الانتخابات في جمهوريات العالم الثّالث...

خطب زعماء الجمهوريّات تهديد ووعيد وكلمات ورديّة تنمّ عن بطولة وقوّة مواجهة للأعداء ...جملها رنّانة تهيّج وتقلع الشّعر من الجماجم حماسة واطمئنانا على وطن وجد من يصونه ويعزّه بين أمم طاغيّة في التّقدّم والاختراع ...وسمعت خطاب السّيسيّ دكتور مصر العسكريّ واللاعب على حبال الديبلوماسيّة بالبندقيّة وهو يدعو المصريّين الذين سرقت ثورتهم لتعود إلى الجيش لخامس مرّة وأستثني منهم أنور السّادات رحمه الله وهذا ما دفعني لأتحدّث عن ديموقراطيّة تتلاعب بها الألسن وتزغرد لها بطاقات في صناديق القهر والتّزوير ولا يخفى على أحد من القرّاء أن النّاخب لا يستقلّ برأيه ولا يصوّت بحريّة إلّا الناخبين الذين اتّقوا وجه الله وغلّبوا الوطنيّة والضّمير رغم شعورهم بهزيمتهم عند العدّ...تنعدم ديموقراطيّة الانتخابات لدى الطّغاة في الجمهوريّات للأسباب التّاليّة :

1 = سطوة المال الذي يغري المحتاجين والطّامعين آباء كروش لا تشبع ...

2 = شعارات منافقة لها وجهان في السرّ والعلن لأنّها ضد وفي نفس الوقت مع ...متّخذة الوسطيّة لتسلم من الإقصاء ...

3 = لعبة السّلطة بالتّقريب والتّرهيب ..

4 = الدّسترة المنسوخة من أجل الكبار والوجهاء وذوي النّفوذ ، والمفصّلة على مقياسهم...

5 = الدّيّانات التي تخيف وتختبئ وراء الربّ والرّسل وتزيّن بريق الجنّة لمن يختارهم..

6 = العرقيّة والعنصريّة والطّائفيّة كنسخ لفرض التّصويت وإمالته نحو صفات أهل التّفرقة في الوطنيّة

7 = تضامن الأحزاب بعد نجاحها ضدّ الشعب من أجل مصالح زعمائها ..

8 = قرع طبول معارضة الدّولة لجلب مصوّتين من جوّ القهر والعداء للحكّام وبعد النّتائج تمزّق الطبول فتنظمّ للعجول في برسيم مكاتب الدّولة ...

الواقع أن الدّيموقراطية وهميّة لأنّها خاضعة وتابعة وملقّمة بالتّحايل لتجلب القتال والاقتتال ...لكنّي أحتفظ بديموقراطيّة وحيدة أعجبتني علما بأنّها إفريقيّة المزاج ، قامت وبنيت في السنيغال أيّها الإخوة فبعد المرحلة التي قضاها ليبولد سيدار سينغور  الشّاعر في حكم السّنيغال بعد الاستقلال ، انسحب بلا شوشرة ومن دون أن يطلق الرّصاص ليبقى إلى نهاية عمره ....أعلن كرسيّه مقعدا لمرشح ناجح في انتخابات الرّئاسة ليتنحّى بأدب سيّاسيّ لا مثيل له عند الجمهوريّين في إفريقيا وكوبا وكوريا الشّماليّة ، مرّت الانتخابات بديموقراطيّة سنيغاليّة لينجح عبدو ضيوف  الذي قضى مرحلته حسب ما يرضي ضميره ويرضي الشّعب السنيغالي لتقام انتخابات رئاسيّة جاءت بالرّئيس واد الذي تلقى التّهنئة من عبدو ضيوف بأخلاق سيّاسيّة عاليّة ...دون نفي أو اقتتال ...كاد واد أن يقع في غلطة جمهوريّين يورّثون أبنائهم ..لكنّ العقلانيّة في الفكر السّيّاسيّ وما رآه من كوارث أثناء توريث الرّئيس لولده عدل عن هذه الصّفة الخبيثة ليفسح المجال لانتخابات رئاسيّة جديدة وعن طيب خاطر فهنّا الرّئيس الجديد ..

هذه ديموقراطيّة أشيد بها لأنّها حافظت على شعب السنيغال دون توريطه في أنهار الدّماء الغاشمة على يد جيش كان عند الآخرين حماية بقاء دائم لا وجود له في الدّيموقراطيّة ولو نسبيّة أنا لا أعرف عمق تلك الانتخابات التي خاضها السنيغاليّون لكنّ المهمّ أنها ناجحة سواء كانت تناوبا أو تراضيّا بدل الاغتصابات السّيّاسيّة التي عاشتها دوّل ثارت وحلمت بالحق حين اعتلى كراسيها بوتفليقة المقعد الذي لن يحيّي شعبه عبر شوارع الجزائر ولن يقف لتحيّة علم الشّهداء ولن يزور دوّلا ولن يحضر مؤتمرات وجمعيّة الأمم مسكينة الجزائر أصيبت بشلل سيّاسيّ يحرّك عجلاته عسكر متمرّس وعند التّونسيّين أصحاب ثورة حرق البوعزيزي من أجلها انقضّ عجوز على حكم البلد ليحمي القدامى وعوائلهم بدل الأجيال الجديدة التي كانت تطمح تغييرا ما بين حكم بورقيبة وبن علي...وفي ليبيا مرّت الانتخابات الهزليّة عبر اللّجان الشّعبيّة المفصّلة حسب مقصّ القدّافيّ وحماقته ...وعند بشّار وأبيه تمّت آيات الخداع والاضطهاد في كلّ الانتخابات لتصل إلى انتخابات المعجزة تحت الهدم والبراميل المتفجّرة واللّحظة تقام انتخابات في مصر التي بقي شعبها هو هو في حكم عسكريّ يحمي الفاسدين وما الانتخابات في العراق وإيران إلّا دروب ملتويّة ومحفوفة بهراوات الطّغمة المسيطرة على الطّوائف منذ زعيمي الجرائم الخوميني وصدّام ، ناهيك عن لا انتخابات بالمرّة في كوبا الاشتراكيّة وكوريا الشماليّة الشيّوعيّة حيث الابن يقطع الرّؤوس اليانعة في الفكر والسّيّاسة ليذود عن من بنوا له ممرّات لطائرة متعته   ، هناك ديموقراطيّات في الدّوّل المتقدّمة التي تسيّرها ملكيّات أو جمهوريّات ..لكنّها منعدمة في العالم الثّالث ..