شهادة الزور وأثرها في النفس والعرض والمال
صفحة 1 من اصل 1
شهادة الزور وأثرها في النفس والعرض والمال
ما أجمل النظام حين يبلغ بالمرء غايته وأحسن بالشريعة حين تضع الخلق في
مكانته! والقبح كل القبح ينصب علي كل إنسان تنكر لنظامه وشريعته
وضع الشرع الحكيم الشهادة في موضعها من التشريع وقنن لها وشرع ثم
توجه إلي شهادة الزور وإلي شاهدها بما يستحقانه من هبوط المكانة وسقوط
المنزلة وسوء المصير فشهادة الزور لها آثار "ثقال" ونتائج جسام ينوء
بحملها الأفراد والجماعات علي السواء.
ومن أول آثارها: 1- الكذب والافتراء
قال تعالي "إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"
وفي الحديث: "يطبع المؤمن علي كل شيء ليس الخيانة والكذب".
2- ومن آثار شهادة الزور: أن صاحبها ظلم الذي شهد عليه حتي أخذ بشهادته ماله وعرضه وروحه.
3- وشاهد الزور لا تقف آثاره الضارة وآثار شهادته المنحرفة علي
المظلوم وحده إنما تتعداه إلي من شهد له بأن ساق إليه المال الحرام فأخذه
بشهادته فوجبت له النار.
4- ورابعة الأسافي هنا أن شاهد الزور بشهادته تلك قد أباح ما حرم
الله تعالي وعصمه من المال والدم والعرض قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
فيما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي بكر "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟
الإشراك بالله وعقوق الوالدين ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور..؟ فمازال
يكررها حتي قلنا ليته سكت".
هذه العظائم الأربعة كافية بذاتها لبيان ما لشهادة الزور من أثر سلبي
علي أي مجتمع من المجتمعات مهما كان شأنه إذ هي قادرة علي تفكيك البنية
الاجتماعية وترك المجتمع شزرات متفرقة لا يرجي منه خير ولا ترتجي منه
ثمرة.ومن يتأمل نصوص الشرع الحكيم يجد أنها من ناحية تمتدح أولئك الذين
يتجنبون شهادة الزور وترفعهم إلي مصاف عباد الرحمن الذين ذكر القرآن
صفاتهم ومنها "والذين لا يشهدون الزور".
ومن ناحية أخري تتوجه نصوص الشرع الحكيم إلي كل من يجترئ علي شهادة الزور فتهدده بمصيره الذي ينتظره وتصنفه في أهل الشر والسوء.
قال تعالي في تكليفه لعباده: "واجتنبوا قول الزور" وشهادة الزور ترقي
إلي أعلي درجاتها فتسم صاحبها بأقبح وسم حين يقول الله فيها وفي شاهدها:
"وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد
جاءواً ظلما وزوراً".
وقائل الزور جريء في نفسه لا يمنعه من ذلك هيبته من المشرع فيفتات
عليه ولا يمنعه من قول الزور هيبته من المجتمع بعاداته وتقاليده فيخرج علي
هذه العادات وتلك التقاليد كما أنه لا يمنعه الحياء الطبيعي الذي يكون
بينه وبين أمه التي ولدته وزوجه التي ربطه الميثاق الغليظ فيخلط بين نوعي
العلاقة الاجتماعية مخالفاً الشارع مجافيا للأعراض والعادات الاجتماعية لا
يحمر وجهه خجلاً وهو يخلط الأوراق في مجالي الشأن فيه الحياء فيدعي أن
زوجته كأمه في العلاقة الحميمة وهو كاذب فيما يدعيه ويعلم كذبه فيأتي
القرآن الكريم فيسلكه في مسلك نظام لا يرتضيه عاقل لنفسه حيث يقول: "الذين
يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم
ليقولون منكراً من القول وزورا وإن الله لعفو غفور".
وإذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن شهادة الزور وشاهدها بهذه اللهجة
فإن الأحاديث النبوية وهي وحي يوحي.. قد شددت هي الأخري علي شاهد الزور
وقبحت من شأن شهادته وتوعدت شاهد الزور بما يناسبه من الجزاء قال صلي الله
عليه وسلم فيما رواه الحاكم وغيره من حديث ابن عمر أن رسول الله صلي الله
عليه وسلم قال: "لن تزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتي تجب له النار".
وفي الأثر الذي يتناقله الرواة: "أن شهادة الزور قد عدلت الشرك بالله
تعالي مرتين" رواه أبو داود عن حزيم بن فاتك مرفوعا ثم نقل عنه أنه قرأ
بعد روايته لهذا الأثر قوله تعالي: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا
قول الزور حنفاء لله غير مشركين به".
وبعد هذه الجولة الوجيزة في نصوص الشرع من القرآن والسنة لا نملك إلا
أن ننبه ونشدد التنبيه علي أن شاهد الزور وضعه في المجتمع خطير وما ينتظره
من العظائم والشدائد لا يقوي عليهما أحد فمن أراد أن ينجي نفسه أمام ربه
ومجتمعه فليفر إلي ربه طالبا مغفرته راجيا عفوه.
وإن الله لعفو غفور.
د. طه حبيشي
مكانته! والقبح كل القبح ينصب علي كل إنسان تنكر لنظامه وشريعته
وضع الشرع الحكيم الشهادة في موضعها من التشريع وقنن لها وشرع ثم
توجه إلي شهادة الزور وإلي شاهدها بما يستحقانه من هبوط المكانة وسقوط
المنزلة وسوء المصير فشهادة الزور لها آثار "ثقال" ونتائج جسام ينوء
بحملها الأفراد والجماعات علي السواء.
ومن أول آثارها: 1- الكذب والافتراء
قال تعالي "إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"
وفي الحديث: "يطبع المؤمن علي كل شيء ليس الخيانة والكذب".
2- ومن آثار شهادة الزور: أن صاحبها ظلم الذي شهد عليه حتي أخذ بشهادته ماله وعرضه وروحه.
3- وشاهد الزور لا تقف آثاره الضارة وآثار شهادته المنحرفة علي
المظلوم وحده إنما تتعداه إلي من شهد له بأن ساق إليه المال الحرام فأخذه
بشهادته فوجبت له النار.
4- ورابعة الأسافي هنا أن شاهد الزور بشهادته تلك قد أباح ما حرم
الله تعالي وعصمه من المال والدم والعرض قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
فيما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي بكر "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟
الإشراك بالله وعقوق الوالدين ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور..؟ فمازال
يكررها حتي قلنا ليته سكت".
هذه العظائم الأربعة كافية بذاتها لبيان ما لشهادة الزور من أثر سلبي
علي أي مجتمع من المجتمعات مهما كان شأنه إذ هي قادرة علي تفكيك البنية
الاجتماعية وترك المجتمع شزرات متفرقة لا يرجي منه خير ولا ترتجي منه
ثمرة.ومن يتأمل نصوص الشرع الحكيم يجد أنها من ناحية تمتدح أولئك الذين
يتجنبون شهادة الزور وترفعهم إلي مصاف عباد الرحمن الذين ذكر القرآن
صفاتهم ومنها "والذين لا يشهدون الزور".
ومن ناحية أخري تتوجه نصوص الشرع الحكيم إلي كل من يجترئ علي شهادة الزور فتهدده بمصيره الذي ينتظره وتصنفه في أهل الشر والسوء.
قال تعالي في تكليفه لعباده: "واجتنبوا قول الزور" وشهادة الزور ترقي
إلي أعلي درجاتها فتسم صاحبها بأقبح وسم حين يقول الله فيها وفي شاهدها:
"وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد
جاءواً ظلما وزوراً".
وقائل الزور جريء في نفسه لا يمنعه من ذلك هيبته من المشرع فيفتات
عليه ولا يمنعه من قول الزور هيبته من المجتمع بعاداته وتقاليده فيخرج علي
هذه العادات وتلك التقاليد كما أنه لا يمنعه الحياء الطبيعي الذي يكون
بينه وبين أمه التي ولدته وزوجه التي ربطه الميثاق الغليظ فيخلط بين نوعي
العلاقة الاجتماعية مخالفاً الشارع مجافيا للأعراض والعادات الاجتماعية لا
يحمر وجهه خجلاً وهو يخلط الأوراق في مجالي الشأن فيه الحياء فيدعي أن
زوجته كأمه في العلاقة الحميمة وهو كاذب فيما يدعيه ويعلم كذبه فيأتي
القرآن الكريم فيسلكه في مسلك نظام لا يرتضيه عاقل لنفسه حيث يقول: "الذين
يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم
ليقولون منكراً من القول وزورا وإن الله لعفو غفور".
وإذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن شهادة الزور وشاهدها بهذه اللهجة
فإن الأحاديث النبوية وهي وحي يوحي.. قد شددت هي الأخري علي شاهد الزور
وقبحت من شأن شهادته وتوعدت شاهد الزور بما يناسبه من الجزاء قال صلي الله
عليه وسلم فيما رواه الحاكم وغيره من حديث ابن عمر أن رسول الله صلي الله
عليه وسلم قال: "لن تزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتي تجب له النار".
وفي الأثر الذي يتناقله الرواة: "أن شهادة الزور قد عدلت الشرك بالله
تعالي مرتين" رواه أبو داود عن حزيم بن فاتك مرفوعا ثم نقل عنه أنه قرأ
بعد روايته لهذا الأثر قوله تعالي: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا
قول الزور حنفاء لله غير مشركين به".
وبعد هذه الجولة الوجيزة في نصوص الشرع من القرآن والسنة لا نملك إلا
أن ننبه ونشدد التنبيه علي أن شاهد الزور وضعه في المجتمع خطير وما ينتظره
من العظائم والشدائد لا يقوي عليهما أحد فمن أراد أن ينجي نفسه أمام ربه
ومجتمعه فليفر إلي ربه طالبا مغفرته راجيا عفوه.
وإن الله لعفو غفور.
د. طه حبيشي
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» محاسبة النفس.. وترسيخ المعاني الإيمانية
» الأسباب الشرعية وأثرها في الفقه الإسلامي للشيخ العلامة محمد التاويل رحمه الله
» شهادة صديقي
» شبهة حول شهادة المرأتين
» العلاج بالألوان واثره على النفس والجسد
» الأسباب الشرعية وأثرها في الفقه الإسلامي للشيخ العلامة محمد التاويل رحمه الله
» شهادة صديقي
» شبهة حول شهادة المرأتين
» العلاج بالألوان واثره على النفس والجسد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى