دروس تندوف بكاميرا الجوهري ولسان لماني
صفحة 1 من اصل 1
دروس تندوف بكاميرا الجوهري ولسان لماني
حينما انتهى عرض الفيلم الوثائقي تندوف: قصة مكلومين للمخرج الشاب ربيع الجوهري، أول أمس بالمركب الثقافي سيدي بليوط، لم يتردد أحد المتفرجين في الإعلان بتأثر بالغ عن تطوعه لحمل السلاح في وجه جلادي البوليزاريو• هل كان ذلك هو الدرس؟ صحيح أن الفيلم سلط كشافات الضوء على الأهوال التي عاشها مدنيون وعسكريون مغاربة من خلال ذاكرة عبد الله لماني، وهي أهوال فوق الكلام، ولا تليق إلا بفيلم هوليودي عن الذئاب الجائعة للدم البشري، لكنه قدم، أيضا، دروسا في الاتجاه المعاكس للحرب والمواجهة بالبنادق والألغام والمدرعات• لقد كان الفيلم مؤثرا للغاية وغارقا في الفضح والدمع (رغم بعض الهنات التقنية، مثل اختلال الإيقاع بين الصوت والصورة أحيانا)، ونجح المخرج الشاب في جمع الصورة في بعدها الإنساني الذي ينأى عن مطلب الانتقام أو القصاص أو مجابهة الظلم بالظلم• وكان هذا أول درس نتعلمه على لسان لماني الذي قاد، مع المخرج، خيوط الحكاية ونتوءاتها، إلى أن وصل بها، عبر جيل (أزيد من 23 سنة من الجحيم)، إلى الأبناء• ثاني درس ينقله لنا الفيلم هو الوفاء في أصدق معانيه عبر خمس صور: أولا: وفاء الصديق• لم يكن لعبد الله لماني أن يعيش ما عاشه من أهوال، وأن يكون شاهدا عن المجازر البشعة التي اقترفها الانفصاليون لو لم يتدخل لإنقاذ صديقه أحمد من بوبكر (التطواني) من قبضة أصحاب الكمين بين أقا وطاطا في اتجاه أكادير• فعندما احتج عليهم وطلب منهم إخلاء سبيله، اغتاظوا وضربوه بمؤخرة الكلاشينكوف على رأسه، ثم اقتادوه مثخنا بجراحه إلى مركز المخابرات الجزائرية ثم إلى مخيمات تندوف• ثانيا: وفاء الزوجة• ظلت زوجة محمد الغريسي تذرف الدمع عليه، ليلا ونهارا، طيلة ربع قرن، إلى أن فقدت بصرها• كانت تعيش حياة هادئة إلى أن اختطفته الأيادي الآثمة، وترك في عنقها ابنين بدون أي معيل• ورغم ذلك اصطبرت (كم هو هائل صبر الأمهات!) وشمرت على سواعدها لتربي الأبناء بما يليق بكبرياء زوجها الجريح•• كانت تكبر، ويكبر معها الأمل في أن يعود زوجها المختطف، ولم يخب الأمل، ولم تلن الهمة إلى أن عاد أخيرا وفي عنقه آلام وأهوال وحب سيدة لن يقايضه بأي شيء• كان العائد الغريسي يعيش مع زملائه في تندوف وضعا سيئا، ولكنه كان يدرك أن وضع أسرته أسوأ•• هذا ما كان يفكر فيه فحسب (ما أروع مثل هؤلاء المغاربة!)• ثالثا: وفاء الحبيبة• ظلت عائشة (خطيبة لماني قبل اختطافه) ترفض جميع الخطاب الذين تقدموا للزواج منها، تحملت عتاب الأهل وقاومت نظرات الجيران، واستمرت في المقاومة طيلة 23 سنة، وهي لا تعرف إن كان عبد الله حيا أو ميتا• ولما أتى، عادت الضحكة إليها، ولم تتردد في الزواج به لما تقدم إليها ثانية•• من يدعي بعد هذا أن المرأة لا تحب وتفي بكامل جوارحها!؟ رابعا: الوفاء للوطن• حينما أراد الجلادون مقايضة الأسرى المغاربة بوطنهم، رفض الجميع الامتثال لمطلب الانضمام إلى جيش البوليزاريو• كانوا مهددين في حياتهم، رأوا أرواح زملائهم تزهق برخص التراب ولم يضعفوا، رأوهم جثثا معلقة على الجدران، وفي الحفر، وتحت البراميل، وتحت أطنان الحديد•• ولم يلينوا ولم يهادوا• خامسا: الوفاء لرمز البلاد• تحمل العائد بن ثابت، تكسير جميع أسنانه وإغراق وجهه بالدم كي لا يمنح الجلادين فرصة الضحك عاليا• فحين طلبوا منه شتم الملك الراحل الحسن الثاني مقابل التخفيف من عذاباته، رفض•• لأنه كان يدرك أن إهانة رمز البلاد هي إهانة لجميع المغاربة• ثالث درس يقدمه لنا الفيلم هو علاقة الذاكرة بالهوية في أبعادها الزمنية الثلاثة• فإذا كان فعل التذكر (الشهادة) هو الذي يمنح الفرد شعورا بهويته وأناه وبثباتها، فإن الفيلم نجح بوضوح في التقاط وحدة الخبرة التي مر منها العائدون، وهي الخبرة التي أدركها المقاوم الحاج البوهالي مستور الذي ربطها بالخبرة الماضية (المقاومة) ولزوم الحفاظ على استمرار اتصالها بالمستقبل• سعيد منتسب 2008/8/1 |
الإتحاد الإشتراكي
iswal- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1023
Localisation : CASA
Emploi : j'ai 1 travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مواضيع مماثلة
» العبودية تطلّ برأسها من جديد في مخيمات تندوف
» بيد الله للإسبان : مكان أميناتو حيدر يُوجد في تندوف
» دروس في الحب
» دروس الانجليزية
» شوف تشوف
» بيد الله للإسبان : مكان أميناتو حيدر يُوجد في تندوف
» دروس في الحب
» دروس الانجليزية
» شوف تشوف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى