الشيكولاتة .. ورغيف الخبز!
صفحة 1 من اصل 1
الشيكولاتة .. ورغيف الخبز!
ذكرت أجهزة الإعلام في الأيام القليلة الماضية ان العالم يستهلك سنوياً من
الشيكولاتة ما قيمته خمسين مليار دولار. وهي لفتة ذكية من الأجهزة التي
ذكرت ذلك. لأن الاحصائية لها وجه آخر. وهو عدد الذين يموتون جوعاً لأنهم
لا يجدون رغيف الخبز.
احصائية استهلاك الشيكولاتة قادمة من بلاد غنية بخيرات الشعوب
الضعيفة لانها تستخدم أفراد هذه الشعوب في العمل باراضيها لتجني هي الناتج
عن هذا العمل. وهو شيء كثير جداً لا ينال منه العاملون فيه إلا أقل
القليل. وهذا وجه من وجوه الاستعمار الجديد الذي استبدل باحتلال الجند
احتلال القوي العاملة للشعوب الضعيفة لتعمل وتنتج ويأخذ هو العائد من هذا
العمل.
كثيرون من أهل الاحصاء يزيفون النتائج لاحصاءاتهم. لانهم يعتبرون هذه
النتائج من حقهم وليس من حق الذين عملوا لتحقيقها. ان الأرض جزء من العمل
الذي ينتج خيراتها ومن حق العاملين عليها أن يأخذوا عائد جهدهم لأنه لولا
هذا الجهد ما كشفت الأرض عن الخيرات التي في باطنها.
ثم ان أهل الاحصاء يغفلون السبب الرئيسي وراء ظهور خيرات الله في
باطن الأرض وفوق ظهرها. ولقد بين الله سبحانه وتعالي السبب الرئيسي في
ظهور خيراته. فقال الله سبحانه: "ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء والأرض.." والتعبير القرآني بلفظ "لفتحنا" يجب
التنبه إلي تركيبه فهو مكون من لام التوكيد والفعل المضاف إلي فاعله الذي
تشير إليه "نا" وهو ضمير يضيف الفعل إلي الذات العلية. وهذه التركيبة في
الفعل تفيد تحقق النتائج المادية للايمان والتقوي لجماعةالناس. لأن
الايمان يعني اليقين والتقوي تعني الالتزام بمن يتجه إليه المتقون
بتقواهم.
والتقوي ذات معني عظيم لانها تعني استمرار الطاعات والحذر من الوقوع
في المعاصي. ويعجبني هذا الحوار المختصر جداً عن التقوي والذي دار يوماً
بين عمر بن الخطاب وأبي بن كعب حيث سأل الأول الثاني عن التقوي. فأجابه
الثاني إجابة واقعية ولكن الرمزية فيها متوفرة. فقال له: هل سرت في طريق
ذي شوك؟ قال: أجل. قال: فماذا فعلت؟ قال: شمرت وحذرت. يعني شمرت ثيابي حتي
لا يعلق بها الشوك فيؤذيني وحذرت في اختيار موضع قدمي وأنا انقلها أثناء
المسير حتي لا تقع في موضع به شوك فيدخل في قدمي فيؤذيني. فقال أبي بن كعب
لعمر بن الخطاب: هذه هي التقوي.
لم نبتعد كثيراً عن موضوع هذا المقال وهو استهلاك العالم من
الشيكولاتة ودلالة الرقم الذي يفيد قيمة الاستهلاك من هذه السلعة التي تدل
علي رفاهة مستخدميها. فهي لا تشبع من جوع. ولا تحمل قيمة غذائية كاملة.
ومن يأكلها مرة قد يحب تكرار أكلها ولكن في مرات قليلة. وليست كثيرة. لان
النفوس تعافها. بينما الناس يأكلون رغيف الخبز مع كل وجبة غذائية ولا
يعافون طعمه. وانما يقبلون عليه في كل مرة إقبالاً طيباً. ويستخدمونه في
تقبل الادام الذي يغمسونه فيه ليكتمل لهم الغذاء النافع لاجسادهم.
ولو ان العالم استغني عن الشيكولاتة - وهو أمر ممكن - واستبدل
برفاهته الغذائية رغيف الخبز وأنواع الادام المتاح لغمسه فيه لحقق فائضاً
غذائياً لشعوب ذات تعداد كبير لا تجد ما يكفيها من الخبز الجاف.
والقضية ليست في حاجة إلي دراسة لانها واضحة. ولكنها في حاجة إلي
إيمان. وكل مؤمن يجب ان يقف طويلا أمام الحديث الشريف الذي يقول فيه رسول
الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من بات شعبان وجاره جائع" وفي رواية
اضافة "وهو يعلم" ولكن الحديث الشريف بدون هذه الاضافة يعطي دلالة عن
المجتمع المؤمن. وهي ان الفرد فيه يجب ان يعلم احتياجات جاره من القوت
الذي يكسر الجوع ويوفر الغذاء لمن لا يجده من جيرانه والجار يمتد ليشمل
المجتمع المؤمن كله. ومن هنا نعلم الوجه الثاني لدلالة الاحصائية الخاصة
باستهلاك الشيكولاتة في العالم.
ان الاحصائية قادمة من بلاد بعيدة قد تكون غنية كثيرة الثروات. ولكن
الذين عملوا بأيديهم لاستخراج هذه الثروات من العمال الذين لا يملكون سوي
سواعدهم. وهم قادمون إلي هذه البلاد لينالوا مقابل عرق عضلاتهم التي تحفر
الاراضي وتدير الآلات. الأمر الذي ينبغي معه العدل في تقسيم الثروات بين
أصحاب أرضها والعاملين لاستخراجها. وهذا العدل يفيد بعداً إنسانياً في
النظر إلي الثروة بعيداً عن الحقد والكراهية وهما من الصفات التي يضفيها
الظلم علي تصرفات مالكي الثروات.
عبداللطيف فايد
الشيكولاتة ما قيمته خمسين مليار دولار. وهي لفتة ذكية من الأجهزة التي
ذكرت ذلك. لأن الاحصائية لها وجه آخر. وهو عدد الذين يموتون جوعاً لأنهم
لا يجدون رغيف الخبز.
احصائية استهلاك الشيكولاتة قادمة من بلاد غنية بخيرات الشعوب
الضعيفة لانها تستخدم أفراد هذه الشعوب في العمل باراضيها لتجني هي الناتج
عن هذا العمل. وهو شيء كثير جداً لا ينال منه العاملون فيه إلا أقل
القليل. وهذا وجه من وجوه الاستعمار الجديد الذي استبدل باحتلال الجند
احتلال القوي العاملة للشعوب الضعيفة لتعمل وتنتج ويأخذ هو العائد من هذا
العمل.
كثيرون من أهل الاحصاء يزيفون النتائج لاحصاءاتهم. لانهم يعتبرون هذه
النتائج من حقهم وليس من حق الذين عملوا لتحقيقها. ان الأرض جزء من العمل
الذي ينتج خيراتها ومن حق العاملين عليها أن يأخذوا عائد جهدهم لأنه لولا
هذا الجهد ما كشفت الأرض عن الخيرات التي في باطنها.
ثم ان أهل الاحصاء يغفلون السبب الرئيسي وراء ظهور خيرات الله في
باطن الأرض وفوق ظهرها. ولقد بين الله سبحانه وتعالي السبب الرئيسي في
ظهور خيراته. فقال الله سبحانه: "ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء والأرض.." والتعبير القرآني بلفظ "لفتحنا" يجب
التنبه إلي تركيبه فهو مكون من لام التوكيد والفعل المضاف إلي فاعله الذي
تشير إليه "نا" وهو ضمير يضيف الفعل إلي الذات العلية. وهذه التركيبة في
الفعل تفيد تحقق النتائج المادية للايمان والتقوي لجماعةالناس. لأن
الايمان يعني اليقين والتقوي تعني الالتزام بمن يتجه إليه المتقون
بتقواهم.
والتقوي ذات معني عظيم لانها تعني استمرار الطاعات والحذر من الوقوع
في المعاصي. ويعجبني هذا الحوار المختصر جداً عن التقوي والذي دار يوماً
بين عمر بن الخطاب وأبي بن كعب حيث سأل الأول الثاني عن التقوي. فأجابه
الثاني إجابة واقعية ولكن الرمزية فيها متوفرة. فقال له: هل سرت في طريق
ذي شوك؟ قال: أجل. قال: فماذا فعلت؟ قال: شمرت وحذرت. يعني شمرت ثيابي حتي
لا يعلق بها الشوك فيؤذيني وحذرت في اختيار موضع قدمي وأنا انقلها أثناء
المسير حتي لا تقع في موضع به شوك فيدخل في قدمي فيؤذيني. فقال أبي بن كعب
لعمر بن الخطاب: هذه هي التقوي.
لم نبتعد كثيراً عن موضوع هذا المقال وهو استهلاك العالم من
الشيكولاتة ودلالة الرقم الذي يفيد قيمة الاستهلاك من هذه السلعة التي تدل
علي رفاهة مستخدميها. فهي لا تشبع من جوع. ولا تحمل قيمة غذائية كاملة.
ومن يأكلها مرة قد يحب تكرار أكلها ولكن في مرات قليلة. وليست كثيرة. لان
النفوس تعافها. بينما الناس يأكلون رغيف الخبز مع كل وجبة غذائية ولا
يعافون طعمه. وانما يقبلون عليه في كل مرة إقبالاً طيباً. ويستخدمونه في
تقبل الادام الذي يغمسونه فيه ليكتمل لهم الغذاء النافع لاجسادهم.
ولو ان العالم استغني عن الشيكولاتة - وهو أمر ممكن - واستبدل
برفاهته الغذائية رغيف الخبز وأنواع الادام المتاح لغمسه فيه لحقق فائضاً
غذائياً لشعوب ذات تعداد كبير لا تجد ما يكفيها من الخبز الجاف.
والقضية ليست في حاجة إلي دراسة لانها واضحة. ولكنها في حاجة إلي
إيمان. وكل مؤمن يجب ان يقف طويلا أمام الحديث الشريف الذي يقول فيه رسول
الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من بات شعبان وجاره جائع" وفي رواية
اضافة "وهو يعلم" ولكن الحديث الشريف بدون هذه الاضافة يعطي دلالة عن
المجتمع المؤمن. وهي ان الفرد فيه يجب ان يعلم احتياجات جاره من القوت
الذي يكسر الجوع ويوفر الغذاء لمن لا يجده من جيرانه والجار يمتد ليشمل
المجتمع المؤمن كله. ومن هنا نعلم الوجه الثاني لدلالة الاحصائية الخاصة
باستهلاك الشيكولاتة في العالم.
ان الاحصائية قادمة من بلاد بعيدة قد تكون غنية كثيرة الثروات. ولكن
الذين عملوا بأيديهم لاستخراج هذه الثروات من العمال الذين لا يملكون سوي
سواعدهم. وهم قادمون إلي هذه البلاد لينالوا مقابل عرق عضلاتهم التي تحفر
الاراضي وتدير الآلات. الأمر الذي ينبغي معه العدل في تقسيم الثروات بين
أصحاب أرضها والعاملين لاستخراجها. وهذا العدل يفيد بعداً إنسانياً في
النظر إلي الثروة بعيداً عن الحقد والكراهية وهما من الصفات التي يضفيها
الظلم علي تصرفات مالكي الثروات.
عبداللطيف فايد
rotba- عدد الرسائل : 1121
العمر : 34
Emploi : Active
تاريخ التسجيل : 16/03/2007
مواضيع مماثلة
» الخبز الأبيض
» طهي الخبز على الطريقة الجبلية
» الخبز الأبيض / مترجم
» الخبز الحافي !/عبد الكبير الميناوي
» الخبز الحافي - محمد شكري
» طهي الخبز على الطريقة الجبلية
» الخبز الأبيض / مترجم
» الخبز الحافي !/عبد الكبير الميناوي
» الخبز الحافي - محمد شكري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى