في 'مرآة الغرب المنكسرة' آخر إصدار لمؤرخ المملكة أوريد يدق ناقوس الخطر ويحذر من سلبيات آلة العولمة الرهيبة
صفحة 1 من اصل 1
في 'مرآة الغرب المنكسرة' آخر إصدار لمؤرخ المملكة أوريد يدق ناقوس الخطر ويحذر من سلبيات آلة العولمة الرهيبة
لم تعد المهام الرسمية والمسؤوليات تكبل الكاتب ومؤرخ المملكة حسن أوريد، وتحول بينه وبين الكتابة، لأنه في السنوات الأخيرة بات يطالعنا بإصدارات متنوعة
05.11.2010 سعيدة شريف | المغربية
فبعد إصداره لرواية "صبوة في خريف العمر" سنة 2007، ورواية "الحديث والشجن" سنة2009، وديوان شعري بعنوان "فيروز المحيط" في السنة نفسها، هاهو أخيرا،يصدر كتابا آخر يحمل عنوان "مرآة الغرب المنكسرة"، يقدم فيه مجموعة من التأملات الفكرية والتحليلات المستفيضة لآلة العولمة الرهيبة، التي خلفت انعكاسات سلبية على المجتمعات الغربية ومجتمعات العالم الثالث، ومن ضمنهاالمغرب، تمثلت بالأساس في الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي التوترات الاجتماعية وتهلهل سداها، كما يقول الكاتب، واستنزاف البيئة، وما إلى ذلك من انعكاسات سلبية على المناخ، لدرجة تحول معها "العالم المالي إلى كازينو تعمه الفوضى"، ولم تعد له أي قوانين ولا ضوابط. وحتى لا تتفاقم الأوضاع ويحدث ما لا تحمد عقباه، يدق الكاتب حسن أوريد في كتابه "مرآة الغرب المنكسرة"، الصادر حديثا عن "دار أبي رقراق للطباعة والنشر"بالرباط، ناقوس الخطر، ويعلن جهارا خشيته من أن تكون الأزمة الاقتصادية العالمية مجرد توطئة لما هو أسوأ، وإيذانا بانتهاء "العولمة السعيدة"، كمايقول العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين والسياسيين، الذين لم يروا في الأزمة المالية العالمية "حدثا عابرا، بل تنطوي على أزمة بنيوية، من شأنها أن تمس قطاعات أخرى، وتقتضي ضمن ما تقتضيه إعادة النظر في أسس منظومة السوق كلها. فلا يسوغ أن يشتغل بلا ضابط، لكن من سيقوم بالضبط على المستوى العالمي؟ لايمكن أن تقوم معادلة السوق على العرض والطلب وحدهما، إذ لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار تأثيرات هذه العلاقة على الطبيعة وعلى المجتمع، إذ لا يمكن لأي تنظيم مجتمعي أن يستمر دون قيمةالتضامن، بل إن البعض يرى في الأزمة مؤشرا على نهاية هيمنة الغرب، أوبداية أفوله منذ أن بسط هيمنته في القرن السادس عشر الميلادي، متمثلة في الجانب السياسي (الديمقراطية)، والاقتصادي (نظام السوق)، والعلمي(التكنولوجيا)، والفكري (الحداثة)". يتوزع كتاب "مرآة الغرب المنكسرة"، الذي يقع في 190 صفحة من الحجم المتوسط، إلى مقدمة وثمان مقالات هي: اقتصاد بلا ضبط، وباسم التاريخ، وعقل من غير عقال، وجسد بلاكابح، وصورة تعمي وتضل، والديمقراطية في مهب المال والإعلام، والتقنوقراطي عماد منظمة الحداثة، ثم العدو هم الآخرون، تصب كلها في إشكالات العولمة،التي استعار الكاتب وصفها بـ "الفاكهة التي ينخرها الدود"من ستيكليز،والأزمة الاقتصادية العالمية، وقضايا الديمقراطية، والحداثة، وصورةالإسلام اليوم، والثورة الجنسية، والصحافة المكتوبة، والخوصصة، وغيرها من المواضيع الفرعية، التي يبدو أن الكاتب تناولها في مقالات سابقة، وفضل تجميعها في هذا الكتاب، الذي يعد تحليلا مستفيضا لما يعرفه العالم اليوم من متغيرات، ولما تعرفه المجتمعات النامية، ومن ضمنها المغرب، من تخبط فيعرى الحداثة، وتوترات اجتماعية، يورد فيها الكاتب، حسن أوريد، العديد من النماذج الغربية، ويعمم حديثه حينما يتحدث عن العالم العربي، ولا يفرد للمغرب إلا بعض المقارنات، لكن من يقرأ الكتاب، يحس بالمنطلق والأرضية،التي ينطلق منها الكاتب حسن أوريد، المتخصص في الدراسات السياسيةوالتاريخية، وهي المغرب، كما يتعرف على المرجعيات الاقتصادية والفلسفية،التي يعتمد عليها في مقاربة المواضيع المتشعبة، التي يتناولها في هذا الكتاب، وفي التنقيب عن جذورها الفكرية. وفي تقديمه لهذا الكتاب،ذكر أوريد أن مرور عشرين سنة على سقوط جدار برلين، يعد "مرحلة كافيةلإجراء قراءة متأنية للخيارات ، التي لوح بها أصحاب نظام السوق الجديد، أوالليبرالية الجديدة، أو العولمة، بمسميات مختلفة في خطاب مهدوي أضحى متنا إيديولوجيا.. لقد انهار عالم المنظومة الشيوعية لأنه اختزل الإنسان في بعد ميكانيكي؟ ولكن أليس يقول نظام السوق بذات الشيء.. بطريقة أقل فظاظة مماكانت تفعله الأنظمة الشمولية. أليس الاختلاف في الدرجة لا في النوع؟ أليس يرهن مستقبل الأجيال المقبل في سعيه المحموم للاستهلاك؟ ألم تقم الرأسمالية على علاقة ثنائية بين منتج ومستهلك صوريين يلتقيان من خلال السوق.. لا مكان لوازع التضامن، ولا مكان للطبيعة، التي تستنزف بلا إرعاء". ومن خلال استعراض نصوص الكتاب، التي ذيلها أوريد بمجموعة من المقولات لفلاسفة،ومقاطع من نصوص أدبية وفكرية، تظهر القراءة النقدية، التي قدمها الكاتب للغرب ولمنظومته الاستهلاكية، المبنية على العديد من الدراسات والتحاليل،التي سبق للبعض منها أن تنبأ بالوضع الكارثي، الذي أضحت عليه العولمة، كماتظهر قراءته النقدية، أيضا، للدول النامية، وعلى رأسها المغرب، الذي استكان لتلك المنظومة وعلق في شباكها دون أي حماية، إذ يقول المؤلف إن"الغرب لم يعد يؤمن بشيء له تصور حول المستقبل. الماضي يؤوده،وما يبقى سوى الحاضر بمتعه وإغرائه. ديكتاتورية اللحظة كما يسميها جون كلود كيلبو. لا الأسرة ولا المدرسة يستطيعان أن يقوما بدور التنشئة أوالتأطير أو الأدلجة، لأنهما لم يعودا مؤسستين. بقايا منخورة من عهود مضتلا ترتبطان بتراث ولا مسؤولية، ولا تندرجان في المستقبل. لا تهيئانلاستمرارية ولمشروع، رغم استعمال هذا المصطلح حد الغثيان. ولذلك يعشعش العنف في المدارس وتغزوها المخدرات، ولا تصمد لإغراء الجسد. لا لشيء إلالأن مجتمعاتها بلا تمثلات جماعية. بلا أنا جماعي بلغة دوركايم. في الغرب وفي المجتمعات التي تطمح إلى أن تكون صورة له. وهكذا يقدم أستاذ جامعي على قتل طالبته، التي تهيء رسالة الدكتوراه تحت إشرافه في الحرم الجامعي بأكادير خريف 2009. ماذا يبقى إذن؟ خريف الجامعة والتعليم والتربية". وفيالسياق نفسه، يرى أوريد أن التعاطي مع ملفي التعليم والفقر في المغرب كان تعاطيا تقنوقراطيا صرفا، وأن هذان الملفان عرفا تعثرا بينا رغم الجهودالتي بذلت و تبذل، وأن أسباب تعثرهما هو "السعي إلى إسكاب الواقع في قوالب جاهزة"، وهي عدم ربط التعليم بمنظومة أخلاق وثقافة المجتمع. وأشار إلى أن اعتماد المقاربات الكمية المعتمدة على الأرقام، في غياب الكيف والنظرلنوعية التعليم وجودته هي السبب، كما أن تغلغل المقاربة الاقتصادية، وشبكةالسوق في المنظومة التربوية، لها دور في ذلك. والشيء نفسه يقال عن الفقر، كما ذكر الباحث، لأن العديد من "الجهود تنصرف من أجل إعادة النظرفي تقييم مؤشر التنمية البشرية، عوض أن تنصرف إلى الواقع، الذي لا يحتاج إلى أرقام، أو مؤشرات، لأنه معبر عن ذاته – وسبل تغييره. ويصرف التقنوقراطيون المشرفون على برامج التنمية البشرية جهدا كبيرا في مساطر دقيقة، وفي التأثر بمقاربة بنكية، وفي المراقبة الجزئية، التي تفضي إلىتوجس الفاعلين والمسؤولين"، وهو ما رأى فيه أوريد سفسطة جديدة. تلك إذن بعض من القضايا والاستشهادات، التي أوردناها من هذا الكتاب القيم،الذي لا يمكن لقراءة واحدة أن تفيه حقه، فرغم تشعب مواضيعه وتداخل بعضهاببعض، فإن فيها من الإنصات للواقع والحكمة، ما لا يمكن إلا أن يخدم الشأن العام، إن هي أخذت بعين الاعتبار. حسن اوريد |
05.11.2010 سعيدة شريف | المغربية
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» ناقوس الخطر :السياحة
» مؤرخ المملكة
» الشاعر أحمد البُــقــيْــدي في إصدار جديد
» «الجميل» كما تحكيه مرآة الشاعر عبد الكريم الطبال*
» « الموريسكي» لِحسن أوريد : بين نكبة الذاكرة الموريسكية وسلطة المتخيل الإبداعي
» مؤرخ المملكة
» الشاعر أحمد البُــقــيْــدي في إصدار جديد
» «الجميل» كما تحكيه مرآة الشاعر عبد الكريم الطبال*
» « الموريسكي» لِحسن أوريد : بين نكبة الذاكرة الموريسكية وسلطة المتخيل الإبداعي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى