في عيد ميلادك العشرين
صفحة 1 من اصل 1
10072008
في عيد ميلادك العشرين
الى ابنتي الرائعة فدوى
و أنت الآن قد سافرت إلى قارة امتدت بعيدا في الزمن، أجد كل السبل المكانية لا تفضي لغير الذكرى. فماذا أهديك في عيدك و الأثير لا يحفل بما لا تقوى على حمله الريح؟
فراشة كانت هنا، تزرع الامكنة ألوانا وتسافر مع النسيم الذي يسكن الترحال. شحرورة كانت على الشباك، تعزف للمرح لحنا و للأرواح عذوبة وتطير ملاحقة الجمال المنفلت من أسر المكان.
أنظر حولي باحثا عن ملء عيني منك، فلا يطالعني غير تذكارات اللحظات التي كانت كحياة حلم أتلف تفاصيله تلألؤ النجوم العابرة في عجالة إلى يوم جديد.
هنا، على هذا البساط بقايا من ظلك. وعلى تلك الشرفة أستعيدك ربانا يحاور المدى ويغازل منارا ليهديه أسرار عبور في رحلة لم تزل بعد خيالا. وفي هذا الركن حيث كنت، أبحث عن بقايا أصداء ضحكاتك. وعلى مسار المشاوير الطويلة في قلب المدينة، يتناهى إلي وقع خطاك، فاتحسس ذراعي متلمسا دفء كفيك.
ياااه...ا هل للزمن يا فدوى كل هذا الاستعجال أم نحن فقط من نفتح الخطى أكثر مما يلزم؟
في ذكرى ميلادك العشرين أقف أمام اللحظة المجمدة في ذاكرتي عن ذلك الغروب الصيفي قبل عشرين سنة. كيف أصدق؟
في ذلك التقاطع الممتد بين حياتك المليئة صخبا و السكون الشامل الذي كسرته صرخة قدومك، كنت خارج القاعة من تلك المصحة. كنت في ريعان الشباب و اوج الاندفاع. الحياة كانت كلها قبالتي، وكنت أسير صوبها بخطوي المسموع لعلي أثير فيها خوفا، فلا تجرؤ على إغضابي.
مئات المرات قطعت الممر خارج العيادة جيئة و ذهابا. دخنت بشراهة و انا احاول تخويف القادم من الزمان ليتمثل للحلم الذي لم يراودني غيره.
أمك كانت في الداخل. و صراخها كان يغطي كل الحديقة الكبيرة و يمتد للدور المجاورة.كل ذلك لم يكن مهما بالنسبة لي. كان الاهم هو جنس ذلك القادم الذي كان يقرع بوابة الحياة. كنت أريده ذكرا. ما كنت لاٌقبل بغيره.
الذكر كان يعني لي أشياء كثيرة. أسطورة تبحث لها عن بطل. سواعد مفتولة تنتظر روحا تحركها. أمجادا و مفاخر تنتظر من يكتبها.
أمك كانت تخيفها رغبتي الحمقاء، و لا اشك لحظة في أن صلواتها كلها كانت تختمها بدعاء وحيد. لكن الأقدار لم تستجب، و كنت انت القادمة.
أكيد ان امك بعد وضعك قد نسيت آلام المخاض و الضعف و الوهن. وفحصتك مرات و مرات لتتأكد من انها في مأمن من الأعاصير التي كانت تتهيأ في الخارج.
حين رايتها بعد الوضع، لم تتجرا و لم تقو على النظر في عيني. ابتسمت ابتسامة فاترة، و دست رأسها في عنقها إقرارا و اعتذارا عن عدم قدرتها على تحقيق رغبتي.
انفعلت و غضبت، وكدت أنهج نهج القدامى فأهجر البيت احتجاجا على قدومك بدل ذكر كنت قد اخترت له اسما.
ياااه يا فدوى..ا اسأل نفسي لم الحياة متمردة على كل التصنيفات. لماذا نشعر بانها قصيرة حين ننظر إلى بنائها العمراني المشكل بالفرح، ولماذا نجدها قد طالت اكثر مما يستوجب حين نمتلك ما يكفي من الشجاعة لننظر إلى حجم الدمار الذي مارسناه و الجهل الذي امتلكنا وكتبنا سيرا ملوثة؟
وظائف الأبوة كما ورثتها لم ترسم لك حضورا داخل انشغالي. أوفر الأكل و أشتري الملابس و أضع كل شئ خلف ظهري لأغوص في بحار الحروب اليومية. احتجت إلى عقود من الزمن كي اعي ان اشرس المعارك التي تستحق أن يصرف من اجلها ما تتطلبه من جهد، هي تلك التي تجري داخل الانسان و ليس خارجه.
كنت في بداية عقدك الثاني حين قرعت بعنف بوابة عالمي المهوس بالأمجاد الزائفة و الأفكار المستعارة. نظرت إليك. هالني حجم الزمن الذي ولى. نظرت في عينيك. تهاوت داخلي أهرامات اليقين الذي لم أجده ساعتها يقينا. بحثت عن سر تلك الجراة التي امتلكتيها. وهل كانت هي كذلك أم اني كنت في لحظة تحول اعقب انهيارا مريعا كنت فيه ابحث عن هوية جديدة.....
يتبع
و أنت الآن قد سافرت إلى قارة امتدت بعيدا في الزمن، أجد كل السبل المكانية لا تفضي لغير الذكرى. فماذا أهديك في عيدك و الأثير لا يحفل بما لا تقوى على حمله الريح؟
فراشة كانت هنا، تزرع الامكنة ألوانا وتسافر مع النسيم الذي يسكن الترحال. شحرورة كانت على الشباك، تعزف للمرح لحنا و للأرواح عذوبة وتطير ملاحقة الجمال المنفلت من أسر المكان.
أنظر حولي باحثا عن ملء عيني منك، فلا يطالعني غير تذكارات اللحظات التي كانت كحياة حلم أتلف تفاصيله تلألؤ النجوم العابرة في عجالة إلى يوم جديد.
هنا، على هذا البساط بقايا من ظلك. وعلى تلك الشرفة أستعيدك ربانا يحاور المدى ويغازل منارا ليهديه أسرار عبور في رحلة لم تزل بعد خيالا. وفي هذا الركن حيث كنت، أبحث عن بقايا أصداء ضحكاتك. وعلى مسار المشاوير الطويلة في قلب المدينة، يتناهى إلي وقع خطاك، فاتحسس ذراعي متلمسا دفء كفيك.
ياااه...ا هل للزمن يا فدوى كل هذا الاستعجال أم نحن فقط من نفتح الخطى أكثر مما يلزم؟
في ذكرى ميلادك العشرين أقف أمام اللحظة المجمدة في ذاكرتي عن ذلك الغروب الصيفي قبل عشرين سنة. كيف أصدق؟
في ذلك التقاطع الممتد بين حياتك المليئة صخبا و السكون الشامل الذي كسرته صرخة قدومك، كنت خارج القاعة من تلك المصحة. كنت في ريعان الشباب و اوج الاندفاع. الحياة كانت كلها قبالتي، وكنت أسير صوبها بخطوي المسموع لعلي أثير فيها خوفا، فلا تجرؤ على إغضابي.
مئات المرات قطعت الممر خارج العيادة جيئة و ذهابا. دخنت بشراهة و انا احاول تخويف القادم من الزمان ليتمثل للحلم الذي لم يراودني غيره.
أمك كانت في الداخل. و صراخها كان يغطي كل الحديقة الكبيرة و يمتد للدور المجاورة.كل ذلك لم يكن مهما بالنسبة لي. كان الاهم هو جنس ذلك القادم الذي كان يقرع بوابة الحياة. كنت أريده ذكرا. ما كنت لاٌقبل بغيره.
الذكر كان يعني لي أشياء كثيرة. أسطورة تبحث لها عن بطل. سواعد مفتولة تنتظر روحا تحركها. أمجادا و مفاخر تنتظر من يكتبها.
أمك كانت تخيفها رغبتي الحمقاء، و لا اشك لحظة في أن صلواتها كلها كانت تختمها بدعاء وحيد. لكن الأقدار لم تستجب، و كنت انت القادمة.
أكيد ان امك بعد وضعك قد نسيت آلام المخاض و الضعف و الوهن. وفحصتك مرات و مرات لتتأكد من انها في مأمن من الأعاصير التي كانت تتهيأ في الخارج.
حين رايتها بعد الوضع، لم تتجرا و لم تقو على النظر في عيني. ابتسمت ابتسامة فاترة، و دست رأسها في عنقها إقرارا و اعتذارا عن عدم قدرتها على تحقيق رغبتي.
انفعلت و غضبت، وكدت أنهج نهج القدامى فأهجر البيت احتجاجا على قدومك بدل ذكر كنت قد اخترت له اسما.
ياااه يا فدوى..ا اسأل نفسي لم الحياة متمردة على كل التصنيفات. لماذا نشعر بانها قصيرة حين ننظر إلى بنائها العمراني المشكل بالفرح، ولماذا نجدها قد طالت اكثر مما يستوجب حين نمتلك ما يكفي من الشجاعة لننظر إلى حجم الدمار الذي مارسناه و الجهل الذي امتلكنا وكتبنا سيرا ملوثة؟
وظائف الأبوة كما ورثتها لم ترسم لك حضورا داخل انشغالي. أوفر الأكل و أشتري الملابس و أضع كل شئ خلف ظهري لأغوص في بحار الحروب اليومية. احتجت إلى عقود من الزمن كي اعي ان اشرس المعارك التي تستحق أن يصرف من اجلها ما تتطلبه من جهد، هي تلك التي تجري داخل الانسان و ليس خارجه.
كنت في بداية عقدك الثاني حين قرعت بعنف بوابة عالمي المهوس بالأمجاد الزائفة و الأفكار المستعارة. نظرت إليك. هالني حجم الزمن الذي ولى. نظرت في عينيك. تهاوت داخلي أهرامات اليقين الذي لم أجده ساعتها يقينا. بحثت عن سر تلك الجراة التي امتلكتيها. وهل كانت هي كذلك أم اني كنت في لحظة تحول اعقب انهيارا مريعا كنت فيه ابحث عن هوية جديدة.....
يتبع
في عيد ميلادك العشرين :: تعاليق
رد: في عيد ميلادك العشرين
طوبى لك عزيزتي فدوى بهذا الاب المتيم بهواك..هم هكذا آباء زماننا اصدقاء لبناتهم وابنائهم..يشاطرونهم الحلوة والمرة ..يحسبون الخطوات الواحدة تلو الاخرى..مرة قال لي والدي اعزه الله وحفظه :لو حصل جيلي على 10% مما تحظين به من عناية ومحبة ...لانتج العجب...فاجبته دون تردد:اننا ابي ذلك العجب..انا فخورة بكما امي وابي..اعترف لكما بجميل لا استطيع رده لكما..قبلاتي امي وابي..واتمنى لفدوى كل التوفيق ولوالديهاالصحة والعافية .
زهرة العلى
ما شاء الله عليك.
أعجبت كثيرا بحواريتك. ملاحظة الوالد رائعة، لكن الأروع كان هو جوابك. وهو جواب ينم عن شخصية تتمتع بخفة الروح و روعة المزاج. هنيئا لمن يعيش في محيطك بك. و تحياتي للوالد و الوالدة اطال الله عمرهما.
ما شاء الله عليك.
أعجبت كثيرا بحواريتك. ملاحظة الوالد رائعة، لكن الأروع كان هو جوابك. وهو جواب ينم عن شخصية تتمتع بخفة الروح و روعة المزاج. هنيئا لمن يعيش في محيطك بك. و تحياتي للوالد و الوالدة اطال الله عمرهما.
أولا تحية تقدير و احترام إليك أيها الأب الرائع في إحساسه بل و حتى في كيفية ترجمة هاته الأحاسيس إلى عبارات جميلة و رائعة. و طوبى إليك يا فدوى بأبيك الرائع. و كل سنة و أنت طيبة.
It's Your Birthday...
It's your birthday,
your very own special day
of the year,
and I just wanted to send
you some birthday cheer.
Have a great day,
because you deserve it.
I hope it will be the best
birthday yet,
bringing you happiness
you'll never forget.
And remember,
no matter what you do,
to blow out the candles,
because birthday wishes
always come true.
It's Your Birthday...
It's your birthday,
your very own special day
of the year,
and I just wanted to send
you some birthday cheer.
Have a great day,
because you deserve it.
I hope it will be the best
birthday yet,
bringing you happiness
you'll never forget.
And remember,
no matter what you do,
to blow out the candles,
because birthday wishes
always come true.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى