صحابة ضربوا المثل في التضحية والفداء.. في الهجرة النبوية الشيخ ربيع اللبيدي: آل سلمة.. صهيب.. عمر بن الخطاب.. عياش.. تصدوا لزعماء الكفر بشجاعة
صفحة 1 من اصل 1
صحابة ضربوا المثل في التضحية والفداء.. في الهجرة النبوية الشيخ ربيع اللبيدي: آل سلمة.. صهيب.. عمر بن الخطاب.. عياش.. تصدوا لزعماء الكفر بشجاعة
كانت فتنة المسلمين من أصحاب النبي - صلي الله عليه وسلم - في مكة فتنة
الإيذاء والتعذيب. فلما أذن لهم الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالهجرة.
أصبحت فتنتهم في ترك وطنهم وأموالهم ودورهم وأمتعتهم. ولقد كانوا أوفياء
لدينهم مخلصين لربهم. أمام الفتنة الأولي والثانية. قابلوا المحن والشدائد
بصبر ثابت وعزم عنيد.
يقول الشيخ ربيع اللبيدي - مدير إدارة الأوقاف بشمال القاهرة:
عندما أصدر الرسول - صلي الله عليه وسلم - أمره إلي المؤمنين بمكة أن
يهاجروا جميعا إلي المدينة المنورة. فخرج المسلمون أفرادا وجماعات إلي
هناك. وبدأت المدينة المنورة تستقبل المهاجرين الذين فروا بدينهم من مكة.
وتوجهوا إلي المدينة. وقد تركوا من ورائهم الوطن وما لهم فيه من مال
ومتاع. فتركوا الأمتعة والأثقال في مكة ليسلم لهم الدين. واستعاضوا عنها
بالأخوة الذين ينتظرونهم في المدينة ليؤوهم وينصروهم.
وهذا هو المثل الصحيح للمسلم الذي أخلص الدين لله: لا يبالي بالوطن
ولا بالمال في سبيل أن يسلم له دينه. يقول الله - عز وجل - "إن الذين
آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا
أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من
شيء حتي يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا علي قوم بينكم
وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير" "الأنفال: 72".
ثم إنه يستنبط من مشروعية هذه الهجرة حكمان شرعيان..
الأول: وجوب الهجرة من دار الحرب إلي دار الإسلام. ومثل دار الحرب في
ذلك كل مكان لا يتسني للمسلم فيه إقامة الشعائر الإسلامية من صلاة وصيام
وجماعة وأذان. وغير ذلك من أحكامه الظاهرة.
وما يستدل علي ذلك قوله تعالي: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض
الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا "97" إلا
المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
"98"" "النساء: 97. 98".
الأمر الثاني: وجوب نصرة المسلمين لبعضهم مهما اختلفت ديارهم وبلادهم
ما دام ذلك ممكنا. فقد اتفق العلماء والأئمة علي أن المسلمين إذا قدروا
علي إنقاذ المستضعفين أو المأسورين أو المظلومين من إخوانهم المسلمين في
أي جهة من جهات الأرض. ثم لم يفعلوا ذلك فهم آثمون.
قصص عظيمة
وقصص المهاجرين كثيرة وعظيمة ولكن نقف علي أربع قصص فقط تكشف لنا عن طبيعة الهجرة وعن طبيعة المهاجرين:
القصة الأولي: قصة هجرة آل سلمة رضي الله عنهم أجمعين حيث كان أبوسلمة
بن عبدالأسد - رضي الله عنه - من أوائل من هاجر كما كان - رضي الله عنه -
من أوائل من أسلم. وكان هو وزوجته أم سلمة من قبيلة واحدة هي قبيلة بني
مخزوم. ومع الشرف والمكانة والوضع الاجتماعي إلا أنهم تركوا كل ذلك.
وانطلقوا إلي المدينة المنورة. ولكن بعد أن خرج الرجل وزوجته وابنهما سلمة
لحقت بهم عائلة أم سلمة وقالوا لأبي سلمة: هذه نفسك غلبتنا عليها. أرأيت
صاحبتنا هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فغلبوه علي زوجته فأخذوها.
وبالطبع ترك معها ابنهما سلمة ثم انطلق هو وحيدا - رضي الله عنه - إلي
المدينة المنورة. امتثالا لأمر الهجرة إلي هناك.
أما السيدة أم سلمة - رضي الله عنها - فبعد أن هاجر زوجها جاء إليها
أقارب زوجها ومع أنهم من نفس القبيلة - قبيلة بني مخزوم - إلا أنهم قالوا:
لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا. وجاء أقارب أم سلمة يدافعون عن
الغلام الصغير. فأخذ الفريقان يتجاذبان الغلام حتي أصابوه بخلع في يده. ثم
أخذه في النهاية أقارب أبي سلمة. وتركوا السيدة أم سلمة - رضي الله عنها -
وحيدة في مكة. لقد هاجر زوجها إلي المدينة. وأخذ ابنها الوحيد منها وبقيت
بمفردها تحمل في قلبها كل هذه الآلام. فكانت - رضي الله عنها - تخرج كل
يوم إلي الأبطح - حيث المكان الذي شهد مأساة التفريق بينها وبين زوجها
وابنها - وتظل تبكي من الصباح إلي المساء. ثم تعود إلي بيتها آخر الليل.
وظلت تفعل ذلك كل يوم. كم بقيت علي هذه الحالة الأليمة؟!.. لقد ظلت سنة
كاملة أو قريبا من سنة.
آلام رهيبة
آلام رهيبة تحملتها السيدة العظيمة أم سلمة. وآلام رهيبة تحملها زوجها
الجليل أبوسلمة وهو في ديار الغربة وحيدا. وآلام رهيبة تحملها الطفل
الصغير سلمة وهو معزول عن والديه. لا لشيء إلا لأنهما آمنا بالله رب
العالمين. لكن هذا هو الطريق الطبيعي للجنة. وهذه هي الأثمان التي تشتري
بها هذه الجنة. "ألا إن سلعة الله غالية. ألا إن سلعة الله الجنة".
وبعد عام رق قلب رجل من بني عم أم سلمة لحالها. فذهب إلي أهلها وقال
لهم: ألا تطلقون هذه المسكينة. فرقتم بينها وبين زوجها وولدها. ومازال بهم
حتي قبلوا. ثم ذهبت إلي أهل زوجها. فلما علموا أنها ستذهب إلي زوجها
أعطوها الغلام. ورأت ابنها واحتضنته بشدة بعد عام من الفراق. ثم ما
استطاعت صبرا علي فراق زوجها. فما انتظرت أن يتوافر لها صحبة آمنة إلي
المدينة. ولكنها أخذت ابنها سلمة. وانطلقت به بمفردها إلي المدينة.
والمسافة تقترب من خمسمائة كيلومتر. ولكنها قررت أن تقطع كل هذه الصحراء
في سبيل الله. وخرجت السيدة الكريمة أم سلمة مع ابنها تسرع في خطواتها إلي
دار الهجرة. ولكن الله - عز وجل - الرحيم بعباده سخر لها من يأخذ بها في
صحبة آمنة من مكة إلي المدينة. سخر لها جنديا من جنوده. وما يعلم جنود ربك
إلا هو. لقد سخر لها رجلا مشركا. سبحان الله. رآها عثمان بن طلحة - وكان
مازال علي شركه - وهي بالتنعيم علي مسافة حوالي خمسة كيلومترات من مكة.
فقال لها: إلي أين؟ فقالت: أريد زوجي في المدينة. قال: أو معك أحد؟ قالت:
لا والله. إلا الله ثم ابني هذا. فتحركت النخوة في قلب الرجل المشرك.
وأظهر مروءة عالية وقال لها: والله لا أتركك أبدا حتي تبلغي المدينة. ثم
أخذ بخطام ناقتها وانطلق يسحبها إلي المدينة وهو يسير علي قدميه.
أضاف الشيخ اللبيدي أن عثمان بن طلحة أخذ يسير علي قدميه خمسمائة
كيلومتر ليصل بامرأة وحيدة من مكة إلي المدينة. وهو لا يرتبط معها بصلة
قرابة. وهي وزوجها علي دين يكرهه ويحاربه. لكنها النخوة والمروءة. ولما
وصلوا إلي قباء قال عثمان لأم سلمة: زوجك في هذه القرية. فادخليها علي
بركة الله. فدخلت السيدة أم سلمة إلي المدينة. وعاد عثمان بن طلحة إلي مكة
ماشيا دون أن ينتظر كلمة شكر أو ثناء من زوج السيدة أم سلمة أو أحد
المسلمين.
والحمد لله أن الله - عز وجل - قد منّ عليه بالإسلام في العام السابع
من الهجرة. وإلا كنا قد حزنّا حزنا كبيرا علي بقاء مثل هذه الأخلاق
الرفيعة في معسكر الكافرين.
هجرة صهيب
القصة الثانية: هجرة صهيب بن سنان الرومي - رضي الله عنه - الذي لم
يكن من أهل مكة. ولم تكن له قبيلة تمنعه. وكان يعمل بصناعة السيوف. وكانت
هذه الصناعة تدر عليه مالا وفيرا. ثم جاء القرار بالهجرة. فقرر صهيب - رضي
الله عنه - أن يترك تجارته. ويتجه إلي المدينة ليبدأ حياة جديدة هناك.
وعند خروجه وقف له زعماء الكفر بمكة. فقالوا له: أتيتنا صعلوكا حقيرا.
فكثر مالك عندنا. وبلغت الذي بلغت. ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله لا
يكون ذلك. هنا يفكر صهيب - رضي الله عنه - يقول في نفسه: ما قيمة المال
ولو كان مال الدنيا. إن أنا خالفت أمر رسول الله - صلي الله عليه وسلم -
وإن أنا تخلفت عن صحبة المؤمنين. وإن أنا تركت العمل لله - عز وجل؟! وجد
صهيب - رضي الله عنه - أن الثمن الذي سيدفعه زهيد للغاية بالقياس إلي ما
سيحصله. لم يكن اختبارا صعبا علي نفس صهيب. لقد قرر أن يشتري الجنة منذ
زمن. وكلما مر عليه الوقت ازداد إصرارا علي قراره. قال لهم صهيب في بساطة:
أرأيتم إن جعلت لكم مالي. أتخلون سبيلي؟. قالوا وقد سال لعابهم لثروة صهيب
الطائلة: نعم.
قال صهيب: فإني قد جعلت لكم مالي. وأعطاهم كل ما يملك. وهاجر إلي
الله ورسوله - صلي الله عليه وسلم - وبلغ الأمر إلي رسول الله - صلي الله
عليه وسلم - فقال في يقين: "ربح صهيب. ربح صهيب".
ولما رأي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - صهيبا قال مبشرا له
ومهنئا: "ربح البيع أبا يحيي. ربح البيع أبا يحيي". وفيه وفي أمثاله نزل
قول الله - عز وجل - "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله
رءوف بالعباد" "البقرة: 207".
هجرة عمر
القصة الثالثة: قصة هجرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: وهي قصة
مختلفة جدا عن هجرة بقية الصحابة. فبينما كان الصحابة عموما يهاجرون سرا
هاجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جهرا. ولقد وقف بن الخطاب في المسجد
الحرام وقال بصوت مرتفع: "يا معشر قريش. من أراد أن تثكله أمه. أو يُيتم
ولده. أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".
يقول هذا الكلام وهو متقلد سيفه. وفي يده الأخري عدة أسهم. فلم يخرج
خلفه أحد. وهكذا هاجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - علانية.. لماذا هاجر
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جهرا بينما هاجر الرسول - صلي الله عليه
وسلم - نفسه سرا كما سنري بعد ذلك؟.
الواقع أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مشرع. وسوف يتبعه في
طريقته عموم المسلمين سواء في زمان مكة أو في الأزمان التي ستلي ذلك إلي
يوم القيامة. وعموم المسلمين لا يطيقون ما فعله عمر - رضي الله عنه - وليس
مطلوبا منهم ذلك. إنما المطلوب هو الحذر والاحتياط والأخذ بالأسباب
الكاملة لضمان سلامة الهجرة. فعملية الهجرة في حد ذاتها ليست هدفا. إنما
الهدف هو الوصول إلي المدينة لإقامة الدولة هناك. فيجب الأخذ بكل الأسباب
لتجنب كل المعوقات لإقامة هذه الدولة. ولو خرج رسول الله - صلي الله عليه
وسلم - علانية لأصبح لزاما علي كل المسلمين أن يخرجوا علانية. وهذا ليس من
الحكمة.
ومع ذلك فهجرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - علي هذه الصورة لم تكن
مخالفة شرعية. لأن الرسول - صلي الله عليه وسلم - لم ينكر عليه هذه
الطريقة في الهجرة. وكانت هذه الطريقة وسيلة من وسائل إرهاب أهل الباطل.
وقام بها الذي يملك من البأس والقدرة ما يرهب به أعداء الله. وإرهاب أعداء
الله أمر مطلوب شرعا. ونتائجه عظيمة علي الدعوة. وأمرنا الله - عز وجل -
به في كتابه فقال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به
عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" "الأنفال: 60".
وقد وقعت الرهبة فعلا في قلوب الكافرين. فلم يخرج خلف عمر أحد. بل
أكثر من ذلك لقد هاجر مع عمر - رضي الله عنه - عشرون من ضعفاء الصحابة.
وما استطاع أحد من المشركين أن يقترب منهم. وصدق عبدالله بن مسعود - رضي
الله عنه - إذ يقول: إن إسلام عمر كان فتحا. وإن هجرته كانت نصرا. وإن
إمارته كانت رحمة.
القصة الرابعة: هجرة عياش بن أبي ربيعة - رضي الله عنه - الذي كان
ممن هاجر مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعياش بن أبي ربيعة هو أخو
أبي جهل من أمه. وبعد أن وصل عياش إلي المدينة علم أبوجهل بهجرته. فماذا
فعل أبوجهل؟.
لقد أخذ أخاهم الثالث الحارث بن هشام وانطلق إلي المدينة المنورة.
سفر بعيد "خمسمائة كيلومتر" وعملية خطرة. ومجازفة كبيرة. وبذل ومجهود وعرق
ووقت "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا
يرجون" "النساء: 104".
وصل أبوجهل إلي قباء والتقي بأخيه عياش بن أبي ربيعة في وجود عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه - قال أبوجهل: إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط.
ولا تستظل بشمس حتي تراك. فرق لها عياش. وكان بارا جدا بأمه.
فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: يا عياش. إنه والله إن يريدك
القوم إلا ليفتنوك عن دينك. فاحذرهم. فوالله لو آذي أمك القمل لامتشطت.
ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت. فقال عياش "وقد خُدع بكلام أخويه": أبر
أمي. ولي مال هناك آخذه.
فقال عمر: خذ نصف مالي ولا تذهب معهما.. ولكن أبي عياش إلا أن يعود ليبر قسم أمه.
فقال له عمر: أما إذا قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول. فالزم ظهرها. فإن رابك من قوم ريب فانج عليها.
وخرج عياش وأخواه أبوجهل والحارث بن هشام إلي مكة. حتي إذا ابتعدوا عن
المدينة دبر الإخوان الكافران خدعة وأمسكا بعياش وقيداه بالحبال. ودخلا به
مكة موثقا. ثم قالا لأهل مكة: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم. كما
فعلنا بسفيهنا هذا.
وحبس عياش بن أبي ربيعة فترة من الزمان. ولم ينج إلا بعد أن أرسل له
رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أحد الصحابة وهو الوليد بن الوليد
لإنقاذه في مغامرة رائعة.
كانت هذه بعض النماذج لهجرة بعض الصحابة من مكة إلي المدينة. وواضح
أن الأمر لم يكن بسيطا. بل كانت الهجرة تعني البذل والعطاء والتعب والنصب.
كان في الهجرة خطورة كبيرة علي معظم المهاجرين. وفوق ذلك فهم يهاجرون إلي
المجهول. فكل الصحابة لم يذهبوا قبل ذلك إلي المدينة المنورة. ولا يعرفون
أهلها ولا طباعهم. ولم يلتقوا باليهود من قبل - وهو يتواجدون بأعداد كبيرة
في المدينة - غير أن المسلمين يعلمون عنهم أنهم قوم سوء وأهل مخالفة
لأنبياء الله ورسله. كما أنهم أهل حرب وقتال وقوتهم الاقتصادية لا يستهان
بها.
كل هذا كان يصعب من الهجرة. ولكنها كانت خطوة لابد منها - علي
خطورتها - لبناء الأمة الإسلامية. وهكذا هاجر المسلمون في مكة. وقد هاجر
معظم المسلمين الذين استطاعوا الهجرة في شهري المحرم وصفر من السنة
الرابعة عشرة من النبوة أي بعد بيعة العقبة الثانية بشهر واحد أو أقل. ولم
يبق في مكة إلا ثلاثة فقط. رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وأبوبكر
الصديق - رضي الله عنه - وعائلته. وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكان
بقاء أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - بأمر من رسول الله - صلي الله عليه
وسلم.
الإيذاء والتعذيب. فلما أذن لهم الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالهجرة.
أصبحت فتنتهم في ترك وطنهم وأموالهم ودورهم وأمتعتهم. ولقد كانوا أوفياء
لدينهم مخلصين لربهم. أمام الفتنة الأولي والثانية. قابلوا المحن والشدائد
بصبر ثابت وعزم عنيد.
يقول الشيخ ربيع اللبيدي - مدير إدارة الأوقاف بشمال القاهرة:
عندما أصدر الرسول - صلي الله عليه وسلم - أمره إلي المؤمنين بمكة أن
يهاجروا جميعا إلي المدينة المنورة. فخرج المسلمون أفرادا وجماعات إلي
هناك. وبدأت المدينة المنورة تستقبل المهاجرين الذين فروا بدينهم من مكة.
وتوجهوا إلي المدينة. وقد تركوا من ورائهم الوطن وما لهم فيه من مال
ومتاع. فتركوا الأمتعة والأثقال في مكة ليسلم لهم الدين. واستعاضوا عنها
بالأخوة الذين ينتظرونهم في المدينة ليؤوهم وينصروهم.
وهذا هو المثل الصحيح للمسلم الذي أخلص الدين لله: لا يبالي بالوطن
ولا بالمال في سبيل أن يسلم له دينه. يقول الله - عز وجل - "إن الذين
آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا
أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من
شيء حتي يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا علي قوم بينكم
وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير" "الأنفال: 72".
ثم إنه يستنبط من مشروعية هذه الهجرة حكمان شرعيان..
الأول: وجوب الهجرة من دار الحرب إلي دار الإسلام. ومثل دار الحرب في
ذلك كل مكان لا يتسني للمسلم فيه إقامة الشعائر الإسلامية من صلاة وصيام
وجماعة وأذان. وغير ذلك من أحكامه الظاهرة.
وما يستدل علي ذلك قوله تعالي: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض
الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا "97" إلا
المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
"98"" "النساء: 97. 98".
الأمر الثاني: وجوب نصرة المسلمين لبعضهم مهما اختلفت ديارهم وبلادهم
ما دام ذلك ممكنا. فقد اتفق العلماء والأئمة علي أن المسلمين إذا قدروا
علي إنقاذ المستضعفين أو المأسورين أو المظلومين من إخوانهم المسلمين في
أي جهة من جهات الأرض. ثم لم يفعلوا ذلك فهم آثمون.
قصص عظيمة
وقصص المهاجرين كثيرة وعظيمة ولكن نقف علي أربع قصص فقط تكشف لنا عن طبيعة الهجرة وعن طبيعة المهاجرين:
القصة الأولي: قصة هجرة آل سلمة رضي الله عنهم أجمعين حيث كان أبوسلمة
بن عبدالأسد - رضي الله عنه - من أوائل من هاجر كما كان - رضي الله عنه -
من أوائل من أسلم. وكان هو وزوجته أم سلمة من قبيلة واحدة هي قبيلة بني
مخزوم. ومع الشرف والمكانة والوضع الاجتماعي إلا أنهم تركوا كل ذلك.
وانطلقوا إلي المدينة المنورة. ولكن بعد أن خرج الرجل وزوجته وابنهما سلمة
لحقت بهم عائلة أم سلمة وقالوا لأبي سلمة: هذه نفسك غلبتنا عليها. أرأيت
صاحبتنا هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فغلبوه علي زوجته فأخذوها.
وبالطبع ترك معها ابنهما سلمة ثم انطلق هو وحيدا - رضي الله عنه - إلي
المدينة المنورة. امتثالا لأمر الهجرة إلي هناك.
أما السيدة أم سلمة - رضي الله عنها - فبعد أن هاجر زوجها جاء إليها
أقارب زوجها ومع أنهم من نفس القبيلة - قبيلة بني مخزوم - إلا أنهم قالوا:
لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا. وجاء أقارب أم سلمة يدافعون عن
الغلام الصغير. فأخذ الفريقان يتجاذبان الغلام حتي أصابوه بخلع في يده. ثم
أخذه في النهاية أقارب أبي سلمة. وتركوا السيدة أم سلمة - رضي الله عنها -
وحيدة في مكة. لقد هاجر زوجها إلي المدينة. وأخذ ابنها الوحيد منها وبقيت
بمفردها تحمل في قلبها كل هذه الآلام. فكانت - رضي الله عنها - تخرج كل
يوم إلي الأبطح - حيث المكان الذي شهد مأساة التفريق بينها وبين زوجها
وابنها - وتظل تبكي من الصباح إلي المساء. ثم تعود إلي بيتها آخر الليل.
وظلت تفعل ذلك كل يوم. كم بقيت علي هذه الحالة الأليمة؟!.. لقد ظلت سنة
كاملة أو قريبا من سنة.
آلام رهيبة
آلام رهيبة تحملتها السيدة العظيمة أم سلمة. وآلام رهيبة تحملها زوجها
الجليل أبوسلمة وهو في ديار الغربة وحيدا. وآلام رهيبة تحملها الطفل
الصغير سلمة وهو معزول عن والديه. لا لشيء إلا لأنهما آمنا بالله رب
العالمين. لكن هذا هو الطريق الطبيعي للجنة. وهذه هي الأثمان التي تشتري
بها هذه الجنة. "ألا إن سلعة الله غالية. ألا إن سلعة الله الجنة".
وبعد عام رق قلب رجل من بني عم أم سلمة لحالها. فذهب إلي أهلها وقال
لهم: ألا تطلقون هذه المسكينة. فرقتم بينها وبين زوجها وولدها. ومازال بهم
حتي قبلوا. ثم ذهبت إلي أهل زوجها. فلما علموا أنها ستذهب إلي زوجها
أعطوها الغلام. ورأت ابنها واحتضنته بشدة بعد عام من الفراق. ثم ما
استطاعت صبرا علي فراق زوجها. فما انتظرت أن يتوافر لها صحبة آمنة إلي
المدينة. ولكنها أخذت ابنها سلمة. وانطلقت به بمفردها إلي المدينة.
والمسافة تقترب من خمسمائة كيلومتر. ولكنها قررت أن تقطع كل هذه الصحراء
في سبيل الله. وخرجت السيدة الكريمة أم سلمة مع ابنها تسرع في خطواتها إلي
دار الهجرة. ولكن الله - عز وجل - الرحيم بعباده سخر لها من يأخذ بها في
صحبة آمنة من مكة إلي المدينة. سخر لها جنديا من جنوده. وما يعلم جنود ربك
إلا هو. لقد سخر لها رجلا مشركا. سبحان الله. رآها عثمان بن طلحة - وكان
مازال علي شركه - وهي بالتنعيم علي مسافة حوالي خمسة كيلومترات من مكة.
فقال لها: إلي أين؟ فقالت: أريد زوجي في المدينة. قال: أو معك أحد؟ قالت:
لا والله. إلا الله ثم ابني هذا. فتحركت النخوة في قلب الرجل المشرك.
وأظهر مروءة عالية وقال لها: والله لا أتركك أبدا حتي تبلغي المدينة. ثم
أخذ بخطام ناقتها وانطلق يسحبها إلي المدينة وهو يسير علي قدميه.
أضاف الشيخ اللبيدي أن عثمان بن طلحة أخذ يسير علي قدميه خمسمائة
كيلومتر ليصل بامرأة وحيدة من مكة إلي المدينة. وهو لا يرتبط معها بصلة
قرابة. وهي وزوجها علي دين يكرهه ويحاربه. لكنها النخوة والمروءة. ولما
وصلوا إلي قباء قال عثمان لأم سلمة: زوجك في هذه القرية. فادخليها علي
بركة الله. فدخلت السيدة أم سلمة إلي المدينة. وعاد عثمان بن طلحة إلي مكة
ماشيا دون أن ينتظر كلمة شكر أو ثناء من زوج السيدة أم سلمة أو أحد
المسلمين.
والحمد لله أن الله - عز وجل - قد منّ عليه بالإسلام في العام السابع
من الهجرة. وإلا كنا قد حزنّا حزنا كبيرا علي بقاء مثل هذه الأخلاق
الرفيعة في معسكر الكافرين.
هجرة صهيب
القصة الثانية: هجرة صهيب بن سنان الرومي - رضي الله عنه - الذي لم
يكن من أهل مكة. ولم تكن له قبيلة تمنعه. وكان يعمل بصناعة السيوف. وكانت
هذه الصناعة تدر عليه مالا وفيرا. ثم جاء القرار بالهجرة. فقرر صهيب - رضي
الله عنه - أن يترك تجارته. ويتجه إلي المدينة ليبدأ حياة جديدة هناك.
وعند خروجه وقف له زعماء الكفر بمكة. فقالوا له: أتيتنا صعلوكا حقيرا.
فكثر مالك عندنا. وبلغت الذي بلغت. ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله لا
يكون ذلك. هنا يفكر صهيب - رضي الله عنه - يقول في نفسه: ما قيمة المال
ولو كان مال الدنيا. إن أنا خالفت أمر رسول الله - صلي الله عليه وسلم -
وإن أنا تخلفت عن صحبة المؤمنين. وإن أنا تركت العمل لله - عز وجل؟! وجد
صهيب - رضي الله عنه - أن الثمن الذي سيدفعه زهيد للغاية بالقياس إلي ما
سيحصله. لم يكن اختبارا صعبا علي نفس صهيب. لقد قرر أن يشتري الجنة منذ
زمن. وكلما مر عليه الوقت ازداد إصرارا علي قراره. قال لهم صهيب في بساطة:
أرأيتم إن جعلت لكم مالي. أتخلون سبيلي؟. قالوا وقد سال لعابهم لثروة صهيب
الطائلة: نعم.
قال صهيب: فإني قد جعلت لكم مالي. وأعطاهم كل ما يملك. وهاجر إلي
الله ورسوله - صلي الله عليه وسلم - وبلغ الأمر إلي رسول الله - صلي الله
عليه وسلم - فقال في يقين: "ربح صهيب. ربح صهيب".
ولما رأي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - صهيبا قال مبشرا له
ومهنئا: "ربح البيع أبا يحيي. ربح البيع أبا يحيي". وفيه وفي أمثاله نزل
قول الله - عز وجل - "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله
رءوف بالعباد" "البقرة: 207".
هجرة عمر
القصة الثالثة: قصة هجرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: وهي قصة
مختلفة جدا عن هجرة بقية الصحابة. فبينما كان الصحابة عموما يهاجرون سرا
هاجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جهرا. ولقد وقف بن الخطاب في المسجد
الحرام وقال بصوت مرتفع: "يا معشر قريش. من أراد أن تثكله أمه. أو يُيتم
ولده. أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".
يقول هذا الكلام وهو متقلد سيفه. وفي يده الأخري عدة أسهم. فلم يخرج
خلفه أحد. وهكذا هاجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - علانية.. لماذا هاجر
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جهرا بينما هاجر الرسول - صلي الله عليه
وسلم - نفسه سرا كما سنري بعد ذلك؟.
الواقع أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مشرع. وسوف يتبعه في
طريقته عموم المسلمين سواء في زمان مكة أو في الأزمان التي ستلي ذلك إلي
يوم القيامة. وعموم المسلمين لا يطيقون ما فعله عمر - رضي الله عنه - وليس
مطلوبا منهم ذلك. إنما المطلوب هو الحذر والاحتياط والأخذ بالأسباب
الكاملة لضمان سلامة الهجرة. فعملية الهجرة في حد ذاتها ليست هدفا. إنما
الهدف هو الوصول إلي المدينة لإقامة الدولة هناك. فيجب الأخذ بكل الأسباب
لتجنب كل المعوقات لإقامة هذه الدولة. ولو خرج رسول الله - صلي الله عليه
وسلم - علانية لأصبح لزاما علي كل المسلمين أن يخرجوا علانية. وهذا ليس من
الحكمة.
ومع ذلك فهجرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - علي هذه الصورة لم تكن
مخالفة شرعية. لأن الرسول - صلي الله عليه وسلم - لم ينكر عليه هذه
الطريقة في الهجرة. وكانت هذه الطريقة وسيلة من وسائل إرهاب أهل الباطل.
وقام بها الذي يملك من البأس والقدرة ما يرهب به أعداء الله. وإرهاب أعداء
الله أمر مطلوب شرعا. ونتائجه عظيمة علي الدعوة. وأمرنا الله - عز وجل -
به في كتابه فقال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به
عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" "الأنفال: 60".
وقد وقعت الرهبة فعلا في قلوب الكافرين. فلم يخرج خلف عمر أحد. بل
أكثر من ذلك لقد هاجر مع عمر - رضي الله عنه - عشرون من ضعفاء الصحابة.
وما استطاع أحد من المشركين أن يقترب منهم. وصدق عبدالله بن مسعود - رضي
الله عنه - إذ يقول: إن إسلام عمر كان فتحا. وإن هجرته كانت نصرا. وإن
إمارته كانت رحمة.
القصة الرابعة: هجرة عياش بن أبي ربيعة - رضي الله عنه - الذي كان
ممن هاجر مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعياش بن أبي ربيعة هو أخو
أبي جهل من أمه. وبعد أن وصل عياش إلي المدينة علم أبوجهل بهجرته. فماذا
فعل أبوجهل؟.
لقد أخذ أخاهم الثالث الحارث بن هشام وانطلق إلي المدينة المنورة.
سفر بعيد "خمسمائة كيلومتر" وعملية خطرة. ومجازفة كبيرة. وبذل ومجهود وعرق
ووقت "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا
يرجون" "النساء: 104".
وصل أبوجهل إلي قباء والتقي بأخيه عياش بن أبي ربيعة في وجود عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه - قال أبوجهل: إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط.
ولا تستظل بشمس حتي تراك. فرق لها عياش. وكان بارا جدا بأمه.
فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: يا عياش. إنه والله إن يريدك
القوم إلا ليفتنوك عن دينك. فاحذرهم. فوالله لو آذي أمك القمل لامتشطت.
ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت. فقال عياش "وقد خُدع بكلام أخويه": أبر
أمي. ولي مال هناك آخذه.
فقال عمر: خذ نصف مالي ولا تذهب معهما.. ولكن أبي عياش إلا أن يعود ليبر قسم أمه.
فقال له عمر: أما إذا قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول. فالزم ظهرها. فإن رابك من قوم ريب فانج عليها.
وخرج عياش وأخواه أبوجهل والحارث بن هشام إلي مكة. حتي إذا ابتعدوا عن
المدينة دبر الإخوان الكافران خدعة وأمسكا بعياش وقيداه بالحبال. ودخلا به
مكة موثقا. ثم قالا لأهل مكة: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم. كما
فعلنا بسفيهنا هذا.
وحبس عياش بن أبي ربيعة فترة من الزمان. ولم ينج إلا بعد أن أرسل له
رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أحد الصحابة وهو الوليد بن الوليد
لإنقاذه في مغامرة رائعة.
كانت هذه بعض النماذج لهجرة بعض الصحابة من مكة إلي المدينة. وواضح
أن الأمر لم يكن بسيطا. بل كانت الهجرة تعني البذل والعطاء والتعب والنصب.
كان في الهجرة خطورة كبيرة علي معظم المهاجرين. وفوق ذلك فهم يهاجرون إلي
المجهول. فكل الصحابة لم يذهبوا قبل ذلك إلي المدينة المنورة. ولا يعرفون
أهلها ولا طباعهم. ولم يلتقوا باليهود من قبل - وهو يتواجدون بأعداد كبيرة
في المدينة - غير أن المسلمين يعلمون عنهم أنهم قوم سوء وأهل مخالفة
لأنبياء الله ورسله. كما أنهم أهل حرب وقتال وقوتهم الاقتصادية لا يستهان
بها.
كل هذا كان يصعب من الهجرة. ولكنها كانت خطوة لابد منها - علي
خطورتها - لبناء الأمة الإسلامية. وهكذا هاجر المسلمون في مكة. وقد هاجر
معظم المسلمين الذين استطاعوا الهجرة في شهري المحرم وصفر من السنة
الرابعة عشرة من النبوة أي بعد بيعة العقبة الثانية بشهر واحد أو أقل. ولم
يبق في مكة إلا ثلاثة فقط. رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وأبوبكر
الصديق - رضي الله عنه - وعائلته. وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكان
بقاء أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - بأمر من رسول الله - صلي الله عليه
وسلم.
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» أساليب الأنبياء في إدارة دفة الحياة /الشيخ ربيع اللبيدي
» الهجرة النبوية.. معناها وأهدافها
» التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
» بعد عشر سنوات على رحيلها السندريلا أسطورة تعيش في القلوب
» حرب الريف /جرمان عياش
» الهجرة النبوية.. معناها وأهدافها
» التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
» بعد عشر سنوات على رحيلها السندريلا أسطورة تعيش في القلوب
» حرب الريف /جرمان عياش
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى