مجانية التعليم : توضيح التوضيح
صفحة 1 من اصل 1
مجانية التعليم : توضيح التوضيح
أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين بتاريخ 29 نوفمبر 2016م بياناً توضيحيًا لما أثاره خبرُ الإعلان عن إنهاء العمل بمبدإ مجّانية التعليم من ردود فعل شعبية قوية.
في هذا البيان يُؤكِّد المجلس توصيتَه بالإبقاء على مجَّانية التعليم الابتدائي والإعدادي، وإحداث رسوم تسجيل ( لم تحدَّد مقاديرُها ومبالغها بعد) على ما عدا ذلك من أطوار التعليم (الثانوي والعالي)، إلا أنه لا يعتبر هذه الرسوم أمراً مُناقِضاً أو مُنافياً لمَجّانية التعليم(؟)، وإنما هي مساهمة من القادرين عليها «الميسورين» في التمويل، مع إعفاء «الأُسَر المُعوِزة»، دون تحديد مفهوم هذه الأُسَر المُعوِزة، مما سيفتح الباب أمام دوّامة من التراتيب والمساطر الإدارية المعقَّدة والملتوية، يعلم الله كيف سيكون الخروجُ منها.
وهناك غموض والتواءٌ بخصوص نقطتين:
الأولى : تصريح المجلس ب «عدم حرمان أي أحد من متابعة دراسته بعد التعليم الإلزامي ( أي: الابتدائي والإعدادي) لأسباب مادية إذا استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة لذلك». وإذا كنت قد فهمت شيئاً من هذه العبارة الغامضة الفضفاضة فهو أن السماح لمن أراد متابعة دراسته سيكون مشروطاً بأحد أمرين : إما التفوق الدراسي، وإما أداء الرسوم. في الحالتين ستكون هناك مسطرة للانتقاء، وعرقلةٌ جديدة تُضاف إلى بقية العراقيل في وجه الراغبين في إتمام تعليمهم. والفرق بين ما كان وما سيكون، هو أن متابعة الدراسة كانت من قبل مشروطة فقط بالنجاح في السنة الأخيرة من سلك الإعدادي، أما الآن فقد أَضيف شرطٌ آخر : إما التفوُّق وإما الأداء . والأداء ـ ولو في شكل رسوم ـ يتنافَى مع المَجّانية إلا إذا أردنا التلاعُب بالكلمات، ولن يقدر عليه إلا فئة محدودة جداً وهي الميسورة أو المتوسِّطة الحال ولاسيما عند تعدد المتعلّمين في الأُسرة الواحدة. وما سينتج عن هذه العرقلة هو أن الأُسَر ستفضِّل( أو ستضطرُّ على الأًصح ) أن تولِّي وجهَها نحو التعليم الخصوصي. فإذا كان لا بد من الدفع مع رداءة التعليم العمومي، فمن الأفضل الانصرافُ إلى المدارس الخاصة . وهذا هو المطلوبُ تماماً في نظر الدولة وأجهزتها : المطلوب إفراغُ المدارس العمومية وقبض ثمنها، أو تفويتها إلى المستثمرين الخواص بثمن زهيد أو بلا ثمن وهو الغالب. والتخلُّص تدريجيا من صُداع التعليم ومشاكله المزمنة. وهذا بالضبط ما يترجم فكرة: رفع اليد عن التعليم تدريجياً. أما ما ينتج عن ظاهرة تنامي التعليم الخصوصي وتغوُّله الزائد عن الحد من مشاكل وسلبيات عديدة، أقلها ترسيخ الفارق الطبقي الاجتماعي بشكل لا يُطاق، وزيادة الخلَل في مستوى التكوين بين العمومي والخصوصي، وإطلاق اليد لأصحاب رؤوس الأموال وذوي الأهواء والمِلَل والنِّحَل من مغاربة وأجانب، ليعبثوا بعقول أطفالنا وأبنائنا كما يحلو لهم، ولا نستثني من ذلك أهواءَ التنصير والتهويد والإفساد والتمرُّد على القيَم الاجتماعية والدينية وغيرها... فذلك له حديثٌ آخر.
هذا مع العلم أن الأُسَر، حتى في المدرسة العمومية المجانية ( أي المعفاة من الأداء)، تساهم بأموال كبيرة في تحمّل أعباء التعليم، من تغذية، وسَكَن ، وكساء، وكتُب وأقلام ودفاتر ومستلزمات عدة، وتطبيب ، ومواصلات ، ودروس خصوصية للمراجعة التي أًصبحت شبه إلزامية . .. وهلم جراً، فضلا عن الضرائب المتعددة الأشكال والألوان التي تدفعها وهي صاغِرة. أما المتفوِّقون من التلاميذ فالعادة أن تقدَّم إليهم الدولة أو جهاتٌ خيرية منِحٌ دراسية زائدة على الإعفاء من الرسوم ، تُشجِّعُهم وتعينُهم هم وأُسَرهم على تحمُّل أعباء الاستمرار في الدراسة التي ينتظرون نتائجها لسنوات عدة. أما الآن فأقصى ما يمكن أن تقوم به الدولةُ هو أن تُعفيهم من الرسوم والأداء .
النقطة الثانية الغامضة أو الملتوية في بيان المجلس، هو الادعاءُ بأن المجّانية التي تتكفَّل بها الدولةُ تشمل مرحلة التعليم الأوَّلي. فإذا كان المقصود بالتعليم الأوَّلي هنا هو مرحلة الروض، فأنا لا أعرف لحد الآن أن هناك مدرسة في هذا المستوى بالمغرب تقدِّم لتلاميذها تعليماً مجَّانياً، لسبب بسيط، هو أن هذا المستوى من التعليم كلُّه متروكٌ للقطاع الخاص أو الأجنبي يفعل فيه ما يشاء شكلاً ومضموناً، ويأخذ من جيوب الأُسَر ما يشاء، ويطبِّق في مناهجه ومقرِّراته ما يشاء أيضاً بلا حسيب ولا رقيب، باستثناء بعض المدارس العتيقة وهذه لها وضعية ووسائل تمويل خاصة ولا تتبع عادة لوزارة التربية والتعليم. اللهم إذا كان في نية الدولة أن تتولَّى مستقبلاً أمرَ التعليم الأوَّلي فتُعفي الآباءَ من الأداء . وهذا آخر المستحيلات.
د.عبدالعلي الودغيري
في هذا البيان يُؤكِّد المجلس توصيتَه بالإبقاء على مجَّانية التعليم الابتدائي والإعدادي، وإحداث رسوم تسجيل ( لم تحدَّد مقاديرُها ومبالغها بعد) على ما عدا ذلك من أطوار التعليم (الثانوي والعالي)، إلا أنه لا يعتبر هذه الرسوم أمراً مُناقِضاً أو مُنافياً لمَجّانية التعليم(؟)، وإنما هي مساهمة من القادرين عليها «الميسورين» في التمويل، مع إعفاء «الأُسَر المُعوِزة»، دون تحديد مفهوم هذه الأُسَر المُعوِزة، مما سيفتح الباب أمام دوّامة من التراتيب والمساطر الإدارية المعقَّدة والملتوية، يعلم الله كيف سيكون الخروجُ منها.
وهناك غموض والتواءٌ بخصوص نقطتين:
الأولى : تصريح المجلس ب «عدم حرمان أي أحد من متابعة دراسته بعد التعليم الإلزامي ( أي: الابتدائي والإعدادي) لأسباب مادية إذا استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة لذلك». وإذا كنت قد فهمت شيئاً من هذه العبارة الغامضة الفضفاضة فهو أن السماح لمن أراد متابعة دراسته سيكون مشروطاً بأحد أمرين : إما التفوق الدراسي، وإما أداء الرسوم. في الحالتين ستكون هناك مسطرة للانتقاء، وعرقلةٌ جديدة تُضاف إلى بقية العراقيل في وجه الراغبين في إتمام تعليمهم. والفرق بين ما كان وما سيكون، هو أن متابعة الدراسة كانت من قبل مشروطة فقط بالنجاح في السنة الأخيرة من سلك الإعدادي، أما الآن فقد أَضيف شرطٌ آخر : إما التفوُّق وإما الأداء . والأداء ـ ولو في شكل رسوم ـ يتنافَى مع المَجّانية إلا إذا أردنا التلاعُب بالكلمات، ولن يقدر عليه إلا فئة محدودة جداً وهي الميسورة أو المتوسِّطة الحال ولاسيما عند تعدد المتعلّمين في الأُسرة الواحدة. وما سينتج عن هذه العرقلة هو أن الأُسَر ستفضِّل( أو ستضطرُّ على الأًصح ) أن تولِّي وجهَها نحو التعليم الخصوصي. فإذا كان لا بد من الدفع مع رداءة التعليم العمومي، فمن الأفضل الانصرافُ إلى المدارس الخاصة . وهذا هو المطلوبُ تماماً في نظر الدولة وأجهزتها : المطلوب إفراغُ المدارس العمومية وقبض ثمنها، أو تفويتها إلى المستثمرين الخواص بثمن زهيد أو بلا ثمن وهو الغالب. والتخلُّص تدريجيا من صُداع التعليم ومشاكله المزمنة. وهذا بالضبط ما يترجم فكرة: رفع اليد عن التعليم تدريجياً. أما ما ينتج عن ظاهرة تنامي التعليم الخصوصي وتغوُّله الزائد عن الحد من مشاكل وسلبيات عديدة، أقلها ترسيخ الفارق الطبقي الاجتماعي بشكل لا يُطاق، وزيادة الخلَل في مستوى التكوين بين العمومي والخصوصي، وإطلاق اليد لأصحاب رؤوس الأموال وذوي الأهواء والمِلَل والنِّحَل من مغاربة وأجانب، ليعبثوا بعقول أطفالنا وأبنائنا كما يحلو لهم، ولا نستثني من ذلك أهواءَ التنصير والتهويد والإفساد والتمرُّد على القيَم الاجتماعية والدينية وغيرها... فذلك له حديثٌ آخر.
هذا مع العلم أن الأُسَر، حتى في المدرسة العمومية المجانية ( أي المعفاة من الأداء)، تساهم بأموال كبيرة في تحمّل أعباء التعليم، من تغذية، وسَكَن ، وكساء، وكتُب وأقلام ودفاتر ومستلزمات عدة، وتطبيب ، ومواصلات ، ودروس خصوصية للمراجعة التي أًصبحت شبه إلزامية . .. وهلم جراً، فضلا عن الضرائب المتعددة الأشكال والألوان التي تدفعها وهي صاغِرة. أما المتفوِّقون من التلاميذ فالعادة أن تقدَّم إليهم الدولة أو جهاتٌ خيرية منِحٌ دراسية زائدة على الإعفاء من الرسوم ، تُشجِّعُهم وتعينُهم هم وأُسَرهم على تحمُّل أعباء الاستمرار في الدراسة التي ينتظرون نتائجها لسنوات عدة. أما الآن فأقصى ما يمكن أن تقوم به الدولةُ هو أن تُعفيهم من الرسوم والأداء .
النقطة الثانية الغامضة أو الملتوية في بيان المجلس، هو الادعاءُ بأن المجّانية التي تتكفَّل بها الدولةُ تشمل مرحلة التعليم الأوَّلي. فإذا كان المقصود بالتعليم الأوَّلي هنا هو مرحلة الروض، فأنا لا أعرف لحد الآن أن هناك مدرسة في هذا المستوى بالمغرب تقدِّم لتلاميذها تعليماً مجَّانياً، لسبب بسيط، هو أن هذا المستوى من التعليم كلُّه متروكٌ للقطاع الخاص أو الأجنبي يفعل فيه ما يشاء شكلاً ومضموناً، ويأخذ من جيوب الأُسَر ما يشاء، ويطبِّق في مناهجه ومقرِّراته ما يشاء أيضاً بلا حسيب ولا رقيب، باستثناء بعض المدارس العتيقة وهذه لها وضعية ووسائل تمويل خاصة ولا تتبع عادة لوزارة التربية والتعليم. اللهم إذا كان في نية الدولة أن تتولَّى مستقبلاً أمرَ التعليم الأوَّلي فتُعفي الآباءَ من الأداء . وهذا آخر المستحيلات.
د.عبدالعلي الودغيري
عبدالرحيم- عدد الرسائل : 352
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 05/08/2008
مواضيع مماثلة
» كيف تهيئ و تعبئ ملف منحة التعليم العالي (توضيح بصور)
» مجانية التعليم العالي محفوظة والرسوم ستهم أبناء الميسورين
» في مذكرة لوزير التعليم العالي: مجانية الدراسة في الماستر ومنع غير الطلبة من التسجيل فيها
» توضيح
» المعجم الجبلي
» مجانية التعليم العالي محفوظة والرسوم ستهم أبناء الميسورين
» في مذكرة لوزير التعليم العالي: مجانية الدراسة في الماستر ومنع غير الطلبة من التسجيل فيها
» توضيح
» المعجم الجبلي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى