حوار الحضارات خطوة أولى نحو تكامل الحضارات :فؤاد صادق مفتي
صفحة 1 من اصل 1
حوار الحضارات خطوة أولى نحو تكامل الحضارات :فؤاد صادق مفتي
ربما كان هذا الحدث التاريخي مفصلاً أساساً في المساعي الخيرة التي
يقوم بها قادة هذا العالم المضطرب، لإعادة تصحيح مسيرة الإنسانية التي
بنيت على مر العصور والأزمان، وفقاً لمفاهيم وقيم سامية بشرت بها مختلف
الأديان السماوية سواء في كتبها المنزلة والموحى بها لأنبياء الله ورسله
وكذلك الى المصلحين من عباده في شتى أنحاء المعمورة «وما كنا بمعذبين في
الأرض حتى نبعث رسولاً»، والتي كان نتاجها تلك الحضارات والثقافات التي
تراكمت على مر العصور وتفاعلت في ما بينها تفاعلاً خيراً أحياناً أو
تفاعلاً يشوبه الصراع بين تلك الحضارات الى حد التصادم وبالتالي الحروب
والنزاعات الدموية التي عانى منها كثير من الأمم.
وقد أدرك حكماء
العالم، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، بما عرف عنه من حكمة
ورأي ثاقب وبعد نظر، أن لا نجاة لهذا العلم المضطرب إلا بالحوار البنّاء
بين (أتباع الديانات والثقافات المختلفة) وصولاً الى بناء مجتمع عالمي
تسوده قيم السلام والعدالة والتكافل والتكامل بين مختلف الأمم والشعوب لما
فيه خير البشرية جمعاء. وقد عبّر البيان الختامي أو ما أصبح يعرف
بـ «إعلان نيويورك» عن هذا الوجه بوضعه «خريطة الطريق» لتحقيق تلك الأهداف
الخيرة، وهو طريق طويل وشاق غير معبّد سوى بالنيات الحسنة والصدقية التي
عكستها كلمات القادة والمسؤولين المشاركين في هذا المؤتمر الذين يفترض أن
يتولوا مسؤولية التطبيق والالتزام بالتنفيذ المنبثق من روحية تلك النتائج
التي تمخض عنها ذلك المؤتمر الذي رسم معالم «خريطة الطريق» هذه التي صاغها
يراع القائد الكبير عبدالله بن عبدالعزيز الذي ألهمه الله، ووفقه للاضطلاع
بهذه المسؤولية الجسيمة، متجاوزاً كل العقبات والصعوبات التي حاولت بعض
القوى الحاقدة وأعداء السلام وضعها في وجه تلك الخطوة الجريئة والموفقة
التي سهر المليك حفظه الله على الإعداد المتأني والدقيق لها، ومراعاة كل
(الحساسيات) الدينية والاجتماعية والسياسية، قبل إطلاق هذه المبادرة
التاريخية، وقد تم له ذلك بتوفيق من الله.
بدأ حفظه الله، بالتمهيد
لهذه المبادرة باستطلاع آراء العلماء الأفاضل في المملكة والتشاور معهم،
كما هو دأبه، لإزالة ما قد يثار من حساسيات وشبهات وتبعات ترتبط بالعقيدة
وثوابتها استناداً الى روح الشريعة ونهجها الحكيم وسماحتها، ثم استكمل تلك
الخطوة بالدعوة الى إسلامي جامع شاركت فيه نخبة من كبار العلماء المسلمين
من شتى أنحاء العالم، لتوحيد الرؤية والتوافق على منهج هذا الحوار
التاريخي، حيث تم التوصل الى تبني شعاره كونه «حواراً بين أتباع الديانات
ومختلف الثقافات الإنسانية» بعدما استقر الرأي على تكريس الثوابت الدينية
التي لا يجوز لها أن تخضع لمبدأ «الحوار المطلق» كونها ثوابت راسخة لا
تقبل المساومة أو التنازل عنها تحت أي ضغوط أو ابتزاز «لكم دينكم ولي
دين»، وفي الوقت نفسه التأسّي بقوله تعالى: «يا أيها الناس إنّا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...». فهذا التعارف الذي
أراده الله وسنّه للناس، هو تعارف في سبيل خير الإنسانية ولم يقل جلّ
وعلا، لتعاركوا.
ولكي يتحقق هذا المعنى من «التعارف» لا بد من أن يتم
عبر «الحوار» وهو ما تبناه المؤتمر ورفع شعاره، أي الحوار بين أتباع
الديانات في إطار الحوار المنفتح بين الثقافات التي تميزت بها مختلف شعوب
العالم، في مشرق الأرض ومغربها، شمالها وجنوبها، سعياً الى تحقيق المبادئ
التي أجمع عليها المشاركون في ذلك المؤتمر، وهي مبادئ وقيم أجمعت الأديان
السماوية وغير السماوية كافة عليها والتي انبثقت منها مختلف الثقافات
والحضارات الإنسانية، التي أدى الخروج عليها والبعد من الالتزام بها، الى
ما شهده العالم وعلى مدى قرون طويلة من صراعات ونزاعات وحروب وما نجم عنها
من مآسٍ ودمار، وهو ما عبر عنه العاهل السعودي في كلمته أمام المؤتمر بكل
وضوح حينما قال: «إن الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر، لا
ينبغي أن تُحوّل الى أسباب شقائهم... ان الانشغال بنقاط الاختلاف بين
أتباع الأديان والثقافات قاد الى التعصب وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت
فيها دماء كثيرة... إن كل مأساة يشهدها العلم اليوم، هي في النهاية نتيجة
للتخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها الأديان والثقافات، فأزمات
العالم كلها لا تعني سوى تنكر الخلق لمبدأ العدالة الخالد...».
كنت قد
طرحت في مقال لي نشر في («الحياة» بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر 2004) مشروعاً
دعوت فيه الى «إنشاء جبهة للعدالة في خدمة السلام العالمي» للخروج من تلك
الدوامة التي أخذت تهدد أمن العالم واستقراره وازدهاره، في غياب المعايير
الأخلاقية والقيم السامية التي بشرت بها الأديان والثقافات الإنسانية كافة
منذ بدء الخليقة، وهو ما دعا العاهل السعودي الى تشخيص هذا الداء في كلمته
السامية أمام المؤتمر الذي تزامن عقده مع تفاقم الأزمة أو الكارثة
العالمية الاقتصادية التي كما قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة «إن
العالم يشهد إفلاسات عدة، لكن أسوأها الإفلاس الأخلاقي لمجتمعات البشرية
الأكثر تطوراً!! ... يجب أن نعطي الأخلاق المكان المحوري الذي يجب أن يكون
لها في حياتنا». وأضاف: «إنه من دون البعد الروحي لن يكون ممكناً نجاح
أفضل البرامج تخطيطاً لمحاربة الجوع والفقر والحفاظ على السلام». وقد أشاد
في كلمته هذه بالمبادرة التي تبناها وأطلقها العاهل السعودي لعقد المؤتمر،
انطلاقاً من إدراكه السليم لتلك المعطيات الأخلاقية السامية وأهميتها
لتحقيق تلك الأهداف الخيرة، وهو ما ركز عليه القادة في كلماتهم أمام
المؤتمر، لا سيما ما تضمنه البيان الختامي أو ما أصبح يطلق عليه «إعلان
نيويورك الذي يوازي في أهميته الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر منذ
أكثر من ستين سنة»، كما قال رئيس الجمعية العامة، بل يفوقه أهمية من حيث
المفهوم كي يسود التفاهم والوفاق والتعاون بين الدول والشعوب بدلاً من ذلك
الصراع الذي (بشرت) به بعض الأقلام (الغربية المشبوهة) التي لا تخفى على
فطنة القارئ الكريم. لقد بدأت نتائج تلك الدعوات المشبوهة تنعكس على ردود
أفعال بعض الشعوب وسلوكها، وكذلك على الأفراد من ذوي الميول المتطرفة، في
استغلال كل حدث أو توتر أو سوء فهم، لترسيخ ذلك المفهوم عمداً أو جهلاً بل
خُبثاً... وهو ما حدث عندما أثيرت تصريحات البابا حول الإسلام والرسول
الكريم (صلى الله عليه وسلّم) التي تم إطفاء نار فتنتها بكل حكمة عندما
عمد البابا الى توضيح حقيقة تلك التصريحات وما عناه وما تلى ذلك من ضبط
للأمور وتهدئة الرأي العام الإسلامي. وكان «الحوار» سيد الموقف لإطفاء نار
الفتنة، وهو ما دعوت إليه في مقالي المنشور في «الحياة» بتاريخ 27 أيلول
2006، تحت عنوان: «نعم لتكامل الحضارات... لا لصراعها». ولعلّي أختتم
مقالي هذا بتكرار ما قاله رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً الى
تزامن عقد المؤتمر مع حدوث الأزمة العالمية الاقتصادية والمالية قائلاً:
«نشهد إفلاسات عدة، لكن الأسوأ هو الإفلاس الأخلاقي»، وهو إفلاس مدمر لن
تجدي معه أي حلول مرتجلة بعد أن تفاقم الداء وعمّ البلاء معظم أنحاء
العالم حتى أضحى يهدد بخطره وتداعياته الخطرة وجود الشعوب والأمم التي
ابتليت به، كأي مرض أو وباء فتاك لم تعد تجدي معه المسكنات بل يحتاج الى
تضافر جهود سائر الدول والشعوب للتوصل الى الدواء الناجع الذي يمكنه أن
يتصدى لتلك الفيروسات القاتلة، خصوصاً في المجتمعات الأكثر تطوراً كما قال
رئيس الجمعية العامة وهي غارقة حتى أذنيها في الرفاهية المزيفة التي
أتاحتها الفورة المالية غير المسبوقة.
لقد جاء هذا المؤتمر لكي يشخص
الداء ويرسم خريطة الطريق نحو السلامة... سلامة البشرية جمعاء... دعونا
نأمل ونصلّي لله لتحقيق هذا الهدف.
* كاتب سعودي، سفير سابق
الحياة - 22/11/08//
يقوم بها قادة هذا العالم المضطرب، لإعادة تصحيح مسيرة الإنسانية التي
بنيت على مر العصور والأزمان، وفقاً لمفاهيم وقيم سامية بشرت بها مختلف
الأديان السماوية سواء في كتبها المنزلة والموحى بها لأنبياء الله ورسله
وكذلك الى المصلحين من عباده في شتى أنحاء المعمورة «وما كنا بمعذبين في
الأرض حتى نبعث رسولاً»، والتي كان نتاجها تلك الحضارات والثقافات التي
تراكمت على مر العصور وتفاعلت في ما بينها تفاعلاً خيراً أحياناً أو
تفاعلاً يشوبه الصراع بين تلك الحضارات الى حد التصادم وبالتالي الحروب
والنزاعات الدموية التي عانى منها كثير من الأمم.
وقد أدرك حكماء
العالم، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، بما عرف عنه من حكمة
ورأي ثاقب وبعد نظر، أن لا نجاة لهذا العلم المضطرب إلا بالحوار البنّاء
بين (أتباع الديانات والثقافات المختلفة) وصولاً الى بناء مجتمع عالمي
تسوده قيم السلام والعدالة والتكافل والتكامل بين مختلف الأمم والشعوب لما
فيه خير البشرية جمعاء. وقد عبّر البيان الختامي أو ما أصبح يعرف
بـ «إعلان نيويورك» عن هذا الوجه بوضعه «خريطة الطريق» لتحقيق تلك الأهداف
الخيرة، وهو طريق طويل وشاق غير معبّد سوى بالنيات الحسنة والصدقية التي
عكستها كلمات القادة والمسؤولين المشاركين في هذا المؤتمر الذين يفترض أن
يتولوا مسؤولية التطبيق والالتزام بالتنفيذ المنبثق من روحية تلك النتائج
التي تمخض عنها ذلك المؤتمر الذي رسم معالم «خريطة الطريق» هذه التي صاغها
يراع القائد الكبير عبدالله بن عبدالعزيز الذي ألهمه الله، ووفقه للاضطلاع
بهذه المسؤولية الجسيمة، متجاوزاً كل العقبات والصعوبات التي حاولت بعض
القوى الحاقدة وأعداء السلام وضعها في وجه تلك الخطوة الجريئة والموفقة
التي سهر المليك حفظه الله على الإعداد المتأني والدقيق لها، ومراعاة كل
(الحساسيات) الدينية والاجتماعية والسياسية، قبل إطلاق هذه المبادرة
التاريخية، وقد تم له ذلك بتوفيق من الله.
بدأ حفظه الله، بالتمهيد
لهذه المبادرة باستطلاع آراء العلماء الأفاضل في المملكة والتشاور معهم،
كما هو دأبه، لإزالة ما قد يثار من حساسيات وشبهات وتبعات ترتبط بالعقيدة
وثوابتها استناداً الى روح الشريعة ونهجها الحكيم وسماحتها، ثم استكمل تلك
الخطوة بالدعوة الى إسلامي جامع شاركت فيه نخبة من كبار العلماء المسلمين
من شتى أنحاء العالم، لتوحيد الرؤية والتوافق على منهج هذا الحوار
التاريخي، حيث تم التوصل الى تبني شعاره كونه «حواراً بين أتباع الديانات
ومختلف الثقافات الإنسانية» بعدما استقر الرأي على تكريس الثوابت الدينية
التي لا يجوز لها أن تخضع لمبدأ «الحوار المطلق» كونها ثوابت راسخة لا
تقبل المساومة أو التنازل عنها تحت أي ضغوط أو ابتزاز «لكم دينكم ولي
دين»، وفي الوقت نفسه التأسّي بقوله تعالى: «يا أيها الناس إنّا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...». فهذا التعارف الذي
أراده الله وسنّه للناس، هو تعارف في سبيل خير الإنسانية ولم يقل جلّ
وعلا، لتعاركوا.
ولكي يتحقق هذا المعنى من «التعارف» لا بد من أن يتم
عبر «الحوار» وهو ما تبناه المؤتمر ورفع شعاره، أي الحوار بين أتباع
الديانات في إطار الحوار المنفتح بين الثقافات التي تميزت بها مختلف شعوب
العالم، في مشرق الأرض ومغربها، شمالها وجنوبها، سعياً الى تحقيق المبادئ
التي أجمع عليها المشاركون في ذلك المؤتمر، وهي مبادئ وقيم أجمعت الأديان
السماوية وغير السماوية كافة عليها والتي انبثقت منها مختلف الثقافات
والحضارات الإنسانية، التي أدى الخروج عليها والبعد من الالتزام بها، الى
ما شهده العالم وعلى مدى قرون طويلة من صراعات ونزاعات وحروب وما نجم عنها
من مآسٍ ودمار، وهو ما عبر عنه العاهل السعودي في كلمته أمام المؤتمر بكل
وضوح حينما قال: «إن الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر، لا
ينبغي أن تُحوّل الى أسباب شقائهم... ان الانشغال بنقاط الاختلاف بين
أتباع الأديان والثقافات قاد الى التعصب وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت
فيها دماء كثيرة... إن كل مأساة يشهدها العلم اليوم، هي في النهاية نتيجة
للتخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها الأديان والثقافات، فأزمات
العالم كلها لا تعني سوى تنكر الخلق لمبدأ العدالة الخالد...».
كنت قد
طرحت في مقال لي نشر في («الحياة» بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر 2004) مشروعاً
دعوت فيه الى «إنشاء جبهة للعدالة في خدمة السلام العالمي» للخروج من تلك
الدوامة التي أخذت تهدد أمن العالم واستقراره وازدهاره، في غياب المعايير
الأخلاقية والقيم السامية التي بشرت بها الأديان والثقافات الإنسانية كافة
منذ بدء الخليقة، وهو ما دعا العاهل السعودي الى تشخيص هذا الداء في كلمته
السامية أمام المؤتمر الذي تزامن عقده مع تفاقم الأزمة أو الكارثة
العالمية الاقتصادية التي كما قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة «إن
العالم يشهد إفلاسات عدة، لكن أسوأها الإفلاس الأخلاقي لمجتمعات البشرية
الأكثر تطوراً!! ... يجب أن نعطي الأخلاق المكان المحوري الذي يجب أن يكون
لها في حياتنا». وأضاف: «إنه من دون البعد الروحي لن يكون ممكناً نجاح
أفضل البرامج تخطيطاً لمحاربة الجوع والفقر والحفاظ على السلام». وقد أشاد
في كلمته هذه بالمبادرة التي تبناها وأطلقها العاهل السعودي لعقد المؤتمر،
انطلاقاً من إدراكه السليم لتلك المعطيات الأخلاقية السامية وأهميتها
لتحقيق تلك الأهداف الخيرة، وهو ما ركز عليه القادة في كلماتهم أمام
المؤتمر، لا سيما ما تضمنه البيان الختامي أو ما أصبح يطلق عليه «إعلان
نيويورك الذي يوازي في أهميته الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر منذ
أكثر من ستين سنة»، كما قال رئيس الجمعية العامة، بل يفوقه أهمية من حيث
المفهوم كي يسود التفاهم والوفاق والتعاون بين الدول والشعوب بدلاً من ذلك
الصراع الذي (بشرت) به بعض الأقلام (الغربية المشبوهة) التي لا تخفى على
فطنة القارئ الكريم. لقد بدأت نتائج تلك الدعوات المشبوهة تنعكس على ردود
أفعال بعض الشعوب وسلوكها، وكذلك على الأفراد من ذوي الميول المتطرفة، في
استغلال كل حدث أو توتر أو سوء فهم، لترسيخ ذلك المفهوم عمداً أو جهلاً بل
خُبثاً... وهو ما حدث عندما أثيرت تصريحات البابا حول الإسلام والرسول
الكريم (صلى الله عليه وسلّم) التي تم إطفاء نار فتنتها بكل حكمة عندما
عمد البابا الى توضيح حقيقة تلك التصريحات وما عناه وما تلى ذلك من ضبط
للأمور وتهدئة الرأي العام الإسلامي. وكان «الحوار» سيد الموقف لإطفاء نار
الفتنة، وهو ما دعوت إليه في مقالي المنشور في «الحياة» بتاريخ 27 أيلول
2006، تحت عنوان: «نعم لتكامل الحضارات... لا لصراعها». ولعلّي أختتم
مقالي هذا بتكرار ما قاله رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً الى
تزامن عقد المؤتمر مع حدوث الأزمة العالمية الاقتصادية والمالية قائلاً:
«نشهد إفلاسات عدة، لكن الأسوأ هو الإفلاس الأخلاقي»، وهو إفلاس مدمر لن
تجدي معه أي حلول مرتجلة بعد أن تفاقم الداء وعمّ البلاء معظم أنحاء
العالم حتى أضحى يهدد بخطره وتداعياته الخطرة وجود الشعوب والأمم التي
ابتليت به، كأي مرض أو وباء فتاك لم تعد تجدي معه المسكنات بل يحتاج الى
تضافر جهود سائر الدول والشعوب للتوصل الى الدواء الناجع الذي يمكنه أن
يتصدى لتلك الفيروسات القاتلة، خصوصاً في المجتمعات الأكثر تطوراً كما قال
رئيس الجمعية العامة وهي غارقة حتى أذنيها في الرفاهية المزيفة التي
أتاحتها الفورة المالية غير المسبوقة.
لقد جاء هذا المؤتمر لكي يشخص
الداء ويرسم خريطة الطريق نحو السلامة... سلامة البشرية جمعاء... دعونا
نأمل ونصلّي لله لتحقيق هذا الهدف.
* كاتب سعودي، سفير سابق
الحياة - 22/11/08//
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» تلويحة أولى
» الحضارات القديمة
» الحضارات القديمة..
» أرضية مشتركة لحوار الحضارات ... ستة مسارات لتجاوز الخلافات
» تاريخ الحضارات باوربا
» الحضارات القديمة
» الحضارات القديمة..
» أرضية مشتركة لحوار الحضارات ... ستة مسارات لتجاوز الخلافات
» تاريخ الحضارات باوربا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى