نساء المغرب المكافحات من اجل لقمة العيش بشرف..

الحديث
عن وضعية المرأة في الجبل وفي البادية بشكل عام يتطلب الاقتراب منها
والارتباط العضوي بالبادية وتتبع كل التطورات التي يمكن ان تحصل لصالحها
في سياق التحولات التي يعرفها المجتمع ككل، بدءا بانتشار التمدرس،
والكهرباء وشق بعض الطرقات لفك العزلة عن البادية. فخلال عشر سنوات
الأخيرة بدأت المرأة في الجبل والسهل في اقليم الحوز تتحدى كل العوائق
وتعمل على النهوض بوضعيتها وتنمية نمط عيشها بحثا عن وسائل التضامن مع
مختلف افراد اسرتها في إعالة هذه الأخيرة وتخفيف العبء عن زوجها ، علما
بأن جزءا كبيرا من الاسر في البادية لايزال يعيش بشكل جماعي على «كانون
واحد». واذا كان اقليم الحوز يعرف بشكل واسع انتشار جمعيات المجتمع
المدني، ومحاولة جعلها روافد للتنمية الاجتماعية والمرأة القروية تحظى
بشرف تبوء %10 من هذه الجمعيات التي يبلغ عددها ازيد من 1300 جمعية تعمل
المرأة ضمنها في مختلف المجالات ذات الدخل المادي لفائدة عضواتها كتربية
المعز، و الارانب والدجاج وإنتاج العسل والمواد العطرية والصناعة
التقليدية والمواد الغذائية كالكسكس والحلويات، وقد استطاعت المرأة في
اقليم الحوز ان تتحمل عدة مسؤوليات كرئاسة الجمعيات ودور الطالبات لتدبير
شأن فتيات يتابعن دراستهن في مختلف الاعداديات والثانويات بالاقليم . كما
تتطوع لمحاربة الأمية وسط النساء القرويات حيث يبلغ عدد الفتيات
المتمدرسات في التعليمين الثانوي والاعدادي حوالي %40 بالنسبة للفتيات،
وقدساهمت كل هذه المهام في حصول المرأة في اقليم الحوز في المجال الجمعوي
على عدة جوائز مادية وتقديرية على المستويين الوطني والمحلي كما شاركت في
عدة معارض في نفس المستويين.ورغم هذا التطور النسبي لدى المرأة في اقتحام
مجال المجتمع المدني والميدان التعاوني في اطار تحسين دخلها المادي الفردي
او الجماعي، عبر المنتوجات المذكورة، لاتزال تحتاج الى مزيد من التأطير
لمواكبة هذه المشاريع وكيفية تدبير القروض الصغرى التي تستفيد منها، كون
ذلك يتحول لدى البعض الى عامل سلبي يزيد من تفقيرهن حيث يتم الالتجاء اليه
في اوقات الحاجة كمصاريف طارئة ظرفية كالاعياد، والدخول المدرسي وشهر
رمضان والاعراس والمرض ، بالاضافة إلى أن اجراءات أداء أقساط القروض لا
توفر للبعض الآخر الوقت الكافي لجني الارباح واسترجاع رأس المال على الاقل
إن لم تكن خسارة بسبب عدة عوامل كالجفاف وكثرة العرض في المنتوجات وسوء
التفاهم داخل مكونات الجمعية او التعاونية. وقد تم احداث دار للطالبة
بالحوز في مدينة مراكش لتقريب وتمكين الفتاة القروية من التعليم الجامعي
في مختلف الكليات وتستفيد منها الدفعة الثالثة من الموسم الدراسي الحالي،
بمساهمة المبادرة وعدة اطراف من سلطات محلية ومؤسسات عمومية والفضاء
الجمعوي الاقليمي.فالمرأة القروية كانت دائما تؤدي خدمات متعددة في سبيل
حياة وعيش اسرتها، فبالاضافة الى الاشغال المنزلية وتربية الاطفال ، تساهم
في الاشغال الفلاحية مساعدة زوجها في الحرث والحصاد وجني المحاصيل
كالزيتون والجوز واللوز وتربية الماشية ، وهذه المساهمة كلها تأتي في سياق
طبيعة الفتاة الجبلية والقروية بشكل عام التي كانت سباقة للظهور في العالم
الخارجي عن فضاء المنزل، فهي عبر الازمنة تقوم بالرعي في الحقول والبحث عن
الحطب في الغابات وجلب الماء من العيون والاودية حيث تشارك في هذه
المجموعة من الوظائف زميلها في الدوار، ومن خلال ذلك فإن مجال علاقات
الفتاة القروية بصديقها الشاب كان واسعا جدا يفضي الى تبادل العواطف
والمشاعر ، فالحوار والتفاهم ثم الزواج في اغلب الاحيان، وهذا يعني ان
الزوج لا يفرض عليها في كثير من الاحوال او أنها تتزوج بشكل قطعي من شخص
لم يسبق ان تعرفت عليه، فالحياة في البادية تجمع الرجل والمرأة في كثير من
المناسبات دون ان يختفي الواحد عن الآخر خاصة في الافراح والاعياد حيث
يتجمع السكان في ساحات عمومية «اسايس» للغناء والرقص وممارسة مختلف اشكال
الفرجة بشكل يختلط فيه الجنسان، وهذه التقاليد والاعراف تجعل اغلبية سكان
الدوار يتصاهرون فيما بينهم و على أساس رغبة مشتركة بين الفتاة وخطيبها،
وهذا لا ينفي ان هناك حالات وهي شاذة يفرض فيها الزوج على الفتاة من طرف
الآباء، وهي نماذج تقل بشكل تدريجي في السنوات الأخيرة ، حيث بدأ تمدرس
الفتاة ينتشر في البادية خاصة مع بداية تقريب التعليم الاعدادي والثانوي
منها ، بالاضافة الى اهتمام المجتمع المدني بالمرأة القروية بجانب مؤسسات
الدولة من أجل محاربة الأمية.