الرضيع ...هية الزواج..
صفحة 1 من اصل 1
الرضيع ...هية الزواج..
الرضيع ....هدية الزواج.
.غلطة زينها الإغراء الكاذب , بنيت على حب ملون بالغد الجميل وزواج على شرع الرب , ارتكبتها رجاء المسكينة البسيطة عقلا ومضمونا ..عاشت على حلم فى بيت عادي , صور لها المخطئ ذاك الحيز الهادئ المصقول بجمع الجنسين فيما اختاره الخالق , اختطف لذته القصيرة أثناء اندفاع الشهوة الفطرية ضدالشرف المصان , اعتقدت رجاء أنه رجل سيحميها ويجعلها زوجة تشرف العائلتين , لم تتخلف عن أي موعد من أجل ملاك لا يغادر تصوراتها ولا يفارق أضغاطا على سريرها , ابتسامته لذيذة وأقواله عسل حر , يتجرأ فى خوف وخجل , لا تقاوم عفته وحنانه ..قضت رجاء أياما عطرة بالثقة العمياء , وضعها فى إطار أسرة قادمة مبنية على المعاشرة , فهذا الأمل يرافق صديقا مكبوتا يكره النساء , ففى كل مرة ينهاه ويصف أطراف المتعة فقط والتخلص من التى ستثقل مشواره التواءا وتعدم أوقاته ..يزين وجود فتيات بالهبل وسط المدينة فهي تعج بالراغبات للمتعة بلا مقابل , رفض الحبيب غيوم البعد والفراق , لكن صديقه الملحاح استولى على عقليته وزرع فيه الخبائث وشرارة قنص اللذات والرغبات , خنق تعقله وأذاب رزانته , استغل مناسبة ليضرب عمق الحبيب ويجلب الطيش الجنسي ,حين كانت رجاء تتحدث مع ابن الجيران أحضر الحبيب ليشاهد ما بدا خيانة , رأى ألاعيب الإناث صدق ما جر إليه استبدت الخيانة الفارغة من ركائزها , وشم الغدر فى قلبه المدسوس بآراء صديق لا يحترم العواطف , أشعل الصديق نار الجناية وفتيل الانتقام .
وفى موعد مدروس ومحروس بشيطان رجيم , التقى الحبيب برجاء دعاها لترافقه إلى شاطئ البحر وهناك شربا كأسي عصير فى إحدى المقاهي فى يوم لا تصييف فيه يوم دافئ , انتهى المشروب تجولا قليلا ثم صعدا إلى تل من الرمال للتمتع بمنظر لقاء جميل بين البحر والسماء والشمس زينتهما , تحركت اللواعج , واحتك الجسدان حسب ما يريده الحبيب , فارتقى هوى الغدر ليفقدا شرف الوعود , دار الحوار حول ما تتخيله رجاء والحبيب يفتل شراسة انتقامه حولها , استرخت.. لفها ..بدأ الخطأ يتحرك ولفظة الزواج ترن فى أذنين غابا عن الاحتراس والتمسك بالتقاليد , ادعى أنه لن يفرط فيها , وأنها شريكة حياته ولن تفرقهما سوى الموت , لكنها فرطت فى ملكيتها وشاركت الشيطان عندما استيقظت من تمثيلية سخيفة .
تخلى عنها ..أجبرها على الاستجداء وطلب الستر , تسولت الاعتراف بغلطته , عاملها كواهبة ساقطة , فرضت لقاءات وفى آخرها كسر القشة التى تتمسك بجذورها اليابسة , أنهاها فى ظرف وجيز , بكت , لطمت خديها ,لم ينفعها الندم والشماتة , قمعها الحبيب بالإدانات , نفخ الحمل بطنها تدريجيا , انتهى الأمل ومات الصبر فوق أثر العودة والتسامح ..لن تنصفها المحاكم , ولن يدافع عنها أحد ..لن تجد رجلا من العائلة يعيد لها شرفها ويقتص من الحبيب الوغد الجاني , إنها بالغة وعاقلة لذلك حكمت أنها فاشلة وضعيفة الإرادة , لأنها انساقت ووقعت فى أخطاء العشاق , اقتربت من فضيحة الحمل السفاح ..بدأت تفكر فى الخلاص منه بواسطة إجهاض أو أكل ما يسممه , تلقت الرفض فالذى فى أحشائها صار حيا يرزق والقتل حرام وممنوع طبيا , بقي لها كتمه وستر الغلطة ..استعملت كل الوسائل لتسافر بعيدا وتغادر عيون الأهل والجيران والصديقات , وافق والديها اللذان لا يعلمان السر شريطة أن لا تغيب طويلا , وافقت لتنجو من وقت سيداهما ويفشي سرها , شدت الرحال إلى المجهول فى مدينة ( ... ) اتصلت بصديقتها التى تعمل فى فندق , حكت قصتها بلا كذب أو زيادة , فالصدق سيدافع عنها أمام صديقة ليست من الخارجات عن قانون الأبوين , وجدت لديها الغوث وحماية السر , ساعدتها ووفرت كل ما تحتاجه رجاء , انتفخت آثار الزنى وبدأت تدق للخروج من الحرام نحو الاستفسار ظهر المولود فى إحدى المستشفيات الحكومية , ولد معافى وفى صحة جيدة , هنأتها الصديقة وفى نيتها أن رجاء ستتخلص منه , تشاورا لفك رموز الجناية , تذكرت الحيوان ..بكت ..لقد رمى السافل فى حجرها جرثومته ..تركت المستشفى , قضت اليوم معظمه مع الصديقة , شكرتها , إنها صديقة كريمة ..ومضيافة وإنسانية ..انشغلتا فى العناية بالمولود طيلة الوقت , وكانت الصديقة تتمنى مرور الوقت لتساعد رجاء فى خدمة طفل برئ ..
فى صباح باكر ولما اعتقدت انشغال العيون فى النوم والعمل المبكر وفى يوم قليل الأمطار التى تخفي المارة , تسللت بين شوارع المدينة الخالية من سكانها تقريبا , وصلت إلى قرب منزل لم يكمل بناؤه , وضعت فلذة كبدها خلف كومة من رمال مخلوطة بحصى , رآها رجل من خلال زجاج سيارته , ينتظر بقية العمال , استغرب من سرعتها بين الجري والمشي وكأنها ارتكبت جريمة أو أن أحدا ما يلاحقها , غابت رجاء بين المباني , نزل الرجل ليستطلع المكان الذى هربت منه , وجد مولودا فى لفافته من قماش ملون وجديد , انحنى نحوه , سمي الرب , حمله بين يديه , ثم وضعه على كرسي خلفه فى السيارة , فالطفل نائم ولن يزعجه قبل مجيء باقي العمال , اطمأن , أنهى بعض الأعمال رفقة من حضر منهم , استأذن رئيس الورش , انطلق نحو منزله وهناك سلم المولود لأخته , فرحت , إنه صبي جميل تتمناه كل امرأة تحلم بالإنجاب ..ارتاح الرجل لما وجد القبول فى عيني الأنثى , فالنساء يركبن بطريقة أخرى أمام مواليد الأخريات رغم العذاب واحد ...انهالت علية الأسرة بالتقبيل والتهليل , وجد المولود تعاطفا وقدمت له خدمات كأنه يتيم وهبه الخالق لهم ..لعنوا التى أجرمت فى حق الأمومة , وحرمت الصغير من ثدي أمه , وفى بيت الصديقة ..
رجاء : أشكر صنيعك , غدا سأغادر وأعود إلى منزل والدي
الصديقة : وكيف ستعالجين مسألة ولدك المهجور ؟!
رجاء : لن أنساه , لكن والدي لن يقبلاه إلا إن كان شرعيا
الصديقة : يعلم الخالق أين هو الآن ؟
رجاء : تركته فى رعايته , فالروح ملك الرب وهو الذي سيحفظه ؟ فإن كتب لي سيعود ..
الصديقة : لا تنسي حضور زفافي فى الصيف
رجاء : لن أنساه أبدا أنت الفضل كل الفضل فى تخفيف أزمتى ,سأسجل الولد فى الحالة المدنية بدون اسم والده ومن حسن حظنا أننا لا نطلب إلا بتحضير الشواهد والوثائق فقط
الصديقة : حسنا ..إياك أن تكتشف أمك آثار الحمل
تسمع طرقا فى الباب ..
رجاء والصديقة تبتعد : لا تخافين علي سأتصرف
تفتح الباب , يظهر الرجل
الصديقة : أهلا ابن خالتي
الرجل : أهلا
الصديقة : تفضل
الرجل يتردد : سأعود مساءا
الصديقة : لا تحشم إنها صديقتي ..تفضل
رآها عن قرب , عرفها ولم يشك فيها
الصديقة , أقدم لك أعز صاحبة لي منذ الصغر
الرجل : متشرفين
رجاء : أهلا
الرجل : أعتذر ..سأعود غدا لي موضوع أريد أن أستشيرك فيه
الصديقة : إلى الغد
الرجل : مع السلامة
حيا رجاء فانسحب دون أن يثير الشكوك التى برزت من نظراته الغاضبة بالحزن
رجاء : لا أدرى لم تلك النظرات الرهيبة ؟!
الصديقة : إنها عادات فى الرجال
رجاء : لا بأس
لاح الصباح تناولت فطورها , ودعت صديقتها التى ستلتحق بعملها , سجلت الولد , دفعت ثمن التذكرة من مال المساعدة التى قدمتها الصديقة لتدبر أمورها ..ركبت الحافلة بعد ساعات طرقت باب والديها فرحا لعودتها وانهالا عليها بالأسئلة ..وفى مساء نفس اليوم حضر الرجل والتقى بالصديقة ..
الرجل : أنا أعرف رجاء
الصديقة : أين عرفتها ؟!
الرجل : قصتها تتلخص فى أنها رمت ولدها قرب البناية التى أعمل فيها
الصديقة : هل أنت محق فيما تقول ؟!
الرجل : نعم , وتعالي إلى داري لتعرفي الحقيقة وتري المولود بعينيك
الصديقة : هذه أغرب الصدف !
الرجل : نعم ..وأرجوك لا تخبريها ..
الصديقة : لماذا ؟
الرجل : رغم محنة رجاء أعجبتني , فمثيلاتها كثيرات يقعن فى المحظور ..
الصديقة : لن أخبرها
الرجل : وزاد إعجابي لما قلت أنها صديقتك منذ الصغر , وهذا ما أثلج صدري نحوها
الصديقة : أنت رجل لطيف ومهذب , ولولا الخطبة لكنت لك
الرجل : أعجبت بك لكني لم أرق لقلبك
ضحكت الصديقة: إذا عن هذا المولود كانت زيارتك
الرجل : نعم
انتهت الزيارة , وبين الأيام اكتشفت الأم آثار الحليب فى اللباس الداخلية لرجاء , ولولت وضربت فخديها , فعلمت حسب حاسة الأمهات أن ابنتها سافرت لتغيب جريمتها وتلد مولود الفحشاء , جرتها من شعرها وأسقطت ابنتها رجاء على الأرض لتشبعها ضربا وقرصا ..
الأم : أنت ملعونة ..ابنة حرام ..أتخدعيننا
حكت رجاء قصتها مع الحبيب وهي تذرف دموع الندم والمهانة , سكتت الأم وارتاحت لأن الأب لن يعرف القصة , سادت السكينة فى الانتظار .تحملت رجاء النتيجة ..بعد أن مرت عاصفة الأم بسلام ..خرجت يوما متجهة إلى الحمام التقليدي ..التقت صدفة الحبيب الغدار , حاصرها ليكلمها , أوقفها ,شتمته بقوة , وانهالت عليه بكراهية نارية نابعة من قلب مكلوم , فتح الجرح وتعمق فى قاع الصدر , حاول استمالتها لتنصت إليه وتسامحه وهو يعتذر , طلب موعدا , بصقت عليه , أسرعت , اقتربت من الحمام ولجته بسرعة ولم تخرج منه إلا وهي محاطة بجارتيها , رأته معتصما أمام الحمام , ابتسمت تهكما , ندم فسحقته غلطته وانهال فوات الأوان يدمر بصيص ما يصبو إليه ...فارق صديقه بوازع من الذنب والتأنيب والعذاب ..طارد رجاء لتعود إليه أو تغفر زلته ..لم يفلح فى إقناعها ولم يتمكن من إحياء حب مات مدفونا فى حياة مولود ضائع يتمته غلطة أب حيوان , توقف عن ملاحقتها وصده عنادها وتصلبها فى المواقف , فثبتت القطيعة النهائية بينها وبينه , استسلم للواقع الذى طرده فارتاحت رجاء من وجه شر نغص شبابها , ارتاحت نفسيتها بعد أن أفرغت جام غضبها على الوغد , ارتاحت من عيون لم تكتشف سرها , وارتاحت لما وعدتها الأم بزوج الغفلة إن رضيت لكنها رفضت التزويج الغامض وفضلت القدر .
تعبت رجاء , قهرها عناء الدنيا , ومض الانتحار فى ذهنها , تحركت عاطفة الأمومة , خافت من مذلة وإثارة النعوت , تمسكت بأخلاقها بدأ خليط الأحداث يحرك أحاسيسها تدريجيا , الحنان , صلة الولد , نار ما آل إليه صغيرها , استجمعت قوتها ففرضت السفر لزيارة صديقتها وتقصي أثر الضائع ..وقفت فى محطة المسافرين تنتظر موعد السفر , أحست بيد توضع على كتفها ..التفتت ..
الرجل : السلام عليك ..أنا عبد الرحيم
رجاء : وعليك السلام ..أنا لا أعرفك
عبد الرحيم : تذكرى يوم زرت صديقتك فى مدينة ( ....)
رجاء : آسفة ..تذكرت الآن ..لكن ما الذى أتى بك إلى هنا ؟!
عبد الرحيم : أرسلتنى صديقتك لآتي بك وأرافقك لزيارتها
رجاء , ومن أخبرك أننى أوجد فى محطة المسافرين ؟!
عبد الرحيم : أمك
رجاء : ما الأمارة ؟
عبد الرحيم : أراك لا تثقين بالرجال
رجاء : نعم
وصف عبد الرحيم الدار من خارجها وداخلها وشكر كرم أمها التى ألحت عليه أن يشرب أي شيء
ابتسمت رجاء : الآن وثقت من كلامك
عبد الرحيم : هيا لتركبي سيارتي وأحلف أنك أول امرأة تركبها ..اتبعيني سأحمل حقيبتك
رجاء : شكرا
وعلى متن السيارة تبادلا الحديث عن كل شيء إلا حياتهما الخاصة ..توقفت السيارة أمام منزل الصديقة التى تنتظرهم وقد هيأت لهما طعام العشاء ..بعد ذلك ودعهما عبد الرحيم ..
رجاء : أختى عبد الرحيم رجل طيب عاملني بمنتهى الأدب
الصديقة : إنه ابن خالتى كنت معجبة به لكن من خطبنى حال الحظ ليقف معه
رجاء : هل سمعت خبرا عن مولود عثر عليه ؟
الصديقة : تتبعت الخبر من كل الجهات ولحد الآن يتحدث أحد عن فقدان مولود أو العثور عليه
رجاء تبكي : هل مات ؟ لقد ضيعت قطعة من روحي
الصديقة : اطمئني , لحد الساعة لازال حيا , وخبره فى الغيب
رجاء : قلبي يخبرني بشيء ما حصل لوليدي
الصديقة : اهدئي ..لن يصيبه مكروه
افترقا واندست كل واحدة فى فراش نومها , ابتلت الوسادة بدموع رجاء وصور الصغير تتعاقب فى مخيلتها , لاح الصباح وأثناء الفطور رأت الصديقة ورم عيني رجاء وحمرتهما .
الصديقة : انسي الأمر واتركيه لصاحب الشأن
رجاء : لن أستطيع تحمل فراقه
الصديقة : أين كانت أمومتك قبل التخلص منه
رجاء : ندمت , لقد تسرعت فى التصرف , فى لحظة وضعه خلف كومة الرمل فقدت شعوري وفقدت الوعي لأن طعنة الحبيب أفقدتني كل إحساس وإنسانيتي كأم أنجبت حلمها .
الصديقة : سأذهب إلى العمل , فكل ما تحتاجينه موجود , لديك كل ما تشغلين به نفسك ..وداعا , معذرة لم أسالك عن اسمه .
رجاء : وسيم
الصديقة : اسم جميل ..سيرن نغمة حلوة أثناء عملي
رجاء : شكرا
تركتها وحدها تخلط حزنها بانشغالات لا تلهيها إلا قليلا ..أمضت أسبوعا وهي تتلصص أخبارا عن مولود ضائع وخلال ذلك كان عبد الرحيم يؤنس رجاء وصديقتها ويتجول بسيارته وهما فى رفقته إلى أن انتهت الزيارة , ركبت رجاء إلى جانبه ليوصلها إلى محطة المسافرين ..
عبد الرحيم : أتمنى أن تكوني بخير
رجاء : أنا بخير
عبد الرحيم : لاحظت حزنا عميقا بدا على وجهك وفى عينيك
رجاء : تعبت من الدنيا لم أجد فيها خيرا , لا زواج ولا عمل ولا مال
عبد الرحيم يبتسم : أتريدين شراء الحياة الدنيا ؟ إنها موزعة حسب إرادتها ..انسي الهم ينساك
رجاء : ما ألطفك ! لكن ..
عبد الرحيم : لكن ماذا ؟
رجاء : لا شيء , الغضب يورط لساني
عبد الرحيم : اعتبري جزءا منك
رجاء : أنت رجل نبيا وشريف , لكنك لا تعلم عن حياتي شيئا
عبد الرحيم : قناعتي أني أراك , لا يهمنى الماضي , أنت شابة لطيفة ومؤدبة
رجاء : شكرا
عبد الرحيم : هل تريدين مشروبا أو أكلة للسفر ؟
رجاء : لا ..أعتقد أن موعد إقلاع الحافلة اقترب
عبد الرحيم : نعم ..سأعطي حقيبتك لمعاون السائق إنه يعرفني ..أرجوك أن تطلبي منه كل ما تحتاجينه أثناء رحلتك
رجاء : لا أدري كيف أعبر لك عن إعجابي بك
عبد الرحيم : أنت صديقة ابنة خالتي , إنها تحبك وتقدرك وأنا أيضا
رجاء سمعت أحبك احمر وجهها , أحنت عينيها نحو الأرض تفكر فى رجل ارتاحت بجانبه لكن الشك القديم وما جرى لها أيقظها لتسد أبواب القلب ..فكرت فى عبد الرحيم طوال الطريق , لم يبارح مخيلتها التى داهس فيها التعلق بالصبي , رجعت إلى دارها مهزومة مهددة عاطفيا , شعرت أنها تفقد الأمل وفى الدار .
الأم : هل وجدت صغيرك ؟
رجاء : لا يا أمي !
الأم : ضيعت فلذة كبدك فى تهور لا يغفر , كان عليك أن تأتيني بذاك الحفيد لأجد حلا ليقيم قريبا منا ..
رجاء : أنا السبب , الغضب أعمى بصيرتي ..وحقدي على المجرم أفقدني وعي الأمهات المحبات لصغارهن , فليسامحني الرب
الأم : غصبت جزءا من حياتنا , لكن الخير فيما اختاره الخالق
وفى دار الصديقة وهي تشرب كأس قهوة بعد عودتها من العمل وتناول طعام الغذاء رفقة عبد الرحيم الذى يرافقها لاحتساء القهوة .
الصديقة : قضيت سويعات جميلة مع رجاء , شابة ظريفة لم أغيرها بواحدة من معارفي
عبد الرحيم : هل تريدين سماع حقيقة تلك الشابة التى تفتخرين بها ؟!
الصديقة : أنت حر قل ما شئت ..
عبد الرحيم : لا تذهيبي بعيدا , ملت لرجاء ووددت لو أنها تكون من نصيبي , طابقت حلمي وناسبت اختياري
الصديقة : وأين موقع الغلطة وتخلصها من أقرب روح لروحها ؟
عبد الرحيم : أعتبر ما قامت به سرقة فرضها سوء الحظ , أنا لا أبالي بقصة ستموت مع القدم , ما يهمني أن رجاء امرأة عاقلة وناضجة للزواج قبل الكبوة ..
الصديقة : يبدو أنك مقتنع , وتريدها زوجة لك رغم الكبوة التى ستستقبلها فى حضنك
عبد الرحيم : نعم ..وأتحمل تبعات زمن غدرها ..
الصديقة : سأعينك , وسأكون سعيدة إن وافقت ولبت غرضك منها
الصديق : لكن بشرط !
الصديقة : ما هو ؟!
عبد الرحيم : إذا اعترفت بماضيها ستكون زوجة لي وسأطلع على سريرتها الصافية , وأرجوك أن لا تطلعيها على معرفتي بالسر
الصديقة , أعدك
فى إحدى العطل سافرت الصديقة على متن سيارة عبد الرحيم , زارا عائلة رجاء , رحبت بالضيفين العزيزين , فلم يشعرا أنهما غريبين , أعجب عبد الرحيم بحفاوتها وأحس أنه يقترب من قلبها المجروح .
الصديقة : جئت لأزورك وأطلب من أمك طلبا مهما
الأم : شكرا
الصديقة : تكلم يا (سي ) عبد الرحيم , فالغرض يهمك
عبد الرحيم : أطلب يد ابنتك ..أريد الارتباط وكل الشروط أوافق عليها , أنا أهتم برجاء فقط
رجاء فى موقف حرج : أحمد الرب أن والدي لازال فى العمل
الأم : لماذا ؟ !
رجاء : لأقول كل شيء لعبد الرحيم ..
حكت ورطتها والتخلي عن ولدها بالتفصيل ولم تكذب والأم مطلعة على أمرها أكدت الواقعة المسيئة لابنتها ..فرح عبد الرحيم وتأكد من عفويتها وقرر الزواج منها ...انتهت الزيارة وتم الاتفاق على الزواج ويوم الاحتفال فكان بعد زواج الصديقة..تم القران بين الصديقة وخطيبها فى حفل بهيج ..بعد شهر أقيم احتفال بمناسبة زواج عبد الرحيم برجاء , نقصت السعادة , واختلط الفرح بالحزن , والابتسامة بدموع خفيفة لا ترى للضيوف ..وفى وشوشة .
عبد الرحيم : لا تبدي الحزن لأحد , انسي الماضي
رجاء : أنا سعيدة ولن أنس تضحيتك لتحفظ شرفي بين الأهل والجيران والصديقات
عبد الرحيم : هذا واجب أقدمه لزوجتي العزيزة , سأخبرك بشيء يفرحك !
رجاء : ما هو ؟!
عبد الرحيم : سأقدم لك هدية لم تخطر على بالك
رجاء : شوقتني ..
عبد الرحيم : ستكون الهدية بين يديك الجميلتين غدا وستقدمها الصديقة كعربون لحبنا واحترامنا
رجاء : أنت تذكى في نار الفضول , والغد سيطول ويؤثر فى نفسيتي
عبد الرحيم : اصبري , إن غدا لقريب
انتهت الحفلة ومضت ليلة العريسين فى سعادة لازالت رجاء لم تفق من حلم زواج أنقذها ..وفى الغد قدمت الصديقة تحمل مولود رجاء ..بكت ..
عبد الرحيم : لا تبك ..وسيكون له إخوة
حضنت وحيدها شاكرة صداقة مخلصة وزواج أراحها من العذاب .
.غلطة زينها الإغراء الكاذب , بنيت على حب ملون بالغد الجميل وزواج على شرع الرب , ارتكبتها رجاء المسكينة البسيطة عقلا ومضمونا ..عاشت على حلم فى بيت عادي , صور لها المخطئ ذاك الحيز الهادئ المصقول بجمع الجنسين فيما اختاره الخالق , اختطف لذته القصيرة أثناء اندفاع الشهوة الفطرية ضدالشرف المصان , اعتقدت رجاء أنه رجل سيحميها ويجعلها زوجة تشرف العائلتين , لم تتخلف عن أي موعد من أجل ملاك لا يغادر تصوراتها ولا يفارق أضغاطا على سريرها , ابتسامته لذيذة وأقواله عسل حر , يتجرأ فى خوف وخجل , لا تقاوم عفته وحنانه ..قضت رجاء أياما عطرة بالثقة العمياء , وضعها فى إطار أسرة قادمة مبنية على المعاشرة , فهذا الأمل يرافق صديقا مكبوتا يكره النساء , ففى كل مرة ينهاه ويصف أطراف المتعة فقط والتخلص من التى ستثقل مشواره التواءا وتعدم أوقاته ..يزين وجود فتيات بالهبل وسط المدينة فهي تعج بالراغبات للمتعة بلا مقابل , رفض الحبيب غيوم البعد والفراق , لكن صديقه الملحاح استولى على عقليته وزرع فيه الخبائث وشرارة قنص اللذات والرغبات , خنق تعقله وأذاب رزانته , استغل مناسبة ليضرب عمق الحبيب ويجلب الطيش الجنسي ,حين كانت رجاء تتحدث مع ابن الجيران أحضر الحبيب ليشاهد ما بدا خيانة , رأى ألاعيب الإناث صدق ما جر إليه استبدت الخيانة الفارغة من ركائزها , وشم الغدر فى قلبه المدسوس بآراء صديق لا يحترم العواطف , أشعل الصديق نار الجناية وفتيل الانتقام .
وفى موعد مدروس ومحروس بشيطان رجيم , التقى الحبيب برجاء دعاها لترافقه إلى شاطئ البحر وهناك شربا كأسي عصير فى إحدى المقاهي فى يوم لا تصييف فيه يوم دافئ , انتهى المشروب تجولا قليلا ثم صعدا إلى تل من الرمال للتمتع بمنظر لقاء جميل بين البحر والسماء والشمس زينتهما , تحركت اللواعج , واحتك الجسدان حسب ما يريده الحبيب , فارتقى هوى الغدر ليفقدا شرف الوعود , دار الحوار حول ما تتخيله رجاء والحبيب يفتل شراسة انتقامه حولها , استرخت.. لفها ..بدأ الخطأ يتحرك ولفظة الزواج ترن فى أذنين غابا عن الاحتراس والتمسك بالتقاليد , ادعى أنه لن يفرط فيها , وأنها شريكة حياته ولن تفرقهما سوى الموت , لكنها فرطت فى ملكيتها وشاركت الشيطان عندما استيقظت من تمثيلية سخيفة .
تخلى عنها ..أجبرها على الاستجداء وطلب الستر , تسولت الاعتراف بغلطته , عاملها كواهبة ساقطة , فرضت لقاءات وفى آخرها كسر القشة التى تتمسك بجذورها اليابسة , أنهاها فى ظرف وجيز , بكت , لطمت خديها ,لم ينفعها الندم والشماتة , قمعها الحبيب بالإدانات , نفخ الحمل بطنها تدريجيا , انتهى الأمل ومات الصبر فوق أثر العودة والتسامح ..لن تنصفها المحاكم , ولن يدافع عنها أحد ..لن تجد رجلا من العائلة يعيد لها شرفها ويقتص من الحبيب الوغد الجاني , إنها بالغة وعاقلة لذلك حكمت أنها فاشلة وضعيفة الإرادة , لأنها انساقت ووقعت فى أخطاء العشاق , اقتربت من فضيحة الحمل السفاح ..بدأت تفكر فى الخلاص منه بواسطة إجهاض أو أكل ما يسممه , تلقت الرفض فالذى فى أحشائها صار حيا يرزق والقتل حرام وممنوع طبيا , بقي لها كتمه وستر الغلطة ..استعملت كل الوسائل لتسافر بعيدا وتغادر عيون الأهل والجيران والصديقات , وافق والديها اللذان لا يعلمان السر شريطة أن لا تغيب طويلا , وافقت لتنجو من وقت سيداهما ويفشي سرها , شدت الرحال إلى المجهول فى مدينة ( ... ) اتصلت بصديقتها التى تعمل فى فندق , حكت قصتها بلا كذب أو زيادة , فالصدق سيدافع عنها أمام صديقة ليست من الخارجات عن قانون الأبوين , وجدت لديها الغوث وحماية السر , ساعدتها ووفرت كل ما تحتاجه رجاء , انتفخت آثار الزنى وبدأت تدق للخروج من الحرام نحو الاستفسار ظهر المولود فى إحدى المستشفيات الحكومية , ولد معافى وفى صحة جيدة , هنأتها الصديقة وفى نيتها أن رجاء ستتخلص منه , تشاورا لفك رموز الجناية , تذكرت الحيوان ..بكت ..لقد رمى السافل فى حجرها جرثومته ..تركت المستشفى , قضت اليوم معظمه مع الصديقة , شكرتها , إنها صديقة كريمة ..ومضيافة وإنسانية ..انشغلتا فى العناية بالمولود طيلة الوقت , وكانت الصديقة تتمنى مرور الوقت لتساعد رجاء فى خدمة طفل برئ ..
فى صباح باكر ولما اعتقدت انشغال العيون فى النوم والعمل المبكر وفى يوم قليل الأمطار التى تخفي المارة , تسللت بين شوارع المدينة الخالية من سكانها تقريبا , وصلت إلى قرب منزل لم يكمل بناؤه , وضعت فلذة كبدها خلف كومة من رمال مخلوطة بحصى , رآها رجل من خلال زجاج سيارته , ينتظر بقية العمال , استغرب من سرعتها بين الجري والمشي وكأنها ارتكبت جريمة أو أن أحدا ما يلاحقها , غابت رجاء بين المباني , نزل الرجل ليستطلع المكان الذى هربت منه , وجد مولودا فى لفافته من قماش ملون وجديد , انحنى نحوه , سمي الرب , حمله بين يديه , ثم وضعه على كرسي خلفه فى السيارة , فالطفل نائم ولن يزعجه قبل مجيء باقي العمال , اطمأن , أنهى بعض الأعمال رفقة من حضر منهم , استأذن رئيس الورش , انطلق نحو منزله وهناك سلم المولود لأخته , فرحت , إنه صبي جميل تتمناه كل امرأة تحلم بالإنجاب ..ارتاح الرجل لما وجد القبول فى عيني الأنثى , فالنساء يركبن بطريقة أخرى أمام مواليد الأخريات رغم العذاب واحد ...انهالت علية الأسرة بالتقبيل والتهليل , وجد المولود تعاطفا وقدمت له خدمات كأنه يتيم وهبه الخالق لهم ..لعنوا التى أجرمت فى حق الأمومة , وحرمت الصغير من ثدي أمه , وفى بيت الصديقة ..
رجاء : أشكر صنيعك , غدا سأغادر وأعود إلى منزل والدي
الصديقة : وكيف ستعالجين مسألة ولدك المهجور ؟!
رجاء : لن أنساه , لكن والدي لن يقبلاه إلا إن كان شرعيا
الصديقة : يعلم الخالق أين هو الآن ؟
رجاء : تركته فى رعايته , فالروح ملك الرب وهو الذي سيحفظه ؟ فإن كتب لي سيعود ..
الصديقة : لا تنسي حضور زفافي فى الصيف
رجاء : لن أنساه أبدا أنت الفضل كل الفضل فى تخفيف أزمتى ,سأسجل الولد فى الحالة المدنية بدون اسم والده ومن حسن حظنا أننا لا نطلب إلا بتحضير الشواهد والوثائق فقط
الصديقة : حسنا ..إياك أن تكتشف أمك آثار الحمل
تسمع طرقا فى الباب ..
رجاء والصديقة تبتعد : لا تخافين علي سأتصرف
تفتح الباب , يظهر الرجل
الصديقة : أهلا ابن خالتي
الرجل : أهلا
الصديقة : تفضل
الرجل يتردد : سأعود مساءا
الصديقة : لا تحشم إنها صديقتي ..تفضل
رآها عن قرب , عرفها ولم يشك فيها
الصديقة , أقدم لك أعز صاحبة لي منذ الصغر
الرجل : متشرفين
رجاء : أهلا
الرجل : أعتذر ..سأعود غدا لي موضوع أريد أن أستشيرك فيه
الصديقة : إلى الغد
الرجل : مع السلامة
حيا رجاء فانسحب دون أن يثير الشكوك التى برزت من نظراته الغاضبة بالحزن
رجاء : لا أدرى لم تلك النظرات الرهيبة ؟!
الصديقة : إنها عادات فى الرجال
رجاء : لا بأس
لاح الصباح تناولت فطورها , ودعت صديقتها التى ستلتحق بعملها , سجلت الولد , دفعت ثمن التذكرة من مال المساعدة التى قدمتها الصديقة لتدبر أمورها ..ركبت الحافلة بعد ساعات طرقت باب والديها فرحا لعودتها وانهالا عليها بالأسئلة ..وفى مساء نفس اليوم حضر الرجل والتقى بالصديقة ..
الرجل : أنا أعرف رجاء
الصديقة : أين عرفتها ؟!
الرجل : قصتها تتلخص فى أنها رمت ولدها قرب البناية التى أعمل فيها
الصديقة : هل أنت محق فيما تقول ؟!
الرجل : نعم , وتعالي إلى داري لتعرفي الحقيقة وتري المولود بعينيك
الصديقة : هذه أغرب الصدف !
الرجل : نعم ..وأرجوك لا تخبريها ..
الصديقة : لماذا ؟
الرجل : رغم محنة رجاء أعجبتني , فمثيلاتها كثيرات يقعن فى المحظور ..
الصديقة : لن أخبرها
الرجل : وزاد إعجابي لما قلت أنها صديقتك منذ الصغر , وهذا ما أثلج صدري نحوها
الصديقة : أنت رجل لطيف ومهذب , ولولا الخطبة لكنت لك
الرجل : أعجبت بك لكني لم أرق لقلبك
ضحكت الصديقة: إذا عن هذا المولود كانت زيارتك
الرجل : نعم
انتهت الزيارة , وبين الأيام اكتشفت الأم آثار الحليب فى اللباس الداخلية لرجاء , ولولت وضربت فخديها , فعلمت حسب حاسة الأمهات أن ابنتها سافرت لتغيب جريمتها وتلد مولود الفحشاء , جرتها من شعرها وأسقطت ابنتها رجاء على الأرض لتشبعها ضربا وقرصا ..
الأم : أنت ملعونة ..ابنة حرام ..أتخدعيننا
حكت رجاء قصتها مع الحبيب وهي تذرف دموع الندم والمهانة , سكتت الأم وارتاحت لأن الأب لن يعرف القصة , سادت السكينة فى الانتظار .تحملت رجاء النتيجة ..بعد أن مرت عاصفة الأم بسلام ..خرجت يوما متجهة إلى الحمام التقليدي ..التقت صدفة الحبيب الغدار , حاصرها ليكلمها , أوقفها ,شتمته بقوة , وانهالت عليه بكراهية نارية نابعة من قلب مكلوم , فتح الجرح وتعمق فى قاع الصدر , حاول استمالتها لتنصت إليه وتسامحه وهو يعتذر , طلب موعدا , بصقت عليه , أسرعت , اقتربت من الحمام ولجته بسرعة ولم تخرج منه إلا وهي محاطة بجارتيها , رأته معتصما أمام الحمام , ابتسمت تهكما , ندم فسحقته غلطته وانهال فوات الأوان يدمر بصيص ما يصبو إليه ...فارق صديقه بوازع من الذنب والتأنيب والعذاب ..طارد رجاء لتعود إليه أو تغفر زلته ..لم يفلح فى إقناعها ولم يتمكن من إحياء حب مات مدفونا فى حياة مولود ضائع يتمته غلطة أب حيوان , توقف عن ملاحقتها وصده عنادها وتصلبها فى المواقف , فثبتت القطيعة النهائية بينها وبينه , استسلم للواقع الذى طرده فارتاحت رجاء من وجه شر نغص شبابها , ارتاحت نفسيتها بعد أن أفرغت جام غضبها على الوغد , ارتاحت من عيون لم تكتشف سرها , وارتاحت لما وعدتها الأم بزوج الغفلة إن رضيت لكنها رفضت التزويج الغامض وفضلت القدر .
تعبت رجاء , قهرها عناء الدنيا , ومض الانتحار فى ذهنها , تحركت عاطفة الأمومة , خافت من مذلة وإثارة النعوت , تمسكت بأخلاقها بدأ خليط الأحداث يحرك أحاسيسها تدريجيا , الحنان , صلة الولد , نار ما آل إليه صغيرها , استجمعت قوتها ففرضت السفر لزيارة صديقتها وتقصي أثر الضائع ..وقفت فى محطة المسافرين تنتظر موعد السفر , أحست بيد توضع على كتفها ..التفتت ..
الرجل : السلام عليك ..أنا عبد الرحيم
رجاء : وعليك السلام ..أنا لا أعرفك
عبد الرحيم : تذكرى يوم زرت صديقتك فى مدينة ( ....)
رجاء : آسفة ..تذكرت الآن ..لكن ما الذى أتى بك إلى هنا ؟!
عبد الرحيم : أرسلتنى صديقتك لآتي بك وأرافقك لزيارتها
رجاء , ومن أخبرك أننى أوجد فى محطة المسافرين ؟!
عبد الرحيم : أمك
رجاء : ما الأمارة ؟
عبد الرحيم : أراك لا تثقين بالرجال
رجاء : نعم
وصف عبد الرحيم الدار من خارجها وداخلها وشكر كرم أمها التى ألحت عليه أن يشرب أي شيء
ابتسمت رجاء : الآن وثقت من كلامك
عبد الرحيم : هيا لتركبي سيارتي وأحلف أنك أول امرأة تركبها ..اتبعيني سأحمل حقيبتك
رجاء : شكرا
وعلى متن السيارة تبادلا الحديث عن كل شيء إلا حياتهما الخاصة ..توقفت السيارة أمام منزل الصديقة التى تنتظرهم وقد هيأت لهما طعام العشاء ..بعد ذلك ودعهما عبد الرحيم ..
رجاء : أختى عبد الرحيم رجل طيب عاملني بمنتهى الأدب
الصديقة : إنه ابن خالتى كنت معجبة به لكن من خطبنى حال الحظ ليقف معه
رجاء : هل سمعت خبرا عن مولود عثر عليه ؟
الصديقة : تتبعت الخبر من كل الجهات ولحد الآن يتحدث أحد عن فقدان مولود أو العثور عليه
رجاء تبكي : هل مات ؟ لقد ضيعت قطعة من روحي
الصديقة : اطمئني , لحد الساعة لازال حيا , وخبره فى الغيب
رجاء : قلبي يخبرني بشيء ما حصل لوليدي
الصديقة : اهدئي ..لن يصيبه مكروه
افترقا واندست كل واحدة فى فراش نومها , ابتلت الوسادة بدموع رجاء وصور الصغير تتعاقب فى مخيلتها , لاح الصباح وأثناء الفطور رأت الصديقة ورم عيني رجاء وحمرتهما .
الصديقة : انسي الأمر واتركيه لصاحب الشأن
رجاء : لن أستطيع تحمل فراقه
الصديقة : أين كانت أمومتك قبل التخلص منه
رجاء : ندمت , لقد تسرعت فى التصرف , فى لحظة وضعه خلف كومة الرمل فقدت شعوري وفقدت الوعي لأن طعنة الحبيب أفقدتني كل إحساس وإنسانيتي كأم أنجبت حلمها .
الصديقة : سأذهب إلى العمل , فكل ما تحتاجينه موجود , لديك كل ما تشغلين به نفسك ..وداعا , معذرة لم أسالك عن اسمه .
رجاء : وسيم
الصديقة : اسم جميل ..سيرن نغمة حلوة أثناء عملي
رجاء : شكرا
تركتها وحدها تخلط حزنها بانشغالات لا تلهيها إلا قليلا ..أمضت أسبوعا وهي تتلصص أخبارا عن مولود ضائع وخلال ذلك كان عبد الرحيم يؤنس رجاء وصديقتها ويتجول بسيارته وهما فى رفقته إلى أن انتهت الزيارة , ركبت رجاء إلى جانبه ليوصلها إلى محطة المسافرين ..
عبد الرحيم : أتمنى أن تكوني بخير
رجاء : أنا بخير
عبد الرحيم : لاحظت حزنا عميقا بدا على وجهك وفى عينيك
رجاء : تعبت من الدنيا لم أجد فيها خيرا , لا زواج ولا عمل ولا مال
عبد الرحيم يبتسم : أتريدين شراء الحياة الدنيا ؟ إنها موزعة حسب إرادتها ..انسي الهم ينساك
رجاء : ما ألطفك ! لكن ..
عبد الرحيم : لكن ماذا ؟
رجاء : لا شيء , الغضب يورط لساني
عبد الرحيم : اعتبري جزءا منك
رجاء : أنت رجل نبيا وشريف , لكنك لا تعلم عن حياتي شيئا
عبد الرحيم : قناعتي أني أراك , لا يهمنى الماضي , أنت شابة لطيفة ومؤدبة
رجاء : شكرا
عبد الرحيم : هل تريدين مشروبا أو أكلة للسفر ؟
رجاء : لا ..أعتقد أن موعد إقلاع الحافلة اقترب
عبد الرحيم : نعم ..سأعطي حقيبتك لمعاون السائق إنه يعرفني ..أرجوك أن تطلبي منه كل ما تحتاجينه أثناء رحلتك
رجاء : لا أدري كيف أعبر لك عن إعجابي بك
عبد الرحيم : أنت صديقة ابنة خالتي , إنها تحبك وتقدرك وأنا أيضا
رجاء سمعت أحبك احمر وجهها , أحنت عينيها نحو الأرض تفكر فى رجل ارتاحت بجانبه لكن الشك القديم وما جرى لها أيقظها لتسد أبواب القلب ..فكرت فى عبد الرحيم طوال الطريق , لم يبارح مخيلتها التى داهس فيها التعلق بالصبي , رجعت إلى دارها مهزومة مهددة عاطفيا , شعرت أنها تفقد الأمل وفى الدار .
الأم : هل وجدت صغيرك ؟
رجاء : لا يا أمي !
الأم : ضيعت فلذة كبدك فى تهور لا يغفر , كان عليك أن تأتيني بذاك الحفيد لأجد حلا ليقيم قريبا منا ..
رجاء : أنا السبب , الغضب أعمى بصيرتي ..وحقدي على المجرم أفقدني وعي الأمهات المحبات لصغارهن , فليسامحني الرب
الأم : غصبت جزءا من حياتنا , لكن الخير فيما اختاره الخالق
وفى دار الصديقة وهي تشرب كأس قهوة بعد عودتها من العمل وتناول طعام الغذاء رفقة عبد الرحيم الذى يرافقها لاحتساء القهوة .
الصديقة : قضيت سويعات جميلة مع رجاء , شابة ظريفة لم أغيرها بواحدة من معارفي
عبد الرحيم : هل تريدين سماع حقيقة تلك الشابة التى تفتخرين بها ؟!
الصديقة : أنت حر قل ما شئت ..
عبد الرحيم : لا تذهيبي بعيدا , ملت لرجاء ووددت لو أنها تكون من نصيبي , طابقت حلمي وناسبت اختياري
الصديقة : وأين موقع الغلطة وتخلصها من أقرب روح لروحها ؟
عبد الرحيم : أعتبر ما قامت به سرقة فرضها سوء الحظ , أنا لا أبالي بقصة ستموت مع القدم , ما يهمني أن رجاء امرأة عاقلة وناضجة للزواج قبل الكبوة ..
الصديقة : يبدو أنك مقتنع , وتريدها زوجة لك رغم الكبوة التى ستستقبلها فى حضنك
عبد الرحيم : نعم ..وأتحمل تبعات زمن غدرها ..
الصديقة : سأعينك , وسأكون سعيدة إن وافقت ولبت غرضك منها
الصديق : لكن بشرط !
الصديقة : ما هو ؟!
عبد الرحيم : إذا اعترفت بماضيها ستكون زوجة لي وسأطلع على سريرتها الصافية , وأرجوك أن لا تطلعيها على معرفتي بالسر
الصديقة , أعدك
فى إحدى العطل سافرت الصديقة على متن سيارة عبد الرحيم , زارا عائلة رجاء , رحبت بالضيفين العزيزين , فلم يشعرا أنهما غريبين , أعجب عبد الرحيم بحفاوتها وأحس أنه يقترب من قلبها المجروح .
الصديقة : جئت لأزورك وأطلب من أمك طلبا مهما
الأم : شكرا
الصديقة : تكلم يا (سي ) عبد الرحيم , فالغرض يهمك
عبد الرحيم : أطلب يد ابنتك ..أريد الارتباط وكل الشروط أوافق عليها , أنا أهتم برجاء فقط
رجاء فى موقف حرج : أحمد الرب أن والدي لازال فى العمل
الأم : لماذا ؟ !
رجاء : لأقول كل شيء لعبد الرحيم ..
حكت ورطتها والتخلي عن ولدها بالتفصيل ولم تكذب والأم مطلعة على أمرها أكدت الواقعة المسيئة لابنتها ..فرح عبد الرحيم وتأكد من عفويتها وقرر الزواج منها ...انتهت الزيارة وتم الاتفاق على الزواج ويوم الاحتفال فكان بعد زواج الصديقة..تم القران بين الصديقة وخطيبها فى حفل بهيج ..بعد شهر أقيم احتفال بمناسبة زواج عبد الرحيم برجاء , نقصت السعادة , واختلط الفرح بالحزن , والابتسامة بدموع خفيفة لا ترى للضيوف ..وفى وشوشة .
عبد الرحيم : لا تبدي الحزن لأحد , انسي الماضي
رجاء : أنا سعيدة ولن أنس تضحيتك لتحفظ شرفي بين الأهل والجيران والصديقات
عبد الرحيم : هذا واجب أقدمه لزوجتي العزيزة , سأخبرك بشيء يفرحك !
رجاء : ما هو ؟!
عبد الرحيم : سأقدم لك هدية لم تخطر على بالك
رجاء : شوقتني ..
عبد الرحيم : ستكون الهدية بين يديك الجميلتين غدا وستقدمها الصديقة كعربون لحبنا واحترامنا
رجاء : أنت تذكى في نار الفضول , والغد سيطول ويؤثر فى نفسيتي
عبد الرحيم : اصبري , إن غدا لقريب
انتهت الحفلة ومضت ليلة العريسين فى سعادة لازالت رجاء لم تفق من حلم زواج أنقذها ..وفى الغد قدمت الصديقة تحمل مولود رجاء ..بكت ..
عبد الرحيم : لا تبك ..وسيكون له إخوة
حضنت وحيدها شاكرة صداقة مخلصة وزواج أراحها من العذاب .
أوباها حسين- عدد الرسائل : 286
العمر : 81
تاريخ التسجيل : 11/10/2011
مواضيع مماثلة
» جزائري يحرق ابنه الرضيع لأنه لا يتحمل بكاء الأطفال
» يوم التقى الرضيع عبد الرفيع جواهري بوالده في السجن / عبداللطيف جبرو
» **غرائب الزواج:
» أزمة الزواج في العالم
» جدل العذرية قبل الزواج في فرنسا..
» يوم التقى الرضيع عبد الرفيع جواهري بوالده في السجن / عبداللطيف جبرو
» **غرائب الزواج:
» أزمة الزواج في العالم
» جدل العذرية قبل الزواج في فرنسا..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى