عيطة " خربوشة "
2 مشترك
صدى الزواقين Echo de Zouakine :: المنتدى الفني :: " مشموم " الاغنية المغربية :: " زهرة " الطرب الشعبي
صفحة 1 من اصل 1
عيطة " خربوشة "
قصة خربـوشة المرأة / العيطة.... ملحمة خربوشة ليست بالعمل الهين، ولا تخلو من مجازفة
خالد الخضري
هي
واحدة من كبريات القصص الشعبي بالمغرب.. لكن لها خصوصية مميزة، هي أنها
ليست قصة متخيلة، بل صاحبتها كانت امرأة من لحم ودم.. امرأة عنوانا
للتحدي.. تحدي الظلم وتحدي منطق الذكورة الذي كان يسعى إلى تمريغ
كبريائها.. لكنها قصة انسلت إليها الأسطورة، لأن صاحبتها كانت أسطورية
بمواقفها في زمنها ذاك البعيد، ذاك الذي كانت فيه للقياد سلطة الحل
والعقد، سلطة حجب الشمس أو إسكان الأنفس في ظلمات العذاب في الأقبية.. هنا
متابعة حكائية وأدبية جميلة، خصنا بها الأستاذ والناقد السينمائي المغربي
خالد الخضري، نتسعيد معه من خلالها قصة امرأة مغربية، قصة خربوشة، تلك
السيدة التي قالت « لا » في زمن لم يكن يسمح للمرأة حتى أن تقول « نعم »،
فكيف بالرفض..
> القسم الثقافي والفني
الجناس:
أما عن الجناسات فقد تكرر عدد منها داخل العيوط:
أنا عيطت طال عياطي أنت شريفي الخياطي
وتقول كذلك:
زيدوا أولاد زيد راه الحال مازال بعيد
فقد
جانست في المقطع الأول بين (عيطت / عياطي) وكلها أفعال مضارعية بمعنى
ندائي وجانست بين (عياطي / خياطي). أما في المقطع الثاني فقد جانست بين
فعل الأمر (زيدو) بمعنى أكملوا الطريق، وبين اسم العلم (زيد) وهو جناس خطي
أو لفظي تام.
وتقول كذلك في عيطة «خربوشة»:
واهيا وين الليلة نباتو زاهيين
فقد
جانست بين لفظة (آهيا وين) بمعنى هؤلاء وهو نداء "أنتم" موجه للجماعة وبين
لفظة (زاهيين) بمعنى فرحين. فالأولى نداء والثانية فعل مضارع ولذلك فهو
جناس ناقص.
وتستمر الشاعرة على هذا المنوال فتقول:
من دار لعار يكد بيه موتة واحدة تلزم
شفت ما شفت أنا شفت خيل ولاد بن عيشة
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
في لامتهم اتكول علامة حافـظـيـن لامـــة
عندما
نمعن النظر في هذه المقطوعة نلاحظ أنها تعبر عن موقف تخاطبي، حيث تخاطب
الشاعرة نفسها وهي تستحضر جزءا من ماضيها، حيث سعت إلى التعبير عن
معاناتها من خلال التكرار (شفت / ما شفت) لتؤكد أنها تعيش حالة عدم
استقرار، وقد جانست بين لفظتين (علامة / لامة) وهو جناس لفظي جزئي لأنه
ناقص .
وعموما فإن جناسات (حادة) لا تخرج عن إفادة المعنى أو بيان نوعه
بالشكل الذي تقصده، وتزداد المقاييس إيضاحا بتقنية أسلوبية أخرى تكاد
تعرفها جل أشعار "حويدة، خربوشة" وهي تداعي الدلالة الذي يتأتى من تجاوز
الألفاظ المشروحة أو الشارحة أو المشتقة كقولها في عيطة «رجانا في العالي»:
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
فلفظة "كحلين" أي أن لونهم أسود تؤكدها لفظة "غريين" أي أن لونهم أشد سوادا. وفي عيطة «خربوشة» جاء قولها:
بابا لغليمي سيدي احمد لعطفة يا بن عباد
زين الصيدة زين السلاك عيسى بن عمر
فالملاحظ
أن جملة "زين السلاك" تشرح جملة "زين الصيدة"، لأنه من المعروف أن
"السلاك" (جمع سلوقي) عنصر أساسي في تكوين خلية الصيد، بالإضافة إلى
الخيول العربية الجيدة ذات اللون الأسود. إن اختيار الشاعرة للون الأسود
لم يأت عبثا، فالخصائص الفيزيقية تجعل منه لونا أسود بيد أن المعنى
الإيحائي يدل على الحزن والتشاؤم، هذا ما تعبر عنه أوصاف حادة (خربوشة،
زروالة، لكريدة) فذمامة وجهها وقبحه جعلها تنزح إلى هذا اللون لتخلق
لنفسها فضاء شعريا تتنفس من خلاله، وبذلك يبدو التطابق في الإيقاع بين
ركني التجانس في كل مثال يعانقه تطابق واتحاد في مدى شعور الشاعرة بالرغم
من تباين الدلالة بينهما، وهنا تبرز مهمة الشاعرة في الجمع بين العناصر
اللغوية المتباعدة التي توحدها في عاطفتها ووجدانها.
خربوشة الملحمة:
إن
ملحمة خربوشة ليست بالعمل الهين، وكل مقاربة نقدية وتصويرية لها لا تخلو
من مجازفة.. لكنها تستحق ذلك، فهذه المرأة التي كتب لها أن توأد حية في
حائط، وأن تخلد ذكرها وذكر من عاصرها بعيوطها لحري بنا نحن العاشقون لفن
العيطة أن نعمل على إحيائها إبداعيا.
إنه عمل مشوق.. مثير.. متسفز..
مخيف ومحبوب في نفس الوقت.. تخاف منه وعليه.. فحواه العميقة ذات بعدين
أولهما اجتماعي سياسي يتجسد في مقاومة ظلم السلطة لا بالعنف والسلاح
الأبيض كما الناري، وإنما بالفن.. فن الإنشاد الشعبي المختزل في مصطلح
واحد ألا وهو "العيطة".
أما ثاني البعدين الذي رمناه في فحوى
سيناريو خربوشة - بعد البعد الاجتماعي والسياسي - فهو فني تراثي ألا وهو
تكريم فن العيطة في حد ذاته، ترميمه والحفاظ عليه مع تنظيفه وتخليصه مما
شابه من قاذورات كثير منها لطخه بها الاستعمار في محاولة لتشويهه ونعته
بفن الدعارة، البغاء وتزلف رجال المخزن، وللازورار بالعيطة عن واحد من أشد
أهدافها نبلا ألا وهو النضال ضد الاستعمار وضد كل أوجه الفساد واستبداد
السلطة، ولنا في عيوط خربوشة خير مثال: إلى درجة أنه وإلى حدود منتصف
القرن العشرين غداة نفي الملك محمد الخامس أصبح عدد من الشيوخ يلتجئ إلى
الرمز والاستعارة لتمرير الخطاب السياسي والنضالي في عيوطهم، منه ما أصبح
يردد في عيطة «حاجتي في كريني» التي هي أصلا من نضم خربوشة، حيث أضيفت
إليها أبيات ذات إيحاءات غزلية بل وجنسية بحتة، في حين أنها تتغنى بجمال
الراية المغربية التي استبدلت حمرتها بحمرة أقدام المعشوقة، كما تم تغيير
اخضرار النجمة الخماسية التي تتوسطها باخضرار الوشم الذي يزين محيى هذه
المعشوقة أيضا:
واجيني يا حمرة الاقدام ووتاك الله بالاوشام
والفيم احمر على الدوم والوليد إلى وليدكم
وإلى ما كلتوش وليدكم يا وهزي السروال حتى يبان وشامو
"فالوليد"
المعني هنا هو محمد الخامس، وأما الشطر الآخر ذو الإيحـاء الجنسي "هزي
السروال ..." فهو فقط لإيهام أعوان السلطة وأذناب الاستعمار من مقدمين
وشيوخ وخونة بصفة عامة ممن كانوا يترجمون كلام العيوط النضالي إلى
المستعمر الفرنسي.. ولازالت هذه الأبيات تردد إلى الآن في العيطة المذكورة
إلا أن هناك بعض "الرباعات" أو فرق الشيخات من يأنف من ترديد هذا الشطر
فيغيره بالأصل الذي نضمته وغنته حادة الزيدية وهو:
يا وهزي الحسكة وطلعي للصالة أزروالة .
واحدة من كبريات القصص الشعبي بالمغرب.. لكن لها خصوصية مميزة، هي أنها
ليست قصة متخيلة، بل صاحبتها كانت امرأة من لحم ودم.. امرأة عنوانا
للتحدي.. تحدي الظلم وتحدي منطق الذكورة الذي كان يسعى إلى تمريغ
كبريائها.. لكنها قصة انسلت إليها الأسطورة، لأن صاحبتها كانت أسطورية
بمواقفها في زمنها ذاك البعيد، ذاك الذي كانت فيه للقياد سلطة الحل
والعقد، سلطة حجب الشمس أو إسكان الأنفس في ظلمات العذاب في الأقبية.. هنا
متابعة حكائية وأدبية جميلة، خصنا بها الأستاذ والناقد السينمائي المغربي
خالد الخضري، نتسعيد معه من خلالها قصة امرأة مغربية، قصة خربوشة، تلك
السيدة التي قالت « لا » في زمن لم يكن يسمح للمرأة حتى أن تقول « نعم »،
فكيف بالرفض..
> القسم الثقافي والفني
الجناس:
أما عن الجناسات فقد تكرر عدد منها داخل العيوط:
أنا عيطت طال عياطي أنت شريفي الخياطي
وتقول كذلك:
زيدوا أولاد زيد راه الحال مازال بعيد
فقد
جانست في المقطع الأول بين (عيطت / عياطي) وكلها أفعال مضارعية بمعنى
ندائي وجانست بين (عياطي / خياطي). أما في المقطع الثاني فقد جانست بين
فعل الأمر (زيدو) بمعنى أكملوا الطريق، وبين اسم العلم (زيد) وهو جناس خطي
أو لفظي تام.
وتقول كذلك في عيطة «خربوشة»:
واهيا وين الليلة نباتو زاهيين
فقد
جانست بين لفظة (آهيا وين) بمعنى هؤلاء وهو نداء "أنتم" موجه للجماعة وبين
لفظة (زاهيين) بمعنى فرحين. فالأولى نداء والثانية فعل مضارع ولذلك فهو
جناس ناقص.
وتستمر الشاعرة على هذا المنوال فتقول:
من دار لعار يكد بيه موتة واحدة تلزم
شفت ما شفت أنا شفت خيل ولاد بن عيشة
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
في لامتهم اتكول علامة حافـظـيـن لامـــة
عندما
نمعن النظر في هذه المقطوعة نلاحظ أنها تعبر عن موقف تخاطبي، حيث تخاطب
الشاعرة نفسها وهي تستحضر جزءا من ماضيها، حيث سعت إلى التعبير عن
معاناتها من خلال التكرار (شفت / ما شفت) لتؤكد أنها تعيش حالة عدم
استقرار، وقد جانست بين لفظتين (علامة / لامة) وهو جناس لفظي جزئي لأنه
ناقص .
وعموما فإن جناسات (حادة) لا تخرج عن إفادة المعنى أو بيان نوعه
بالشكل الذي تقصده، وتزداد المقاييس إيضاحا بتقنية أسلوبية أخرى تكاد
تعرفها جل أشعار "حويدة، خربوشة" وهي تداعي الدلالة الذي يتأتى من تجاوز
الألفاظ المشروحة أو الشارحة أو المشتقة كقولها في عيطة «رجانا في العالي»:
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
فلفظة "كحلين" أي أن لونهم أسود تؤكدها لفظة "غريين" أي أن لونهم أشد سوادا. وفي عيطة «خربوشة» جاء قولها:
بابا لغليمي سيدي احمد لعطفة يا بن عباد
زين الصيدة زين السلاك عيسى بن عمر
فالملاحظ
أن جملة "زين السلاك" تشرح جملة "زين الصيدة"، لأنه من المعروف أن
"السلاك" (جمع سلوقي) عنصر أساسي في تكوين خلية الصيد، بالإضافة إلى
الخيول العربية الجيدة ذات اللون الأسود. إن اختيار الشاعرة للون الأسود
لم يأت عبثا، فالخصائص الفيزيقية تجعل منه لونا أسود بيد أن المعنى
الإيحائي يدل على الحزن والتشاؤم، هذا ما تعبر عنه أوصاف حادة (خربوشة،
زروالة، لكريدة) فذمامة وجهها وقبحه جعلها تنزح إلى هذا اللون لتخلق
لنفسها فضاء شعريا تتنفس من خلاله، وبذلك يبدو التطابق في الإيقاع بين
ركني التجانس في كل مثال يعانقه تطابق واتحاد في مدى شعور الشاعرة بالرغم
من تباين الدلالة بينهما، وهنا تبرز مهمة الشاعرة في الجمع بين العناصر
اللغوية المتباعدة التي توحدها في عاطفتها ووجدانها.
خربوشة الملحمة:
إن
ملحمة خربوشة ليست بالعمل الهين، وكل مقاربة نقدية وتصويرية لها لا تخلو
من مجازفة.. لكنها تستحق ذلك، فهذه المرأة التي كتب لها أن توأد حية في
حائط، وأن تخلد ذكرها وذكر من عاصرها بعيوطها لحري بنا نحن العاشقون لفن
العيطة أن نعمل على إحيائها إبداعيا.
إنه عمل مشوق.. مثير.. متسفز..
مخيف ومحبوب في نفس الوقت.. تخاف منه وعليه.. فحواه العميقة ذات بعدين
أولهما اجتماعي سياسي يتجسد في مقاومة ظلم السلطة لا بالعنف والسلاح
الأبيض كما الناري، وإنما بالفن.. فن الإنشاد الشعبي المختزل في مصطلح
واحد ألا وهو "العيطة".
أما ثاني البعدين الذي رمناه في فحوى
سيناريو خربوشة - بعد البعد الاجتماعي والسياسي - فهو فني تراثي ألا وهو
تكريم فن العيطة في حد ذاته، ترميمه والحفاظ عليه مع تنظيفه وتخليصه مما
شابه من قاذورات كثير منها لطخه بها الاستعمار في محاولة لتشويهه ونعته
بفن الدعارة، البغاء وتزلف رجال المخزن، وللازورار بالعيطة عن واحد من أشد
أهدافها نبلا ألا وهو النضال ضد الاستعمار وضد كل أوجه الفساد واستبداد
السلطة، ولنا في عيوط خربوشة خير مثال: إلى درجة أنه وإلى حدود منتصف
القرن العشرين غداة نفي الملك محمد الخامس أصبح عدد من الشيوخ يلتجئ إلى
الرمز والاستعارة لتمرير الخطاب السياسي والنضالي في عيوطهم، منه ما أصبح
يردد في عيطة «حاجتي في كريني» التي هي أصلا من نضم خربوشة، حيث أضيفت
إليها أبيات ذات إيحاءات غزلية بل وجنسية بحتة، في حين أنها تتغنى بجمال
الراية المغربية التي استبدلت حمرتها بحمرة أقدام المعشوقة، كما تم تغيير
اخضرار النجمة الخماسية التي تتوسطها باخضرار الوشم الذي يزين محيى هذه
المعشوقة أيضا:
واجيني يا حمرة الاقدام ووتاك الله بالاوشام
والفيم احمر على الدوم والوليد إلى وليدكم
وإلى ما كلتوش وليدكم يا وهزي السروال حتى يبان وشامو
"فالوليد"
المعني هنا هو محمد الخامس، وأما الشطر الآخر ذو الإيحـاء الجنسي "هزي
السروال ..." فهو فقط لإيهام أعوان السلطة وأذناب الاستعمار من مقدمين
وشيوخ وخونة بصفة عامة ممن كانوا يترجمون كلام العيوط النضالي إلى
المستعمر الفرنسي.. ولازالت هذه الأبيات تردد إلى الآن في العيطة المذكورة
إلا أن هناك بعض "الرباعات" أو فرق الشيخات من يأنف من ترديد هذا الشطر
فيغيره بالأصل الذي نضمته وغنته حادة الزيدية وهو:
يا وهزي الحسكة وطلعي للصالة أزروالة .
2008/4/16
منصور- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007
رد: عيطة " خربوشة "
« الفاس وحل في الراس» !! / القسم الثقافي والفني / خالد الخضري هي واحدة من كبريات القصص الشعبي بالمغرب.. لكن لها خصوصية مميزة، هي أنها ليست قصة متخيلة، بل صاحبتها كانت امرأة من لحم ودم.. امرأة عنوانا للتحدي.. تحدي الظلم وتحدي منطق الذكورة الذي كان يسعى إلى تمريغ كبريائها.. لكنها قصة انسلت إليها الأسطورة، لأن صاحبتها كانت أسطورية بمواقفها في زمنها ذاك البعيد، ذاك الذي كانت فيه للقياد سلطة الحل والعقد، سلطة حجب الشمس أو إسكان الأنفس في ظلمات العذاب في الأقبية.. هنا متابعة حكائية وأدبية جميلة، خصنا بها الأستاذ والناقد السينمائي المغربي خالد الخضري، نتسعيد معه من خلالها قصة امرأة مغربية، قصة خربوشة، تلك السيدة التي قالت « لا » في زمن لم يكن يسمح للمرأة حتى أن تقول « نعم »، فكيف بالرفض.. خربوشة العيطة: استمددت معظم كلمات هذه القطع من عيوطها المشهورة «حاجتي في كريني » ، «الحصبة » ، «كبت الخيل» ، ثم من عيطة «خربوشة»، وهي عيطة رقيقة وذات جمالية خاصة تتضمن في صلبها فقرات من الفاجعة التي حاقت بناضمتها وكأنها كانت تتنبأ بما سيقع لها على يد قائدها الذي ما فتئت تمدحه تارة ثم تسبه أخرى إلى درجة تبويئه مقام علام الخيول: أخربوشة زروالة والكريدة والحمرا أنت غذرت ألغدر عيب على ربي الزمان يلوح أهياوين أمكواني الفراق صعيب أسيدي موالفاك أقيدي علامي أنت العلام موالفاك أقايدي ثم تعود لهجوه: الفاس وحل في الراس ويلي حرة وفايت علي را فعلك مايسواش وذلك قبل أن تتشفع له بالأولياء والصالحين كما سبق شرحه: المعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة الغليمي سيدي أحمد العطفة يا بن عباد كما تحيل على هجرتها وخروجها من البلاد مهاجرة حين فرارها من بطشه إلى الشاوية: خرجت بلادي خرجت حجوبة راه جوالي مكتوبة ويا نيحة ويا نيحة الجولة والتلاويحة والجولة قاسحة عليك ثم تتغنى بجمال وطبيعة عبدة حيث مسرح الأحداث: الحصبة ، قبيلة الثمرة (أصل عيسى بن عمر) المعاشات القبيلة التي تشرف عليها ضيعته: العبادي صايلة عليك مزايدة والديك على ديك الحصبة زينة السمية راه العيطة ثمرية أميمتي على دوك النخلات المجردات أميمتي على اسيادي المعاشات فهذه العيطة أضيفت إليها أبيات ترثي خربوشة لاشك أنها صيغت بعد إعدامها حيث ظل الشيوخ كما عامة الناس يتغنون بها.. فهي إذن بمثابة رثاء لها تبدأ بتعداد مناقب حادة وأوصافها كإصرار من الشاعرة التي كانت تعرف دنو نهايتها على ترسيخ اسمها ومعالمها في الذاكرة الشعبية وقد أفلحت: خربوشة وزروالة والكريدة والحمرا وبهذا وقعت وجودها .. تحديها.. ونضالها بأكثر من اسم والقطعة في حد ذاتها ملحنة على مقام شجي ، البياتي على - الصول - المعروف لدى الموسيقيين بإثارة الحزن والنواح، ويكفي تأمل جزء كبير من كلماتها للوقوف على هذه الخاصية: الزمان يلوح.. الفراق صعيب.. ماذا كالو ماذا دواوا.. مادا عسو بالليل.. يا نيحة يا نيحة فكانت الشيخة ولا تزال في هذه القطعة بالذات، حين تنشد معددة مناقب المرثية فكأنها تبكيها نائحة كما تعدد مناقب الميت خلال جنازته: بل وحتى مصطلح "عيطة" مشتق من عيط "يعيط"، "عياطا" أي صاح وأصدر صوتا عاليا شبيها بالنواح.. وفي هذا السياق يسمى المصريون البكاء بالعياط، وفي كتابه الآنف الذكر (فن العيطة بالمغرب) يقول حسن بحراوي: «إن التيمة الملحة في عموم الغناء العيطي بلا منازع هي الموضوع الوجداني والعاطفي بأوسع معنى ممكن». في الثالث والعشرين من شهر مايو 2005 حوالي الواحدة والنصف من منتصف يوم دافئ تنعشه حرارة مستهل الصيف باعثة في الجسم حيوية فوق عادية، وبالضبط بمقهى "أطلنتيكو" بالعرائش، عزف قلمي آخر "حبة فرادية" في عيطة خربوشة / السيناريو قبل لفظة "النهاية" مرددا هذه الحبة عدة مرات: وما يدوم حال أسيدي لكن قبيل السدة أو القفلة الأخيرة المنهية كليا للعيطة أداء وعزفا، وأنا أشرف على صياغة مشهد وأد خربوشة حية من طرف القايد عيسى، ركبتني حمى غريبة تلتها قشعريرة ارتعدت على إثرها أطرافي - رغم حرارة الطقس- وأنا أتخيل فقط مشهد هذا الدفن الغريب من غير تخطيطه!. ومع ذلك كانت حادة لا تزال تصدح بعيطتها الناسفة في وجه قاتلها.. كما كانت تصله من الخارج أصوات باقي الشيوخ والشيخات من زملائها الذين رافقوها في الغناء في ذلك العرس الجنائزي، مرددين نفس العيطة بدون موسيقى.. كان هو على إثر كل هذا يصم أذنيه صارخا في السويلمي قائد الحرس وفي فراج خادمه وعلال الشايب حارس السجن... أن يخرسوا كل هؤلاء وعلى رأسهم خربوشة بالإسراع بدفنها ودفن العيطة، فكان فقط كمن يحاول إخماد النار بمحلول حارق، إذ توالت الترديدات الجماعية وانطلقت سهام العيطة وشظايا حطاتها وعتباتها وبراويلها.. تخترقه من كل جانب.. ولا تزال رغم موت الجلاد والضحية.. لم أعد أتبين شيئا فارتعد القلم بين أصابعي وغشي الدمع عيني رغم علمي بل وتقريري تصفية خربوشة بتلك الطريقة، لحظة إذ تركت كل شيء بالمقهى وفررت إلى الكورنيش المقابل مغيرا مرأى الجثث والوحل ونواح الشيخات بزرقة البحر اللامحدودة وهدير موجه الرائق. وبعد هنيهة ليست باليسيرة عاد الدفء ينعش أطرافي نافثا بعض الهدوء إلى وجداني ومجليا الرؤيا أمامي، فقررت في الحين الانسلاخ من ظلامية مغرب نهاية القرن 19، لأتملى جمالية وواقعية بداية القرن ، ولو على المستوى الطبيعي لشدة ما عانيت مع هذه الواقعة / الحكاية. فعدت إلى الحائط الذي تركته على وشك الاكتمال لأجهز على خربوشة برمي آخر حجر حاجبا النور والهواء عليها دفعة واحدة حتى أتخلص منها ومن معاناتي معها ولها. وهنا استحضر ما كتبه الروائي الأرجنتيني الكبير غابرييل غارسيا ماركيز في مذكراته حين دلفت عليه زوجته المكتب مرة وهو بصدد صياغة نهاية إحدى رواياته، فوجدته شابكا ذراعيه إلى صدره، عيناه محمرتان وما تزال آثار دموع عالقة بهما، فحضنته سائلة: من المؤكد أن قتلت البطلة، أليس كذلك؟ فكان رده بالإيجاب طبعا! أسوق هذه النازلة دون ادعاء أو تباه فليس في الأمر ما يدعو إلى ذلك أو تطاول على مكانة روائي كبير، فهذه مبدئيا حالة إنسانية يمكن لأي كان أن تحدث له حتى لو كتب في مجمل حياته مجرد قصة قصيرة مقررا إعدام بطلها أو بطلتها في متمها، فهذا التماهي مع شخصية روائية أو سينمائية تخلقها من خيالك أو حتى إذا كانت واقعية تعيد إحيائها عبر متن إبداعي لترافقها طوال مدة البحث والتنقيب.. والجمع.. والغربلة.. والتمحيص.. والبناء.. والتأليف.. والصياغة.. فالتصحيح... لعدة سنوات تمتع وتعاني معها.. تشاركها طعامها وسجنها.. تقاسمها فرحها ودموعها.. ترافقها في سفرها وترحالها.. تمسد شعرها وتضغط على راحتيها مشجعا.. وأحيانا تضمها إلى صدرك مواسيا... فأكيدا أنك ستألفها بل ستحبها وتتعاطف معها ما دمت مقتنعا بها، ومعجبا بمواقفها وفنها وبما أقبلت عليه من أفعال وأقوال.. بل إنك تتبناه نيابة عنها مضيفا إليه من مواقفك وقناعاتك أنت.. من ذاتيتك الشيء الكثير حتى تغدو لحمة منك.. قطعة من كيانك.. فالنتيجة الحتمية لذلك أنك حين تقتلها فإنما تجهز على جزء منك.. تبتر ضلفة من بنيانك.. فكيف لا تبكيها حتى ولو هيئ لك أنك تخلصت منها؟! فراق حبيبي جانــي صعيـب واش الحبيب يفرق حبيبو؟ قتلت الحاجة اختي العزيزة عليا قتلتها بيدي وودرت القبـر إلــى ودرتـــي الـقـبـر عـيـدهــا بالـصـبـر كـون كـان الـبـكا يـصبـر نبـكـي عـام وشـهــر ومـا يــدوم حـال أسـيـدي 2008/4/19 |
الإتحاد الإشتراكي
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: عيطة " خربوشة "
قصة خربـوشة المرأة / العيطة..
خالد الخضري
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» اغاني الشيخات الاصيلة
» يسرا
» فوائد زيت الزيتون Les bienfaits de l'huile d'olive
» نوستالجيا
» عيطة خريبكية
» يسرا
» فوائد زيت الزيتون Les bienfaits de l'huile d'olive
» نوستالجيا
» عيطة خريبكية
صدى الزواقين Echo de Zouakine :: المنتدى الفني :: " مشموم " الاغنية المغربية :: " زهرة " الطرب الشعبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى