الماء بح...........

تقدر
الموارد المائية في المغرب بحوالي 20 مليار متر مكعب، منها 75% عبارة عن
مياه سطحية، وحوالي 25% مياه جوفية. لكن العديد من المناطق باتت تعرف
خصاصا حادا وبنيويا قد يشكل على المدى القريب مصدر إعاقة، ليس فقط
لاستمرارية أنواع متعددة من الزراعات، بل أيضا للأمن الغذائي الوطني، إذا
لم تتخذ الإجراءات الإستعجالية اللازمة. ومن اجل تقاسم المعارف حول الماء
على الصعيد الوطني، وتوعية مستخدمي المياه والفلاحين بأهمية السقي
بالتنقيط، والإسهام في بلورة خطة العمل التي تسهر الحكومة حاليا على
إعدادها وصولا الى وضع الاستراتيجية المستقبلية لتدبير المياه، نظمت عمالة
الحاجب، يوم الخميس الماضي، يوما دراسيا حول موضوع "اقتصاد وتثمين مياه
السقي من اجل ضمان تنمية فلاحية مستدامة"• لقاءلم يخل من نقاش حاد، انصب،
حسب موحا انغودان، رئيس إحدى الجمعيات المحلية، حول سبل القفز على التناقض
بين دعوة العموم للاقتصاد عبر اعتماد تقنية السقي بالتنقيط، وبين ما يحبل
به الواقع من استنزاف متواصل، أبطاله كبار الفلاحين الذين عمد بعضهم إلى
حفر غير قانوني للآبار بمناطق التغذية الرئيسية (Amont). ولم يبحث عامل
الحاجب عن سبل الالتفاف حول هذا المشكل الخطير،فقد اقر به وأكد على ضرورة
القضاء عليه، داعيا إلى نهج أسلوب جديد للمواجهة وإصلاح السياسة المائية،
وإلى حكامة جيدة في هذا المجال، مع نهج خطة أساسية لمحاربة التلوث والتوجه
نحو المياه غير التقليديـــة ونحو التحلية التي أصبحت تكلفتها تساوي كلفة
التخزين علما مخزونات المغرب تصل اليوم إلى 17 مليار متر مكعب داخل 117
سدا. السدود. حصيلة المنجزات واكراهات تنمية الموارد المائية وتفعيل
السياسة المائية تم التطرق لها أيضا بوضوح في كلمة المدير الإقليمي للحاجب
وفي مداخلات أخرى استعرضت الطاقات المائية المحدودة والمتقلصة من خلال
احصائيات أوضحت ان الطاقة المخصصة للفرد في سنة 1960 قدرت بـ 2560 متر
مكعب في السنة لتصل في سنة 2006 الى 720 متر مكعب للفرد في السنة. ولا
يبشر المستقبل بخير إذا ما تواصل الاستنزاف على الوتيرة الحالية. فبعد
حوالي احدى عشر سنة، يقول المهندس خالد برشيد، قد لا يجد المغربي الواحد
ما يفي بكل حاجاته.اذ يتوقع، في سنة 2020 انهيارا خطيرا لمعدل الاستهلاك
ليصل الى 520 متر مكعب للفرد في سنة. وهو أمر طبيعي،يضيف المهندس برشيد،في
ظل استنزاف متواصل دون حسيب ولا رقيب لسنوات متعددة، وفي ظل تنوع اشكال
التلوث. فقد شهدت الواردات السطحية خلال العقود الثلاثة الأخيرة انخفاضا ب
20% خلال فترة 1970-2000 مقارنة مع 1945-2000• و35% خلال فترة 1970-2000
مقارنة مع 1945-1970• ولعل من الإكراهات المقلقة، يضيف المصدر ذاته،
انخفاض حجم المياه القابلة للتنظيم والتفاوت بين التوقعات والمنجزات في
أحجام المياه التي توفرها السدود والتوزيع المتفاوت في الزمان والمكان
للموارد المائية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية ب 20% واستغلال إجمالي
يفوق 100% وسقي 570.000 هكتار (40%)، 54% من القيمة المضافة للفلاحة
السقوية. ناهيك عن انخفاض مستمر لمستوى المياه بالطبقات المائية الجوفية
وانخفاض صبيب العيون وانخفاض الصبيب الأساسي لمجاري المياه. أما بخصوص
تلوث المياه، فيلفظ التلوث الحضري والصناعي 600 مليون م3 من المياه
العادمة و3.3 مليون معادل نسمة من طرف الصناعات ونسبة المعالجة 8% في حين
80 محطة تنقية المياه العادمة، اكثر من نصفها لا يشتغل بشكل مرضي. لنجد
استعمال الاسمدة والمبيدات ضمن الإكراهات التي يشكلها التلوث الفلاحي لتصل
كلفة تدهور الموارد المائية إلى 4.3 مليار درهم سنويا. ويهدد توحل السدود
2 مليون هكتار بانجراف التربة حيث تتقلص سعة السدود ب 75 مليون م3 فى
السنة لتضيع السعة الإجمالية بـ 1200 مليون متر مكعب. وللتغيرات المناخية،
حسب المهندس عزيز بنان، - رئيس وكالة الحوض المائي لسبو، آثار واضحة في
بلد يعرف جفافا دوريا ومعني كباقي دول المعمور بظاهرة الانحباس الحراري.
وبالتالي فهو مدعو لوقف الاستنزاف على اعتبار أن الماء ليس معدنا يمكن
البحث عنه بالحفر والتعقب. بل هو مخزون تحتويه فرشة مائية قارة يفرض
الحفاظ عليها تصحيح الاختلالات من اجل بلوغ تنمية مستدامة لا تلحق أضرارا
بمصالح الأجيال القادمة وتحقق تنمية فعالة مبنية على تدبير يعتمد الفعالية
الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، كما يفرض المحافظة علي جودة المياه
ومحاربة التلوث والتدخل الفعلي لكل الشركاء من اجل وضع واحترام استراتيجية
متكاملة، وتحميل كل الفاعلين، وخاصة كبار المستهلكين/المستنزفين
مسؤولياتهم من خلال إقرار نظام تعاقدي، وتقوية التدبير اللامركزي
والتشاركي للموارد المائية.