عاشقا ليلى ...
صفحة 1 من اصل 1
10102012
عاشقا ليلى ...
منذ نعومتهما احمد و حميد يعاشران ليلى و يلعبان معها, يتنافسان على تقديم الهدايا في شكل حلويات و صور مختلفة أنجبت خصيصا للأطفال, و يتقن كل واحد منهما تقنية إمدادها بالشروح و تحليلات الدروس في الابتدائي و الإعدادي و الثانوي, كبرا جنبا إلى جنب مع ليلى, تناوبوا الحضور في أعياد الميلاد و في المناسبات السعيدة أو الحزينة داخل أسرهم, كانت ليلى تحبهما و لا تفرق بينهما لأنهما احمد و حميد متساويان في التجاوب معها, يدافعان عنها, فصار عشقهما أقوى و أعمق, توظف احمد في شركة..فظهرت على جسمه الأجرة المتميزة و المنح المتوفرة, ولم لا و هو يسكن في ملكية والده, أما حميد ذو المظهر المبتذل الضالع في التجميل, انخرط في سلك حكومي ذي الأجرة المحتاجة إلى إضرابات و اعتصامات لتزيد قيد شرط مجحف, و يسكن مع والده في الكراء نغص حياة أسرته, و لم يكن هذا التناقض كابسا لجوارحهما عند حدود ليلى, بل كانت أحوالهما المتباينة تستغل قربانا للمعشوقة التي توقفت عن الدراسة و حصلت على شواهد تثبت كفاءتها في الطبخ و الغسيل و الكنس و العجين, لتتاهل الى منصب الزوجة المرتقبة عند احمد و حميد, نشطت مواهب المكر لديها للظفر بعروسة المستقبل, فأحمد يتحين الفرصة و يتجسس و يراقب و يستبق حفيف حركة غادرة او مداعبة, و حميد "فنجر " عينيه و أعد كل الخطط الممكنة و المستحيلة لصد اي هجوم مكسح في العواطف او يحاصر منطقة الهوى المحرمة على غريمه, فمنذ التوظيف بدأ الصراع و التنافس و التهافت على قلب الفاتنة لاثنين التي لم تبد اي ميل لأحدهما..فهما على ميزان واحد في سوق ليلى العاطفية لعب الشرف في تحصين اللقاء و انفراد كل واحد بمتيمته, فكانت العشرة اخوة تغلف الحب المكبوت بالعلاقة الطيبة, فهل يستفجر المسكوت عنه ؟ الأيام المقبلة ستعلن عيد ميلاد ليلى, تهيأ احمد بكل سرية لشراء هدية فاخرة تكون حجة حب و علامة تمييز في نظر ليلى, استغل ليلة ظنها اخفت عين حميد الذي لن يتمكن من شراء هدية تفوق هديتهو مشى بين الشوارع كالفار من المطاردة, وقف لحظة امام بائع الذهب و المجوهرات رمى بصره يمينا و شمالا ثم كالبرق انسل الى داخل المتجر حيث اختار سلسلة ذهبية, دسها في جيبه رفقة فاتورتها,نقلت الفرحة على جناحي الانتصار في الحب بين ازقة المدينة التى بدأ يغشاها الهدوء و رياح النوم سير عادي يهتز على نغمات عيد ميلاد فاصل بين صديقين عدوين أمام ليلى, مزقته لكلمة هوت على فكه السفلى, اسقطته على الارض كمن جمع في نعش ضحايا الود الصباب, تلقى و هو ممدود على الارض روائح بصلة و عطور نسوة و رشة ماء, استفاق من غيبوبته فرج اشفار عينيه العسليتين, تملى في وجوه كالخرفان, صدئت بالسمرة و العرق المخلوط بتراب الكداحة, وجوه نقشها الفقر فأفسد نضارة صغرها, جر بنفسه نصفه الاعلى من على الأرض نظر اسفل الاجساد المحيطة به سيقان نسوة أنسته الوجوه الخشنة انتصب قائما و رافضا المعونةو انهالت الاسئلة من لفواه حاقدة على زمن الفوضى من ضربك ؟ هل سرقت ؟ هل انت مريض ؟..لم يجب..تحسس جيبه لم يعثر على الهدية..سرت البرودة في جسمه فلم يثر فضول و شكوك الملتفين حمله من الرجال و بعض الاطفال, حوله يده الى خلف راسه حيث لمس قرصا لحميا منتفخا من اثر السقطة..لم يتهم احدا و اعتبر المشهد عاديا في ظروف يتحدث الجميع عن وقائعها السيئة, اقترب يوم عيد ميلاد ليلى, لبس اجمل ما عنده, تعطر قبل سويعات الموعد, صورت الاحلام تلك الرقصات المنشودة, علته كآبة ليلة اضاعت الهدية, اشترى اخرى متواضعة و خاصة " بالمكياج "..طرق باب ليلى, ووسط الجموع قدم هديته,فلم علبة السلسلة المسروقة مع الهدايا الاخرى القى بصره حهة حميد الذي ابتسم في سخرية لاذعة, الضربة من حميد و السقطة و السرقة من لؤمة و خداعه, الحق لا يعود للمغفلين, لأن توائم تلك السلسلة متوفرة في كل المتاجر, و المطالبة باسترجاعها جرأة مضحكة و ساخرة,انه لصديق يحبه و يقدره, و اي تصرف تافه, مر اليوم في رقص قضى حميد معظمه مع ليلاه, و لم ينل احمد سوى رقصتين معها, كان الحفل شيقا وزعت الحلويات و المشروبات على الحاضرين و في التذكير بالمناسبة اشعلت الشموع على " طورطة " رائعة ثم انطفأت بأفواه المقربين من ليلى بعد اغنية اغرقت سوق العصرية و احفاها التكرار الممل, انفض المحتفلون و مشى احمد الى جانب حميد الذي اخرسته الواقعة السوداء فلم يطرح موضوع السلسلة, اذ ثار الكلام حول الحفلة و موضوعات اخرى, لم يخلد احمد الى نبش ما يجفى صداقة توأمية, كان يتحاشى حتى حديث ليلى و جادبيتها اثناء عيد ميلادها, ودع كلاهما الىخر, فقل اللقاء بينهما الى درجة نفور و شك لا يدريان عواقبه, لكنهما تذكرا الصداقة و الايام الحلوة..فلم يخطر العداء ببالهماو اقبل الاسبوع الذي جاء ببناء خطوبة مفاجئة, وافقت ليلى على خطبتها من حميد, و ستتم يوم سبت و لم تبق الا ثلاثة ايام عن موعدها..لم يتصل احمد و لم يقدم التهاني كبرت احاسيسه و انطوى يحاسب و يؤنب و يسأل و يجيب قلبه, فهل ضاعت منه ليلى ؟ تمكنت السلسلة من تحطيم حواجز الصداقة ليلج حميد قصر الحب..سيقطف ما كان مناصفة بينهما سيملك وحده جمال الصغيرة, استبد الحزن بأحمد, نقص اكله و تقلص نومه و قل خروجه, لم يعالج ذقنه بحلاقته المعتادة, عوى في انينه كالمضروب برصاص غادرو استنجد بالرحمة و استجدى الصبر و الخلاص, استغرق في دوامته كل الوقت ليزن عواطفه ان ثقلت في حب او صداقة او الفة.. طلعت اشعة السبت, استقام امام المرآة, عياء, احمرار في العينين من طول الارق, عظام مدقوقة..وجه مظلم بلحية دقيقة و قلق...عاد الى الحمام فتسرب النشاط الى عضلاته, حلق ذقنهو ارتدى زيا انيقا ومتناسق الالوان, اكثر من انواع العطور, تناول الفطور, ودع حزنه المذاب في مياه القذارة, ترك البيت, قرر ان لا يرجع اليه الا بعد نهاية الخطبة, انتقل من مكان الى آخر و من مقهى الى اخرى و هو يفكر في حب ليلى, تناول طعام الغذاء في احدى المطاعم الفاخرة, احتسى فنجانا من البن الممتاز, بدأت الشمس رحلتها نحو المغيب, ثم استوت الفكرة الاخيرة ليندفع نحو دار صديقه حميد ومن بين المدعويين اتجه نحو صديقه البسيط و الجالس بجانب ليلى الفاتنة " بالنكافة " عانق احمد بالحضن و بحرارة القادم من سفر بعيد قدم الهدية للخطيبين فقال لحميد : " كتن اعتقد ان غيرتى بسبب الحب, لكن اكتشفت الحقيقة في اني افتخر بما املك من وظيفة و مال..انا لا انازعك ليلى, و انما انازع مكانتك..سامحني و اعتبر السلسلة هدية و اللكمة تحولا....."
أوباها حسين- عدد الرسائل : 286
العمر : 81
تاريخ التسجيل : 11/10/2011
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى