القبض على ببغاء!

لا تقتصر مواهب الببغاء على مجرد تقليد الأصوات، الذي اشتهر به إلى درجةأنه صار مثلا يطلق على من يردد الكلام دون أن يفهم معناه، وهو من قال عنهالشاعر «عقله في أذنيه»، وإن كنت أرى أن الشاعر ظلمه، لأن الببغاء ليس بلاعقل، فهو يميز بين من يحبه ومن يكرهه، ويستخدم أحيانا ذكاءه لمداعبة منيحبهم، فقد روت لي إحدى قريباتي أن لديها ببغاء تحبه كثيرا وتعتني بهعناية بالغة، لأنه مسلّ وظريف، ولكنه ضايقها ذات مرة أشد المضايقة، فقدكانت تستعد لاستقبال ضيوف على الغداء، فانهمكت في المطبخ لتُعدّ لهمالطعام، وفجأة تنبّهت إلى أن شيئا ينقصها، فأرسلت خادمتها لتجلبه سريعا،وفي غمرة انشغالها في المطبخ دق جرس الباب، فأسرعت تفتحه، ولكنها لم تجدأحدا فظنت أن أحد أطفال الجيران يعاكسها، فعادت إلى المطبخ ولكن الجرس دقمن جديد، فأسرعت تفتح الباب، ولكنها لم تجد أحدا أيضا، فعادت إلى المطبخساخطة متبرمة من هؤلاء الأطفال المشاكسين الذين لا يقدّرون المسؤولية،وتكرر الأمر إلى أن ضاقت ذعرا بهذا العبث الصبياني، فصممت أن تلقن هؤلاءالأطفال درسا لا ينسوه، فوقفت خلف الباب حتى إذا ما دق الجرس تفتح البابفي الحال وتمسك بهم متلبسين، وبالفعل حين دق الجرس وقبل أن تكتمل دقتهفتحت الباب واندهشت لأنها لم تجد أحداً.. فهل يدق الجرس وحده؟ وأخيراتنبهت إلى أن مصدر الصوت خلفها وليس أمامها، فالتفتت خلفها فوجدت قفصالببغاء، فأدركت أنه هو الذي يحاكي جرس الباب تماما ليعاكسها، وحين نظرتإليه في غيظ انفجر ضاحكا بصوت عال زاد من غيظها!
وليس معنى هذا أنالببغاء مجرد أداة للتسلية أو قتل الوقت، وإنما أحيانا يقدم خدمات نافعةللأسرة التي يعيش معها، ففي «الهند» مثلا أثبت الببغاء أنه صديق وفيّوشجاع حين أنقذ أبا وابنه من حريق كاد يودي بحياتهما، فقد استغرقا فيالنوم على الأريكة عندما كانا يشاهدان فيلما في التلفزيون، وفي الثالثةفجرا سمعا الببغاء الأمازوني يقلّد صوت إنذار الحريق بأعلى صوته، فاستيقظاليجدا المنزل يحترق، وبهذا أنقذ حياتهما..
وفي «الأردن» حال الببغاء دون سرقة كافتيريا بمدينة «الزرقاء»، بأن أخذ يصيح «حرامي.. حرامي»، إلى أن أمسكوا باللص.
وفي«بريطانيا» كشف الببغاء للزوج عن خيانة زوجته حينما أخذ يردد اسم الشخصالذي تربطها به علاقة ويقلد صوتها وهي تحادثه بالهاتف، ويردد العباراتالتي تقولها له، مما أربك الزوجة واضطرها في النهاية إلى الاعتراف!
أمافي «كولومبيا» فقد كان للبغاء دور آخر، فقد استعانت به إحدى عصاباتالمخدرات ليعمل معها «كناضورجي» ينبههم إلى الخطر قبل وقوعه، فهو متواجددائما في الشرفة يراقب الطريق ويراقب مداخل المبنى ومدرَّب تدريبا عاليا،بحيث لو رأى ظ.لّ شرطي يطلق صيحات عالية، ويقول بالاسبانية «اهربوااهربوا.. الشرطة قادمة» فيسارع أفراد العصابة إلى الهروب، وحين تحضرالشرطة لا تجد أحدا، ولقد كانت هذه المساعدة من الببغاء سببا في إفلاتالعصابة من الشرطة عشرات المرات، ومع ذلك تمكّنت الشرطة في النهاية منإلقاء القبض على العصابة، كما ألقت القبض على الببغاء بتهمة مساعدة مجرمعلى الهروب من العدالة.

عادل بطرس