عبدالحليم حافظ

عبدالحليم العملاق .. مازال في قلوبنا

من منا لا يحب صوت عبدالحليم حافظ .. من منا لا يعشق الاستماع إلي
اغانيه ؟من منا لايتفاعل مع عذوبة صوته ؟ وحلو لحنه .. وعظيم كلامه ..
من منا لا يهرب إلي أغاني العندليب للخروج من أحزان ونسيان آلامه .. أو
يحب الاستماع إليها في أفراحه وانتصاراته .. ربما لا يعرف الجيل الجديد
قصة وحكاية وتاريخ العندليب الذي أسعد الملايين بألحانه وكلماته .. وربما
لم يعاصروا علي الطبيعة بعضاً من ذكرياته .. لكنهم يقفوا أمام تفاصيل
حياته طويلاً .. ويتأملوا أيام حزن وفرحه ومرضه .. وتطرب آذانهم بسماع
أغنياته التي تكاملت عناصرها بشكل رائع من كلمات وألحان وآداء وموسيقي ..
فكل أغنية لعبدالحليم حافظ ترتبط بأعمق أعماق الحياة فتجمع في طياتها كل
المعاني والمشاعر من فرح ومرض وألم وأمل ومستقبل وحب وانتماء للوطن وكل ما
نشعر به في حياتنا .

* لقد وهب الله عبدالحليم حافظ الصوت النادر مثله مثل أقطاب الغناء
العربي .. أم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وغيرهم من العمالقة
الذين أثروا الطرب العربي ومازالوا يؤثرون فينا حتي الآن رغم رحيلهم عن
دنيانا منذ سنوات وسنوات طويلة .. فأعمالهم خالدة وحية في نفوسنا وتشكل
وجداننا.

* لاشك أن عبدالحليم حافظ ظاهرة فريدة في تاريخ الغناء المصري
والعربي .. بل والعالمي أيضاً .. ولأنه كان مطرباً ناجحاً وموهوباً
ومحبوباً .. كان يحقد عليه كثير من الناس الذين ليس لهم علاقة بالغناء ولا
بالموسيقي والذين لا يفهمون شيئاً في الفن ولا يتذوقون حلاوته !

* عبدالحليم حافظ - بصوته وحسه وروحه وثقته في نفسه - تحدي الزمن
وقهر المرض وحارب الاستكانة واليأس ولم يعرف الاستسلام .. كان سفيراً فوق
العادة للعرب في كل أنحاء الدنيا .. فما قدمه من رصيد كبير من الأغاني
والأفلام أسعد به الملايين في كل مكان يجعله مستريح الضمير هادئ القريرة
وهو الآن في حياة أخري بعد أن فارق حياتنا المليئة بالمتناقضات والإرهاصات
في زمن تغيرت فيه أشياء كثيرة وتبدلت العادات والتقاليد بتقاليع أخري
غريبة لا تمت لثقافتنا وهويتنا بشئ ولم نكن نعرفها في مصر من قبل .. لقد
تفاني عبدالحليم حافظ وأبناء جيله العظيم أم كلثوم وفريد وعبدالوهاب في
خدمة الفن وأخلصوا في اسعاد الناس .. لذلك لن ينساهم الناس أبداً .. أبداً
.. يرحمهم الله جميعاً ويتغمدهم بمغفرته جزاءً عما قدموه من فن طاهر وخالص
أسعدونا به .. وبأعمالهم التي كانوا يؤدونها من قلوبهم بكل صدق وأجادوا في
التعبير عن آلام الناس وآمالهم .. ودافعوا بإخلاص وتفان عن قضايا وحقوق
الشعوب العربية فكانوا خير سفراء لأمتهم في العالم فاستحقوا التحية
والتقدير والإعجاب إلي الأبد .. ويا عبدالحليم حافظ .. اطمئن في مكانك ..
فأنت مازلت متربعاً علي عرش قلوبنا .. لا ينافسك في مكانتك أحد رغم انك
رحلت وأنت في ريعان شبابك .. وأوج تفوقك وقمة مجدك .. ولعن الله
البلهارسيا التي أصابت كبدك الضعيف في مقتل ولم يسعفك الطب في هذا الوقت
لإنقاذ حياتك .. فلم يكن متطوراً ومتقدماً مثلما هو عليه الآن حيث تجري
حالياً عمليات زرع كبد بنجاح كبير فيمد الله في عمر المريض سنوات وسنوات
مديدة.

* رحمك الله يا عندليب العرب أنت وكل المطربين العظماء من جيلك
.. ونتمني أن نري أمثالكم في عصرنا هذا الذي نفتقد فيه إلي أعمالكم
الخالدة.