سؤال الموسيقي المغربية، سؤال ثقافة وابداع /مصطفى بنريسول
صفحة 1 من اصل 1
سؤال الموسيقي المغربية، سؤال ثقافة وابداع /مصطفى بنريسول
أحيى منتدى أطر
الإذاعة والتلفزة المغربية حفلا تكريميا للأستاذ «المايسترو» عبد السالم
خشان مؤخرا بقاعة المكتبة الوطنية بالرباط. حضرت هذا الحفل ثلة من
الفعاليات الموسيقية والفنية. وقدم خلاله الجوق الوطني للشركة الوطنية
للاذاعة والتلفزة بقيادة «المايسترو» عز الدين منتصر، نخبة من المعزوفات
والاغاني الخالدة: «قسم المسيرة»، «ساعة سعيدة»، «ماأنا إلا بشر» و«طل
علينا».. من أداء المطربين محمود الإدريسي والبشير عبده ونزهة الشعباوي...
تثمينا للمبادرة الحميدة هذه، نسلط الضوء في هذه الورقة على واقع الفرق
الموسيقية والوقوف على مجال الابداع الموسيقي ومآل تدبير الدعم الذي أقرته
مؤخرا وزارة الثقافة:
منذ بداية الستينيات تواجد بالمغرب تياران فكريان موسيقيان بارزان هما:
- التيار التقليدي: وهو التيار الذي تأسس على تلقن وتلقين الفن الموسيقي
بطريقة تقليدية عن طريق التواتر الشفاهي والسمع والمحاكاة دون أدنى تكوين
موسيقي علمي، بحيث كان قادة هذا التيار يعتبرون أن الموسيقى فن يرتكز على
الموهبة التي لايتم صقلها إلا بالممارسة والتجربة والاحتكاك بأشياخها
والنهل من الأنماط الموسيقية المتنوعة.
كان متزعم هذا التيار هو الأستاذ الراحل والرائد أحمد البيضاوي، الى جانب
الملحنين الرواد عبد القادر الراشدي ومحمد بنعبد السلام وعبد الرحيم
السقاط... كان لهؤلاء قصب السبق في تأسيس الأجواق العصرية الأولى مع بداية
الاستقلال السياسي للمغرب، بحيث ظهر أول جوق «عصري» مغربي للإذاعة الوطنية
التي خلفت الاوركسترا الكلاسيكية التابعة للإذاعة «راديو ماروك» بالرباط.
- التيار التحديثي:
وهو التيار الموسيقي الذي تبنى الدراسة الاكاديمية للعلوم الموسيقية
المتأسسة على مادة «الصولفيج» بمكوناتها الثلاثة: القراءة الموسيقية
والتدوين الموسيقي والنظريات الموسيقية. ويعتمد هذا التيار، تبعا لذلك،
القيادة الأكاديمية بواسطة «مايسترو» الفرقة وتواجد حامل النصوص الموسيقية
أمام العازفين. وكان متزعم هذا التيار التحديثي المرحوم الأستاذ عبد
الوهاب أكومي الذي كان أول مدير مغربي يتولى تسيير المعهد الوطني للموسيقى
والرقص والفن المسرحي بفضاء «المامونية» بالرباط.
وظل الصراع الفكري قائما بين الفريقين على أشدة أزيد من عقد من الزمن..
الى أن اضطر عدد من المنتمين للتيار التقليدي من ملحنين بارزين أمثال: عبد
العاطي أمانة، وعبد السلام عامر وعبد النبي الجيراري... الى تدوين أعمالهم
بالنوطة الموسيقية وتوزيعها وتسييرها بطريقة علمية على يد أساتذة المعاهد
الموسيقية.
تزامن هذا التوجه الجديد والتكامل بين الفريقين، التقليدي والتحديثي، مع
إدراج آلات موسيقيين، كالعود والقانون والناي الشرقي كآلات تدرس الى جانب
الآلات الغربية الأكاديمية..
وهكذا صار سائدا تواجد حاملات النصوص الموسيقية لدى سائر الأجواء المغربية
العصرية، مع تزامن العهد «المشرق» للأغنية المغربية آنذاك. ولمعت أجواق
مغربية بجودة المنتوج، وتعمل بطريقة علمية حديثة تحت إشراف وتأطير رؤساء
أجواق متميزين وإجلاء أمثال المحتفى بالتكريم المايسترو عبد السلام خشان
الذي نتمنى له الصحة والعافية الحميدة.
وهكذا تعززت هذه الأجواق بثلة من العازفين المتميزين المتخرجين من المعاهد الموسيقية المغربية آنئذ.
كما برز بالساحة الابداعية رعيل من الملحنين الاكاديميين أمثال: عبد الله
عصامي، والمرحوم عبد الرفيق الشنيكطي، وشكيب العاصمي ومحمد بلخياط.. الذين
كانوا يمارسون التدريس بالمعهد الوطني في نفس الوقت. كان لهذا التوجه
الحاسم والحميد للمبدعين المغاربة أثر بالغ تجلى في تطور مجالات الابداع
الموسيقي من شعر وتلحين وغناء وعزف وتوزيع وقيادة موسيقية.. لكن، وكما
يقول المثل: «بعد الصعود يأتي الافول»، أحيل جل عازفي الجوق العصري
للإذاعة الوطنية على التقاعد، ولم يحدث تعويضهم، وتوقف نشاط الجوق الملكي،
وتوقفت تداريب وعروض الاجواق التابعة للاذاعات الجهوية. وظهرت أجواق حرة
مع تراكم وتفاقم المشاكل التدبيرية لمصاريف التداريب الموسيقية ومستحقات
العازفين والتسجيل بالاستوديوهات..
هذا ولعل من نافلة القول، الجزم بأن تقنين وتنظيم المهن الموسيقية تحت
اشراف وزارة الثقافة وبإشراك جل الفاعلين الموسيقيين، على ضوء «تجربة» دعم
الفرق المسرحية، من شأنه النهوض بالابداع المغربي على جميع المستويات،
وذلك في أفق الدعم المادي للفرق الموسيقية الذي أقرته مؤخرا وزارة
الثقافة، وذلك من خلال مقاربة تشاركية لكل الاطراف من ممارسين وفنانين
مبدعين وشركاء اقتصاديين وممثلي الجماعات المحلية والقطاع الخاص والمشرفين
على مؤسسات التعليم الموسيقي التي ترعى الفن الرصين والابداع الهادف.
الاتحاد الاشتراكي
الإذاعة والتلفزة المغربية حفلا تكريميا للأستاذ «المايسترو» عبد السالم
خشان مؤخرا بقاعة المكتبة الوطنية بالرباط. حضرت هذا الحفل ثلة من
الفعاليات الموسيقية والفنية. وقدم خلاله الجوق الوطني للشركة الوطنية
للاذاعة والتلفزة بقيادة «المايسترو» عز الدين منتصر، نخبة من المعزوفات
والاغاني الخالدة: «قسم المسيرة»، «ساعة سعيدة»، «ماأنا إلا بشر» و«طل
علينا».. من أداء المطربين محمود الإدريسي والبشير عبده ونزهة الشعباوي...
تثمينا للمبادرة الحميدة هذه، نسلط الضوء في هذه الورقة على واقع الفرق
الموسيقية والوقوف على مجال الابداع الموسيقي ومآل تدبير الدعم الذي أقرته
مؤخرا وزارة الثقافة:
منذ بداية الستينيات تواجد بالمغرب تياران فكريان موسيقيان بارزان هما:
- التيار التقليدي: وهو التيار الذي تأسس على تلقن وتلقين الفن الموسيقي
بطريقة تقليدية عن طريق التواتر الشفاهي والسمع والمحاكاة دون أدنى تكوين
موسيقي علمي، بحيث كان قادة هذا التيار يعتبرون أن الموسيقى فن يرتكز على
الموهبة التي لايتم صقلها إلا بالممارسة والتجربة والاحتكاك بأشياخها
والنهل من الأنماط الموسيقية المتنوعة.
كان متزعم هذا التيار هو الأستاذ الراحل والرائد أحمد البيضاوي، الى جانب
الملحنين الرواد عبد القادر الراشدي ومحمد بنعبد السلام وعبد الرحيم
السقاط... كان لهؤلاء قصب السبق في تأسيس الأجواق العصرية الأولى مع بداية
الاستقلال السياسي للمغرب، بحيث ظهر أول جوق «عصري» مغربي للإذاعة الوطنية
التي خلفت الاوركسترا الكلاسيكية التابعة للإذاعة «راديو ماروك» بالرباط.
- التيار التحديثي:
وهو التيار الموسيقي الذي تبنى الدراسة الاكاديمية للعلوم الموسيقية
المتأسسة على مادة «الصولفيج» بمكوناتها الثلاثة: القراءة الموسيقية
والتدوين الموسيقي والنظريات الموسيقية. ويعتمد هذا التيار، تبعا لذلك،
القيادة الأكاديمية بواسطة «مايسترو» الفرقة وتواجد حامل النصوص الموسيقية
أمام العازفين. وكان متزعم هذا التيار التحديثي المرحوم الأستاذ عبد
الوهاب أكومي الذي كان أول مدير مغربي يتولى تسيير المعهد الوطني للموسيقى
والرقص والفن المسرحي بفضاء «المامونية» بالرباط.
وظل الصراع الفكري قائما بين الفريقين على أشدة أزيد من عقد من الزمن..
الى أن اضطر عدد من المنتمين للتيار التقليدي من ملحنين بارزين أمثال: عبد
العاطي أمانة، وعبد السلام عامر وعبد النبي الجيراري... الى تدوين أعمالهم
بالنوطة الموسيقية وتوزيعها وتسييرها بطريقة علمية على يد أساتذة المعاهد
الموسيقية.
تزامن هذا التوجه الجديد والتكامل بين الفريقين، التقليدي والتحديثي، مع
إدراج آلات موسيقيين، كالعود والقانون والناي الشرقي كآلات تدرس الى جانب
الآلات الغربية الأكاديمية..
وهكذا صار سائدا تواجد حاملات النصوص الموسيقية لدى سائر الأجواء المغربية
العصرية، مع تزامن العهد «المشرق» للأغنية المغربية آنذاك. ولمعت أجواق
مغربية بجودة المنتوج، وتعمل بطريقة علمية حديثة تحت إشراف وتأطير رؤساء
أجواق متميزين وإجلاء أمثال المحتفى بالتكريم المايسترو عبد السلام خشان
الذي نتمنى له الصحة والعافية الحميدة.
وهكذا تعززت هذه الأجواق بثلة من العازفين المتميزين المتخرجين من المعاهد الموسيقية المغربية آنئذ.
كما برز بالساحة الابداعية رعيل من الملحنين الاكاديميين أمثال: عبد الله
عصامي، والمرحوم عبد الرفيق الشنيكطي، وشكيب العاصمي ومحمد بلخياط.. الذين
كانوا يمارسون التدريس بالمعهد الوطني في نفس الوقت. كان لهذا التوجه
الحاسم والحميد للمبدعين المغاربة أثر بالغ تجلى في تطور مجالات الابداع
الموسيقي من شعر وتلحين وغناء وعزف وتوزيع وقيادة موسيقية.. لكن، وكما
يقول المثل: «بعد الصعود يأتي الافول»، أحيل جل عازفي الجوق العصري
للإذاعة الوطنية على التقاعد، ولم يحدث تعويضهم، وتوقف نشاط الجوق الملكي،
وتوقفت تداريب وعروض الاجواق التابعة للاذاعات الجهوية. وظهرت أجواق حرة
مع تراكم وتفاقم المشاكل التدبيرية لمصاريف التداريب الموسيقية ومستحقات
العازفين والتسجيل بالاستوديوهات..
هذا ولعل من نافلة القول، الجزم بأن تقنين وتنظيم المهن الموسيقية تحت
اشراف وزارة الثقافة وبإشراك جل الفاعلين الموسيقيين، على ضوء «تجربة» دعم
الفرق المسرحية، من شأنه النهوض بالابداع المغربي على جميع المستويات،
وذلك في أفق الدعم المادي للفرق الموسيقية الذي أقرته مؤخرا وزارة
الثقافة، وذلك من خلال مقاربة تشاركية لكل الاطراف من ممارسين وفنانين
مبدعين وشركاء اقتصاديين وممثلي الجماعات المحلية والقطاع الخاص والمشرفين
على مؤسسات التعليم الموسيقي التي ترعى الفن الرصين والابداع الهادف.
الاتحاد الاشتراكي
بديعة- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 6241
العمر : 39
Localisation : الدارالبيضاء
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
مواضيع مماثلة
» الساحة الثقافية المغربية تفقد أحد رموزها… مصطفى المسناوي جمع بين الكتابة الساخرة والنقد السينمائي
» الأغنية المغربية النشأة، المسيرة والأزمة تاريخ الموسيقى المغربية
» الموسيقي الكبير عمر طنطاوي في ذمة الله
» موسيقى الطقطوقة الجبلية ومعاناة التهميش
» عبدالوهاب أكومي Abdelwahab Agoumi
» الأغنية المغربية النشأة، المسيرة والأزمة تاريخ الموسيقى المغربية
» الموسيقي الكبير عمر طنطاوي في ذمة الله
» موسيقى الطقطوقة الجبلية ومعاناة التهميش
» عبدالوهاب أكومي Abdelwahab Agoumi
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى