ابراهيم عليه السلام
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ابراهيم عليه السلام
أبوالأنبياء
بقلم- د.عبدالباسط أمين
سيدنا إبراهيم عليه السلام هو إبراهيم بن
تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ ابن
سام بن نوح عليه السلام. وهذا النسب قد نص عليه أهل الكتاب في كتابهم وذكر
الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن اسحاق بن بشر الكاهلي أن اسم أم إبراهيم
عليه السلام كان "أميلة".
وقال الكلبي:كان اسمها "بونا" بنت كربتا بن كرثي من بني أرفخشذ بن
سام بن نوح وقيل أن عمر "تارخ" أبوإبراهيم عليه السلام كان خمساً وسبعين
عاماً حين ولد له إبراهيم عليه السلام.وناحور وهاران. وولدلهاران "لوط"
عليه السلام.
وان إبراهيم عليه السلام هو الأوسط. وان هاران مات في حياة ابيه في أرضه التي ولد فيها. وهي أرض الكلدانيين أي أرض بابل.
وهذا هو الصحيح والمشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار وصحح ذلك
الحافظ ابن عساكر. فبعد أن روي عن ابن عباس قوله:ولد إبراهيم بغوطه دمشق.
في قرية بقال لها برزة. في جبل يقال له "ساسيون". ثم قال: والصحيح أنه ولد
ببابل وانما نسب اليه هذا المقام لأنه صلي فيه إذا جاء معيناً للوط عليه
السلام.
وقد تزوج إبراهيم عليه السلام "سارة" وكانت عاقراً لاتلد. وتزوج أخوه
"ناحور" ملكا ابنة هاران يعنون ابنة أخيه حيث كان ذلك مباحاً في ذلك
الزمان.
وانطلق تارخ بابنة إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران
مهاجراً من أرض الكالدانيين بابل إلي أرض الكنعانيين. فنزلوا حران فمات
فيها تارخ وله مائتان وخمسون سنة.
ثم ارتحل إبراهيم ومن معه بعد وفاة والده إلي أرض الكنعانيين. وهي
بلاد بيت المقدس. فأقاموا بحران وهي أرض الكلدانيين في ذلك الزمان وكذلك
أرض الجزيرة والشام أيضاً. وكانوا يعيدون الكواكب السبعة ويعملون لها
أعياداً ويقدمون لها القرابين.
وكان أهل حران يعبدون الكواكب أيضاً والأصنام وكل من كان علي وجه
الأرض كانوا كفاراً. سوي إبراهيم الخليل وامراته وابن أخيه لوط عليه
السلام.
فلقد كانت عناية الله تعالي تحرس إبراهيم عليه السلام ومن معه
وترعاهم من أن يشركوا بالله شيئاً. وكان إبراهيم عليه السلام هو الذي أزال
الله به تلك الشرور. وأبطل به ذاك الضلال. فإن الله تعالي قد آتاه رشده في
صغره وان بعثه رسولاً واتخذه خليلاً في كبره قال تعالي: "ولقد آتينا
إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين" "الأنبياء: 51".
وقال الله تعالي في وصف إبراهيم عليه السلام: "واذكر في الكتاب
إبراهيم انه كان صديقاً نبيا" "مريم: 41" وقال تعالي: "إن إبراهيم كان أمة
قانتا لله حنيفا" "النحل: 120".
ومعني "كان أمة" أي أنه أخذ جميع المواهب والكمالات الموجودة في أمة
كاملة.. ومعني "الصديق" هو الذي بلغ النهاية في تصديق الحق. فيورثه الله
تعالي شفافية واشراقاً يعرف بها الحق من الباطل من أول نظرة.
وكان إبراهيم عليه السلام معروفاً بالكرم والجود. فقد روي ابن عساكر
من غير وجه عن عكرمة أنه قال: كان إبراهيم عليه السلام يكني "أبا
الضيفان".
وكان أول دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه.وكان أبوه ممن يعبد
الأصنام. ولأنه أحق الناس باخلاص النصيحة له بدأ به قال تعالي: "واذكر في
الكتاب إبراهيم انه كان صديقاً نبياً. إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما
لايسمع ولايبصر ولايغني عنك شيئاً. يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم
يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً. يا أبت لاتعبد الشيطان. إن الشيطان كان
للرحمن عصياً. يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان
ولياً" "مريم 41 -45".
ولكن أباه لم يقبل منه هذا الرشد ولم يأخذ عنه هذه النصيحة الغالية.
بل تهدده وتوعده قال تعالي: "أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم. لئن لم تنته
لارجمنك واهجرني مليا" "مريم: 46".
وقيل كان ذلك بالمقال وقيل بالفعال.
ولكن إبراهيم البار بوالده يرد علي هذا التهديد والوعيد قائلاً: "سلام
عليك سأستغفر لك ربي. أنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله
وأدعوا ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقيا" "مريم 47 -48".
وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته. فلما تبين له
أنه عدو لله تبرأه منه قال تعالي "وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن
موعدة وعدها اياه. فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه
حليم" "التوبة: 114".
وقد اختلف في اسم أبوإبراهيم عليه السلام قال تعالي: "وإذ قال
إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة. إني أراك وقومك في ضلال مبين"
"الأنعام: 74".
وهذا يدل علي أن اسم أبوإبراهيم عليه السلام آزر وجمهور أهل النسب.
منهم ابن عباس.علي أن اسم ابيه "تارخ" وأهل الكتاب يقولون "تارخ" بالخاء
المعجمة. وقيل انه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر.
وقال ابن جرير:والصواب ان اسمه آزر ولعل له اسمين علمين أو أحدهما لقب والآخر علم.وذلك محتمل عند ابن كثير.
ولكن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي له رأي آخر وهو ما نرجحه حيث
قال رحمه الله: "ولايؤتي بالعلم بعد الأبوة إلا إذا كان يقصد به العم.
فالقرآن اعتبر العم أباً فكأن الأبوة شائعة بين الأب الحقيقي والعم".
فرأي الجمهور من أهل النسب ومعهم ابن عباس رضي الله عنه وفضيلة الشيخ
محمد متولي الشعراوي هو الأرجح. ومن المحتمل أن يكون "تارخ" والد إبراهيم
قد توفي بحران قبل بعثة إبراهيم عليه السلام.
خديجة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 541
العمر : 49
Localisation : تمارة
Emploi : موظفة قطاع خاص
تاريخ التسجيل : 25/03/2008
رد: ابراهيم عليه السلام
|
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: ابراهيم عليه السلام
السيدتان هاجر وسارة.. وسيدنا إبراهيم عليه السلام |
بقلم: د.عبدالباسط أمين |
لما يئس الخليل إبراهيم عليه السلام من أهل بابل وحران ولم يؤمن به إلا ابن أخيه لوط هجر قومه في الله. وهاجر من بين أظهرهم ومعه ابن أخيه لوط. وزوجته سارة وفي ذلك يقول تعالي: "فآمن له لوط. وقال إني مهاجر إلي ربي. إنه هو العزيز الحكيم" "العنكبوت: 26". وقال تعالي: "ونجيناه ولوطا إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين" "الأنبياء: .72 والأرض التي قصدها بالهجرة قيل: هي أرض الشام. قاله أبي بن كعب وأبوالعالية وقتادة وغيرهم وقيل هي مكة رواه العوفي عن ابن عباس وزعم كعب الأحبار أنها "نجران". وسبق أن قلنا عن أهل الكتاب أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط وأخوه ناحور وامرأة إبراهيم سارة وامرأة أخيه "ملكا" فنزلوا حران. فمات "تارخ" أبو إبراهيم بها. وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوصي الله إليه: "إني جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك" فابتني إبراهيم مذبحا لله شكرا علي هذه النعمة وضرب قبته شرقي بيت المقدس ثم انطلق مرتحلا إلي اليمن وأنه كان هناك جوع أي قحط وشدة غلاء فارتحلوا إلي مصر. وذكروا قصة سارة مع ملك مصر الذي كان زير نساء وأن إبراهيم قال لسارة: قولي أنا أخته وذكروا إقدام الملك إياها هاجر ثم أخرجهم منها فرجعوا إلي بلاد اليمن يعني أرض بيت المقدس وما والاها ومعه دواب وعبيد وأموال. وقد روي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات: اثنتان منهن في ذات الله قوله: "إني سقيم" الصافات: 89 وقوله: "بل فعله كبيرهم هذا" الأنبياء: 63 وقال بينما هو ذات يوم وسارة إذ أتي علي جبار من الجبابرة فقيل له: إن ها هنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس فارسل إليه وسأله عنها فقال: من هذه؟ قال: أختي فأتي سارة فقال: يا سارة.. ليس علي وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك. وأن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني فأرسل إليها -أي الملك- فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ فقال: ادعي الله لي ولأضرك فدعت الله فأطلق. ثم تناولها الثانية مثلها أو أشد. فقال: ادعي الله لي ولا أضرك فدعت فأطلق. فدعا بعض حجبته فقال: إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخذتها هاجر أي وهبها جارية اسمها هاجر فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم؟ فقالت: رد الله كيد الكافر في نحره وأخدم هاجر. فقوله في الحديث: "هي أختي" أي في دين الله وقوله لها: "إنه ليس علي وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك" يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ويتعين حمله علي هذا لأن لوطا كان معهم وهو نبي عليه السلام وقوله لها لما رجعت إليه: مهيم؟ معناه ما الخير فقالت: إن الله رد كيد الكافرين وفي رواية: الفاجر وهو الملك وأخدم جارية. وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلي الملك يصلي لله عز وجل ويسأله أن يدفع عن أهله وهكذا فعلت هي أيضا وصدق الله العظيم إذ يقول: "واستعينوا بالصبر والصلاة" البقرة: .45 وروي في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين إبراهيم عليه السلام وبينها فكان مشاهدا لها وهي عند الملك ليكون ذلك أطيب لقلبه وأقر لعينه وأشد لطمأنينته فإن كان يحبها حبا شديدا لدينها وقرابتها منه وحسنها الباهر فإنه قد قيل إنه لم تكن امرأة بعد حواء إلي زمانها أحسن منها. وذكر بعض أهل التواريخ أن فرعون مصر هذا كان أخا للضحاك الملك المشهور بالظلم وكان عاملا لأخيه علي مصر ويقال كان اسمه سنان بن علوان ابن عويج بن عملاق بن لاوذ من سام بن نوح وذكر ابن هشام أن الذي أرادها عمرو بن أمريء القيض بن مايلون بن سبأ وكان علي مصر. ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلي بلاد اليمن وهي الأرض المقدسة التي كان فيها ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل وصحبتهم هاجر القبطية المصرية. ثم إن لوطا عليه السلام نزح بماله من الأموال المجزية بأمر الخليل له في ذلك إلي أرض الغور فنزل بمدينة سدوم مدينة قديمة في فلسطين علي شاطيء البحر الميت وكان أهلها أشراراً كفارا فجارا. وأوحي الله تعالي إلي إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره وينظر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلي آخر الدهر وسأكثر ذريتك حتي يصيروا بعدد التراب وهذه البشارة اتصلت بهذه الأمة. قالوا: ثم إن طائفة من الجبارين تسلطوا علي لوط عليه السلام فأسروه وأخذوا أمواله فلما بلغ الخبر إبراهيم الخليل سار إليهم في ثلاثمائة وثمانية عشر رجلا فاستنقذ لوطا عليه السلام واسترجع أمواله وقتل من أعداء الله ورسوله خلفا كثيرا وهزمهم وساق في آثارهم حتي وصل إلي شمالي دمشق وعسكر بظاهرها عند برزة وأظن مقام إبراهيم إنما سمي لأنه كان موقف جيش الخليل ثم رجع مؤيدا مع عمه إبراهيم وتلقاه ملوك بيت المقدس معظمين له مكرمين خاضعين واستقر ببلاده يدعو إلي الله عز وجل بالحسني والمجادلة بالتي هي أحسن ونخرج من ذلك بأهمية: الصبر والصلاة وأن الهجرة من ديار الكفر إلي أرض يعبد فيها الله وحده جائزة وأن الكذب للتعمية علي أعداء الله جائزة وأن الله عز وجل بالغ أمره وناصر رسله وأنبيائه. |
|
القيطي- عدد الرسائل : 1883
العمر : 59
Localisation : maghreb
تاريخ التسجيل : 30/06/2006
تحقق دعوة إبراهيم "عليه السلام"
تحقق دعوة إبراهيم "عليه السلام" |
بقلم: د. عبدالباسط أمين |
روي البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أول ما اتخذه النساء المنطق من قبل أم إسماعيل. اتخذت منطقاً لتقفي أثرها علي سارة. ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل. وهي ترضعه. حتي وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلي المسجد. وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء. فوضعهما هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر. وسقاء فيه ماء. ثم قفي إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل. فقالت: يا إبراهيم.. أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها. فقالت له: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا. ثم رجعت. فانطلق إبراهيم. حتي إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت. ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال كما قص علينا القرآن: "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم. وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون" "إبراهيم: 37" وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل و تشرب من ذلك الماء. حتي إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها. وجعلت تنظر إليه يتلوي. فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يتلوي. فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها. فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل تري أحداً فلم تر أحداً. فهبطت من الصفا حتي إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف ذراعها. ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتي جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها. ونظرت هل تري أحداً. فلم تر أحداً. فعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال النبي صلي الله عليه وسلم: "فذلك سعي الناس بينهما". فلما أشرفت علي المروة سمعت صوتاً فقالت: صه. تريد نفسها. ثم تسمعت فسمعت أيضاً. فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم. فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتي ظهر الماء. فجعلت تحوطه وتقول بيدها هكذا. وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف. قال ابن عباس: قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يرحم الله أم إسماعيل! لو تركت زمزم أو قال: لو لم تغرف من الماء. لكانت زمزم عيناً معيناً". قال: فشربت وأرضعت ولدها. فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة. فإن هاهنا بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه. وإن الله لا يضيع أهله" "الحديث رواه البخاري في صحيحه". وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية. تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله. فكانت كذلك حتي مرت بهم رفقة من قبيلة جرهم أو أهل بيت من جرهم. مقبلين من طريق كداء. ونزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائقاً. فقالوا: إن هذا الطائر ليدور علي ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء. فأرسلوا رسولين فإذا هم بالماء. فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا. قال: وأم إسماعيل عند الماء. فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم. ولكن لا حق لكم في الماء عندنا. قالوا: نعم. وبهذا تحققت دعوة إبراهيم. فقد رزقهم الماء والثمرات وجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم. قال ابن عباس: قال النبي صلي الله عليه وسلم: "فألف ذلك إسماعيل وهي تحب الأنس. فنزلوا وأرسلوا إلي أهليهم فنزلوا معهم حتي إذا كان بها أهل أبيات منهم. وشب إسماعيل بينهم وتعلم العربية منهم. ولما أدرك زوجوه امرأة منهم. وماتت أم إسماعيل بعد ذلك. فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل. فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. ثم سألها عن حالهم وعيشهم وهيئتهم. فقالت: نحن بشر. نحن في ضيق شديد. وشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال: هل جاءكم من أحد؟ فقالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا. فسألني عنك فأخبرته. وسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم. أمرني أن أقرأ عليك السلام. ويقول لك غيّر عتبة بابك. قال: ذاك أبي. وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك. وطلقها ثم تزوّج بأخري منهم أيضاً. ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله. ثم أتاهم بعد فلم يجده. فدخل علي امرأته فسألها عنه. فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألهم عن عيشهم وهيئتهم وحالهم؟ فقالت: نحن بخير وسعة. وأثنت علي الله عز وجل. فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. قال: "اللهم بارك لهم في اللحم والماء". قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام. ومريه أن يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم. أتانا شيخ حسن الهيئة. وأثنت عليه. فسألني عنك. فأخبرته. فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير. قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم. هو يقرأ عليك السلام. ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة. أمرني أن أمسكك فلا أطلقك. وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده من العبيد وغيرهم فختنهم. وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره. فيكون عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة. وهذا امتثال لأمر الله عز وجل في أهله. فيدل علي أنه فعله علي وجه الوجوب. ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أنه واجب علي الرجال. وروي البخاري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم: "اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم" وفي رواية لابن حبان في صحيحه: أنه اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة. |
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
إبراهيم عليه السلام الذي وفي
لما وفي إبراهيم عليه السلام بما أمره به ربه من التكاليف العظيمة جعله للناس إماماًَ يقتدون به ويأتمون بهديه وجعل الإمامة متصلة بسببه وباقية في نسبه وخالدة في عقبه فقال تعالي: "وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً. قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" "البقرة: 124".
وقال تعالي: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين" "العنكبوت: 27".
وقال تعالي: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا علي العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم" "الأنعام: 84 87".
والضمير في قوله "ومن ذريته" عائد علي إبراهيم المشهور ولوط وان كان ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليباً.
وكل كتاب أنزل من السماء علي نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان إسماعيل من هاجر ثم إسحاق من سارة وولد لاسحاق يعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه سائر أسباطهم فكانت فيهم النبوة وكثرون جداً بحيث لا يعلم عددهم إلا الذين بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة حتي ختموا بعيسي ابن مريم من بني إسرائيل وأما إسماعيل عليه السلام فكانت منه العرب علي اختلاف قبائلها ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوي خاتمهم علي الإطلاق وسيدهم محمد صلي الله عليه وسلم.
وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم قدرة الله تعالي علي إحياء الموتي علماً يقيناً ولكنه أحب أن يشاهد ذلك عياناً ويترقي من علم اليقين إلي عين اليقين فأجابه الله إلي سؤاله وأمره أن يعمد إلي أربعة من الطير فيمزق لحومهن وريشهن ويخلط بعضه ببعض ثم يقسمه قسماً فيجعل علي كل جبل منهن جزءاً ففعل إبراهيم ما أمر به ثم أمره ربه أن يدعهن فلما دعاهن طار كل عضو إلي صاحبه وكل ريشة إلي أختها حتي اجتمع بدن كل طائر علي ما كان عليه وقيل انه أخذ رؤوسهن في يده فجعل كل طائر يأتي فيلقي رأسه فيتركب علي جثته كما كان وهذا ما صوره الله تعالي في قوله: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم" "البقرة: 260".
وقد أنكر تعالي علي أهل الكتاب من اليهود والنصاري دعواهم ان إبراهيم كان ملتهم وطريقتهم فبرأه الله تعالي منهم وبين كثرة جهلهم وقلة علمهم وبين ان التوراة والإنجيل ما أنزلت إلا من بعده وأنه كان علي دين الله الحنيف وهو الإسلام بمعني الاستسلام لله تعالي وحده والاخلاص له والانحراف عن الباطل عمداً إلي الحق الذي هو مخالف لليهودية والنصرانية والمشركين فقال تعالي: "يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلا تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين" "آل عمران: 65 68".
وبعد أن نزه الله عز وجل خليله إبراهيم عن أن يكون يهودياً أو نصرانياً وبين انه كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين بين أيضاً أن أولي الناس بإبراهيم الذين كانوا علي ملته من أتباعه في زمانه والنبي محمد صلي الله عليه وسلم وأتباعه كما بين أنه كان أمة وحدة فقال تعالي: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" "النحل: 120".
وقد سفه تعالي من يرغب عن ملة إبراهيم فقال: "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" "البقرة: 130".
ورغب تعالي في اتباع ملة إبراهيم عليه السلام لأنه كان علي الدين القويم والصراط المستقيم ولهذا اتخذه الله خليلاً والخلة هي غاية المحبة قال تعالي: "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتباع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلاً" "النساء: 125".
وقد نال هذه المرتبة أيضاً خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم.
وقد ذكر الله تعالي الخليل إبراهيم في القرآن كثيراً في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له فقيل إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعاً منها خمسة عشر في البقرة وحدها.
فهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص علي أسمائهم في سورتي الأحزاب والشوري في قوله تعالي: "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسي وعيسي ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً" "الأحزاب: 7" وفي قوله تعالي: "شرع لكم من الدين ما وصي به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" "الشوري: 13" ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلي الله عليه وسلم.
وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسنداً ظهره بالبيت المعمور في ليلة المعراج.
وروي البخاري في صحيحه عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم.
وروي الإمام أحمد عن سعيد بن جبير عن أبي عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "يحشر الناس عراة غرلاًً فأول من يكسي إبراهيم عليه السلام".
ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولي العزم بعد محمد صلي الله عليه وسلم أمر المصلي ان يقول في تشهده كما ثبت في الصحيحين اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم".
وروي عبدالرازق عن ابن عباس في قوله تعالي: "وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" "البقرة: 124" قال: ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس. وخمس في الجسد في الرأس: قص الشارب. والمضمضة. والسواك والاستنشاق. وفرق الرأس وفي الجسد: تقليم الأظافر. وحلق العانة. والختان. نتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء.
وروي الحافظ أبوبكر البزار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن في الجنة قصراً أحسبه قال من لؤلؤة ليس فيه فصم ولا هي أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلاً".
وقد روي ابن عساكر عن غير واحد من السلف عن أخبار أهل الكتاب في صفة مجيء ملك الموت إلي إبراهيم عليه السلام أخبار كثيرة الله أعلم بصحتها وقد قيل إنه مات فجزة.
والذي عند أهل الكتاب ان إبراهيم مرض ثم مات عن مائة وخمس وسبعين سنة وقيل وتسعين سنة ودفن في المغارة المذكورة التي كانت يحبرون الحيثي بجوار امرأته سارة التي كانت في مزرعة عفرون الحيثي وتولي دفنه إسماعيل واسحاق عليهما السلام وقد ورد ما يدل علي أنه عاش مائتي سنة كما قال بن الكلبي.
وقبر إبراهيم عليه السلام وقبر ولده إسحاق وقبر يعقوب بن اسحاق في المربعة التي بناها سليمان بن داود عليهم السلام ببلد حبرون وهو البلد المعروف اليوم بالخليل في فلسطين وهذا كما يقول ابن كثير متلقي بالتواتر أمة بعد أمة وجيلاً بعد جيل من زمن بني إسرائيل وإلي زماننا هذا ان قبره بالمربعة تحقيقاً وأما تعيينه منها فليس فيه خير صحيح عن معصوم فينبغي أن تراعي تلك المحلة كلها وان تحترم احترام مثلها وان تبجل وان تجل ان لا يداس في أرجائها خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها.
وصدق الله العظيم القائل في حق إبراهيم "وإبراهيم الذي وفي" "النجم : 37".
وقال تعالي: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين" "العنكبوت: 27".
وقال تعالي: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا علي العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم" "الأنعام: 84 87".
والضمير في قوله "ومن ذريته" عائد علي إبراهيم المشهور ولوط وان كان ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليباً.
وكل كتاب أنزل من السماء علي نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان إسماعيل من هاجر ثم إسحاق من سارة وولد لاسحاق يعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه سائر أسباطهم فكانت فيهم النبوة وكثرون جداً بحيث لا يعلم عددهم إلا الذين بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة حتي ختموا بعيسي ابن مريم من بني إسرائيل وأما إسماعيل عليه السلام فكانت منه العرب علي اختلاف قبائلها ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوي خاتمهم علي الإطلاق وسيدهم محمد صلي الله عليه وسلم.
وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم قدرة الله تعالي علي إحياء الموتي علماً يقيناً ولكنه أحب أن يشاهد ذلك عياناً ويترقي من علم اليقين إلي عين اليقين فأجابه الله إلي سؤاله وأمره أن يعمد إلي أربعة من الطير فيمزق لحومهن وريشهن ويخلط بعضه ببعض ثم يقسمه قسماً فيجعل علي كل جبل منهن جزءاً ففعل إبراهيم ما أمر به ثم أمره ربه أن يدعهن فلما دعاهن طار كل عضو إلي صاحبه وكل ريشة إلي أختها حتي اجتمع بدن كل طائر علي ما كان عليه وقيل انه أخذ رؤوسهن في يده فجعل كل طائر يأتي فيلقي رأسه فيتركب علي جثته كما كان وهذا ما صوره الله تعالي في قوله: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم" "البقرة: 260".
وقد أنكر تعالي علي أهل الكتاب من اليهود والنصاري دعواهم ان إبراهيم كان ملتهم وطريقتهم فبرأه الله تعالي منهم وبين كثرة جهلهم وقلة علمهم وبين ان التوراة والإنجيل ما أنزلت إلا من بعده وأنه كان علي دين الله الحنيف وهو الإسلام بمعني الاستسلام لله تعالي وحده والاخلاص له والانحراف عن الباطل عمداً إلي الحق الذي هو مخالف لليهودية والنصرانية والمشركين فقال تعالي: "يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلا تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين" "آل عمران: 65 68".
وبعد أن نزه الله عز وجل خليله إبراهيم عن أن يكون يهودياً أو نصرانياً وبين انه كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين بين أيضاً أن أولي الناس بإبراهيم الذين كانوا علي ملته من أتباعه في زمانه والنبي محمد صلي الله عليه وسلم وأتباعه كما بين أنه كان أمة وحدة فقال تعالي: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" "النحل: 120".
وقد سفه تعالي من يرغب عن ملة إبراهيم فقال: "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" "البقرة: 130".
ورغب تعالي في اتباع ملة إبراهيم عليه السلام لأنه كان علي الدين القويم والصراط المستقيم ولهذا اتخذه الله خليلاً والخلة هي غاية المحبة قال تعالي: "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتباع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلاً" "النساء: 125".
وقد نال هذه المرتبة أيضاً خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم.
وقد ذكر الله تعالي الخليل إبراهيم في القرآن كثيراً في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له فقيل إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعاً منها خمسة عشر في البقرة وحدها.
فهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص علي أسمائهم في سورتي الأحزاب والشوري في قوله تعالي: "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسي وعيسي ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً" "الأحزاب: 7" وفي قوله تعالي: "شرع لكم من الدين ما وصي به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" "الشوري: 13" ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلي الله عليه وسلم.
وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسنداً ظهره بالبيت المعمور في ليلة المعراج.
وروي البخاري في صحيحه عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم.
وروي الإمام أحمد عن سعيد بن جبير عن أبي عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "يحشر الناس عراة غرلاًً فأول من يكسي إبراهيم عليه السلام".
ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولي العزم بعد محمد صلي الله عليه وسلم أمر المصلي ان يقول في تشهده كما ثبت في الصحيحين اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم".
وروي عبدالرازق عن ابن عباس في قوله تعالي: "وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" "البقرة: 124" قال: ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس. وخمس في الجسد في الرأس: قص الشارب. والمضمضة. والسواك والاستنشاق. وفرق الرأس وفي الجسد: تقليم الأظافر. وحلق العانة. والختان. نتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء.
وروي الحافظ أبوبكر البزار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن في الجنة قصراً أحسبه قال من لؤلؤة ليس فيه فصم ولا هي أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلاً".
وقد روي ابن عساكر عن غير واحد من السلف عن أخبار أهل الكتاب في صفة مجيء ملك الموت إلي إبراهيم عليه السلام أخبار كثيرة الله أعلم بصحتها وقد قيل إنه مات فجزة.
والذي عند أهل الكتاب ان إبراهيم مرض ثم مات عن مائة وخمس وسبعين سنة وقيل وتسعين سنة ودفن في المغارة المذكورة التي كانت يحبرون الحيثي بجوار امرأته سارة التي كانت في مزرعة عفرون الحيثي وتولي دفنه إسماعيل واسحاق عليهما السلام وقد ورد ما يدل علي أنه عاش مائتي سنة كما قال بن الكلبي.
وقبر إبراهيم عليه السلام وقبر ولده إسحاق وقبر يعقوب بن اسحاق في المربعة التي بناها سليمان بن داود عليهم السلام ببلد حبرون وهو البلد المعروف اليوم بالخليل في فلسطين وهذا كما يقول ابن كثير متلقي بالتواتر أمة بعد أمة وجيلاً بعد جيل من زمن بني إسرائيل وإلي زماننا هذا ان قبره بالمربعة تحقيقاً وأما تعيينه منها فليس فيه خير صحيح عن معصوم فينبغي أن تراعي تلك المحلة كلها وان تحترم احترام مثلها وان تبجل وان تجل ان لا يداس في أرجائها خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها.
وصدق الله العظيم القائل في حق إبراهيم "وإبراهيم الذي وفي" "النجم : 37".
بقلم: د. عبدالباسط أمين
الباحث بمجمع البحوث الإسلامية
الباحث بمجمع البحوث الإسلامية
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
سلام علي إبراهيم
ليس معني انقضاء أيام عيد الأضحي المبارك أن التضحية انتهي وقتها.
فالأضحية المشروعة في هذا العيد إنما هي رمز للتضحية التي يجب أن يمارسها
المسلم طوال أيام حياته. والتضحية لا تكون إلا بالشيء الغالي النفيس وإلا
لما سميت تضحية. فالإنسان يضحي بالغالي النفيس ليستبقي أو ليغنم ما هو
أغلي منه وأعلي نفاسة. ومثال الأضحية أو التضحية التي اختبر الله بها
سيدنا إبراهيم عليه السلام مثال عال. فالابن فلذة كبد أبيه. وإذا تمني
إنسان أن يكون أحد أعلي قدراً وأكثر نعمة منه فلا يكون ذلك إلا من والد
لولده. فما بالنا إذا ما كان هذا الولد محل اختبار لأبيه؟!
والناظر إلي قصة سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل يري عجباً.
فإبراهيم رزق بالولد بعد أن تقدم في السن. ومثل هذا الولد لدي أبيه العجوز
يعيش في حفظ وصيانة ورغد علي حساب أبيه حتي ولو كان أبوه لا يجد من ضرورات
حياته ما يكفيه. ويكبر الولد ويصبح صبياً يافعاً يقدر علي تحمل بعض العبء
عن أبيه في هذا الوقت الذي ينوء كاهل الأب بأعباء حياته وحياة من يعول.
فإذا جاء هذا الوقت وبلغ الولد من القدرة الجسدية ما يجعله يتحمل عن أبيه
العبء الثقيل أو بعض العبء تصبح سعادته جزءاً من مشاعره. فإذا جاءه الأمر
بتوديع هذه السعادة ليس إلي فقدانها فقط. وإنما إلي الشقاء الذي هو ضدها
فإن الأمر يصبح بالغ الخطورة.
إبراهيم يعلم شدة الموقف ليس بالنسبة له فهو سينفذ الأمر بذبح ولده
لا محالة. ولكنه أراد أن يعيش ابنه معه في هذا الموقف فقال له: "يا بني
إني أري في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا تري" وإبراهيم لا يريد بهذا القول
والتفويض إلي ابنه به أن يأخذ رأيه. وأن الابن قد يقبل وقد يرفض. والرفض
أكثر احتمالاً. لكن الذي يتحدث نبي. وهو لا يتحدث من تلقاء نفسه وإنما
بأمر من الله سبحانه وتعالي. والابن الذي يتلقي الخبر نواة نبي. وهو كما
نقول في حياتنا المعاصرة يعيش مرحلة بناء النبوة في كيانه الروحي والجسدي.
في المعني والمبني. فهو يدرك أهمية الموقف ولا يدور بخلده أنه يسمع من
أبيه دعابة ثقيلة. وإنما هو يسمع حقيقة بالغة التأكيد. وسواء قبل الابن
الاستسلام أم رفض وقاوم فإن أباه سيذبحه لا محالة. فالأمر من الله. ولذلك
قال إسماعيل لأبيه يا أبت افعل ما تؤمر. ولأن إسماعيل يشعر بقسوة الموقف
علي أبيه أراد أن يطمئنه علي الاستسلام للذبح قائلاً: "ستجدني إن شاء الله
من الصابرين".
الابن ملقي علي الأرض في رقدته للذبح. والأب يحمل في يده السكين
الحادة التي لا يقف أمامها لحم ولا عظم. والإصرار في عينيه يؤكد عدم
التردد. ويضع السكين علي عنق ابنه ليذبحه. ولكن الله سبحانه وتعالي الذي
جعل في السكين القدرة علي الفعل أوقف هذه القدرة فنزع من السكين حدتها فهي
لا تذبح ولا تسيل دماً. وعندئذ نادي الله إبراهيم أن يتوقف عما يريد من
تنفيذ أمر الله بذبح ولده.
كان الموقف قاسياً وشديداً. لكنه ما دام يتعلق بتنفيذ أمر الله
سبحانه وتعالي فهو سهل علي النفس مقبول. بل إن النفس به أشد ترحيباً.
والأمثلة في التاريخ الإسلامي كثيرة كثيرة. فالله سبحانه يطمئن النفوس
المؤمنة بأن الشدة التي يبتليها بها لا يكون من ورائها إلا الخير. وهو
القائل في محكم كتابه مخاطباً المؤمنين: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم.
وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم. والله
يعلم وأنتم لا تعلمون" الآية 216 من سورة البقرة.
الشدة في الموقف لا يتحملها فرد ركبت في داخله إنسانية الإنسان. ولكن
الأنبياء ركبت في داخلهم مشاعر الطاعة لله مهما تكن هذه الطاعة قاسية
شديدة منافية للأعراف وللإحساس بالأبوة نحو الأبناء. لكن الأب أراد أن
يؤنس ولده بتلقي الفعل المأمور به من الله: "يا بني إني أري في المنام أني
أذبحك فأنظر ماذا تري" والموقف ليس استفهاماً من الأب نحو الابن. فهو
سيذبحه سيذبحه. لأن الأمر من الله. ولأن الابن يدرك ذلك فقد قال لأبيه:
"يا أبت افعل ما تؤمر" وأراد أن يخفف الموقف علي نفس أبيه فقال: "ستجدني
إن شاء الله من الصابرين" وتهيأ الابن للذبح. وتهيأ الأب للتنفيذ وجاء علي
الفور أمر الله بالإعفاء من الموقف. وقال سبحانه: "وفديناه بذبح عظيم
وتركنا عليه في الآخرين سلام علي إبراهيم".
فالأضحية المشروعة في هذا العيد إنما هي رمز للتضحية التي يجب أن يمارسها
المسلم طوال أيام حياته. والتضحية لا تكون إلا بالشيء الغالي النفيس وإلا
لما سميت تضحية. فالإنسان يضحي بالغالي النفيس ليستبقي أو ليغنم ما هو
أغلي منه وأعلي نفاسة. ومثال الأضحية أو التضحية التي اختبر الله بها
سيدنا إبراهيم عليه السلام مثال عال. فالابن فلذة كبد أبيه. وإذا تمني
إنسان أن يكون أحد أعلي قدراً وأكثر نعمة منه فلا يكون ذلك إلا من والد
لولده. فما بالنا إذا ما كان هذا الولد محل اختبار لأبيه؟!
والناظر إلي قصة سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل يري عجباً.
فإبراهيم رزق بالولد بعد أن تقدم في السن. ومثل هذا الولد لدي أبيه العجوز
يعيش في حفظ وصيانة ورغد علي حساب أبيه حتي ولو كان أبوه لا يجد من ضرورات
حياته ما يكفيه. ويكبر الولد ويصبح صبياً يافعاً يقدر علي تحمل بعض العبء
عن أبيه في هذا الوقت الذي ينوء كاهل الأب بأعباء حياته وحياة من يعول.
فإذا جاء هذا الوقت وبلغ الولد من القدرة الجسدية ما يجعله يتحمل عن أبيه
العبء الثقيل أو بعض العبء تصبح سعادته جزءاً من مشاعره. فإذا جاءه الأمر
بتوديع هذه السعادة ليس إلي فقدانها فقط. وإنما إلي الشقاء الذي هو ضدها
فإن الأمر يصبح بالغ الخطورة.
إبراهيم يعلم شدة الموقف ليس بالنسبة له فهو سينفذ الأمر بذبح ولده
لا محالة. ولكنه أراد أن يعيش ابنه معه في هذا الموقف فقال له: "يا بني
إني أري في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا تري" وإبراهيم لا يريد بهذا القول
والتفويض إلي ابنه به أن يأخذ رأيه. وأن الابن قد يقبل وقد يرفض. والرفض
أكثر احتمالاً. لكن الذي يتحدث نبي. وهو لا يتحدث من تلقاء نفسه وإنما
بأمر من الله سبحانه وتعالي. والابن الذي يتلقي الخبر نواة نبي. وهو كما
نقول في حياتنا المعاصرة يعيش مرحلة بناء النبوة في كيانه الروحي والجسدي.
في المعني والمبني. فهو يدرك أهمية الموقف ولا يدور بخلده أنه يسمع من
أبيه دعابة ثقيلة. وإنما هو يسمع حقيقة بالغة التأكيد. وسواء قبل الابن
الاستسلام أم رفض وقاوم فإن أباه سيذبحه لا محالة. فالأمر من الله. ولذلك
قال إسماعيل لأبيه يا أبت افعل ما تؤمر. ولأن إسماعيل يشعر بقسوة الموقف
علي أبيه أراد أن يطمئنه علي الاستسلام للذبح قائلاً: "ستجدني إن شاء الله
من الصابرين".
الابن ملقي علي الأرض في رقدته للذبح. والأب يحمل في يده السكين
الحادة التي لا يقف أمامها لحم ولا عظم. والإصرار في عينيه يؤكد عدم
التردد. ويضع السكين علي عنق ابنه ليذبحه. ولكن الله سبحانه وتعالي الذي
جعل في السكين القدرة علي الفعل أوقف هذه القدرة فنزع من السكين حدتها فهي
لا تذبح ولا تسيل دماً. وعندئذ نادي الله إبراهيم أن يتوقف عما يريد من
تنفيذ أمر الله بذبح ولده.
كان الموقف قاسياً وشديداً. لكنه ما دام يتعلق بتنفيذ أمر الله
سبحانه وتعالي فهو سهل علي النفس مقبول. بل إن النفس به أشد ترحيباً.
والأمثلة في التاريخ الإسلامي كثيرة كثيرة. فالله سبحانه يطمئن النفوس
المؤمنة بأن الشدة التي يبتليها بها لا يكون من ورائها إلا الخير. وهو
القائل في محكم كتابه مخاطباً المؤمنين: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم.
وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم. والله
يعلم وأنتم لا تعلمون" الآية 216 من سورة البقرة.
الشدة في الموقف لا يتحملها فرد ركبت في داخله إنسانية الإنسان. ولكن
الأنبياء ركبت في داخلهم مشاعر الطاعة لله مهما تكن هذه الطاعة قاسية
شديدة منافية للأعراف وللإحساس بالأبوة نحو الأبناء. لكن الأب أراد أن
يؤنس ولده بتلقي الفعل المأمور به من الله: "يا بني إني أري في المنام أني
أذبحك فأنظر ماذا تري" والموقف ليس استفهاماً من الأب نحو الابن. فهو
سيذبحه سيذبحه. لأن الأمر من الله. ولأن الابن يدرك ذلك فقد قال لأبيه:
"يا أبت افعل ما تؤمر" وأراد أن يخفف الموقف علي نفس أبيه فقال: "ستجدني
إن شاء الله من الصابرين" وتهيأ الابن للذبح. وتهيأ الأب للتنفيذ وجاء علي
الفور أمر الله بالإعفاء من الموقف. وقال سبحانه: "وفديناه بذبح عظيم
وتركنا عليه في الآخرين سلام علي إبراهيم".
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
وهل يشك الخليل في قدرة الله ؟
هل صحيح أن الخليل ابراهيم اعتراه شك في طلاقة قدرة الله عز وجل فراح يسأل ربه: أرني كيف تحيي الموتي؟
إن البعض زعم أن ابراهيم عليه السلام قد اعتراه شك في قدرة الله تعالي
فراحپيطلب من ربه أن يريه كيفية احياء الموتي. واستدلوا علي ذلك بما رواه
البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
نحن أحق بالشك من ابراهيم إذپقال رب أرني كيف تحيي الموتي. قال أو لم تؤمن
قال: بلي ولكن ليطمئن قلبي؟
وهذا زعم باطل وفهم سقيم لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعني
الحديث كما يقول ابن عطية في تفسيره: انه لو كان شاكا لكنا نحن أحق به.
ونحن لا نشك فإبراهيم أحري ألا يشك؟!
والمعني أن الخليل عليه السلام أعظم منا إيماناً. وأكمل منا يقينا.
فلو تطرق إلي قلبه شك لكان تطرق الشك إلينا من باب أولي. فإذا كنا لا نشك.
ونحن دونه في المنزلة.. فكيف يشك هو فالحديث ينفي عنه الشك ولا يثبته؟
إن المسألة هي أن الخليل عليه السلام أراد بهذا الطلب أن ينتقل من
علم اليقين إلي عين اليقين. وأن ينزه نفسه في ساحة القدرة الإلهية نزهة
فيها الروحپوالريحان لقد كان هذا الطلب من خليل الرحمن لربه عز وجل بدافع
الحب الإلهي واليقين النقي الصافي. فالمحب يريد أن يعرف من محبوبه مايزيده
به حباً وقرباً. ومايدنيه من حضرة قدسه وجلال عظمته فقد اتخذه الله عز وجل
خليلاً. وأخلصه لنفسه. وأطلعه علي ملكوته. فلا عجب أن يطلب المزيد والمزيد
من معاينة أسرار خلقه وبديع صنعته. وهكذا شأن المؤمن كلما ارتقي درجة من
درجات الحب. واعتلي منصباً من مناصب القرب ازداد شوقه إلي السمو بروحه
وحسه إلي المزيد من الحب والقرب والمشاهدة.
وليس عيباً أن يسأل الخليل ابراهيم هذا السؤال خصوصاً وأن ألطاف الله
تحف به. وهو علي يقين من أن رحمة الله عز وجل لن تنقطع عنه فسأل: رب أرني
كيف تحيي الموتي.. وقد سأل موسي عليه السلام سؤالاً أعظم من هذا فقال: رب
أرني أنظر إليك.
ولذلك كان طبيعياً أن يقول الله له: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك
ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز
حكيم.. وهذا كشف عن تجربة يجريها ابراهيم بنفسه. ويصنعها بيديه. ويشهد
آثارها بعينيه وذلك بأن يأخذ أربعة من الطير فيضمهن إليه. ثم يقطعهن
إرباً. ويجعل علي كل جبل منهن جزءاً. ثم يدعوهن. فإذا بهن يأتينه سعياً
علي أقدامهن بعد أن أن دبت فيهن الحياة بقدرة الله العزيز الغالب الحكيم
الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. هذا وبالله التوفيق.
د.محمد وهدان
إن البعض زعم أن ابراهيم عليه السلام قد اعتراه شك في قدرة الله تعالي
فراحپيطلب من ربه أن يريه كيفية احياء الموتي. واستدلوا علي ذلك بما رواه
البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
نحن أحق بالشك من ابراهيم إذپقال رب أرني كيف تحيي الموتي. قال أو لم تؤمن
قال: بلي ولكن ليطمئن قلبي؟
وهذا زعم باطل وفهم سقيم لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعني
الحديث كما يقول ابن عطية في تفسيره: انه لو كان شاكا لكنا نحن أحق به.
ونحن لا نشك فإبراهيم أحري ألا يشك؟!
والمعني أن الخليل عليه السلام أعظم منا إيماناً. وأكمل منا يقينا.
فلو تطرق إلي قلبه شك لكان تطرق الشك إلينا من باب أولي. فإذا كنا لا نشك.
ونحن دونه في المنزلة.. فكيف يشك هو فالحديث ينفي عنه الشك ولا يثبته؟
إن المسألة هي أن الخليل عليه السلام أراد بهذا الطلب أن ينتقل من
علم اليقين إلي عين اليقين. وأن ينزه نفسه في ساحة القدرة الإلهية نزهة
فيها الروحپوالريحان لقد كان هذا الطلب من خليل الرحمن لربه عز وجل بدافع
الحب الإلهي واليقين النقي الصافي. فالمحب يريد أن يعرف من محبوبه مايزيده
به حباً وقرباً. ومايدنيه من حضرة قدسه وجلال عظمته فقد اتخذه الله عز وجل
خليلاً. وأخلصه لنفسه. وأطلعه علي ملكوته. فلا عجب أن يطلب المزيد والمزيد
من معاينة أسرار خلقه وبديع صنعته. وهكذا شأن المؤمن كلما ارتقي درجة من
درجات الحب. واعتلي منصباً من مناصب القرب ازداد شوقه إلي السمو بروحه
وحسه إلي المزيد من الحب والقرب والمشاهدة.
وليس عيباً أن يسأل الخليل ابراهيم هذا السؤال خصوصاً وأن ألطاف الله
تحف به. وهو علي يقين من أن رحمة الله عز وجل لن تنقطع عنه فسأل: رب أرني
كيف تحيي الموتي.. وقد سأل موسي عليه السلام سؤالاً أعظم من هذا فقال: رب
أرني أنظر إليك.
ولذلك كان طبيعياً أن يقول الله له: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك
ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز
حكيم.. وهذا كشف عن تجربة يجريها ابراهيم بنفسه. ويصنعها بيديه. ويشهد
آثارها بعينيه وذلك بأن يأخذ أربعة من الطير فيضمهن إليه. ثم يقطعهن
إرباً. ويجعل علي كل جبل منهن جزءاً. ثم يدعوهن. فإذا بهن يأتينه سعياً
علي أقدامهن بعد أن أن دبت فيهن الحياة بقدرة الله العزيز الغالب الحكيم
الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. هذا وبالله التوفيق.
د.محمد وهدان
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» قصص الانبياء :محياوي عبد الغني
» سيدنا ابراهيم عليه السـلام
» نوح عليه السلام
» عـُــــــــــــزًيــــــــــــر عليه السلام
» يونس عليه السلام
» سيدنا ابراهيم عليه السـلام
» نوح عليه السلام
» عـُــــــــــــزًيــــــــــــر عليه السلام
» يونس عليه السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى