دراسة تأثير عقدة النقص فی هجو بشار بن برد نشأة وتجلّيات
صفحة 1 من اصل 1
دراسة تأثير عقدة النقص فی هجو بشار بن برد نشأة وتجلّيات
سهرابي، تورج: الماجستير بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الخوارزمي بطهران. ال?اتب المسؤول :toorajsohrabi67@yahoo.com
صدقي، حامد
البروفيسور بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الخوارزمي بطهران.
ال?لمات المفتاحية: بشّار، هجو، عقدة النقص، ألفرد أدلر.
يهدف هذا القسم من دراستنا هذه رصدَ فاعلية وحضور النقد النفسي في الأدب. إذا ?نّا نحاول فهم الأدب و تفسيره، ?ان في علم النفس وسيلة لفهم الأدب علی أساس صحيح. ليست علاقة الأدب بعلم النفس مسألة حديثة العهد؛ بل هي قديمة قدم المادة الأدبية نفسها؛ آية ذل?، أنّ الآداب القديمة تعدّ أولی المدارس التي عالجت م?ونات النفس البشرية. يری بعض الباحثين أن أساس الدراسة النفسية للأدب ?امن في العلاقة الموجودة بين الأدب والنفس ?ليهما، فالنقد يصدر عن النفس ويتوجه إلی نفس القارئ.يؤيّد هذا، تعريف العمل الأدبي: «إنّه تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية» [1].
تدخل «الملاحظة النفسية» بصفة عامة في فهم الأدب ونقده، فهي أقدم من ذل? ?ثيراً في الأدب العربي. صلة علم النفس بالأدب والنقد، صلةٌ ممتدة الجذور في التّراث الإنساني، خصوصاً تل? التي تربط الأدب بصاحبه. ويم?ن استشفاف تل? الصلة عند أفلاطون في موقفه من الفنّ والأدب، وعند أرسطو في نظريّة «التطهير» وعند من سار علی منهجها مثل: أفلوطين، وهوراس، وبوالو، وهيجل، و?انط، وشوبنهور، و.. عند علماء النفس، مثل: فرويد، ويونغ، وأدلر، وشارل بودوان، وشارل مورون.. .
«العلاقة بينهما لاتحتاج إلی إثبات؛ لأنه ليس هنا? من ين?رها. و?ل ما تدعو الحاجة إليه هو بيان هذه العلاقة ذاتها وشرح عناصرها: علی أی نحو يرتبط الأدب بالنفس؟ أيستمد الأدب من النفس أم تستمد النفس من الأدب؟ أم أن العلاقة بينهما علاقة تبادل من التأثير والتأثر؟ إن النفس تصنع الأدب، و?ذل? يصنع الأدب النفس. النفس تجمع أطراف الحياة ل?ی تصنع منها الأدب، والأدب يرتاد حقائق الحياة ل?ی يضیء جوانب النفس. والنفس التي تتلقی الحياة لتصنع الأدب هي النفس التي تتلقي الأدب لتصنع الحياة» [2].
إنّ التأمل والتف?ير في النفس الإنسانية بدأ منذ أن وجدت هذه النفس فالإنسان منذ الأزل وهو يتأمل في سلو?ه وسلو? الآخرين من حوله ويحاول تفسير هذا السلو?.
العمل الأدبي هو استجابة معيّنة لمؤثرات خاصة والعنصر النفسي بارز في العمل الأدبي. والشعر ليس صدوراً عفوياً و تلقائياً، بل هو صدور واع أيضاً.
قد احتلّت الدراسات النفسيّة للتراث العربي في الدرس النقدي م?انةً ?بيرة. واللجوء إلی التحليلات النفسية، بمثابة العوامل المساعدة علی فهم أوسع لشخصية المرء بصفةٍ عامة، والأديب بصفة خاصة. فمن هذا المنطلق يم?ن التعرّف علی الأثر الأدبي والاستمداد من حطياة المبدع. ?ما نعرف أنّ معرفة بناء الشخصية وما فيه من أنماط وسمات، أمر هام، ومعرفة ?يفية النشوء وتطوّر هذا البناء أمر لا يقلّ أهمية، فشخصية بشار لها إم?انيةُ البحث والمناقشة من مجالات شتی، منها علم النفس، بسبب أنّه واحد من أ?بر الشعراء العرب وبخاصة في العصر العباسي الذي اشتهر بشاعر الهجو الذي ?ان له سلو? وأفعال متفاوتة، وهذا هو ما جرّنا إلی هذا الظنّ أنّ لبشار بن برد عقدة النقص. ول?ن بعد أن دقّقنا النظر في خصائص عقدة النقص من جهةٍ، و?شف عن بعض من العلل والمظاهر الناتجة عن عقدة النقص في نفسية بشار-وبعد قراءة دطيوانه- من جهة أخری؛ نستنتج أنّ لبشار بن برد عقدة النقص.
هذه المقالة فهي جهد قائم علی الإستنتاج من ?لّ ما جاء في الدراسات السابقة، فلابدّ من الرجوع إليها و الإستناد عليها، لأنّها حقّقت فوائد و ذللت صعباه ?ثيرة.
في خلفية البحث يجب أن نشير إلی: مقالة عنوانها: "التعويض النفسي عند بشار بن برد" (1352)، ?تبها الد?تور حسين ب?ار يبين أنّ العلل الجسمي (العمی)، وعدم الانتساب بنسبٍ عريق، أدّا إلی ت?وين عقدة النقص عند بشار بن برد.
ومقالة أخری عنوانها: "عوامل پيدايی هجا در نزد بشار بن برد" (1388)، ?تباه ابوالحسن امين مقدّسي، وبهرام اماني. المقالة تحاول أن تنتسب الدلائل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص عند بشار إلی عاملين: الداخلي، والخارجي.
بشاربن بُرد أصله من طُخارستان في أقصی خُراسان وقع جَدّه يرجوخ في سَييِ المُهَلّبِ بن أبي صُفرة حينما ?ان والياً علی خُراسان (78- 82ق) فأهداه إلی امرأتِه خَيرةَ بنتِ ضُمرةَ القُشَيرية، ولمّا وصل يرجوخ إلی البصرة ?ان معه طفلٌ صغيرٌ له اسمه بُرد، ولمّا يبلغ بردٌ مَبلَغَ الرجال زوّجته مولاته خيرةُ فتاةً من بني عُقيل، فوُلِدَ له بَشارٌ سَنَةَ 91ق (710م) في الأغلب.
هو من حيث النسب ينتمي إلی ملو? الفرس، ويخترعون له نسباً م?وّناً من أ?ثر من عشرين جدّاً تنتهِي سلسلتهم إلی الأ?اسرة. هو من مخضرمي شعراء الدولتين وأدر? بني أمية وبني العباس.
?ان فات?اً علی أعراض الناس جسوراً علی القول الجارح البذئ الخادش للحياء. هذا المثل العربي الذي يجري علی ألسنة الناس: «خالِف تُعرف»، فقد اقتفی بشارُ أثر ذل? المثل، وخالفَ الشعراء، فاشتهر بين العامة.
أما من أهم موضوعات شعر بشار يم?ن الإشارة إلی ثلاث: المديح والغزل والهجاء، زد علی الأغراض الأخری ?الوصف، والح?مة، والفخر؛ الأغراض التي تحتلّ في مدائحه. والآن نقتصر بحثنا إلی الهجو عنده، ونتحدث عنه بالقليل. لعلّ من المقدور أن نجعل هجويات بشار في عداد أجمل وأحسن أغراض الشعرية التي تسترعی الإنتباه في ديوانه. تقدّم في سوء المعاملة إلی درجةٍ ما، حتّی ما استطاع أحدٌ الصيانة عن شرِّ لسانه.
حدّدت آفةُ بشار (العمی) حياتَه منذ نعومة أظفاره، و?ان لذل? يحسُّ بغير قليل من المرارة، فأقبل علی الهجاء منذ صباه البا?ر ويهجو الناس. لقد بلغ غرامُ بشار بالهجاء حدّاً جعله عبداً لهذا الضرب، تتناول هجوياته الأعراض في أبشع صور ويرمي المحصنات من الأمّهات والبنات وينال من رجولة الرجال، فلعلّ بشار في الهجو يبلغ مبلغاً لم يصل إليه شاعر قبله.
تحمّل الضغوط الواردة علی بشار قد أثّر فی نفسه، فاختطّ لنفسه خطة التهجم علی الأعراض توسلاً إرضاء ضميره، ولإثبات وجوده. بالتالى تظهر عليه ملامح المعاناة النفسية والسلوكية، ولقد استغلت هذه الضغوط أسوأ استغلال، ولقی من جرائها صنوف العذاب النفسي، والتى نؤكّد على أنّها نتيجةٌ طبيعية للواقع الضاغط على بشار، وظهور تلك المعاناة على هيئة أعراض سلوكية وانفعالية ما هى إلّا منه للتنفيس عن مشاعره المضغوطة، وإذ لم ي?ن من سبيلٍ أمامه للخلاص من تل? الضغوط، إلّا الشعر، وهو ?ان طريقه إلی الخلاص ممّا يعاني من الناس، فيلجأ الى طرق غير طبيعية؛ لذل? أختار من بين أنواع الشعر «الهجاء»، إذ أنّ الهجاء برأيه هو الطريق الأوّل لإزالة الضغوط الموجودة لديه، وهو يحقّق آماله؛ الهجاء الذي ?ان غايةً ووسيلة للتنفيس عمّا في صدره من نقمة علی ?لّ شيء.
فضلاً علی ذل? يم?ننا إحصاء العوامل الأخری التي جعلت بشاراً ي?ثر من هجائه، من ذل? أنّه أراد أن ي?ون مشتهراً مثل ما اشتهر به جرير والفرزدق، «في البصرة تعرّض لجرير بن عَطيّة بالهجاء ول?ن جريراً استصغرَهُ فأعرض عنه» [3]. سنتحدث -في موضعه الخاص- عن أسبابٍ أخری جرّت بشار إلی الهجاء.
الميل إلی الهجاء أحياناً لا ي?ون مجرد عارض طرأ علی الإنسان ?ما يخيّل إليه أو إلی البعض، بل ي?ون نتيجة حتمية لصراعات داخلية عنيفة ولجروح نفسية تر?ت أثرها في الإنسان وحملته علی الهجاء، لذل? يجب الاستعانة بالتحليل النفسي لدراسته وا?تشاف أسبابه وتوضيح حقيقة نتائجه، وهو ما يجهد هذه المقالة للقيام به.
ما هي عقدة النقص؟
إحدی الاستخدامات العامّة ل?لمة عقدة هو «عقدة النقص». ويُفهم عامة بذل? عقدة الخجل من الذات، أي أنّ الفرد يعي بنوع من العجز (الصحي، أو الذهني أو الاجتماعي) أو شعوره المزعج بعدم ال?فاءة أو بتأ?يده بأنّه ليس علی المستوی اللازم وأنّه معرَّض للفشل [4].
هي شعور الفرد بوجود عيبٍ فيه يُشعره بالضيق والتوتر ونقص في شخصيته مقارنةً بالآخرين، ويدفعه بالتعويض لهذا النقص بشتى طرق. عقدة النقص هي اصطلاح شهير لعلم النفس الفرديّ التي استعملها لأوّل مرّة ألفرد أدلر، وإن استعملها قبله علماء ?ـ استاندهال، جانيه، و[فرويد]، ل?نّ طوّرها "أدلر" ووسّعها [5].
إذن عقدة النقص بحسب التعريف العلمي لها: «مجموعة عن الصفات، السلو? أو الأفعال التي هدفُها الإزالة عن الشعور بالدونية» [6]. أي شخصٍ يم?نه أن يصيب بالشعور بالدونية بالشدة أو بالقلّة. إنّ المصابين بهذه الحالة النفسية، والذين يشعرون بنوع من الحقارة والضعة في أنفسهم قلقون ومضطربون دائماً، وتلاقي ضمائرهم الأمرين من العذاب والتأنيب الداخلي.
يری "أدلر" أنّ في ?لّ انسان الشعور بالدونية؛ إنّ ?لّ شخص أيام طفولته ?ائن ضعيف جدّاً، ويتّ?ئُ طوال تل? الأيام إلی مساعدة الآخرين، وتشدّد العواملُ الجسمية والاجتماعية هذا الشعور [7]. ويعرّفها أدلر أنّها شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأنّ الناس جميعاً أفضل منه في شيء أو آخر.
العقد النفسية استعدادات م?بوتة (لاشعورية) لا يفطن الفرد لوجودها، ولا يعرف أصلها ومنشأها.
الفروقات الفردية بين الناس قائمة علی درس العوامل الوراثية والبيئية معاً، حقّ لنا القولُ بأنّ الاختلافات القائمة بين الأفراد، تدرس العلاقات الوراثية والبيئية والعائلية التي تؤثّر فيه.
يم?ننا تقسيم العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص عند بشار إلی عدّة فروعٍ:
1) البيئي، 2) العائلي، و 3) العوامل الوراثية.
يجب الناقد أن يسمع آخر ال?لام عن نفس الشعر؛ عن شعرٍ لن ي?ذب إلی الناقد [8]، و?لّ الأثر الأدبي صورةٌ عن أحوال الشاعر وال?اتبِ الذي ي?ون مبدعاً له [9]، لذل? يم?ننا بوضوح تحليلُ لمحةٍ عن شخصية بشار النفسية بعد قراءة ديوانه إن شاء الله.
إذن هدفنا الآن ذ?رُ أسبابٍ مؤثرة في خلق عقدة النقص عند بشاربن برد مع دراسة أشعاره، و نتّبعه -فيما بعد- بذ?ر المظاهر التي تر?ت في نفس بشار من الآثار مزوّداً تل? الموارد بالشواهد الشعرية من ديوانه.
ما هي العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص في بشاربن برد؟
هنا? في تقديرنا أحداث وظروفٌ هامة في حياة بشار قد أثّرن علی مسل?ه الخاص في حياته. لا يم?ن تجريد السلو? في مراحل الحياة ?افة عن تأثيرات الخبرات في مرحلة الطفولة، وتبرز نواتج هذه الخبرات في إبداعات الفنانين والأدباء، وي?ون ا?تشاف صور هذه الخبرات التي تظهر رموزها في العمل الإبداعي واسطة التحليل العمل وفهمه.
ول?ن سنری أنّ الضغوط والمضايقات من العاهة والخلقة، و.. مسّت شخصية بشار، حتّی ازدادت سخطَه بحيث جعله «من أشدّ الناس تبرّماً بالناس» [10].
لحصر ما هو أساسي، ت?فينا معرفة العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص في بشاربن برد التي تلعب دوراً هاماً مباشراً :
صدقي، حامد
البروفيسور بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الخوارزمي بطهران.
الملخص
إنّ الدراسة والمطالعة بصورة منتظمة حول شخصية ال?اتب والشاعر والفنّان هي إحدی طرق علمية تهدي بنا إلی معرفة عالمهم والتقرّب منها. تنطلق هذه ال?تابة إلی دراسة نفسية عن شخصية بشار بن برد المسمّی بـ «دراسة تأثير عقدة النقص في هجو بشار: نشأة وتجلّيات»، من خلال استحضار أشعاره. هذه ال?تابة الموجودة تتولی الدراسة وتحليل أسباب مُوجِدة لـ«عقدة النقص» وتطبيقها مع شخصية بشّار، وتعتمد علی الآداب الموجودة في ال?تب والمقالات والتقريرات الدراسية. بسبب وجود بعض الصفات المشتر?ة مثل الحياة العائليّة الهيِّنة وفقدان نسبٍ عريقٍ والفقر وقبح الصورة و.. في الأفراد المصابة بعقدة النقص ومقارنة هذه الصفات مع الصفات الموجودة عند بشار؛ يُفترض أنّ لشخصية بشار عقدة النقص. جدير بالذ?ر أنّ بيئته الإجتماعية، وتنشئته الأسرية، وصفاته الموروثة قد ساعدت في وخامة نفسية بشار. يقوم هذا المقال باثبات هذه الفرضية معتمداً علی نظرية عقدة النقص لألفرد أدلر إلی حدٍ ما. تتناول المقالة المحورين الأساسيين: العوامل المُوجِدة لعقدة النقص، والمظاهر الناتجة عنها. في الختام وبعد التفحص في أشعار بشار وخصائصه النفسيّة واشترا?ه في بعض الخصائص؛ يستنبط أنّ لبشار عقدة النقص.ال?لمات المفتاحية: بشّار، هجو، عقدة النقص، ألفرد أدلر.
التمهيد
علاقة النقد النفسي بالأدبيهدف هذا القسم من دراستنا هذه رصدَ فاعلية وحضور النقد النفسي في الأدب. إذا ?نّا نحاول فهم الأدب و تفسيره، ?ان في علم النفس وسيلة لفهم الأدب علی أساس صحيح. ليست علاقة الأدب بعلم النفس مسألة حديثة العهد؛ بل هي قديمة قدم المادة الأدبية نفسها؛ آية ذل?، أنّ الآداب القديمة تعدّ أولی المدارس التي عالجت م?ونات النفس البشرية. يری بعض الباحثين أن أساس الدراسة النفسية للأدب ?امن في العلاقة الموجودة بين الأدب والنفس ?ليهما، فالنقد يصدر عن النفس ويتوجه إلی نفس القارئ.يؤيّد هذا، تعريف العمل الأدبي: «إنّه تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية» [1].
تدخل «الملاحظة النفسية» بصفة عامة في فهم الأدب ونقده، فهي أقدم من ذل? ?ثيراً في الأدب العربي. صلة علم النفس بالأدب والنقد، صلةٌ ممتدة الجذور في التّراث الإنساني، خصوصاً تل? التي تربط الأدب بصاحبه. ويم?ن استشفاف تل? الصلة عند أفلاطون في موقفه من الفنّ والأدب، وعند أرسطو في نظريّة «التطهير» وعند من سار علی منهجها مثل: أفلوطين، وهوراس، وبوالو، وهيجل، و?انط، وشوبنهور، و.. عند علماء النفس، مثل: فرويد، ويونغ، وأدلر، وشارل بودوان، وشارل مورون.. .
«العلاقة بينهما لاتحتاج إلی إثبات؛ لأنه ليس هنا? من ين?رها. و?ل ما تدعو الحاجة إليه هو بيان هذه العلاقة ذاتها وشرح عناصرها: علی أی نحو يرتبط الأدب بالنفس؟ أيستمد الأدب من النفس أم تستمد النفس من الأدب؟ أم أن العلاقة بينهما علاقة تبادل من التأثير والتأثر؟ إن النفس تصنع الأدب، و?ذل? يصنع الأدب النفس. النفس تجمع أطراف الحياة ل?ی تصنع منها الأدب، والأدب يرتاد حقائق الحياة ل?ی يضیء جوانب النفس. والنفس التي تتلقی الحياة لتصنع الأدب هي النفس التي تتلقي الأدب لتصنع الحياة» [2].
إنّ التأمل والتف?ير في النفس الإنسانية بدأ منذ أن وجدت هذه النفس فالإنسان منذ الأزل وهو يتأمل في سلو?ه وسلو? الآخرين من حوله ويحاول تفسير هذا السلو?.
العمل الأدبي هو استجابة معيّنة لمؤثرات خاصة والعنصر النفسي بارز في العمل الأدبي. والشعر ليس صدوراً عفوياً و تلقائياً، بل هو صدور واع أيضاً.
قد احتلّت الدراسات النفسيّة للتراث العربي في الدرس النقدي م?انةً ?بيرة. واللجوء إلی التحليلات النفسية، بمثابة العوامل المساعدة علی فهم أوسع لشخصية المرء بصفةٍ عامة، والأديب بصفة خاصة. فمن هذا المنطلق يم?ن التعرّف علی الأثر الأدبي والاستمداد من حطياة المبدع. ?ما نعرف أنّ معرفة بناء الشخصية وما فيه من أنماط وسمات، أمر هام، ومعرفة ?يفية النشوء وتطوّر هذا البناء أمر لا يقلّ أهمية، فشخصية بشار لها إم?انيةُ البحث والمناقشة من مجالات شتی، منها علم النفس، بسبب أنّه واحد من أ?بر الشعراء العرب وبخاصة في العصر العباسي الذي اشتهر بشاعر الهجو الذي ?ان له سلو? وأفعال متفاوتة، وهذا هو ما جرّنا إلی هذا الظنّ أنّ لبشار بن برد عقدة النقص. ول?ن بعد أن دقّقنا النظر في خصائص عقدة النقص من جهةٍ، و?شف عن بعض من العلل والمظاهر الناتجة عن عقدة النقص في نفسية بشار-وبعد قراءة دطيوانه- من جهة أخری؛ نستنتج أنّ لبشار بن برد عقدة النقص.
هذه المقالة فهي جهد قائم علی الإستنتاج من ?لّ ما جاء في الدراسات السابقة، فلابدّ من الرجوع إليها و الإستناد عليها، لأنّها حقّقت فوائد و ذللت صعباه ?ثيرة.
في خلفية البحث يجب أن نشير إلی: مقالة عنوانها: "التعويض النفسي عند بشار بن برد" (1352)، ?تبها الد?تور حسين ب?ار يبين أنّ العلل الجسمي (العمی)، وعدم الانتساب بنسبٍ عريق، أدّا إلی ت?وين عقدة النقص عند بشار بن برد.
ومقالة أخری عنوانها: "عوامل پيدايی هجا در نزد بشار بن برد" (1388)، ?تباه ابوالحسن امين مقدّسي، وبهرام اماني. المقالة تحاول أن تنتسب الدلائل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص عند بشار إلی عاملين: الداخلي، والخارجي.
جولةٌ في حياة بشار بن برد والهجو عنده (95- 167 ق)
مهما ي?ن من الأمر، فإنّنا لا نستطيع الحديث عن عقدة النقص بمعزل عن الأوضاع والملابسات التار يخية الخاصة التي وا?بت عملية تش?ل هذا المصطلح، وما نتج عن هذه الملابسات من خطابات وتوجهات متنوعة، وقبل أن نسترسل في الحديث، فإنّنا نلفت النظر إلى أنّنا لن نستطيع تغطية الموضوع من كلّ جوانبه، ولكنّنا في البداية سنتكلم عن جوانب أساسية في حياة بشار حتی نصل إلی نفسيته.بشاربن بُرد أصله من طُخارستان في أقصی خُراسان وقع جَدّه يرجوخ في سَييِ المُهَلّبِ بن أبي صُفرة حينما ?ان والياً علی خُراسان (78- 82ق) فأهداه إلی امرأتِه خَيرةَ بنتِ ضُمرةَ القُشَيرية، ولمّا وصل يرجوخ إلی البصرة ?ان معه طفلٌ صغيرٌ له اسمه بُرد، ولمّا يبلغ بردٌ مَبلَغَ الرجال زوّجته مولاته خيرةُ فتاةً من بني عُقيل، فوُلِدَ له بَشارٌ سَنَةَ 91ق (710م) في الأغلب.
هو من حيث النسب ينتمي إلی ملو? الفرس، ويخترعون له نسباً م?وّناً من أ?ثر من عشرين جدّاً تنتهِي سلسلتهم إلی الأ?اسرة. هو من مخضرمي شعراء الدولتين وأدر? بني أمية وبني العباس.
?ان فات?اً علی أعراض الناس جسوراً علی القول الجارح البذئ الخادش للحياء. هذا المثل العربي الذي يجري علی ألسنة الناس: «خالِف تُعرف»، فقد اقتفی بشارُ أثر ذل? المثل، وخالفَ الشعراء، فاشتهر بين العامة.
أما من أهم موضوعات شعر بشار يم?ن الإشارة إلی ثلاث: المديح والغزل والهجاء، زد علی الأغراض الأخری ?الوصف، والح?مة، والفخر؛ الأغراض التي تحتلّ في مدائحه. والآن نقتصر بحثنا إلی الهجو عنده، ونتحدث عنه بالقليل. لعلّ من المقدور أن نجعل هجويات بشار في عداد أجمل وأحسن أغراض الشعرية التي تسترعی الإنتباه في ديوانه. تقدّم في سوء المعاملة إلی درجةٍ ما، حتّی ما استطاع أحدٌ الصيانة عن شرِّ لسانه.
حدّدت آفةُ بشار (العمی) حياتَه منذ نعومة أظفاره، و?ان لذل? يحسُّ بغير قليل من المرارة، فأقبل علی الهجاء منذ صباه البا?ر ويهجو الناس. لقد بلغ غرامُ بشار بالهجاء حدّاً جعله عبداً لهذا الضرب، تتناول هجوياته الأعراض في أبشع صور ويرمي المحصنات من الأمّهات والبنات وينال من رجولة الرجال، فلعلّ بشار في الهجو يبلغ مبلغاً لم يصل إليه شاعر قبله.
تحمّل الضغوط الواردة علی بشار قد أثّر فی نفسه، فاختطّ لنفسه خطة التهجم علی الأعراض توسلاً إرضاء ضميره، ولإثبات وجوده. بالتالى تظهر عليه ملامح المعاناة النفسية والسلوكية، ولقد استغلت هذه الضغوط أسوأ استغلال، ولقی من جرائها صنوف العذاب النفسي، والتى نؤكّد على أنّها نتيجةٌ طبيعية للواقع الضاغط على بشار، وظهور تلك المعاناة على هيئة أعراض سلوكية وانفعالية ما هى إلّا منه للتنفيس عن مشاعره المضغوطة، وإذ لم ي?ن من سبيلٍ أمامه للخلاص من تل? الضغوط، إلّا الشعر، وهو ?ان طريقه إلی الخلاص ممّا يعاني من الناس، فيلجأ الى طرق غير طبيعية؛ لذل? أختار من بين أنواع الشعر «الهجاء»، إذ أنّ الهجاء برأيه هو الطريق الأوّل لإزالة الضغوط الموجودة لديه، وهو يحقّق آماله؛ الهجاء الذي ?ان غايةً ووسيلة للتنفيس عمّا في صدره من نقمة علی ?لّ شيء.
فضلاً علی ذل? يم?ننا إحصاء العوامل الأخری التي جعلت بشاراً ي?ثر من هجائه، من ذل? أنّه أراد أن ي?ون مشتهراً مثل ما اشتهر به جرير والفرزدق، «في البصرة تعرّض لجرير بن عَطيّة بالهجاء ول?ن جريراً استصغرَهُ فأعرض عنه» [3]. سنتحدث -في موضعه الخاص- عن أسبابٍ أخری جرّت بشار إلی الهجاء.
الميل إلی الهجاء أحياناً لا ي?ون مجرد عارض طرأ علی الإنسان ?ما يخيّل إليه أو إلی البعض، بل ي?ون نتيجة حتمية لصراعات داخلية عنيفة ولجروح نفسية تر?ت أثرها في الإنسان وحملته علی الهجاء، لذل? يجب الاستعانة بالتحليل النفسي لدراسته وا?تشاف أسبابه وتوضيح حقيقة نتائجه، وهو ما يجهد هذه المقالة للقيام به.
ما هي عقدة النقص؟
إحدی الاستخدامات العامّة ل?لمة عقدة هو «عقدة النقص». ويُفهم عامة بذل? عقدة الخجل من الذات، أي أنّ الفرد يعي بنوع من العجز (الصحي، أو الذهني أو الاجتماعي) أو شعوره المزعج بعدم ال?فاءة أو بتأ?يده بأنّه ليس علی المستوی اللازم وأنّه معرَّض للفشل [4].
هي شعور الفرد بوجود عيبٍ فيه يُشعره بالضيق والتوتر ونقص في شخصيته مقارنةً بالآخرين، ويدفعه بالتعويض لهذا النقص بشتى طرق. عقدة النقص هي اصطلاح شهير لعلم النفس الفرديّ التي استعملها لأوّل مرّة ألفرد أدلر، وإن استعملها قبله علماء ?ـ استاندهال، جانيه، و[فرويد]، ل?نّ طوّرها "أدلر" ووسّعها [5].
إذن عقدة النقص بحسب التعريف العلمي لها: «مجموعة عن الصفات، السلو? أو الأفعال التي هدفُها الإزالة عن الشعور بالدونية» [6]. أي شخصٍ يم?نه أن يصيب بالشعور بالدونية بالشدة أو بالقلّة. إنّ المصابين بهذه الحالة النفسية، والذين يشعرون بنوع من الحقارة والضعة في أنفسهم قلقون ومضطربون دائماً، وتلاقي ضمائرهم الأمرين من العذاب والتأنيب الداخلي.
يری "أدلر" أنّ في ?لّ انسان الشعور بالدونية؛ إنّ ?لّ شخص أيام طفولته ?ائن ضعيف جدّاً، ويتّ?ئُ طوال تل? الأيام إلی مساعدة الآخرين، وتشدّد العواملُ الجسمية والاجتماعية هذا الشعور [7]. ويعرّفها أدلر أنّها شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأنّ الناس جميعاً أفضل منه في شيء أو آخر.
العقد النفسية استعدادات م?بوتة (لاشعورية) لا يفطن الفرد لوجودها، ولا يعرف أصلها ومنشأها.
الفروقات الفردية بين الناس قائمة علی درس العوامل الوراثية والبيئية معاً، حقّ لنا القولُ بأنّ الاختلافات القائمة بين الأفراد، تدرس العلاقات الوراثية والبيئية والعائلية التي تؤثّر فيه.
يم?ننا تقسيم العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص عند بشار إلی عدّة فروعٍ:
1) البيئي، 2) العائلي، و 3) العوامل الوراثية.
يجب الناقد أن يسمع آخر ال?لام عن نفس الشعر؛ عن شعرٍ لن ي?ذب إلی الناقد [8]، و?لّ الأثر الأدبي صورةٌ عن أحوال الشاعر وال?اتبِ الذي ي?ون مبدعاً له [9]، لذل? يم?ننا بوضوح تحليلُ لمحةٍ عن شخصية بشار النفسية بعد قراءة ديوانه إن شاء الله.
إذن هدفنا الآن ذ?رُ أسبابٍ مؤثرة في خلق عقدة النقص عند بشاربن برد مع دراسة أشعاره، و نتّبعه -فيما بعد- بذ?ر المظاهر التي تر?ت في نفس بشار من الآثار مزوّداً تل? الموارد بالشواهد الشعرية من ديوانه.
ما هي العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص في بشاربن برد؟
هنا? في تقديرنا أحداث وظروفٌ هامة في حياة بشار قد أثّرن علی مسل?ه الخاص في حياته. لا يم?ن تجريد السلو? في مراحل الحياة ?افة عن تأثيرات الخبرات في مرحلة الطفولة، وتبرز نواتج هذه الخبرات في إبداعات الفنانين والأدباء، وي?ون ا?تشاف صور هذه الخبرات التي تظهر رموزها في العمل الإبداعي واسطة التحليل العمل وفهمه.
ول?ن سنری أنّ الضغوط والمضايقات من العاهة والخلقة، و.. مسّت شخصية بشار، حتّی ازدادت سخطَه بحيث جعله «من أشدّ الناس تبرّماً بالناس» [10].
لحصر ما هو أساسي، ت?فينا معرفة العوامل المؤثرة في ت?وين عقدة النقص في بشاربن برد التي تلعب دوراً هاماً مباشراً :
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
رد: دراسة تأثير عقدة النقص فی هجو بشار بن برد نشأة وتجلّيات
1) العوامل البيئية، والاجتماعية:
«ل?ي نعرف القطيمة الواقعية لأيّ شعرٍ؛ من الواجب أن نعرف ذل? المجتمع الذي نُظِم فيه الشعر، ومسألة علم النفس والمطالعة في أحوال شاعر النفسية ومخاطبيه» [11].
«يعتقد بعض الأفراد أنّ ت?وين السلو? السيئ بين الأطفال والمراهقين يرتبط بالعوامل الأسرية، تلعب الأسرة دوراً هاماً في إنشاء التعادل الفردي، وهذا التعادل ناتجٌ عن أيّام الطفولة والمراهقة» [12].
ممّا لا جدال فيه أنّ الأدب تعبير عن المجتمع، والمجتمع هو الذي يش?ل العمل الفنّي ويحدّد قيمته. «ليس من ش?ّ في أنّ المجتمع الذي يعيشه الشاعر يم?ن أن ي?ون بالقياس إليه مصدر إلهام ووحي لاينضبان، وليس من ش?ّ ?ذل? في أنّ للمجتمع ب?لّ ما يخوضه من معار? ومن نضال و?لّ ما يتعلّق به من قضايا سياسية أو اقتصادية تأثيره في ال?تاب والشعراء» [13].
لو نمعن النظر في الآثار الشعرية، لرأينا أنّ الشاعر يستفيد من واقع بيئته: إذ لم ت?ن حياة الجاهلي خالياً عن الناقة، والمفارات الموحشة، والحرب، والريح، وما إلی ذل? ممّا يحيط به؛ فقاموا بتوصيفٍ ما في أشعارهم.
?ما نشهد هذا التأثير في العصر الأموي مع الالتفات ببيئتهم؛ تأثّر بواقع الصراع السياسي وإنتاج الشعر السياسي. أما قد أسرف الشعراء في العصر العباسي بوصف القصور ومجالس اللهو والغناء، و..، تأثّراً بالحضارة الجديدة التي أقبلت إليهم.
البيئة هي جميع العوامل الخارجية التي تؤثّر تأثيراً مباشراً، أو غير مباشر علی الفرد، وتشمل العوامل المادية، والاجتماعية، والثقافية، والحضارية، حيث تسهم في تشكيل شخصيته، وفي تعيين أنماط سلوكه وأساليبه في مجابهة مواقف الحياة، وإن تتغير نسبةُ تأثير تل? العوامل في الأحيان المختلفة: فترجع إلی نسبة القوة والضعف، وشخصية الفرد.
في القرنين الماضيين ظهرت محاولات عديدة تربط بين الأدب والحياة أو البيئة أو الظروف الاجتماعية، علی ما في هذه العبارات من تباين. لعلّ أهمّ تل? المحاولات هي المحاولة التي قام بها هيبوليت تين في مقدمة ?تابه «تأريخ الأدب الإنجليزي» الذي نشر عام 1868م. يری "تين" أنّ هنا? ثلاثة عوامل تؤثر في الأدب: 1. الجنس أو العرق، أو النوع. 2. البيئة. 3. الزمن، أو اللحظة التاريخية [14]. ثمّ جاء سانت بيف ?ما يقول: «فلم ي?تف بالبحث عمّا في تضاعيف السطور من الألفاظ، وعمّا وراء ذل? من المعاني، بل قد بحث عن الإنسان نفسه –أي ال?اتب- وعن سرّ أخلاقه، بل عن م?وّنات أف?اره، وعندئذٍ تحول فنّ النقد من فنّ مساعد للتاريخ إلی آلة حقيقية للتحليل والتفتيش وا?تشاف أسرار النفوس» [15].
إنّ حياة بشار تدلنا علی أنّ أهل عصره لم ي?ونوا علی حسن الأدب، وإنّما ?انوا يسخرون منه ويسرفون في ذل?، فعلی سبيل المثال يته?ّم عليه أعداؤه ويزدرونه بسبب نقصه العضوي، و?ونه مولیً، وظروفه السيئة في ذل? المجتمع، ونری أنّ بشار نفسَه يشير إلی تل? الظروف:
يُزري علينا رِجالٌ لا نِصابَ لَهُم
?َانُوا عِباداً و?نَّا غَيرَ عُبَّادِ
[16]
الأمر الذي لاش?ّ فيه، أنّ العديد من المؤدين ?انت طفولتهم وبيئتُها مليئة بالمش?لات، ويجب أن نشير إلی أنّ كلّ الطبقات في الأعوام المختلفة من حياتهم بصورةٍ موجزة قد يصابون بعقدة الحقارة من جهة أو عدة جهات.
٢-العائلي
الأسرة (أو العائلة) هي النواةُ الأولى للمجتمع، وتمثّل الأساس الاجتماعي في بناء شخصيات أفراد المجتمع.
إنّ الأسرة خاضعة لمؤثرات ?ثيرة تحدّد مستواها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، يضاف إلی ذل? ما آل إلی أفرادها من مورّثات بيولوجية أو ظروف لها تأثيرات نفسية، ومن تل? الظروف ذات التأثير في النفس: الفقر.
2- 1. الفقر
«إنّ أغلبية الأسر التي يُعرَف أبناؤهم بالمضطرب؛ هم الأسر التي يح?م عليها الفقر المادّي، و..، الولد يشعر بالدونية في ذل? الجوّ الوخيم لسبب عدم تواجد الظروف الصالحة لإقتصادها، وذل? سينتهي إلی الشعور بالدونية بين أفراد المجتمع» [17]. «هذه الأطفال يتحمّلون ضغوط الحياة، وعليهم أن يعملوا فوق مقدرتهم؛ فمن الواضح أنّهم لا ي?سبون موافقة أسرتهم وحتی أقربائهم» [18].
الفقر والحرمان من الأسباب المؤدية إلى إحساس الطفل بالنقص، حيث ينظر إلى الحياة بتشاؤمٍ مبالغ فيه وكراهية. أيضاً «الأطفال الذين يتعرضون تحت الظروف الصعبة لمواقف ضاغطة، فيشعرون بشئٍ من التخلّف والضعف، فسيبقی ذل? الشعور في ذا?رتهم» [19]. وما أحسن قول الإمام علي (ع): «الفقر الموتُ الأ?بر» [20].
?ما نعرف عن حياة بشار، إنّه ما ?ان في سلوة من العيش، و«?ان فقيراً ومس?يناً» [21]، ونظراً لروايات التاريخية ال?ثيرة: «ولِدَ بشّارٌ أ?مَهَ (لا يُبصِرُ) ونشأ علی الفقر» [22]، و?ان منعزلاً إلی أن توفِّي، و«يَتَمَ بشّارٌ من أبيه وهو بعدُ صغيرٌ» [23]. الظروف القاسية -فقره، و?ونه يتيماً ?لّه- جرّت بشار إلی قول الهجاء. أوضح ذل? بشارُ نفسه: «حين سئل عن سبب اختياره الهجو دون المدح؟ أجاب: «إنّي وجدتُ الهجاء المؤلم آخذ بضَبع الشاعر من المديح الرائع ومن أراد من الشعراء أن يُ?رمَ في دهر اللئام علی المديح فليستعدَّ للفقر وإلّا فليبالغ في الهجاء ليُخاف فَيعطی» [24].
2- 2. اللئامة والدنائة العائلية
«لا يؤثّر نقص بشار بن برد -عماه، وجهه المجدَّر، دميم الخلقة، نزر القامة، وضخم الجسم- علی شخصية بشار فحسبُ، بل ساعده في ذل? مولاه وأصلُه الوضيع -ولادته علی الرقّ من أصل غير عربي- » [25]، ولم ت?ن أسرته من الأسر العريقة ذات الحسب والنسب.
تؤذي نفسَ بشار التنشئةُ الأسرية وذلتها: اللئامة العائلية، وفقدان عائلةٍ عريقة له في ذل? المجتمع الذي تهمُّهم عراقةُ النسب، وإذ أنّه مولیً ولم ي?ن عربياً، ولم ي?ن ذا أصلٍ عريق؛ فواجه الته?ّم والسخرية من قبل الآخرين:
سَطَوا عَلَينَا ?نَّا مَوَالي?ُم
وَعَيّرُونَا بآباءٍ وأجدَادِ
[26]
والنموذج الآخر:
يُزري علينا رِجالٌ لا نِصابَ لَهُم
?انُوا عِباداً و?نَّا غَيرَ عُبَّادِ
[27]
طِبقاً لِما ذ?ره الأغاني: إذ سمع بشارٌ حديث ذل? أعرابي قال: مَن الرجل؟ فقالوا: شاعر، فقال: أعرابي هو أم مولی؟ قالوا: بل مولی، فقال ما للمولی وللشعر؟ فغضب بشار وس?ت هُنَيهةً ثم قال: أتأذن لي يا "أباثور" ؟ قال: فقل ما شئت يا "أبا معاذ" فقال [28]:
أعاذل لا أنام علی اقتسار
ولا ألقي علی مولی ولا جار
[29]
سأخبّر فاخر الأعراب عنّي وعنه حين بارز للفخار
أنا ابن الأ?رمين أبّاً وأمّاً " تتنازعني المَرازب من طُخار
[30]
?ما نعرف أنّ الدور الذي تقدّمه الأسرة لا ينحصر في توفير الاحتياجات التعليمية والصحية والنفسية فقط، بل «لها دورٌ أساسي ومؤثّر في إيجاد التعادل الفرديّ، وهذا التعادل هو ما ي?تسبه الإنسان أيّام طفولته في الأسرة» [31]. ?ما مرّ القول: ?ان بردُ والد بشار طيّاناً حاذقاً بالتطيين.
إذ ?ان حمادُ عجرد من المتوقَّع لتشويه سمعة بشار، فاغتنم الفرصة وهجاه ه?ذا:
"يا بنَ بردٍ إخسَأ إلي? فمثلُ الـ ـ?لب في الناس أنت لا الإنسان
[32]
تر?ت هذه الأسبابُ ?لُّها تأثيراً سلبياً علی حياة بشار وشخصيته؛ بحيث ستبقی عقباته وتبعاته الخطيرة. يشير إسبينوزا في هذا الصدد: «ال?ثير من الناس يصيبون إلی النقص والضعف الذي سيظلّ أثرُه علی الدوّام» [33].
زِد علی تل? النماذج السابقة، يم?ننا زيادة العامل الآخر وهو ?ونه يتيماً، العامل الذي ليس من المقدور تغافل عن دوره الحاسم. «اليَتَم هو واحد من العوامل المؤثرة في ت?وين الشعور بالدونية، سيجلّي نفسَه في المستقبل بصورة عقدة النقص، وإذ يری الأبناء اليتيمة أنفسهم دون مدافعٍ يأخذ بأيديهم، فيشعرون بالحقارة والنقض» [34].
إذن «للبيئة والعائلة دورٌ هام في إزدهار النبوغ والذ?اء» [35]. وحين نتتبع الأسرة بوصفها أهمّ العوامل المؤثرة في ت?وين شخصية يحسن بنا ألّا نهمل المؤثرات الأخری التي تشار? في نفسية الشخص. والنموذج الآخر الذي نستطيع الاستناد إليه هو إزدارءه من جانب الآخرين. جلّی أعداؤه ومنافسونه نقاط ضعفه بحيث أدّت إلی الضغوط النفسية عنده.
٣- الموروثية
تحتوي العوامل الوراثية علی ميزات جسمانية، وتل? الخصائص التي أورثه الإنسانُ عن طريق الوراثة من نسلٍ إلی آخر.
?لّ فرد لديه بعض نقاط الضعف أو الدونية بدنياً أو عقلياً. يُعاني بعضُ الأطفال من المعوّقات الجسميّة، وتؤدي بهم تل? إلی الإحساس بالحقارة عندهم. الإعاقة الجسدية وما تولده -في الغالب- من إحساس بالنقص، كإصابة الطفل بالصمم أو عدم القدرة على النطق وغيرها من العاهات التي تدفع بالصغير إلى النظرة السوداوية للحياة.
«يری أدلر أنّ الأشخاص ذات العاهات المزمنة التي لازمتهم منذ طفولتهم؛ هم علی وش? الإصابة بعقدة النقص» (منقول عن: طاهری، 1385ش، ص9]]. «يعتقد الآخرون مثل: آيزن? ربر، والحنفي أنّ الإحساس بالحقارة هو الشعور بالضعف وبالعجز الذي يلازمه منذ طفولته، وتشدّده العاهة العضوية أو النفسية، ويسقط في اليأس والخيبة» [36].
تقول ماري «إن ?ان شديداً أثرُ التجارب الطفولية؛ ستؤدي إلی عقدة النقص في المستقبل» [37].
قد جاء في الأغاني: «?ان بشار وُلِد م?فوفاً» [38]، و«ولد بشار أعمی وهو أ?مه» [39]، «ولد بشار جاحظ الحدقتين يغشاهما لحم أحمر، و?ان ضخماً طويلاً، عظيم الخلق والوجه مجدرا» [40]، حتّی ضرب المثل بقباحة عينه فقالوا: (?عين بشار بن برد]] [41]
فالمتأمّل في شخصية بشار يجد أنّ حماد عجرد قد ته?ّم عليه تل? الهيئةَ ال?ريهة وعاهته الجسمية، ومنظره عدّة مرّات، حتّی«سمّاه بـ "القرد الأعمی" » [42]، وهذا النوع من المعاملة تؤذي نفس بشار.
ول?نّه لا يعتقد إلی أي قبحٍ بسبب عماه، بل يسند القبح وال?راهة إلی أعدائهم:
لوعيّرني الأعدَاءُ والعيب فيهمُ
وليس بعارٍ أن يُقال ضَريرُ
[43]
وبعد أنّ حمّاد ازدراه، نری في م?انٍ آخر أنّ بشار يحسبَ عماه خيراً ونجاحاً:
رأيتُ العمَی أجراً وذخراً وعِصمة
وإنّي إلی تل? الثلاث فقير
[44]
للعمی ووجهه المجدور، وخلقته أثرٌ هام في حياته من حيث العلاقة بمجتمعه ومن حيث سلو?ه في الحياة وتف?يره وأسلوب فنّه. وهذا الشعور بالإحباط الذي وصل إليه نتيجةً لنقصه الجسمي والإجتماعي، جعله نحو الإستخدام من سلاحه وحده: الهجاء.
حدّد العمی حياةَ بشار أيضاً منذ نعومة أظفاره، و?ان لذل? يحسُّ بغير قليل من المرارة، فأورثه تبرُّماً بالناس ونِقمة عليهم، فمال إلی الهجاء نفسه الم?بوت: فإذا هجا قوماً جاؤوا إلی أبيه فش?وه فيضربه ضرباً شديداً ف?انت أمّه تقول: ?م تضرب هذا الصبي الضرير، أما ترحمه؟ فيقول: بلی والله إنّي لأرحمه، ول?نّه يتعرّض للناس فيش?ونه إليّ، فسمعه بشار فطمع فيه فقال: يا أبتِ إنّ هذا الذي يش?ونه منّي إلي? هو قول الشعر، وإنّي إن ألممتُ عليه أغنيت? وسائر أهلي، فلما أعادوا ش?واه قال: ليس علی الأعمی حَرَجٌ.
المظاهر الناتجة عن ظاهرة عقدة النقص في بشاربن برد
قد أرجع العلماء أسبابَ هذه الظاهرة (عقدة النقص) بصورةٍ عامة إلى مؤثرات مرضية وخلقية بالإضافة إلى عوامل تربوية واجتماعية، ومن شأنها أن تؤدي إلى الانحرافات الخلقية والاضطرابات النفسية التي غالباً ما ينشأ عنها اعوجاج نفسي لدى المصاب في كيفية التعامل مع أفراد المجتمع ومؤسساته.
وإذا ?نا قد تعرضنا فيما سبق إلی أهمية الأسرة بالنسبة للطفل، ومررنا علی العوامل المؤثرة في التنشئة الأسرية، والبيئية، والعوامل الموروثية؛ بقی أن نتعرف تل? الحالات الناتجة عن عقدة النقص في بشار. فلنضع يدنا الآن علی الحالات الناتجة عن عقدة النقص في بشار للتوصل إلی إثباتها في نفسه، والمظاهر هي: الغرور والأنانية، الحسادة، النقمة، التناقض في العمل، الرغبة في الملذات والهوی، الإستفادة عن الدين لصالحه.
1- الغرور والأنانية
الغرور أو الت?بّر هو واحد من الرذائل الأخلاقية. إنّ شعور الإنسان بالحقارة يجرّه إلى الحقد على الآخرين وتوجيه النقد لهم وتحطيم شخصياتهم، والمتكبّر يظنّ أنّه بممارسة هذا السلوك يكون قد أخفى حقيقة ضعفه عن أعين الناس.
نُقِل عن الإمام صادق (ع) أنّ الرذائل الأخلاقية ناتجةٌ عن الشعور بالدونية في الشخص: «ما من رجلٍ ت?بّر أو تجبّر إلّا لذلّة وجدها في نفسه» [45]، فلاي?ون أحدٌ المعجبَ بالنفس والمتجاوز إلّا في ذاته شيءٌ من الذلة والحقارة. قد أشار ال?ثير من الشعراء إلی تأنيب وتقبيح هذه الرذالة، وحذّروا منها، يم?ننا الإشارة إلی ما أنشده سعدي الشيرازي:
مرا شيخ دانای مرشد شهاب دو اندرز فرمود بر روی آب
"
ي?ی آن?ه در نفس خودبين مباش " دگر آن?ه در خلق بدبين مباش
[46]
«أوّل مش?ل مرتبط بالت?بّر، هو أنّ المعجبين بالنفس يعدوّن أنفسهم من النبلاء والفضلاء» [47]. أرجع لاروشفو?و الاستش?ال والعرقلة إلی الت?بّر والغرور» [48].
?ان بشار مت?بّراً، ?ثير الاعتداد بنفسه، «لا يری فوقه شاعراً ولا عالماً، وت?بّره جعله شديد الافتخار بنسبه حتّی لا يجد له معادلاً غير قريش و?سری، وجعله يشبّب بجمال صورته علی ما فيها من دمامة وقبح، وليس له مثيلاً برأيه» [49]. و?ان بعد هذه الح?اية أن أنشد شعره هذا:
ألا أيّها السائلي جاهداً ليَعرِفني، أنا أنف ال?رم
نَمَت في ال?ِرامِ بني عامرٍ فروعي، وأصلي قريشُ العَجَم
[50]
ويفتخر بولائه إلی بني عقيل:
إنّني من بني عُقَيل بنِ ?عب " مَوضعَ السَّيفِ من طُلی الأعناق
[51]
إذ تعصّب والي العراق يزيد بن هبيرة الفزاري لأصوله من قيس، وعاش بشار في ?نفه، فآنذا? افتخر بشار بعشيرته من قيس ومضر أيضاً:
و إذا ما غَضِبنا غضبة مُضَرِيّة هت?نا حجاب الشمس أو تمطِرَ الدماءَ
إذا ما أعرنا سيّداً من قبيلةٍ ذُرَی مِنبرٍ صلّی علينا وسلّما
[52]
ويفتخر بولائه إلی بني عقيل:
إنّني من بني عُقَيل بنِ ?عب
مَوضعَ السَّيفِ من طُلی الأعناق
[53]
?ان يقصد بشار من جعل نفسه منتسبةً إلی القبائل المذ?ورة التعويض عن عاهاته وخفض حالاته الانفعالية السلبيه.
لقد حمله الغرور أن يجعل شعره ??لام الله، بل أحسن منه، ولم يختر من ?لام الله إلّا سورة الحشر [54].
2- النقمة
الانتقام هو من الصفات البشرية، وينتج ذل? عن حقدٍ بعيد. الحقود ?برا?ين يثور ويخرج يوماً ما إلی الخارج. في بعض الأحيان يؤدي هذا ردّ الفعل إلی الطغيان والعَنود ويسبّب إلی المخاطرات التي لاتتدار?. في الواقع «الإنتقام نفسه من تعويضات الشعور بالدونية التي تجرّ الفرد إلی أن ينتقم عن الآخرين» [55].
الرغبة في الإنتقام من أهمّ ردود الفعل لعقدة الحقارة وأخطرها على الإطلاق، وتوجيه النقمة اللاذعة إلى الآخرين وسيلةٌ اخرى من الوسائل التي يستخدمها المصابون بعقدة الحقارة لتدارك الحقارة.
هجا بشارُ يعقوبَ بن داود (وزير المهدي)، بعد أنّه لم يلتفت إليه ولم يجزل له العطاء، وهو (بشار) قد مدَحَه منذ زمنٍ بعيد:
يأيّها النّاس قد ضَاعت خلافتُ?ُم
إنّ الخليفةَ يعقوبُ بنُ داوودِ
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
خليفة الله بين الزقِّ والعودِ
[56]
3- الحسادة
يم?ن للحسادة ?سائر الحالات العاطفية خلفيةٌ وراثية أو بيئية. وهو نتيجة من نتائج الحقد، وثمرة من ثمراته المترتبة عليه، ومن الذنوب المهلكات.
من تل? المؤشرات المؤثرة في ت?وین الحسادة في شخصية بشار، هي عماه ورذالة أسرته اللذان تُعتبَرا من خلفيات بيئية ووراثية. «م?ان آخر لإيجاد الحسادة هو احساس الأبناء بفقرهم» [57]. ?مّا مرّت الإشارة إليه، ما ?ان بشار في سلوة من العيش، ولذل? سار ميله نحو الهجاء و?سب المال. الحسادة ردُّ فعلٍ انفعالي ويُعتبَر فرعاً من فروع الغضب الذي ينتهي إلی الاستن?ار. تر?ت الخصائصُ المذ?ورة للحسادة أثرها في نفس بشار، وقد صارت صفةً بارزة فيه:
حَسدتُ علَيها ?لَّ شیءٍ يمَسُّها
وما ?نتُ لولا حبُّها بِحَسُودِ
[58]
إني لأحسد مولوداً مشى قدماً
وبيمن الداء ما لم يلق مولودُ
[59]
وهو لاتغضبه حسادةُ جماعة عصره، بل يجعله فرحاناً، حتّی «زعم أن ذ?اءه النادر ونبوغه الفذّ، إنّما هما أثر من آثار هذه المحنة» [60]، واعتبر ذل? فخراً، وموضعَ الخير والبر?ة:
لإن يَحسُدُونِي فإنّي غيرُ لائِمِهِم
قَبلِي مِنَ النّاسِ أهل الفَضلِ قَد حُسِدوا
فَدامَ لِي ولهُم مَا بِي وَمَا بهمُ
وماتَ أ?ثَرُنا غَيظاً بما يَجِدُ
[61]
ذ?ر النموذج الآخر من استنباطه الحسادة خيراً:
يَحُسُدنَ فضلَ جَمَالِها
لا تَعدَمِي حَسَدَ الحَواسِدِ
[62]
يؤيّد ذا? البيت هذا المثل: «لا عاش مَن عاش يوماً غير محسودٍ».
4- التناقض في العمل
التناقض هو أن يقوم الشخص بعملٍ مخالف مع عمله السابق، ويعمل ردّ فعله بصورةٍ ع?سيّ. «أينما تهيّأ للمستبد [ذوعقدة النقص]؛ يصير جبّاراً، إن ?ان خاشعاً ومتواضعاً؛ فهو ليتبوّأ العرش، وإن يری هنا? ما يدعو إلی الضرورة؛ يجثم علی رُ?بته (ير?ع) ويقبّل الأرض، يقوم بهذا حتّی يواجه مع جثوم (ر?وع) الآخرين وفشلهم، ?لّ هذا الأعمال ?العناصر التي تصنع ش?لاً واحداً (جسماً واحداً) ويؤثّر في ?يفية سلو?ه» [63].
التناقض في السلو? من الصفات التي لها جذورٌ: تارةً يمدح بشار ممدوحاً، وأخری لم يلبث أن يقوم بعمل ع?سيّ ويهجو ذل? الممدوح، حين لم يلتفت إليه من إعطاء المال. و?ان كثير التلوّن في ولائه للعرب مرةً وللعجم أخرى، ما من أحدٍ ين?ر عصبيةَ بشار لأصوله الفارسية، ومبالغته في الإشادة بنسبته، واعتزازه الشديد بقومه، نعني أنّه ?ان متلوّناً بتلوّن المواقف التي عاشها. «هو تارةً عربي أ?ثر من العرب يقدم ألواناً من الفخر بهم – ونعني بني عقيل بالذات- لا يستطيع المرءُ أن يخفي إعجابه برونقها وقوتها وجمالها، وهو حيناً آخر يفخر بأعجميته، وهي ليست أعجمية سوادية، ول?نّها أعجمية أرستقراطية، أنّه يقول ب?لّ عزة أمام مل? بني العباس أنّه من قريش العجم أي أنّه من أشرف قبائل العجم وأرقاها منزلةً وأرفعها شأناً، مع أنّ الثابت من نسَبه أنّه ابن رقيق ?ان يضرب الطوب» [64].
بشار يمدح المهدي وينادمه ويجلسه مع جواريه ويقربه إليه، ثمّ يهجوه هجاء مرَّاً يدفع به إلی التهل?ة ه?ذا:
خليفةً يزني بعمّاته
يلعبُ بالدبوق والصولجان
أبدلنا الله به غيرَه ودسَّ
موسی في حِرِ الخيزُران
[65]
وهو في حين قد أ?ثر بشارُ من مدح المهدي مرّةً بعد مرّة مثلما يأتي في الذيل:
ونازَعَني شوقي إلی مَلِ?ِ قدَی وداع إلی «المهدِيِّ» لا يَتَلَجلَجُ
ولابدَّ سرّني فأل جری من موَفّقٍ فقد بُشّرَت بالنُّجحِ عينٌ تخلَّجُ
[66]
وممّا يؤخِذ بشارُ علی حمّاد ويهجوه بسببه هو إلحاده و?ونه زنديقاً:
أما يَنهَا?َ يَا حمّا دُ ذِ?رُ المَوتِ والقَبرُ
[67]
بينما الإلحاد والزندقة في قلب بشار، و?ان لامبالاةً بالدّين ويته?ّم علی قيام بالصّلاة مثل هذه الأبيات:
إنّني في الصّلاة أحضُؤُهَا ضُح?َة أهل الصّلاة إن شَهدوا
أقعُدُ في سجدة إذا ر?عوا وأرفعُ الرأسَ هُمُ سجدوا
أسجُدُ والقومُ را?عون معاً وأسرِعُ الوثبَ إن هُمُ قَعَدوا
ولستُ أدري إذا إمَامُهُمُ سلَّمَ ?م ?ان ذل? العَدَدُ
[68]
«ل?ي نعرف القطيمة الواقعية لأيّ شعرٍ؛ من الواجب أن نعرف ذل? المجتمع الذي نُظِم فيه الشعر، ومسألة علم النفس والمطالعة في أحوال شاعر النفسية ومخاطبيه» [11].
«يعتقد بعض الأفراد أنّ ت?وين السلو? السيئ بين الأطفال والمراهقين يرتبط بالعوامل الأسرية، تلعب الأسرة دوراً هاماً في إنشاء التعادل الفردي، وهذا التعادل ناتجٌ عن أيّام الطفولة والمراهقة» [12].
ممّا لا جدال فيه أنّ الأدب تعبير عن المجتمع، والمجتمع هو الذي يش?ل العمل الفنّي ويحدّد قيمته. «ليس من ش?ّ في أنّ المجتمع الذي يعيشه الشاعر يم?ن أن ي?ون بالقياس إليه مصدر إلهام ووحي لاينضبان، وليس من ش?ّ ?ذل? في أنّ للمجتمع ب?لّ ما يخوضه من معار? ومن نضال و?لّ ما يتعلّق به من قضايا سياسية أو اقتصادية تأثيره في ال?تاب والشعراء» [13].
لو نمعن النظر في الآثار الشعرية، لرأينا أنّ الشاعر يستفيد من واقع بيئته: إذ لم ت?ن حياة الجاهلي خالياً عن الناقة، والمفارات الموحشة، والحرب، والريح، وما إلی ذل? ممّا يحيط به؛ فقاموا بتوصيفٍ ما في أشعارهم.
?ما نشهد هذا التأثير في العصر الأموي مع الالتفات ببيئتهم؛ تأثّر بواقع الصراع السياسي وإنتاج الشعر السياسي. أما قد أسرف الشعراء في العصر العباسي بوصف القصور ومجالس اللهو والغناء، و..، تأثّراً بالحضارة الجديدة التي أقبلت إليهم.
البيئة هي جميع العوامل الخارجية التي تؤثّر تأثيراً مباشراً، أو غير مباشر علی الفرد، وتشمل العوامل المادية، والاجتماعية، والثقافية، والحضارية، حيث تسهم في تشكيل شخصيته، وفي تعيين أنماط سلوكه وأساليبه في مجابهة مواقف الحياة، وإن تتغير نسبةُ تأثير تل? العوامل في الأحيان المختلفة: فترجع إلی نسبة القوة والضعف، وشخصية الفرد.
في القرنين الماضيين ظهرت محاولات عديدة تربط بين الأدب والحياة أو البيئة أو الظروف الاجتماعية، علی ما في هذه العبارات من تباين. لعلّ أهمّ تل? المحاولات هي المحاولة التي قام بها هيبوليت تين في مقدمة ?تابه «تأريخ الأدب الإنجليزي» الذي نشر عام 1868م. يری "تين" أنّ هنا? ثلاثة عوامل تؤثر في الأدب: 1. الجنس أو العرق، أو النوع. 2. البيئة. 3. الزمن، أو اللحظة التاريخية [14]. ثمّ جاء سانت بيف ?ما يقول: «فلم ي?تف بالبحث عمّا في تضاعيف السطور من الألفاظ، وعمّا وراء ذل? من المعاني، بل قد بحث عن الإنسان نفسه –أي ال?اتب- وعن سرّ أخلاقه، بل عن م?وّنات أف?اره، وعندئذٍ تحول فنّ النقد من فنّ مساعد للتاريخ إلی آلة حقيقية للتحليل والتفتيش وا?تشاف أسرار النفوس» [15].
إنّ حياة بشار تدلنا علی أنّ أهل عصره لم ي?ونوا علی حسن الأدب، وإنّما ?انوا يسخرون منه ويسرفون في ذل?، فعلی سبيل المثال يته?ّم عليه أعداؤه ويزدرونه بسبب نقصه العضوي، و?ونه مولیً، وظروفه السيئة في ذل? المجتمع، ونری أنّ بشار نفسَه يشير إلی تل? الظروف:
يُزري علينا رِجالٌ لا نِصابَ لَهُم
?َانُوا عِباداً و?نَّا غَيرَ عُبَّادِ
[16]
الأمر الذي لاش?ّ فيه، أنّ العديد من المؤدين ?انت طفولتهم وبيئتُها مليئة بالمش?لات، ويجب أن نشير إلی أنّ كلّ الطبقات في الأعوام المختلفة من حياتهم بصورةٍ موجزة قد يصابون بعقدة الحقارة من جهة أو عدة جهات.
٢-العائلي
الأسرة (أو العائلة) هي النواةُ الأولى للمجتمع، وتمثّل الأساس الاجتماعي في بناء شخصيات أفراد المجتمع.
إنّ الأسرة خاضعة لمؤثرات ?ثيرة تحدّد مستواها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، يضاف إلی ذل? ما آل إلی أفرادها من مورّثات بيولوجية أو ظروف لها تأثيرات نفسية، ومن تل? الظروف ذات التأثير في النفس: الفقر.
2- 1. الفقر
«إنّ أغلبية الأسر التي يُعرَف أبناؤهم بالمضطرب؛ هم الأسر التي يح?م عليها الفقر المادّي، و..، الولد يشعر بالدونية في ذل? الجوّ الوخيم لسبب عدم تواجد الظروف الصالحة لإقتصادها، وذل? سينتهي إلی الشعور بالدونية بين أفراد المجتمع» [17]. «هذه الأطفال يتحمّلون ضغوط الحياة، وعليهم أن يعملوا فوق مقدرتهم؛ فمن الواضح أنّهم لا ي?سبون موافقة أسرتهم وحتی أقربائهم» [18].
الفقر والحرمان من الأسباب المؤدية إلى إحساس الطفل بالنقص، حيث ينظر إلى الحياة بتشاؤمٍ مبالغ فيه وكراهية. أيضاً «الأطفال الذين يتعرضون تحت الظروف الصعبة لمواقف ضاغطة، فيشعرون بشئٍ من التخلّف والضعف، فسيبقی ذل? الشعور في ذا?رتهم» [19]. وما أحسن قول الإمام علي (ع): «الفقر الموتُ الأ?بر» [20].
?ما نعرف عن حياة بشار، إنّه ما ?ان في سلوة من العيش، و«?ان فقيراً ومس?يناً» [21]، ونظراً لروايات التاريخية ال?ثيرة: «ولِدَ بشّارٌ أ?مَهَ (لا يُبصِرُ) ونشأ علی الفقر» [22]، و?ان منعزلاً إلی أن توفِّي، و«يَتَمَ بشّارٌ من أبيه وهو بعدُ صغيرٌ» [23]. الظروف القاسية -فقره، و?ونه يتيماً ?لّه- جرّت بشار إلی قول الهجاء. أوضح ذل? بشارُ نفسه: «حين سئل عن سبب اختياره الهجو دون المدح؟ أجاب: «إنّي وجدتُ الهجاء المؤلم آخذ بضَبع الشاعر من المديح الرائع ومن أراد من الشعراء أن يُ?رمَ في دهر اللئام علی المديح فليستعدَّ للفقر وإلّا فليبالغ في الهجاء ليُخاف فَيعطی» [24].
2- 2. اللئامة والدنائة العائلية
«لا يؤثّر نقص بشار بن برد -عماه، وجهه المجدَّر، دميم الخلقة، نزر القامة، وضخم الجسم- علی شخصية بشار فحسبُ، بل ساعده في ذل? مولاه وأصلُه الوضيع -ولادته علی الرقّ من أصل غير عربي- » [25]، ولم ت?ن أسرته من الأسر العريقة ذات الحسب والنسب.
تؤذي نفسَ بشار التنشئةُ الأسرية وذلتها: اللئامة العائلية، وفقدان عائلةٍ عريقة له في ذل? المجتمع الذي تهمُّهم عراقةُ النسب، وإذ أنّه مولیً ولم ي?ن عربياً، ولم ي?ن ذا أصلٍ عريق؛ فواجه الته?ّم والسخرية من قبل الآخرين:
سَطَوا عَلَينَا ?نَّا مَوَالي?ُم
وَعَيّرُونَا بآباءٍ وأجدَادِ
[26]
والنموذج الآخر:
يُزري علينا رِجالٌ لا نِصابَ لَهُم
?انُوا عِباداً و?نَّا غَيرَ عُبَّادِ
[27]
طِبقاً لِما ذ?ره الأغاني: إذ سمع بشارٌ حديث ذل? أعرابي قال: مَن الرجل؟ فقالوا: شاعر، فقال: أعرابي هو أم مولی؟ قالوا: بل مولی، فقال ما للمولی وللشعر؟ فغضب بشار وس?ت هُنَيهةً ثم قال: أتأذن لي يا "أباثور" ؟ قال: فقل ما شئت يا "أبا معاذ" فقال [28]:
أعاذل لا أنام علی اقتسار
ولا ألقي علی مولی ولا جار
[29]
سأخبّر فاخر الأعراب عنّي وعنه حين بارز للفخار
أنا ابن الأ?رمين أبّاً وأمّاً " تتنازعني المَرازب من طُخار
[30]
?ما نعرف أنّ الدور الذي تقدّمه الأسرة لا ينحصر في توفير الاحتياجات التعليمية والصحية والنفسية فقط، بل «لها دورٌ أساسي ومؤثّر في إيجاد التعادل الفرديّ، وهذا التعادل هو ما ي?تسبه الإنسان أيّام طفولته في الأسرة» [31]. ?ما مرّ القول: ?ان بردُ والد بشار طيّاناً حاذقاً بالتطيين.
إذ ?ان حمادُ عجرد من المتوقَّع لتشويه سمعة بشار، فاغتنم الفرصة وهجاه ه?ذا:
"يا بنَ بردٍ إخسَأ إلي? فمثلُ الـ ـ?لب في الناس أنت لا الإنسان
[32]
تر?ت هذه الأسبابُ ?لُّها تأثيراً سلبياً علی حياة بشار وشخصيته؛ بحيث ستبقی عقباته وتبعاته الخطيرة. يشير إسبينوزا في هذا الصدد: «ال?ثير من الناس يصيبون إلی النقص والضعف الذي سيظلّ أثرُه علی الدوّام» [33].
زِد علی تل? النماذج السابقة، يم?ننا زيادة العامل الآخر وهو ?ونه يتيماً، العامل الذي ليس من المقدور تغافل عن دوره الحاسم. «اليَتَم هو واحد من العوامل المؤثرة في ت?وين الشعور بالدونية، سيجلّي نفسَه في المستقبل بصورة عقدة النقص، وإذ يری الأبناء اليتيمة أنفسهم دون مدافعٍ يأخذ بأيديهم، فيشعرون بالحقارة والنقض» [34].
إذن «للبيئة والعائلة دورٌ هام في إزدهار النبوغ والذ?اء» [35]. وحين نتتبع الأسرة بوصفها أهمّ العوامل المؤثرة في ت?وين شخصية يحسن بنا ألّا نهمل المؤثرات الأخری التي تشار? في نفسية الشخص. والنموذج الآخر الذي نستطيع الاستناد إليه هو إزدارءه من جانب الآخرين. جلّی أعداؤه ومنافسونه نقاط ضعفه بحيث أدّت إلی الضغوط النفسية عنده.
٣- الموروثية
تحتوي العوامل الوراثية علی ميزات جسمانية، وتل? الخصائص التي أورثه الإنسانُ عن طريق الوراثة من نسلٍ إلی آخر.
?لّ فرد لديه بعض نقاط الضعف أو الدونية بدنياً أو عقلياً. يُعاني بعضُ الأطفال من المعوّقات الجسميّة، وتؤدي بهم تل? إلی الإحساس بالحقارة عندهم. الإعاقة الجسدية وما تولده -في الغالب- من إحساس بالنقص، كإصابة الطفل بالصمم أو عدم القدرة على النطق وغيرها من العاهات التي تدفع بالصغير إلى النظرة السوداوية للحياة.
«يری أدلر أنّ الأشخاص ذات العاهات المزمنة التي لازمتهم منذ طفولتهم؛ هم علی وش? الإصابة بعقدة النقص» (منقول عن: طاهری، 1385ش، ص9]]. «يعتقد الآخرون مثل: آيزن? ربر، والحنفي أنّ الإحساس بالحقارة هو الشعور بالضعف وبالعجز الذي يلازمه منذ طفولته، وتشدّده العاهة العضوية أو النفسية، ويسقط في اليأس والخيبة» [36].
تقول ماري «إن ?ان شديداً أثرُ التجارب الطفولية؛ ستؤدي إلی عقدة النقص في المستقبل» [37].
قد جاء في الأغاني: «?ان بشار وُلِد م?فوفاً» [38]، و«ولد بشار أعمی وهو أ?مه» [39]، «ولد بشار جاحظ الحدقتين يغشاهما لحم أحمر، و?ان ضخماً طويلاً، عظيم الخلق والوجه مجدرا» [40]، حتّی ضرب المثل بقباحة عينه فقالوا: (?عين بشار بن برد]] [41]
فالمتأمّل في شخصية بشار يجد أنّ حماد عجرد قد ته?ّم عليه تل? الهيئةَ ال?ريهة وعاهته الجسمية، ومنظره عدّة مرّات، حتّی«سمّاه بـ "القرد الأعمی" » [42]، وهذا النوع من المعاملة تؤذي نفس بشار.
ول?نّه لا يعتقد إلی أي قبحٍ بسبب عماه، بل يسند القبح وال?راهة إلی أعدائهم:
لوعيّرني الأعدَاءُ والعيب فيهمُ
وليس بعارٍ أن يُقال ضَريرُ
[43]
وبعد أنّ حمّاد ازدراه، نری في م?انٍ آخر أنّ بشار يحسبَ عماه خيراً ونجاحاً:
رأيتُ العمَی أجراً وذخراً وعِصمة
وإنّي إلی تل? الثلاث فقير
[44]
للعمی ووجهه المجدور، وخلقته أثرٌ هام في حياته من حيث العلاقة بمجتمعه ومن حيث سلو?ه في الحياة وتف?يره وأسلوب فنّه. وهذا الشعور بالإحباط الذي وصل إليه نتيجةً لنقصه الجسمي والإجتماعي، جعله نحو الإستخدام من سلاحه وحده: الهجاء.
حدّد العمی حياةَ بشار أيضاً منذ نعومة أظفاره، و?ان لذل? يحسُّ بغير قليل من المرارة، فأورثه تبرُّماً بالناس ونِقمة عليهم، فمال إلی الهجاء نفسه الم?بوت: فإذا هجا قوماً جاؤوا إلی أبيه فش?وه فيضربه ضرباً شديداً ف?انت أمّه تقول: ?م تضرب هذا الصبي الضرير، أما ترحمه؟ فيقول: بلی والله إنّي لأرحمه، ول?نّه يتعرّض للناس فيش?ونه إليّ، فسمعه بشار فطمع فيه فقال: يا أبتِ إنّ هذا الذي يش?ونه منّي إلي? هو قول الشعر، وإنّي إن ألممتُ عليه أغنيت? وسائر أهلي، فلما أعادوا ش?واه قال: ليس علی الأعمی حَرَجٌ.
المظاهر الناتجة عن ظاهرة عقدة النقص في بشاربن برد
قد أرجع العلماء أسبابَ هذه الظاهرة (عقدة النقص) بصورةٍ عامة إلى مؤثرات مرضية وخلقية بالإضافة إلى عوامل تربوية واجتماعية، ومن شأنها أن تؤدي إلى الانحرافات الخلقية والاضطرابات النفسية التي غالباً ما ينشأ عنها اعوجاج نفسي لدى المصاب في كيفية التعامل مع أفراد المجتمع ومؤسساته.
وإذا ?نا قد تعرضنا فيما سبق إلی أهمية الأسرة بالنسبة للطفل، ومررنا علی العوامل المؤثرة في التنشئة الأسرية، والبيئية، والعوامل الموروثية؛ بقی أن نتعرف تل? الحالات الناتجة عن عقدة النقص في بشار. فلنضع يدنا الآن علی الحالات الناتجة عن عقدة النقص في بشار للتوصل إلی إثباتها في نفسه، والمظاهر هي: الغرور والأنانية، الحسادة، النقمة، التناقض في العمل، الرغبة في الملذات والهوی، الإستفادة عن الدين لصالحه.
1- الغرور والأنانية
الغرور أو الت?بّر هو واحد من الرذائل الأخلاقية. إنّ شعور الإنسان بالحقارة يجرّه إلى الحقد على الآخرين وتوجيه النقد لهم وتحطيم شخصياتهم، والمتكبّر يظنّ أنّه بممارسة هذا السلوك يكون قد أخفى حقيقة ضعفه عن أعين الناس.
نُقِل عن الإمام صادق (ع) أنّ الرذائل الأخلاقية ناتجةٌ عن الشعور بالدونية في الشخص: «ما من رجلٍ ت?بّر أو تجبّر إلّا لذلّة وجدها في نفسه» [45]، فلاي?ون أحدٌ المعجبَ بالنفس والمتجاوز إلّا في ذاته شيءٌ من الذلة والحقارة. قد أشار ال?ثير من الشعراء إلی تأنيب وتقبيح هذه الرذالة، وحذّروا منها، يم?ننا الإشارة إلی ما أنشده سعدي الشيرازي:
مرا شيخ دانای مرشد شهاب دو اندرز فرمود بر روی آب
"
ي?ی آن?ه در نفس خودبين مباش " دگر آن?ه در خلق بدبين مباش
[46]
«أوّل مش?ل مرتبط بالت?بّر، هو أنّ المعجبين بالنفس يعدوّن أنفسهم من النبلاء والفضلاء» [47]. أرجع لاروشفو?و الاستش?ال والعرقلة إلی الت?بّر والغرور» [48].
?ان بشار مت?بّراً، ?ثير الاعتداد بنفسه، «لا يری فوقه شاعراً ولا عالماً، وت?بّره جعله شديد الافتخار بنسبه حتّی لا يجد له معادلاً غير قريش و?سری، وجعله يشبّب بجمال صورته علی ما فيها من دمامة وقبح، وليس له مثيلاً برأيه» [49]. و?ان بعد هذه الح?اية أن أنشد شعره هذا:
ألا أيّها السائلي جاهداً ليَعرِفني، أنا أنف ال?رم
نَمَت في ال?ِرامِ بني عامرٍ فروعي، وأصلي قريشُ العَجَم
[50]
ويفتخر بولائه إلی بني عقيل:
إنّني من بني عُقَيل بنِ ?عب " مَوضعَ السَّيفِ من طُلی الأعناق
[51]
إذ تعصّب والي العراق يزيد بن هبيرة الفزاري لأصوله من قيس، وعاش بشار في ?نفه، فآنذا? افتخر بشار بعشيرته من قيس ومضر أيضاً:
و إذا ما غَضِبنا غضبة مُضَرِيّة هت?نا حجاب الشمس أو تمطِرَ الدماءَ
إذا ما أعرنا سيّداً من قبيلةٍ ذُرَی مِنبرٍ صلّی علينا وسلّما
[52]
ويفتخر بولائه إلی بني عقيل:
إنّني من بني عُقَيل بنِ ?عب
مَوضعَ السَّيفِ من طُلی الأعناق
[53]
?ان يقصد بشار من جعل نفسه منتسبةً إلی القبائل المذ?ورة التعويض عن عاهاته وخفض حالاته الانفعالية السلبيه.
لقد حمله الغرور أن يجعل شعره ??لام الله، بل أحسن منه، ولم يختر من ?لام الله إلّا سورة الحشر [54].
2- النقمة
الانتقام هو من الصفات البشرية، وينتج ذل? عن حقدٍ بعيد. الحقود ?برا?ين يثور ويخرج يوماً ما إلی الخارج. في بعض الأحيان يؤدي هذا ردّ الفعل إلی الطغيان والعَنود ويسبّب إلی المخاطرات التي لاتتدار?. في الواقع «الإنتقام نفسه من تعويضات الشعور بالدونية التي تجرّ الفرد إلی أن ينتقم عن الآخرين» [55].
الرغبة في الإنتقام من أهمّ ردود الفعل لعقدة الحقارة وأخطرها على الإطلاق، وتوجيه النقمة اللاذعة إلى الآخرين وسيلةٌ اخرى من الوسائل التي يستخدمها المصابون بعقدة الحقارة لتدارك الحقارة.
هجا بشارُ يعقوبَ بن داود (وزير المهدي)، بعد أنّه لم يلتفت إليه ولم يجزل له العطاء، وهو (بشار) قد مدَحَه منذ زمنٍ بعيد:
يأيّها النّاس قد ضَاعت خلافتُ?ُم
إنّ الخليفةَ يعقوبُ بنُ داوودِ
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
خليفة الله بين الزقِّ والعودِ
[56]
3- الحسادة
يم?ن للحسادة ?سائر الحالات العاطفية خلفيةٌ وراثية أو بيئية. وهو نتيجة من نتائج الحقد، وثمرة من ثمراته المترتبة عليه، ومن الذنوب المهلكات.
من تل? المؤشرات المؤثرة في ت?وین الحسادة في شخصية بشار، هي عماه ورذالة أسرته اللذان تُعتبَرا من خلفيات بيئية ووراثية. «م?ان آخر لإيجاد الحسادة هو احساس الأبناء بفقرهم» [57]. ?مّا مرّت الإشارة إليه، ما ?ان بشار في سلوة من العيش، ولذل? سار ميله نحو الهجاء و?سب المال. الحسادة ردُّ فعلٍ انفعالي ويُعتبَر فرعاً من فروع الغضب الذي ينتهي إلی الاستن?ار. تر?ت الخصائصُ المذ?ورة للحسادة أثرها في نفس بشار، وقد صارت صفةً بارزة فيه:
حَسدتُ علَيها ?لَّ شیءٍ يمَسُّها
وما ?نتُ لولا حبُّها بِحَسُودِ
[58]
إني لأحسد مولوداً مشى قدماً
وبيمن الداء ما لم يلق مولودُ
[59]
وهو لاتغضبه حسادةُ جماعة عصره، بل يجعله فرحاناً، حتّی «زعم أن ذ?اءه النادر ونبوغه الفذّ، إنّما هما أثر من آثار هذه المحنة» [60]، واعتبر ذل? فخراً، وموضعَ الخير والبر?ة:
لإن يَحسُدُونِي فإنّي غيرُ لائِمِهِم
قَبلِي مِنَ النّاسِ أهل الفَضلِ قَد حُسِدوا
فَدامَ لِي ولهُم مَا بِي وَمَا بهمُ
وماتَ أ?ثَرُنا غَيظاً بما يَجِدُ
[61]
ذ?ر النموذج الآخر من استنباطه الحسادة خيراً:
يَحُسُدنَ فضلَ جَمَالِها
لا تَعدَمِي حَسَدَ الحَواسِدِ
[62]
يؤيّد ذا? البيت هذا المثل: «لا عاش مَن عاش يوماً غير محسودٍ».
4- التناقض في العمل
التناقض هو أن يقوم الشخص بعملٍ مخالف مع عمله السابق، ويعمل ردّ فعله بصورةٍ ع?سيّ. «أينما تهيّأ للمستبد [ذوعقدة النقص]؛ يصير جبّاراً، إن ?ان خاشعاً ومتواضعاً؛ فهو ليتبوّأ العرش، وإن يری هنا? ما يدعو إلی الضرورة؛ يجثم علی رُ?بته (ير?ع) ويقبّل الأرض، يقوم بهذا حتّی يواجه مع جثوم (ر?وع) الآخرين وفشلهم، ?لّ هذا الأعمال ?العناصر التي تصنع ش?لاً واحداً (جسماً واحداً) ويؤثّر في ?يفية سلو?ه» [63].
التناقض في السلو? من الصفات التي لها جذورٌ: تارةً يمدح بشار ممدوحاً، وأخری لم يلبث أن يقوم بعمل ع?سيّ ويهجو ذل? الممدوح، حين لم يلتفت إليه من إعطاء المال. و?ان كثير التلوّن في ولائه للعرب مرةً وللعجم أخرى، ما من أحدٍ ين?ر عصبيةَ بشار لأصوله الفارسية، ومبالغته في الإشادة بنسبته، واعتزازه الشديد بقومه، نعني أنّه ?ان متلوّناً بتلوّن المواقف التي عاشها. «هو تارةً عربي أ?ثر من العرب يقدم ألواناً من الفخر بهم – ونعني بني عقيل بالذات- لا يستطيع المرءُ أن يخفي إعجابه برونقها وقوتها وجمالها، وهو حيناً آخر يفخر بأعجميته، وهي ليست أعجمية سوادية، ول?نّها أعجمية أرستقراطية، أنّه يقول ب?لّ عزة أمام مل? بني العباس أنّه من قريش العجم أي أنّه من أشرف قبائل العجم وأرقاها منزلةً وأرفعها شأناً، مع أنّ الثابت من نسَبه أنّه ابن رقيق ?ان يضرب الطوب» [64].
بشار يمدح المهدي وينادمه ويجلسه مع جواريه ويقربه إليه، ثمّ يهجوه هجاء مرَّاً يدفع به إلی التهل?ة ه?ذا:
خليفةً يزني بعمّاته
يلعبُ بالدبوق والصولجان
أبدلنا الله به غيرَه ودسَّ
موسی في حِرِ الخيزُران
[65]
وهو في حين قد أ?ثر بشارُ من مدح المهدي مرّةً بعد مرّة مثلما يأتي في الذيل:
ونازَعَني شوقي إلی مَلِ?ِ قدَی وداع إلی «المهدِيِّ» لا يَتَلَجلَجُ
ولابدَّ سرّني فأل جری من موَفّقٍ فقد بُشّرَت بالنُّجحِ عينٌ تخلَّجُ
[66]
وممّا يؤخِذ بشارُ علی حمّاد ويهجوه بسببه هو إلحاده و?ونه زنديقاً:
أما يَنهَا?َ يَا حمّا دُ ذِ?رُ المَوتِ والقَبرُ
[67]
بينما الإلحاد والزندقة في قلب بشار، و?ان لامبالاةً بالدّين ويته?ّم علی قيام بالصّلاة مثل هذه الأبيات:
إنّني في الصّلاة أحضُؤُهَا ضُح?َة أهل الصّلاة إن شَهدوا
أقعُدُ في سجدة إذا ر?عوا وأرفعُ الرأسَ هُمُ سجدوا
أسجُدُ والقومُ را?عون معاً وأسرِعُ الوثبَ إن هُمُ قَعَدوا
ولستُ أدري إذا إمَامُهُمُ سلَّمَ ?م ?ان ذل? العَدَدُ
[68]
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
رد: دراسة تأثير عقدة النقص فی هجو بشار بن برد نشأة وتجلّيات
5- الرغبة في الملذات والمشتهيات:
هو ردُّ فعلٍ يقوم به الفردُ أمام ضغوطه النفسية لإرضاء نفسه. قد يُخرج الميلُ إلی الملذات تف?يراً في المشا?ل. «يظنّ المصابون بعقدة النقص أنّ يرفعوا درجتهم بعد تحمّل الهزائم المتواصلة، ويرون أنفسهم أن لا يليق بهم الإصلاح والتطوّر إلی الأعلی، فيميلون إلی الملذات القصير الأمد» [69].
?ان بشار متعطِّشاً للحبّ، ل?نّ النساء ?نَّ يسخرنّ منه، يعابثنه ويفتنَّه ثم يغدرن به، و?انت جماعةٌ منهن يجتمعن عنده ويسمعن من شعره. غزلياته تتّسم بالرقة والحواريات التي تؤثّر على الجلوس والاستئناس بها في مجالس الغناء واللهو. ويم?ن القول أنّ بعض شعر بشار في هذا المجال ?ان ذا أثرٍ من الإفساد.
«?ان فاسقاً شديد التعهر، محبّاً للهو، مُدمناً للخمرة، يلتمس اللذة ويجدّ في طلبها، ويهوي النساء لأجلها» [70].
لعلّ نزعة بشار إلی المجون وجنوحه إلی اللهو مفرٌّ من مصاعب الحياة، وطريقٌ لتعويض عن ضعوفه الجسمية والاجتماعية. يُ?ثر بشار من التغزّل والهوی للنساء بحيث ينهاه "المهدي" من قرض الشعر في النساء والتعرض إليهنَّ المرةَ بعد المرةِ [71]. يم?ن أن نعدَّ -أيضاً- الولعَ الوافر عند بشار في الماديات واللذائذ تأثيراتُ عقدةِ النقص في نفسيته التي خلّفت هذه الجرأة في التهام الحياة والإقبال عليها والتنعّم بها غير مبالٍ بشيء.
من المستحسن ذ?رُ نموذج آخر لي?ون شاهداً علی ما تحدّثنا عن إنصراف بشار إلی المجون: «?ان بشار يَهوَی امرأة من أهل البصرة يقال لها "عُبيدة" ، فقال بشار فيها:
هَوَی صاحبي ريحُ الشَّمال إذا جَرَت
وأشفَی لقلبي أن تهُبّ جَنُوبُ
وما ذا? إلّا أنّها حين تَنتَهي
تَناهَی وفيها من عُبيدَةَ طِيبُ
[72]
عَذيرِي من العُذّال إذ يَعذِلُونَني
سَفَاهاً وما في العاذِلين لَبيبُ
[73]
النموذج الآخر:
عَذيرِي من العُذّال إذ يَعذِلُونَني
عِشقَ المُصَلّينَ جَنّاتٍ لأبرَارِ
[74]
فَالعَينُ مِنِّي عن النِّسوَانِ صَائِمَةٌ
حتَّی يَ?َونَ علی الحَورَاءِ إفطَارِي
[75]
من أشعاره في وصف الخمر واللهو واللعب:
اسقِنِي يَا بنَ أسعَدَا قَبلَ أن يَنزِلَ الرّدَی
يشربةً تَذهِبُ الهُمُو مَ وتَشفِي المُصَرَّدَا
بأسقِنِي ثُمَّ غنِّنِي لا أرَی النَّجمَ عَرَّدَا
[76]
6- الاستفادة عن الدِّين آلةً لمصالح الفرد:
«يصبغ المستبدّ والمصاب بعقدة النقص أحاسيسه صبغةً دينية، ثم يجعلها ظاهرةً ?ريمةً وعريقة» [77].
جعل بشارُ الدّينَ مفرّاً يستمدّ منه لنيل إلی أهدافه، وأينما يحسّ بالحاجة الماسّة ويعرَّض للخطر؛ يری في الدّين آمالَه.
«إذا أردنا استخراج عَقد بشار من شعره لم نجد في شعره أثراً من الدلالة علی ما ي?نه اعتقاده من إيمان أو إلحاد، ?ما لا نجد في شعر معظم الشعراء آثاراً علی عقائدهم ونحلهم» [78]، حيّر الباحثين والنّقاد لذل? جاءت معظم آرائهم مسبوقة بالظنّ والتخمين.
يتّهم بشارُ حمّادَ عجرد بالزندقة ويته?ّم عليه وينتسبه إليه وبشار نفسُه ?ان فاسد العقيدة زنديقاً، دهرياً، ثنوياً، شعوبياً يفخر بفارسيته ويتيه بها [79]، ?ما يُستفهَم من شعره هذا الأمر:
"?يف يب?ي لمِحبَسٍ في طلُول من سيب?ي لحبس يوم طويل
إنّ في البعث والحساب لشغلا عن وقوف برسم دارٍ محيل
[80]
وتارةً فضّل إبليس علی آدم:
إبليسُ خيرٌ من أبي?م آدَمُ فتنبَّهُوا يا معشرَ الفُجَّارِ
إبليسُ من نارٍ وآدَمُ طِينَةٌ والأرضُ لا تَسمُو سُمُوَّ النّارِ
[81]
رُوي أنّ رجلاً يقال له "سعد بن القعقاع" يشار? بشار في المجانة «فقال له وهو ينادمه: ويح? يا "أبا معاذ" قد نسبنا الناس إلی الزندقة فهل ل? أن تحجّ بنا حجة تنفي ذل? عنّا، قال: نِعمَ ما رأيت، فاشتر بعيراً ومحملاً ور?باً، فلمّا مرّا بـ"زرارة" قال له: ويح? يا "أبا معاذ" ثلاثمئة فرسخ متی نقطعها مل بنا زرارة نتنعم فيها فإذا أقبل الحاجّ عارضناهم بـ"القادسية" وجززنا رؤوسنا فلم يش?ّ الناس أن جئنا من الحجّ فقال له بشار: نِعمَ ما رأيت وإني أخاف أن تفضحنا، قال لا تخف، فمالا إلی "زرارة" يشربان الخمر ويفسقان، فلمّا نزل الحاجّ بـ"القادسية" راجعين أخذا بعيراً ومحملاً وجزا رؤوسهما وأقبلا وتلقاهما الناسّ فقال "سعد بن الفقاع"» [82] :
ألم ترني وبشاراً حججنا و?ان الحج من خير التجارة
خرجنا طالبي سفر بعيد فمال بنا الطريق إلی زرارة
فآب الناس قد حجّوا وبَسَروا وأُبنا موقرين من الخسارة
[83]
?ما رأينا أنّ بشار حين يشعر بالخطر، يستثمر الدّينَ عاملاً لتحقير أعدائه، وهو مستخفاً بالدّين مضيعاً للفروض، إذ ?ان يدعي الخروج إلی الحجّ لينفي تهمة الزندقة عن نفسه، ثم يعود علی الحانات، فيقضي وقت الحج بين القيان والخمر، ف?يف به أن يری عدم الاعتناق بالدين عند الآخرين موضعَ التحقير؟
هذا العامل؛ يعني عدم الاعتناق بشار بدينٍ واحد أو بمسل? واحد، يقوي هذا الظنّ أنّ الدّين عنده آلةٌ لنيل إلی المآرب.
النتيجة:
لعلّ بسبب وجود عاملٍ واحد في نفس الفرد لايم?ن أن نستنتج أنّه المصاب بعقدة النقص؛ ول?ن إن ظهرتِ المجموعة من العوامل المؤثرة في ت?وين تل? العقدة عند الفرد؛ يم?ن قولنا بأنّه مصاب بعقدة النقص.
الأساس هنا هو مبنيّة علی قسمين: القسم الأوّل الذي يرتبط بالعوامل المؤثرة في ت?وينها: العوامل البيئية والإجتماعية، الفقر، التنشئة الأسرية وذلتها، العوامل الموروثية، التي اعتبرناها عاملين مؤثرين في ت?وين عقدة النقص في بشار بن برد.
أما القسم الآخر، هو المرتبط بالمظاهر الناتجة عن هذه العقدة: الغرور والأنانية، الحسادة، الانتقام، التناقض في العمل، الرغبة في الملذات والمشتهيات، وفي الآخِر الاستفادة عن الدِّين آلةً لمصالح الفرد، التعويضات التي تلعب دوراً هاماً في ت?وين هذه العقدة لدی بشار.
وفي نهاية المطاف نستنتج أنّ عقدة النقص قد طُبعت في نفس بشار ولاشعوره، ولذل? مهّد السبيل للهجو فيه.
#- اصبهاني، أبوالفرج، الأغاني، بيروت، دار احياء التراث العربي، لا تا.
#- ا?بري، ابوالقاسم، عوامل ناسازگاری ?ود? ونوجوان، ط1، تهران، انتشارات رشد و توسعه، 1384ش.
#- آدلر، آلفرد، شناخت طبيعت انسان از ديدگاه روان شناسی، ترجمه طاهره جواهرساز، تهران، انتشارات رشد، 1379ش.
#- البستاني، بطرس، أدباء العرب في الأعصر العباسية، بيروت، دارالجيل، 1979م.
#- حسين، طه، من تاريخ الأدب العربي، ط 4، بيروت، دار العلم للملايين، 1982م.
#- الحمصي، قسطا?ي، منهل الوراد في علم الانتقاد، 1907م.
#- حموي، حسين، «خطرات في اش?الية شعر بشاربن برد»، المعرفة، السنة الثانية والثلاثون، العدد 362، 1993م، صص 165- 143.
#- خزائلي، محمد، شرح بوستان، ط 7، تهران، جاويدان، 1368ش.
#- زرين?وب، عبدالحسين، شعربی دروغ شعر بی نقاب، ط 8، تهران، انتشارات علمي، 1379هـ.
#- _________________، نقد ادبي، ط5، تهران، انتشارات سخن، 1378ش.
#- زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربية، القاهرة، دار الهلال، لا تا.
#- سياسي، علی ا?بر، نظريههای شخصيت، ط 4، تهران، دفتر تحقيقات و انتشارات دانشگاه تهران، 1370ش.
#- شاملو، سعيد، م?تبها ونظريهها در روانشناسی رشد، ط 9، تهران، انتشارات رشد، 1382ش.
#- الش?عة، مصطفی، الشعر والشعراء في العصر العباسي، ط 6، بيروت، دار العلم للملايين، 1986م.
#- ضيف، شوقي، العصر العباسي الأوّل ط 3، قم، ذوی القربی، 1431ق.
#- طاهري، حبيب الله، «عقده حقارت وراه?ارهای آن در منابع اسلامي»، مجله پژوهشهای ديني، شماره چهارم،1385ش، صص 30- 5.
#- عزيز ماضي، ش?ري، في نظرية الأدب، ط 1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2005م.
#- العشماوي، محمد ز?ي، قضايا النقد الأدبي بين القديم والحديث، بيروت، دار النهضة العربية، 1979م.
#- عطوي، نجيب، بشار بن برد حياته وشعره، بيروت، دار ال?تب العلمية، 1411ق.
#- فروخ، عمر، تاريخ الأدب العربي الأعصر العباسية، ط 4، بيروت، دار العلم للملايين، 1401ق.
#- ________، تاريخ الأدب العربي الأعصر العباسية، ط5، بيروت، دارالعلم للملايين، 1985م.
#- فروم، اري?، جامعه سالم، ترجمه ا?بر تبريزي، انتشارات بهجت، لا تا.
#- قوام، ابوالقاسم، واحسان قبول، «بررسی عقده حقارت در شخصيت بوسهل زوزني براساس روايت بيهقي»، ادب پژوهي، ط 1، 1386ش، صص 68- 49.
#- منصور، محمود، احساس ?هتری، تهران، دانشگاه تهران، 1371ش.
#- منوچهريان، پرويز، عقده حقارت، تهران، انتشارات گوتنبرگ، 1385ش.
#- مو?يالي، روجية، العقد النفسية، ترجمة مريس شربل، ط 1، بيروت- باريس، منشورات عويدات، 1988م.
#- نهج البلاغة، تحقيق صبحي صالح، ط 1، أنوار الهدی، 1426ق.
Tooraj Sohrabi
MA, Arabic Language and Literature, University
of Khârazmi Tehran
Hamed sedghi
professor of Arabic Language and Literature, University of Khârazmi Tehran
Abstracts:
Systematic study of personality, writer, poet and artist, including the accurate and Scientific way that brings us into their world .
This paper, based on the existing literature in books, articles, and research reports Creator Responsible for analyzing and implementing an inferiority complex with Bashâr’s personality. There are some common traits of such posts in the family and lack of good installation, poor, ugly face, and to compare these characteristics in people with an inferiority complex.
Such traits with the traits that are supposed Bashâr is an inferiority complex, so we have tried to prove this assumption by using the theory of inferiority complex Adler base article: Artist of the inferiority complex and the effects will be investigated. Finally, Bashâr and psychological characteristics of his lyrics after seeing and share some traits can be inferred is that Bashâr has an inferiority complex .
Keywords: Bashâr, satire, inferiority complex, Alfred Adler
[2] اسماعيل، لا تا، ص 5
[3] فروخ، 1985م، ص 93
[4] مو?يالي، 1988م، ص 27
[5] منوچهريان، 1358ش، ص 16- 10
[6] منصور، 1358ش، ص 146
[7] شاملو، 1388ش، ص92
[8] زرين?وب، 1379ش، ص28
[9] زرين ?وب، 1378ش، ص105
[10] الإصبهاني، لاتا، ج3، ص 134
[11] زرين ?وب، 1379ش، ص 27
[12] ا?بری، 1384ش، ص41
[13] العشماوي، 1979م، ص 12
[14] عزيز ماضي، 2005م، ص 69
[15] الحمصي، 1907م، ج1، ص 90
[16] الديوان، 1429ق ، ج2، ص 211
[17] المصدر السابق، ص54
[18] منصور، 1369ش، ص 19
[19] طاهری، 1385ش، ص10
[20] نهج البلاغة، 1426ق، ص163
[21] ضيف، 1431ق، ص214
[22] فروخ، 1401ق، ص93
[23] المصدر السابق
[24] الاصبهاني، لا تا، ج3، ص207
[25] حموي، 1993م، ص147
[26] الديوان، ج2، ص211
[27] المصدر السابق
[28] ج3، ص162
[29] المصدر السابق، ج3، ص207
[30] المصدر السابق، ص208
[31] ا?بری، 1384ش، ص41
[32] العبيدي، 1384ش، ص427
[33] فروم، 1368ش، ص32
[34] طاهری، 1385ش، ص10
[35] احدی وبنی جمال، 1366ش، ص73
[36] جلالي، 1379ش، ص55
[37] سياسی، 1370ش، ص61
[38] الإصبهاني، لا تا، ج3، ص136
[39] المصدر السابق، ص141
[40] زيدان، لاتا، ج2، ص56
[41] حموي، 1993م، ص154
[42] عطوي، 1411ق، ص68
[43] الديوان، 1429ق، ج4، ص65
[44] المصدر السابق
[45] مجلسي، 1403ق، ج70، ص225
[46] خزائلي، 1368ش، ص17
[47] أدلر، 1379ش، ص145
[48] منصور، 1371ش، ص38
[49] البستاني، 1979م، ص43
[50] البستاني، 1979م، ص45
[51] الديوان، 1429ق، ج3، ص 137
[52] المصدر السابق، ج4، ص185- 184
[53] المصدر السابق، ص 137
[54] الأغاني، لاتا، ج 3، ص211
[55] منصور، 1369ش، ص39
[56] الديوان، 1429ق، ج2، ص91
[57] علی مصباح وهم?اران، 1374ش، ص486
[58] الديوان، 1429ق، ج2ريال ص117
[59] المصدر السابق، ص189
[60] حسين، 1982م، ج 2، ص86
[61] المصدر السابق، ج3، ص95
[62] المصدر السابق، ج2، ص173
[63] قوام وقبول، 1386ش، ص62
[64] الش?عة، 1986م، ص100
[65] الديوان، 1429ق، ج4، ص229
[66] المصدر السابق، ج 1، ص62
[67] المصدر السابق، ج 3، ص272
[68] المصدر السابق، ج 4، ص57- 56
[69] طاهري، 1385ش، ص11
[70] البستاني، 1979م، ص43
[71] مقدمة الديوان، ج1، 1429ق، ص33
[72] الديوان، 1429ق، ج1، ص206
[73] المصدر السابق، ص213
[74] الديوان، 1429ق، ج3، ص152
[75] المصدر السابق
[76] المصدر السابق، ج2، ص144
[77] قوام وقبول، 1386ش، ص64
[78] مقدمة الديوان، 1429ق، ج1، ص25
[79] عطوي، 1411ق، ص63- 62
[80] الديوان، 1429ق، ج1، ص152
[81] المصدر السابق، ج4، ص92
[82] الأغاني، لاتا، ج3، ص179
[83] الديوان، 1429ق، ج4، ص71
هو ردُّ فعلٍ يقوم به الفردُ أمام ضغوطه النفسية لإرضاء نفسه. قد يُخرج الميلُ إلی الملذات تف?يراً في المشا?ل. «يظنّ المصابون بعقدة النقص أنّ يرفعوا درجتهم بعد تحمّل الهزائم المتواصلة، ويرون أنفسهم أن لا يليق بهم الإصلاح والتطوّر إلی الأعلی، فيميلون إلی الملذات القصير الأمد» [69].
?ان بشار متعطِّشاً للحبّ، ل?نّ النساء ?نَّ يسخرنّ منه، يعابثنه ويفتنَّه ثم يغدرن به، و?انت جماعةٌ منهن يجتمعن عنده ويسمعن من شعره. غزلياته تتّسم بالرقة والحواريات التي تؤثّر على الجلوس والاستئناس بها في مجالس الغناء واللهو. ويم?ن القول أنّ بعض شعر بشار في هذا المجال ?ان ذا أثرٍ من الإفساد.
«?ان فاسقاً شديد التعهر، محبّاً للهو، مُدمناً للخمرة، يلتمس اللذة ويجدّ في طلبها، ويهوي النساء لأجلها» [70].
لعلّ نزعة بشار إلی المجون وجنوحه إلی اللهو مفرٌّ من مصاعب الحياة، وطريقٌ لتعويض عن ضعوفه الجسمية والاجتماعية. يُ?ثر بشار من التغزّل والهوی للنساء بحيث ينهاه "المهدي" من قرض الشعر في النساء والتعرض إليهنَّ المرةَ بعد المرةِ [71]. يم?ن أن نعدَّ -أيضاً- الولعَ الوافر عند بشار في الماديات واللذائذ تأثيراتُ عقدةِ النقص في نفسيته التي خلّفت هذه الجرأة في التهام الحياة والإقبال عليها والتنعّم بها غير مبالٍ بشيء.
من المستحسن ذ?رُ نموذج آخر لي?ون شاهداً علی ما تحدّثنا عن إنصراف بشار إلی المجون: «?ان بشار يَهوَی امرأة من أهل البصرة يقال لها "عُبيدة" ، فقال بشار فيها:
هَوَی صاحبي ريحُ الشَّمال إذا جَرَت
وأشفَی لقلبي أن تهُبّ جَنُوبُ
وما ذا? إلّا أنّها حين تَنتَهي
تَناهَی وفيها من عُبيدَةَ طِيبُ
[72]
عَذيرِي من العُذّال إذ يَعذِلُونَني
سَفَاهاً وما في العاذِلين لَبيبُ
[73]
النموذج الآخر:
عَذيرِي من العُذّال إذ يَعذِلُونَني
عِشقَ المُصَلّينَ جَنّاتٍ لأبرَارِ
[74]
فَالعَينُ مِنِّي عن النِّسوَانِ صَائِمَةٌ
حتَّی يَ?َونَ علی الحَورَاءِ إفطَارِي
[75]
من أشعاره في وصف الخمر واللهو واللعب:
اسقِنِي يَا بنَ أسعَدَا قَبلَ أن يَنزِلَ الرّدَی
يشربةً تَذهِبُ الهُمُو مَ وتَشفِي المُصَرَّدَا
بأسقِنِي ثُمَّ غنِّنِي لا أرَی النَّجمَ عَرَّدَا
[76]
6- الاستفادة عن الدِّين آلةً لمصالح الفرد:
«يصبغ المستبدّ والمصاب بعقدة النقص أحاسيسه صبغةً دينية، ثم يجعلها ظاهرةً ?ريمةً وعريقة» [77].
جعل بشارُ الدّينَ مفرّاً يستمدّ منه لنيل إلی أهدافه، وأينما يحسّ بالحاجة الماسّة ويعرَّض للخطر؛ يری في الدّين آمالَه.
«إذا أردنا استخراج عَقد بشار من شعره لم نجد في شعره أثراً من الدلالة علی ما ي?نه اعتقاده من إيمان أو إلحاد، ?ما لا نجد في شعر معظم الشعراء آثاراً علی عقائدهم ونحلهم» [78]، حيّر الباحثين والنّقاد لذل? جاءت معظم آرائهم مسبوقة بالظنّ والتخمين.
يتّهم بشارُ حمّادَ عجرد بالزندقة ويته?ّم عليه وينتسبه إليه وبشار نفسُه ?ان فاسد العقيدة زنديقاً، دهرياً، ثنوياً، شعوبياً يفخر بفارسيته ويتيه بها [79]، ?ما يُستفهَم من شعره هذا الأمر:
"?يف يب?ي لمِحبَسٍ في طلُول من سيب?ي لحبس يوم طويل
إنّ في البعث والحساب لشغلا عن وقوف برسم دارٍ محيل
[80]
وتارةً فضّل إبليس علی آدم:
إبليسُ خيرٌ من أبي?م آدَمُ فتنبَّهُوا يا معشرَ الفُجَّارِ
إبليسُ من نارٍ وآدَمُ طِينَةٌ والأرضُ لا تَسمُو سُمُوَّ النّارِ
[81]
رُوي أنّ رجلاً يقال له "سعد بن القعقاع" يشار? بشار في المجانة «فقال له وهو ينادمه: ويح? يا "أبا معاذ" قد نسبنا الناس إلی الزندقة فهل ل? أن تحجّ بنا حجة تنفي ذل? عنّا، قال: نِعمَ ما رأيت، فاشتر بعيراً ومحملاً ور?باً، فلمّا مرّا بـ"زرارة" قال له: ويح? يا "أبا معاذ" ثلاثمئة فرسخ متی نقطعها مل بنا زرارة نتنعم فيها فإذا أقبل الحاجّ عارضناهم بـ"القادسية" وجززنا رؤوسنا فلم يش?ّ الناس أن جئنا من الحجّ فقال له بشار: نِعمَ ما رأيت وإني أخاف أن تفضحنا، قال لا تخف، فمالا إلی "زرارة" يشربان الخمر ويفسقان، فلمّا نزل الحاجّ بـ"القادسية" راجعين أخذا بعيراً ومحملاً وجزا رؤوسهما وأقبلا وتلقاهما الناسّ فقال "سعد بن الفقاع"» [82] :
ألم ترني وبشاراً حججنا و?ان الحج من خير التجارة
خرجنا طالبي سفر بعيد فمال بنا الطريق إلی زرارة
فآب الناس قد حجّوا وبَسَروا وأُبنا موقرين من الخسارة
[83]
?ما رأينا أنّ بشار حين يشعر بالخطر، يستثمر الدّينَ عاملاً لتحقير أعدائه، وهو مستخفاً بالدّين مضيعاً للفروض، إذ ?ان يدعي الخروج إلی الحجّ لينفي تهمة الزندقة عن نفسه، ثم يعود علی الحانات، فيقضي وقت الحج بين القيان والخمر، ف?يف به أن يری عدم الاعتناق بالدين عند الآخرين موضعَ التحقير؟
هذا العامل؛ يعني عدم الاعتناق بشار بدينٍ واحد أو بمسل? واحد، يقوي هذا الظنّ أنّ الدّين عنده آلةٌ لنيل إلی المآرب.
النتيجة:
لعلّ بسبب وجود عاملٍ واحد في نفس الفرد لايم?ن أن نستنتج أنّه المصاب بعقدة النقص؛ ول?ن إن ظهرتِ المجموعة من العوامل المؤثرة في ت?وين تل? العقدة عند الفرد؛ يم?ن قولنا بأنّه مصاب بعقدة النقص.
الأساس هنا هو مبنيّة علی قسمين: القسم الأوّل الذي يرتبط بالعوامل المؤثرة في ت?وينها: العوامل البيئية والإجتماعية، الفقر، التنشئة الأسرية وذلتها، العوامل الموروثية، التي اعتبرناها عاملين مؤثرين في ت?وين عقدة النقص في بشار بن برد.
أما القسم الآخر، هو المرتبط بالمظاهر الناتجة عن هذه العقدة: الغرور والأنانية، الحسادة، الانتقام، التناقض في العمل، الرغبة في الملذات والمشتهيات، وفي الآخِر الاستفادة عن الدِّين آلةً لمصالح الفرد، التعويضات التي تلعب دوراً هاماً في ت?وين هذه العقدة لدی بشار.
وفي نهاية المطاف نستنتج أنّ عقدة النقص قد طُبعت في نفس بشار ولاشعوره، ولذل? مهّد السبيل للهجو فيه.
المنابع والمصادر
#- ابن عاشور، محمد طاهر، ديوان بشار بن برد، ط1، دار السلام، دار سخنون للنشر والتوزيع، 1429ق.#- اصبهاني، أبوالفرج، الأغاني، بيروت، دار احياء التراث العربي، لا تا.
#- ا?بري، ابوالقاسم، عوامل ناسازگاری ?ود? ونوجوان، ط1، تهران، انتشارات رشد و توسعه، 1384ش.
#- آدلر، آلفرد، شناخت طبيعت انسان از ديدگاه روان شناسی، ترجمه طاهره جواهرساز، تهران، انتشارات رشد، 1379ش.
#- البستاني، بطرس، أدباء العرب في الأعصر العباسية، بيروت، دارالجيل، 1979م.
#- حسين، طه، من تاريخ الأدب العربي، ط 4، بيروت، دار العلم للملايين، 1982م.
#- الحمصي، قسطا?ي، منهل الوراد في علم الانتقاد، 1907م.
#- حموي، حسين، «خطرات في اش?الية شعر بشاربن برد»، المعرفة، السنة الثانية والثلاثون، العدد 362، 1993م، صص 165- 143.
#- خزائلي، محمد، شرح بوستان، ط 7، تهران، جاويدان، 1368ش.
#- زرين?وب، عبدالحسين، شعربی دروغ شعر بی نقاب، ط 8، تهران، انتشارات علمي، 1379هـ.
#- _________________، نقد ادبي، ط5، تهران، انتشارات سخن، 1378ش.
#- زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربية، القاهرة، دار الهلال، لا تا.
#- سياسي، علی ا?بر، نظريههای شخصيت، ط 4، تهران، دفتر تحقيقات و انتشارات دانشگاه تهران، 1370ش.
#- شاملو، سعيد، م?تبها ونظريهها در روانشناسی رشد، ط 9، تهران، انتشارات رشد، 1382ش.
#- الش?عة، مصطفی، الشعر والشعراء في العصر العباسي، ط 6، بيروت، دار العلم للملايين، 1986م.
#- ضيف، شوقي، العصر العباسي الأوّل ط 3، قم، ذوی القربی، 1431ق.
#- طاهري، حبيب الله، «عقده حقارت وراه?ارهای آن در منابع اسلامي»، مجله پژوهشهای ديني، شماره چهارم،1385ش، صص 30- 5.
#- عزيز ماضي، ش?ري، في نظرية الأدب، ط 1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2005م.
#- العشماوي، محمد ز?ي، قضايا النقد الأدبي بين القديم والحديث، بيروت، دار النهضة العربية، 1979م.
#- عطوي، نجيب، بشار بن برد حياته وشعره، بيروت، دار ال?تب العلمية، 1411ق.
#- فروخ، عمر، تاريخ الأدب العربي الأعصر العباسية، ط 4، بيروت، دار العلم للملايين، 1401ق.
#- ________، تاريخ الأدب العربي الأعصر العباسية، ط5، بيروت، دارالعلم للملايين، 1985م.
#- فروم، اري?، جامعه سالم، ترجمه ا?بر تبريزي، انتشارات بهجت، لا تا.
#- قوام، ابوالقاسم، واحسان قبول، «بررسی عقده حقارت در شخصيت بوسهل زوزني براساس روايت بيهقي»، ادب پژوهي، ط 1، 1386ش، صص 68- 49.
#- منصور، محمود، احساس ?هتری، تهران، دانشگاه تهران، 1371ش.
#- منوچهريان، پرويز، عقده حقارت، تهران، انتشارات گوتنبرگ، 1385ش.
#- مو?يالي، روجية، العقد النفسية، ترجمة مريس شربل، ط 1، بيروت- باريس، منشورات عويدات، 1988م.
#- نهج البلاغة، تحقيق صبحي صالح، ط 1، أنوار الهدی، 1426ق.
ملاحظة
Study effect of inferiority complex on Bashâr’s satiresTooraj Sohrabi
MA, Arabic Language and Literature, University
of Khârazmi Tehran
Hamed sedghi
professor of Arabic Language and Literature, University of Khârazmi Tehran
Abstracts:
Systematic study of personality, writer, poet and artist, including the accurate and Scientific way that brings us into their world .
This paper, based on the existing literature in books, articles, and research reports Creator Responsible for analyzing and implementing an inferiority complex with Bashâr’s personality. There are some common traits of such posts in the family and lack of good installation, poor, ugly face, and to compare these characteristics in people with an inferiority complex.
Such traits with the traits that are supposed Bashâr is an inferiority complex, so we have tried to prove this assumption by using the theory of inferiority complex Adler base article: Artist of the inferiority complex and the effects will be investigated. Finally, Bashâr and psychological characteristics of his lyrics after seeing and share some traits can be inferred is that Bashâr has an inferiority complex .
Keywords: Bashâr, satire, inferiority complex, Alfred Adler
حواشي
[1] سيدقطب، 1424ق، ص 11[2] اسماعيل، لا تا، ص 5
[3] فروخ، 1985م، ص 93
[4] مو?يالي، 1988م، ص 27
[5] منوچهريان، 1358ش، ص 16- 10
[6] منصور، 1358ش، ص 146
[7] شاملو، 1388ش، ص92
[8] زرين?وب، 1379ش، ص28
[9] زرين ?وب، 1378ش، ص105
[10] الإصبهاني، لاتا، ج3، ص 134
[11] زرين ?وب، 1379ش، ص 27
[12] ا?بری، 1384ش، ص41
[13] العشماوي، 1979م، ص 12
[14] عزيز ماضي، 2005م، ص 69
[15] الحمصي، 1907م، ج1، ص 90
[16] الديوان، 1429ق ، ج2، ص 211
[17] المصدر السابق، ص54
[18] منصور، 1369ش، ص 19
[19] طاهری، 1385ش، ص10
[20] نهج البلاغة، 1426ق، ص163
[21] ضيف، 1431ق، ص214
[22] فروخ، 1401ق، ص93
[23] المصدر السابق
[24] الاصبهاني، لا تا، ج3، ص207
[25] حموي، 1993م، ص147
[26] الديوان، ج2، ص211
[27] المصدر السابق
[28] ج3، ص162
[29] المصدر السابق، ج3، ص207
[30] المصدر السابق، ص208
[31] ا?بری، 1384ش، ص41
[32] العبيدي، 1384ش، ص427
[33] فروم، 1368ش، ص32
[34] طاهری، 1385ش، ص10
[35] احدی وبنی جمال، 1366ش، ص73
[36] جلالي، 1379ش، ص55
[37] سياسی، 1370ش، ص61
[38] الإصبهاني، لا تا، ج3، ص136
[39] المصدر السابق، ص141
[40] زيدان، لاتا، ج2، ص56
[41] حموي، 1993م، ص154
[42] عطوي، 1411ق، ص68
[43] الديوان، 1429ق، ج4، ص65
[44] المصدر السابق
[45] مجلسي، 1403ق، ج70، ص225
[46] خزائلي، 1368ش، ص17
[47] أدلر، 1379ش، ص145
[48] منصور، 1371ش، ص38
[49] البستاني، 1979م، ص43
[50] البستاني، 1979م، ص45
[51] الديوان، 1429ق، ج3، ص 137
[52] المصدر السابق، ج4، ص185- 184
[53] المصدر السابق، ص 137
[54] الأغاني، لاتا، ج 3، ص211
[55] منصور، 1369ش، ص39
[56] الديوان، 1429ق، ج2، ص91
[57] علی مصباح وهم?اران، 1374ش، ص486
[58] الديوان، 1429ق، ج2ريال ص117
[59] المصدر السابق، ص189
[60] حسين، 1982م، ج 2، ص86
[61] المصدر السابق، ج3، ص95
[62] المصدر السابق، ج2، ص173
[63] قوام وقبول، 1386ش، ص62
[64] الش?عة، 1986م، ص100
[65] الديوان، 1429ق، ج4، ص229
[66] المصدر السابق، ج 1، ص62
[67] المصدر السابق، ج 3، ص272
[68] المصدر السابق، ج 4، ص57- 56
[69] طاهري، 1385ش، ص11
[70] البستاني، 1979م، ص43
[71] مقدمة الديوان، ج1، 1429ق، ص33
[72] الديوان، 1429ق، ج1، ص206
[73] المصدر السابق، ص213
[74] الديوان، 1429ق، ج3، ص152
[75] المصدر السابق
[76] المصدر السابق، ج2، ص144
[77] قوام وقبول، 1386ش، ص64
[78] مقدمة الديوان، 1429ق، ج1، ص25
[79] عطوي، 1411ق، ص63- 62
[80] الديوان، 1429ق، ج1، ص152
[81] المصدر السابق، ج4، ص92
[82] الأغاني، لاتا، ج3، ص179
[83] الديوان، 1429ق، ج4، ص71
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» دراسة آليات الدفاع النفسية لدی بشّار بن برد
» نشأة الفلسفة اليونانية
» نشأة النثر العربي القديم ...
» عقدة ساركوزي
» بشار قادم !!!!
» نشأة الفلسفة اليونانية
» نشأة النثر العربي القديم ...
» عقدة ساركوزي
» بشار قادم !!!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى