اكتشاف أقدم خارطة صينية في العالم

من طرف بديعة الخميس 21 مايو 2009 - 5:17

في عام 2006، عرض المحامي الصيني «لي - ياوكخوانك» خارطة للعالم، رسمت في الصين عام 1763، تتضمن نصاً مكتوباً على هذه الخارطة.
هذه الخارطة هي نسخة مأخوذة من النسخة الأصلية التي اكتشفت عام 1418.
والامر
المدهش والغريب، في هذه الخارطة، هو مستوى الدقة المضبوطة الذي رسمت
بموجبه قارات العالم المختلفة، كما لو تكون قد رسمت في وقتنا الحاضر.
الرسام
الصيني المجهول، قد رسم بشكل دقيق ومضبوط، أقاليم القارة الافريقية
وحدودها، وكذلك شمال وجنوب اميركا والشيء المذهل الذي برز في هذه الخارطة،
ان هذا الرسام كان على علم تام تقريبا بشرق وشمال السواحل الأميركية.
وايضا
لم تغب عن الخارطة استراليا، حيث رسم اقاليمها بشكل سهل ومبسط، وكذلك
منطقة الانتراكتيد، ومناطق اليابسة حول القطب الشمالي من الكرة الأرضية،
وكذلك المناطق الجليدية والاقاليم الأخرى.
بالنسبة الى الشاطئ الغربي
لأميركا، فالنص يشير الى «ان جلد الناس في هذه المناطق هو الأسود والاحمر،
وعلى الرأس وحول البطن يضعون صفوفا من الريش».
وفي استراليا يقول النص «ان لون جلد المواطنين هناك هو الأسود، والجميع يسيرون وهم عراة، ويتزينون بمواد مصنوعة من العظام».

نبأ عن الأصل
أشار
لي - اوكخوانك في المؤتمر الصحفي الذي عقده بخصوص هذه الخارطة، الى أن هذه
الخارطة قد اشتراها عام 2001 من احد اصحاب المكتبات القديمة Antikvariot
في شنغهاي ب‍‍ 500 دولار
والقضية هنا ليست خدعة لأن هذه الخارطة هي
نسخة حقيقية للخارطة الاصلية المرسومة عام 1418، وهذا يعني أن الصينيين،
قد وصلوا ليس فقط إلى كولومبيا وفاستا دي غاما، وانما نصوص الخارطة تتناول
الأحوال في القرن الخامس عشر.
ويعني ذلك ان الصينيين قد سبقوا
الأوروبيين في الوصول إلى اميركا بفترة زمنية بعيدة، والا فكيف يمكن تفسير
ما تضمنته الخارطة من رسم دقيق لحدود القارة الاميركية منذ ذلك الحين.
وفي
تلك الفترة كانت دول البحار الكبرى آنذاك مثل البرتغال واسبانيا، غير
قادرة على مد أساطيرها الى تلك المناطق، لذلك، فان بحارة هذه الدول لم
يروا البحارة الصينيين وهم يجتازون بنفسهم تلك المناطق.

خصي الأدميرال
في
بحرية الاستكشافات الصينية، كان الادميرال جنغ خي (1371 - 1435) يتمتع
بمكانة خدمية كواحد من بين الاولاد المنغوليين الذين تمت عملية خصيهم بعد
سقوط القيصر توغونتومور، فانتقل الى الخدمة في بيت الامبراطور القادم
جويتهو، وكان يتسم بالفعالية والذكاء، واصبح بمرور الزمن واحدا من اقرب
مستشاري وثقاة الامبراطور.
ولان من شروط الخدمة في قصر الامبراطور ان
يكون الخدم مخصيين، فانه هو الآخر قد خضع لعملية اخصاء، والحق بالعمل في
قصر الحريم لخدمة زوجات القيصر اللاتي كن يقمن في قصور المدينة ذات
الجدران العالية والممنوعة الاجتياز الا من بعض افراد الحاشية.
ولم يكن
اعضاء طاقم الخدمة مجرد حراس لمجمع الحريم، وانما كانوا ايضا موظفين لدى
البلاط، وخلال تلك الفترة، فان جينغ خي الذي تميز بقامته الفارعة، حيث بلغ
طوله مترين، ووزنه مائة كيلوغرام، ولياقته العضلية وشجاعته المتناهية، كل
ذلك جعله ذا شخصية عسكرية مهابة الجانب ومتميزة، لذلك اصبح اكبر قائد
عسكري، وبحارا في الاسطول الامبراطوري، حتى وان لم يسبق له ان خاض عباب
البحر ولم يعرف عنه الكثير، لكنه عين من قبل القيصر كأدميرال للبحرية
الصينية، وهي اكبر رتبة قيادية في الجيش آنذاك.

الجميع يجب ان يدفعوا لنا
حينما
استقرت ظروف الامبراطورية الصينية، وبنت لها قوة عسكرية بحرية ضاربة، بدأت
تفكر جليا في اكتشاف العالم والوصول الى مختلف بلدانه من اجل الهيمنة
والمال.
لذلك قرر الامبراطور بناء المزيد من قوى البحرية لكي تكون اسطولا تجاريا وعسكريا قادرا على تنفيذ المهام المطلوبة.
وفي
حينها، فان قوة الصين البحرية بدأت تهدد ليس البلدان القريبة منها فقط،
وانما العالم العربي واوروبا وربما القارة الاميركية ايضا، وانشغلت منذ
البداية بنقل البضائع التجارية الصينية الى اسواق العالم المختلفة.
وحسب
تصورات الصين الامبريالية آنذاك، فان على جميع بلدان العالم ان تدفع
الضريبة المالية المنتظمة، وكذلك اسعار السلع التجارية الصينية، وفوق هذا
وذاك ضريبة الحماية العسكرية.
وكانت مواد الصين التجارية عديدة، منها
الحرير والبورسلان (اي الخزف وغيرها) حتى ان بعض البلدان اصبحت مدينة
للصين، الأمر الذي عرض استقلالها للتهديد والخطر.

أين يعبث كولومبوس؟
البحرية
الصينية كانت تمتلك آنذاك نحو 3500 سفينة، ولم يكن بمقدور اكبر قوة بحرية
اوروبية اللحاق بالقوة الصينية، وبعض هذه السفن كان طولها يبلغ 120 مترا،
وعرضها 50 مترا، وتحمل بضائع بوزن 1500 طن، ويمكن لها ان تحمل ايضا 1000
زورق مع طواقمها ومستلزماتهم العسكرية.
وبالمقارنة مع سفينة كولومبوس
المعروفة سانتاماريا، التي ابحر بها عام 1492، وتوقفت في الباهاما، فان
طولها يبلغ 24 مترا وعرضها 8 امتار وحمولتها 60 طنا، وعدد بحارتها 38
بحارا.
ومن خلال هذه المقارنة نرى ان الصين كانت في القرن الخامس عشر اكبر دولة تمتلك اسطولا بحريا في العالم.
السيطرة على المحيط الهندي
أول عملية ابحار للأسطول الصيني تمت عام 1405 بقيادة الأدميرال «جينغ جي»، في حين أن كولومبس قد أبحر بعد ذلك بحوالي 87 عاما.
والقوات
الصينية كانت تضم في تلك الفترة 62 سفينة عملاقة، وقد قاد الأدميرال في
هذه المرة 27800 بحارا، وتوجهت سفنه الى «ملكة» في «ماليزيا» الحالية،
التي كانت آنذاك أهم نقطة لتقاطع التجارة العالمية في جنوب شرق آسيا.
وكانت
سفنه محملة بالبضائع الصينية المختلفة كالحرير والتوابل وغيرها، والتقى
الأسطول الصيني بالتجار الأوروبيين والتايوانيين والبنغاليين والفرس
والعرب. وفي المراحل اللاحقة اصبحت الصين تسيطر على جميع خطوط التجارة
العالمية في المحيط الهندي، حيث كانت القوة البحرية الصينية تبحر في
المحيط عبر كلكتا، ومن ثم إلى مضيق هرمز والخليج العربي وشمال افريقيا،
وبذلك وضعت الصين سيطرتها التجارية والعسكرية على العالم العربي.

الوصول إلى آخر بقعة في العالم
كان هدف القوة البحرية الصينية هو «الذهاب إلى أقصى نقطة في العالم، وتحصيل العائدات المالية من مختلف البلدان».
وقد
تحقق لها ذلك، فوصلت هذه البحرية إلى القارة الأميركية أيضا، والدليل على
ذلك هذه الخارطة التي تحدد حدود القارة الأميركية بكل دقة، كما ان هناك
دليلا آخر، فمثلا نبات الذرة، كانت زراعته حتى القرن الخامس عشر مقتصرة
على القارة الأميركية، ولم يكن معروفا في اي بلد من بلدان العالم آنذاك
سوى هذه القارة، لكنه انتقل إلى الصين دون المرور ببلدان القارة
الأوروبية، وليس من المعقول أن حبوب الذرة قد وصلت إلى الصين بواسطة مياه
أمواج البحر لتقطع تلك المسافة البعيدة جدا عن موطنها الأصلي.

الدليل سفينة صينية غارقة
في
عام 1993 وجدت مجموعة من الغطاسين في بحيرة «باندانان» الفلبينية هيكل
سفينة صينية غارقة، وبعد عامين أجرى المختصون فحوصات مختبرية على هذا
الهيكل، وأخذوا عينات مختلفة منه بلغ عددها 4722 عينة، بينها جهاز خاص
لطحن الذرة، كان يستعمل آنذاك في اميركا الجنوبية فقط، ومن ثم اختبروا
حبات الذرة وكذلك اخشاب الهيكل بواسطة الاشعاع الكاربوني، وتوصلوا إلى ان
الحبات والخشب يعود أصلها إلى تاريخ 1410.
والشيء الغريب ان
الاختصاصيين اكتشفوا زورقا آخر مصنوعا من الخشب نفسه وبالطريقة نفسها في
مدخل نهر «ساكرينمتو» في المصب البحري في «سانفرانسيسكو». وفي هذا الزورق
وجدت أنواع من الأسلحة الصينية القديمة، لم يكن الهنود الحمر يعرفون وسائل
تصنيعها آنذاك.
يقول المؤرخ «جون فيري» من متحف شمال كاليفورنيا، والذي
قام باختبار بقايا الزورق الغاطس «ان هذا الزورق صيني الصنع، وكان واحدا
من عدة زوارق تحملها سفينة كبيرة تابعة للقوة البحرية الصينية، لذلك علينا
أن ندرك حقيقة مماثلة، وهي ان الامبراطورية الصينية، كانت آنذاك سيدة
المحيطات العالمية في بداية القرن الخامس عشر، وبعد تراجعها بفترة طويلة
احتلت أوروبا هذا الموقع، ومن منا كان سيعرف ماذا سيحدث في العالم، لو أن
الصين قد استمرت في توسعها البحري، ولم تعزل نفسها عن العالم فيما بعد».

الافارقة كانوا الاوائل

حسب
العالم الماليزي كوساو دياواري، فان الافارقة كانوا الاوائل الذين وصلوا
الى اميركا، ففي زمن ابو بكر الثاني ملك الامبراطورية الافريقية الغنية
بالثروات ومركزها مالي قد وصل الى اميركا في القرن الرابع عشر.
ففي عام
1311 تنازل ابو بكر الثاني عن الحكم لاخيه كانكان موسى وابحر الى المحيط
بهدف استكشاف ساحله الاخر، وكانت حملته هذه تضم 2000 سفينة صغيرة، وقد حمل
على ظهورها حيوانات وطعاما وماء. ووصلت حملته عام 1312 الى البرازيل، وحطت
في المكان الذي تحتله حاليا مدينة رتسليفه، واسمها الاخر Pumanbueo، وتعني
المناجم الذهبية، وهو اسم مشتق من كلمتي Boure Babouk لان هذه المناجم
كانت المصدر الرئيسي لثروة امبراطورية مالي، كما يقول المفكر الافريقي
المعروف تيوكو كوناته.
وحسب رأيه، فإن هذا الذهب الذي حصل عليه كريستوف
كولومبس ونقله معه الى اوروبا من اميركا، يمكن ان يكون اصله ذهباً من
مناجم مالي، لان ابو بكر الثاني حمل معه في حملته تلك كميات كبيرة من
الذهب، وهي المرة الاولى التي ينقل فيها هذا الذهب من افريقيا الى اميركا،
ومن ثم من اميركا الى اوروبا.

مرحلة الخارطة الصينية القديمة

ان
تجربة الصينيين في الابحار عبر المحيطات قد تمت باستخدام دليل جغرافي مهم،
هو الخارطة الجغرافية للعالم، وقبل ذلك في القرن الاول الميلادي صنع
الصينيون اول ساعة تعمل بواسطة الماء، وبنوا اول جسر يفتح ويغلق بواسطة
سلسلة حديدية مسننة، وانشأوا اول منظار فضائي لكشف النجوم.
وفي القرن الخامس، انجزوا اول صفحة ورقية مطبوعة بواسطة القوالب الخشبية.
وفي القرن السدس بدأوا بانتاج الزخف والبورسلان.
وفي
القرن الثاني عشر استخدموا المواد المتفجرة والعقار الحربي من مسحوق خاص،
وفيما بعد صنعوا اول معدات الالعاب النارية التي تستخدم في وقتنا الراهن.
وهم
اول من صنع البوصلة البحرية البسيطة والسهلة، باستخدام قطعة من الحديد
المطبوخ بالزيت، والذي نتج حديداً مغناطيسيا. وعرفوا ايضا كيفية قطع
المسافات البعيدة، لانهم قسموا اليوم الواحد الى عشرة اجزاء، قاموا
بقياسها جزءاً جزءاً بواسطة ساعة رملية صنوعها هم بأنفسهم.
فكل دورة رملية في هذه الساعة تعادل 2،4 ساعة في وقتنا الحاضر.

اكتشاف أقدم خارطة صينية في العالم X2vcS4t1qL