نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.
يمكنُ القول للأسف بأنّ عددا كبيرا من هؤلاء غير مطّلعين حتى على السّير النبويّة ولا حتى على ما يورده البخاري في صحيحه عنِ الطبيعة البشرية الإنسانية للرسول، والتي تجْعله يتصرّف كباقي البشر في حياته اليومية والعائلية الخ. إنّ الكثيرين ممّن يتكلّمون اليوم باسم الدين الإسلامي للأسف، وفي هذه المرحلة التي تعرف تراجعا كبيرا في المعرفة التاريخية والدينية على حدّ سواء، يبقون في السطح ويكتفون بترديد نتف مما ورد عن حياة الرسول. بلْ الأدهى والأمرّ من هذا هو ذهابهم في أحايين كثيرة إلى أبعد من ذلك، فيقومون بحذف ما لا يجدونه ملائما لهم في حياة الرسول من السيرة، أو ما يعتبرونه هم مسيئا إلى شخصه، من ثمّ يروون أمورا يرفضها العقل ولا يقبلها المنطق السليم.
أما النوع الثاني، فينطلقُ من موقفٍ مخالفٍ تماما، موقف كله سُخرية وتفكّه وتصيّد لأخبار عن الرسول والنساء هنا وهناك. وهذا النوع من الكتابات كالنوع الأوّل، يفصل الوقائع والحقائق عن سياقاتها، ويسعى في المقام الأوّل إلى النّيْل من شخص الرّسول، وليْس سرْد الأمور كما جرتْ بالفعل، وربطها بمختلف العلائق والتحوّلات التي كانتْ تعتمل في شبه الجزيرة العربية في بداية القرن السابع الميلادي. وهكذا، فلنْ نقف عند كلام لا معنى له، ولا يقبله العقل البشريّ اليوم من قبيل تلك الأحاديث التبريرية المنتشرة حوْل «القوّة الجنسية» الخارقة للرسول، والتي نجدها في «باب ذكر ما أعطي رسول الله من القوة على الجماع» من قبيل: «أتاني جبريل بقِدْر فأكلت منها فأعطيتُ قوة أربعين رجلا في الجماع»، أو»عن مجاهد قال: أعطى النبي بضع قوة نكاح أربعين رجلا وأعطى كل رجل من أهل الجنة بضع ثمانين». ويكفي القارئ أنْ يعرف يتأمّل في رقم «40»، الذي يدور كثيرا في المتخيَّل العربي الشعبي، في العديد من القضايا والجزْئيات، ليقف عند عدم صحّة مثل هذه الأحاديث الموضوعة والعجائبية. الشيء نفسه يمكن أنْ يُقال عن «كيفية جماع الرسول لنسائه». ومنْ المشروع والطبيعيّ هنا أنْ يتساءل القارئ: هلْ كان أبو هريرة وابن عباس وغيرهما يلازمون الرسول حتى في حياته الحميمية مع زوجاته ويدوّنون كلّ ما يجري في البيت النبويّ؟ ثمّ ما الذي يدفع عائشة بنت أبي بكر لكيْ تحدّث الناس بما كان يقوم به الرسول مع نسائه؟ ما السبب الذي يجعل عائشة زوجة الرسول تقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم يباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض»!!، أو تقول:»كانت إحدانا إذا كانت حائض فأراد النبي صلعم أن يباشرها أمرها أن تأتزر في فور حيضتها(؟) ثم يباشرها قالت وآيكم يملك أربه كما كان النبيّ صلعم يملك أربه»!!. لا حاجة للتذكير هنا بأنّ جلّ ما يُروى، في علاقة الرسول بنسائه، ترويه عائشة، بما في ذلك ما يعنيها هي كحديث الإفك في صحيح البخاري والسير النبوية. الجانب الذاتي واضح عند عائشة، وهو المتمثّل في غيرتها، كامرأة، من خديجة، زوجة الرسول الأولى وإن لم ترها، وكذلك غيرتها من أمّ سلمة وزينب بنت جحش التي قالت للرسول عند زواجه منها، كما سنرى فيما بعد :»ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك»، وتحدثت عن حادثة المغافير الخ. ويكفي أنْ نورد هنا ما يقوله ابن سعد في «الطّبقات»، حين طلبت عائشة بأنْ لا تُدفَنَ مع النبيّ قائلة:»إنّي قد أحدثت بعد رسول الله (ص)، فادفنوني مع أزواج النبيّ». لذلك تسعى هذه الحلقات عن الرّسول ونسائه، أوْ على الأصَحّ، عن الرّسول وعلاقته بالنساء، لا إلى تبنّي هذا الموقف أو ذاك، تمجيديّا كانَ أوْ تبخيسيّا، وإنما إلى إدْراج هذه العلاقة ضمْن السياق التاريخيّ والاجتماعيّ والسياسيّ والقَبَليّ الذي تحكّم في شروط إمكان هذه العلاقة. منها ما يعودُ أساسا إلى مرْحلة ما قبْل الإسلام، والتي لمْ تقطع معها المرْحلة الإسلامية بشكل جذريّ، لاعتبارات نعود إليها فيما بعد، ومنها ما يتّصل بتفاعلات المرْحلة الجديدة، وهي على كلّ حال لا تجعل الرّسول نشازاً ولا استثناءا.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
06 يوليوز 2013
(1)
يمكنُ القول للأسف بأنّ عددا كبيرا من هؤلاء غير مطّلعين حتى على السّير النبويّة ولا حتى على ما يورده البخاري في صحيحه عنِ الطبيعة البشرية الإنسانية للرسول، والتي تجْعله يتصرّف كباقي البشر في حياته اليومية والعائلية الخ. إنّ الكثيرين ممّن يتكلّمون اليوم باسم الدين الإسلامي للأسف، وفي هذه المرحلة التي تعرف تراجعا كبيرا في المعرفة التاريخية والدينية على حدّ سواء، يبقون في السطح ويكتفون بترديد نتف مما ورد عن حياة الرسول. بلْ الأدهى والأمرّ من هذا هو ذهابهم في أحايين كثيرة إلى أبعد من ذلك، فيقومون بحذف ما لا يجدونه ملائما لهم في حياة الرسول من السيرة، أو ما يعتبرونه هم مسيئا إلى شخصه، من ثمّ يروون أمورا يرفضها العقل ولا يقبلها المنطق السليم.
أما النوع الثاني، فينطلقُ من موقفٍ مخالفٍ تماما، موقف كله سُخرية وتفكّه وتصيّد لأخبار عن الرسول والنساء هنا وهناك. وهذا النوع من الكتابات كالنوع الأوّل، يفصل الوقائع والحقائق عن سياقاتها، ويسعى في المقام الأوّل إلى النّيْل من شخص الرّسول، وليْس سرْد الأمور كما جرتْ بالفعل، وربطها بمختلف العلائق والتحوّلات التي كانتْ تعتمل في شبه الجزيرة العربية في بداية القرن السابع الميلادي. وهكذا، فلنْ نقف عند كلام لا معنى له، ولا يقبله العقل البشريّ اليوم من قبيل تلك الأحاديث التبريرية المنتشرة حوْل «القوّة الجنسية» الخارقة للرسول، والتي نجدها في «باب ذكر ما أعطي رسول الله من القوة على الجماع» من قبيل: «أتاني جبريل بقِدْر فأكلت منها فأعطيتُ قوة أربعين رجلا في الجماع»، أو»عن مجاهد قال: أعطى النبي بضع قوة نكاح أربعين رجلا وأعطى كل رجل من أهل الجنة بضع ثمانين». ويكفي القارئ أنْ يعرف يتأمّل في رقم «40»، الذي يدور كثيرا في المتخيَّل العربي الشعبي، في العديد من القضايا والجزْئيات، ليقف عند عدم صحّة مثل هذه الأحاديث الموضوعة والعجائبية. الشيء نفسه يمكن أنْ يُقال عن «كيفية جماع الرسول لنسائه». ومنْ المشروع والطبيعيّ هنا أنْ يتساءل القارئ: هلْ كان أبو هريرة وابن عباس وغيرهما يلازمون الرسول حتى في حياته الحميمية مع زوجاته ويدوّنون كلّ ما يجري في البيت النبويّ؟ ثمّ ما الذي يدفع عائشة بنت أبي بكر لكيْ تحدّث الناس بما كان يقوم به الرسول مع نسائه؟ ما السبب الذي يجعل عائشة زوجة الرسول تقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم يباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض»!!، أو تقول:»كانت إحدانا إذا كانت حائض فأراد النبي صلعم أن يباشرها أمرها أن تأتزر في فور حيضتها(؟) ثم يباشرها قالت وآيكم يملك أربه كما كان النبيّ صلعم يملك أربه»!!. لا حاجة للتذكير هنا بأنّ جلّ ما يُروى، في علاقة الرسول بنسائه، ترويه عائشة، بما في ذلك ما يعنيها هي كحديث الإفك في صحيح البخاري والسير النبوية. الجانب الذاتي واضح عند عائشة، وهو المتمثّل في غيرتها، كامرأة، من خديجة، زوجة الرسول الأولى وإن لم ترها، وكذلك غيرتها من أمّ سلمة وزينب بنت جحش التي قالت للرسول عند زواجه منها، كما سنرى فيما بعد :»ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك»، وتحدثت عن حادثة المغافير الخ. ويكفي أنْ نورد هنا ما يقوله ابن سعد في «الطّبقات»، حين طلبت عائشة بأنْ لا تُدفَنَ مع النبيّ قائلة:»إنّي قد أحدثت بعد رسول الله (ص)، فادفنوني مع أزواج النبيّ». لذلك تسعى هذه الحلقات عن الرّسول ونسائه، أوْ على الأصَحّ، عن الرّسول وعلاقته بالنساء، لا إلى تبنّي هذا الموقف أو ذاك، تمجيديّا كانَ أوْ تبخيسيّا، وإنما إلى إدْراج هذه العلاقة ضمْن السياق التاريخيّ والاجتماعيّ والسياسيّ والقَبَليّ الذي تحكّم في شروط إمكان هذه العلاقة. منها ما يعودُ أساسا إلى مرْحلة ما قبْل الإسلام، والتي لمْ تقطع معها المرْحلة الإسلامية بشكل جذريّ، لاعتبارات نعود إليها فيما بعد، ومنها ما يتّصل بتفاعلات المرْحلة الجديدة، وهي على كلّ حال لا تجعل الرّسول نشازاً ولا استثناءا.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
06 يوليوز 2013
(1)
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(2) - الإسلام في بداياته لمْ يُلغ التعددية الزوجية
كلّ ما في الأمْر أنّ التركيز على شخْصه مردّه، في حقيقة الأمْر، إلى كونه نبيّا حاملا لرسالة دينية. إنّ التساؤل الأوّل الذي يمكنُ أنْ يطرحه المرْء هو: ما هو السبب في هذا الإحساس بالشغف بالجنس الآخر، بالنساء، في منطقة شبه الجزيرة العربية؟ هلْ نرّد هاجس الشّغف بالجنس الآخر، في المجتمع العربي القديم، إلى حرارة الطقس في منطقة الحجاز وطلاقته وجفافه، إضافة إلى البداوة التي ميزته، كما فعل البعض؟ (انظر كتاب» العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع يثرب في العهْدين المحمدي والخليفي» لخليل عبد الكريم، ص. 433 )، أمْ أنّه مرتبط بالتحوّل القبَلي الذي عرفته المنْطقة؟ أمْ أنّ الأمْر يتعلق باستمرار لعادة سابقة على الإسْلام؟
مهما يكن من أمْر، فإنّ الحقيقة التي نطالعها في النّصوص المكرّسة في التراث العربي الإسلامي، تفيدُ بأنّه كان من الطبيعيّ أنْ يمتلك الرّجل أكثر من أربع نساء ( يكنّ «تحته»، بحسب التعبير الذي استمرّ استعماله في الفترة الإسلامية). كان تعدد الزوجات، الذي يصلُ أحيانا إلى الاقتران بعشْر نساء، علامة على الوَجَاهة ورفْعة النسب وعلوّ الشرف، والغنى في جميع الأحْوال. وفي هذا السياق يورد كلّ من الإماميْن أحمد وأبي داوود، والمقدسيّ في كتابه «الشرح الكبير»، كيف أنّه عند دخول أحدهم الإسلام كان الرّسول يأمره بطلاق ما زاد على الأربع زوجات. ومنه ما يروُونه عن قيس بن الحارث الذي قال: «أسلمتُ وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبيّ (ص) فقلت له ذلك فقال: اختر منهن أربعاً». كما يُروى عن غيلان بن سلمة أنه «أسلم وتحته عشر نسوة فأسلمن معه فأمره رسول الله (ص) أن يتخيّر منهم أربعاً(«الشرح الكبير»، المجلّد الثامن، ص. 45، دار الغد العربي، مصر).
لكنْ، ما يهمّنا هنا هو أنّ هذا التعدّد لمْ يلْغه الإسلام، عمليّا على الأقلّ، بقدْر ما استمرّ في التواجد. إنّ ما سُمّي بقيْد الأرْبع، الذي فَرَضه القرآن، لمْ يمنع المسلمين الذين دخلوا في الدّين الجديد من تكثير الزوجات، وذلك لأسباب موضوعية، من بينها استمْرار العادة السابقة على الإسلام، وكذا الغزوات والفتوحات وما وفّرته من غنائم وسبْي وجوارٍ، وانتشار عادة التسرّي، إضافة على اللجوء إلى حلّ في غاية السهولة يومها، ألا وهو حلّ التطليق. وهذا التّكثير نجدُه معمولا به حتى في صُفوف صحابة الرسول، حيث فاقَ عدد النساء عند بعضهم العشر نساء. صحابيّ آخر، وهو عبد الرحمان بن عوف، وصل إلى حدّ حيازته لعشرين امرأة.
وهذه التعدّدية الزوجية لدى الرجال، لم تمنع النساء إلى اللجوء إلى التعددية ذاتها. من هنا يورد خليل عبد الكريم، في كتابه «شدو الرّبابة بأحوال مجتمع الصحابة»، دار مصر المحروسة، ص. 434، كيْف أنه من النّساء «منْ تزوّجتْ خمسة أزواج وهن (المُخمِسّات) وعددهن قليل وأكثر منهنّ التي تزوجت أربعة وهن (المُربِعّات) إنما الزواج من ثلاثة بعول كان أمراً مألوفاً حتى إننا نستطيع أن نقرر دون تجاوز أن معظم الصواحب كنّ (مُثلّثات)، ولم يكنْ أمراً منكراً أن يتعاقب على الصاحبة خمسة أزواج قد تربطهم روابط حميمة أوثق ما تكون الحميمية رأينا في إحدى الحالات منها شقيقين وهذا ربما له صلة بالنظام المعروف ? (وراثة النساء) السائد لدى كثير من الشعوب القديمة أو الشعوب التي تمر حالياً بمراحل حضارية أولية أو بدائية وهو أنه عندما يموت رجل عن امرأة يخلفه عليها أحد ورثته: ابنه أو أخوه أو غيرهما من أقاربه وظلّ العرب يمارسونه حتى ألغاه الإسلام». ويضيف خليل عبد الكريم أنه في بعض الأحيان تتمّ وراثة النساء بغرض آخر، هو أخْذ الثأر بطريقة ملتوية أو مستترة أو مستخفية كما يبْدو من المثال الآتي: «توفّي جعفر بن أبي طـالب عنْ أسـماء بنت عميس (وهي إحدى المُخَمّسات)، فخلفه أبو بكر بن أبي قحافة، ثم من بعده عليّ بن أبي طالب. فلما توفي هذا الأخير كانت إحدى زوجاته تُسمى ليلى بنت معوذ بن خالد النهشلي. فما إنْ قضتْ عدّتها حتى نكحها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فكأنما ثأر لأبيه من عمّه عليّ، وكان عبد الله بن جعفر آنذاك متزوجاً من زينب بنت عليّ من فاطمة بنت محمّد، إذن هو جمع على عصمته أرملة عليّ وابنته في بيت واحد. فأيّ ثأر أوْعر من هذا!». ثمّ إنّ هذه الصحابية المعروفة، أسْماء بنت عميس، لا تجدُ أيّ حَرَج في أنْ يتعاقبَ عليها خمْسة أزْواج من بينهمْ شقيقان، وهو أمر لا نقبله اليوم.
من ثمّ، فإنه لمْ يكنْ نشازًا ولا استثناءً أنْ يعدّد الرّسول من زوجاته، كما سنرى فيما بعد، ولا أنْ يتزوّج من فتاة صغيرة هي ابنة صديقه.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
08 يوليوز 2013
كلّ ما في الأمْر أنّ التركيز على شخْصه مردّه، في حقيقة الأمْر، إلى كونه نبيّا حاملا لرسالة دينية. إنّ التساؤل الأوّل الذي يمكنُ أنْ يطرحه المرْء هو: ما هو السبب في هذا الإحساس بالشغف بالجنس الآخر، بالنساء، في منطقة شبه الجزيرة العربية؟ هلْ نرّد هاجس الشّغف بالجنس الآخر، في المجتمع العربي القديم، إلى حرارة الطقس في منطقة الحجاز وطلاقته وجفافه، إضافة إلى البداوة التي ميزته، كما فعل البعض؟ (انظر كتاب» العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع يثرب في العهْدين المحمدي والخليفي» لخليل عبد الكريم، ص. 433 )، أمْ أنّه مرتبط بالتحوّل القبَلي الذي عرفته المنْطقة؟ أمْ أنّ الأمْر يتعلق باستمرار لعادة سابقة على الإسْلام؟
مهما يكن من أمْر، فإنّ الحقيقة التي نطالعها في النّصوص المكرّسة في التراث العربي الإسلامي، تفيدُ بأنّه كان من الطبيعيّ أنْ يمتلك الرّجل أكثر من أربع نساء ( يكنّ «تحته»، بحسب التعبير الذي استمرّ استعماله في الفترة الإسلامية). كان تعدد الزوجات، الذي يصلُ أحيانا إلى الاقتران بعشْر نساء، علامة على الوَجَاهة ورفْعة النسب وعلوّ الشرف، والغنى في جميع الأحْوال. وفي هذا السياق يورد كلّ من الإماميْن أحمد وأبي داوود، والمقدسيّ في كتابه «الشرح الكبير»، كيف أنّه عند دخول أحدهم الإسلام كان الرّسول يأمره بطلاق ما زاد على الأربع زوجات. ومنه ما يروُونه عن قيس بن الحارث الذي قال: «أسلمتُ وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبيّ (ص) فقلت له ذلك فقال: اختر منهن أربعاً». كما يُروى عن غيلان بن سلمة أنه «أسلم وتحته عشر نسوة فأسلمن معه فأمره رسول الله (ص) أن يتخيّر منهم أربعاً(«الشرح الكبير»، المجلّد الثامن، ص. 45، دار الغد العربي، مصر).
لكنْ، ما يهمّنا هنا هو أنّ هذا التعدّد لمْ يلْغه الإسلام، عمليّا على الأقلّ، بقدْر ما استمرّ في التواجد. إنّ ما سُمّي بقيْد الأرْبع، الذي فَرَضه القرآن، لمْ يمنع المسلمين الذين دخلوا في الدّين الجديد من تكثير الزوجات، وذلك لأسباب موضوعية، من بينها استمْرار العادة السابقة على الإسلام، وكذا الغزوات والفتوحات وما وفّرته من غنائم وسبْي وجوارٍ، وانتشار عادة التسرّي، إضافة على اللجوء إلى حلّ في غاية السهولة يومها، ألا وهو حلّ التطليق. وهذا التّكثير نجدُه معمولا به حتى في صُفوف صحابة الرسول، حيث فاقَ عدد النساء عند بعضهم العشر نساء. صحابيّ آخر، وهو عبد الرحمان بن عوف، وصل إلى حدّ حيازته لعشرين امرأة.
وهذه التعدّدية الزوجية لدى الرجال، لم تمنع النساء إلى اللجوء إلى التعددية ذاتها. من هنا يورد خليل عبد الكريم، في كتابه «شدو الرّبابة بأحوال مجتمع الصحابة»، دار مصر المحروسة، ص. 434، كيْف أنه من النّساء «منْ تزوّجتْ خمسة أزواج وهن (المُخمِسّات) وعددهن قليل وأكثر منهنّ التي تزوجت أربعة وهن (المُربِعّات) إنما الزواج من ثلاثة بعول كان أمراً مألوفاً حتى إننا نستطيع أن نقرر دون تجاوز أن معظم الصواحب كنّ (مُثلّثات)، ولم يكنْ أمراً منكراً أن يتعاقب على الصاحبة خمسة أزواج قد تربطهم روابط حميمة أوثق ما تكون الحميمية رأينا في إحدى الحالات منها شقيقين وهذا ربما له صلة بالنظام المعروف ? (وراثة النساء) السائد لدى كثير من الشعوب القديمة أو الشعوب التي تمر حالياً بمراحل حضارية أولية أو بدائية وهو أنه عندما يموت رجل عن امرأة يخلفه عليها أحد ورثته: ابنه أو أخوه أو غيرهما من أقاربه وظلّ العرب يمارسونه حتى ألغاه الإسلام». ويضيف خليل عبد الكريم أنه في بعض الأحيان تتمّ وراثة النساء بغرض آخر، هو أخْذ الثأر بطريقة ملتوية أو مستترة أو مستخفية كما يبْدو من المثال الآتي: «توفّي جعفر بن أبي طـالب عنْ أسـماء بنت عميس (وهي إحدى المُخَمّسات)، فخلفه أبو بكر بن أبي قحافة، ثم من بعده عليّ بن أبي طالب. فلما توفي هذا الأخير كانت إحدى زوجاته تُسمى ليلى بنت معوذ بن خالد النهشلي. فما إنْ قضتْ عدّتها حتى نكحها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فكأنما ثأر لأبيه من عمّه عليّ، وكان عبد الله بن جعفر آنذاك متزوجاً من زينب بنت عليّ من فاطمة بنت محمّد، إذن هو جمع على عصمته أرملة عليّ وابنته في بيت واحد. فأيّ ثأر أوْعر من هذا!». ثمّ إنّ هذه الصحابية المعروفة، أسْماء بنت عميس، لا تجدُ أيّ حَرَج في أنْ يتعاقبَ عليها خمْسة أزْواج من بينهمْ شقيقان، وهو أمر لا نقبله اليوم.
من ثمّ، فإنه لمْ يكنْ نشازًا ولا استثناءً أنْ يعدّد الرّسول من زوجاته، كما سنرى فيما بعد، ولا أنْ يتزوّج من فتاة صغيرة هي ابنة صديقه.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
08 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(3) - صحابة الرسول يعدّدون النساء
لنبدأ بالخلفاء الرّاشدين وصحابة الرسول: فقد كان أبو بكر الصديق، والد عائشة زوجة الرسول، متزوجا بأربع نساء، منهنّ قتيلة من بني عامر، وهي أمّ عبد الله، أكبر أولاده الذكور، وأمّ أسماء أكبر بناته. والثانية أمّ رومان بنت الحارث، وهي أمّ ولده عبد الرحمن وأمّ عائشة. والثالثة هي أسماء بنت عميس الخثعمية، أمّ ولده محمد. والرابعة حبيبة بنت خارجة بن زيد أم كلثوم ولدت بعد وفاته. مع العلم أنه كان قد رفض عرْض صديقه عمر بن الخطاب بالزّواج من حفصة التي رفضها عثمان بن عفان قبل أن يتزوّجها الرسول. ويحكي عمر بن الخطاب نفسه تفصيل هذه الواقعة قائلا:» فلقيتُ [أيْ بعد اقتراح ابنته حفصة على عثمان[ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتُ زوّجتُكَ حفصة. فصمتَ، ولمْ يُرجع إليّ جوابا. قال عمر: فكنتُ على أبي بكر أوَجدَ [أيْ أكثر غضبا] منّي على عثمان. ثمّ لبثت ما شاء الله. فخطبها النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنكحها. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدتَ في نفسك؟ قلتُ: نعم. قال: إنه لم يمنعني من أن أرجع إليك فيها شيئاً، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها، فلم أكن لأفشي سره». (انظر كتاب «أنساب الأشراف، البلاذري، المجلد الأول).
أما الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فقد كان، رغم الانطباع الذي كان يعطيه بكراهيته للنساء، متزوّجا من تسع نساء هنّ: زينب بنت مظعون، أمّ كلثوم بنت عليّ، جميلة بنت عاصم بن ثابت، مليكة بنت جرول الخزاعية، لُهيّة (أمّ ولد) أمّ عبد الرحمن الأوسط، عاتكة بنت زيد أم عياض، أمّ ولد أخرى وهي أم عبد الرحمن الأصغر يلقب بالمجبر، فكيهة (أمّ ولد) أم زينب، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة أم فاطمة (انظر:»الرياض النضرة في مناقب العشرة» للمحبّ الطبري، ص. 466).
ضمن هذه اللائحة، كما هو واضح، توجد أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، بنت فاطمة بنت الرسول، أي أنّ عمرا بن الخطاب كانَ متزوّجا من حفيدة الرسول!!، الأمر الذي لا ينتبه إليه الناس عادة!!. بلْ وقد ولدتْ له زيد الأكبر ورقيّة. نقرأ في «سيرة ابن إسحاق»، المسمّاة بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي»، تحقيق محمد حميد الله، وتقديم محمد الفاسي، ص. 232 أنّ عمر بن الخطاب «خطب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أمّ كلثوم، وكانت لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتلّ عليّ عليه وقال: هي صغيرة فقال عمر: لا والله ما ذاك بك ولكن أردتَ منْعي فإنْ كان كما تقول فابعثها إليّ، فرجعَ عليّ فدعاها فأعطاها حلّة، فقال انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي: يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلّة، فأتته بها فقالت له ذلك وأخذ عمر بدرعها فاجتبذتها منه وقالتْ: أرسل فأرسلها وقال: حصان كريم انطلقي فقولي له ما أحسنها وأجملها ليستْ والله كما قلت فزوجها إيّاه».
أمّا عن المبرّر الذي قدّمه عمر بن الخطاب، حين لاموه عن زواجه من طفلة، فهو « الرغبة في القرابة من الرسول». في الصفحة الموالية من «سيرة ابن إسحاق نقرأ: «قيل يا أميرَ المؤمنين: ما كنت تريد إليها وهي صبيٌّ صغيرة؟ قال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلّ سبب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي فأردتُ أنْ يكون بيْني وبينَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سببَ صهر!!».
لننتقل الآن إلى خليفة الرسول الثالث، عثمان بن عفان. فقد اتخذ له هو أيضا تسع نساء هنّ على التوالي: أمّ كلثوم بنت الرسول، ورقيّة بنت الرسول أيضا، أمّ عبد الله الأصغر، فاختة بنت غزوان، أمّ عمرو وعبد الله الأكبر، بنت جندب بن الأزد، أمّ خالد وعمر، فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس، أم سعيد والوليد، أمّ البنين بنت عينية بن حصن، أمّ عبد الملك، رملة بنت شيبة بن ربيعة، أمّ عائشة وأمّ إبان وأمّ عمر، نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص. مع ملاحظة أنّ نائلة وإنْ كانت قد أسلمت إلا أنّ أباها بقي نصرانيّا. وأمّ ولد اسمها «أمّ البنين». (الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحبّ الطبري).
فإذا كان عمر بن الخطاب قد تزوّج بحفيدة للرّسول، فإن عثمان تزوّج ابنتيْن له هما: أمّ كلثوم ورقيّة، ولهذا السبب سُمّيَ عثمان «ذو النوريْن» لأنه تزوّج اثنتيْن من بنات الرسول.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
09 يوليوز 2013
لنبدأ بالخلفاء الرّاشدين وصحابة الرسول: فقد كان أبو بكر الصديق، والد عائشة زوجة الرسول، متزوجا بأربع نساء، منهنّ قتيلة من بني عامر، وهي أمّ عبد الله، أكبر أولاده الذكور، وأمّ أسماء أكبر بناته. والثانية أمّ رومان بنت الحارث، وهي أمّ ولده عبد الرحمن وأمّ عائشة. والثالثة هي أسماء بنت عميس الخثعمية، أمّ ولده محمد. والرابعة حبيبة بنت خارجة بن زيد أم كلثوم ولدت بعد وفاته. مع العلم أنه كان قد رفض عرْض صديقه عمر بن الخطاب بالزّواج من حفصة التي رفضها عثمان بن عفان قبل أن يتزوّجها الرسول. ويحكي عمر بن الخطاب نفسه تفصيل هذه الواقعة قائلا:» فلقيتُ [أيْ بعد اقتراح ابنته حفصة على عثمان[ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتُ زوّجتُكَ حفصة. فصمتَ، ولمْ يُرجع إليّ جوابا. قال عمر: فكنتُ على أبي بكر أوَجدَ [أيْ أكثر غضبا] منّي على عثمان. ثمّ لبثت ما شاء الله. فخطبها النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنكحها. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدتَ في نفسك؟ قلتُ: نعم. قال: إنه لم يمنعني من أن أرجع إليك فيها شيئاً، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها، فلم أكن لأفشي سره». (انظر كتاب «أنساب الأشراف، البلاذري، المجلد الأول).
أما الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فقد كان، رغم الانطباع الذي كان يعطيه بكراهيته للنساء، متزوّجا من تسع نساء هنّ: زينب بنت مظعون، أمّ كلثوم بنت عليّ، جميلة بنت عاصم بن ثابت، مليكة بنت جرول الخزاعية، لُهيّة (أمّ ولد) أمّ عبد الرحمن الأوسط، عاتكة بنت زيد أم عياض، أمّ ولد أخرى وهي أم عبد الرحمن الأصغر يلقب بالمجبر، فكيهة (أمّ ولد) أم زينب، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة أم فاطمة (انظر:»الرياض النضرة في مناقب العشرة» للمحبّ الطبري، ص. 466).
ضمن هذه اللائحة، كما هو واضح، توجد أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، بنت فاطمة بنت الرسول، أي أنّ عمرا بن الخطاب كانَ متزوّجا من حفيدة الرسول!!، الأمر الذي لا ينتبه إليه الناس عادة!!. بلْ وقد ولدتْ له زيد الأكبر ورقيّة. نقرأ في «سيرة ابن إسحاق»، المسمّاة بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي»، تحقيق محمد حميد الله، وتقديم محمد الفاسي، ص. 232 أنّ عمر بن الخطاب «خطب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أمّ كلثوم، وكانت لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتلّ عليّ عليه وقال: هي صغيرة فقال عمر: لا والله ما ذاك بك ولكن أردتَ منْعي فإنْ كان كما تقول فابعثها إليّ، فرجعَ عليّ فدعاها فأعطاها حلّة، فقال انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي: يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلّة، فأتته بها فقالت له ذلك وأخذ عمر بدرعها فاجتبذتها منه وقالتْ: أرسل فأرسلها وقال: حصان كريم انطلقي فقولي له ما أحسنها وأجملها ليستْ والله كما قلت فزوجها إيّاه».
أمّا عن المبرّر الذي قدّمه عمر بن الخطاب، حين لاموه عن زواجه من طفلة، فهو « الرغبة في القرابة من الرسول». في الصفحة الموالية من «سيرة ابن إسحاق نقرأ: «قيل يا أميرَ المؤمنين: ما كنت تريد إليها وهي صبيٌّ صغيرة؟ قال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلّ سبب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي فأردتُ أنْ يكون بيْني وبينَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سببَ صهر!!».
لننتقل الآن إلى خليفة الرسول الثالث، عثمان بن عفان. فقد اتخذ له هو أيضا تسع نساء هنّ على التوالي: أمّ كلثوم بنت الرسول، ورقيّة بنت الرسول أيضا، أمّ عبد الله الأصغر، فاختة بنت غزوان، أمّ عمرو وعبد الله الأكبر، بنت جندب بن الأزد، أمّ خالد وعمر، فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس، أم سعيد والوليد، أمّ البنين بنت عينية بن حصن، أمّ عبد الملك، رملة بنت شيبة بن ربيعة، أمّ عائشة وأمّ إبان وأمّ عمر، نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص. مع ملاحظة أنّ نائلة وإنْ كانت قد أسلمت إلا أنّ أباها بقي نصرانيّا. وأمّ ولد اسمها «أمّ البنين». (الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحبّ الطبري).
فإذا كان عمر بن الخطاب قد تزوّج بحفيدة للرّسول، فإن عثمان تزوّج ابنتيْن له هما: أمّ كلثوم ورقيّة، ولهذا السبب سُمّيَ عثمان «ذو النوريْن» لأنه تزوّج اثنتيْن من بنات الرسول.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
09 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(4) - إكثار عليّ بن أبي طالب من «أمّهات الولد»
لكنْ، كيف تزوّج عثمان بن عفان من ابنتيْ الرّسول، رقيّة وأمّ كلثوم على التوالي. هما معا ابنتاه من زوْجته الأولى خديجةُ، وقد كانتْ رقيّة متزوّجة من عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب. فلما نزلت الآية القرآنية « تبّتْ يدا أبي لهب وتبّ «، قالت أمّه أمّ جميل، التي يسميها القرآن «حمّالة الحطب»: قد هجانا محمّد، وضغطتْ هي وزوجها على ابنها عتبة لكيْ يطلق رقية ففعل. ومن ثمّ زوّجها الرسول لعثمان بن عفان، فهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له عبد الله، فكُني أبا عبد الله، وتوفيت في أيام معركة بدر.
أما أمّ كلثوم أيضاً، فقد كانت متزوّجة من معتب بن أبي لهب. والشيء ذاته قامت به «حمالة الحطب» حيث ضغطتْ على ابنها لكي يطلقها، ففعل. فلما توفيت رقية، زوّجها الرسول من عثمان أيضاً. فلم تزل عنده حتى توفيت في السنة التاسعة للهجرة. وبكى عثمان. فقال له الرسول: «ما يبكيك « ؟ فقال: انقطاع صهْري منك يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: « كلا، إنه لا يقطع الصهرَ الموتُ، إنما يقطعه الطلاق؛ ولو كانت عندنا ثالثة، لزوّجناك «.
ويورد البلاذري عن الزهري أنّ عثمان كان جزع على رقية جزعاً شديداً، فكان لا يزال يأتي قبرها. فقال الرّسول: « إنّ جبريل أمرني أن أزوّجك أختها على مثل مهر أختها «.
أما الخليفة الرابع عليّ بن أبي طالب، فقد حافظ على العدد نفسه، أيْ أنه اتخذ له تسع نساء زوجات، لكنه اتخذ عددا كبيرا من «أمّهات الولد» يذكُر ابن تيميّة أنّ عددهنّ 14، وقيل 16 أمْ ولد!! (انظر: خليل عبد الكريم، «شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة»، ص. 440).
تضمّ لائحة الزوجات التسع: فاطمة بنت الرسول، سيدة نساء العالمين، أمّ الحسن والحسين ومحسن وأمّ كلثوم (التي تزوّجها عمر بن الخطاب كما أسلفنا) وزينب الكبرى، خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية، أم محمد (المشهور بابن الحنفية). قيل إن أبا بكر أعطى عليّا الحنفية أمّ محمد من سبْي بني حنيفة، ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، أمّ عبد الله وأبي بكر، أمّ البنين بنت حزام بن خالد الوحيدية ثم الكلابية، أم العباس الأكبر وعثمان وجعفر وعبد الله، أمّ ولد وهي أم محمد الأصغر، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم يحيى وعوف، وأم محمد بن أبي بكر.
7- أم حبيب الصهباء التغلبية ‹سبيّة› سباها خالد في الردة، فاشتراها علي، وهي أم عمر الأكبر ورقية، أمامة بنت أبي العاص (أمها زينب بنت الرسول) أم محمد الأوسط، أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفي، أم الحسن ورملة الكبرى.
أما باقي أمهات الولد فهنّ: أم هاني وميمونة ورملة الصغرى وزينب الصغرى وأمّ كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأمّ الكرم وأمّ سلمة وأمّ جعفر وجمانة.
ومن المفيد أنْ نختم هنا بالعشرة المبشرين بالجنة، فقد اتخذ طلحة بن عبيد الله تزوج تسع نساء، والزبير بن العوام تزوج ست نساء، وعبد الرحمن بن عوف تزوج عشرين امرأة (20 امرأة)، وسعد بن أبي وقاص تزوج إحدى عشرة امرأة،
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، خلف واحد وثلاثين ولدا منهم ثلاثة عشر ذكرا والباقي إناث. ولم يذكر المحب الطبري عدد زوجاته. وأبو عبيدة بن الجراح: من القلة الذين أعرضوا عن الدنيا، وكان مقلا في كلّ شيء. ولم يذكر له المحبّ الطبري سوى زوجة واحدة هي هند بنت جابر، وولدين هما يزيد وعمير. وكذلك قال المصعب الزبيري في نسب قريش، وابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب. وهناك من الصحابيات من تزوجتْ ثلاث أو أربع أو خمس مرّات.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
10 يوليوز 2013
لكنْ، كيف تزوّج عثمان بن عفان من ابنتيْ الرّسول، رقيّة وأمّ كلثوم على التوالي. هما معا ابنتاه من زوْجته الأولى خديجةُ، وقد كانتْ رقيّة متزوّجة من عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب. فلما نزلت الآية القرآنية « تبّتْ يدا أبي لهب وتبّ «، قالت أمّه أمّ جميل، التي يسميها القرآن «حمّالة الحطب»: قد هجانا محمّد، وضغطتْ هي وزوجها على ابنها عتبة لكيْ يطلق رقية ففعل. ومن ثمّ زوّجها الرسول لعثمان بن عفان، فهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له عبد الله، فكُني أبا عبد الله، وتوفيت في أيام معركة بدر.
أما أمّ كلثوم أيضاً، فقد كانت متزوّجة من معتب بن أبي لهب. والشيء ذاته قامت به «حمالة الحطب» حيث ضغطتْ على ابنها لكي يطلقها، ففعل. فلما توفيت رقية، زوّجها الرسول من عثمان أيضاً. فلم تزل عنده حتى توفيت في السنة التاسعة للهجرة. وبكى عثمان. فقال له الرسول: «ما يبكيك « ؟ فقال: انقطاع صهْري منك يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: « كلا، إنه لا يقطع الصهرَ الموتُ، إنما يقطعه الطلاق؛ ولو كانت عندنا ثالثة، لزوّجناك «.
ويورد البلاذري عن الزهري أنّ عثمان كان جزع على رقية جزعاً شديداً، فكان لا يزال يأتي قبرها. فقال الرّسول: « إنّ جبريل أمرني أن أزوّجك أختها على مثل مهر أختها «.
أما الخليفة الرابع عليّ بن أبي طالب، فقد حافظ على العدد نفسه، أيْ أنه اتخذ له تسع نساء زوجات، لكنه اتخذ عددا كبيرا من «أمّهات الولد» يذكُر ابن تيميّة أنّ عددهنّ 14، وقيل 16 أمْ ولد!! (انظر: خليل عبد الكريم، «شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة»، ص. 440).
تضمّ لائحة الزوجات التسع: فاطمة بنت الرسول، سيدة نساء العالمين، أمّ الحسن والحسين ومحسن وأمّ كلثوم (التي تزوّجها عمر بن الخطاب كما أسلفنا) وزينب الكبرى، خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية، أم محمد (المشهور بابن الحنفية). قيل إن أبا بكر أعطى عليّا الحنفية أمّ محمد من سبْي بني حنيفة، ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، أمّ عبد الله وأبي بكر، أمّ البنين بنت حزام بن خالد الوحيدية ثم الكلابية، أم العباس الأكبر وعثمان وجعفر وعبد الله، أمّ ولد وهي أم محمد الأصغر، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم يحيى وعوف، وأم محمد بن أبي بكر.
7- أم حبيب الصهباء التغلبية ‹سبيّة› سباها خالد في الردة، فاشتراها علي، وهي أم عمر الأكبر ورقية، أمامة بنت أبي العاص (أمها زينب بنت الرسول) أم محمد الأوسط، أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفي، أم الحسن ورملة الكبرى.
أما باقي أمهات الولد فهنّ: أم هاني وميمونة ورملة الصغرى وزينب الصغرى وأمّ كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأمّ الكرم وأمّ سلمة وأمّ جعفر وجمانة.
ومن المفيد أنْ نختم هنا بالعشرة المبشرين بالجنة، فقد اتخذ طلحة بن عبيد الله تزوج تسع نساء، والزبير بن العوام تزوج ست نساء، وعبد الرحمن بن عوف تزوج عشرين امرأة (20 امرأة)، وسعد بن أبي وقاص تزوج إحدى عشرة امرأة،
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، خلف واحد وثلاثين ولدا منهم ثلاثة عشر ذكرا والباقي إناث. ولم يذكر المحب الطبري عدد زوجاته. وأبو عبيدة بن الجراح: من القلة الذين أعرضوا عن الدنيا، وكان مقلا في كلّ شيء. ولم يذكر له المحبّ الطبري سوى زوجة واحدة هي هند بنت جابر، وولدين هما يزيد وعمير. وكذلك قال المصعب الزبيري في نسب قريش، وابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب. وهناك من الصحابيات من تزوجتْ ثلاث أو أربع أو خمس مرّات.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
10 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(5) - زواج الرسول من خديجة قبل الرسالة (1)
لقد تعددّت الروايات عن كيفية زواج الرسول بخديجة بنت خويلد بن أسد. ومعظم هذه الروايات، التي بدأتْ تُنسج تفاصيلها الأولى منذ أواسط القرْن الثاني للهجرة، تُضفي على هذا الزواج هالة قدْسية، وبالتالي جاءت الروايات مليئة بالتفاصيل التي تجعل هذا الزواج شيئا يسير في اتجاه مفارق للعلاقة البشرية بين رجل وامرأة. ومن المفيد الإشارة هنا بالضّبْط إلى الخُطبة التي كان ألقاها أبو طالب عندما خطب خديجة لمحمد قبْل أنْ يصبح رسولا. جاء في هذه الخطبة التي يوردها النويري في كتابه «نهاية الأرب في فنون الأدب»، باب «ذكر تزويج رسول الله صلعم خديجة بنت خويلد» ما يلي:» الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعلنا سُوَّاسَ حَرَمه، وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس. ثمَّ إنّ هذا ابن أخي محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل لا رجح به فإنْ كان المالُ قلْ فالمال ظلّ زائل وأمر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة وبذل لها الصداق ما أجله وعاجله». البُعد الدنيوي، الذي أشرنا إليه سابقا، واضح جليّ في هذه الخطبة.
فلا داعي، إذن، للوقوف كثيرا عند تلك التفاصيل، ولنكْتفِ بوصف الزواج في حدّ ذاته، وما ترتّب عنه من علاقات أفقيّة وعموديّة، بصرْف النظر عن فقْر محمّد وثراء خديجة، وشبابه وتقدّمها في السنّ. لنلاحظْ أنّ الأخباريين وكتّاب السيرة الأوائل، بخلاف المفسّرين والشرّاح وكتب القصّاص، التي ازدهرت كثيرا خلال الفترة العبّاسية وما بعدها، كانوا يبدأون بوفاة خديجة، ولا يذكرون زواجها من الرسول إلا في النهاية. فابن إسحاق في «سيرته»، ص. 227، يبدأ الجزء الخامس، الخاص بزوجات الرسول وأزواج بناته، بالعنوان التالي «وفاة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها»، ولا يتجاوز صفحة عنها يذكر فيها أنها توفيت في السنة ذاتها التي توفي فيها أبو طالب، وأنّ الله «يبشّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب»، وأنّ عائشة كانت تغار منها لفرْط حديث الرسول عنها!
أمّا البلاذري في «الأنساب»، فقد خصّص لها عشر صفحات كاملة، لكنها تهمّ تفاصيل أبنائها وبناتها وعائلتها، ولا يذكر زواجها من الرسول إلا في الفقرة الأخيرة، قُبيْل حديثه عن الزواج الثاني للرسول من سودة بنت زَمعة. وهذه الفقرة هي:»وكانت خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمي باسم أبيه. ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي صلى الله عليه وسلم. وكان مسماة لورقة بن نوفل، فآثر الله عز وجل بها نبيه. وكانت خديجة ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند، فتزوجها صيفي بن أمية بن عابد بن عبد الله، فولدت له محمداً. فيقال لنبي محمد بن صيفي بالمدينة « بنو الطاهرة «.».
التفاصيل نجدها عن مفسّر ومؤرّخ مثل الطبري، حيث يقول في «تاريخه»، في «باب زواج خديجة»: «خديجة بنت خويلد كانتْ استأجرت محمدا ورجلا آخر من قريش إلى سوق حباشة بتهامة، والذي زوجها له خويلد، وكانت المرأة التي مشت في ذلك مولاة [عبدة] مولدة من مولدات مكة». وفي رواية أخرى أن خديجة أرسلت إلى محمد تدعوه هي بنفسها إلى الزواج، وكانت خديجة ذات شرف وكان كل قريش حريصا على نكاحها قد يبذلون في الأموال وطمعوا في ذلك فدعت أباها فسقته خمرا حتى ثمل ونحرت بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة ثمّ أرسلت إلى محمد في عمومته فدخلوا عليه فزوجها فلما صحى قال: ما هذا العقير؟ ما هذا الحبير؟ قالت: زوّجتني محمد بن عبد الله فقال: ما فعلت لا أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلمْ أفعل».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
11 يوليوز 2013
لقد تعددّت الروايات عن كيفية زواج الرسول بخديجة بنت خويلد بن أسد. ومعظم هذه الروايات، التي بدأتْ تُنسج تفاصيلها الأولى منذ أواسط القرْن الثاني للهجرة، تُضفي على هذا الزواج هالة قدْسية، وبالتالي جاءت الروايات مليئة بالتفاصيل التي تجعل هذا الزواج شيئا يسير في اتجاه مفارق للعلاقة البشرية بين رجل وامرأة. ومن المفيد الإشارة هنا بالضّبْط إلى الخُطبة التي كان ألقاها أبو طالب عندما خطب خديجة لمحمد قبْل أنْ يصبح رسولا. جاء في هذه الخطبة التي يوردها النويري في كتابه «نهاية الأرب في فنون الأدب»، باب «ذكر تزويج رسول الله صلعم خديجة بنت خويلد» ما يلي:» الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعلنا سُوَّاسَ حَرَمه، وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس. ثمَّ إنّ هذا ابن أخي محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل لا رجح به فإنْ كان المالُ قلْ فالمال ظلّ زائل وأمر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة وبذل لها الصداق ما أجله وعاجله». البُعد الدنيوي، الذي أشرنا إليه سابقا، واضح جليّ في هذه الخطبة.
فلا داعي، إذن، للوقوف كثيرا عند تلك التفاصيل، ولنكْتفِ بوصف الزواج في حدّ ذاته، وما ترتّب عنه من علاقات أفقيّة وعموديّة، بصرْف النظر عن فقْر محمّد وثراء خديجة، وشبابه وتقدّمها في السنّ. لنلاحظْ أنّ الأخباريين وكتّاب السيرة الأوائل، بخلاف المفسّرين والشرّاح وكتب القصّاص، التي ازدهرت كثيرا خلال الفترة العبّاسية وما بعدها، كانوا يبدأون بوفاة خديجة، ولا يذكرون زواجها من الرسول إلا في النهاية. فابن إسحاق في «سيرته»، ص. 227، يبدأ الجزء الخامس، الخاص بزوجات الرسول وأزواج بناته، بالعنوان التالي «وفاة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها»، ولا يتجاوز صفحة عنها يذكر فيها أنها توفيت في السنة ذاتها التي توفي فيها أبو طالب، وأنّ الله «يبشّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب»، وأنّ عائشة كانت تغار منها لفرْط حديث الرسول عنها!
أمّا البلاذري في «الأنساب»، فقد خصّص لها عشر صفحات كاملة، لكنها تهمّ تفاصيل أبنائها وبناتها وعائلتها، ولا يذكر زواجها من الرسول إلا في الفقرة الأخيرة، قُبيْل حديثه عن الزواج الثاني للرسول من سودة بنت زَمعة. وهذه الفقرة هي:»وكانت خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمي باسم أبيه. ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي صلى الله عليه وسلم. وكان مسماة لورقة بن نوفل، فآثر الله عز وجل بها نبيه. وكانت خديجة ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند، فتزوجها صيفي بن أمية بن عابد بن عبد الله، فولدت له محمداً. فيقال لنبي محمد بن صيفي بالمدينة « بنو الطاهرة «.».
التفاصيل نجدها عن مفسّر ومؤرّخ مثل الطبري، حيث يقول في «تاريخه»، في «باب زواج خديجة»: «خديجة بنت خويلد كانتْ استأجرت محمدا ورجلا آخر من قريش إلى سوق حباشة بتهامة، والذي زوجها له خويلد، وكانت المرأة التي مشت في ذلك مولاة [عبدة] مولدة من مولدات مكة». وفي رواية أخرى أن خديجة أرسلت إلى محمد تدعوه هي بنفسها إلى الزواج، وكانت خديجة ذات شرف وكان كل قريش حريصا على نكاحها قد يبذلون في الأموال وطمعوا في ذلك فدعت أباها فسقته خمرا حتى ثمل ونحرت بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة ثمّ أرسلت إلى محمد في عمومته فدخلوا عليه فزوجها فلما صحى قال: ما هذا العقير؟ ما هذا الحبير؟ قالت: زوّجتني محمد بن عبد الله فقال: ما فعلت لا أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلمْ أفعل».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
11 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(6) - زواج الرسول من خديجة قبل الرسالة (2)
ويورد ابن سعد في «الطبقات الكبرى»، تفصيلا آخر جاء فيه:»عن نفيسة بنت منبه قالت: كانت خديجة امرأة حازمة، جلدة، شريفة، فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها(قافلة تجارتها) من الشام، فقلت يا محمد ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال ما بيدي ما أتزوج به فقلت فإن كفيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمنْ هي؟ قلت خديجة قال» وكيف لي ذلك؟ فقلت عليّ فأنا أفعل فذهبت فأخبرتها فأرسلت إليه ائْت الساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمّها عمرو بن أسد ليزوّجها فتزوّجها محمد وهو ابن خمس وعشرين سنة أو أقلّ وهى بنت أربعين سنة أو أكثر نعم الزوج الابن أو الزوجة الأم».
من هنا يتبيّن، ومهما كانت طبيعة الروايات واختلافها في بعض التفاصيل، أنّ المسألة في النهاية تتعلق زواج بيْن بشر، وأن هذا الزواج بقدْر ما كانت تحكمه تقاليد وعادات جاهلية، بقدر ما كانتْ تحكمه مشاعر ونزوات ومصالح، كما يتّضح من العلاقات الزوجية المتشابكة والمتداخلة والتي لا تُفهم خارج هذه العلاقات. قبْل زواجها من الرسول، كانتْ خديجة متزوّجة من زوجيْن هما: أبو هالة، الذي أنجبتْ معه ابنا، والثاني هو عتيق بن عابد الذي أنجبتْ معه ابنة.
وبعد زواجها من الرسول، أنجبتْ خديجة أطفالا ماتوا في طفولتهم، ولكن البنات بقين على قيْد الحياة. ومنهنّ زينب، وهي أكبر بنات الرسول، تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وهو ابن خالتها، هالة بنت خويلد بن أسد (...) قبل الإسلام. ورغم دخول زوجته خديجة وبناته في الدين الجديد زوج زينب بقي على دينه.
حالةُ زينب، أكبر بنات الرسول مثيرة في هذا السياق. فخلافا لأختيْها، رقيّة وأم كلثوم، اللتيْن كانت متزوّجتيْن بابنيْ أبي لهب، وبعد صراع الرسول مع ابن عمّه، وزوجته، ونزول سورة «ثبّت يدا أبي لهب وامرأته»، تمّ تطليقهما من زوجيْهما، وتزويجهما للخليفة عثمان ابن عفان الذي قال له الرسول بعد وفاة رقيّة:»لو كانت عندنا ثالثة لزوّجناك» (انظر: أنساب الأشراف، المجلد الأول، ص. 341)، خلافا لهما، كانت زينب مثالا للعلاقة الزوجية القوية التي لمْ تُبال لا هي ولا زوجها بالاختلاف العقائدي، وظلت متشبّتة به وهو كذلك.
يروي البلاذري في «الأنساب» تفصيل هذه العلاقة، وكيف فدتْ زينب زوجها أبي العاص بعد أسْره من طرف المسلمين:» فمشتْ إليه [أيْ إلى زوج زينب] وجوه قريش، فقالوا: ارددْ على محمّد ابنته، ونحن نزوّجك أية امرأة أحببتَ من قريش. فقال: لا ، ها الله، إذاً لا أفارق صاحبتي، فإنها خيرُ صاحبة. ولما سارت قريش إلى بدر، كان معهم. فأُسر في المعركة. فلما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم، بعثتْ زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثتْ معه بقلادة لها كانتْ خديجة رضي الله تعالى عنها وهبتها لها حين أدخلتها على أبي العاص. فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفها، فرّق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: «إن رأيتم أن تردّوا قلادة زينب ومالها عليها وتطلقوا أسرها، فافعلوا»، فقالوا: نعم، ونعمة عين يا رسول الله. فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اشترط عليه أن يبعث بزينب إليه». وبعد إسلامه «لمْ يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، على حدّ تعبير الواقدي. ومن المفيد الإشارة إلى أنّ زينب خلّفتْ لأبي العاص وَلَدًا اسمه «عليّ» مات صغيرا، وبنْتا اسمها «أمامة» هي التي سيتزوّجها عليّ بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة. أيْ أنّ عليّا، مثله مثل عمر بن الخطاب، تزوّج بحفيدة الرسول وابنة أخت زوجته فاطمة!!
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
12 يوليوز 2013
ويورد ابن سعد في «الطبقات الكبرى»، تفصيلا آخر جاء فيه:»عن نفيسة بنت منبه قالت: كانت خديجة امرأة حازمة، جلدة، شريفة، فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها(قافلة تجارتها) من الشام، فقلت يا محمد ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال ما بيدي ما أتزوج به فقلت فإن كفيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمنْ هي؟ قلت خديجة قال» وكيف لي ذلك؟ فقلت عليّ فأنا أفعل فذهبت فأخبرتها فأرسلت إليه ائْت الساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمّها عمرو بن أسد ليزوّجها فتزوّجها محمد وهو ابن خمس وعشرين سنة أو أقلّ وهى بنت أربعين سنة أو أكثر نعم الزوج الابن أو الزوجة الأم».
من هنا يتبيّن، ومهما كانت طبيعة الروايات واختلافها في بعض التفاصيل، أنّ المسألة في النهاية تتعلق زواج بيْن بشر، وأن هذا الزواج بقدْر ما كانت تحكمه تقاليد وعادات جاهلية، بقدر ما كانتْ تحكمه مشاعر ونزوات ومصالح، كما يتّضح من العلاقات الزوجية المتشابكة والمتداخلة والتي لا تُفهم خارج هذه العلاقات. قبْل زواجها من الرسول، كانتْ خديجة متزوّجة من زوجيْن هما: أبو هالة، الذي أنجبتْ معه ابنا، والثاني هو عتيق بن عابد الذي أنجبتْ معه ابنة.
وبعد زواجها من الرسول، أنجبتْ خديجة أطفالا ماتوا في طفولتهم، ولكن البنات بقين على قيْد الحياة. ومنهنّ زينب، وهي أكبر بنات الرسول، تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وهو ابن خالتها، هالة بنت خويلد بن أسد (...) قبل الإسلام. ورغم دخول زوجته خديجة وبناته في الدين الجديد زوج زينب بقي على دينه.
حالةُ زينب، أكبر بنات الرسول مثيرة في هذا السياق. فخلافا لأختيْها، رقيّة وأم كلثوم، اللتيْن كانت متزوّجتيْن بابنيْ أبي لهب، وبعد صراع الرسول مع ابن عمّه، وزوجته، ونزول سورة «ثبّت يدا أبي لهب وامرأته»، تمّ تطليقهما من زوجيْهما، وتزويجهما للخليفة عثمان ابن عفان الذي قال له الرسول بعد وفاة رقيّة:»لو كانت عندنا ثالثة لزوّجناك» (انظر: أنساب الأشراف، المجلد الأول، ص. 341)، خلافا لهما، كانت زينب مثالا للعلاقة الزوجية القوية التي لمْ تُبال لا هي ولا زوجها بالاختلاف العقائدي، وظلت متشبّتة به وهو كذلك.
يروي البلاذري في «الأنساب» تفصيل هذه العلاقة، وكيف فدتْ زينب زوجها أبي العاص بعد أسْره من طرف المسلمين:» فمشتْ إليه [أيْ إلى زوج زينب] وجوه قريش، فقالوا: ارددْ على محمّد ابنته، ونحن نزوّجك أية امرأة أحببتَ من قريش. فقال: لا ، ها الله، إذاً لا أفارق صاحبتي، فإنها خيرُ صاحبة. ولما سارت قريش إلى بدر، كان معهم. فأُسر في المعركة. فلما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم، بعثتْ زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثتْ معه بقلادة لها كانتْ خديجة رضي الله تعالى عنها وهبتها لها حين أدخلتها على أبي العاص. فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفها، فرّق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: «إن رأيتم أن تردّوا قلادة زينب ومالها عليها وتطلقوا أسرها، فافعلوا»، فقالوا: نعم، ونعمة عين يا رسول الله. فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اشترط عليه أن يبعث بزينب إليه». وبعد إسلامه «لمْ يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، على حدّ تعبير الواقدي. ومن المفيد الإشارة إلى أنّ زينب خلّفتْ لأبي العاص وَلَدًا اسمه «عليّ» مات صغيرا، وبنْتا اسمها «أمامة» هي التي سيتزوّجها عليّ بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة. أيْ أنّ عليّا، مثله مثل عمر بن الخطاب، تزوّج بحفيدة الرسول وابنة أخت زوجته فاطمة!!
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
12 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(7) - سوْدة بنت زمعة أو الزّوجة الظلّ
تبدو « سودة بنت زمعة»، ثاني زوجات الرسول كأنها لمْ توجدْ، ضمن سلسلة زوجاته، إلاّ لتكون مقدمة وتمهيدا لزواجه الحقيقيّ، زواجه من عائشة. كل زوجاته تزوّجهنّ لسبب ما: حبّ، إعجاب، قرابة، مصلحة قَبَلية أو سياسية الخ، إلاّ سودة فقد تزوّجها الرسول بلا سبب، بلْ إنه لمْ يرها من قبل، أي أنه كان زواجا كلاسيكيا بلغة اليوم.
ابن إسحاق، في «سيرته»، (ص. 238)، يخصص لها فقرتين لا غير: في الأولى يخبرنا أنه بعد وفاة خديجة «لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها امرأة حتى ماتت هي وأبو طالب في سنة ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت قبله عند السكران (...) ابن عمها. تزوجها وهي بكر فهاجر إلى أرض الحبشة ثم قدما مكة فمات عنها مسلما بمكة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصب منها ولدا حتى مات»
وفي الفقرة الثانية يشير إلى الحادثة المعروفة عنها وهي حين أخرجها الرسول من بيته قائلا لها:» اعتدي، فتعرضت له في طريقه، فقالت: نشدتك بالله ألا راجعتني ولك يومي اجعله لأي نسائك شئت فإنما أريد أن أحشر من أزواجك يوم القيامة فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ما نجده مبثوثا في كتب السير والأخبار المبكّرة هو أنه ذات يوم، وبالضبط بعد مرور ثلاث سنوات على وفاة خديجة، ستأتي امرأة عارضة، لسبب يظلّ مجهولا وجرأة غيْر مُبرّرة، تُسمّى خولة بنت حكيم وعرضتْ عرضها على الرسول قائلة: «ألا تتزوّج ؟ قال : (ومن) ؟ قالت: إنْ شئتَ بكراً، وإنْ شئت ثيّباً. قال: (من البكر ومن الثيّب) ؟ فقالت: أما البكر فعائشة بنت أحبّ خلق الله إليك. وأما الثيّب فسودة بنت زمعة»(تاريخ الطبري، المجلد الثالث، ص.156)، وانبرتْ تتحدث عن جوانب الإيمان لدى سودة. بطبيعة الحال يُروى هذا الخبر، كالعادة، على لسان عائشة. وهنا أيضا لستُ أدري سبب رواية كلّ الأخبار عن سودة بنت زمعة على لسان عائشة.
مهما يكن من أمر، فإنّ سودة هي أوّل امرأة وطئها بالمدينة، وأنها من الأنصار، وكانت تسمى»أمّ المساكين» لكثرة تصديقها على الفقراء، وأنها كانتْ امرأة بدينة وعجوز، وكان في أذنها ثقل. لنقرأ ما يكتبه ابن سعد في «الطبقات الكبرى، دار الفكر، الجزء السادس، ص. 38،): «وكانت سودة مسنّة، فطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثمان من الهجرة تطليقة. فجمعت ثيابها، وجلستْ له على الطريق التي كان يسلكها إذا خرج إلى الصلاة. فلما دنا منها، بكت وقال: يا رسول الله، هل اعتددتَ عليّ في الإسلام بشيء؟ فقال: اللهم لا. فقالت: أسألك بالله لما راجعتني. فراجعها. وجعلت يومها لعائشة، وقالت: والله ما غايتي إلا أن أرى وجهك وأحشر مع أزواجك».
وتصفها عائشة قائلة: «كانت ثقيلة بطيئة» وذلك لضخامة جسمها. كل شيء كان يسير، في الروايات القديمة على الأقلّ، مهما كانت درجة صدقيتها، في اتجاه أن تكون سودة بنت زمعة ظلاّ تستظل به عائشة، مقدّمة أو قوْسا ينبغي إغلاقه للدخول في الزواج الحقيقيّ. فكل الصفات التي ترِدُ في كتب التاريخ والسيرة سلبية عن سودة، يوجد عكسها في عائشة، الزوجة الأولى الحقيقية. ولنتأمّل ما يرويه ابن سعد على لسان عائشة، وهو حديث متواتر في كل الكتب اللاحقة: «عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ قَدْ أَسَنَّتْ [أيْ أنها شاخَتْ]، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا[أيْ لا يقضي الليل معها كثيرا]، وَقَدْ عَلِمَتْ مَكَانِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يَسْتَكْثِرُ مِنِّي، فَخَافَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا وَضَنَّتْ بِمَكَانِهَا عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي الَّذِي يُصِيبُنِي لِعَائِشَةَ وَأَنْتَ مِنْهُ فِي حِلٍّ ، فَقَبِلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا «سورة النساء» الآية 128».
تركها الرسول مع عائشة في البيت نفسه لأنها على حدّ تعبيرها:»ما بي على الأزواج حرص ولكني أحبّ أن يبعثني الله يوم القيامة زوجا لك».، بقيت قانعة تلعب، من الناحية الرمزية، دور أمّ زوجات الرسول فيما بعد، وطال بها الزمن إلى أنْ توفيت بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان(الطبقات الكبرى، الجزء السادس، ص. 39).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
13 يوليوز 2013
تبدو « سودة بنت زمعة»، ثاني زوجات الرسول كأنها لمْ توجدْ، ضمن سلسلة زوجاته، إلاّ لتكون مقدمة وتمهيدا لزواجه الحقيقيّ، زواجه من عائشة. كل زوجاته تزوّجهنّ لسبب ما: حبّ، إعجاب، قرابة، مصلحة قَبَلية أو سياسية الخ، إلاّ سودة فقد تزوّجها الرسول بلا سبب، بلْ إنه لمْ يرها من قبل، أي أنه كان زواجا كلاسيكيا بلغة اليوم.
ابن إسحاق، في «سيرته»، (ص. 238)، يخصص لها فقرتين لا غير: في الأولى يخبرنا أنه بعد وفاة خديجة «لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها امرأة حتى ماتت هي وأبو طالب في سنة ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت قبله عند السكران (...) ابن عمها. تزوجها وهي بكر فهاجر إلى أرض الحبشة ثم قدما مكة فمات عنها مسلما بمكة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصب منها ولدا حتى مات»
وفي الفقرة الثانية يشير إلى الحادثة المعروفة عنها وهي حين أخرجها الرسول من بيته قائلا لها:» اعتدي، فتعرضت له في طريقه، فقالت: نشدتك بالله ألا راجعتني ولك يومي اجعله لأي نسائك شئت فإنما أريد أن أحشر من أزواجك يوم القيامة فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ما نجده مبثوثا في كتب السير والأخبار المبكّرة هو أنه ذات يوم، وبالضبط بعد مرور ثلاث سنوات على وفاة خديجة، ستأتي امرأة عارضة، لسبب يظلّ مجهولا وجرأة غيْر مُبرّرة، تُسمّى خولة بنت حكيم وعرضتْ عرضها على الرسول قائلة: «ألا تتزوّج ؟ قال : (ومن) ؟ قالت: إنْ شئتَ بكراً، وإنْ شئت ثيّباً. قال: (من البكر ومن الثيّب) ؟ فقالت: أما البكر فعائشة بنت أحبّ خلق الله إليك. وأما الثيّب فسودة بنت زمعة»(تاريخ الطبري، المجلد الثالث، ص.156)، وانبرتْ تتحدث عن جوانب الإيمان لدى سودة. بطبيعة الحال يُروى هذا الخبر، كالعادة، على لسان عائشة. وهنا أيضا لستُ أدري سبب رواية كلّ الأخبار عن سودة بنت زمعة على لسان عائشة.
مهما يكن من أمر، فإنّ سودة هي أوّل امرأة وطئها بالمدينة، وأنها من الأنصار، وكانت تسمى»أمّ المساكين» لكثرة تصديقها على الفقراء، وأنها كانتْ امرأة بدينة وعجوز، وكان في أذنها ثقل. لنقرأ ما يكتبه ابن سعد في «الطبقات الكبرى، دار الفكر، الجزء السادس، ص. 38،): «وكانت سودة مسنّة، فطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثمان من الهجرة تطليقة. فجمعت ثيابها، وجلستْ له على الطريق التي كان يسلكها إذا خرج إلى الصلاة. فلما دنا منها، بكت وقال: يا رسول الله، هل اعتددتَ عليّ في الإسلام بشيء؟ فقال: اللهم لا. فقالت: أسألك بالله لما راجعتني. فراجعها. وجعلت يومها لعائشة، وقالت: والله ما غايتي إلا أن أرى وجهك وأحشر مع أزواجك».
وتصفها عائشة قائلة: «كانت ثقيلة بطيئة» وذلك لضخامة جسمها. كل شيء كان يسير، في الروايات القديمة على الأقلّ، مهما كانت درجة صدقيتها، في اتجاه أن تكون سودة بنت زمعة ظلاّ تستظل به عائشة، مقدّمة أو قوْسا ينبغي إغلاقه للدخول في الزواج الحقيقيّ. فكل الصفات التي ترِدُ في كتب التاريخ والسيرة سلبية عن سودة، يوجد عكسها في عائشة، الزوجة الأولى الحقيقية. ولنتأمّل ما يرويه ابن سعد على لسان عائشة، وهو حديث متواتر في كل الكتب اللاحقة: «عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ قَدْ أَسَنَّتْ [أيْ أنها شاخَتْ]، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا[أيْ لا يقضي الليل معها كثيرا]، وَقَدْ عَلِمَتْ مَكَانِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يَسْتَكْثِرُ مِنِّي، فَخَافَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا وَضَنَّتْ بِمَكَانِهَا عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي الَّذِي يُصِيبُنِي لِعَائِشَةَ وَأَنْتَ مِنْهُ فِي حِلٍّ ، فَقَبِلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا «سورة النساء» الآية 128».
تركها الرسول مع عائشة في البيت نفسه لأنها على حدّ تعبيرها:»ما بي على الأزواج حرص ولكني أحبّ أن يبعثني الله يوم القيامة زوجا لك».، بقيت قانعة تلعب، من الناحية الرمزية، دور أمّ زوجات الرسول فيما بعد، وطال بها الزمن إلى أنْ توفيت بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان(الطبقات الكبرى، الجزء السادس، ص. 39).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
13 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(8) - عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
وإنّ فضلَ عائشة عن النّساء كفضْل الثّريد على الطعام» من حديث نبويّ.
الحديث عن عائشة، الزّوجة الثالثة للرسول، له دائما نكهة خاصّة، فالأمْر يتعلّق بأقرب زوجات الرسول إليه، التي يفضّلها على باقي نسائه، للأسباب التي سنذكرها بعد قليل. فهي الوحيدة بينهنّ البكر، تزوّجها الرّسول عن حبّ، ورأى أنه تزوّجها في المنام، صورتُها جاء بها جبريل من السماء في قطعة من الحرير الأخضر، وهي من أجمل نسائه، والوحيدة التي رأت جبريل راكبا على فرس والرسول يكلّمه ويختلي به، والوحيدة التي كان جبريل يأتي الرسول بالوحْي وهو معها في لحاف واحد؛ والوحيدة التي كانتْ لهل الجرأة من بيْن نسائه على الرّدّ عليه، وعلى مواجهة محيطه، وهي التي نزلتْ في حقّها آيات قرآنية تبرّئها من إتيان الفاحشة الخ.
لا بُدّ، في البداية، من المرور سريعا على نقطة تفصيلية أسالتْ مدادا كثيرا، يثير بعضُه الشفقة والسخرية أحيانا. وهو الأمْر المتعق بالسنّ الذي كانت تبلغه عائشة حين تزوّجها الرسول، إلى درجة أننا رأينا بعض فقهائنا وهم يقومون، لسذاجتهم وبعيدا عن أيّ منطق علميّ حول عمر الإنسان، بعمليات حسابية يرمي من ورائها أنْ يقنعنا، أو ربما يقنع نفسه، بأنّ سنّ التاسعة في بداية الدعوة الإسلامية يماثله سنّ الثامنة عشرة اليوم، وهي السنّ الموضوعية للزواج!! رآها الرسول على أرجوحة تلعب فأعجبته، فأتى منزل أبي بكر ولم يكن حاضراً، فقالت له أم رُومان: ما حاجتك يا رسول الله؟ قال: جئت أخطب عائشة، قالت: إنّ عندنا يا رسول الله من هي أكبر منها قال: إنما أريد عائشة، ثم خرج ودخل أبو بكر رضي الله عنه، فأخبرته أمها بما. فخرج، فزوّجها إياه، وأمر الرسول بقطع الأراجيح.
ما ترويه كلّ السير وكتب الأخبار والتاريخ، وما ترويه عائشة نفسها من تفاصيل سنوردها هنا، هو أنّ الرسول تقدّم لخطبة عائشة وهي بنت ستّ(6 سنين)، وتزوّجها وهي بنت تسْع(9) سنين. هذه حقيقة لا ينغي النظر إليْها نظرة غريبة ولا شاذّة، فقد أوضحتُ، في الحلقات الأولى من هذه السلسلة أنّ التحوّل الدّيني الذي عرفته شبه الجزيرة العربية لمْ يُلْغ بصفة قطعية ونهائية عددا من عادات ما قبْل الإسلام، ومنها عادة الزواج، سواء من حيث تعدّد الزوجات، أو من حيث الزواج ممّا نعتبره اليوم «قاصر». لكننا نستغرب للرسول وننسى أنّ صحابته وغير صحابته قاموا بالشيء نفسه، وأبرزهم عمر بن الخطاب الذي تزوّج بحفيدة الرسول!!
يروي البلاذري في (أنساب الأشراف، المجلد الأول، ص. 346 ) قائلا: «عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين، وبنى بي وأنا ابنة تسع ينين، وقال الواقدي والكلبي: تزوّجها في شوال، وأدخلت عليه في شوال، فكانت تستحب أن تتزوج نساؤها في شوال، وتقول: أية امرأة كانت أحظى عند زوج مني؟». « لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتني بعائشة، خرجت إليها أمها، أم رُومان، وهي تلعب مع الجواري في النخل، فأخذت بيدها فأدخلتها على النبيّ صلى الله عليه وسلم في شوال بعد قدومه المدينة بعام، وهي ابنة تسع. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها حين خطب سودة».
يروي برهان الدين الحلبي، في «السيرة الحلبية» قائلا:»عن عائشة قالت تزوجني النبيّ وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين أتتني أمي وإني لفي أرجوحة مع صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت بعض ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار.. أصلحن من شأني فلم يرعى إلا النبي ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين وقال بعضهم دخل صلعم بعائشة ولعبتُها معها..»
الشيء نفسه يثبته الواقدي، في سيرته، عن ابن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة قالت: «تزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بثلاث سنين في شوال سنة عشرة من النبوة، وقدم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وأعرسَ بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر. وكنتُ يوم تزوجني ابنة ستّ ويوم دخل عليّ ابنة تسع» .من هنا نقرأ في النصوص القديمة أخبارا متواترة تقول فيها عائشة بأنّ الرسول تزوّجها وهي طفلة تلعب مع الجواري بالبنات، أيْ بالدمى، وأنه لمّا كان يدخل بيت والديْها، كانت الطفلات يخجلْن منه ويخرجن. فيخرج ليطمئنهنّ. ثمّ إنه دخل على عائشة يوما وهي تلعب بالدمى، فسألها: ما هذا؟ فأجابتْ: خيل سليمان، فضحك الرسول.
حدثني عمرو بن محمد الناقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال، قالت عائشة: ما تزوّجني النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتي، وقال: هذه زوجتك، فتزوّجني وإني لجارية عليّ حوَف. فلما تزوّجني، وقع عليّ الحياء وإني لصغيرة. وقال سفيان: « الحَوف « هو الذي يكون في وسط الصبيّ».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
15يوليوز 2013
وإنّ فضلَ عائشة عن النّساء كفضْل الثّريد على الطعام» من حديث نبويّ.
الحديث عن عائشة، الزّوجة الثالثة للرسول، له دائما نكهة خاصّة، فالأمْر يتعلّق بأقرب زوجات الرسول إليه، التي يفضّلها على باقي نسائه، للأسباب التي سنذكرها بعد قليل. فهي الوحيدة بينهنّ البكر، تزوّجها الرّسول عن حبّ، ورأى أنه تزوّجها في المنام، صورتُها جاء بها جبريل من السماء في قطعة من الحرير الأخضر، وهي من أجمل نسائه، والوحيدة التي رأت جبريل راكبا على فرس والرسول يكلّمه ويختلي به، والوحيدة التي كان جبريل يأتي الرسول بالوحْي وهو معها في لحاف واحد؛ والوحيدة التي كانتْ لهل الجرأة من بيْن نسائه على الرّدّ عليه، وعلى مواجهة محيطه، وهي التي نزلتْ في حقّها آيات قرآنية تبرّئها من إتيان الفاحشة الخ.
لا بُدّ، في البداية، من المرور سريعا على نقطة تفصيلية أسالتْ مدادا كثيرا، يثير بعضُه الشفقة والسخرية أحيانا. وهو الأمْر المتعق بالسنّ الذي كانت تبلغه عائشة حين تزوّجها الرسول، إلى درجة أننا رأينا بعض فقهائنا وهم يقومون، لسذاجتهم وبعيدا عن أيّ منطق علميّ حول عمر الإنسان، بعمليات حسابية يرمي من ورائها أنْ يقنعنا، أو ربما يقنع نفسه، بأنّ سنّ التاسعة في بداية الدعوة الإسلامية يماثله سنّ الثامنة عشرة اليوم، وهي السنّ الموضوعية للزواج!! رآها الرسول على أرجوحة تلعب فأعجبته، فأتى منزل أبي بكر ولم يكن حاضراً، فقالت له أم رُومان: ما حاجتك يا رسول الله؟ قال: جئت أخطب عائشة، قالت: إنّ عندنا يا رسول الله من هي أكبر منها قال: إنما أريد عائشة، ثم خرج ودخل أبو بكر رضي الله عنه، فأخبرته أمها بما. فخرج، فزوّجها إياه، وأمر الرسول بقطع الأراجيح.
ما ترويه كلّ السير وكتب الأخبار والتاريخ، وما ترويه عائشة نفسها من تفاصيل سنوردها هنا، هو أنّ الرسول تقدّم لخطبة عائشة وهي بنت ستّ(6 سنين)، وتزوّجها وهي بنت تسْع(9) سنين. هذه حقيقة لا ينغي النظر إليْها نظرة غريبة ولا شاذّة، فقد أوضحتُ، في الحلقات الأولى من هذه السلسلة أنّ التحوّل الدّيني الذي عرفته شبه الجزيرة العربية لمْ يُلْغ بصفة قطعية ونهائية عددا من عادات ما قبْل الإسلام، ومنها عادة الزواج، سواء من حيث تعدّد الزوجات، أو من حيث الزواج ممّا نعتبره اليوم «قاصر». لكننا نستغرب للرسول وننسى أنّ صحابته وغير صحابته قاموا بالشيء نفسه، وأبرزهم عمر بن الخطاب الذي تزوّج بحفيدة الرسول!!
يروي البلاذري في (أنساب الأشراف، المجلد الأول، ص. 346 ) قائلا: «عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين، وبنى بي وأنا ابنة تسع ينين، وقال الواقدي والكلبي: تزوّجها في شوال، وأدخلت عليه في شوال، فكانت تستحب أن تتزوج نساؤها في شوال، وتقول: أية امرأة كانت أحظى عند زوج مني؟». « لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتني بعائشة، خرجت إليها أمها، أم رُومان، وهي تلعب مع الجواري في النخل، فأخذت بيدها فأدخلتها على النبيّ صلى الله عليه وسلم في شوال بعد قدومه المدينة بعام، وهي ابنة تسع. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها حين خطب سودة».
يروي برهان الدين الحلبي، في «السيرة الحلبية» قائلا:»عن عائشة قالت تزوجني النبيّ وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين أتتني أمي وإني لفي أرجوحة مع صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت بعض ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار.. أصلحن من شأني فلم يرعى إلا النبي ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين وقال بعضهم دخل صلعم بعائشة ولعبتُها معها..»
الشيء نفسه يثبته الواقدي، في سيرته، عن ابن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة قالت: «تزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بثلاث سنين في شوال سنة عشرة من النبوة، وقدم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وأعرسَ بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر. وكنتُ يوم تزوجني ابنة ستّ ويوم دخل عليّ ابنة تسع» .من هنا نقرأ في النصوص القديمة أخبارا متواترة تقول فيها عائشة بأنّ الرسول تزوّجها وهي طفلة تلعب مع الجواري بالبنات، أيْ بالدمى، وأنه لمّا كان يدخل بيت والديْها، كانت الطفلات يخجلْن منه ويخرجن. فيخرج ليطمئنهنّ. ثمّ إنه دخل على عائشة يوما وهي تلعب بالدمى، فسألها: ما هذا؟ فأجابتْ: خيل سليمان، فضحك الرسول.
حدثني عمرو بن محمد الناقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال، قالت عائشة: ما تزوّجني النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتي، وقال: هذه زوجتك، فتزوّجني وإني لجارية عليّ حوَف. فلما تزوّجني، وقع عليّ الحياء وإني لصغيرة. وقال سفيان: « الحَوف « هو الذي يكون في وسط الصبيّ».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
15يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
(9) - عائشة، الزوجة المفضّلة (2)
ومن شدّة حبّ عائشة للرسول، وغيرتها الكبيرة، كانتْ دائما تفتخر بكوْنها المرأة الوحيدة التي تزوّجها الرسول وهي بكْر لم يسْبقْ لها الزواج من قبلُ. ومما ترويه النصوص الأولى أنّهُ «دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عائشة، فقالتْ له: أين كنتَ؟ قال: عند أمّ سلمة. فقالت: «وما تصنع بأمّ سلمة؟ وإنك نزلتَ بعدْوَتين، إحداهما عافية لم تُرْعَ، والأخرى قد رُعيتْ؛ في أيهما كنتَ تَرْعى؟ « « قال النبي صلى الله عليه وسلم: « في التي لم تُرْعَ «، وتبسّم صلى الله عليه وسلم». (أنساب الأشراف، ص.351). [«العُدْوة هي جانب الوادي، و»عافية» معناها «الأرض التي غطّاها النبات]. يتّضحُ من هذه الاستعارة كيف كانتْ عائشة توصل خطابها ليكون فعّالا.
كانَتْ عائشة تعرفُ ما نسمّيه اليوم «نقطة ضعف» الرسول، وهي حبّه الكبير لها، لذلك نلاحظ أنّ جميع ما يُروى عنها أو عن نسائه الأخريات إنّما يَرِدُ على لسانها، ولمْ يسْبق لأيّ جامع للأحاديث أنْ وقف عند هذا الأمْر المثير للاهتمام. ولعلّ تفسير ذلك، كما تقول جاكلينْ الشّابي، في كتابها الهامّ «النبيّ والقبيلة»، هو أنّ أهل الحديث «كانوا منشغلين بمتْن الحديث أكثر من انشغالهم بالسّنَد». ومن ذلك ما يتردّد أنه «عن عائشة رضي الله عنها قالتْ أنّ أزواجَ النبيّ صلعم أرْسلن إليه فاطمة فجاءتْ فقالتْ: «يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، والنبيّ نائم». فقال يا بنيّة أتحبّين ما أحبّ قالت «نعم»، قال فأحبّي هذه فرجعتْ إليهنّ، فأخبرتهنّ بذلك، فقلن ما أغنيت عنّا شيئا فأرسلنَ زينب بنت جحش، قالت: وهي التي كانتْ تُساميني في الحبّ فجاءتْ فقالتْ بنت أبي بكر وبنْت أبي بكْر، فما زالتْ تذكرني وأنا أنتظر أنْ يأذنَ لي رسول الله صلعم في الجواب فأذن لي فسببتها حتى جفّ لساني فقال النبيّ صلعم كلاّ إنها بنْت أبي بكْر». انظر: «صحيح مسلم»، من حديث عائشة، «إحياء علوم الدين» لأبي حامد الغزالي، «باب كتاب ذمّ الغضب والحقد والحسد». ويُروى عن أنس أنه قال: قال النبيّ: يا أمّ سلمة لا تؤذوني في عائشة». وعنْها دائما أنها قالت: «قال النبيّ يا عائشة إني أعرف غضبك مني ورضاءك عني، فقلتُ: «كيف؟»، قال: «إذا كنت منّي غضْبَى تقولين: «لا وربّ إبراهيم»، وإذا كنت عنّي راضية: «تقولين: «لا وربّ محمد»، تقول عائشة :»لمْ أهْجر إلا اسْمك فقط». (صحيح مسلم بشرح النووي باب «فضْل عائشة»).
ونأتي الآن إلى واحد من أبرز الأحداث في علاقة الرسول بعائشة، وهو ما يُطلق عليه «حادثة الإفك»، (وليْس «حديث»)، والذي كاد أنْ يعصف بعلاقتهما. لا بدّ أوّلاً من مُلاحظة هامّة، وهي مَسْألة العلاقة بين المتن والسّند التي أشرتُ إليها سابقا. فبخصوص سند حادثة الإفك، يتبيّن، في الصحاح وكتب السّيرة والتاريخ والتفْسير أنه لم تَرْوِهِ إلاّ عائشة فقط، مع أن مثل هذه الحادثة التي نزلتْ فيها أكثر من عشر آيات من القرآن كانَ يُنتظر أنْ تُروى فيها رواية واحدة على الأقلّ عن صَحَابيّ آخر يوافق فيها عائشة في أنها هي المرأة المقذوفة بالزّنا، ولكنّا لمْ نرَ أيّ رواية منْ هذا القَبيل. القصّةُ الكاملة اختُرتها عن قصْد من البُخاري، الذي يبْدو أنّ كثيرا من إسلاميّينا، الذين يرفضون هذه القصّة، لمْ يقرؤوه، مع أنهم يذكرونه بعد القرآن كمصدر أساسيّ. يقول البخاري أنّ عائشة «قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك، وقفل، ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحْلي، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع، فالتمستُ عقدي، وحَبَسَني ابتغاؤه، وأقبل الرّهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هوْدجي فرحلوه على بعيري الذي كنتُ ركبتُ، وهم يحسبون أني فيه، وكانَ النساء إذْ ذاك خفافا لم يثقلهن اللّحم، إنما تأكل العلقة من الطّعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدتُ عقدي بعدما استمرّ الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فأمّمت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ.
فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمْتُ، وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فَعَرَفني حين رآني، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يديْها فركبتها، فانطلق يقودُ بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحْر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيتُ حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعرُ بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله اللطفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله فيسلم، ثمّ يقول: كيف تَيْكُم ثمّ ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشّرّ، حتى خرجتُ بعدما نقهت، فخرجتْ معي أمّ مسطح، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليْل، وذلك قبل أنْ نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأوّل في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذّى بالكنف أنْ نتخذها عند بيوتنا، فانطلقتُ أنا وأمّ مسطح، وقد فرغنا من شأننا، فعثرت أمّ مسطح في مرطها، فقالت: تَعس مسطح، فقلتُ لها: بئس ما قلت، أتسبّين رجلا شهد بدرا؟! قالتْ: أيْ هنتاه، أولم تسمعي ما قال؟ قالت: قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهْل الإفك؛ فازددتُ مَرَضا على مَرَضي، فلما رجعتُ إلى بيتي ودخل عليّ رسول سلّم - ثم قال: كيف تيكم، فقلت: أتأذن لي أنْ آتي أبويَّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أنْ أسْتيقن الخبر من قِبَلِهما، قالتْ: فأذن لي رسول الله. فجئت أبويّ فقلت لأمّي: يا أمّتاه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنيّة، هوّني عليك، فوالله لقلّما كانتْ امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلا أكْثرن عليها، قالتْ: فقلت: سبحان الله أو لقدْ تحدث الناس بهذا؟! قالتْ: فبكيتُ تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحلُ بنوْم حتى أصبحتْ أبكي، فدعا رسول الله عليّا بن أبي طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ، فقال: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرا.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
16 يوليوز 2013
ومن شدّة حبّ عائشة للرسول، وغيرتها الكبيرة، كانتْ دائما تفتخر بكوْنها المرأة الوحيدة التي تزوّجها الرسول وهي بكْر لم يسْبقْ لها الزواج من قبلُ. ومما ترويه النصوص الأولى أنّهُ «دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عائشة، فقالتْ له: أين كنتَ؟ قال: عند أمّ سلمة. فقالت: «وما تصنع بأمّ سلمة؟ وإنك نزلتَ بعدْوَتين، إحداهما عافية لم تُرْعَ، والأخرى قد رُعيتْ؛ في أيهما كنتَ تَرْعى؟ « « قال النبي صلى الله عليه وسلم: « في التي لم تُرْعَ «، وتبسّم صلى الله عليه وسلم». (أنساب الأشراف، ص.351). [«العُدْوة هي جانب الوادي، و»عافية» معناها «الأرض التي غطّاها النبات]. يتّضحُ من هذه الاستعارة كيف كانتْ عائشة توصل خطابها ليكون فعّالا.
كانَتْ عائشة تعرفُ ما نسمّيه اليوم «نقطة ضعف» الرسول، وهي حبّه الكبير لها، لذلك نلاحظ أنّ جميع ما يُروى عنها أو عن نسائه الأخريات إنّما يَرِدُ على لسانها، ولمْ يسْبق لأيّ جامع للأحاديث أنْ وقف عند هذا الأمْر المثير للاهتمام. ولعلّ تفسير ذلك، كما تقول جاكلينْ الشّابي، في كتابها الهامّ «النبيّ والقبيلة»، هو أنّ أهل الحديث «كانوا منشغلين بمتْن الحديث أكثر من انشغالهم بالسّنَد». ومن ذلك ما يتردّد أنه «عن عائشة رضي الله عنها قالتْ أنّ أزواجَ النبيّ صلعم أرْسلن إليه فاطمة فجاءتْ فقالتْ: «يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، والنبيّ نائم». فقال يا بنيّة أتحبّين ما أحبّ قالت «نعم»، قال فأحبّي هذه فرجعتْ إليهنّ، فأخبرتهنّ بذلك، فقلن ما أغنيت عنّا شيئا فأرسلنَ زينب بنت جحش، قالت: وهي التي كانتْ تُساميني في الحبّ فجاءتْ فقالتْ بنت أبي بكر وبنْت أبي بكْر، فما زالتْ تذكرني وأنا أنتظر أنْ يأذنَ لي رسول الله صلعم في الجواب فأذن لي فسببتها حتى جفّ لساني فقال النبيّ صلعم كلاّ إنها بنْت أبي بكْر». انظر: «صحيح مسلم»، من حديث عائشة، «إحياء علوم الدين» لأبي حامد الغزالي، «باب كتاب ذمّ الغضب والحقد والحسد». ويُروى عن أنس أنه قال: قال النبيّ: يا أمّ سلمة لا تؤذوني في عائشة». وعنْها دائما أنها قالت: «قال النبيّ يا عائشة إني أعرف غضبك مني ورضاءك عني، فقلتُ: «كيف؟»، قال: «إذا كنت منّي غضْبَى تقولين: «لا وربّ إبراهيم»، وإذا كنت عنّي راضية: «تقولين: «لا وربّ محمد»، تقول عائشة :»لمْ أهْجر إلا اسْمك فقط». (صحيح مسلم بشرح النووي باب «فضْل عائشة»).
ونأتي الآن إلى واحد من أبرز الأحداث في علاقة الرسول بعائشة، وهو ما يُطلق عليه «حادثة الإفك»، (وليْس «حديث»)، والذي كاد أنْ يعصف بعلاقتهما. لا بدّ أوّلاً من مُلاحظة هامّة، وهي مَسْألة العلاقة بين المتن والسّند التي أشرتُ إليها سابقا. فبخصوص سند حادثة الإفك، يتبيّن، في الصحاح وكتب السّيرة والتاريخ والتفْسير أنه لم تَرْوِهِ إلاّ عائشة فقط، مع أن مثل هذه الحادثة التي نزلتْ فيها أكثر من عشر آيات من القرآن كانَ يُنتظر أنْ تُروى فيها رواية واحدة على الأقلّ عن صَحَابيّ آخر يوافق فيها عائشة في أنها هي المرأة المقذوفة بالزّنا، ولكنّا لمْ نرَ أيّ رواية منْ هذا القَبيل. القصّةُ الكاملة اختُرتها عن قصْد من البُخاري، الذي يبْدو أنّ كثيرا من إسلاميّينا، الذين يرفضون هذه القصّة، لمْ يقرؤوه، مع أنهم يذكرونه بعد القرآن كمصدر أساسيّ. يقول البخاري أنّ عائشة «قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك، وقفل، ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحْلي، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع، فالتمستُ عقدي، وحَبَسَني ابتغاؤه، وأقبل الرّهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هوْدجي فرحلوه على بعيري الذي كنتُ ركبتُ، وهم يحسبون أني فيه، وكانَ النساء إذْ ذاك خفافا لم يثقلهن اللّحم، إنما تأكل العلقة من الطّعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدتُ عقدي بعدما استمرّ الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فأمّمت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ.
فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمْتُ، وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فَعَرَفني حين رآني، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يديْها فركبتها، فانطلق يقودُ بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحْر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيتُ حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعرُ بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله اللطفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله فيسلم، ثمّ يقول: كيف تَيْكُم ثمّ ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشّرّ، حتى خرجتُ بعدما نقهت، فخرجتْ معي أمّ مسطح، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليْل، وذلك قبل أنْ نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأوّل في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذّى بالكنف أنْ نتخذها عند بيوتنا، فانطلقتُ أنا وأمّ مسطح، وقد فرغنا من شأننا، فعثرت أمّ مسطح في مرطها، فقالت: تَعس مسطح، فقلتُ لها: بئس ما قلت، أتسبّين رجلا شهد بدرا؟! قالتْ: أيْ هنتاه، أولم تسمعي ما قال؟ قالت: قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهْل الإفك؛ فازددتُ مَرَضا على مَرَضي، فلما رجعتُ إلى بيتي ودخل عليّ رسول سلّم - ثم قال: كيف تيكم، فقلت: أتأذن لي أنْ آتي أبويَّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أنْ أسْتيقن الخبر من قِبَلِهما، قالتْ: فأذن لي رسول الله. فجئت أبويّ فقلت لأمّي: يا أمّتاه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنيّة، هوّني عليك، فوالله لقلّما كانتْ امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلا أكْثرن عليها، قالتْ: فقلت: سبحان الله أو لقدْ تحدث الناس بهذا؟! قالتْ: فبكيتُ تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحلُ بنوْم حتى أصبحتْ أبكي، فدعا رسول الله عليّا بن أبي طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ، فقال: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرا.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
16 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
10 : الإفْك، سببُ حقْد عائشة على عليّ بن أبي طالب
يتابع البخاري قصّة الإفك، التي كانتْ لها آثار أليمة على التاريخ العربي الإسلامي، قائلا: «وأما عليّ بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لمْ يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصْدُقْك، قالت: فدعا رسول الله بريرة، فقال: أيْ بريرة، هل رأيتِ من شيء يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهْل بيتي؟ فوالله، ما علمتُ على أهلي إلا خيْرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي» .فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: «يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إنْ كان من الأوْس ضربت عنقه، وإنْ كانَ من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك»، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: «كذبت لعمر الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين»، فتثاور الحيان - الأوس والخزرج - حتى همّوا أن يقتتلوا، ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكتَ. قالت: فبكيتُ يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتيْن ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع يظنان أنّ البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلستْ تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله، فسلّم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول الله حين جلس، ثم قال: أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تابَ إلى الله تاب الله عليه.
قالت: فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله فيما قال، قال: والله، ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت لأمّي: أجيبي رسول الله، قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله، قالت: فقلت - وأنا جارية حديثة السنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن: إنّي والله لقدْ علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال:»فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون»، (سورة يوسف، 18).
قالت: ثم تحوّلت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله، ما رام رسول الله ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه، قالت: فلما سري عن رسول الله سري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: يا عائشة، أما الله - عز وجل - فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه، قالت: فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل، فأنزل الله عز وجلإن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه (النور، 11) العشر الآيات كلها، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل اللهولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (النور، 22)، قال أبو بكر: بلى والله إني أحبّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: «يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟، فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله فعصمها الله بالوَرَع، وطفقتْ أختها حمنة تحارب لها فهلكتْ فيمن هلك من أصْحاب الإفك«. وتوفيت عائشة دونَ أنْ تلد للرسول، ولا اشتملتْ على حمل. وكانت وفاتها سنة ثمان وخمسين، وهي ابنة ستّ وستّين سنة، وأوصتْ بأنْ تُدفن من ليلتها!!.
غدا: غزيّة بنت دودانْ تهبُ نفسها للرسول
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
17 يوليوز 2013
يتابع البخاري قصّة الإفك، التي كانتْ لها آثار أليمة على التاريخ العربي الإسلامي، قائلا: «وأما عليّ بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لمْ يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصْدُقْك، قالت: فدعا رسول الله بريرة، فقال: أيْ بريرة، هل رأيتِ من شيء يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهْل بيتي؟ فوالله، ما علمتُ على أهلي إلا خيْرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي» .فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: «يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إنْ كان من الأوْس ضربت عنقه، وإنْ كانَ من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك»، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: «كذبت لعمر الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين»، فتثاور الحيان - الأوس والخزرج - حتى همّوا أن يقتتلوا، ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكتَ. قالت: فبكيتُ يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتيْن ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع يظنان أنّ البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلستْ تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله، فسلّم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول الله حين جلس، ثم قال: أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تابَ إلى الله تاب الله عليه.
قالت: فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله فيما قال، قال: والله، ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت لأمّي: أجيبي رسول الله، قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله، قالت: فقلت - وأنا جارية حديثة السنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن: إنّي والله لقدْ علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال:»فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون»، (سورة يوسف، 18).
قالت: ثم تحوّلت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله، ما رام رسول الله ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه، قالت: فلما سري عن رسول الله سري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: يا عائشة، أما الله - عز وجل - فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه، قالت: فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل، فأنزل الله عز وجلإن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه (النور، 11) العشر الآيات كلها، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل اللهولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (النور، 22)، قال أبو بكر: بلى والله إني أحبّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: «يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟، فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله فعصمها الله بالوَرَع، وطفقتْ أختها حمنة تحارب لها فهلكتْ فيمن هلك من أصْحاب الإفك«. وتوفيت عائشة دونَ أنْ تلد للرسول، ولا اشتملتْ على حمل. وكانت وفاتها سنة ثمان وخمسين، وهي ابنة ستّ وستّين سنة، وأوصتْ بأنْ تُدفن من ليلتها!!.
غدا: غزيّة بنت دودانْ تهبُ نفسها للرسول
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
17 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
11 - غزيّة بنت دُودان تهبُ نفسها للرسول
تنقسمُ المصادر القديمة وكتب السّير والأخبار، في مسْألة ترتيب مختلف زوْجات الرّسول: فهناك من يرتّبهنّ بحسب تسلْسلهنّ في الارتباط بالرّسول، بغضّ النظر عمّا إذا هو من اختار الارتباط بهنّ أمْ لا، كما نجد عند البلاذريّ في «أنساب الأشراف»، على سبيل المثال، وهناكَ من يتّبع تسلسل النّساء اللواتي اختارهنّ بنفسه، ثم يعمدُ في النهاية إلى إفْراد باب من قبيل «عدد النّسوة اللائي وهبْن أنفسهنّ»، كما هو الحال عند ابن إسحاق في «سيرته»، أو عنْد ابن سعد في «طبقاته»، حيث يخصّص بابا يسمّيه «ذكْر من خُطب النبيّ (ص) من النساء فلم يتمّ نكاحه، ومن وهبتْ نفسها من النساء لرسول الله»، بعد أنْ يخصّص بابا آخر لستّ نساء سمّاه «ذكر من تزوّج رسول الله من النساء فلم يجمعهنّ، ومن فارق منهنّ، وسبب مفارقته إيّاهنّ». وعوض هذا التّرْتيب الثاني، المبنيّ على «طبيعة» و»ظروف» زواج الرّسول، آثرْتُ أنْ أتّبع التسلسل الزّمنيّ، أوّلاً لارتباط زيجات الرّسول بسياقات تاريخيّة وسياسيّة وقَبَليَة متتالية، وثانيا للتفاعُل اللحظيّ والآني لباقي الزوجات مع «الوافدة الجديدة» سلْبا أو إيجابا.
يرتبط كلّ هذا الكلام بالزّوْجة الرّابعة، غزيّة بنت دُودان بن عوف بن عمرو، المعروفة بأمّ شريك، والتي كانتْ واحدة من النساء اللواتي وهبْنَ أنفسهنّ للنبيّ. وكلّ ما نجده مبْثوثا في التراث هو أنّ غزيّة هذه كانتْ، كانتْ قبل الرّسول عند أبي العكر، واسمه مسلم بن سمي بن الحارث الأزدي، من بني ميْدعان. وهو حليف بني عامر بن لؤي، فولدتْ له شريك بن أبي العكر، فكنيتْ به. وأنها كانت تدخل على النساء بمكة، فتدعوهنّ إلى الإسلام. وبعد طلاقها على وجْه الخصوص، تفرّغت لدعوة النساء خاصّة للدخول في الدين الجديد. وإذا كانت بعض الروايات، مثل رواية البلاذري، تقرّ بأنّ الرسول قبل بها واتخذها زوجة له، فإن البعض الآخر، يعتبر أنّ غزيّة وهبت نفسها للرسول، غير أنه لم يتزوّجها، ولم يردّها. لتردّد كان عنده من الأنصاريات. وفي هذا الشأن يذكر الحاكم في «المستدرك عن قتادة: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إني أحبّ أنْ أتزوّج في الأنصار، ثم إنّي أكره غيرتهنّ، قال: فلم يدخل بها».
فلإعْجابها بالدين الجديد، إذنْ، والذي دعتْ النساء إلى الدخول فيه، وإعجابها بصاحب الدّعوة «عرضت نفسها على النبيّ، وكانت امرأة جميلة فقبلها» فقالتْ عائشة: «ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير»، قالت أمّ شريك: «فأنا تلك»(...) فقال «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب، 50). فلما نزلتْ هذه الآية قالت عائشة :»إنّ الله يسارع لك في هواك»، (انظر: أسباب النزول، للسيوطي، والطبقات لابن سعد، والكشاف للزمخشري).
وبرغْم الآية والوحْي النازل، قالتْ عائشة: «كنتُ أغار على اللاتي وهبْن أنفسهنّ للنبيّ وأقول أتهبُ المرأة نفسها للرّجل؟، فلما أنْزل الله ترجي من تشاء منهنّ وتأوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك(سورة الأحزاب، الآية 51) . وعن أبى جعفر عليه السلام قال: «جاءتْ امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلعم، فدخلتْ عليه وهو في منزل حفصة، والمرأة متلبّسة متمشّطة، فدخلتْ على رسول الله صلعم، فقالت: «يا رسول الله إنّ المرأة لا تـخْطب الزّوج، وأنا امرأة أيّم لا زوْج لي منذ دهر ولا ولد، فهلْ لك من حاجة ؟ فإنْ تكُ فقد وهبتُ نفسي لك أن قبلتني»، فقال لها رسول الله صلعم: «خيْرا»، ودعا لها». وكانت هذه الدعوة جزْءا لا يتجزّأ من القدسيّ الذي يرتبط بالدنيوي، في علاقة الرسول بنسائه: علاقات الزواج والتزويج تتمّ دائما بمباركة من السماء. من هنا، كما تورد كتب الأخبار والسير، كان الرسول دائما ما يردّد العبارة التالية: «ما تزوّجت شيئاً من نسائي ولا زوّجت شيئاً من بناتي إلا بوحْي جاءني به جبريل عن ربّي عز وجلّ. («عيون الأثر في المغازي والسير» لابن سيد الناس، باب أزواجه صلعم).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
18 يوليوز 2013
تنقسمُ المصادر القديمة وكتب السّير والأخبار، في مسْألة ترتيب مختلف زوْجات الرّسول: فهناك من يرتّبهنّ بحسب تسلْسلهنّ في الارتباط بالرّسول، بغضّ النظر عمّا إذا هو من اختار الارتباط بهنّ أمْ لا، كما نجد عند البلاذريّ في «أنساب الأشراف»، على سبيل المثال، وهناكَ من يتّبع تسلسل النّساء اللواتي اختارهنّ بنفسه، ثم يعمدُ في النهاية إلى إفْراد باب من قبيل «عدد النّسوة اللائي وهبْن أنفسهنّ»، كما هو الحال عند ابن إسحاق في «سيرته»، أو عنْد ابن سعد في «طبقاته»، حيث يخصّص بابا يسمّيه «ذكْر من خُطب النبيّ (ص) من النساء فلم يتمّ نكاحه، ومن وهبتْ نفسها من النساء لرسول الله»، بعد أنْ يخصّص بابا آخر لستّ نساء سمّاه «ذكر من تزوّج رسول الله من النساء فلم يجمعهنّ، ومن فارق منهنّ، وسبب مفارقته إيّاهنّ». وعوض هذا التّرْتيب الثاني، المبنيّ على «طبيعة» و»ظروف» زواج الرّسول، آثرْتُ أنْ أتّبع التسلسل الزّمنيّ، أوّلاً لارتباط زيجات الرّسول بسياقات تاريخيّة وسياسيّة وقَبَليَة متتالية، وثانيا للتفاعُل اللحظيّ والآني لباقي الزوجات مع «الوافدة الجديدة» سلْبا أو إيجابا.
يرتبط كلّ هذا الكلام بالزّوْجة الرّابعة، غزيّة بنت دُودان بن عوف بن عمرو، المعروفة بأمّ شريك، والتي كانتْ واحدة من النساء اللواتي وهبْنَ أنفسهنّ للنبيّ. وكلّ ما نجده مبْثوثا في التراث هو أنّ غزيّة هذه كانتْ، كانتْ قبل الرّسول عند أبي العكر، واسمه مسلم بن سمي بن الحارث الأزدي، من بني ميْدعان. وهو حليف بني عامر بن لؤي، فولدتْ له شريك بن أبي العكر، فكنيتْ به. وأنها كانت تدخل على النساء بمكة، فتدعوهنّ إلى الإسلام. وبعد طلاقها على وجْه الخصوص، تفرّغت لدعوة النساء خاصّة للدخول في الدين الجديد. وإذا كانت بعض الروايات، مثل رواية البلاذري، تقرّ بأنّ الرسول قبل بها واتخذها زوجة له، فإن البعض الآخر، يعتبر أنّ غزيّة وهبت نفسها للرسول، غير أنه لم يتزوّجها، ولم يردّها. لتردّد كان عنده من الأنصاريات. وفي هذا الشأن يذكر الحاكم في «المستدرك عن قتادة: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إني أحبّ أنْ أتزوّج في الأنصار، ثم إنّي أكره غيرتهنّ، قال: فلم يدخل بها».
فلإعْجابها بالدين الجديد، إذنْ، والذي دعتْ النساء إلى الدخول فيه، وإعجابها بصاحب الدّعوة «عرضت نفسها على النبيّ، وكانت امرأة جميلة فقبلها» فقالتْ عائشة: «ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير»، قالت أمّ شريك: «فأنا تلك»(...) فقال «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب، 50). فلما نزلتْ هذه الآية قالت عائشة :»إنّ الله يسارع لك في هواك»، (انظر: أسباب النزول، للسيوطي، والطبقات لابن سعد، والكشاف للزمخشري).
وبرغْم الآية والوحْي النازل، قالتْ عائشة: «كنتُ أغار على اللاتي وهبْن أنفسهنّ للنبيّ وأقول أتهبُ المرأة نفسها للرّجل؟، فلما أنْزل الله ترجي من تشاء منهنّ وتأوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك(سورة الأحزاب، الآية 51) . وعن أبى جعفر عليه السلام قال: «جاءتْ امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلعم، فدخلتْ عليه وهو في منزل حفصة، والمرأة متلبّسة متمشّطة، فدخلتْ على رسول الله صلعم، فقالت: «يا رسول الله إنّ المرأة لا تـخْطب الزّوج، وأنا امرأة أيّم لا زوْج لي منذ دهر ولا ولد، فهلْ لك من حاجة ؟ فإنْ تكُ فقد وهبتُ نفسي لك أن قبلتني»، فقال لها رسول الله صلعم: «خيْرا»، ودعا لها». وكانت هذه الدعوة جزْءا لا يتجزّأ من القدسيّ الذي يرتبط بالدنيوي، في علاقة الرسول بنسائه: علاقات الزواج والتزويج تتمّ دائما بمباركة من السماء. من هنا، كما تورد كتب الأخبار والسير، كان الرسول دائما ما يردّد العبارة التالية: «ما تزوّجت شيئاً من نسائي ولا زوّجت شيئاً من بناتي إلا بوحْي جاءني به جبريل عن ربّي عز وجلّ. («عيون الأثر في المغازي والسير» لابن سيد الناس، باب أزواجه صلعم).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
18 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
12 - حفصة بنت عمر بن الخطاب، الوجْهُ الآخر لعائشة
هي ابْنة عمر بن الخطاب، وثاني أهمّ زوجات الرسول، على الأقلّ من حيث «المناورات» التي كانتْ تجري بين نساء الرسول، ومن حيث تواطؤها مع عائشة. لمْ تكن جميلة، ولم يتزوجها بكرا، فقد كانت حفصة متزوّجة من قبْل من هنيس بن حذافة، فمرض ببدر ومات. تزوّجها الرسول في السنة الثالثة للهجْرة، وتوفيتْ في خلافة عثمان.
وقدْ دخلت حفصة بيت النبيّ، بعد سودة وعائشة كزوجتيْن رسميتيْن، أما سودة فرحّبت بها راضية، وأما عائشة فحارتْ ماذا تصنع بابنة عمر، وسكتت أمام هذا الزّواج المفاجىء الذي ستقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول. غير أنّ هذه الغيرة سرْعان ما ستتضاءل معَ قُدوم زوْجات أخريات، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ، لكنها ستتضاءلُ أكثر مع التقارُب الكبير بينهما في نقط عديدة: خلافا لسوْدة، كانتا من جيل واحد تقريبا، أبواهما من أقرب الناس للرسول، أبو بكر وعمر، تعلّمهما، مباهتمهما ودهاؤهما، وإذا كانتْ عائشة تُعتبر مصدرا أساسيا في السنّة، حيث وردَ 5636 حديثا على لسانها، فإنّ حفصة مصدر أساسيّ في القرآن لكوْنها احتفظتْ بالنسخة المكتوبة التي سوف يعتمدها عثمان بن عفان كمصدر رئيسيّ في جمْعه وتدوينه للنص القرآنيّ. كلّ شيء إذنْ يوحي بما يمكنُ أنْ تقوما به هاتان «الضّرّتان المتواطئتان»!!
يورد كلّ من البلاذري في «الأنساب»، ص. 358 والنويري في «نهاية الأرب» سياق عرْض عمر بن الخطاب ابنته صديقيْه أبي بكر وعثمان، وبعدهما على الرسول كما يلي «عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لما تأيمت حفصةُ، لقيتُ عثمانَ بن عفان فعرضتها عليه. فقال: أنظر في ذلك. فمكث أياماً ثم لقيني. فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال: فلقيتُ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتُ زوجتك حفصة، فصمت، ولم يرجع إليّ جوابا. قال عمر: فكنتُ على أبي بكر أوجد مني على عثمان. ثم لبثت ما شاء الله. فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فنكحها. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدتَ في نفسك؟ قلتُ: نعم. قال: إنه لم يمنعني من أن أرجع إليك فيها شيئاً، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها، فلم أكنْ لأفشي سره».
وكان جواب الرسول، حين اشتكى له من رفْض عثمان بن عفان الزواج من ابنته حفصة أنه قال: « ألا أدلك على خَتَن خير لك من عثمان، وأدّل عثمان على خَتَن خير له منك « ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: « زَوّجْني ابنتك، وأزوّج ابنتي عثمانَ. [«الخَتَنُ: زوج البنت أو الأخت»، لسان العرب، مادة «خ ت ن»].
أشرتُ من قبلُ إلى العلاقة الحميمية، المتواطئة، التي نُسجتْ بين عائشة وحفصة، ومن أبرز تعبيراتها تبادل الأسرار والحيل بينهما، وعدم إخفاء أيّ شيء عن بعضهما البعض. ومن ذلك ما تورده النصوص من أنه ذات يوم «خرجتْ حفصةُ من بيتها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جاريته فجاءتْ، فدخلت عليه حفصة وهي معه. فقالت: يا رسول الله، أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسْكتي، فلك الله أنْ لا أقربها أبداً، ولا تذكري هذا لأحد أبداً « . فأخبرت به عائشة، وكانت لا تكتمها شيئاً، إنما كان أمرهما واحداً. فأنزل الله: « يا أيها النبيّ لمَ تحرّمُ ما أحلّ الله لك»، (البلاذري، أنساب الأشراف، سيرة ابن هشام، طبقات ابن سعد). يشير ذكْر الآية في آخر الخبر إلى صدى هذه الواقعة الذي يورده النّصّ القرآني في الآيات الخمْس الأولى من سورة التحريم «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ، عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا». فعبارة «إلى بعض أزْواجه» ، يعني حفصة، وقوله «وإن تظاهرا عليه «، يعني عائشة وحفصة. وقوله»وصالح المؤمنين»، ويعني أبا بكر وعمر. وهذا الحدث هو الذي جعل الرسول يطلّق حفْصة تطليقة واحدة. لقد كانتْ حفصة بالفعل القرين المناسب لعائشة، والمنشّطة الفعليّة للمشهد الزّوجي النبويّ.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
20 يوليوز 2013
هي ابْنة عمر بن الخطاب، وثاني أهمّ زوجات الرسول، على الأقلّ من حيث «المناورات» التي كانتْ تجري بين نساء الرسول، ومن حيث تواطؤها مع عائشة. لمْ تكن جميلة، ولم يتزوجها بكرا، فقد كانت حفصة متزوّجة من قبْل من هنيس بن حذافة، فمرض ببدر ومات. تزوّجها الرسول في السنة الثالثة للهجْرة، وتوفيتْ في خلافة عثمان.
وقدْ دخلت حفصة بيت النبيّ، بعد سودة وعائشة كزوجتيْن رسميتيْن، أما سودة فرحّبت بها راضية، وأما عائشة فحارتْ ماذا تصنع بابنة عمر، وسكتت أمام هذا الزّواج المفاجىء الذي ستقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول. غير أنّ هذه الغيرة سرْعان ما ستتضاءل معَ قُدوم زوْجات أخريات، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ، لكنها ستتضاءلُ أكثر مع التقارُب الكبير بينهما في نقط عديدة: خلافا لسوْدة، كانتا من جيل واحد تقريبا، أبواهما من أقرب الناس للرسول، أبو بكر وعمر، تعلّمهما، مباهتمهما ودهاؤهما، وإذا كانتْ عائشة تُعتبر مصدرا أساسيا في السنّة، حيث وردَ 5636 حديثا على لسانها، فإنّ حفصة مصدر أساسيّ في القرآن لكوْنها احتفظتْ بالنسخة المكتوبة التي سوف يعتمدها عثمان بن عفان كمصدر رئيسيّ في جمْعه وتدوينه للنص القرآنيّ. كلّ شيء إذنْ يوحي بما يمكنُ أنْ تقوما به هاتان «الضّرّتان المتواطئتان»!!
يورد كلّ من البلاذري في «الأنساب»، ص. 358 والنويري في «نهاية الأرب» سياق عرْض عمر بن الخطاب ابنته صديقيْه أبي بكر وعثمان، وبعدهما على الرسول كما يلي «عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لما تأيمت حفصةُ، لقيتُ عثمانَ بن عفان فعرضتها عليه. فقال: أنظر في ذلك. فمكث أياماً ثم لقيني. فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال: فلقيتُ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتُ زوجتك حفصة، فصمت، ولم يرجع إليّ جوابا. قال عمر: فكنتُ على أبي بكر أوجد مني على عثمان. ثم لبثت ما شاء الله. فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فنكحها. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدتَ في نفسك؟ قلتُ: نعم. قال: إنه لم يمنعني من أن أرجع إليك فيها شيئاً، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها، فلم أكنْ لأفشي سره».
وكان جواب الرسول، حين اشتكى له من رفْض عثمان بن عفان الزواج من ابنته حفصة أنه قال: « ألا أدلك على خَتَن خير لك من عثمان، وأدّل عثمان على خَتَن خير له منك « ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: « زَوّجْني ابنتك، وأزوّج ابنتي عثمانَ. [«الخَتَنُ: زوج البنت أو الأخت»، لسان العرب، مادة «خ ت ن»].
أشرتُ من قبلُ إلى العلاقة الحميمية، المتواطئة، التي نُسجتْ بين عائشة وحفصة، ومن أبرز تعبيراتها تبادل الأسرار والحيل بينهما، وعدم إخفاء أيّ شيء عن بعضهما البعض. ومن ذلك ما تورده النصوص من أنه ذات يوم «خرجتْ حفصةُ من بيتها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جاريته فجاءتْ، فدخلت عليه حفصة وهي معه. فقالت: يا رسول الله، أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسْكتي، فلك الله أنْ لا أقربها أبداً، ولا تذكري هذا لأحد أبداً « . فأخبرت به عائشة، وكانت لا تكتمها شيئاً، إنما كان أمرهما واحداً. فأنزل الله: « يا أيها النبيّ لمَ تحرّمُ ما أحلّ الله لك»، (البلاذري، أنساب الأشراف، سيرة ابن هشام، طبقات ابن سعد). يشير ذكْر الآية في آخر الخبر إلى صدى هذه الواقعة الذي يورده النّصّ القرآني في الآيات الخمْس الأولى من سورة التحريم «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ، عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا». فعبارة «إلى بعض أزْواجه» ، يعني حفصة، وقوله «وإن تظاهرا عليه «، يعني عائشة وحفصة. وقوله»وصالح المؤمنين»، ويعني أبا بكر وعمر. وهذا الحدث هو الذي جعل الرسول يطلّق حفْصة تطليقة واحدة. لقد كانتْ حفصة بالفعل القرين المناسب لعائشة، والمنشّطة الفعليّة للمشهد الزّوجي النبويّ.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
20 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
13 : حفصة بنت عمر، الضرّة المتواطئة
ومع ذلك، فقد تواصَلّ تواطؤُها مع عائشة فيما يُسمّى حادث العسل، التي ترويه جلّ الكتب القديمة، والذي مفاده أنّ الرّسول كان يقضي وقتا كثيرا عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عَسَلا. فتواطأتْ عائشة وحفصة على أنه عندما يدخل الرسول عند إحداهما تقول له: «إني لأجد منك ريح مغافير، وبالتالي تسأله:»أأكلتَ مغافير؟ [«مغافير»، مفرده «مغفار»، وهو صمغ حلو يسيل من شجر العرفط (ما يُشبه شجرAcacia اليوم)، يؤكل أو يوضع في ثوب ينضح بالماء فيشرب ورائحته كريهة، انظر «المعجم الوسيط].
تواصلُ عائشة قائلة: «فدخل عن إحدانا، فقالت له: فقال: « بلى شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له» وحرّمه، وقالت عاشة لحفصة: «ما أرانا إلا قد أتيْنا عظيماً، منعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كان يشتهيه. فنزلت: « يا أيها النبّي لم تحرم ما أحل الله لك»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، و»أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير). وقال الواقدي: أمر الجارية هو المعروف بالمدينة. «. وبعْد أنْ طفح به الكيْل، وتكرّر أمْر التواطؤ، قرّر الرسول اعتزال نسائه، إلى درجة أنّ الناس أشاعوا خبَر تطليقه لهنّ. وكان ممّن قامَ ردّة فعل والد حفصة، فدخل على عائشة فوبّخها، غيْر أنها ردّت عليه بجرأة: مالي ولك يا ابن الخطاب، عليك بغيري. ثمّ دخلت على حفصة، فقال لها: «يا حفصة أَبَلَغَ من شأنك أنْ تؤذيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله علمتُ أنه لا يحبك، فلوْلا أنا لطلقك. قال: فبكت أشدّ البكاء. فقلت: أين رسول الله؟ قالت: في مشربة. قال: وإذا أنا برباح، غلامُه، قاعدا على سكفة المشربة وقد دلّى رجْليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وينحدر. فقلت: يا رَباح، استأذن لي. فنظر إلى الغرفة، ثم نظر إليّ، ولم يقل شيئاً. فرفعت صوتي وقلت: يا رباح، استأذن لي، فإني أظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أني جئتُ من أجل حفصة؛ والله لئن أمرني بضرب عنقها، لأضربنّ عنقها. فأومأ إليّ بيده أن أرْقَ. فرقيتُ فقلت: يا رسول الله: أَطَلَّقْتُهُن؟ فقال: لا . وذكر بعد ذلك كلاما»ً.
لا تذكر النصوص ما طبيعة هذا الكلام الذي قاله الرسول لعُمر، غير أنه يمكننا أنْ نحْدس بما يمكن أنْ يقول أو يعترفَ به رجل لرجل بشأْن «كيْد» النساء.
بلْ إنّ الأخبار تري بأنّ الرسول قدْ طلّق حفصة بالفعل تطليقة، تماما كما فعل مع سوْدة، غيْر أنه لمْ يطلّق حفصة لطعونها في السنّ ، وإنما لشغبها. يفصّل ابن سعد في «الكبقات، الجزء السادس، ص. 106، قائلا: «فدخل عليها (أيْ على حفصة) خالاها: عثمان وقدامة ابنا مظعون، فبكتْ وقالت: والله ما طلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم من شنع. ثم دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتجلببت. فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني، فقال لي: راجع حفصة، فإنها صوَامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة. وقال بعضهم: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هم بطلاق حفصة، فأتاه جبريل، فقال: إنها صوّامة قوّامة.
وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن أبي معشر، عن ابن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة: أنه أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه منها شيئاَ، وأرسل إلى زينب بنصيبها. فلم ترض به. فزادها، فلم ترض به، وزادها. فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك حين تردُ عليك الهديةَ، فقال صلى الله عليه وسلم: « لأنتنّ أهون على الله من أن تقمئني؛ والله لا أدخل عليكن شهرا « . فلما تمت تسع وعشرون ليلة، دخل عليهن، وقال: « إن الشهر كذا وكذا وكذا، ثم قبض إبهامه في الثالثة « .
« اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه للحديث الذي أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعاً وعشرين ليلة. قال الزهري، وقالت عائشة: وأنزل الله آية التخيير، فبدأني به، فقلت: إني أريد الله ورسوله. وقال له جميع أزواجه مثل ذلك».
«عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، أفكان طلاقاً؟ حدثنا محمد بن حاتم، ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال: كان لأم سلمة نسيب بالطائف أهدى لها عسلا، فقلن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وروي عن عمر أنه قال لابنته حفصة: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس لك جمال زينب ولا حظوة عائشة.
وتُوفيت حفصة رضي الله تعالى عنها في سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان بن الحكم في إمرته الأولى على المدينة. ونزل في قبرها عبد الله بن عمر، وعاصم بن عمر، وحمزة بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، ودفنت بالبقيع، وحملت في نعش على سرير. وتبعها مروان إلى البقيع، وجلس حتى فرغ من دفنها، ثم أرسل إلى ابن عمر بعزيمة في الصحف التي كانت عندها، فيها القرآن على ما نسخ في أيام أبي بكر. فأخذها ومحاها».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
21 يوليوز 2013
ومع ذلك، فقد تواصَلّ تواطؤُها مع عائشة فيما يُسمّى حادث العسل، التي ترويه جلّ الكتب القديمة، والذي مفاده أنّ الرّسول كان يقضي وقتا كثيرا عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عَسَلا. فتواطأتْ عائشة وحفصة على أنه عندما يدخل الرسول عند إحداهما تقول له: «إني لأجد منك ريح مغافير، وبالتالي تسأله:»أأكلتَ مغافير؟ [«مغافير»، مفرده «مغفار»، وهو صمغ حلو يسيل من شجر العرفط (ما يُشبه شجرAcacia اليوم)، يؤكل أو يوضع في ثوب ينضح بالماء فيشرب ورائحته كريهة، انظر «المعجم الوسيط].
تواصلُ عائشة قائلة: «فدخل عن إحدانا، فقالت له: فقال: « بلى شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له» وحرّمه، وقالت عاشة لحفصة: «ما أرانا إلا قد أتيْنا عظيماً، منعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كان يشتهيه. فنزلت: « يا أيها النبّي لم تحرم ما أحل الله لك»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، و»أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير). وقال الواقدي: أمر الجارية هو المعروف بالمدينة. «. وبعْد أنْ طفح به الكيْل، وتكرّر أمْر التواطؤ، قرّر الرسول اعتزال نسائه، إلى درجة أنّ الناس أشاعوا خبَر تطليقه لهنّ. وكان ممّن قامَ ردّة فعل والد حفصة، فدخل على عائشة فوبّخها، غيْر أنها ردّت عليه بجرأة: مالي ولك يا ابن الخطاب، عليك بغيري. ثمّ دخلت على حفصة، فقال لها: «يا حفصة أَبَلَغَ من شأنك أنْ تؤذيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله علمتُ أنه لا يحبك، فلوْلا أنا لطلقك. قال: فبكت أشدّ البكاء. فقلت: أين رسول الله؟ قالت: في مشربة. قال: وإذا أنا برباح، غلامُه، قاعدا على سكفة المشربة وقد دلّى رجْليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وينحدر. فقلت: يا رَباح، استأذن لي. فنظر إلى الغرفة، ثم نظر إليّ، ولم يقل شيئاً. فرفعت صوتي وقلت: يا رباح، استأذن لي، فإني أظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أني جئتُ من أجل حفصة؛ والله لئن أمرني بضرب عنقها، لأضربنّ عنقها. فأومأ إليّ بيده أن أرْقَ. فرقيتُ فقلت: يا رسول الله: أَطَلَّقْتُهُن؟ فقال: لا . وذكر بعد ذلك كلاما»ً.
لا تذكر النصوص ما طبيعة هذا الكلام الذي قاله الرسول لعُمر، غير أنه يمكننا أنْ نحْدس بما يمكن أنْ يقول أو يعترفَ به رجل لرجل بشأْن «كيْد» النساء.
بلْ إنّ الأخبار تري بأنّ الرسول قدْ طلّق حفصة بالفعل تطليقة، تماما كما فعل مع سوْدة، غيْر أنه لمْ يطلّق حفصة لطعونها في السنّ ، وإنما لشغبها. يفصّل ابن سعد في «الكبقات، الجزء السادس، ص. 106، قائلا: «فدخل عليها (أيْ على حفصة) خالاها: عثمان وقدامة ابنا مظعون، فبكتْ وقالت: والله ما طلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم من شنع. ثم دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتجلببت. فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني، فقال لي: راجع حفصة، فإنها صوَامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة. وقال بعضهم: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هم بطلاق حفصة، فأتاه جبريل، فقال: إنها صوّامة قوّامة.
وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن أبي معشر، عن ابن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة: أنه أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه منها شيئاَ، وأرسل إلى زينب بنصيبها. فلم ترض به. فزادها، فلم ترض به، وزادها. فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك حين تردُ عليك الهديةَ، فقال صلى الله عليه وسلم: « لأنتنّ أهون على الله من أن تقمئني؛ والله لا أدخل عليكن شهرا « . فلما تمت تسع وعشرون ليلة، دخل عليهن، وقال: « إن الشهر كذا وكذا وكذا، ثم قبض إبهامه في الثالثة « .
« اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه للحديث الذي أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعاً وعشرين ليلة. قال الزهري، وقالت عائشة: وأنزل الله آية التخيير، فبدأني به، فقلت: إني أريد الله ورسوله. وقال له جميع أزواجه مثل ذلك».
«عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، أفكان طلاقاً؟ حدثنا محمد بن حاتم، ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال: كان لأم سلمة نسيب بالطائف أهدى لها عسلا، فقلن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وروي عن عمر أنه قال لابنته حفصة: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس لك جمال زينب ولا حظوة عائشة.
وتُوفيت حفصة رضي الله تعالى عنها في سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان بن الحكم في إمرته الأولى على المدينة. ونزل في قبرها عبد الله بن عمر، وعاصم بن عمر، وحمزة بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، ودفنت بالبقيع، وحملت في نعش على سرير. وتبعها مروان إلى البقيع، وجلس حتى فرغ من دفنها، ثم أرسل إلى ابن عمر بعزيمة في الصحف التي كانت عندها، فيها القرآن على ما نسخ في أيام أبي بكر. فأخذها ومحاها».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
21 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
14 - هنْد أمّ سلمة، زواجُ الحُسْنييْن
هذه الزوجة اشتهرتْ باسم «أمّ سلمة»، لقب أحد أبنائها. أمّ اسمها الحقيقيّ فهو: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. كانت امرأة فائقة الجمال تنحدر من قبيلة بني مخزوم. ولشدة جمالها، تقدّم لخطبتها، بعد انقضاء عدّتها، أبو بكر الصديق ورفضته، وعمر بن الخطاب ورفضته هو كذلك. وكانت، قبل أنْ يطلبها الرسول لنفسه، متزوّجة منْ أبي سلمة، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقد هاجرت معه إلى أرض الحبشة. أما والدة أمّ سلمة فهي عاتكة بنت عامر بن ربيعة، أحد بني غَنْم بن مالك بن كنانة. وكان أبو سلمة بن عبد الأسد، وأمه برَّة بنت عبد المطلب، رُمي يوم أحد بسهم رماه به أبو أسامة الجشمي، فانتقض عليه فمات منه.. فلما انقضت عدتها، تزوّجها الرسول بعد أربعة أشهر، وأعرس بها في شوال سنة أربع. فيقال إنه خطبها إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه. ويقال إنه قال: مُرى ابنك سلمة يزوّجك. فزوّجها وهو غلام.. وكانتْ أمّ سلمة قدْ خلّفتْ لأبي سلمة: عمر، وسلمة، وزينب، ودرة. فمسألة الزواج بهنّد أمّ سلمة لا تتعلّق بجمالها فقط، بلْ يمتدّ ذلك ليشمل الانتماء القّبَليّ ومكانة أسرة الزوج والزوجة. وكعادة كتب الأخبار والسيرة والتاريخ والتفسير في الجمع بين «القدسيّ والدنيوي»، في إيجاد مبرّرات «دينية» لزواج الرسول، فإنّ أمّ سلمة كانت قد قالت لأبي سلمة: «بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تزوّج بعده إلا جَمَع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرّجل بعدها، فتَعالَ أعاهدْكَ ألا تتزوّج بعدي ولا أتزوّج بعدك». قال «أتطيعيني؟»، قلت «ما استأمرتك إلا وأنا أريد أن أطيعك»، قال «فإذا متّ فتزوّجي»، ثم قال «اللهم ارزق أمّ سلمة بعدي رجلا خيْرا مني لا يحزنها ولا يؤذيها قال فلمّا مات أبو سلمة قلت: مَنْ هذا الفتى الذي هو خير لي منْ أبي سلمة؟» فلبثت ما لبثت ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام على الباب فذكر الخطبة»!!
ويروي ابن سعد، في «طبقاته»، أنّ أمّ سلمة قالت: «لمّا انقضتْ عدّتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب، فخطب إليّ نفسي فقلتُ: «أيْ رسولَ الله، وما تريد إليّ؟ ما أقولُ هذا إلاّ رغبة لك عن نفسي، إنّي امرأة قد أَدْبَرَ مني سنّي، وإني أمّ أيتام، وأنا امرأة شديدة الغيرة، وأنتَ يا رسول الله تجمع النساء». فقال رسول الله فلا يمنعك ذلك أما ما ذكرت من غيرتك فيذهبها الله وأما ما ذكرت من سنك فأنا أكبر منك سنا وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله فأذنت له في نفسي فتزوجني فلما كانت ليلة واعدنا البناء قمت من النهار إلى رحاي وثفالي فوضعتهما وقمت إلى فضلة شعير لأهلي فطحنتها وفضلة من شحم فعصدتها لرسول الله فلما أتانا رسول الله قدم إليه الطعام فأصاب منه وبات تلك الليلة فلما أصبح قال قد أصبح بك على أهلك كرامة ولك عندهم منزلة فإن أحببت أن تكون ليلتك هذه ويومك هذا كان وإن أحببت أن أسبع لك سبعت وإن سبعت لك سبعت لصواحبك قالت: «يا رسول الله افعل ما أحببت».
ومن شدّة غيرتها أنها كانتْ رفقة الرسول في بعض أسفاره، ومعه في ذلك السفر صفية بنت حيّي، إحدى زوجاته التي سنتحدّث عنها لاحقا، فأقبل الرسول إلى هودج صفية بنت حيي وهو يظنّ أنه هودج أمّ سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أمّ سلمة فبدأ الرسول يتحدث مع صفية، فغارتْ أمّ سلمة، وعلم الرسول فيما بعد بأنها صفية، فجاء إلى أمّ سلمة، فقالت: «تتحدثُ مع ابنة اليهوديّ في يومي وأنتَ رسول الله؟ قالت: «ثمّ ندمتُ على تلك المقالة فكانت تستغفر منها قالت يا رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذا الغيرة».(انظر التفاصيل في: (أسد الغابة، وسيرة ابن هشام، والطبقات الكبرى).
وكانتْ عائشة، حين اتخذ الرسول أمّ سلمة زوجة له، قدْ قالت: «لما تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ سلمة، حزنتُ حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها. فتلطّفتُ حتى رأيتها فكان في عينيّ على أضعاف ما وُصفت لنا. فذكرتُ ذلك لحفصة، وكنّا يدا واحدة. فقالت: لا والله إن هذا إلا غيرة، وما هي كما تقولين. قالت: ثم رأيتها بعد ذلك، فكانت كما قالت حفصة».
«إن لعائشة مني شعبة ما نزلها أحد»، فلما تزوّج أم سلمة، سئل عن الشعبة، فسكت فعُرف أنّ أمّ سلمة قد نزلت عنده بمنزلة لطيفة.
وتوفيت أم سلمة في شهر شوال سنة تسع وخمسين للهجرة.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
22 يوليوز 2013
هذه الزوجة اشتهرتْ باسم «أمّ سلمة»، لقب أحد أبنائها. أمّ اسمها الحقيقيّ فهو: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. كانت امرأة فائقة الجمال تنحدر من قبيلة بني مخزوم. ولشدة جمالها، تقدّم لخطبتها، بعد انقضاء عدّتها، أبو بكر الصديق ورفضته، وعمر بن الخطاب ورفضته هو كذلك. وكانت، قبل أنْ يطلبها الرسول لنفسه، متزوّجة منْ أبي سلمة، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقد هاجرت معه إلى أرض الحبشة. أما والدة أمّ سلمة فهي عاتكة بنت عامر بن ربيعة، أحد بني غَنْم بن مالك بن كنانة. وكان أبو سلمة بن عبد الأسد، وأمه برَّة بنت عبد المطلب، رُمي يوم أحد بسهم رماه به أبو أسامة الجشمي، فانتقض عليه فمات منه.. فلما انقضت عدتها، تزوّجها الرسول بعد أربعة أشهر، وأعرس بها في شوال سنة أربع. فيقال إنه خطبها إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه. ويقال إنه قال: مُرى ابنك سلمة يزوّجك. فزوّجها وهو غلام.. وكانتْ أمّ سلمة قدْ خلّفتْ لأبي سلمة: عمر، وسلمة، وزينب، ودرة. فمسألة الزواج بهنّد أمّ سلمة لا تتعلّق بجمالها فقط، بلْ يمتدّ ذلك ليشمل الانتماء القّبَليّ ومكانة أسرة الزوج والزوجة. وكعادة كتب الأخبار والسيرة والتاريخ والتفسير في الجمع بين «القدسيّ والدنيوي»، في إيجاد مبرّرات «دينية» لزواج الرسول، فإنّ أمّ سلمة كانت قد قالت لأبي سلمة: «بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تزوّج بعده إلا جَمَع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرّجل بعدها، فتَعالَ أعاهدْكَ ألا تتزوّج بعدي ولا أتزوّج بعدك». قال «أتطيعيني؟»، قلت «ما استأمرتك إلا وأنا أريد أن أطيعك»، قال «فإذا متّ فتزوّجي»، ثم قال «اللهم ارزق أمّ سلمة بعدي رجلا خيْرا مني لا يحزنها ولا يؤذيها قال فلمّا مات أبو سلمة قلت: مَنْ هذا الفتى الذي هو خير لي منْ أبي سلمة؟» فلبثت ما لبثت ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام على الباب فذكر الخطبة»!!
ويروي ابن سعد، في «طبقاته»، أنّ أمّ سلمة قالت: «لمّا انقضتْ عدّتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب، فخطب إليّ نفسي فقلتُ: «أيْ رسولَ الله، وما تريد إليّ؟ ما أقولُ هذا إلاّ رغبة لك عن نفسي، إنّي امرأة قد أَدْبَرَ مني سنّي، وإني أمّ أيتام، وأنا امرأة شديدة الغيرة، وأنتَ يا رسول الله تجمع النساء». فقال رسول الله فلا يمنعك ذلك أما ما ذكرت من غيرتك فيذهبها الله وأما ما ذكرت من سنك فأنا أكبر منك سنا وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله فأذنت له في نفسي فتزوجني فلما كانت ليلة واعدنا البناء قمت من النهار إلى رحاي وثفالي فوضعتهما وقمت إلى فضلة شعير لأهلي فطحنتها وفضلة من شحم فعصدتها لرسول الله فلما أتانا رسول الله قدم إليه الطعام فأصاب منه وبات تلك الليلة فلما أصبح قال قد أصبح بك على أهلك كرامة ولك عندهم منزلة فإن أحببت أن تكون ليلتك هذه ويومك هذا كان وإن أحببت أن أسبع لك سبعت وإن سبعت لك سبعت لصواحبك قالت: «يا رسول الله افعل ما أحببت».
ومن شدّة غيرتها أنها كانتْ رفقة الرسول في بعض أسفاره، ومعه في ذلك السفر صفية بنت حيّي، إحدى زوجاته التي سنتحدّث عنها لاحقا، فأقبل الرسول إلى هودج صفية بنت حيي وهو يظنّ أنه هودج أمّ سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أمّ سلمة فبدأ الرسول يتحدث مع صفية، فغارتْ أمّ سلمة، وعلم الرسول فيما بعد بأنها صفية، فجاء إلى أمّ سلمة، فقالت: «تتحدثُ مع ابنة اليهوديّ في يومي وأنتَ رسول الله؟ قالت: «ثمّ ندمتُ على تلك المقالة فكانت تستغفر منها قالت يا رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذا الغيرة».(انظر التفاصيل في: (أسد الغابة، وسيرة ابن هشام، والطبقات الكبرى).
وكانتْ عائشة، حين اتخذ الرسول أمّ سلمة زوجة له، قدْ قالت: «لما تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ سلمة، حزنتُ حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها. فتلطّفتُ حتى رأيتها فكان في عينيّ على أضعاف ما وُصفت لنا. فذكرتُ ذلك لحفصة، وكنّا يدا واحدة. فقالت: لا والله إن هذا إلا غيرة، وما هي كما تقولين. قالت: ثم رأيتها بعد ذلك، فكانت كما قالت حفصة».
«إن لعائشة مني شعبة ما نزلها أحد»، فلما تزوّج أم سلمة، سئل عن الشعبة، فسكت فعُرف أنّ أمّ سلمة قد نزلت عنده بمنزلة لطيفة.
وتوفيت أم سلمة في شهر شوال سنة تسع وخمسين للهجرة.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
22 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
15 : زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة
ربّما يُعتبر هذا الزواج، بعد الجدل الذي أثاره زواج الرسول من عائشة وهي بعدُ لمْ تتجاوز التسع سنين، هو الأكثر إثارة للجدل من بين زيجاته، ليس فقط في المراحل التاريخية اللاحقة لزواجه، وإنما في الفترة نفسها من طرف معاصريه، إلى درجة أنّ اليهود، كما يروي القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن»، «عابوا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأزواج، وعيّرته بذلك وقالوا: ما نرى لهذا الرّجل همّة إلا النساء والنكاح، ولوْ كان نبيّا لشغله أمْرُ النبوّة عن النساء».
ويعود السبّب، كما هو معلوم، إلى مسألة دقيقة تتعلق برهان الانتقال من عادات سابقة على الإسلام إلى عادات أخرى مخالفة. فقدْ كانتْ مسألة تبنّي وَلَدٍ واعتباره بمثابة ابْن من طرف شخْص آخر، عادة معروفة وجار بها العمل بين عرب ما قبل الإسلام( يستعمل القرآن كلمة «الأدعياء» للحديث عن الأبناء بالتبني، أي للتمييز بين الأبناء البيولوجيّين والأبناء المتبنّين).
القصّة معروفة، وتتعلق بكلّ بزيد بن حارثة وبالرسول نفسه. فقد قام زيد، وهو ابن للرّسول بالتبني، بتطليق زوجته زينب، إحدى بنات عمّ الرسول. هذا الأخير سوف يتزوّجها بعد طلاقها من زيد، وفي الوقت ذاته سوف يتمّ الإعلان عن إلغاء التبنّي لكيْ يصبح هذا الزّواج مشروعا. لم يكن مسموحا أن يتخذ محمد زينب زوجة له، بالنظر لكونه ابنا له. وكان يتعيّن على الرسول أن يَشْرَع بنفسه في تطبيق هذا التغيير مع ابنه بالتبني.
كان زيد بن حارثة قد أسره قطّاعُ طرق حيث قاموا ببيْعه في سوق عكاظ. وقد اشتراه رجل اسمثه حكيم بن حزام لفائدة خديجة بنت خويلد. وبعد زواجها من الرّسول، سوف تهديه له ليقوم بخدمته. وبعد مرور وقْت ليس باليسير، انتهى إلى مسامع والديْ زيد بأنه لا يزال حيّا، وبأنه عند خديجة، فقدموا إلى بيتها (رواية أخرى تقول إن اللقاء كان في المسجد) بهدف دفْع الفدْية وأخذ ابنهما بحسب ما كانَ معمولا به يومها، غيْرَ أنّه فضّل البقاء مع الرّسول الذي أعلن أمامَ الحاضرين: «يَا مَنْ حَضَرَ، اشْهَدُوا أَنَّ زَيْدًا ابْنِي، يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ»، ( ابن الأثير، أسد الغابة، الجزء الثاني، ص. 239.)
ومن ثمَّ، إذن، أُطلق عليه لقب «زيد بن محمّد». هذا الجزء من القصة جرى، بحسب ما ترويه كتب السير والأخبار، قبل مجيء الدعوة الإسلامية، وقبل النبوّة. أما الجانب المشهور منها فهو الذي جرى بعدها، وهو الذي يرويه النّص القرآني. كان زيد يعيش إذن عند خديجة بنت خويلد ومحمد إلى أنْ بلغ سنّ الزواج. وقد تزوّج من إحدى بنات عمّ الرسول، وهي زينب بنت جحش بن الرياب الأسدي، حفيدة عبد المطلب، سيّد قبيلة بني هاشم. غير أنّ هذا الزواج لم يتمّ بدون مقاومة وتردّد من طرف زينب التي لمْ تقبل أنْ تتزوج بعبْد، تصفه بعض الكتابات، التي نجهل درجة مصداقيتها، بكوْنه «كان قصير القامة، شديد السُّمْرة، في أنفِهِ فطَس، غير أنها رضختْ في النهاية وقبلتْ الزواج من عبْد على مضض. ثمّ إنّ زيدا كان يكبرها سنّا، فحين تمّ أسره كان شابّا بالغا في حوالي العشرين من عمره، ولا يكاد يكبره الرسول إلا بحوالي عشر سنوات، كما تورد كتب الأخبار والسير. فضْلا عن أنه سبق أن تزوّج من امرأتيْن قبلها، إحداهما أَمَة سوداء تنحدر من الحبشة، أنجب معها زيد ابنه أسامة الذي سيلمع اسمه في الحروب.
غير أنّ الخلافات ازدادتْ وتفاقمتْ بعد مرور سنة على زواجهما إلى درجة أنّ زيْدا جاء إلى الرسول مشتكيا إليه بما قامت به زوجته تُجاهه.
كانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب القلوب»، فجاء زيد حتّى أتى رسولَ الله فقال: «يا رسولَ الله، بلغني أنك جئتَ منزلي، فهلاّ دخلتَ بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، لعلّ زينب أعجبتك، فأفارقها، فيقول رسول الله: «أمسكْ عليك زوجك! فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم، فيأتي إلى رسول الله فيخبره رسول الله أمسك عليك زوجك فيقول يا رسول الله أفارقها فيقول رسول الله احْبس عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وحلّت يعني انقضت عدتها».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
22 يوليوز 2013
ربّما يُعتبر هذا الزواج، بعد الجدل الذي أثاره زواج الرسول من عائشة وهي بعدُ لمْ تتجاوز التسع سنين، هو الأكثر إثارة للجدل من بين زيجاته، ليس فقط في المراحل التاريخية اللاحقة لزواجه، وإنما في الفترة نفسها من طرف معاصريه، إلى درجة أنّ اليهود، كما يروي القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن»، «عابوا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأزواج، وعيّرته بذلك وقالوا: ما نرى لهذا الرّجل همّة إلا النساء والنكاح، ولوْ كان نبيّا لشغله أمْرُ النبوّة عن النساء».
ويعود السبّب، كما هو معلوم، إلى مسألة دقيقة تتعلق برهان الانتقال من عادات سابقة على الإسلام إلى عادات أخرى مخالفة. فقدْ كانتْ مسألة تبنّي وَلَدٍ واعتباره بمثابة ابْن من طرف شخْص آخر، عادة معروفة وجار بها العمل بين عرب ما قبل الإسلام( يستعمل القرآن كلمة «الأدعياء» للحديث عن الأبناء بالتبني، أي للتمييز بين الأبناء البيولوجيّين والأبناء المتبنّين).
القصّة معروفة، وتتعلق بكلّ بزيد بن حارثة وبالرسول نفسه. فقد قام زيد، وهو ابن للرّسول بالتبني، بتطليق زوجته زينب، إحدى بنات عمّ الرسول. هذا الأخير سوف يتزوّجها بعد طلاقها من زيد، وفي الوقت ذاته سوف يتمّ الإعلان عن إلغاء التبنّي لكيْ يصبح هذا الزّواج مشروعا. لم يكن مسموحا أن يتخذ محمد زينب زوجة له، بالنظر لكونه ابنا له. وكان يتعيّن على الرسول أن يَشْرَع بنفسه في تطبيق هذا التغيير مع ابنه بالتبني.
كان زيد بن حارثة قد أسره قطّاعُ طرق حيث قاموا ببيْعه في سوق عكاظ. وقد اشتراه رجل اسمثه حكيم بن حزام لفائدة خديجة بنت خويلد. وبعد زواجها من الرّسول، سوف تهديه له ليقوم بخدمته. وبعد مرور وقْت ليس باليسير، انتهى إلى مسامع والديْ زيد بأنه لا يزال حيّا، وبأنه عند خديجة، فقدموا إلى بيتها (رواية أخرى تقول إن اللقاء كان في المسجد) بهدف دفْع الفدْية وأخذ ابنهما بحسب ما كانَ معمولا به يومها، غيْرَ أنّه فضّل البقاء مع الرّسول الذي أعلن أمامَ الحاضرين: «يَا مَنْ حَضَرَ، اشْهَدُوا أَنَّ زَيْدًا ابْنِي، يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ»، ( ابن الأثير، أسد الغابة، الجزء الثاني، ص. 239.)
ومن ثمَّ، إذن، أُطلق عليه لقب «زيد بن محمّد». هذا الجزء من القصة جرى، بحسب ما ترويه كتب السير والأخبار، قبل مجيء الدعوة الإسلامية، وقبل النبوّة. أما الجانب المشهور منها فهو الذي جرى بعدها، وهو الذي يرويه النّص القرآني. كان زيد يعيش إذن عند خديجة بنت خويلد ومحمد إلى أنْ بلغ سنّ الزواج. وقد تزوّج من إحدى بنات عمّ الرسول، وهي زينب بنت جحش بن الرياب الأسدي، حفيدة عبد المطلب، سيّد قبيلة بني هاشم. غير أنّ هذا الزواج لم يتمّ بدون مقاومة وتردّد من طرف زينب التي لمْ تقبل أنْ تتزوج بعبْد، تصفه بعض الكتابات، التي نجهل درجة مصداقيتها، بكوْنه «كان قصير القامة، شديد السُّمْرة، في أنفِهِ فطَس، غير أنها رضختْ في النهاية وقبلتْ الزواج من عبْد على مضض. ثمّ إنّ زيدا كان يكبرها سنّا، فحين تمّ أسره كان شابّا بالغا في حوالي العشرين من عمره، ولا يكاد يكبره الرسول إلا بحوالي عشر سنوات، كما تورد كتب الأخبار والسير. فضْلا عن أنه سبق أن تزوّج من امرأتيْن قبلها، إحداهما أَمَة سوداء تنحدر من الحبشة، أنجب معها زيد ابنه أسامة الذي سيلمع اسمه في الحروب.
غير أنّ الخلافات ازدادتْ وتفاقمتْ بعد مرور سنة على زواجهما إلى درجة أنّ زيْدا جاء إلى الرسول مشتكيا إليه بما قامت به زوجته تُجاهه.
كانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب القلوب»، فجاء زيد حتّى أتى رسولَ الله فقال: «يا رسولَ الله، بلغني أنك جئتَ منزلي، فهلاّ دخلتَ بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، لعلّ زينب أعجبتك، فأفارقها، فيقول رسول الله: «أمسكْ عليك زوجك! فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم، فيأتي إلى رسول الله فيخبره رسول الله أمسك عليك زوجك فيقول يا رسول الله أفارقها فيقول رسول الله احْبس عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وحلّت يعني انقضت عدتها».
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
22 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
16 : زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة (2)
كانت زينب بنت جحش، إذن، ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب «. تضيف المصادر وكتب التفسير أنّ الرسول بعد ذلك، وبينما هو جالس يتحدث مع عائشة، أخذتْهُ غشية فسري عنه وهو يتبسّم ويقول: «من يذهب إلى زينب يبشّرها أنّ الله قد زوّجنيها من السماء، وتلا: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا. مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا. مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا.» (سورة الأحزاب، الآيات 37، 40). وما كانَ من عائشة إلاّ أنْ عقّبتْ قائلة: «يا رسول الله، إني أرى ربّك يسارع في هواك» (انظر التفاصيل في «الكشاف» للزمخشري، و»تاريخ الملوك والأمم» للطبري، و»المنتظم» لابن الجوزي، و»الطبقات الكبرى» لابن سعد).
وهكذا، سوف يطلّق زيد زوجته زينب مفسحا المجال للرسول الذي سوف يتخذها بدوره زوجة له. وتورد النصوص القديمة الكثير من التفاصيل في هذا الشأن: ذلك أنه لما انقضت عدّة زينب بنت جحش، قال الرسول لزيد بن حارثة: «ما أجد أحدا آمن عندي أو أوثق في نفسي منك، ائْت إلى زينب فاخْطُبها عليّ»، قال: فانطلقَ زيد فأتاها وهي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري فلم أستطع أن أنظر إليها حين عرفت أن رسول الله قد ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي وقلت يا زينب أبشري إنّ رسول الله يذكرك، ثم نزل الوحي بتزويجها له» (طبقات ابن سعد). وكانت زينب بنت جحش تردّد على مسامع الرسول: «يا رسول الله إني والله ما أنا كأحد من نسائك. ليست امرأة من نسائك إلا زوّجها أبوها أو أخوها وأهلها، غيْري زوّجنيك الله من السماء».
وتُعتبر زينب بنت جحش هي التي ضُرب ابتداء منها «الحجاب» بصفة رسمية. ذلك أن ليلة زواجها، دعا الرسول إلى بيته عددا من المدعوين، من مختلف الشرائح، والذين قُدِّم إليهم اللحم والخبز. وبعد الانتهاء من الأكل خرج المدعوّون، وبقي البعض منهم جالسين يتحدثون بينما الرسول خرج ليسلّم على زوجاته. وهناك من يقول إنّ أيدي المدعوين كانتْ تلتقي بيديْ زينب أثناء الأكل. ومن ثمّ، يؤكّد أنس بن مالك بأنّ الحجاب تمّ التشريع له في هذا اليوم. (انظر: «تفسير ابن كثير»، الجزء الثالث، ص. 608). لكن ليْس المقصود بالحجاب هما ما نراه اليوم من تغطية جسم المرأة لرأسها ويديْها، وإنما كان الحجاب ستْرا وحاجزا يوضع بين «بعض» نساء الرسول وليس كلّهنّ، كما سنرى فيما بعد، وبيْن المدعوين إلى بين النبيّ. وحين تزوّجها الرسول لمْ تكن تتجاوز الثلاثين من عمرها، ووافتها المنيّة وهي في الخمسين.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
25 يوليوز 2013
كانت زينب بنت جحش، إذن، ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب «. تضيف المصادر وكتب التفسير أنّ الرسول بعد ذلك، وبينما هو جالس يتحدث مع عائشة، أخذتْهُ غشية فسري عنه وهو يتبسّم ويقول: «من يذهب إلى زينب يبشّرها أنّ الله قد زوّجنيها من السماء، وتلا: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا. مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا. مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا.» (سورة الأحزاب، الآيات 37، 40). وما كانَ من عائشة إلاّ أنْ عقّبتْ قائلة: «يا رسول الله، إني أرى ربّك يسارع في هواك» (انظر التفاصيل في «الكشاف» للزمخشري، و»تاريخ الملوك والأمم» للطبري، و»المنتظم» لابن الجوزي، و»الطبقات الكبرى» لابن سعد).
وهكذا، سوف يطلّق زيد زوجته زينب مفسحا المجال للرسول الذي سوف يتخذها بدوره زوجة له. وتورد النصوص القديمة الكثير من التفاصيل في هذا الشأن: ذلك أنه لما انقضت عدّة زينب بنت جحش، قال الرسول لزيد بن حارثة: «ما أجد أحدا آمن عندي أو أوثق في نفسي منك، ائْت إلى زينب فاخْطُبها عليّ»، قال: فانطلقَ زيد فأتاها وهي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري فلم أستطع أن أنظر إليها حين عرفت أن رسول الله قد ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي وقلت يا زينب أبشري إنّ رسول الله يذكرك، ثم نزل الوحي بتزويجها له» (طبقات ابن سعد). وكانت زينب بنت جحش تردّد على مسامع الرسول: «يا رسول الله إني والله ما أنا كأحد من نسائك. ليست امرأة من نسائك إلا زوّجها أبوها أو أخوها وأهلها، غيْري زوّجنيك الله من السماء».
وتُعتبر زينب بنت جحش هي التي ضُرب ابتداء منها «الحجاب» بصفة رسمية. ذلك أن ليلة زواجها، دعا الرسول إلى بيته عددا من المدعوين، من مختلف الشرائح، والذين قُدِّم إليهم اللحم والخبز. وبعد الانتهاء من الأكل خرج المدعوّون، وبقي البعض منهم جالسين يتحدثون بينما الرسول خرج ليسلّم على زوجاته. وهناك من يقول إنّ أيدي المدعوين كانتْ تلتقي بيديْ زينب أثناء الأكل. ومن ثمّ، يؤكّد أنس بن مالك بأنّ الحجاب تمّ التشريع له في هذا اليوم. (انظر: «تفسير ابن كثير»، الجزء الثالث، ص. 608). لكن ليْس المقصود بالحجاب هما ما نراه اليوم من تغطية جسم المرأة لرأسها ويديْها، وإنما كان الحجاب ستْرا وحاجزا يوضع بين «بعض» نساء الرسول وليس كلّهنّ، كما سنرى فيما بعد، وبيْن المدعوين إلى بين النبيّ. وحين تزوّجها الرسول لمْ تكن تتجاوز الثلاثين من عمرها، ووافتها المنيّة وهي في الخمسين.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
25 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
17 - أمّ حَبيبة بنت أبي سفيان
«ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه» أبو سفيان
اسمُها الحقيقيّ رمْلة بنت أبي سفيان بن حرب، وأمّها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان. وقد كانتْ قبل الرسول متزوجة من عبيد الله بن جحش، الذي هو الأخ الشقيق لزوجة الرسول الأخرى زينب بنت جحش وابن عمّته. ولدت له طفلة سُمّيتْ «حبيبة»، فكُنّيتْ بها. وكان عبيد الله بن جحش قد أسلم، وهاجر إلى أرض الحبشة، ومع زوْجته أم ّحبيبة، ثم إنه تنصّر وظلّتْ أمّ حبيبة على إسلامها، وكانت تقول: «فقحنا وصأصأتم»، أيْ «أبصرنا ولم تبصروا». وهذا مَثَل، يقال عن الجَرْو إذا فَتَحَ عينيْه، قيل: فقح؛ وإذا فتح ثم غَمْض من الضعف والصغر، قيل: صأصأ.
وعندما علم الرسول بوفاة زوجها غرقا في البحر (وهناك من يجعله مات غرقا في الخمْر لكثرة شربه لها!!) راسلَ النجاشي في الحبشة بأنْ يتكلّف بخطبتها له، و»ما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن فإذا جارية له يقال لها أبْرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت إن الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلي أن أزوجكه». (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، الجزء السادس، ص. 72).
وخلافا لما تذْكره بعض الكتابات المتأخّرة حول حقيقية هذا الزواج، فإنّ الرسول قد تزوّجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سُفْيان، ولم يختلف أهل السّير في ذلك. ذلك أنه بعث من قبله من المسلمين، جعفراً وأصحابه، إلى المدينة مع عمرو بن أمية الضمري. وهو كان رسوله بالكتابين. فأسلم النجاشي لما عرف من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفه وأوان مبعثه؛ ووجه إلى أم حبيبة، وقد وصف له عمرو موضعها وأمرها، جارية له يقال لها « أبرهة « ، لتُعلمها ذلك وتبشرّها به. فوهبت لها أم حبيبة حلياً كان عليها، وكستها».. وقال بعض الرواة: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أبا عامر الأشعري، حين بلغه خطبة عمرو أم حبيبة وتزويج خالد إياها، فحملها إليه قبل قدوم أهل السفينتين؛ وأنّ أبا سفيان قال: أنا أبوها أمْ أبو عامر؟ قالوا: ولما بلغ أبا سفيان تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة، ابنته، قال: «ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه».
وعن ابن عباس،
في قول الله تبارك وتعالى: « عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة»، قال: «نزلتْ حين تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنتَ أبي سفيان بن حرب».
وروي عن عائشة أنها قالت: «دعتني أمّ حبيبة عند وفاتها، فقالت: «إنْ قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك. فقلتُ: غفر الله ذلك كله، وتجاوز عنه، وحلّلك منه. فقالت: سررتيني، سرّك الله. وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك. وكانت وفاة أمّ حبيبة في سنة أربع وأربعين». وكان سبب حلف جحش بن رئاب بني عبد الشمس فيما أخبريه محمد بن الأعرابي عن هشام الكلبي عن أبيه والشرقي: أنّ رجلاً من بني أسد بن خزيمة يقال له فضالة بن عبدة بن مرارة، قتل رجلاً من خزاعة يقال له هلال بن أمية، فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها، فاستغاثت بنو أسد بكنانة، فأبوا أن يعينوهم فحالفوا بني غطفان، فالحليفان أسد وغطفان، وقال جحش بن رئاب: والله لا حالفت إلا قريشاً، ولأدخلن مكة فلأحالفن أعزّ أهلها ولأتزوّجنّ بنت أكرمهم،وكان موسراً سيداً، فحالف حرب بن أمية، وتزوج أميمة بنت عبد المطلب، وأدخل جماعة من بني دودان مكة فدخلوا معه في الحلف. وقال ابن الأعرابيّ: قال بعض القريشيين: إن رئاب بن يعمر حالف حرباً، وقال لأزودهن جحشاً أكرم أهل مكة، فزوجه أميمة: وكان أراد أن يحالف من أسد بن عبد العزى، فقيل له: إنهم مشائيم فتركهم».
ولمّا جاء أبو سُفْيان إلى المدينة قبل الفتح، وحينَ «أوقعت قريش بخزاعة، ونقضوا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخاف، فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابِنْته أمّ حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالت: أنت مشرك»( أسد الغابة، الجزء الثالث ، ص 353).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
«ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه» أبو سفيان
اسمُها الحقيقيّ رمْلة بنت أبي سفيان بن حرب، وأمّها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان. وقد كانتْ قبل الرسول متزوجة من عبيد الله بن جحش، الذي هو الأخ الشقيق لزوجة الرسول الأخرى زينب بنت جحش وابن عمّته. ولدت له طفلة سُمّيتْ «حبيبة»، فكُنّيتْ بها. وكان عبيد الله بن جحش قد أسلم، وهاجر إلى أرض الحبشة، ومع زوْجته أم ّحبيبة، ثم إنه تنصّر وظلّتْ أمّ حبيبة على إسلامها، وكانت تقول: «فقحنا وصأصأتم»، أيْ «أبصرنا ولم تبصروا». وهذا مَثَل، يقال عن الجَرْو إذا فَتَحَ عينيْه، قيل: فقح؛ وإذا فتح ثم غَمْض من الضعف والصغر، قيل: صأصأ.
وعندما علم الرسول بوفاة زوجها غرقا في البحر (وهناك من يجعله مات غرقا في الخمْر لكثرة شربه لها!!) راسلَ النجاشي في الحبشة بأنْ يتكلّف بخطبتها له، و»ما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن فإذا جارية له يقال لها أبْرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت إن الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلي أن أزوجكه». (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، الجزء السادس، ص. 72).
وخلافا لما تذْكره بعض الكتابات المتأخّرة حول حقيقية هذا الزواج، فإنّ الرسول قد تزوّجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سُفْيان، ولم يختلف أهل السّير في ذلك. ذلك أنه بعث من قبله من المسلمين، جعفراً وأصحابه، إلى المدينة مع عمرو بن أمية الضمري. وهو كان رسوله بالكتابين. فأسلم النجاشي لما عرف من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفه وأوان مبعثه؛ ووجه إلى أم حبيبة، وقد وصف له عمرو موضعها وأمرها، جارية له يقال لها « أبرهة « ، لتُعلمها ذلك وتبشرّها به. فوهبت لها أم حبيبة حلياً كان عليها، وكستها».. وقال بعض الرواة: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أبا عامر الأشعري، حين بلغه خطبة عمرو أم حبيبة وتزويج خالد إياها، فحملها إليه قبل قدوم أهل السفينتين؛ وأنّ أبا سفيان قال: أنا أبوها أمْ أبو عامر؟ قالوا: ولما بلغ أبا سفيان تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة، ابنته، قال: «ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه».
وعن ابن عباس،
في قول الله تبارك وتعالى: « عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة»، قال: «نزلتْ حين تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنتَ أبي سفيان بن حرب».
وروي عن عائشة أنها قالت: «دعتني أمّ حبيبة عند وفاتها، فقالت: «إنْ قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك. فقلتُ: غفر الله ذلك كله، وتجاوز عنه، وحلّلك منه. فقالت: سررتيني، سرّك الله. وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك. وكانت وفاة أمّ حبيبة في سنة أربع وأربعين». وكان سبب حلف جحش بن رئاب بني عبد الشمس فيما أخبريه محمد بن الأعرابي عن هشام الكلبي عن أبيه والشرقي: أنّ رجلاً من بني أسد بن خزيمة يقال له فضالة بن عبدة بن مرارة، قتل رجلاً من خزاعة يقال له هلال بن أمية، فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها، فاستغاثت بنو أسد بكنانة، فأبوا أن يعينوهم فحالفوا بني غطفان، فالحليفان أسد وغطفان، وقال جحش بن رئاب: والله لا حالفت إلا قريشاً، ولأدخلن مكة فلأحالفن أعزّ أهلها ولأتزوّجنّ بنت أكرمهم،وكان موسراً سيداً، فحالف حرب بن أمية، وتزوج أميمة بنت عبد المطلب، وأدخل جماعة من بني دودان مكة فدخلوا معه في الحلف. وقال ابن الأعرابيّ: قال بعض القريشيين: إن رئاب بن يعمر حالف حرباً، وقال لأزودهن جحشاً أكرم أهل مكة، فزوجه أميمة: وكان أراد أن يحالف من أسد بن عبد العزى، فقيل له: إنهم مشائيم فتركهم».
ولمّا جاء أبو سُفْيان إلى المدينة قبل الفتح، وحينَ «أوقعت قريش بخزاعة، ونقضوا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخاف، فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابِنْته أمّ حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالت: أنت مشرك»( أسد الغابة، الجزء الثالث ، ص 353).
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
18 ... جويرية بنت الحارث: من أسيرة إلى زوجة
هي أسيرة من سبايا بني المصطلق، سباها الرّسول يوم المريسع، واسمها برّة بنت الحارث بن ضرار الخزاعي، والرسول هو الذي أطلق عليها اسم «جويْرية الذي هو اسْم تصغير لجارية. وقدْ كانت متزوجة قبله من مسافع بن صفوان بن سرح بن مالك الذي قٌتل يوم المريسع على يد المسلمين.
و»المُرَيْسيع»: ماء لبني خزاعة سُمّيتْ به هذه الغزْوة، المعروفة أيْضا ب»غزوة بني المصطلق»، وهم فرْع من قبيلة خزاعة. وقعتْ في السنة الخامسة للهجرة، سنة 626 م، وسببها أنّ الحارث بن ضرار الخزاعي كان قد أعدّ لمحاربة الرسول، الذي خرج ومعه كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزوة قطّ مثلها، وكان معه ثلاثون من الخيل، عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وخرجت معه عائشة وأمّ سلمة، وقَتَل الرسول جاسوسا للمشركين، وبلغ المُرَيْسيع وهاجم المسلمون المشركين، وقتلوا منهم عشرة وأسروا باقيهم، وكانوا أكثر من سبعمائة، وسبوا الرجال والنساء والذرية وساقوا النعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وهو هشام بن صبابة.
وكان من جملة السّبي: «جُوَيرية» بنت الحارث بن أبي ضرار، رئيس بني المصطلق. اختارها الرسول زوجة له في السنة السادسة للهجرة بعد أنْ وقعتْ في سهْم احد رجاله، وكانت يوم سباها ابنة عشرين عاما (الطبقات الكبرى، باب جويرية بنت الحارث).
تروي عائشة، كالعادة، تفاصيل هذه العلاقة كما يلي: «لمّا قسم النبيّ سبايا بني المصطلق، وقعتْ جُويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فجاءت إلى النبي تستعينه قالت عائشة فوالله ما أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه( أيْ النبيّ) سيرى منها ما رأيتُ، فقالت: «أنا جويرية بنت الحارث سيّد قومه، وقعتُ في سهم ثابت بن قيس، فجئتكَ أستعينك على كتابتي». قال النبيّ: «فهل لك خير من ذلك؟ قالت: «ما هو يا رسول الله؟»، قال «أقضي عنك كتابك وأتزوّجك»، فقالت: «نعم يا رسول الله»، قال النبيّ: «قد فعلت». وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق يا منصور أمت أمت. (انظر:»سيرة ابن هشام»، غزوة بني المصطلق).
ويضيف ابن سعد في «الطبقات الكبرى، تفْصيلا آخر مفاده أنّ النبيّ «سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ّإنّ ابنتي لا يُسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك، فخلّ سبيلها. قال: «أرأيتَ إنْ خيّرناها أليس قد أحسنا؟، قال «بلى وأدّيتَ ما عليك»، قال فأتاها أبوها فقال: إ»ن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا»، فقالت: «فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «قد والله فضحتنا». كان والدها يرى في زواجها من الرسول حطّا منه ومن قبيلته المنهزمة أمام إسلام منتصر باستمرار.
وكان ثابت بن قيس بن شماس بن أبي زهير الأنصاري أحد الخزرع، وأخوه - ويقال: ابن عمّ له - أصابها يوم المريسيع، فكاتباها على سبع أواق. فأتت النبيّ تطلب منه أن يساعدها على مكاتبتها [المكاتبة: معاملة بين عبْد، أو أسير، وسيّد، على أنْ يؤدّي مبلغا معيّنا من المال ويصبح حرّا بعد ذلك، وهي قسمان: مشروطة، ولا يتحرّر العبد إلا بدفع الكلّ، ومطلقة ويتحرّر من العبد بقدر ما يدفع كل مرة، وسميت الأولى مطلقة لعدم اشتراط الحرّية بدفع كلّ المال، وسُمّيت الثانية مشروطة لاشتراط ذلك].
وهي التي قيل فيها: «جعل صداقها عتقها وعتق أربعين من أهل بيتها». فلما عتقوا، انصرفوا. ولم يبق مصطلقية عند رجل من المسلمين إلا أعتقها صاحبها. فكانت أعظم امرأة، كما يقال، بَرَكة على قومها. وقال بعض الرواة: أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقها فقط صداقها.
وفي إطار الصراع بيْن ضرائر الرسول، جاءتْ جويرية يوْما تشتكي قائلة: «يا رسول الله: إنّ نساءك يفخرن عليّ ويقلن: لمْ يتزوّجك رسول الله»، فكانَ يجيبها:»أَلَمْ أعْظم صداقك؟ ألمْ أعتق أربعين من قومك؟ « وكانت جويرية ممن ضُرب عليها الحجاب. وتوفيتْ جويرية في شهر ربيع الأول سنة ستّ وخمسين، وصلى عليها مروان بن الحكم. وكان الرسول قد تزوّجها وهي في العشرين من عمرها.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
هي أسيرة من سبايا بني المصطلق، سباها الرّسول يوم المريسع، واسمها برّة بنت الحارث بن ضرار الخزاعي، والرسول هو الذي أطلق عليها اسم «جويْرية الذي هو اسْم تصغير لجارية. وقدْ كانت متزوجة قبله من مسافع بن صفوان بن سرح بن مالك الذي قٌتل يوم المريسع على يد المسلمين.
و»المُرَيْسيع»: ماء لبني خزاعة سُمّيتْ به هذه الغزْوة، المعروفة أيْضا ب»غزوة بني المصطلق»، وهم فرْع من قبيلة خزاعة. وقعتْ في السنة الخامسة للهجرة، سنة 626 م، وسببها أنّ الحارث بن ضرار الخزاعي كان قد أعدّ لمحاربة الرسول، الذي خرج ومعه كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزوة قطّ مثلها، وكان معه ثلاثون من الخيل، عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وخرجت معه عائشة وأمّ سلمة، وقَتَل الرسول جاسوسا للمشركين، وبلغ المُرَيْسيع وهاجم المسلمون المشركين، وقتلوا منهم عشرة وأسروا باقيهم، وكانوا أكثر من سبعمائة، وسبوا الرجال والنساء والذرية وساقوا النعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وهو هشام بن صبابة.
وكان من جملة السّبي: «جُوَيرية» بنت الحارث بن أبي ضرار، رئيس بني المصطلق. اختارها الرسول زوجة له في السنة السادسة للهجرة بعد أنْ وقعتْ في سهْم احد رجاله، وكانت يوم سباها ابنة عشرين عاما (الطبقات الكبرى، باب جويرية بنت الحارث).
تروي عائشة، كالعادة، تفاصيل هذه العلاقة كما يلي: «لمّا قسم النبيّ سبايا بني المصطلق، وقعتْ جُويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فجاءت إلى النبي تستعينه قالت عائشة فوالله ما أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه( أيْ النبيّ) سيرى منها ما رأيتُ، فقالت: «أنا جويرية بنت الحارث سيّد قومه، وقعتُ في سهم ثابت بن قيس، فجئتكَ أستعينك على كتابتي». قال النبيّ: «فهل لك خير من ذلك؟ قالت: «ما هو يا رسول الله؟»، قال «أقضي عنك كتابك وأتزوّجك»، فقالت: «نعم يا رسول الله»، قال النبيّ: «قد فعلت». وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق يا منصور أمت أمت. (انظر:»سيرة ابن هشام»، غزوة بني المصطلق).
ويضيف ابن سعد في «الطبقات الكبرى، تفْصيلا آخر مفاده أنّ النبيّ «سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ّإنّ ابنتي لا يُسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك، فخلّ سبيلها. قال: «أرأيتَ إنْ خيّرناها أليس قد أحسنا؟، قال «بلى وأدّيتَ ما عليك»، قال فأتاها أبوها فقال: إ»ن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا»، فقالت: «فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «قد والله فضحتنا». كان والدها يرى في زواجها من الرسول حطّا منه ومن قبيلته المنهزمة أمام إسلام منتصر باستمرار.
وكان ثابت بن قيس بن شماس بن أبي زهير الأنصاري أحد الخزرع، وأخوه - ويقال: ابن عمّ له - أصابها يوم المريسيع، فكاتباها على سبع أواق. فأتت النبيّ تطلب منه أن يساعدها على مكاتبتها [المكاتبة: معاملة بين عبْد، أو أسير، وسيّد، على أنْ يؤدّي مبلغا معيّنا من المال ويصبح حرّا بعد ذلك، وهي قسمان: مشروطة، ولا يتحرّر العبد إلا بدفع الكلّ، ومطلقة ويتحرّر من العبد بقدر ما يدفع كل مرة، وسميت الأولى مطلقة لعدم اشتراط الحرّية بدفع كلّ المال، وسُمّيت الثانية مشروطة لاشتراط ذلك].
وهي التي قيل فيها: «جعل صداقها عتقها وعتق أربعين من أهل بيتها». فلما عتقوا، انصرفوا. ولم يبق مصطلقية عند رجل من المسلمين إلا أعتقها صاحبها. فكانت أعظم امرأة، كما يقال، بَرَكة على قومها. وقال بعض الرواة: أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقها فقط صداقها.
وفي إطار الصراع بيْن ضرائر الرسول، جاءتْ جويرية يوْما تشتكي قائلة: «يا رسول الله: إنّ نساءك يفخرن عليّ ويقلن: لمْ يتزوّجك رسول الله»، فكانَ يجيبها:»أَلَمْ أعْظم صداقك؟ ألمْ أعتق أربعين من قومك؟ « وكانت جويرية ممن ضُرب عليها الحجاب. وتوفيتْ جويرية في شهر ربيع الأول سنة ستّ وخمسين، وصلى عليها مروان بن الحكم. وكان الرسول قد تزوّجها وهي في العشرين من عمرها.
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
19- صفية، يهودية في بيْت النبيّ
« ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟»
صفيّة بنت حييّ، أسيرة أخرى، يهوديّة، امرأة جميلة من سبايا معركة خيْبر، وقعتْ في سهْم الرّسول في السنة السادسة من الهجرة، تزوّجها وهي لم تتجاوز سنّ 17 سنة؛ وكانَ زوْجها كنانة بن الربيع صاحب حصن خيبر قدْ قُتل خلال هذه المعركة، كما قٌتل أبوها حيّ ابن أحطب، وقُتل أخوها. ذلك أنه «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وغنّمه الله أموالهم، سبى صفية بنت حيي وبنت عمّ لها من القموص، فأمر بلالا يذهب بهما إلى رَحْله، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّ[أيْ من اختيار] من كلّ غنيمة، فكانت صفيّة مما اصطفى يوم خيبر وعرض عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعتقها إن اختارت الله ورسوله، فقالت: «أختار الله ورسوله»، وأسلمت فأعتقها وتزوّجها وجعل عتقها مهره». («الطبقات الكبرى، المجلد السادس، ص. 90)
كما يروي ابن هشام في «السيرة النبوية»، في «باب ذكر المسير إلى خيبر»، أنّه «أتي النبيّ بكنانة بن الربيع، زوج صفية بنت حييّ، وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فَجَحَد(أيْ أنكر) أنْ يعرف مكانه، فأتى النبيّ برجل من يهود، فقال الرجل: «رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كلّ يوم»، فقال النبيّ لكنانة زوج صفية: «أرأيت إنْ وجدناه عندك أأقتلك؟»، قال: «نعمْ»، فأمر النبيّ بالخربة فحُفرتْ، فأخرج منها بعض كنزهم؛ ثمّ سأله عن الباقي فأبى أن يدّله، فأمر النبيّ الزبير بن العوام وقال: «عذّبه حتى يقرّ، فكان الزبير يقدح بزنْده في صدره حتى قاربَ الموت، ثمّ دفعه النبيّ إلى محمد بن مسلمة ليضرب عنقه، فضربها وكان أخو مسلمة قتل في هذه الحرب.».
تضيف نصوص أخرى أنّ الرسول لمْ تقع في سهْمه صفيّة فقط، بلْ حتى أخت لها، فوهبها لدحية من خليفة الكلبي. وجعل الرسولُ مهرَ صفيّة عتقها، وأعرس بها في طريقه بعد أنْ حاضتْ حيْضة، فسترت بكسائين. ومشطتها أم سليم - وهي أمّ أنس بن مالك وعطّرتها.
ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. بات أبو أيوب الأنصاري خالدُ بن زيد على باب الستارة، أو بقربها، شاهراً سيفه. فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، رآه قال: يا أبا أيوب، مالك شهرت سيفك؟ فقال: يا رسول الله، جارية حديثة عهد بالعرس، وكنتَ قتلتَ أباها وزوجها، فلم آمنها. فضحك، وقال خيْراً». (أنساب الأشراف، البلاذري).
ولما وصلَ الرسول إلى المدينة، أنزل صفية بيتاً من بيوت الأنصار، فجاء نساء الأنصار ينظرن إليها. وانتقبتْ عائشة رضي الله تعالى عنها، وجاءت فنظرت. فعرفها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرجت، اتبعها فقال: كيف رأيتها يا عائشة قالت: «رأيتها يهودية بنت يهوديّين»، فقال: «لا تقولي هذا يا عائشة، فإنه قد حسن إسلامها». وقالت زينب لجويرية: «ما أرى هذه الجارية إلاّ ستغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقالت جويرية: «كلاّ، إنها من نساء قلّما يحظين عند الأزواج»، وجرى بينها وبين عائشة ذات يوم كلام، فعيّرتها باليهودية، وفخرتْ عليها. فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: « ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟». وتوفيت صفية بنت حييّ في سنة خمسين، وكان
عمر بن الخطاب قد فرض لنساء الرسول عشرة آلاف، وفضّل عائشة بألفين لقربها الكبير من الرسول، بينما فرض لكلّ من جويرية وصفية ستة آلاف .
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
27 يوليوز 2013
« ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟»
صفيّة بنت حييّ، أسيرة أخرى، يهوديّة، امرأة جميلة من سبايا معركة خيْبر، وقعتْ في سهْم الرّسول في السنة السادسة من الهجرة، تزوّجها وهي لم تتجاوز سنّ 17 سنة؛ وكانَ زوْجها كنانة بن الربيع صاحب حصن خيبر قدْ قُتل خلال هذه المعركة، كما قٌتل أبوها حيّ ابن أحطب، وقُتل أخوها. ذلك أنه «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وغنّمه الله أموالهم، سبى صفية بنت حيي وبنت عمّ لها من القموص، فأمر بلالا يذهب بهما إلى رَحْله، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّ[أيْ من اختيار] من كلّ غنيمة، فكانت صفيّة مما اصطفى يوم خيبر وعرض عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعتقها إن اختارت الله ورسوله، فقالت: «أختار الله ورسوله»، وأسلمت فأعتقها وتزوّجها وجعل عتقها مهره». («الطبقات الكبرى، المجلد السادس، ص. 90)
كما يروي ابن هشام في «السيرة النبوية»، في «باب ذكر المسير إلى خيبر»، أنّه «أتي النبيّ بكنانة بن الربيع، زوج صفية بنت حييّ، وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فَجَحَد(أيْ أنكر) أنْ يعرف مكانه، فأتى النبيّ برجل من يهود، فقال الرجل: «رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كلّ يوم»، فقال النبيّ لكنانة زوج صفية: «أرأيت إنْ وجدناه عندك أأقتلك؟»، قال: «نعمْ»، فأمر النبيّ بالخربة فحُفرتْ، فأخرج منها بعض كنزهم؛ ثمّ سأله عن الباقي فأبى أن يدّله، فأمر النبيّ الزبير بن العوام وقال: «عذّبه حتى يقرّ، فكان الزبير يقدح بزنْده في صدره حتى قاربَ الموت، ثمّ دفعه النبيّ إلى محمد بن مسلمة ليضرب عنقه، فضربها وكان أخو مسلمة قتل في هذه الحرب.».
تضيف نصوص أخرى أنّ الرسول لمْ تقع في سهْمه صفيّة فقط، بلْ حتى أخت لها، فوهبها لدحية من خليفة الكلبي. وجعل الرسولُ مهرَ صفيّة عتقها، وأعرس بها في طريقه بعد أنْ حاضتْ حيْضة، فسترت بكسائين. ومشطتها أم سليم - وهي أمّ أنس بن مالك وعطّرتها.
ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. بات أبو أيوب الأنصاري خالدُ بن زيد على باب الستارة، أو بقربها، شاهراً سيفه. فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، رآه قال: يا أبا أيوب، مالك شهرت سيفك؟ فقال: يا رسول الله، جارية حديثة عهد بالعرس، وكنتَ قتلتَ أباها وزوجها، فلم آمنها. فضحك، وقال خيْراً». (أنساب الأشراف، البلاذري).
ولما وصلَ الرسول إلى المدينة، أنزل صفية بيتاً من بيوت الأنصار، فجاء نساء الأنصار ينظرن إليها. وانتقبتْ عائشة رضي الله تعالى عنها، وجاءت فنظرت. فعرفها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرجت، اتبعها فقال: كيف رأيتها يا عائشة قالت: «رأيتها يهودية بنت يهوديّين»، فقال: «لا تقولي هذا يا عائشة، فإنه قد حسن إسلامها». وقالت زينب لجويرية: «ما أرى هذه الجارية إلاّ ستغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقالت جويرية: «كلاّ، إنها من نساء قلّما يحظين عند الأزواج»، وجرى بينها وبين عائشة ذات يوم كلام، فعيّرتها باليهودية، وفخرتْ عليها. فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: « ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟». وتوفيت صفية بنت حييّ في سنة خمسين، وكان
عمر بن الخطاب قد فرض لنساء الرسول عشرة آلاف، وفضّل عائشة بألفين لقربها الكبير من الرسول، بينما فرض لكلّ من جويرية وصفية ستة آلاف .
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
27 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
رد: نساء الرسول صلى الله عليه وسلم
20: ميمونة بنت الحارث، آخر زوجة رسميّة للرسول
ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير، وأمها هند بنت عوف من حمير. وكانت ميمونة، قبل الرسول متزوّجة من أبي سبرة بن أبي وهم، فخلف عليها. وميمونة هذه هي أخت زوجة أخرى للرسول من أمّها، وهي زينب بنت خزيمة. كما أنّ ميمونة هي آخر امرأة تزوّجها الرسول زواجا مُعلنا ولفظيّا، أيْ رسميّا بلغة اليوم.
يُقال أنّ الرسول بعث أبا رافع مولاه، ورجلاً من الأنصار إلى مكة، فخطبا ميمونة عليه. وذلك قبل خروجه من المدينة. فلما قدم مكة في عمرة القضاء، ابتنى بها.
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّه كلّما تعلّق الأمْر بزواج الرسول من ميْمونة هذه، في كتب السّير والأخبار، إلاّ وكانَ السؤال المطروح دائما هو: هلْ تزوّجها الرّسول وهو مُحرم أمْ بعد إحرامه؟ وبالطبع، فإنّ الجواب ينقسم إلى مَنْ يُثبت الإحرام، من جهة، وبين مَنْ ينفيه من جهة أخرى.
وهو ما نجده بالحرْف عند الواقدي، الذي يروي «عن عمر، عن الزهري، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: «تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال. وقال الزهري: بلغ سعيدَ بن المسّب أنّ عكرمة قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، فقال: كذب عكرمة؛ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلما حلّ تزوّجها». («طبقات» ابن سعد، و»أنساب» البلاذري).
وقد تولّى العباسُ بن عبد المطلب، وكان هو وليّ أمرها لأنها كانتْ أختا شقيقة لأمّ ولده أمّ الفضل بنت الحارث الهلاليّة، تزويجها للرسولَ. يقول اين هشام : «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الخروج لعمرة القضاء، بعث أوس بن خولي الأنصاري وأبا رافع إلى العباس في أن يزوجه ميمونة. فأضلاّ بعيريهما، فأقاما أياماً ببطن رابغ حتى وافاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصارا معه حتى قدما مكة. فأرسل إلى العباس فزوّجه إياها». ويقال: تزوّجها على ما تركتْ زينبُ بنت خزيمة.
وحدّثني عمر بن بكير، حدثني الهيثم بن عدي، عن المجالد بن سعيد، عن الشعبي قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حين خرج لعمرة القضاء ثلاثة أيام، فبعث إليه حويطب بن عبد العزى: إنّ أجلك قد مضى، وانقضى الشرط، فأخرج من بلدنا. فقال له سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: كذبتَ، البلد بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآبائه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا سعيد. فقال خويطب: أقسمتُ عليك لما خرجتَ. فخرج، وخلف أبا رافع، وقال الحقني بميمونة. فحملها على قلوص. فجعل أهل مكة ينفرون بها، ويقولون: لا بارك الله لك. فوافى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بميمونة بسرف. فكان دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بها بسرف، وهو على أميال من مكة.
حدثنا علي علي بن المديني، عن رجل ، عن ابن جريح، عن عطاء ن ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، خالةَ بن عباس، تُوفيت. قال: فذهبتُ معه إلى سرف، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أم المؤمنين لا تزعزوا بها، ولا تزلزلوا، وارفقوا، فإنه كان عند نبي ا لله تسع نسوة فكان يقسم لثمان ولا يقسم لتاسعة يريد صفية بنت حيّي، قال: وكانت آخرهنّ موتاً.
وروي عن عكرمة أن ميمونة وهبت نفسها للرسول. وتوفيت ميمونة بسرف، وهي آخر نساء النبيّ موتاً. وكان وفاتها سنة إحدى وستين. فقال عبد الله بن عباس، وهي خالته، للذين حملوها: ارفقوا بها، ولا تزعزعوا فإنها أمّكم، وموضعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعها»، ويقال إنها ماتت بمكة، فحملها إلى سرف، فدفنت بسرف، وصلى عليها عبد الله بن عباس، وبقي بعدها، ست ستين وتوفي في سنة ثمان وستين.
وروي عن سفيان، عن زكريا، عن الشعبي.
في قول: « ومن ابتغيتَ ممن عزلتَ « ، قال: «هنّ نساء وهبن أنفسهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يدخل بهن، ولم يتزوجهن أحد بعدُ.»
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
29 يوليوز 2013
ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير، وأمها هند بنت عوف من حمير. وكانت ميمونة، قبل الرسول متزوّجة من أبي سبرة بن أبي وهم، فخلف عليها. وميمونة هذه هي أخت زوجة أخرى للرسول من أمّها، وهي زينب بنت خزيمة. كما أنّ ميمونة هي آخر امرأة تزوّجها الرسول زواجا مُعلنا ولفظيّا، أيْ رسميّا بلغة اليوم.
يُقال أنّ الرسول بعث أبا رافع مولاه، ورجلاً من الأنصار إلى مكة، فخطبا ميمونة عليه. وذلك قبل خروجه من المدينة. فلما قدم مكة في عمرة القضاء، ابتنى بها.
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّه كلّما تعلّق الأمْر بزواج الرسول من ميْمونة هذه، في كتب السّير والأخبار، إلاّ وكانَ السؤال المطروح دائما هو: هلْ تزوّجها الرّسول وهو مُحرم أمْ بعد إحرامه؟ وبالطبع، فإنّ الجواب ينقسم إلى مَنْ يُثبت الإحرام، من جهة، وبين مَنْ ينفيه من جهة أخرى.
وهو ما نجده بالحرْف عند الواقدي، الذي يروي «عن عمر، عن الزهري، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: «تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال. وقال الزهري: بلغ سعيدَ بن المسّب أنّ عكرمة قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، فقال: كذب عكرمة؛ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلما حلّ تزوّجها». («طبقات» ابن سعد، و»أنساب» البلاذري).
وقد تولّى العباسُ بن عبد المطلب، وكان هو وليّ أمرها لأنها كانتْ أختا شقيقة لأمّ ولده أمّ الفضل بنت الحارث الهلاليّة، تزويجها للرسولَ. يقول اين هشام : «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الخروج لعمرة القضاء، بعث أوس بن خولي الأنصاري وأبا رافع إلى العباس في أن يزوجه ميمونة. فأضلاّ بعيريهما، فأقاما أياماً ببطن رابغ حتى وافاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصارا معه حتى قدما مكة. فأرسل إلى العباس فزوّجه إياها». ويقال: تزوّجها على ما تركتْ زينبُ بنت خزيمة.
وحدّثني عمر بن بكير، حدثني الهيثم بن عدي، عن المجالد بن سعيد، عن الشعبي قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حين خرج لعمرة القضاء ثلاثة أيام، فبعث إليه حويطب بن عبد العزى: إنّ أجلك قد مضى، وانقضى الشرط، فأخرج من بلدنا. فقال له سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: كذبتَ، البلد بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآبائه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا سعيد. فقال خويطب: أقسمتُ عليك لما خرجتَ. فخرج، وخلف أبا رافع، وقال الحقني بميمونة. فحملها على قلوص. فجعل أهل مكة ينفرون بها، ويقولون: لا بارك الله لك. فوافى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بميمونة بسرف. فكان دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بها بسرف، وهو على أميال من مكة.
حدثنا علي علي بن المديني، عن رجل ، عن ابن جريح، عن عطاء ن ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، خالةَ بن عباس، تُوفيت. قال: فذهبتُ معه إلى سرف، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أم المؤمنين لا تزعزوا بها، ولا تزلزلوا، وارفقوا، فإنه كان عند نبي ا لله تسع نسوة فكان يقسم لثمان ولا يقسم لتاسعة يريد صفية بنت حيّي، قال: وكانت آخرهنّ موتاً.
وروي عن عكرمة أن ميمونة وهبت نفسها للرسول. وتوفيت ميمونة بسرف، وهي آخر نساء النبيّ موتاً. وكان وفاتها سنة إحدى وستين. فقال عبد الله بن عباس، وهي خالته، للذين حملوها: ارفقوا بها، ولا تزعزعوا فإنها أمّكم، وموضعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعها»، ويقال إنها ماتت بمكة، فحملها إلى سرف، فدفنت بسرف، وصلى عليها عبد الله بن عباس، وبقي بعدها، ست ستين وتوفي في سنة ثمان وستين.
وروي عن سفيان، عن زكريا، عن الشعبي.
في قول: « ومن ابتغيتَ ممن عزلتَ « ، قال: «هنّ نساء وهبن أنفسهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يدخل بهن، ولم يتزوجهن أحد بعدُ.»
مصطفى النحال
الاتحاد الاشتراكي
29 يوليوز 2013
بنت جبالة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006
مواضيع مماثلة
» كيفية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم
» التوبة النصوح ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
» فرحة الرسول.. بابنته فاطمة
» أبو بكر الصديق بن أبي قحافة
» ذكرى ميلاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
» التوبة النصوح ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
» فرحة الرسول.. بابنته فاطمة
» أبو بكر الصديق بن أبي قحافة
» ذكرى ميلاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى