عيد الفطر المبارك.. إعجاز تشريعي واجتماعي وطبي
صفحة 1 من اصل 1
عيد الفطر المبارك.. إعجاز تشريعي واجتماعي وطبي
فرحة بالعيد المبارك واعتزازا بالتشريع
الاسلامي- الذي ما جاء إلا بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة يطيب لي ان
ألقي الضوء علي بعض أوجه الاعجاز في تشريع وسنن هذا العيد المبارك من
النواحي التشريعية والاجتماعية والطبية.
أولاً: الاعجاز التشريعي:
1- شرع الله عيد الفطر بعد انتهاء صوم رمضان وحرم الله صوم يوم العيد
لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي
عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر" "رواه مسلم". فالكل صاموا في آن
واحد. والكل يفطرون في وقت واحد. فالأعياد في الاسلام تأتي بعد طاعات
موسمية كبري تتجلي فيها وحدة المسلمين وتقاربهم وتظهر فرحتهم بطاعتهم لله
وانتصارهم علي الشيطان.. ومن الآداب ألا يخرج المسلم في عيد الفطر إلي
الصلاة حتي يأكل تمرات لما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال كان رسول الله
صلي الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتي يأكل تمرات.. ويأكلهن وترا..
وقد استحب الأكل قبل الخروج مبالغة النهي عن صوم ذلك اليوم وإيذانا
بالإفطار وانتهاء الصيام وفيه مبادرة لامتثال أمر الله وإظهار السعادة
بنعمة الله.
2- شرعت صلاة العيد سنة مؤكدة وقال بعض العلماء واجبة لأن النبي صلي
الله عليه وسلم لم يتركها مرة واحدة ويكفي ما في شهودها من الخير والأجر
العظيم والاقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وعن حفصة رضي الله عنها قالت:
كنا نمنع عواتقنا ان يخرجن في العيدين.. ولما قدمت أم عطية قالت: سمعت
النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض
وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلي" "رواه البخاري".
و"العواتق" جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت و"ذوات الخدور" جمع خدر
وهو ستر بالبيت تقعد البكر وراءه والمعني الفتيات. وسألت امرأة النبي صلي
ا لله عليه وسلم: أعلي إحدانا بأس اذا لم يكن لها جلباب ان لا تخرج؟ قال:
لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين" "رواه البخاري"
ومعني "لتلبسها صاحبتها من جلبابها" أي تغيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه
ليومها هذا. وهو قمة التراحم والتعاون.
ثانياً: الإعجاز الاجتماعي :
1- زكاة الفطر هي صورة رائعة للتكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء
فهي حق للفقير في مال الغني. وليست تفضلا ممن رزقهم الله المال. وميقات
اخراجها الرائع حتي قبل صلاة العيد يؤكد هذا الحق. ليدبر الفقير حاله بها
فتنتفي عنه الحاجة والعوز يوم العيد فيشارك الفرحة بعيد الفطر.
2- والعيد في الاسلام يوم تزين بكل جديد وجميل احتفالا بهذا اليوم
المبارك. فيلبس الناس أفضل الملابس. ويطيبون بأجمل الطيب ويتناولون أشهي
الطعام ويتجلي المعني الحقيقي للعيد. وهو شكر الله علي نعمه.
3- ويسجل القرآن الكريم اشارة لطيفة إلي بعض معاني العيد في الاجتماع
حول مائدة الطعام كمبعث للسرور والاحتفاد وذلك في دعاء نبي الله عيسي عليه
السلام الله تبارك وتعالي أن ينزل من السماء عليه وعي الحواريين المائدة
التي طلبوها واصفا إياها بالعيد ليسروا بها . وتكون لهم رزقاً حسنا من
الله. قال تعالي: "قال عيسي ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من
السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين"
"المائدة 114" والأسر المسلمة اذا ما اجتمعت علي مائدة واحدة في العيد
شعرت بالسعادة وتجددت فيها مشاعر الود ومازجت البركة هذا الطعام.
4- والأعياد فرصة للتزاور وصلة الأرحام. لتزيد المودة فيقوي المجتمع
الاسلامي ومن ناحية أخري كان من هديه الشريف ان يسلك المسلم وهو ذاهب
لصلاة العيد طريقا غير الذي يسلكه عند العودة ليتبادل التهنئة مع أكبر عدد
من المسلمين وتقوي أواصر المودة بين الجيران وأبناء الحي الواحد أو البلدة
الواحدة وهم يتبادلون التحية الشرعية في هذا اليوم "تقبل الله منا ومنكم".
5- وقد أحل الله لنا اللهو المباح لترويح القلوب. كما ورد عن عائشة
رضي الله عنها قالت: دخل أبوبكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان
بما تقولت الأنصار يوم بعاث. وليستا بمغنيتين. قال أبوبكر: أمزامير
الشيطان في بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد. فقال رسول
الله صلي الله عليه وسلم: "دعهما يا أبا بكر. ان لكل قوم عيداً وهذا
عيدنا" "أخرجه البخاري ومسلم" فأعيادنا أعياد شكر لله علي نعمه. أعياد فرح
وفسحة من اللهو المباح لا أعياد عصيان وفجور وازعاج ومضايقات.
ثالثاً: الإعجاز الطبي :
والعيد إنما شرع للفرح والتفاؤل وانشراح الصدور. وإظهار السعادة
وللتخلص من مظاهر الحزن والتشاؤم.. فمثلاً نهي النبي صلي الله عليه وسلم
في يوم العيد عن زيارة القبور نهيا قاطعا لعدم تجديد الأحزان في يوم أراد
الله فيه لعباده ان يغمرهم شعور الفرحة بالعيد. فقد كان النبي دائم
التفاؤل ويستبشر برحمة الله ولم يكن يحزن علي أمر من أمور الدنيا أبداً بل
كان يمتثل قول الله تعالي: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير
مما يجمعون" "يونس: 58" وقد كان صلي الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن.
وكان أبعد الناس عن التشاؤم بل كان ينهي عن التطير.
وللتفاؤل أثر ايجابي علي القلب فقد أكدت دراسة حديثة شملت 2800 من
مرضي الشرايين التاجية أن التشاؤم قد يهلك صاحبه. بعد ان كشفت عن زيادة
احتمال تعرض مرضي القلب للوفاة. إذا تشاءموا بشأن حالتهم الصحية ويقول د.
جون بيرفوت من مركز جامعة ديوك الامريكية الطبي ان الدراسة كشفت عن تأثير
اعتقاد الفرد بشأن مرضه علي صحته البدنية وقد طلب من المشاركين ملء
استبيانات لقياس توقعاتهم لشفائهم من المرض واستعادتهم نمط الحياة
الطبيعية وتشير نتائج هذا الدراسة إلي ارتفاع مخاطر الوفاة عند المرضي
الذين أظهروا تشاؤماً تجاه وضعهم الصحي وذلك بمقدار الضعف مقارنة مع
المرضي الآخرين وقد بات من المعلوم وجود علاقة بين الاكتئاب وزيادة
الوفيات عند المكتئبين ونشرت "الأهرام" حديثاً دراسة علمية يابانية أكدت
هذا المعني بوضوح.
وفي ظل هذه النتائج العملية ندرك أهمية ان يستبشر المؤمن برحمة الله
وان يعيش أياما من الفرحة والتفاؤل وهو سبق معجز للاسلام ان يوجهنا
للتفاؤل والبشر وينهانا عن التشاؤم والحزن.
وليقم كل مؤمن بالله ومؤمنة في عيد الفطر المبارك بتفعيل هذه السنن-
بما فيها من سبق تشريعي واجتماعي وطبي اسلامي معجز- ليسعد ويكون سببا في
سعادة من حوله ويحصل ثواب الطاعة والاتباع وتقبل الله منا ومنكم والحمد
لله رب العالمين.
بقلم: د. محمد العجرودي
عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة
الاسلامي- الذي ما جاء إلا بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة يطيب لي ان
ألقي الضوء علي بعض أوجه الاعجاز في تشريع وسنن هذا العيد المبارك من
النواحي التشريعية والاجتماعية والطبية.
أولاً: الاعجاز التشريعي:
1- شرع الله عيد الفطر بعد انتهاء صوم رمضان وحرم الله صوم يوم العيد
لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي
عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر" "رواه مسلم". فالكل صاموا في آن
واحد. والكل يفطرون في وقت واحد. فالأعياد في الاسلام تأتي بعد طاعات
موسمية كبري تتجلي فيها وحدة المسلمين وتقاربهم وتظهر فرحتهم بطاعتهم لله
وانتصارهم علي الشيطان.. ومن الآداب ألا يخرج المسلم في عيد الفطر إلي
الصلاة حتي يأكل تمرات لما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال كان رسول الله
صلي الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتي يأكل تمرات.. ويأكلهن وترا..
وقد استحب الأكل قبل الخروج مبالغة النهي عن صوم ذلك اليوم وإيذانا
بالإفطار وانتهاء الصيام وفيه مبادرة لامتثال أمر الله وإظهار السعادة
بنعمة الله.
2- شرعت صلاة العيد سنة مؤكدة وقال بعض العلماء واجبة لأن النبي صلي
الله عليه وسلم لم يتركها مرة واحدة ويكفي ما في شهودها من الخير والأجر
العظيم والاقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وعن حفصة رضي الله عنها قالت:
كنا نمنع عواتقنا ان يخرجن في العيدين.. ولما قدمت أم عطية قالت: سمعت
النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض
وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلي" "رواه البخاري".
و"العواتق" جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت و"ذوات الخدور" جمع خدر
وهو ستر بالبيت تقعد البكر وراءه والمعني الفتيات. وسألت امرأة النبي صلي
ا لله عليه وسلم: أعلي إحدانا بأس اذا لم يكن لها جلباب ان لا تخرج؟ قال:
لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين" "رواه البخاري"
ومعني "لتلبسها صاحبتها من جلبابها" أي تغيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه
ليومها هذا. وهو قمة التراحم والتعاون.
ثانياً: الإعجاز الاجتماعي :
1- زكاة الفطر هي صورة رائعة للتكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء
فهي حق للفقير في مال الغني. وليست تفضلا ممن رزقهم الله المال. وميقات
اخراجها الرائع حتي قبل صلاة العيد يؤكد هذا الحق. ليدبر الفقير حاله بها
فتنتفي عنه الحاجة والعوز يوم العيد فيشارك الفرحة بعيد الفطر.
2- والعيد في الاسلام يوم تزين بكل جديد وجميل احتفالا بهذا اليوم
المبارك. فيلبس الناس أفضل الملابس. ويطيبون بأجمل الطيب ويتناولون أشهي
الطعام ويتجلي المعني الحقيقي للعيد. وهو شكر الله علي نعمه.
3- ويسجل القرآن الكريم اشارة لطيفة إلي بعض معاني العيد في الاجتماع
حول مائدة الطعام كمبعث للسرور والاحتفاد وذلك في دعاء نبي الله عيسي عليه
السلام الله تبارك وتعالي أن ينزل من السماء عليه وعي الحواريين المائدة
التي طلبوها واصفا إياها بالعيد ليسروا بها . وتكون لهم رزقاً حسنا من
الله. قال تعالي: "قال عيسي ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من
السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين"
"المائدة 114" والأسر المسلمة اذا ما اجتمعت علي مائدة واحدة في العيد
شعرت بالسعادة وتجددت فيها مشاعر الود ومازجت البركة هذا الطعام.
4- والأعياد فرصة للتزاور وصلة الأرحام. لتزيد المودة فيقوي المجتمع
الاسلامي ومن ناحية أخري كان من هديه الشريف ان يسلك المسلم وهو ذاهب
لصلاة العيد طريقا غير الذي يسلكه عند العودة ليتبادل التهنئة مع أكبر عدد
من المسلمين وتقوي أواصر المودة بين الجيران وأبناء الحي الواحد أو البلدة
الواحدة وهم يتبادلون التحية الشرعية في هذا اليوم "تقبل الله منا ومنكم".
5- وقد أحل الله لنا اللهو المباح لترويح القلوب. كما ورد عن عائشة
رضي الله عنها قالت: دخل أبوبكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان
بما تقولت الأنصار يوم بعاث. وليستا بمغنيتين. قال أبوبكر: أمزامير
الشيطان في بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد. فقال رسول
الله صلي الله عليه وسلم: "دعهما يا أبا بكر. ان لكل قوم عيداً وهذا
عيدنا" "أخرجه البخاري ومسلم" فأعيادنا أعياد شكر لله علي نعمه. أعياد فرح
وفسحة من اللهو المباح لا أعياد عصيان وفجور وازعاج ومضايقات.
ثالثاً: الإعجاز الطبي :
والعيد إنما شرع للفرح والتفاؤل وانشراح الصدور. وإظهار السعادة
وللتخلص من مظاهر الحزن والتشاؤم.. فمثلاً نهي النبي صلي الله عليه وسلم
في يوم العيد عن زيارة القبور نهيا قاطعا لعدم تجديد الأحزان في يوم أراد
الله فيه لعباده ان يغمرهم شعور الفرحة بالعيد. فقد كان النبي دائم
التفاؤل ويستبشر برحمة الله ولم يكن يحزن علي أمر من أمور الدنيا أبداً بل
كان يمتثل قول الله تعالي: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير
مما يجمعون" "يونس: 58" وقد كان صلي الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن.
وكان أبعد الناس عن التشاؤم بل كان ينهي عن التطير.
وللتفاؤل أثر ايجابي علي القلب فقد أكدت دراسة حديثة شملت 2800 من
مرضي الشرايين التاجية أن التشاؤم قد يهلك صاحبه. بعد ان كشفت عن زيادة
احتمال تعرض مرضي القلب للوفاة. إذا تشاءموا بشأن حالتهم الصحية ويقول د.
جون بيرفوت من مركز جامعة ديوك الامريكية الطبي ان الدراسة كشفت عن تأثير
اعتقاد الفرد بشأن مرضه علي صحته البدنية وقد طلب من المشاركين ملء
استبيانات لقياس توقعاتهم لشفائهم من المرض واستعادتهم نمط الحياة
الطبيعية وتشير نتائج هذا الدراسة إلي ارتفاع مخاطر الوفاة عند المرضي
الذين أظهروا تشاؤماً تجاه وضعهم الصحي وذلك بمقدار الضعف مقارنة مع
المرضي الآخرين وقد بات من المعلوم وجود علاقة بين الاكتئاب وزيادة
الوفيات عند المكتئبين ونشرت "الأهرام" حديثاً دراسة علمية يابانية أكدت
هذا المعني بوضوح.
وفي ظل هذه النتائج العملية ندرك أهمية ان يستبشر المؤمن برحمة الله
وان يعيش أياما من الفرحة والتفاؤل وهو سبق معجز للاسلام ان يوجهنا
للتفاؤل والبشر وينهانا عن التشاؤم والحزن.
وليقم كل مؤمن بالله ومؤمنة في عيد الفطر المبارك بتفعيل هذه السنن-
بما فيها من سبق تشريعي واجتماعي وطبي اسلامي معجز- ليسعد ويكون سببا في
سعادة من حوله ويحصل ثواب الطاعة والاتباع وتقبل الله منا ومنكم والحمد
لله رب العالمين.
بقلم: د. محمد العجرودي
عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» من إعجاز القرآن الكريم
» لُمَعٌ من إعجاز القرآن والسنة
» إعجاز رباني يثبت لنا أن حتى شكل الفاكهه والخضروات لم يخلق عبثاً ..!
» عيد الفطر
» عيد الفطر مبارك
» لُمَعٌ من إعجاز القرآن والسنة
» إعجاز رباني يثبت لنا أن حتى شكل الفاكهه والخضروات لم يخلق عبثاً ..!
» عيد الفطر
» عيد الفطر مبارك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى