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
القضية في البرقية
بعد مسرحية « عاين باين «
والتي تلتها فترة تأمل ، وبعد الاطلاع على العديد من الأعمال العالمية
جذبته مسرحية « أوبرا القروش الثلاثة « لبرتولد بريخت ، وهو عمل ، ولو أنه
يعود إلى بداية القرن الماضي ، إلا أنه ما زالت له راهنية ، والذي يتمحور
حول رؤية نقدية للمجتمع من خلال مجموعة من النصابين يستغلون مبادرة للتنمية
البشرية لتكوين جيش من المتسولين المزعومين بهدف الاستحواذ على التبرعات
التي يقدمها علية القوم ، والتي بدورها لا تخلو من تناقض ، حيث ترافقها
صنوف البهرجة والبذخ التي لو حولت مصاريفها للمحتاجين لأغنتهم الحاجة
أعجب عاجل بالفكرة ، ورأى أنه بالإمكان مغربتها لأن مضمونها ينطبق على
الواقع المغربي ، كما أنه ، وسيرا على نهج فرقة «مسرح الحي» ، التي تعتمد
على عناوين بالدارجة من كلمتين ، قريبة من المصطلحات السائدة وضع كعنوان
لها « شوف وحن «
كان اقتراح عاجل أن تكون» شوف وحن « المسرحية القادمة لفرقة «مسرح الحي»
والتي من شأنها أن تعيد إلى الفرقة بريقها ، لكن لم يقع اتفاق داخل الفرقة ،
بعد عدة جلسات تم خلالها مناقشة مختلف القضايا المتعلقة بآفاق عمل
المجموعة ، وقد برز خلال هذه الجلسات خلاف حول مسألة التسيير حيث اقترح
بعض الأعضاء أن تتكفل إدارة مستقلة بتسيير الفرقة .
عاجل كان يرى أن إيجاد جهة مستقلة تتكفل بالفرقة ، فكرة لا خلاف حولها ،
فحبذا ، كما يقول ، لو تم احتضان الفرقة من طرف مؤسسة معترف بها حتى لا
يحدث أي سوء ظن أو شكوك حول التسيير ، ويتفرغ أعضاء الفرقة للعمل المسرحي ن
لكن ذلك ليس من السهولة بمكان في ظل الوضع الحالي للمسرح والفن بشكل عام
ترك عاجل مشروع « شوف وحن « جانبا إلى حين ، وفي تلك الأثناء التي كان بصدد
البحث عن عمل يصلح للفرقة سيلتقي بأحمد الزناكي ، مؤلف مسرحية «المدير
الجديد» ومسرحية «شارب عقلو» ، وأخبره أنه ألف مسرحية جديدة بعنوان «
البرقية» وتتحدث عن عائلة تتوصل ببرقية من طرف معتقل في مخيمات تندوف دامت
غيبته حوالي 25 سنة ، لدرجة أن زوجته اعتقدت أنه توفي فتزوجت برجل آخر
وقيدت ابنها في اسم الزوج الجديد ، وهي مستوحاة من قصة واقعية
بعد قراءة المسرحية أعجبته ، خصوصا أن الفكرة جديدة ولم يسبق تناولها ،
وهكذا سيقوم عاجل بإخضاعها للمعالجة على شكل يليق بمسرح الحي وتوجهه التقني
الذي يعتمد على المكان والزمان المساير للعصر ، ففي الفصل الأول مثلا
وعوض الصالون ، كما تصور المؤلف ، استعمل عاجل قبوا مخصصا للعجين مع إضافة
الشخصيات التي تعمل بالقبو الطراح ، الخباز...أما في الفصل الثاني فاعتمد
على واجهة عصرية للمخبزة
فعندما سيعود الزوج ، بعد هذه السنوات الطويلة من الاختطاف ، سيجد أن الفرن
الشعبي الذي كان يملكه ، أصبح عبارة عن مخبزة عصرية لها واجهة براقة ،
المخبزة الذهبية، ويمر أمامها الترامواي ، وسيجد أيضا أن البيت المتواضع
الذي كان فوق الفرن أصبح عبارة عن عمارة من خمسة طوابق ، وأن زوجته تزوجت
الطراح الذي كان يشتغل عنده ، كما أن الابن الذي ترك عنده سنتين أصبح شابا
عمره 27 سنة ، ومن ناشطي حركة 20 فبراير، كل ذلك ضمن ديكور عصري بذل فيه
مجهود كبير لتقريب الصورة إلى المتفرج ، بما في ذلك أعداد كبيرة من الخبز،
الذي كانت أيضا جزءا من الديكور، لكنه جزء يجب اقتناؤه كل يوم وطازج ،
ويصبح غير قابل للاستعمال اليوم التالي وكان أعضاء الفرقة لا يعرفون ماذا
يصنعون بكل هذه الكمية من الخبز بعد نهاية العرض ، على عكس قطع الديكور
الأخرى
بعد هذه المعالجة التي أعطت للمسرحية مزيدا من التشويق والإثارة ، ارتأى
عاجل أن عنوان المسرحية من الأفضل تعديله ليصبح « القضية في البرقية « ،
كما قام باستشارة رجل قانون حول حكم الشرع في نازلة كهذه ، امرأة تزوجت
برجل آخر رغم أن زوجها الأول ما يزال على قيد الحياة ، وكان مستشاره في
هذه المسألة هو عبد الحق عاجل ، شقيقه المحامي بمدينة نيس الفرنسية ، كما
عقد عدة اجتماعات مع عدد من المحتجزين السابقين في مخيمات تندوف ، الذين
زودوه بمعلومات قيمة حول ظروف احتجازهم ومعاناتهم في جحيم تندوف ، مما أعطى
مصداقية للمسرحية
بذلت الفرقة جهودا لترويج المسرحية حتى تنال نصيبها من الدعاية ، على غرار
سابقاتها ، لكنها لم تتمكن سوى من تنظيم 12 عرضا ، بالإضافة إلى عرض خاص
لتصويره من طرف التلفزيون والذي اضطرت إلى إعادته بعد اكتشاف عيوب في الصوت
لم ينتبه إليها الفريق التقني التلفزي ، وهي تنتظر حاليا عرضها وحكم
الجمهور الواسع عليها . لكن عاجل يتأسف لأنه رغم المحاولات التي بذلتها
الفرقة لم تستطع إيجاد مؤسسة أو شركة تحتضن هذا العمل الذي ناقش قضية ذات
أبعاد وطنية ويساهم في الترويج له
فرقة مسرح الحي تستعد للموسم المسرحي القادم بمسرحية « باب الوزير» وهي من
تأليف منير باهي وإخراج إدريس الروخ ، وهي المرة الأولى التي يغيب فيها
عاجل عن الفرقة ، حيث أنه منهمك حاليا في إعداد مسرحية « صرخة شامة « ، وهي
من تأليف الصحافي والكاتب حسن نرايس ، والتي ينوي عاجل تقديمها في إطار
«مسرح الكاف» ، الفرقة التي أسسها منذ عدة سنوات وقدم من خلالها عدة أعمال
ذات نفس آخر وتوجه مغاير يلامس شريحة أخرى من الجمهور
إن الغاية من وراء التأكيد على «بشرية النبي»، في سياق الحديث عن الفعل
الجنسي، مع كل الاعتراضات التي حاولنا تسجيلها على بعض «رواة الأحاديث»،
فضلا عن تباين قراءة الفقهاء وتصنيفاتهم لبعض الروايات، ومن بينها تلك التي
لا تنطلي على العقل.. هو إظهار أن النبي (ص) كان يمشي في الأسواق، وكان
ابن البيئة التي أنجبته، وأنه لا يعتبر معصوما من الخطأ في شيء، إلا في
جانب تبليغ القرآن فقط، حسب الاعتراف القرآني « قل إنما أنا بشر يوحى
إليّ». أما في ما غير ذلك، فكان يحب النساء مثل غيره من رجال قبيلته الذين
كانوا لا يتمالكون أنفسهم كلما تعلق الأمر بملء الجراب وامتطاء الجياد وسل
السيوف للإغارة على مواطن الكلأ والماء، بسبب ما قلناه سابقا من سيادة
اقتصاد الصحراء (الندرة). كما كان يبكي ويكتئب ويمرض وتنتابه الحيرة
والغيرة، ويقع تحت سلطة الإغراء..
لقد كان النبي (ص) إذن- كما تبين الأحاديث، حتى التي يصنفها فقهاء السنة-
يخطئ كغيره من البشر. وهذا ما أكده غير ما مرة، وفي أكثر من حديث، بقوله:
«إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن من بعض وأحسب
أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار
فليأخذها أو ليتركها». وقد كان النبي (ص) يعمل أيضا بالقياس، حيث قال لابن
مسعود: «اقض بالكتاب والسنة فإن لم تجد فيهما اجتهد رأيك». وموقفه من معاذ
بن جبل معروف إذ سأله قبل أن يبعث به إلى اليمن:»بما تحكم؟ قال معاذ بكتاب
الله، قال فإن لم تجد، قال فبسنّة رسول الله، قال فإن لم تجد؟ قال اجتهد
رأيي، فقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله».
لقد عاش النبي (ص) حياة رجل فاعل ومنفعل، ولم يكن أبدا كتلة ضوئية سقطت من
السماء وحافظت على نورها إلى أن غادرت الحياة. كما تميزت أحكامه، في الكثير
من المواقف، بالمرونة، مما كان يقتضي تدخل الوحي لتعديل هذا القرار ونسخ
هذا الحكم وتصحيح هذا الخطأ، كما كان عرضة للزجر الرباني. لكن الغرب أن
غلاة المفسرين والفقهاء- حسب الباحثة سلوى الشرفي- ما زالوا «يعتمدون على
بعض أقوال الرسول وأفعاله حتى وإن كانت متناقضة بوضوح مع القرآن أو فيما
بينها، وينفون عنها الصفة البشرية ويصرون على أنها امتداد للوحي». وتضيف:
«إلى جانب الأحاديث البشرية، توجد شبهات حول رواة الأحاديث وعملية جمعها
وتدوينها. حتى أنه في عهد الخليفتين الأول والثاني منعت الرواية وأحرقت
صحفها وفرض عمر ابن الخطاب حظرا على أبي هريرة لإكثاره الرواية عن الرسول».
ويروى في مسلم (المقدمة): «لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث»،
وهناك نماذج عديدة من هؤلاء الرواة المجروحين الذين لا تنطبق عليهم صفة
الرّاوي الثقة، مما
يبرهن على وقوع انحرافات كثيرة في عملية تجميع الأحاديث وتدوينها. وهي عملية تمت بعد قرن أو أكثر من وفاة الرسول.
تقول الباحثة سلوى الشرفي: «لعبت التّناحرات السياسية دورا هاما في تفضيل
تدوين أحاديث على أخرى. فبين لحظة القول والفعل النبوييْن ولحظة التدوين
كانت الدول تتغير والفرق السياسية تتناحر وتتجادل وتبحث عن الحديث، أي
القانون، المناسب لتأكيد مقولاتها».
ولعل هذا ما يجعلنا نقول إن الفعل الجنسي، كما تم نقله عن النبي (ولو بلسان
زوجته عائشة)، مجرد طروس كثيرة نحتاج إلى النص الأصلي كي نصادق عليها.
وبسبب هذا النقص الحاصل، فهي تحتاج منا إلى وضعها تحت اختبارات العقل
والمنطق، بدل النظر إليها كحقائق مطلقة ينبغي الامتثال إليها ووضع كل ناكر
لها خارج دائرة الإسلام..
27-08-2012
بعد مسرحية « عاين باين «
والتي تلتها فترة تأمل ، وبعد الاطلاع على العديد من الأعمال العالمية
جذبته مسرحية « أوبرا القروش الثلاثة « لبرتولد بريخت ، وهو عمل ، ولو أنه
يعود إلى بداية القرن الماضي ، إلا أنه ما زالت له راهنية ، والذي يتمحور
حول رؤية نقدية للمجتمع من خلال مجموعة من النصابين يستغلون مبادرة للتنمية
البشرية لتكوين جيش من المتسولين المزعومين بهدف الاستحواذ على التبرعات
التي يقدمها علية القوم ، والتي بدورها لا تخلو من تناقض ، حيث ترافقها
صنوف البهرجة والبذخ التي لو حولت مصاريفها للمحتاجين لأغنتهم الحاجة
أعجب عاجل بالفكرة ، ورأى أنه بالإمكان مغربتها لأن مضمونها ينطبق على
الواقع المغربي ، كما أنه ، وسيرا على نهج فرقة «مسرح الحي» ، التي تعتمد
على عناوين بالدارجة من كلمتين ، قريبة من المصطلحات السائدة وضع كعنوان
لها « شوف وحن «
كان اقتراح عاجل أن تكون» شوف وحن « المسرحية القادمة لفرقة «مسرح الحي»
والتي من شأنها أن تعيد إلى الفرقة بريقها ، لكن لم يقع اتفاق داخل الفرقة ،
بعد عدة جلسات تم خلالها مناقشة مختلف القضايا المتعلقة بآفاق عمل
المجموعة ، وقد برز خلال هذه الجلسات خلاف حول مسألة التسيير حيث اقترح
بعض الأعضاء أن تتكفل إدارة مستقلة بتسيير الفرقة .
عاجل كان يرى أن إيجاد جهة مستقلة تتكفل بالفرقة ، فكرة لا خلاف حولها ،
فحبذا ، كما يقول ، لو تم احتضان الفرقة من طرف مؤسسة معترف بها حتى لا
يحدث أي سوء ظن أو شكوك حول التسيير ، ويتفرغ أعضاء الفرقة للعمل المسرحي ن
لكن ذلك ليس من السهولة بمكان في ظل الوضع الحالي للمسرح والفن بشكل عام
ترك عاجل مشروع « شوف وحن « جانبا إلى حين ، وفي تلك الأثناء التي كان بصدد
البحث عن عمل يصلح للفرقة سيلتقي بأحمد الزناكي ، مؤلف مسرحية «المدير
الجديد» ومسرحية «شارب عقلو» ، وأخبره أنه ألف مسرحية جديدة بعنوان «
البرقية» وتتحدث عن عائلة تتوصل ببرقية من طرف معتقل في مخيمات تندوف دامت
غيبته حوالي 25 سنة ، لدرجة أن زوجته اعتقدت أنه توفي فتزوجت برجل آخر
وقيدت ابنها في اسم الزوج الجديد ، وهي مستوحاة من قصة واقعية
بعد قراءة المسرحية أعجبته ، خصوصا أن الفكرة جديدة ولم يسبق تناولها ،
وهكذا سيقوم عاجل بإخضاعها للمعالجة على شكل يليق بمسرح الحي وتوجهه التقني
الذي يعتمد على المكان والزمان المساير للعصر ، ففي الفصل الأول مثلا
وعوض الصالون ، كما تصور المؤلف ، استعمل عاجل قبوا مخصصا للعجين مع إضافة
الشخصيات التي تعمل بالقبو الطراح ، الخباز...أما في الفصل الثاني فاعتمد
على واجهة عصرية للمخبزة
فعندما سيعود الزوج ، بعد هذه السنوات الطويلة من الاختطاف ، سيجد أن الفرن
الشعبي الذي كان يملكه ، أصبح عبارة عن مخبزة عصرية لها واجهة براقة ،
المخبزة الذهبية، ويمر أمامها الترامواي ، وسيجد أيضا أن البيت المتواضع
الذي كان فوق الفرن أصبح عبارة عن عمارة من خمسة طوابق ، وأن زوجته تزوجت
الطراح الذي كان يشتغل عنده ، كما أن الابن الذي ترك عنده سنتين أصبح شابا
عمره 27 سنة ، ومن ناشطي حركة 20 فبراير، كل ذلك ضمن ديكور عصري بذل فيه
مجهود كبير لتقريب الصورة إلى المتفرج ، بما في ذلك أعداد كبيرة من الخبز،
الذي كانت أيضا جزءا من الديكور، لكنه جزء يجب اقتناؤه كل يوم وطازج ،
ويصبح غير قابل للاستعمال اليوم التالي وكان أعضاء الفرقة لا يعرفون ماذا
يصنعون بكل هذه الكمية من الخبز بعد نهاية العرض ، على عكس قطع الديكور
الأخرى
بعد هذه المعالجة التي أعطت للمسرحية مزيدا من التشويق والإثارة ، ارتأى
عاجل أن عنوان المسرحية من الأفضل تعديله ليصبح « القضية في البرقية « ،
كما قام باستشارة رجل قانون حول حكم الشرع في نازلة كهذه ، امرأة تزوجت
برجل آخر رغم أن زوجها الأول ما يزال على قيد الحياة ، وكان مستشاره في
هذه المسألة هو عبد الحق عاجل ، شقيقه المحامي بمدينة نيس الفرنسية ، كما
عقد عدة اجتماعات مع عدد من المحتجزين السابقين في مخيمات تندوف ، الذين
زودوه بمعلومات قيمة حول ظروف احتجازهم ومعاناتهم في جحيم تندوف ، مما أعطى
مصداقية للمسرحية
بذلت الفرقة جهودا لترويج المسرحية حتى تنال نصيبها من الدعاية ، على غرار
سابقاتها ، لكنها لم تتمكن سوى من تنظيم 12 عرضا ، بالإضافة إلى عرض خاص
لتصويره من طرف التلفزيون والذي اضطرت إلى إعادته بعد اكتشاف عيوب في الصوت
لم ينتبه إليها الفريق التقني التلفزي ، وهي تنتظر حاليا عرضها وحكم
الجمهور الواسع عليها . لكن عاجل يتأسف لأنه رغم المحاولات التي بذلتها
الفرقة لم تستطع إيجاد مؤسسة أو شركة تحتضن هذا العمل الذي ناقش قضية ذات
أبعاد وطنية ويساهم في الترويج له
فرقة مسرح الحي تستعد للموسم المسرحي القادم بمسرحية « باب الوزير» وهي من
تأليف منير باهي وإخراج إدريس الروخ ، وهي المرة الأولى التي يغيب فيها
عاجل عن الفرقة ، حيث أنه منهمك حاليا في إعداد مسرحية « صرخة شامة « ، وهي
من تأليف الصحافي والكاتب حسن نرايس ، والتي ينوي عاجل تقديمها في إطار
«مسرح الكاف» ، الفرقة التي أسسها منذ عدة سنوات وقدم من خلالها عدة أعمال
ذات نفس آخر وتوجه مغاير يلامس شريحة أخرى من الجمهور
إن الغاية من وراء التأكيد على «بشرية النبي»، في سياق الحديث عن الفعل
الجنسي، مع كل الاعتراضات التي حاولنا تسجيلها على بعض «رواة الأحاديث»،
فضلا عن تباين قراءة الفقهاء وتصنيفاتهم لبعض الروايات، ومن بينها تلك التي
لا تنطلي على العقل.. هو إظهار أن النبي (ص) كان يمشي في الأسواق، وكان
ابن البيئة التي أنجبته، وأنه لا يعتبر معصوما من الخطأ في شيء، إلا في
جانب تبليغ القرآن فقط، حسب الاعتراف القرآني « قل إنما أنا بشر يوحى
إليّ». أما في ما غير ذلك، فكان يحب النساء مثل غيره من رجال قبيلته الذين
كانوا لا يتمالكون أنفسهم كلما تعلق الأمر بملء الجراب وامتطاء الجياد وسل
السيوف للإغارة على مواطن الكلأ والماء، بسبب ما قلناه سابقا من سيادة
اقتصاد الصحراء (الندرة). كما كان يبكي ويكتئب ويمرض وتنتابه الحيرة
والغيرة، ويقع تحت سلطة الإغراء..
لقد كان النبي (ص) إذن- كما تبين الأحاديث، حتى التي يصنفها فقهاء السنة-
يخطئ كغيره من البشر. وهذا ما أكده غير ما مرة، وفي أكثر من حديث، بقوله:
«إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن من بعض وأحسب
أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار
فليأخذها أو ليتركها». وقد كان النبي (ص) يعمل أيضا بالقياس، حيث قال لابن
مسعود: «اقض بالكتاب والسنة فإن لم تجد فيهما اجتهد رأيك». وموقفه من معاذ
بن جبل معروف إذ سأله قبل أن يبعث به إلى اليمن:»بما تحكم؟ قال معاذ بكتاب
الله، قال فإن لم تجد، قال فبسنّة رسول الله، قال فإن لم تجد؟ قال اجتهد
رأيي، فقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله».
لقد عاش النبي (ص) حياة رجل فاعل ومنفعل، ولم يكن أبدا كتلة ضوئية سقطت من
السماء وحافظت على نورها إلى أن غادرت الحياة. كما تميزت أحكامه، في الكثير
من المواقف، بالمرونة، مما كان يقتضي تدخل الوحي لتعديل هذا القرار ونسخ
هذا الحكم وتصحيح هذا الخطأ، كما كان عرضة للزجر الرباني. لكن الغرب أن
غلاة المفسرين والفقهاء- حسب الباحثة سلوى الشرفي- ما زالوا «يعتمدون على
بعض أقوال الرسول وأفعاله حتى وإن كانت متناقضة بوضوح مع القرآن أو فيما
بينها، وينفون عنها الصفة البشرية ويصرون على أنها امتداد للوحي». وتضيف:
«إلى جانب الأحاديث البشرية، توجد شبهات حول رواة الأحاديث وعملية جمعها
وتدوينها. حتى أنه في عهد الخليفتين الأول والثاني منعت الرواية وأحرقت
صحفها وفرض عمر ابن الخطاب حظرا على أبي هريرة لإكثاره الرواية عن الرسول».
ويروى في مسلم (المقدمة): «لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث»،
وهناك نماذج عديدة من هؤلاء الرواة المجروحين الذين لا تنطبق عليهم صفة
الرّاوي الثقة، مما
يبرهن على وقوع انحرافات كثيرة في عملية تجميع الأحاديث وتدوينها. وهي عملية تمت بعد قرن أو أكثر من وفاة الرسول.
تقول الباحثة سلوى الشرفي: «لعبت التّناحرات السياسية دورا هاما في تفضيل
تدوين أحاديث على أخرى. فبين لحظة القول والفعل النبوييْن ولحظة التدوين
كانت الدول تتغير والفرق السياسية تتناحر وتتجادل وتبحث عن الحديث، أي
القانون، المناسب لتأكيد مقولاتها».
ولعل هذا ما يجعلنا نقول إن الفعل الجنسي، كما تم نقله عن النبي (ولو بلسان
زوجته عائشة)، مجرد طروس كثيرة نحتاج إلى النص الأصلي كي نصادق عليها.
وبسبب هذا النقص الحاصل، فهي تحتاج منا إلى وضعها تحت اختبارات العقل
والمنطق، بدل النظر إليها كحقائق مطلقة ينبغي الامتثال إليها ووضع كل ناكر
لها خارج دائرة الإسلام..
27-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
مسرح الكاف
لم ترحم وسائل الإعلام «مسرح
الحي» ، ووصف بمختلف النعوت التي كانت تحط من قيمة ما قدمه من مسرحيات ،
رغم أن أغلبها لقي نجاحا كبيرا ، وكان من جملة هذه الانتقادات أنه مسرح
تجاري محض ، وأنه مسرح الجمهور الواسع الذي يؤمن بشعار « الجمهور عاوز كده
« ، وأنه كذلك مسرح لا يهمه سوى الشباك والمداخيل ، بغض النظر عن معيار
الجودة والمستوي الفني
كان ذلك في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي ، في الوقت الذي كانت
مسرحيات الفرقة تحقق أرقاما غير مسبوقة ، سواء من حيث عدد العروض أو
الجمهور الذي كان يحضرها ، وقد طال هذا الهجوم مختلف أعضاء المجموعة ، وعلى
رأسهم عبد الإله عاجل ، الذي أحس بالألم من جراء ذلك ، لكن الألم الذي
شعرت به زوجته نجوم الزوهرة كان أشد ، فقد كان هذا الهجوم برأيها غير عادل ،
لأن المسرحيات التي كانت تقدمها الفرقة لم تكن من تلك النوعية التي يمكن
أن يطلق عليها مسرحيات «الضحك من أجل الضحك» ، بالإضافة إلى أنها كانت أكثر
من يعرف إمكانيات زوجها وقدراته ، ألم يقدما معا مسرحية « الزهرة بنت
البرنوصي « التي حظيت بإعجاب وتنويه مختلف المهتمين ؟
عبرت عن مكنون مشاعرها لزوجها ، وسألته إلى متى سيظل صامتا أمام هذا الهجوم
؟ وعندما سألها بدوره عن ماذا تريد منه أن يفعل ، اقترحت عليه الخروج إلى
وسائل الإعلام والدفاع عن نفسه وعن أعماله ، لكنه لم يشاطرها هذا الرأي ،
وكان قراره ، الذي لم يكن وليد اللحظة وإنما نتيجة تفكير طويل كان ينتظر
الفرصة ليعبر عنه ، أن جوابه سيكون على أرض الميدان ، الخشبة
والحقيقة فقد كان عاجل يفكر في مشروع آخر ، بالموازاة مع عمله داخل فرقة
مسرح الحي ، مشروع يعتبره بشكل أو بآخر امتدادا لتجاربه الأولى في مسرح
الهواة ، ولكن بشكل احترافي وبمضمون أكثر عمقا وتطورا ، يلبي نزوعه الفطري
إلى التجريب واقتحام عوالم جديدة
كانت الفكرة تتلخص في تأسيس فرقة مسرحية جديدة تستجيب لهذه التطلعات ،
وهكذا سيعقد اجتماعا مع محمد الدرهم في منزل هذا الأخير، بحضور حسن النفالي
ونجوم الزوهرة ، انتهى بالاتفاق على تأسيس جمعية مسرحية أطلقوا عليها اسم «
مسرح الكاف « وكان الدرهم هو صاحب هذا الاقتراح ، في إحالة على ما يعنيه
حرف الكاف من تشبيه وخلق...
بعد تأسيس الفرقة ، سيحين وقت العمل ، في الواقع كان عند عاجل نص مسرحي
جاهز للكاتب المسرحي ، وصديقه القديم ، سعد الله عبد المجيد مؤلف مسرحية «
الزهرة بنت البرنوصي « وكان النص المسرحي يحمل عنوان « قال قلتو « . عاجل
وكعادته عندما يكون بين يديه نص مسرحي أعجب به ، كان يصبح مهووسا به ، بل
ويلبسه لبوسا ، فكرة ، شخصيات ومشاهد ، وقد ارتأى أن يغير عنوانه إلى «
بوتليس «
كان عاجل في أحد المقاهي مع بعض أصدقائه يناقش النص المسرحي ، وأخبرهم أنه
قرر تغيير عنوانه إلى « بوتليس « ، سمع النادل ، الذي كان قريبا ، ما قاله
عاجل فسأله : هل تعرف ما معنى « بوتليس» ؟ قال له عاجل من الأفضل أن تخبرني
أنت ، فأوضح له النادل أنه ذلك القضيب الذي يستعمله تجار الحبوب لإحداث
ثقب في الكيس واستخراج بضع حبات لمعاينة نوعية الحبوب وجودتها ، لكن أحد
الزبائن خالفه في ذلك قائلا ، إن بوتليس مرض يصيب الدجاج ، فانبرى لهما آخر
معترضا على ما قالاه ، ثم رابع ... قبل أن يقاطعهم عاجل واضعا حدا لهذا
الجدل ليوضح للجميع أن « بوتليس « تعني في المسرحية صاحب التليس ، وصاحب
التليس هو إبليس ، والتليس يوجد في مثلث بيرمودا أي عرش الشيطان كما تقول
الأسطورة
في المسرحية يجسد « سدو» شخصية « تليس : إبليس « الذي سيقتل أخاه الفلاح
الفقير « عسو» فتهرب زوجة هذا الأخير « شميسة « إلى الجبل خوفا من جنود «
سدو» الذين يتكونون من الجن والإنس والحيوان ، مستعملا السحر في ذلك ، إلى
أن تلد ابنها « السعد الطالع» وتظل هناك مختبئة 25 سنة ، بعد أن شب عود
ابنها ويعود ليقتل « سدو» وينتقم لوالده
النص المسرحي الذي كتبه سعد الله عبد المجيد استوحاه بحبكة متميزة من
أسطورة «إيزيس وأوزيريس « وقد تمكن بذكاء من توظيف تجربة مسرح البساط ،
الذي يتكون من ثلاث شخصيات ، الشاط ، البوهو والمداح ، وقد ظهر هذا النوع
من المسرح في القرن 17 الميلادي في عهد السلطان محمد بن عبد الله ، والذي
كان يجمع ما بين البلاط والشارع ، فكل ما يقع في الشارع يعرض في البلاط ،
وكل ما يقع في البلاط يعرض في الشارع ، إلى أن تم منعه نهائيا ، بعد توالي
شكاوى بعض رجال الدين المتزمتين ، لأنه في الواقع كان يقوم بفضحهم ، وذلك
في سنة 1929
شاركت المسرحية في المهرجان الوطني الأول للمسرح الاحترافي ، سنة 1998
بمكناس ، وقد تقرر أن تعرض في افتتاح المهرجان ، ولأنه كان المهرجان الأول
، فقد كانت القاعة التي ستقدم بها العروض ، سينما الريف ، لا تصلح بثانا
لعرض مسرحي، وعندما عاينها عاجل أصيب بالذهول ، لقد كان يجب تحويل القاعة
إلى خشبة للمسرح ، وقد أخبره أحد المنظمين أنهم بدورهم فوجئوا بالمشكلة ،
لكنها أخطاء البداية وعليه أن يتصرف . هكذا وجد عاجل نفسه مجبرا على إعداد
القاعة لعرض مسرحيته وكذا باقي المسرحيات ، واضطر لشراء كل الأدوات التي
يحتاجها ذلك ، من ثوب وحبال ...وأن يعمل بيديه بمساعدة نجل الطيب الصديقي،
الزوبير ، لساعات طويلة ومرهقة ، وسط الغبار الخانق ، في نفس اليوم الذي
سيعرض فيه مسرحيته ، مع ما يتطلبه ذلك أيضا من جهد بدني وذهني ، وعندما
انتهت المسرحية أصيب بغيبوبة . زوجته ، التي كانت ترتعد خوفا على مصير
زوجها ، وباقي المنظمين مع رئيس الجماعة آنذاك الطيب بن الشيخ ، لم يتمكنوا
من إسعافه إلا بصعوبة
فازت المسرحية بثلاث جوائز ، جائزة أحسن نص لسعد الله عبد المجيد ، جائزة
أحسن إخراج لعبد الإله عاجل ، مناصفة مع محمد بلهيسي ، وجائزة أحسن تشخيص
لمحمد الدرهم ، وهي الجائزة التي رشح إليها أيضا كل من عبد الغني الصناك
ونجوم الزوهرة
كان ذلك نجاحا باهرا ، وكان بالنسبة لعاجل اعترافا من أعلى مستوى مسرحي
وطني بمقدرته وتوجهه الحقيقي ، خصوصا أن لجنة التحكيم كانت تضم خيرة رجالات
المسرح والفن عموما ، برئاسة الطيب الصديقي وعضوية محمد قاوتي ، فريدة
بورقية ، محمد بهجاجي ، خالد بنيوب... وقد اعتبر عاجل هذا التتويج جوابا
على الهجوم الذي تعرض إليه في مسرح الحي
ما أثلج صدره بالخصوص ، بقول عاجل ، شهادة في حقه للدكتور حسن المنيعي ،
حيث قال في قاعة العرض إن عاجل استطاع أن يظهر عمق مسرح البساط وتفوق بدرجة
امتياز على بساط الصديقي ، وهي شهادة اعتبرها عاجل تفوق قيمتها جائزة
أحسن إخراج ، خصوصا أن الدكتور حسن المنيعي قالها في غياب عاجل ، الذي كان
آنذاك مغمى عليه في الكواليس
كانت تلك تجربة ثرية ، وقد اعتبر عاجل ، وغيره من المسرحيين ، أن إقامة
مهرجان وطني مكسب للمسرح المغربي ، لكنه لا يخفي أسفه عما آلت إليه الأوضاع
بعد توالي الدورات ، ففي السابق كان المشاركون يتابعون أطوار المهرجان
بكامله ، مع ما يعني ذلك من مشاهدة جميع العروض المشاركة ، واللقاء مع
المسرحيين ، وتبادل الآراء والتجارب ، لكن في السنوات الأخيرة ، أصبحت
الجهات المنظمة لا تمكن الفرق المشاركة من متابعة المهرجان طيلة أيام
انعقاده ، بل فقط لمدة ثلاثة أيام ، يوم قبل عرض مسرحيتها ، يوم عرضها ،
وفي الغد يطلبون من أعضائها المغادرة ، تحت مبررات واهية وغير مقنعة ، وهو
ما يدفع عاجل للتساؤل ، كيف سيمكننا نحن كمسرحيين أن نعرف أن النتائج التي
أعلنتها لجنة التحكيم منصفة ونحن لم نشاهد جميع العروض ؟ ومتى وأين سنلتقي
كمسرحيين ونغني بعضنا البعض إذا لم يكن ذلك خلال مهرجاننا الوطني ؟
أكثر من ذلك ، يواصل عاجل ، ماذا تفيد جوائز المهرجان الوطني إذا لم تكن
تفتح الباب أمام الفائزين لتمثيل المغرب في مهرجانات عربية ، ولماذا نفاجأ
بأن المسرحيات التي تمثل بلادنا في هذه المهرجانات لم تحصل على أية جائزة
في المهرجان الوطني ، بل لم تشارك أصلا ؟ أسئلة تنتظر الوزارة الوصية لتجيب
عنها
كلفت المسرحية الفرقة الوليدة حوالي 26 مليون سنتيم ، ولم تتلقى من الدعم
سوى 9 ملايين ، كما أن ا لعروض التي قدمتها لم تتجاوز السبعة ، حيث تزامنت
مع وفاة الملك الراحل الحسن الثاني ، وبالتالي لم تغطي العروض مصاريف
الإنتاج ، لكن ذلك لم يثبط من عزيمة عاجل ، الذي واصل ومازال ، مغامرته في
«مسرح الكاف» مقدما مسرحيات لا تقل أهمية عن «بوتليس»
28-08-2012
لم ترحم وسائل الإعلام «مسرح
الحي» ، ووصف بمختلف النعوت التي كانت تحط من قيمة ما قدمه من مسرحيات ،
رغم أن أغلبها لقي نجاحا كبيرا ، وكان من جملة هذه الانتقادات أنه مسرح
تجاري محض ، وأنه مسرح الجمهور الواسع الذي يؤمن بشعار « الجمهور عاوز كده
« ، وأنه كذلك مسرح لا يهمه سوى الشباك والمداخيل ، بغض النظر عن معيار
الجودة والمستوي الفني
كان ذلك في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي ، في الوقت الذي كانت
مسرحيات الفرقة تحقق أرقاما غير مسبوقة ، سواء من حيث عدد العروض أو
الجمهور الذي كان يحضرها ، وقد طال هذا الهجوم مختلف أعضاء المجموعة ، وعلى
رأسهم عبد الإله عاجل ، الذي أحس بالألم من جراء ذلك ، لكن الألم الذي
شعرت به زوجته نجوم الزوهرة كان أشد ، فقد كان هذا الهجوم برأيها غير عادل ،
لأن المسرحيات التي كانت تقدمها الفرقة لم تكن من تلك النوعية التي يمكن
أن يطلق عليها مسرحيات «الضحك من أجل الضحك» ، بالإضافة إلى أنها كانت أكثر
من يعرف إمكانيات زوجها وقدراته ، ألم يقدما معا مسرحية « الزهرة بنت
البرنوصي « التي حظيت بإعجاب وتنويه مختلف المهتمين ؟
عبرت عن مكنون مشاعرها لزوجها ، وسألته إلى متى سيظل صامتا أمام هذا الهجوم
؟ وعندما سألها بدوره عن ماذا تريد منه أن يفعل ، اقترحت عليه الخروج إلى
وسائل الإعلام والدفاع عن نفسه وعن أعماله ، لكنه لم يشاطرها هذا الرأي ،
وكان قراره ، الذي لم يكن وليد اللحظة وإنما نتيجة تفكير طويل كان ينتظر
الفرصة ليعبر عنه ، أن جوابه سيكون على أرض الميدان ، الخشبة
والحقيقة فقد كان عاجل يفكر في مشروع آخر ، بالموازاة مع عمله داخل فرقة
مسرح الحي ، مشروع يعتبره بشكل أو بآخر امتدادا لتجاربه الأولى في مسرح
الهواة ، ولكن بشكل احترافي وبمضمون أكثر عمقا وتطورا ، يلبي نزوعه الفطري
إلى التجريب واقتحام عوالم جديدة
كانت الفكرة تتلخص في تأسيس فرقة مسرحية جديدة تستجيب لهذه التطلعات ،
وهكذا سيعقد اجتماعا مع محمد الدرهم في منزل هذا الأخير، بحضور حسن النفالي
ونجوم الزوهرة ، انتهى بالاتفاق على تأسيس جمعية مسرحية أطلقوا عليها اسم «
مسرح الكاف « وكان الدرهم هو صاحب هذا الاقتراح ، في إحالة على ما يعنيه
حرف الكاف من تشبيه وخلق...
بعد تأسيس الفرقة ، سيحين وقت العمل ، في الواقع كان عند عاجل نص مسرحي
جاهز للكاتب المسرحي ، وصديقه القديم ، سعد الله عبد المجيد مؤلف مسرحية «
الزهرة بنت البرنوصي « وكان النص المسرحي يحمل عنوان « قال قلتو « . عاجل
وكعادته عندما يكون بين يديه نص مسرحي أعجب به ، كان يصبح مهووسا به ، بل
ويلبسه لبوسا ، فكرة ، شخصيات ومشاهد ، وقد ارتأى أن يغير عنوانه إلى «
بوتليس «
كان عاجل في أحد المقاهي مع بعض أصدقائه يناقش النص المسرحي ، وأخبرهم أنه
قرر تغيير عنوانه إلى « بوتليس « ، سمع النادل ، الذي كان قريبا ، ما قاله
عاجل فسأله : هل تعرف ما معنى « بوتليس» ؟ قال له عاجل من الأفضل أن تخبرني
أنت ، فأوضح له النادل أنه ذلك القضيب الذي يستعمله تجار الحبوب لإحداث
ثقب في الكيس واستخراج بضع حبات لمعاينة نوعية الحبوب وجودتها ، لكن أحد
الزبائن خالفه في ذلك قائلا ، إن بوتليس مرض يصيب الدجاج ، فانبرى لهما آخر
معترضا على ما قالاه ، ثم رابع ... قبل أن يقاطعهم عاجل واضعا حدا لهذا
الجدل ليوضح للجميع أن « بوتليس « تعني في المسرحية صاحب التليس ، وصاحب
التليس هو إبليس ، والتليس يوجد في مثلث بيرمودا أي عرش الشيطان كما تقول
الأسطورة
في المسرحية يجسد « سدو» شخصية « تليس : إبليس « الذي سيقتل أخاه الفلاح
الفقير « عسو» فتهرب زوجة هذا الأخير « شميسة « إلى الجبل خوفا من جنود «
سدو» الذين يتكونون من الجن والإنس والحيوان ، مستعملا السحر في ذلك ، إلى
أن تلد ابنها « السعد الطالع» وتظل هناك مختبئة 25 سنة ، بعد أن شب عود
ابنها ويعود ليقتل « سدو» وينتقم لوالده
النص المسرحي الذي كتبه سعد الله عبد المجيد استوحاه بحبكة متميزة من
أسطورة «إيزيس وأوزيريس « وقد تمكن بذكاء من توظيف تجربة مسرح البساط ،
الذي يتكون من ثلاث شخصيات ، الشاط ، البوهو والمداح ، وقد ظهر هذا النوع
من المسرح في القرن 17 الميلادي في عهد السلطان محمد بن عبد الله ، والذي
كان يجمع ما بين البلاط والشارع ، فكل ما يقع في الشارع يعرض في البلاط ،
وكل ما يقع في البلاط يعرض في الشارع ، إلى أن تم منعه نهائيا ، بعد توالي
شكاوى بعض رجال الدين المتزمتين ، لأنه في الواقع كان يقوم بفضحهم ، وذلك
في سنة 1929
شاركت المسرحية في المهرجان الوطني الأول للمسرح الاحترافي ، سنة 1998
بمكناس ، وقد تقرر أن تعرض في افتتاح المهرجان ، ولأنه كان المهرجان الأول
، فقد كانت القاعة التي ستقدم بها العروض ، سينما الريف ، لا تصلح بثانا
لعرض مسرحي، وعندما عاينها عاجل أصيب بالذهول ، لقد كان يجب تحويل القاعة
إلى خشبة للمسرح ، وقد أخبره أحد المنظمين أنهم بدورهم فوجئوا بالمشكلة ،
لكنها أخطاء البداية وعليه أن يتصرف . هكذا وجد عاجل نفسه مجبرا على إعداد
القاعة لعرض مسرحيته وكذا باقي المسرحيات ، واضطر لشراء كل الأدوات التي
يحتاجها ذلك ، من ثوب وحبال ...وأن يعمل بيديه بمساعدة نجل الطيب الصديقي،
الزوبير ، لساعات طويلة ومرهقة ، وسط الغبار الخانق ، في نفس اليوم الذي
سيعرض فيه مسرحيته ، مع ما يتطلبه ذلك أيضا من جهد بدني وذهني ، وعندما
انتهت المسرحية أصيب بغيبوبة . زوجته ، التي كانت ترتعد خوفا على مصير
زوجها ، وباقي المنظمين مع رئيس الجماعة آنذاك الطيب بن الشيخ ، لم يتمكنوا
من إسعافه إلا بصعوبة
فازت المسرحية بثلاث جوائز ، جائزة أحسن نص لسعد الله عبد المجيد ، جائزة
أحسن إخراج لعبد الإله عاجل ، مناصفة مع محمد بلهيسي ، وجائزة أحسن تشخيص
لمحمد الدرهم ، وهي الجائزة التي رشح إليها أيضا كل من عبد الغني الصناك
ونجوم الزوهرة
كان ذلك نجاحا باهرا ، وكان بالنسبة لعاجل اعترافا من أعلى مستوى مسرحي
وطني بمقدرته وتوجهه الحقيقي ، خصوصا أن لجنة التحكيم كانت تضم خيرة رجالات
المسرح والفن عموما ، برئاسة الطيب الصديقي وعضوية محمد قاوتي ، فريدة
بورقية ، محمد بهجاجي ، خالد بنيوب... وقد اعتبر عاجل هذا التتويج جوابا
على الهجوم الذي تعرض إليه في مسرح الحي
ما أثلج صدره بالخصوص ، بقول عاجل ، شهادة في حقه للدكتور حسن المنيعي ،
حيث قال في قاعة العرض إن عاجل استطاع أن يظهر عمق مسرح البساط وتفوق بدرجة
امتياز على بساط الصديقي ، وهي شهادة اعتبرها عاجل تفوق قيمتها جائزة
أحسن إخراج ، خصوصا أن الدكتور حسن المنيعي قالها في غياب عاجل ، الذي كان
آنذاك مغمى عليه في الكواليس
كانت تلك تجربة ثرية ، وقد اعتبر عاجل ، وغيره من المسرحيين ، أن إقامة
مهرجان وطني مكسب للمسرح المغربي ، لكنه لا يخفي أسفه عما آلت إليه الأوضاع
بعد توالي الدورات ، ففي السابق كان المشاركون يتابعون أطوار المهرجان
بكامله ، مع ما يعني ذلك من مشاهدة جميع العروض المشاركة ، واللقاء مع
المسرحيين ، وتبادل الآراء والتجارب ، لكن في السنوات الأخيرة ، أصبحت
الجهات المنظمة لا تمكن الفرق المشاركة من متابعة المهرجان طيلة أيام
انعقاده ، بل فقط لمدة ثلاثة أيام ، يوم قبل عرض مسرحيتها ، يوم عرضها ،
وفي الغد يطلبون من أعضائها المغادرة ، تحت مبررات واهية وغير مقنعة ، وهو
ما يدفع عاجل للتساؤل ، كيف سيمكننا نحن كمسرحيين أن نعرف أن النتائج التي
أعلنتها لجنة التحكيم منصفة ونحن لم نشاهد جميع العروض ؟ ومتى وأين سنلتقي
كمسرحيين ونغني بعضنا البعض إذا لم يكن ذلك خلال مهرجاننا الوطني ؟
أكثر من ذلك ، يواصل عاجل ، ماذا تفيد جوائز المهرجان الوطني إذا لم تكن
تفتح الباب أمام الفائزين لتمثيل المغرب في مهرجانات عربية ، ولماذا نفاجأ
بأن المسرحيات التي تمثل بلادنا في هذه المهرجانات لم تحصل على أية جائزة
في المهرجان الوطني ، بل لم تشارك أصلا ؟ أسئلة تنتظر الوزارة الوصية لتجيب
عنها
كلفت المسرحية الفرقة الوليدة حوالي 26 مليون سنتيم ، ولم تتلقى من الدعم
سوى 9 ملايين ، كما أن ا لعروض التي قدمتها لم تتجاوز السبعة ، حيث تزامنت
مع وفاة الملك الراحل الحسن الثاني ، وبالتالي لم تغطي العروض مصاريف
الإنتاج ، لكن ذلك لم يثبط من عزيمة عاجل ، الذي واصل ومازال ، مغامرته في
«مسرح الكاف» مقدما مسرحيات لا تقل أهمية عن «بوتليس»
28-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
المسرحية التي حصدت جوائز المهرجان
في قديم الزمان ، وفي إحدى قرى الأطلس ، كانت هناك فتاة جميلة تدعى « تيسليت « وقع في حبها شاب يسمى « إيسلي « ينتمي إلى قبيلة أخرى معادية لقبيلة الشابة ، وبسبب قصة الحب هذه ازدادت العداوة بين القبيلتين ونشأت بينهما حربا طاحنة ، مما أدى بالحبيبين إلى فرار كل واحد منهما إلى جبل ، والجبلان متقابلين ، فظلت هي تبكي ، وهو كذلك ، بدموع غزيرة كانت هي منشأ «واد إيسلان» ، التي تعني العروسان ، وهو الواد الذي أصبح لاحقا قبلة العشاق بالمنطقة إلى يومنا هذا خوصا خلال موسم الخطوبة بإميلشيل
هذه الأسطورة ألهمت الكاتب المسرحي سعد الله عبد المجيد الذي ألف مسرحية تحت عنوان « تيسليت « والتي سيخرجها سنة 2003 عبد الإله عاجل كثاني مسرحية له ضمن «مسرح الكاف» بعد مسرحية «بوتليس» كما تمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة السابقة
كان النص المسرحي الذي سلمه عبد المجيد سعد الله إلى عاجل مكتوبا بخط اليد ، ماتزال النسخة موجودة إلى حدود الآن ، حوالي 160 صفحة ، وبين كل مشهد وآخر لوحات مرسومة تبلغ جميعها حوالي 10 صفحات بالإضافة إلى ملخص للمسرحية
كانت الإشكالية التي واجهت عاجل خلال إخراجه لمسرحية « تيسليت « تتجلى في أن المشاهد عبارة عن لوحات تتغير بسرعة وفي رمشة ، ولإيجاد حل تقني لذلك سيلجأ إلى تقنية خيال الظل الملون التي تعتمد في تطبيقها على قوانين فيزيائية وكيميائية على شاكلة ديكور مكمل لخلفية الصورة يمتد من 11 إلى 90 درجة
وضع عاجل ملف المسرحية لدى لجنة الدعم التي وافقت على ذلك ، لكن أعضاء اللجنة واجهتهم مشكلة في تحديد مبلغ الدعم الضروري للمسرحية ، فاتصل أحمد الصعري ، عضو اللجنة المكلف بالاتصال بالفرق المسرحية ، بعبد الإله عاجل ووضح له أن التقنية التي يريد استعمالها في ديكور المسرحية ، تقنية جديدة ولم يسبق لأعضاء اللجنة أن تعاملوا معها ، ولذلك فهم بحاجة إلى توضيحات أخرى مفصلة تتضمن أيضا التكلفة المادية للأدوات التي سيتم استعمالها .
قدم عاجل لأعضاء اللجنة ما طلبوا منه لتحظى المسرحية بدعم وصل إلى 11 مليون سنتيم ، أكثر من الدعم الذي حصلت عليه مسرحية بوتليس الذي وصل حينها إلى 9 ملايين سنتيم
خلال العرض الاول للمسرحية ، الذي تم في مركب مولاي رشيد بالدار البيضاء ، حضرت لجنة الدعم التي كانت مكونة من أحمد الصعري ، عبد اللطيف هلال ، حسن النفالي وعبد الرزاق البدوي ، واستغلت الفرصة لمعاينة هذا الديكور، الذي رغم تعقده إلا أنه ديكورا صغير الحجم يسهل نقله وهو ما أثار إعجابهم
شارك في المسرحية إلى جانب عبد الإله عاجل كل من عبد اللطيف الخمولي ، الزوهرة نجوم ، حنان الإبراهيمي وسعيد لهليل
استمرت التداريب حوالي ثلاثة أشهر، وقد كان على الممثلين خلال المسرحية ضبط تحركاتهم بشكل آلي لتشبه تحركات الدمى ، وهكذا سيطلب عاجل من سعيد لهليل مثلا أن يضع جبيرة حول عنقه لتساعده على التعود على حركة الدمية ، كانت الملابس والماكياج الذي تم استعماله في هذه المسرحية يشبه نوعا من المسرح معروف في اليابان باسم مسرح الكابوكي ، حيث يشخص الرجل دور المرأة باللجوء إلى الماكياج ، ويمكن لممثل واحد أن يؤدي سبعة أدوار ، الشيء الذي جعل سعيد لهليل يقترح أن يسمى نظيره في المغرب مسرح التقنزيز ، بعد مرحلة التداريب حصل الانسجام اللازم بين الممثلين وحان موعد بدء العروض
بدأ الاستعداد للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، الذي كان آنذاك قد وصل إلى دورته الخامسة ، يوم السفر ، وكان ذلك حوالي الثامنة صباحا ، انطلاقا من المركب الثقافي مولاي رشيد بالدار البيضاء ، تم إحضار سيارة نصف شحن ، «صطافيط» لنقل الديكور ، تأكد عاجل من إتمام المهمة بنجاح ، وتوجهت الفرقة إلى العاصمة الإسماعيلية ، ليبدأوا مباشرة في وضع اللمسات الأولية فإذا بهم يفاجأوا بعدم وجود خمس بذل خاصة بالدور الذي ستؤديه الزوهرة نجوم ، رغم أن عاجل متأكد أنهم حملوها من قاعة الملابس بالمركب الثقافي ووضعوها في السيارة ، ليبقى التفسير الوحيد لعدم وصولها إلى مكناس هوأن يدا امتدت إليها ذلك الصباح ، يد تريد أن تعرقل عرض المسرحية وتحرمها من النجاح الذي تسعى إليه
أصاب ذلك الزوهرة نجوم بانهيار وأصبحت تبكي بشكل هستيري ، فهي لن تستطيع أن تصعد إلى الخشبة بدون الملابس الخاصة بالدور، والمسرحية لا يمكن أن تعرض بدونها ، عاجل حاول إيجاد حل وبسرعة فقام الاتصال بأخيه محمد لكن الهاتف الخلوي كان يخبره أن رصيده لا يسمح بإجراء مكالمة ، وهو شيء غير منطقي فالليلة الماضية عبأه ب200 درهم ، وتحت وطأة الغضب رمى الهاتف بقوة فانشطر إلى ثلاثة أجزاء ، لكنه لم يصب بعطب لأنه رماه فوق موكيط ، بعد أن هدأت أعصابه أعاد تركيب الهاتف فكانت المفاجأة أنه اشتغل فاتصل بأخيه وطلب منه أن يذهب مباشرة إلى المركب الثقافي ويتصل بالحارس ويبحث عن ملابس الزوهرة .. أخبره محمد أن سيارته أصيبت بعطب فطلب منه أن يتصل بأخيهما الآخر عبد الحق ويذهبان بسيارة هذا الأخيرن وعندما يجدان الملابس يتوجهان مباشرة إلى مكناس ، شريطة أن يتكفل محمد بالسياقة لأن عبد الحق ، الذي يعيش بفرنسا ، لن يسوق بسرعة تكفي لكي يصلا في الوقت المناسب إلى العاصمة الإسماعيلية ، والوقت كان شيئا ثمينا آنذاك
عثر الأخوان على الثياب مرمية في الدرج ، وهو ما زاد عاجل اقتناعا بأن ذلك من فعل فاعل ، فلو كانوا نسوها لظلت في مستودع الملابس ، وفعلا توجها إلى مكناس التي وصلوها حوالي الرابعة والنصف بعد الزوال ، أي قبل نصف ساعة من بداية العرض ، الزوهرة ، التي رفضت وضع الماكياج قبل حضور الملابس ، تنفست عندها الصعداء وعادت الطمأنينة ومعها الحيوية إلى باقي أعضاء الفرقة
حظيت المسرحية باستقبال كبير ونالت إعجاب المشاهدين ، ومن مجموع جوائز المهرجان السبعة حصلت « تيسليت» على أربعة جوائز، وهي جائزة أحسن نص مسرحي التي فاز بها الكاتب سعد الله عبد المجيد ، جائزة أحسن إخراج التي فاز بها عبد الإله عاجل ، جائزة الأمل التي فازت بها حنان الإبراهيمي ثم الجائزة الكبرى لأحسن عرض متكامل ، كما حظيت بتغطية إعلامية مهمة وكان عنوان إحدى الجرائد التي كتبت عنها « المسرحية التي حصدت جوائز المهرجان»، ومن ضمن أعضاء لجنة التحكيم الذين منحوا المسرحية كل هذه الجوائز، الراحل محمد سكري ، الذي أعجب بهذا العمل أيما إعجاب ، وعبر عن ذلك لعدد كبير من أصدقائه وزملائه خلال وبعد نهاية المهرجان
وقد عرضت المسرحية أزيد من 25 مرة ، وحظيت جميعها بإعجاب المشاهدين.
29-08-2012
في قديم الزمان ، وفي إحدى قرى الأطلس ، كانت هناك فتاة جميلة تدعى « تيسليت « وقع في حبها شاب يسمى « إيسلي « ينتمي إلى قبيلة أخرى معادية لقبيلة الشابة ، وبسبب قصة الحب هذه ازدادت العداوة بين القبيلتين ونشأت بينهما حربا طاحنة ، مما أدى بالحبيبين إلى فرار كل واحد منهما إلى جبل ، والجبلان متقابلين ، فظلت هي تبكي ، وهو كذلك ، بدموع غزيرة كانت هي منشأ «واد إيسلان» ، التي تعني العروسان ، وهو الواد الذي أصبح لاحقا قبلة العشاق بالمنطقة إلى يومنا هذا خوصا خلال موسم الخطوبة بإميلشيل
هذه الأسطورة ألهمت الكاتب المسرحي سعد الله عبد المجيد الذي ألف مسرحية تحت عنوان « تيسليت « والتي سيخرجها سنة 2003 عبد الإله عاجل كثاني مسرحية له ضمن «مسرح الكاف» بعد مسرحية «بوتليس» كما تمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة السابقة
كان النص المسرحي الذي سلمه عبد المجيد سعد الله إلى عاجل مكتوبا بخط اليد ، ماتزال النسخة موجودة إلى حدود الآن ، حوالي 160 صفحة ، وبين كل مشهد وآخر لوحات مرسومة تبلغ جميعها حوالي 10 صفحات بالإضافة إلى ملخص للمسرحية
كانت الإشكالية التي واجهت عاجل خلال إخراجه لمسرحية « تيسليت « تتجلى في أن المشاهد عبارة عن لوحات تتغير بسرعة وفي رمشة ، ولإيجاد حل تقني لذلك سيلجأ إلى تقنية خيال الظل الملون التي تعتمد في تطبيقها على قوانين فيزيائية وكيميائية على شاكلة ديكور مكمل لخلفية الصورة يمتد من 11 إلى 90 درجة
وضع عاجل ملف المسرحية لدى لجنة الدعم التي وافقت على ذلك ، لكن أعضاء اللجنة واجهتهم مشكلة في تحديد مبلغ الدعم الضروري للمسرحية ، فاتصل أحمد الصعري ، عضو اللجنة المكلف بالاتصال بالفرق المسرحية ، بعبد الإله عاجل ووضح له أن التقنية التي يريد استعمالها في ديكور المسرحية ، تقنية جديدة ولم يسبق لأعضاء اللجنة أن تعاملوا معها ، ولذلك فهم بحاجة إلى توضيحات أخرى مفصلة تتضمن أيضا التكلفة المادية للأدوات التي سيتم استعمالها .
قدم عاجل لأعضاء اللجنة ما طلبوا منه لتحظى المسرحية بدعم وصل إلى 11 مليون سنتيم ، أكثر من الدعم الذي حصلت عليه مسرحية بوتليس الذي وصل حينها إلى 9 ملايين سنتيم
خلال العرض الاول للمسرحية ، الذي تم في مركب مولاي رشيد بالدار البيضاء ، حضرت لجنة الدعم التي كانت مكونة من أحمد الصعري ، عبد اللطيف هلال ، حسن النفالي وعبد الرزاق البدوي ، واستغلت الفرصة لمعاينة هذا الديكور، الذي رغم تعقده إلا أنه ديكورا صغير الحجم يسهل نقله وهو ما أثار إعجابهم
شارك في المسرحية إلى جانب عبد الإله عاجل كل من عبد اللطيف الخمولي ، الزوهرة نجوم ، حنان الإبراهيمي وسعيد لهليل
استمرت التداريب حوالي ثلاثة أشهر، وقد كان على الممثلين خلال المسرحية ضبط تحركاتهم بشكل آلي لتشبه تحركات الدمى ، وهكذا سيطلب عاجل من سعيد لهليل مثلا أن يضع جبيرة حول عنقه لتساعده على التعود على حركة الدمية ، كانت الملابس والماكياج الذي تم استعماله في هذه المسرحية يشبه نوعا من المسرح معروف في اليابان باسم مسرح الكابوكي ، حيث يشخص الرجل دور المرأة باللجوء إلى الماكياج ، ويمكن لممثل واحد أن يؤدي سبعة أدوار ، الشيء الذي جعل سعيد لهليل يقترح أن يسمى نظيره في المغرب مسرح التقنزيز ، بعد مرحلة التداريب حصل الانسجام اللازم بين الممثلين وحان موعد بدء العروض
بدأ الاستعداد للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، الذي كان آنذاك قد وصل إلى دورته الخامسة ، يوم السفر ، وكان ذلك حوالي الثامنة صباحا ، انطلاقا من المركب الثقافي مولاي رشيد بالدار البيضاء ، تم إحضار سيارة نصف شحن ، «صطافيط» لنقل الديكور ، تأكد عاجل من إتمام المهمة بنجاح ، وتوجهت الفرقة إلى العاصمة الإسماعيلية ، ليبدأوا مباشرة في وضع اللمسات الأولية فإذا بهم يفاجأوا بعدم وجود خمس بذل خاصة بالدور الذي ستؤديه الزوهرة نجوم ، رغم أن عاجل متأكد أنهم حملوها من قاعة الملابس بالمركب الثقافي ووضعوها في السيارة ، ليبقى التفسير الوحيد لعدم وصولها إلى مكناس هوأن يدا امتدت إليها ذلك الصباح ، يد تريد أن تعرقل عرض المسرحية وتحرمها من النجاح الذي تسعى إليه
أصاب ذلك الزوهرة نجوم بانهيار وأصبحت تبكي بشكل هستيري ، فهي لن تستطيع أن تصعد إلى الخشبة بدون الملابس الخاصة بالدور، والمسرحية لا يمكن أن تعرض بدونها ، عاجل حاول إيجاد حل وبسرعة فقام الاتصال بأخيه محمد لكن الهاتف الخلوي كان يخبره أن رصيده لا يسمح بإجراء مكالمة ، وهو شيء غير منطقي فالليلة الماضية عبأه ب200 درهم ، وتحت وطأة الغضب رمى الهاتف بقوة فانشطر إلى ثلاثة أجزاء ، لكنه لم يصب بعطب لأنه رماه فوق موكيط ، بعد أن هدأت أعصابه أعاد تركيب الهاتف فكانت المفاجأة أنه اشتغل فاتصل بأخيه وطلب منه أن يذهب مباشرة إلى المركب الثقافي ويتصل بالحارس ويبحث عن ملابس الزوهرة .. أخبره محمد أن سيارته أصيبت بعطب فطلب منه أن يتصل بأخيهما الآخر عبد الحق ويذهبان بسيارة هذا الأخيرن وعندما يجدان الملابس يتوجهان مباشرة إلى مكناس ، شريطة أن يتكفل محمد بالسياقة لأن عبد الحق ، الذي يعيش بفرنسا ، لن يسوق بسرعة تكفي لكي يصلا في الوقت المناسب إلى العاصمة الإسماعيلية ، والوقت كان شيئا ثمينا آنذاك
عثر الأخوان على الثياب مرمية في الدرج ، وهو ما زاد عاجل اقتناعا بأن ذلك من فعل فاعل ، فلو كانوا نسوها لظلت في مستودع الملابس ، وفعلا توجها إلى مكناس التي وصلوها حوالي الرابعة والنصف بعد الزوال ، أي قبل نصف ساعة من بداية العرض ، الزوهرة ، التي رفضت وضع الماكياج قبل حضور الملابس ، تنفست عندها الصعداء وعادت الطمأنينة ومعها الحيوية إلى باقي أعضاء الفرقة
حظيت المسرحية باستقبال كبير ونالت إعجاب المشاهدين ، ومن مجموع جوائز المهرجان السبعة حصلت « تيسليت» على أربعة جوائز، وهي جائزة أحسن نص مسرحي التي فاز بها الكاتب سعد الله عبد المجيد ، جائزة أحسن إخراج التي فاز بها عبد الإله عاجل ، جائزة الأمل التي فازت بها حنان الإبراهيمي ثم الجائزة الكبرى لأحسن عرض متكامل ، كما حظيت بتغطية إعلامية مهمة وكان عنوان إحدى الجرائد التي كتبت عنها « المسرحية التي حصدت جوائز المهرجان»، ومن ضمن أعضاء لجنة التحكيم الذين منحوا المسرحية كل هذه الجوائز، الراحل محمد سكري ، الذي أعجب بهذا العمل أيما إعجاب ، وعبر عن ذلك لعدد كبير من أصدقائه وزملائه خلال وبعد نهاية المهرجان
وقد عرضت المسرحية أزيد من 25 مرة ، وحظيت جميعها بإعجاب المشاهدين.
29-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
المسرحية التي حصدت جوائز المهرجان
في سنة 2004 توجه عاجل ، رفقة زوجته نجوم الزوهرة ، إلى مدينة مراكش لإعداد حلقة نموذجية من سلسلة كان قد كتبها واتفق مع شركة «ناسكم» لعبد الله فركوس أن تنتجها . كانت السلسلة تحمل عنوان « المعلم دندون « وهي باللغة العربية الفصحى ، أما الحلقة النموذجية التي تم تصويرها وقدمت إلى القناة الأولى فكانت بعنوان « من زبال إلى طبال « وقد شارك فيها إلى جانب عبد الإله عاجل ونجوم الزوهرة كلا من المرحوم عبد الرحيم بركاش ، محمد مفتاح ، مصطفى تاه تاه وعبد الله فركوس
كانت السلسلة ذات طابع كوميدي لكن إدارة القناة لم توافق عليها ولم تقدم أي تبرير لذلك ، وكان رأي فركوس أن الأمر قد يكون عائدا إلى أن السلسلة كانت ناطقة بالغربية الفصحى وليس العامية ، وهكذا أقبر المشروع
كانت الرحلة إلى مراكش فرصة بالنسبة إلى عاجل للقاء الزجال محمد شهرمان الذي أتحف الأغنية الشعبية المغربية بأغاني خالدة متل «الكلام المرصع « ، « العيون عيني « ...
وخلال الحديث الذي دار بين الاثنين سأل شهرمان عاجل حول إمكانية القيام بعمل مسرحي مشترك على أن يتولى شهرمان تأليفها ، أعجب عاجل بالاقتراح الذي نقله إلى عبد الله فركوس على أساس أن يكون عمل مشترك بين فرقة عاجل « مسرح الكاف « وفرقة فركوس « المسرح الشعبي» فركوس ، الذي كانت هناك فكرة تراوده منذ مدة ، تحمس للمشروع ، وكانت الفكرة تتمحورحول بائع للمناديل الورقية يتجول في الشوارع والمقاهي عارضا بضاعته قائلا : نظف قلبك ، نظف مخك ، نظف عينيك لترى جيدا ..
هكذا سيقضي عاجل أكثر من شهر في مراكش ، يعقد جلسات يومية مع محمد شهرمان الذي التقط الفكرة وانطلق في تأليف المسرحية
بعد ذلك عاد عاجل إلى برشيد حيث كان يقطن آنذاك ، وبعد أيام أرسل له شهرمان نص المسرحية ، وجد عاجل نفسه مضطرا لإعادة ترتيب مشاهد المسرحيات وقلص من عدد الشخصيات من 14 إلى 5 ، وكانت مسرحية تنتمي إلى صنف المسرح العبثي لكن بنكهة مغربية خالصة ، وقد اقترح عاجل في البداية أن تحمل عنوان « المقامة الشهرمانية « قبل أن يتم تحويله إلى « سي مشوار « أو» السيد منديل»
تتحدث المسرحية عن عائلة استثنائية بكل المقاييس ، تتكون من الأب ، بائع المناديل الأصم ، وزوجته العرجاء ، ولديهما ابنين ، الأول أعمى والثانية بكماء ، وكان الأب يبيع المناديل في الشارع مناديا « منديل أبيض شفاف ، رمز الأمن والأمان والسلم والسلام في هذا العالم « فتلاحقه دورية للشرطة اعتبرت أنه يوجه إلى الناس خطابا سياسيا ، ففر منها ليجد نفسه داخل قاعة للمسرح مملوءة عن آخرها في انتظار بداية العرض ، وهكذا بين مشهد وآخر، وفي قالب عبثي ساخر، نكتشف مآسي هذه العائلة الخارجة عن المألوف
حصلت المسرحية على دعم من وزارة الثقافة ، كما احتضنتها الوزارة المكلفة بالمعاقين آنذاك ، وقدمت في المغرب حوالي ثلاثين عرضا ، بالإضافة إلى عرض بهولاندا ، وذلك في مدينة روتردام ، وقد كان عرضا ناجحا حضره العديد من أبناء الجالية المغربية والمغاربية بهولاندا ، وعند نهاية العرض طلب المنظم ، وهوهولاندي ، من عاجل أن يمكث في هولاندا حوالي 4 أشهر ، في انتظار أن تتم ترجمة المسرحية إلى اللغة الفلامانية وتقدم بالمسارح الهولاندية بمشاركة ممثلين هولانديين ومغاربة ، لكن عاجل ، الذي أعجب بالفكرة ، اضطر للاعتذار لأنه كان ملتزما مع « مسرح الحي « الذي كان بصدد القيام بعدة جولات في المغرب
في أحد العروض بمدينة شيشاوة ، توجه عاجل رفقة باقي أعضاء المجموعة إلىهناك ، ومن حسن حظه أنه سيحل باكرا ، لأن أن القاعة التي كانت ستعرض بها المسرحية فسيحة لكنها لا تتوفر على خشبة ، طلب الكاتب العام للعمالة من عاجل تأجيل العرض إلى اليوم التالي لحل المشكل ، لكنه رفض معبرا عن استعداده لتجهيز خشبة صالحة للعرض ، شريطة أن تمكنه سلطات المدينة من الخشبات الموجودة في الشارع ، والتي تستعمل خلال الانتخابات والأعياد الوطنية ، وهكذا سيتم تقديم العرض في شرووط مقبولة ، بحضور جمهور غفير من أبناء المدينة
لم تشارك المسرحية في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، لأنها تخلفت عن الإقصائيات ، بسبب انقطاع عبد الله فركوس عن المجموعة لمدة شهرين ، كان خلالها يصور شريطا تلفزيونيا ، وهو ما حز في نفس عاجل ، الذي يؤكد أن المسرحية كانت ستحظى بالتكريم خلال هذا المهرجان
ولكن رغم ذلك يؤكد عاجل أن مسرحية « سي مشوار « من الأعمال التي تحظى بمكانة خاصة لديه ، فقد تمكن خلالها من تجريب أسلوب جديد في المسرح ، وزاده ذلك ثقة في النفس وعزم على مواصلة مغامرته المسرحية.
30-08-2012
في سنة 2004 توجه عاجل ، رفقة زوجته نجوم الزوهرة ، إلى مدينة مراكش لإعداد حلقة نموذجية من سلسلة كان قد كتبها واتفق مع شركة «ناسكم» لعبد الله فركوس أن تنتجها . كانت السلسلة تحمل عنوان « المعلم دندون « وهي باللغة العربية الفصحى ، أما الحلقة النموذجية التي تم تصويرها وقدمت إلى القناة الأولى فكانت بعنوان « من زبال إلى طبال « وقد شارك فيها إلى جانب عبد الإله عاجل ونجوم الزوهرة كلا من المرحوم عبد الرحيم بركاش ، محمد مفتاح ، مصطفى تاه تاه وعبد الله فركوس
كانت السلسلة ذات طابع كوميدي لكن إدارة القناة لم توافق عليها ولم تقدم أي تبرير لذلك ، وكان رأي فركوس أن الأمر قد يكون عائدا إلى أن السلسلة كانت ناطقة بالغربية الفصحى وليس العامية ، وهكذا أقبر المشروع
كانت الرحلة إلى مراكش فرصة بالنسبة إلى عاجل للقاء الزجال محمد شهرمان الذي أتحف الأغنية الشعبية المغربية بأغاني خالدة متل «الكلام المرصع « ، « العيون عيني « ...
وخلال الحديث الذي دار بين الاثنين سأل شهرمان عاجل حول إمكانية القيام بعمل مسرحي مشترك على أن يتولى شهرمان تأليفها ، أعجب عاجل بالاقتراح الذي نقله إلى عبد الله فركوس على أساس أن يكون عمل مشترك بين فرقة عاجل « مسرح الكاف « وفرقة فركوس « المسرح الشعبي» فركوس ، الذي كانت هناك فكرة تراوده منذ مدة ، تحمس للمشروع ، وكانت الفكرة تتمحورحول بائع للمناديل الورقية يتجول في الشوارع والمقاهي عارضا بضاعته قائلا : نظف قلبك ، نظف مخك ، نظف عينيك لترى جيدا ..
هكذا سيقضي عاجل أكثر من شهر في مراكش ، يعقد جلسات يومية مع محمد شهرمان الذي التقط الفكرة وانطلق في تأليف المسرحية
بعد ذلك عاد عاجل إلى برشيد حيث كان يقطن آنذاك ، وبعد أيام أرسل له شهرمان نص المسرحية ، وجد عاجل نفسه مضطرا لإعادة ترتيب مشاهد المسرحيات وقلص من عدد الشخصيات من 14 إلى 5 ، وكانت مسرحية تنتمي إلى صنف المسرح العبثي لكن بنكهة مغربية خالصة ، وقد اقترح عاجل في البداية أن تحمل عنوان « المقامة الشهرمانية « قبل أن يتم تحويله إلى « سي مشوار « أو» السيد منديل»
تتحدث المسرحية عن عائلة استثنائية بكل المقاييس ، تتكون من الأب ، بائع المناديل الأصم ، وزوجته العرجاء ، ولديهما ابنين ، الأول أعمى والثانية بكماء ، وكان الأب يبيع المناديل في الشارع مناديا « منديل أبيض شفاف ، رمز الأمن والأمان والسلم والسلام في هذا العالم « فتلاحقه دورية للشرطة اعتبرت أنه يوجه إلى الناس خطابا سياسيا ، ففر منها ليجد نفسه داخل قاعة للمسرح مملوءة عن آخرها في انتظار بداية العرض ، وهكذا بين مشهد وآخر، وفي قالب عبثي ساخر، نكتشف مآسي هذه العائلة الخارجة عن المألوف
حصلت المسرحية على دعم من وزارة الثقافة ، كما احتضنتها الوزارة المكلفة بالمعاقين آنذاك ، وقدمت في المغرب حوالي ثلاثين عرضا ، بالإضافة إلى عرض بهولاندا ، وذلك في مدينة روتردام ، وقد كان عرضا ناجحا حضره العديد من أبناء الجالية المغربية والمغاربية بهولاندا ، وعند نهاية العرض طلب المنظم ، وهوهولاندي ، من عاجل أن يمكث في هولاندا حوالي 4 أشهر ، في انتظار أن تتم ترجمة المسرحية إلى اللغة الفلامانية وتقدم بالمسارح الهولاندية بمشاركة ممثلين هولانديين ومغاربة ، لكن عاجل ، الذي أعجب بالفكرة ، اضطر للاعتذار لأنه كان ملتزما مع « مسرح الحي « الذي كان بصدد القيام بعدة جولات في المغرب
في أحد العروض بمدينة شيشاوة ، توجه عاجل رفقة باقي أعضاء المجموعة إلىهناك ، ومن حسن حظه أنه سيحل باكرا ، لأن أن القاعة التي كانت ستعرض بها المسرحية فسيحة لكنها لا تتوفر على خشبة ، طلب الكاتب العام للعمالة من عاجل تأجيل العرض إلى اليوم التالي لحل المشكل ، لكنه رفض معبرا عن استعداده لتجهيز خشبة صالحة للعرض ، شريطة أن تمكنه سلطات المدينة من الخشبات الموجودة في الشارع ، والتي تستعمل خلال الانتخابات والأعياد الوطنية ، وهكذا سيتم تقديم العرض في شرووط مقبولة ، بحضور جمهور غفير من أبناء المدينة
لم تشارك المسرحية في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، لأنها تخلفت عن الإقصائيات ، بسبب انقطاع عبد الله فركوس عن المجموعة لمدة شهرين ، كان خلالها يصور شريطا تلفزيونيا ، وهو ما حز في نفس عاجل ، الذي يؤكد أن المسرحية كانت ستحظى بالتكريم خلال هذا المهرجان
ولكن رغم ذلك يؤكد عاجل أن مسرحية « سي مشوار « من الأعمال التي تحظى بمكانة خاصة لديه ، فقد تمكن خلالها من تجريب أسلوب جديد في المسرح ، وزاده ذلك ثقة في النفس وعزم على مواصلة مغامرته المسرحية.
30-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
سي مشوار
في سنة 2004 توجه عاجل ،
رفقة زوجته نجوم الزوهرة، إلى مدينة مراكش لإعداد حلقة نموذجية من سلسلة
كان قد كتبها واتفق مع شركة «ناسكم» لعبد الله فركوس أن تنتجها . كانت
السلسلة تحمل عنوان « المعلم دندون » وهي باللغة العربية الفصحى ، أما
الحلقة النموذجية التي تم تصويرها وقدمت إلى القناة الأولى فكانت بعنوان
«من زبال إلى طبال «وقد شارك فيها إلى جانب عبد الإله عاجل ونجوم الزوهرة
كلا من المرحوم عبد الرحيم بركاش ، محمد مفتاح، مصطفى تاه تاه وعبد الله
فركوس كانت السلسلة ذات طابع كوميدي لكن إدارة القناة لم توافق عليها ولم
تقدم أي تبرير لذلك ، وكان رأي فركوس أن الأمر قد يكون عائدا إلى أن
السلسلة كانت ناطقة بالغربية الفصحى وليس العامية، وهكذا أقبر المشروع
كانت الرحلة إلى مراكش فرصة بالنسبة إلى عاجل للقاء الزجال محمد شهرمان
الذي أتحف الأغنية الشعبية المغربية بأغاني خالدة متل «الكلام المرصع» ، «
العيون عيني « ...
وخلال الحديث الذي دار بين الاثنين سأل شهرمان عاجل حول إمكانية القيام
بعمل مسرحي مشترك على أن يتولى شهرمان تأليفها ، أعجب عاجل بالاقتراح الذي
نقله إلى عبد الله فركوس على أساس أن يكون عمل مشترك بين فرقة عاجل « مسرح
الكاف « وفرقة فركوس « المسرح الشعبي» فركوس ، الذي كانت هناك فكرة تراوده
منذ مدة ، تحمس للمشروع ، وكانت الفكرة تتمحورحول بائع للمناديل الورقية
يتجول في الشوارع والمقاهي عارضا بضاعته قائلا : نظف قلبك ، نظف مخك ، نظف
عينيك لترى جيدا ..
هكذا سيقضي عاجل أكثر من شهر في مراكش ، يعقد جلسات يومية مع محمد شهرمان الذي التقط الفكرة وانطلق في تأليف المسرحية
بعد ذلك عاد عاجل إلى برشيد حيث كان يقطن آنذاك ، وبعد أيام أرسل له شهرمان
نص المسرحية ، وجد عاجل نفسه مضطرا لإعادة ترتيب مشاهد المسرحيات وقلص من
عدد الشخصيات من 14 إلى 5 ، وكانت مسرحية تنتمي إلى صنف المسرح العبثي لكن
بنكهة مغربية خالصة، وقد اقترح عاجل في البداية أن تحمل عنوان « المقامة
الشهرمانية « قبل أن يتم تحويله إلى « سي مشوار « أو» السيد منديل»
تتحدث المسرحية عن عائلة استثنائية بكل المقاييس، تتكون من الأب ، بائع
المناديل الأصم ، وزوجته العرجاء، ولديهما ابنين ، الأول أعمى والثانية
بكماء ، وكان الأب يبيع المناديل في الشارع مناديا « منديل أبيض شفاف ، رمز
الأمن والأمان والسلم والسلام في هذا العالم « فتلاحقه دورية للشرطة
اعتبرت أنه يوجه إلى الناس خطابا سياسيا ، ففر منها ليجد نفسه داخل قاعة
للمسرح مملوءة عن آخرها في انتظار بداية العرض ، وهكذا بين مشهد وآخر، وفي
قالب عبثي ساخر، نكتشف مآسي هذه العائلة الخارجة عن المألوف
حصلت المسرحية على دعم من وزارة الثقافة ، كما احتضنتها الوزارة المكلفة
بالمعاقين آنذاك ، وقدمت في المغرب حوالي ثلاثين عرضا ، بالإضافة إلى عرض
بهولاندا ، وذلك في مدينة روتردام ، وقد كان عرضا ناجحا حضره العديد من
أبناء الجالية المغربية والمغاربية بهولاندا ، وعند نهاية العرض طلب المنظم
، وهوهولاندي ، من عاجل أن يمكث في هولاندا حوالي 4 أشهر ، في انتظار أن
تتم ترجمة المسرحية إلى اللغة الفلامانية وتقدم بالمسارح الهولاندية
بمشاركة ممثلين هولانديين ومغاربة ، لكن عاجل ، الذي أعجب بالفكرة ، اضطر
للاعتذار لأنه كان ملتزما مع « مسرح الحي « الذي كان بصدد القيام بعدة
جولات في المغرب
في أحد العروض بمدينة شيشاوة ، توجه عاجل رفقة باقي أعضاء المجموعة إلىهناك
، ومن حسن حظه أنه سيحل باكرا ، لأن أن القاعة التي كانت ستعرض بها
المسرحية فسيحة لكنها لا تتوفر على خشبة ، طلب الكاتب العام للعمالة من
عاجل تأجيل العرض إلى اليوم التالي لحل المشكل ، لكنه رفض معبرا عن
استعداده لتجهيز خشبة صالحة للعرض ، شريطة أن تمكنه سلطات المدينة من
الخشبات الموجودة في الشارع ، والتي تستعمل خلال الانتخابات والأعياد
الوطنية ، وهكذا سيتم تقديم العرض في شرووط مقبولة ، بحضور جمهور غفير من
أبناء المدينة
لم تشارك المسرحية في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، لأنها تخلفت عن
الإقصائيات ، بسبب انقطاع عبد الله فركوس عن المجموعة لمدة شهرين ، كان
خلالها يصور شريطا تلفزيونيا ، وهو ما حز في نفس عاجل ، الذي يؤكد أن
المسرحية كانت ستحظى بالتكريم خلال هذا المهرجان
ولكن رغم ذلك يؤكد عاجل أن مسرحية « سي مشوار « من الأعمال التي تحظى
بمكانة خاصة لديه ، فقد تمكن خلالها من تجريب أسلوب جديد في المسرح ، وزاده
ذلك ثقة في النفس وعزم على مواصلة مغامرته المسرحية.
31-08-2012
في سنة 2004 توجه عاجل ،
رفقة زوجته نجوم الزوهرة، إلى مدينة مراكش لإعداد حلقة نموذجية من سلسلة
كان قد كتبها واتفق مع شركة «ناسكم» لعبد الله فركوس أن تنتجها . كانت
السلسلة تحمل عنوان « المعلم دندون » وهي باللغة العربية الفصحى ، أما
الحلقة النموذجية التي تم تصويرها وقدمت إلى القناة الأولى فكانت بعنوان
«من زبال إلى طبال «وقد شارك فيها إلى جانب عبد الإله عاجل ونجوم الزوهرة
كلا من المرحوم عبد الرحيم بركاش ، محمد مفتاح، مصطفى تاه تاه وعبد الله
فركوس كانت السلسلة ذات طابع كوميدي لكن إدارة القناة لم توافق عليها ولم
تقدم أي تبرير لذلك ، وكان رأي فركوس أن الأمر قد يكون عائدا إلى أن
السلسلة كانت ناطقة بالغربية الفصحى وليس العامية، وهكذا أقبر المشروع
كانت الرحلة إلى مراكش فرصة بالنسبة إلى عاجل للقاء الزجال محمد شهرمان
الذي أتحف الأغنية الشعبية المغربية بأغاني خالدة متل «الكلام المرصع» ، «
العيون عيني « ...
وخلال الحديث الذي دار بين الاثنين سأل شهرمان عاجل حول إمكانية القيام
بعمل مسرحي مشترك على أن يتولى شهرمان تأليفها ، أعجب عاجل بالاقتراح الذي
نقله إلى عبد الله فركوس على أساس أن يكون عمل مشترك بين فرقة عاجل « مسرح
الكاف « وفرقة فركوس « المسرح الشعبي» فركوس ، الذي كانت هناك فكرة تراوده
منذ مدة ، تحمس للمشروع ، وكانت الفكرة تتمحورحول بائع للمناديل الورقية
يتجول في الشوارع والمقاهي عارضا بضاعته قائلا : نظف قلبك ، نظف مخك ، نظف
عينيك لترى جيدا ..
هكذا سيقضي عاجل أكثر من شهر في مراكش ، يعقد جلسات يومية مع محمد شهرمان الذي التقط الفكرة وانطلق في تأليف المسرحية
بعد ذلك عاد عاجل إلى برشيد حيث كان يقطن آنذاك ، وبعد أيام أرسل له شهرمان
نص المسرحية ، وجد عاجل نفسه مضطرا لإعادة ترتيب مشاهد المسرحيات وقلص من
عدد الشخصيات من 14 إلى 5 ، وكانت مسرحية تنتمي إلى صنف المسرح العبثي لكن
بنكهة مغربية خالصة، وقد اقترح عاجل في البداية أن تحمل عنوان « المقامة
الشهرمانية « قبل أن يتم تحويله إلى « سي مشوار « أو» السيد منديل»
تتحدث المسرحية عن عائلة استثنائية بكل المقاييس، تتكون من الأب ، بائع
المناديل الأصم ، وزوجته العرجاء، ولديهما ابنين ، الأول أعمى والثانية
بكماء ، وكان الأب يبيع المناديل في الشارع مناديا « منديل أبيض شفاف ، رمز
الأمن والأمان والسلم والسلام في هذا العالم « فتلاحقه دورية للشرطة
اعتبرت أنه يوجه إلى الناس خطابا سياسيا ، ففر منها ليجد نفسه داخل قاعة
للمسرح مملوءة عن آخرها في انتظار بداية العرض ، وهكذا بين مشهد وآخر، وفي
قالب عبثي ساخر، نكتشف مآسي هذه العائلة الخارجة عن المألوف
حصلت المسرحية على دعم من وزارة الثقافة ، كما احتضنتها الوزارة المكلفة
بالمعاقين آنذاك ، وقدمت في المغرب حوالي ثلاثين عرضا ، بالإضافة إلى عرض
بهولاندا ، وذلك في مدينة روتردام ، وقد كان عرضا ناجحا حضره العديد من
أبناء الجالية المغربية والمغاربية بهولاندا ، وعند نهاية العرض طلب المنظم
، وهوهولاندي ، من عاجل أن يمكث في هولاندا حوالي 4 أشهر ، في انتظار أن
تتم ترجمة المسرحية إلى اللغة الفلامانية وتقدم بالمسارح الهولاندية
بمشاركة ممثلين هولانديين ومغاربة ، لكن عاجل ، الذي أعجب بالفكرة ، اضطر
للاعتذار لأنه كان ملتزما مع « مسرح الحي « الذي كان بصدد القيام بعدة
جولات في المغرب
في أحد العروض بمدينة شيشاوة ، توجه عاجل رفقة باقي أعضاء المجموعة إلىهناك
، ومن حسن حظه أنه سيحل باكرا ، لأن أن القاعة التي كانت ستعرض بها
المسرحية فسيحة لكنها لا تتوفر على خشبة ، طلب الكاتب العام للعمالة من
عاجل تأجيل العرض إلى اليوم التالي لحل المشكل ، لكنه رفض معبرا عن
استعداده لتجهيز خشبة صالحة للعرض ، شريطة أن تمكنه سلطات المدينة من
الخشبات الموجودة في الشارع ، والتي تستعمل خلال الانتخابات والأعياد
الوطنية ، وهكذا سيتم تقديم العرض في شرووط مقبولة ، بحضور جمهور غفير من
أبناء المدينة
لم تشارك المسرحية في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، لأنها تخلفت عن
الإقصائيات ، بسبب انقطاع عبد الله فركوس عن المجموعة لمدة شهرين ، كان
خلالها يصور شريطا تلفزيونيا ، وهو ما حز في نفس عاجل ، الذي يؤكد أن
المسرحية كانت ستحظى بالتكريم خلال هذا المهرجان
ولكن رغم ذلك يؤكد عاجل أن مسرحية « سي مشوار « من الأعمال التي تحظى
بمكانة خاصة لديه ، فقد تمكن خلالها من تجريب أسلوب جديد في المسرح ، وزاده
ذلك ثقة في النفس وعزم على مواصلة مغامرته المسرحية.
31-08-2012
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
الشيطان يزور عاجل ويقطع عنه الكهرباء
كان عاجل من المشاركين في برنامج «ألف لام» للقناة الأولى ، كما كان مساعدا للمخرج ، وكانت حلقات البرنامج تتولى كتابتها ورشة للكتابة ، ويتولى محمد قاوتي معالجتها بعد استشارة المخرج ومساعده . بعد مدة التحق بالبرنامج الكاتب سعيد الودغيري الذي اقترح حلقتين أعجب بهما المشرفون عن البرنامج . استمرت مساهمة الودغيري في البرنامج حوالي ثلاث سنوات ، كانت كافية لتنشأ بينه وبين عاجل صداقة متينة وأن تكون منطلقا لتعاون ثنائي ولكن هذه المرة على صعيد المسرح كان لسعيد الودغيري مسرحيتان ، الأولى بعنوان « بنت الباشا « وكان قد تعاقد مع المخرج حميد باسكيط لإخراجها ، بعد أن أعاد معالجتها الكاتب المسرحي سعد الله عبد المجيد ، وقد عرضت المسرحية بالفعل ، وكان عاجل من بين الذين حضروا أول عرض لها وذلك بالمركب الثقافي الحي المحمدي بالدار البيضاء المسرحية الثانية كان الودغيري قد وضع كعنوان مؤقت لها « المرا الثانية « أو الزوجة الثانية ، وقد سلمها لعاجل في خطاطتها الأولى ومكتوبة بخط اليد ، وبعد قراءتها ومعالجتها سيضع لها عاجل كعنوان «ضفاير السوالف « ويقدمها في إطار « مسرح الكاف « وتتحدث المسرحية عن زوج ثري ، البشير ، لم تلد زوجته بعد سنوات طويلة من الزواج ، ولأنه كان يتمنى أن يلد ابنا يحمل اسمه بعده ، صارح زوجته بذلك وكلفها بأن تبحث له هي عن الزوجة الثانية ، وجدت الزوجة الأولى نفسها مجبرة على الانصياع لرغبة زوجها فاتصلت بشابة واتفقت معها على أن تقبل بالزواج من زوجها ، وبعد ولادة الابن تتركه وتذهب إلى حال سبيلها . الزوجة الثانية كان لها أخ يعمل كبائع متجول وهو الذي سيكتشف اللعبة ويخبر صهره ، وعندما سيكتشف الطبيب في بداية الحمل أن الزوجة الثانية حامل بتوأم ، اقترحت الزوجة الأولى أن تدعي أنها هي أيضا حامل ، وتسلمها الطفل الثاني بعد إقناع الطبيب ، لكن الزوج الذي سبق أن كشف اللعبة سيخبرهما بعد الولادة أنه قرر الزواج بثالثة لأن الزوجة الثانية وضعت طفلتين كان الجديد الذي شهدته هذه المسرحية هو مشاركة الفنان عزيز الضيفي في دور شقيق الزوجة الثانية ، وأيضا دور الطبيب ، بعد غياب عن المسرح استمر لعدة سنوات ، وبعد أن استطاع عاجل إقناعه بالعودة إلى الخشبة ، أما بقية الأدوار فقد قام بها كلا من صلاح الدين بنموسى ، في دور الزوج الثري، نعيمة إلياس في دور الزوجة الأولى ، ونجوم الزوهرة في دور الزوجة الثانية عرضت المسرحية في الدار البيضاء ، الرباط وعدد آخر من المدن ، لكنها لم تنل نصيبها من العروض ، وحسب عاجل فإن تقل الديكور ، منزل الثري كان مثلا عبارة عن رياض ، قد حد من إمكانيات تحرك الفرقة مع ما كان يتطلبه ذلك من مصاريف باهظة في عرض الرباط كانت من بين القنوات التلفزية التي حضرت ، قناة «حنبعل» التونسية ، التي أجرت لقاء مع عاجل ، وعلى هامش هذا اللقاء اقترح عليه تقديم المسرحية في تونس مؤكدين له أنها ستحظى بإقبال هناك ، لكن هذا الاقتراح لم يكتب له التحقق في غياب اتفاقية مشتركة مع وزارة الثقافة ، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول استنكاف الجهات المسئولة عن عقد مثل هذه الاتفاقيات ، التي من شأنها أن تفتح أبوابا أخرى أمام الفرق المسرحية المغربية خلال هذا العرض ، كان لعاجل أيضا دردشة مع عبد الواحد عوزري مقدم برنامج مسارح ، وكانت ملاحظة عوزري أنه إذا كان مسرح الحي ظل يعتمد في مسرحياته على وجوه شابة فإن الملاحظ هو أن مسرح الكاف مزج في مسرحية « « ضفاير السوالف « بين جيلين من الممثلين ، فكان رد عاجل أن مسرح الكاف ، مسرح تجريبي يبحث لنفسه في كل مسرحية عن نوع مسرحي مغربي جديد لم يكن عاجل مشاركا في المسرحية كممثل ، واكتفى بالإخراج ، لكنه خلال عرض الرباط فرض عليه الممثلون الصعود إلى الخشبة وأداء دور الطبيب ، الذي كان يؤديه عزيز الضيفي بالإضافة إلى دور شقيق الزوجة الثانية ، وهكذا سيجد نفسه مضطرا لأداء الدور وسط تصفيقات الجمهور واستحسان زملائه في المسرحية بعد مسرحية «ضفاير السوالف « سيقدم مسرح الكاف مسرحية « الديموغراضي « للكاتب العربي بنتركة وهي مسرحية باللغة العربية الفصحى كان بنتركة قد كتبها سنة 1976 اللقاء مع بنتركة تم في مدينة مراكش ، حيث توجه عاجل رفقة الزوهرة نجوم للمشاركة في شريط تلفزي بعنوان « الطيابة « الذي كتب له العربي بنتركة السيناريو والحوار ، وهو الشريط الذي لقي نجاحا وعرض أزيد من عشرين مرة في القناة الأولى والمغربية عاد عاجل إلى الدار البيضاء قبل زوجته ، بعد الانتهاء من تصوير المشاهد الخاصة به ، وبعد بضعة أيام ستتصل به الزوهرة لتخبره بأن بنتركة لديه نص مسرحي يقترحه عليه ، وسألته هل تحضره معها ، وافق عاجل على ذلك ، وفي طريق العودة عبر القطار استغلت الزوهرة الفرصة وقرأت النص فقدرت أن عبد الإله سيوافق على إخراجه لأنه من النصوص التي تستهويه والحقيقة فقد كان بنتركة عرض النص على عدد من المخرجين المسرحين ، لكنهم أخبروه بأنهم غير قادرين على إخراجه ، ير أن عاجل ، وكما توقعت زوجته ، أعجب به كان النص مكتوبا بخط اليد وبأسلوب جميل ، اتصل عاجل بالعربي بنتركة هاتفيا وأخبره أنه سيضع تصورا للإخراج وسيرسله له ليعطي رأيه . هكذا بدأ الاشتغال على نص « الديموغراضي « وهي مسرحية على شاكلة « فاوست « تتحدث عن علاقة الإنسان بالشيطان ، وقد قام بالأدوار فيها كلا من عاجل ، نجوم الزوهرة وسعيد لهليل ، وعندما عقد عاجل لقاء مع مسؤولي القناة الأولى من أجل إنتاجها ، أخبروه أن القناة لا تستطيع إنتاج مسرحية لم تعرض ، وهكذا سيقوم عاجل بإنتاجها وطلب من القناة أن تصورها تم تقرر بعد ذلك في شأنها تم تصوير المسرحية للقناة الأولى في شهر رمضان ، في قاعة المركب الثقافي مولاي رشيد بالدار البيضاء ، بدون جمهور وعلى مدار ثلاثة أيام . قسم الإنتاج المسرحي للقناة ساهم في البداية بالديكور والإكسسوار ، وهو ديكور معقد ويحتاج لمجهود وتكاليف كبيرة ، وبعد تصويرها احتضنتها القناة وعرضتها بعد ذلك العربي بنتركة ، وبعد أن شاهد العرض أعجب به وأخبر عاجل أنه كمخرج تفوق على التصور الذي كان لديه عن طريقة إخراجها ، فأجابه عاجل : هل تعلم أن الشيطان كان يأتي إلى منزلي في برشيد ويقطع الكهرباء عن البيت والحاسوب ثلاث مرات حتى لا أشوه صورته في المسرحية « ؟ فأجابه بنتركة : أنا أيضا عشت نفس المخاض . بعد عرضها اتصل مسؤول بتلفزيون الإمارات بعاجل وعبر له عن رغبته في شراء حقوق المسرحية ، فأخبره عاجل أن المسرحية لم تعد ملكه وإنما ملك القناة الأولى . كانت تلك فرصة لتعرض المسرحية بقناة عربية ، خصوصا أنها ناطقة بالفصحى ، لكن عاجل لا يعرف لحد الآن لماذا لم ينجح هذا المسعى . |
1/9/2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
عاجل يستعد للموسم الجديد ب « صرخة شامة »
بعد « الديموغراضي « سيواصل عاجل تجاربه المسرحية في إطار « مسرح الكاف « وهذه المرة ب «سعادة الرايس» ، وهي توليفة تجمع بين التجريبي والشعبي، ومحاولة لتقديم عمل يحظى بإقبال الجمهور مع الحفاظ على جدية الطرح والموضوع، ويؤكد عاجل أن الإقبال الجماهيري الذي عرفته دليل على نجاح هذا الاختيار، رغم بعض النقائص التي عرفتها العروض الأولى وعلى رأسها طول المسرحية الذي ناهز الثلاث ساعات، وهو ما حاول تداركه في العروض اللاحقة النص الذي اعتمدت عليه المسرحية ، والذي ألفه محمد اليوسفي ، تعود كتابته إلى عقد الثمانينيات لكن عاجل قام بتحيينه ، ليجيب عن التساؤلات الحالية التوليفة التي تم الاعتماد عليها لتقديم المسرحية ، يوضح عاجل ، تعتمد على الرموز وهو ما يعطي لأي موضوع تفرده ، ففي «سعادة الرايس» يظل الرمز الأساسي الذي تقدمه هو الباب المسدود ، عندما وجد الزعماء أنفسهم محاصرين في غرفة لا منفذ منها ، مع النادل الذي يكشف نقط ضعفهم ، والذي يمكن اعتباره ضمير المسرحية وروحها النقدية ، أي أنه يمثل بشكل من الأشكال رأي الجمهور نفسه وموقفه من هؤلاء الزعماء الذين اجتمعوا فقط ليقرروا عدم الاجتماع، مما يعبر عن خواء هذه الزعامات وعجزها المسرحية تتضمن جرعة كوميدية يعتبرها عاجل ضرورية ومقصودة ، رغم جدية الموضوع ، وهو أمر ليس بالجديد ، فقد كان لابد من تمرير الخطاب ، وهو هنا ذو حمولة سياسية ، بشكل بسيط وكوميدي حتى لا نقع في فخ الرتابة اعتمد عاجل خلال إخراجه للمسرحية على تقنيات خاصة ، اغترفها من «المسرح الفقير»، فهناك تقشف واضح في الديكور ، مع الاعتماد على الحضور الجسدي للممثلين ، الذين ملؤوا بأدائهم وحضورهم القويين الخشبة ، وعلى الإنارة وتقنية الفلاش باك ، والحفاظ على التوازن بين الممثل والديكور حتى لا يتم السقوط في فخ المسرح النخبوي. حصلت المسرحية على دعم وزارة الثقافة لكنها لم تستدعى للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، بل إنه تم التغاضي عن استدعائها للمشاركة في الإقصائيات المؤهلة للمهرجان ، وهو ما لم يجد له عاجل جوابا لحد الآن لكن المثير هو أن المسرحية حظيت أيضا بدعم من جهة الدار البيضاء الكبرى آنذاك ، وقد تمت الموافقة كتابيا على الدعم ، وعندما توجه عاجل إلى المصالح المعنية لاستلامه أخبروه أن الغلاف المالي المخصص لدعم الأنشطة الثقافية قد استنزفت ، رغم أن الفرقة كانت تعول على هذا الدعم لتغطية مصاريفها العديدة نصحه أحد المسؤولين بتغيير القانون الداخلي للجمعية وأن يضيف الاجتماعية إلى الثقافية للاستفادة من دعم الصندوق المخصص للمساعدات الاجتماعية ، لم يفهم عاجل الأسباب التي تضطره لذلك وهذه التخريجات البيروقراطية ، لكنه أراد أن يجرب هذه اللعبة إلى الآخر ، ففعل ما طلبوا منه ، وعندما عاد بملفه جاهزا أخبروه الميزانية المخصصة للقضايا الاجتماعية استنزفت أيضا ، وأن عليه أن يضيف كلمة رياضية للجمعية حتى تستفيد من الدعم ، فعل ذلك أيضا وعندما عاد أخبروه مرة أخرى أن الميزانية المخصصة لدعم الرياضة بدورها استنزفت وأنه لا مناص من الانتظار للسنة الموالية للاستفادة ، لكن عليه أن يغير القانون مرة أخرى ويعيده كما كان في البداية ، ليستفيد من الدعم المخصص للثقافة هذه الحكاية «الكافكاوية» ستلهم عاجل لتضمينها في سلسلة كوميدية تحمل عنوان « المزاح فيه وفيه « والحلقة المخصصة لتجربته هذه سماها « المحنة عفوا المنحة « بعد ذلك ، كان لعاجل لقاء مع محمد مهيول ، الذي شارك بدور النادل في مسرحية « سعادة الرايس « وهذه المرة في سلسلة « سير حتى تجي « التي قدمتها القناة الأولى في رمضان ، كان مهيول يقدم دور نادل لكن عاجل ، على هامش تصوير المشاهد ، سيخبر المشاركين أن دور النادل الذي أداه في مسرحية «سعادة الرايس» كان متميزا وأثار انتباه كل من شاهد المسرحية ، فشكره مهيول مضيفا أنه يتمنى أن يشاهده في المسرح الفردي ، وقدرته على تقمص عدة أدوار في نفس الوقت ، وهو ما قام به ساعتها ، حيث قام بثلاثة أدوار في ظرف ثلاث دقائق ، دور الأب وهو جندي والأم غسالة والابن العاق ، لم تكن هذه الأدوار غريبة عن عاجل فقد سبق له أن شاهدها في بداية الثمانينات ، قال ذلك لمهيول فأخبره أن الأمر يتعلق بمسرحية « صرخة عبدو والكراكيز» للراحل حوري الحسين وهي عبارة عن سيرة ذاتية قدمها حوري في إطار المسرح الفردي وشارك بها في المهرجان الوطني لمسرح الهواة وبعد ذلك قدمها مهيول ، بموافقة وتشجيع من حوري الحسين ، حيث اعتمد على دمية ضخمة كان هو من صنعها طلب عاجل من مهيول أن يلتقيا بعد نهاية هذه السلسلة وهو ما تم ، وقد تم اللقاء بين الاثنين في فضاء المعلمين بعين الشق بالدار البيضاء ، عندها اقترح عاجل تقديم مسرحية « صرخة عبدو والكراكيز» في حلة جديدة تكريما للراحل حوري الحسين واعترافا لما قدمه للمسرح المغربي ، أعجب امهيول بالفكرة واعتبر أنها بالفعل ستكون أفضل تكريم للراحل وتتعدي في رمزيتها كل كلام يقال في حقه لكن المشكلة أن مهيول لم يكن يتوفر على نص المسرحية ، غير أنه كان يحفظها عن ضهر قلب ، وهكذا سيعقد الاثنان لقاءات متواصلة في نفس الفضاء وعلى مدار 12 يوما ، مهيول يستعرض وعاجل يكتب ، مشهدا وراء آخر حتى انهياها وضع عاجل تصورا جديدا لإخراج المسرحية ، واختار لها عنوان جديد هو « كان اهنا « ، حيث حولها من تصور المسرح الفردي أو الممثل الواحد الذي يؤدي كل الأدوار إلى تصور يعتمد على ثلاثة ممثلين ، حيث أدى عاجل دور الأب ، حارس السجن ، مدير معمل تصبير السمك وأستاذ الرياضيات ، وقام مهيول بأداء دور الابن في سن الطفولة وفي ريعان الشباب فيما أدت الزوهرة نجوم دور الأم ، الممرضة ومتعهدة الحفلات ، فيما تكفل عصام عاجل بالمسائل التقنية كما فعل ذلك في مسرحية «سعادة الرايس « و « القضية في البرقية» عرضت المسرحية في عدة مدن وحظيت بإقبال كبير ، وعرضت أيضا في التلفزيون ، وقد تلقى عاجل طيلة العروض تهاني العديد من عشاق المسرح والكتاب والمثقفين ، منهم من كان قد سبق وشاهدها عندا أداها لأول مرة صاحبها حوري الحسين وكانت بالفعل أفضل تكريم لروح المسرحي الراحل في الموسم الثقافي القادم يستعد عاجل لتقديم مسرحية جديدة مواصلا تجربة مسرح الكاف ، وهذه المرة بمسرحية « صرخة شامة « وهي من تأليف الكاتب والصحافي حسن نرايس والحقيقة فإن العلاقة بين عاجل ونرايس ، تعود إلى سنوات طويلة ، فحسن نرايس ، ابن الحي المحمدي ، كان متتبعا لتجربة مسرح الحي ، ويؤكد عاجل أنه كان يحرص على متابعة كل المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكثيرا ما استفادت المجموعة من ملاحظاته وتعاليقه بعد أن قرأ عاجل مؤلف حسن نرايس» الضحك والآخر ، صورة العربي في الفكاهة الفرنسية» أعجب كثيرا بأسلوبه في الكتابة وحسه النقدي الساخر فاقترح عليه أن يكتب له نصا يصلح للمسرح تردد نرايس في البداية ، إذ لم يسبق له أن خاض هذه التجربة ، الكتابة للمسرح ، لكن عاجل ألح ، وبعد عدة أيام سيقدم له نرايس نصا بعنوان « شامة « التي تستلهم أحداثها، وفق رؤية إنسانية ، من تفجيرات 16 ماي الإرهابية أعجب عاجل بالحبكة الدرامية التي استعملها نرايس في بناء شخصية شامة ، التي تناجي العالم بأسره وتعاتبه عن موت زوجها في هذه التفجيرات ، ويؤكد عاجل بأنه شعر بصرخة قوية ، عميقة وجد مؤثرة ولذلك عنون المسرحية ب « صرخة شامة « التي اشتغل عليها طيلة الأشهر الماضية وأنهاها في رمضان الأخير ، لتصبح جاهزة للعرض في الأسابيع القادمة. | ||
3/9/2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
رد: مسرح الحياة وحياة المسرح
شهادات
الحاجة السعدية (والدة عبد لإله عاجل) عبد الإله كان منذ صغره مهووسا بالمسرح والفن ، أتذكر أنه كان يحضر إلى البيت آلة لبث الأفلام ويستدعي العديد من أصدقائه ، يقضون وقتا طويلا في مشاهدتها ، وكان في البداية يرافق أخي ، الذي كان يعزف على آله الأكورديون ، وكان يشارك في سهرات مع بوطبول وغيره ، وأصبح شغله الشاغل هو السينما المسرح والموسيقى كنت أخشى أن يؤثر ذلك على مساره الدراسي ومستقبله ، لكن والده ، رحمه الله ، كان يقول لي إنه مادام اختار هذا المجال فلن نستطيع منعه بعد ذلك أصبح كثير الغياب عن البيت ، وكان منذ الصباح الباكر يقصد المسرح ولا يعود إلا في وقت متأخر ، وقد أقنعنا أنه سيكرس حياته للمسرح ، وأنا فخورة أنه نجح في المسار الذي اختاره وعبد الإله كابن طيب وبار بي وأنا راضية عنه ، كما أني راضية عن زوجته الزوهرة ، التي تعرفت عليها منذ أن اشتغلت معه وهما شابان ، وعندما اخبرني أنهما قررا الزواج شجعته لأني كنت معجبة بها ، اعتبرها مثل ابنتي ، وأتمنى لهما كل النجاح والتوفيق ولكل الفنانين في المغرب نجوم الزوهرة ( فنانة) زوجة عبد الإله عاجل ) أنا أعتبر نفسي جد محظوظة لأني تزوجت بعاجل ، لقد كنت ، وأنا شابة أمارس الرقص في فرقة الفنون الشعبية ، أتمنى أن أتزوج من الوسط الفني ، لأني أعشق الفن ولم أكن أتصور حياتي بدونه ، وكذلك كان ، فقد التقيت بعبد الإله في تلك السن بدار الشباب بوشنتوف ، واقترح علي أن أشاركه في مسرحية « الزهرة بنت البرنوصي» فوافقت على الفور، وقمنا بجولات عديدة في المغرب حيث عرضنا المسرحية ، ونشأت بيننا صداقة عميقة وأصبح أقرب الناس إلي ، أبوح له بأسراري وكذلك هو، إلى أن وصلنا إلى قناعة أننا لا نستطيع أن نفترق فكان الزواج لقد وجدت فيه ، كزوج ، ذلك الإنسان الطيب الكريم والسخي ، وهو كرب عائلة إنسان متفاني يفعل كل ما بوسعه لإسعادنا وتحقيق تطلعاتنا ، ورغم أنه كثيرا ما كان يغيب لظروف عمله ، لكني كنت أحس به دائما معنا ، وقد عملت كل ما بوسعي لأخلق له الجو الملائم للعمل ، وكنت إلى جانبه عند تأسيس مسرح الكاف ، وقدمنا معا العديد من الأعمال الناجحة حسن فلان ( فنان ) عبد الإله عاجل صديقي وأخي ، اشتعلنا معا لسنوات طويلة ، كثنائي وكذلك في فرقة « مسرح الحي « ، لقد كان ذلك منذ كنا شابين ، وها نحن كبرنا وأبناؤنا أصبحوا في مثل سننا عندما التقينا آنذاك ، وطيلة هذه السنوات ظل عاجل نعم الصديق ونعم الأخ وإذا كان هذا هو عاجل الصديق والأخ ، فإن عاجل كفنان ، من طينة نادرة.. رجل مثقف ومتمكن ، يعشق عمله ويخلص له ويعطي كل ما يستطيع من أجل نجاح أعماله ، أما عاجل المسرحي ، وأنا اشتغلت معه طويلا في المسرح ، فهو مخرج متمكن ، رجل مسرح بامتياز ومهما قلت فلن أوفيه حقه في هذا المجال عبد الخالق فهيد ( فنان ) في حياتي هناك ثلاثة أشخاص أكن لهم كل احترام ، نظرا لما أسدوه لي من خدمات لا يمكن أن أنساها ، هناك المعلم الأول الذي درسني في التحضيري ، وهناك مدرب الملاكمة الذي تمرنت على يديه ، ثم هناك في المجال الفني الصديق والفنان عبد الإله عاجل ، الذي كان وراء دخولي عالم المسرح ووقف بجانبي وظل معي قرابة ثلاثة أشهر من التدريب يعلمني كيفية الوقوف والتحرك فوق الخشبة ، ومهما حاولت لن أوفيه حقه ، وهو يعرف مقدار الاحترام والتقدير الذي أكنه له ، كما وقف بجانبي وأخرج له عملا بعنوان « لا تسال لا تسول « الذي قدمته في إطار ال «وان مان شو، وما زلت أتذكر أنه عندما أراد أن يصور لفائدة التلفزيون مسرحية « بوتليس « تصادف أن أحد الممثلين كان في أوروبا ، فاتصل بي عاجل لأقدم هذا الدور فقبلت على الفور، وقضيت يومين أحفظ الدور لأقدمه مع المجموعة التي كانت تضم ممثلين مقتدرين عاجل يبقى من كبار المخرجين المسرحيين ، ومعرفتي به تمتد إلى سنوات خلت ، فقد كان هو وحسن فلان يراقبان مسيرتي ، وعندما أدركا أنني وصلت إلى مستوي يسمح لي بالانضمام إلى فرقة مسرح الحي ، لم يترددا في المناداة علي ، وقدمت معهما أعمال كانت انطلاقة حقيقية بالنسبة لي ، ويبقى أن عاجل من طينة الفنانين الذين ما زال بإمكانهم تقديم أعمال عديدة وجيدة ، ومهما أسرفت في الكلام فإني لا أستطيع أن أوفيه حقه كفنان وكإنسان حسن نرايس ( كاتب وصحافي ) لدي ملاحظة لا بد من الإشارة إليها ، وغالبا ما يغفلها العديد ممن يتحدثون عن عبد الإله عاجل ، فهم يتحدثون عن عاجل المخرج ويتناسون عاجل الممثل صحيح أن عاجل من المخرجين الجيدين ، وإذا أردنا الحديث عن مخرجي المسرح المغاربة ، فعاجل من بين أفضل 5 أو 6 مخرجين ، لكنه بالإضافة إلى ذلك ممثل من الطراز العالي ، فمثلا في مسلسل « المستضعفون « أدى عاجل دورا مركبا وصعبا ، ففي البداية أدى دور شخص متشرد يعاقر الخمر، وبعد ذلك تاب وأصبح يصلي ، وقد تقمص الشخصيتين بإقناع وتفوق ، وهو من الممثلين القلائل الذين يستطيعون التفوق ، سواء في الأدوار الدرامية أو الكوميدية ، ولكن لسوء الحظ لم ينل المكانة التي يستحقها في مجال السينما كما أن عاجل من الفنانين القلائل الذين يحرصون على متابعة الجديد في الإنتاجات الأدبية ، فهو قارئ لا يكل ومتتبع عن كثب للساحة الثقافية في المغرب حسن النفالي ( فنان مسرحي ) كانت إقصائيات مسرح الهواة نهاية السبعينات ، مناسبة للقاء بيننا . كان ينتمي لفرقة فتح وكنت انتمي لفرقة المسرح الشامل. كنا نتنافس بشكل رائع وشريف من أجل المسرح فقط. وقد كانت سنة 1978 متميزة بالنسبة لعاجل من خلال مسرحية الزهرة بنت البرنوصي ، التي صب فيها كل طاقاته الإبداعية وأدخلته عالم النجومية ، إلا أن مطلع الثمانينات سيجمعنا مع بعضنا في عدة أعمال كممثلين وخاصة في مسرحيات»جحا في الرحى»و»ابن الرومي في مدن الصفيح»و»الدجال والقيامة» وهناك تعرفت على الرجل عن قرب ، فهو قامة مسرحية كبيرة؛ ممثل بحضور قوي وأداء صادق و»تحرميات» الممثلين الكبار. ومخرج بدهاء خارق ونظرة ثاقبة وقد بدا ذلك مع مسرح الحي وبشكل أدق مع مسرح الكاف. كما أنه كاتب حرفي وإن لم تظهر له كتابات خاصة ، فمن يشتغلون معه يعرفون ما يبذله من جهد لإعادة صياغة الحوارات وكتابة بعض المشاهد أحيانا.هذا هو عاجل الذي أعرفه والذي أمتعنا في عدة أدوار وخلق الفرجة في عدة أعمال وأتمنى له التوفيق ليواصل مسيرته الفنية بتألق وثبات عبد الكريم الدرقاوي ( مخرج سينمائي ) عاجل كشخص إنسان طيب المعشر ، صادق وسرعان ما يجعلك تمنحه كامل ثقتك ، لقد اشتغلت معه في فيلم «رحلة إلى طنجة» و»الوجه الآخر» ، وهو كممثل له سرعة البديهة ويتقمص دوره بسرعة وحرفية ، يجعلك تدرك أنه يجر وراءه تجربة طويلة ، تمكن خلالها من صقل مواهبه ، والأكيد أنه كمسرحي ، فنان من العيار الثقيل مازال لديه الكثير من الأفكار والإمكانيات ليقدم أعمالا لا تقل نجاحا عن السابقة ، ولديه أيضا إمكانيات هامة ليواصل نفس النجاح في السينما عبد الغني الصناك ( فنان ) عاجل مبدع كبيرا ، وقد عايشت ذلك عن قرب عندما اشتغلنا معا في مسرحية « بوتليست « التي فازت بالعديد من الجوائز في المهرجان الوطني للمسرح ، وعلى رأسها جائزة الإخراج وجائزة العمل المتكامل لقد قدم عاجل ، سواء كممثل أو كمخرج ، العديد من الأعمال الناجحة ، نالت شهرة كبيرة في المغرب ، ولا زلت أتذكر عندما قضينا أياما عديدة معا في برشيد نعد لمسرحية « بوتليس « وقد كان يخصص وقته كله لعمله إلى درجة أنه يصبح متفرغا بالكامل ، ولا يعير اهتماما لأي شيء آخر ، هو بوهيمي بمعناه الإبداعي ، مسرحي كبير ويستحق كل الاعتراف والتقدير شعبيا ورسميا نجاة الوافي ( فنانة ) أنا مثل العديدين كنت دائما معجبة بتجربة عاجل والأعمال التي يقدمها، لكن عندما اشتغلت معه خصوصا في مسرحية « القضية في البرقية « تعرفت على عاجل المخرج والممثل المقتدر ، فهو هرم من أهرام المسرح في بلادنا ، وأنا تشرفت بالعمل إلى جانبه وسيكون شرفا مضاعفا لو قدر لي أن أشاركه في أعمال أخرى ، عاجل مسرحي محترف يمتاز بأخلاق رفيعة وتواضع كبير وأنا معجبة به كفنان وأخ وصديق حسن واعراب ( أستاذ ، صديق عبد الإله عاجل ) تعرفت عليه وربطت بيننا صداقة عميقة منذ الصغر ، فهو ابن الحي ، تعرفت عليه وهو يشق طريقه انطلاقا من الدرب والمدارس ودور الشباب والمخيمات الصيفية...يقوم بدور المنشط ، ومن هناك انطلق على صعيد الفن هو شخص لا يهتم بما هو مادي ، همه هو الوقوف فوق الخشبة ليعبر عما يختلج بنفسه ، وظل كذلك عندما أصبح نجما ، يعبر عن معاناة الناس والواقع شاهدت جميع أعماله ، وجلها كنت أشارك إلى جانبه في الإعداد لها منذ أن أصبحت عضوا في مكتب جمعية مسرح الكاف وتحملن مسؤولية الكاتب العام ، وأسندت لي مهام العلاقات العامة والمحافظة العامة . تعلمت منه الكثير على الصعيد التقني ، وعرفت عن كثب مقدار المجهود الذي يبذله ، فهو فنان كبير ومبدع مبتكر، وقد ساهم في تأطير وتكوين العديد من الممثلين وأعطي الكثير للساحة الفنية بالمغرب. سعيد لماني ( مستشار قانوني، صديق عبد الإله عاجل ) طلبت مني جريدة الاتحاد الاشتراكي شهادة في حقك و أفضلها أن تكون على شكل رسالة. عزيزي عاجل تحياتي الطيبة، عندما أعدت شريط علاقتنا أدركت مجددا أن الحياة تمر بسرعة مذهلة، فكيف لي أن أختزل علاقة عمرها أكثر من ربع قرن في كلمات قليلة .... أنت تعرف إعجابي بك كمخرج و ممثل مسرحي. و مشاعر الصداقة و العلاقات الإنسانية بيننا تتجاوز إطار هذه الزاوية من الشهادة. أتذكر تأسيس جمعية أصدقاء عاجل و فلان ، و أسفارنا المشتركة للجديدة و آسفي و مراكش و أكادير و ابن سليمان و طنجة و أحياء الدار البيضاء ، و أذكر مشاركتك معنا في إطار النقابة الوطنية لمحترفي المسرح عندما رفضت لائحتها لانتخابات مجلس المستشارين و محكمة الرباط و الاعتصام بوزارة الداخلية، مرورا بحفل ولادة ابني الأصغر نزار و حفل زواج ابني الأكبر فجر الأمل ثم أخيرا و ليس آخرا لقاءاتنا الجميلة خلال العشر سنوات الأخيرة في أجمل مدن المغرب طنجة. القليلون يعرفون أنك إنسان خجول و متواضع و متعفف. خجلك في العلاقات اليومية و الإنسانية يتفجر جرأة و حنكة و سرعة بديهة على خشبة المسرح، تواضعك في العلاقات اليومية و الإنسانية لا يمنعك أن تصول و تجول على خشبة المسرح. تعففك أنا شاهد على رفضك ما كنت تسميه بالسعاية لكسب كريمة أو إشهار و تلك قصة أخرى. يؤسفني أن الحياة تبدو قصيرة جدا في بعض العلاقات المليئة بالصدق و الوفاء و التي فيها كما يقول الشاعر المصري «دليل الحب عمايل و كلام الحب قليل». مع مشاعر مودتي للزهرة و عصام و نزار. عزيز الساطوري الاتحاد الاشتراكي انتهى | ||
04-09-2012 | ||
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مواضيع مماثلة
» لساحة الفنية تفقد رائدة المسرح المغربي حبيبة المذكوري
» مهرجانات سينمائية
» جواد السايح وأزمة المسرح في المغرب
» الطيب الصديقي: الصور المؤلمة لأسد المسرح المغربي
» جومانة مراد
» مهرجانات سينمائية
» جواد السايح وأزمة المسرح في المغرب
» الطيب الصديقي: الصور المؤلمة لأسد المسرح المغربي
» جومانة مراد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى