صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــوعــد في الــربــيــع / ربيعة ريحان

اذهب الى الأسفل

مــوعــد في الــربــيــع / ربيعة ريحان  Empty مــوعــد في الــربــيــع / ربيعة ريحان

مُساهمة من طرف said الخميس 24 يونيو 2010 - 7:48

لا أدري لماذا
تكون أمي مصممة على الذهاب مع قريبتها لالة خديجة النحيلة والمحنية الظهر
قليلا كل ربيع وأحيانا في الصيف إلى هضبة سيدي بوزيد المطلة على البحر
والمدينة إطلالة فخمة ، مع أنها لا تحتمل جنون أبنائها السبعة ولا عبثهم
الممسوخ وتعرف أنهم على الطريق كما في البيت سيجرؤون على القيام بأفعال
رهيبة ومضحكة لا تخطر لأحد على بال وكأنهم عفاريت مسجونة طلعت للتو من علب
مغلقة.
أمي تخطط لأيام مع قريبتها لتلك )النزاهة( المرتقبة بتنسيق مع زوجيهما
وكأنهما مغادرتان إلى آخر الدنيا ، وأنا أكون صامتة أراقب كل شيء وأبدع في
كل لحظة أساليب خاصة للابتعاد عن طريقهم وعدم الوقوع تحت طائلة تتالي تلك
الحركات المليئة بالتفاصيل المفزعة .
ورغم جمال لالة خديجة وبياضها المصفر فأطفالها بشعون بأنوفهم المفلطحة
الشبيهة بأنف أبيهم وسيقانهم العظمية ، كما أنني لا أدري لماذا تصر أمي
وقريبتها على عدم ركوب الحافلة من سيدي بوالدهب إلى محطة سيدي بوزيد مع
أننا نصطحب في رحلتنا قففا ثقيلة مليئة بالخبر والكعك واللحم والصحون
والأسياخ وملاءات نفترشها فوق العشب ونحن جالسون خلف سور قبة الولي الصالح
على يمين المقبرة .
قبل أن نصل إلى هناك بساعتين أو أكثر بقليل يكون أولاد قريبتنا قد هشموا
أشياء كثيرة على الطريق كمثل القناني الفارغة واللمبات المحروقة كما ركلوا
العلب الصفيحية من منطلقنا بدرب الصومعة مرورا بدرب بوجرتيلة ثم الطريق
المسفلت العابر بين مقبرتي سيدي بوزكري وسيدي ، كما قاموا بإيذاء بعضهم
البعض باللسع بالخبيزة التي ينتزعونها من حواف مجاري المطر أوالوخز
بالعيدان وتبادل الرمي بالحجارة والدفع المباغث في الحفر ، وطوال ما هم
يفعلون ذلك تظل أمهم المسكينة تخبط على خديها من خلف نقاب الموسلين المطرز
وقب جلابة الكابردين اللذين يشبهان كثيرا ما ترتديه أمي وتتوعدهم بالعودة
الملفقة إذا هم لم يهمدوا فيهربون منها وهم يسابقون الريح .
وحين نصل بعد جهد إلى أعلى الهضبة كنت أتصور أنهم سيكونون أقل عفرتة لأنهم
فعلوا الكثير وتقافزوا بما يكفي وأدموا ركبهم وأصابع أقدامهم ، لكن الشروع
في مد الملاءة ووضع القفف عند قوس قزح الألوان الربيعية الزاهية المختلطة
برائحة البحر لا يشكل شيئا بالنسبة لهم ولا هم يرغبون في أزيد من البحث عن
مصادر جديدة للعب المريع.
وبينما أمي وقريبتها تقومان بدورهما بإتقان وهما تتحدثان بلطف وتخرجان
الأواني وترصانها بعناية كما تطلعان الكعك المدور وتتحققان من طراوة اللحم
في السلطانية الخزفية ويناعة النعناع المعاشي تكلف قريبتنا أكبر أولادها
والذي يليه بصنع كانون من الحجر للشواء .
ربما كنوع من التحسيس بالمسؤولية تطلب منهما ذلك ، لكن للأسف تكون تلك
العملية ذاتها مليئة بالمفاجآت الجديدة التعسة إذ وهم يقلبون الحجر بحماس
يسعدون بوجود تلك الحشرات الزاحفة التي يلتقطونها ليدسونها في رؤوس بعضهم
البعض على وقع صرخاتهم العنيفة المرعبة ، فتهمس لي أمي ألا أخاف لأنها
تعرف أنني أفزع لمجرد مرأى أي من الزواحف مهما كانت صغيرة .
وأعجب ما في الأمر أن أمي المعروفة بدورها الناصح وبصرامتها لا تتدخل
إطلاقا لإيقاف جنون هؤلاء الأولاد ولا تعلق على تصرفاتهم أمام قريبتها
المسكينة إلا حين العودة إلى البيت ، ربما لإدراكها ألا مجال لإصلاحهم
فتكتفي بضمي وطمأنتي وأنا ألتصق بها :
ـ عفاريت يأكلون من العينين . يا حفيظ يا ستار .
ثم تدعو لأمهم :
ـ الله يكون في عونها لالة خديجة .
كنت أعجب أيضا من استمتاع أمي بحماقة تلك النزهات وعدم تأسفها على شيء ،
خصوصا حين تصل الأمور إلى الذروة عند إشعال النار في الحطب والإمساك بعناد
بأسياخ اللحم المشوية بعد التهام ما بها وتحريكها في كل اتجاه أو التلويح
بها للمبارزة ، وكانت تلك إحدى حالات شلل القريبة وتلاشيها من الفزع وهي
تحاول الإمساك بأي كان من الأطفال لإيقاف ذلك اللعب المرعب الذي تنقصه فقط
عمليات القتل الفعلي ، ولو كانت هناك جراء أو قطط رضيعة أو كتاكيت لدى
السكان في الجوار لأتوا بها بلا رحمة كالمجرمين وصوبوا ثم قذفوا بها بكل
دقة ووحشية في النار مهللين مثلما فعلوا مرة في الفرن عندما ذهب بهم أبوهم
إلى قرية غير بعيدة .
حصل ذلك كثيرا قبل أن أكبر قليلا واتخذ قراري لوحدي بعدم الذهاب بتاتا إلى
تلك النزهات ، ليس فقط بسبب مغامرات الأولاد المتهورة الرعناء وفوضاهم بل
أيضا من أجل الابتعاد عن البنت الكبرى الكريهة حياة ، التي صارت أكثر
أناقة مني وصارت تحاول أن تقص علي حكايا عن حبيبها الجالس خلفها في الفصل
وهي تستعمل معي ضروبا غير مسلية لمحاولة العبث في صدري ، أو تطلب مني أن
نتعرى معا لنتفقد أجزاءنا التحتية كنوع من التفحص البريء ثم تسألني أسئلة
مبهمة عن المضاجعة وهي تحاول أن تصعد فوقي بوجهها الناعس من رغبة ما.
وحين كبرنا أكثر وأكثر كانت الحصيلة الكارثية مذهلة ، مليكة البنت الوسطى
فقدت عينها اليسرى وللأبد ، وأحمد الأصغر ظل يعرج من كسر مزدوج في الساق
لم يعالج منه بشكل جيد حسب التصوير الشعاعي المتأخر ، وسعاد وليلى
وعبدالرحيم وسعيد وحياة انكسرت أسنانهم الأمامية أو تفرمت وجرحوا واكتووا
بالنار في أطرافهم وفي مواضع أخرى وبدرجات متفاوتة لا تزال آثارها للآن في
حالة جيدة.
وحين فاتحت أمي بعد سنين طويلة عن سر تشبثها باقتسام تلك النزهات مع
قريبتها المسكينة وأطفالها العجيبين بدت لي وهي ترد كأنها تضفي على كلامها
شيئا من الزهو والخصوصية ، فأمي كانت تتشبت بالذهاب مع تلك القريبة إلى
)النزاهة (إياها لأنه كان مسموحا لهما تقريبا هما الاثنتين من طرف والدي
البحار وزوج لالة خديجة الموظف في الكهرباء من بين كل نساء العائلة
الحاجبات في أسفي مدينتنا العتيقة أن ينعمن بذلك القسط الوافر من الحرية
والانطلاق.

الاتحاد الاشتراكي
18-6-2010
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى