نقاد وباحثون مغاربة يشرحون الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي
صفحة 1 من اصل 1
نقاد وباحثون مغاربة يشرحون الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي
ربط المفكر المغربي عبد الله العروي، دوافع الكتابة لديه، بالمصادفة، معتبرا نفسه ضحية الاستقلال، فلو تأخر استقلال المغرب سنة واحدة فقط لولج الإدارة العامة وأصبح موظفا ساميا، لما كتب ما كتب من الكتب الفكرية
واكتفى بالإبداع، ولكانت النتيجة مختلفة بالنسبة لما
كان يكتبه ذهنيا من مفاهيم، وأحيانا يحدث نفسه بأنه لو صارت الأمور في هذه
المسيرة لكانت النتيجة ألذ.
وفي حديثه عن أعماله الأدبية، خلال
ندوة نظمتها، أخيرا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدارالبيضاء،
بعنوان "الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي"، حضرها المؤلف، وشعيب حليفي،
وعبد المجيد القدوري، وجمال بندحمان، وعبد الواحد خيري، وخديجة الصبار،
قال العروي إن منطلق القصة في رواية "غيلة"، جاء من مجموعة من التداعيات،
إذ بدأت بأحداث غير متسلسلة تسلسلا منطقيا، وإنما أتت عرضة اتفاقات
ومصادفات، وهذا ما يحكم القصة البوليسية، معتبرا "الرواية هي ذلك الزمن بين
الحياة والموت، وأن الرواية من الناحية الوجدانية هي أعلى قيمة من التفكير
الفلسفي والاقتصادي"، مؤكدا أنه يرتبط بتحليلات الأعمال الأدبية أكثر من
تحليلات الأعمال الفكرية، وأن عمل "رجل الذكرى" اشتغلت على الذكرى
باعتبارها وسيلة لاستبعاد الزمن، فهي الدواء من انقضاض الزمن علينا، معتبرا
النشوة التي يحصل عليها المؤلف تكمن في تغلبه على الزمن، خاصة إذا شعر بها
القارئ، حيث يكون العمل إذ ذاك ناجحا، كما اعتبر أن الروائي لا يمكن أن
يكون حقيقيا إلا إذا عثر على فكرة عارضة سانحة وإن لم يجد فالرواية، إذ ذاك
تعتبر لغوا.
وفي معرض حديثه عن الرواية، قال العروي، إنه لا يرى
للرواية الطويلة الشاملة، مستقبلا بالمغرب إلا إذا امتزجت الفصحى بالدارجة،
فاللغة العربية، حسب العروي، لا تسعف أبدا في الكتابة لأنها مقوعدة،
بالمقارنة مع اللغة الأنجلوساكسونية، التي اعتبرها حية لأن ليس لها نحو
معقد، مشيرا إلى أن الرواية عرفت تراجعا، لصالح القصة القصيرة بسبب عجزها
على المباشرة.
وتميزت الندوة بمقاربة إبداع العروي من طرف باحثين
ومفكرين قدموا قراءات حبلى بالأفكار لتسليط الضوء على فكر، صاحب "اليتيم"،
وفي هذا السياق قال شعيب حليفي رئيس الجلسة، في كلمة تقديمية، إن هذا
اللقاء يأتي في إطار البحث في تفاعل العلاقات الداخلية لبنيات النص
الإبداعي، باعتباره بناء جماليا ورمزيا معقدا وجدليا لمرايا متحولة وخطابات
ذات قدرة على التخفي والتلون والتكيف بإمكانات متجددة تمنح التأويل فرصا
متعددة للتجلي، معتبرا الرواية عند عبد الله العروي مرآة صوفية للمعرفة
الإنسانية والإضاءة والتفكيك والمتعة، عبر إمكاناتها التخييلية واللغوية من
جهة، وقدرتها من جهة أخرى، في الانفتاح على سجلات وعلامات وحقول من أجل
تشكيل الرومانيسك، من الذات والمجتمع والتاريخ بتوظيف بنيات وأساليب ولغات
من خطابات وأشكال أخرى، إنها، بعبارة أخرى، نص لغوي تخييلي مركب بمرجعيات
وتيارات، لا يمكن أن تحيا وتتطور وتستمر دون مد جسورها عموديا وأفقيا، في
علاقات مفتوحة مع كل شيء لغوي ورمزي.
في مداخلته التي حملت عنوان
"التحديث في الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي، خواطر الصباح نموذجا"،
تساءل عبد المجيد القدوري عميد الكلية في البداية، عن الجنس الأدبي الذي
تنتمي إليه "خواطر الصباح"، هل هي سيرة ذاتية، أم كراسة سجل فيها العروي
أفكاره. ولاحظ أن العروي استعمل إلى جانب عنوان خواطر الصباح عنوانا فرعيا
سماه "يوميات"، ملتزما في بداية مؤلفه بالتسلسل الزمني خلال شهر يونيو
1967، ما يدل على أنه كان مشدودا إلى ما أسماه النكسة، وفي ما عدا ذلك لم
يلتزم التسلسل البتة وهو على وعي تام بذلك، غير أن "خواطر الصباح" وإن كانت
يوميات إلا أنها تتضمن عناصر أخرى تجعل منها سيرة ذاتية، ليخلص في الأخير
إلى أن خواطر الصباح جنس أدبي مجدد يجمع بين اليوميات والسيرة الذاتية و
يمكن تصنيفه بالكناش، واعتمد الكاتب في مؤلفه على الأسلوب، الذي يخاطب
العقل و السلوك، معتبرا أن أهم ما يخرج به القارئ من خواطر الصباح هو عبد
الله العروي الإنسان، معلنا في ختام الندوة عن إطلاق اسم عبد الله العروي
على مدرج بالكلية، وإصدار كتابين في الموسم المقبل، ضمن منشورات الكلية.
في
ورقته التي حملت عنوان "حكي الهوية وهوية الحكي"، استهل الناقد جمال
بندحمان حديثه عن حكي الهوية كاصطلاح ملتبس بالمعنى، ما يجعله متعدد
الدلالات، متسائلا عن كيف نقرأ محكيات العروي، دون أن تكون هذه المحكيات
ضحية المفكر؟ مشيرا إلى أن موضوعات (الإخفاق، والتمزق، والمعاناة)، هي
الأكثر حضورا في أعمال العروي الروائية.
كما أشار بندحمان إلى
دلالة العناوين، التي اختارها العروي لرواياته (الغربة، اليتيم، أوراق،
غيلة، الآفة)، معتبرا معظمها حاملة للدلالة المقترنة بعالم مأساوي ومحبط،
ليخلص في النهاية إلى أن القارئ يصعب عليه تصنيف نصوص العروي ضمن جنس حكائي
معين، لذلك يسميها محكيات العروي.
في مداخلة بعنوان "العقل في
النحو واللغة عند عبد الله العروي"، يميز الباحث في اللسانيات عبد الواحد
خيري، بين عقلين: عقل مطلق يهتم بالكائنات المجردة وهو عقل الحدود
والأسماء، و"عقل النطق والكون"، وعقل الواقعات أي أفعال البشر المتجددة أو
الحادثة بمعنى النحاة، وتمثل هذه الثنائية، حسب العروي قطيعة بين العقل
القديم والعقل الحديث، بين التقليد والإبداع التجدد بين الحداثة ونقيضها،
بين البداوة والمدنية، و يعضد العروي هذا التقابل بتمييز النحاة بين الفعل
والاسم، و يرى الباحث أن مشكل التعريب عنده مشكل وسم و تأسيم للعودة إلى
السكون والمطلق، وختم مداخلته بالحديث عن التخلف واعتبر أنه يأتي من كوننا
نرى شيئا صالحا مفيدا في حياتنا اليومية، لكن نتبع مسلكا يبعدنا عنه ظنا
منا أننا نتوسط ولا نغلو لنوافق بين المنقول و المعقول.
وفي الختام ترى،
الباحثة خديجة الصبار في مداخلتها "المرأة وتجليات الحداثة في رواية
الغربة" أن رواية الغربة لعبد الله العروي تستدعي إنصاتا لجميع أصوات
شخوصها، وتطرح جدلية الذات والغير بفكره وحضارته، أي موضوع المثاقفة
المرتبطة بالتساؤل عن وضع المثقف المغربي ووطنه، ووقوعه في طوق الإيدولوجيا
الغربية ومعاناته من الغربة والتغريب، الذي يعني بالتأكيد اغترابا، بمعنى
أن المرء يصير غيره، يزدوج ويفقد وحدته النفسية، كما تطرح طبيعة العلاقة
التواصلية بين الرجل والمرأة بطريقة نقدية تحليلية تنبثق من موقف صدق يرفض
التمويه، هادفا إلى كشف الواقع على حقيقته.
| 07.06.2011 خالد لمنوري | المغربية
واكتفى بالإبداع، ولكانت النتيجة مختلفة بالنسبة لما
كان يكتبه ذهنيا من مفاهيم، وأحيانا يحدث نفسه بأنه لو صارت الأمور في هذه
المسيرة لكانت النتيجة ألذ.
وفي حديثه عن أعماله الأدبية، خلال
ندوة نظمتها، أخيرا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدارالبيضاء،
بعنوان "الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي"، حضرها المؤلف، وشعيب حليفي،
وعبد المجيد القدوري، وجمال بندحمان، وعبد الواحد خيري، وخديجة الصبار،
قال العروي إن منطلق القصة في رواية "غيلة"، جاء من مجموعة من التداعيات،
إذ بدأت بأحداث غير متسلسلة تسلسلا منطقيا، وإنما أتت عرضة اتفاقات
ومصادفات، وهذا ما يحكم القصة البوليسية، معتبرا "الرواية هي ذلك الزمن بين
الحياة والموت، وأن الرواية من الناحية الوجدانية هي أعلى قيمة من التفكير
الفلسفي والاقتصادي"، مؤكدا أنه يرتبط بتحليلات الأعمال الأدبية أكثر من
تحليلات الأعمال الفكرية، وأن عمل "رجل الذكرى" اشتغلت على الذكرى
باعتبارها وسيلة لاستبعاد الزمن، فهي الدواء من انقضاض الزمن علينا، معتبرا
النشوة التي يحصل عليها المؤلف تكمن في تغلبه على الزمن، خاصة إذا شعر بها
القارئ، حيث يكون العمل إذ ذاك ناجحا، كما اعتبر أن الروائي لا يمكن أن
يكون حقيقيا إلا إذا عثر على فكرة عارضة سانحة وإن لم يجد فالرواية، إذ ذاك
تعتبر لغوا.
وفي معرض حديثه عن الرواية، قال العروي، إنه لا يرى
للرواية الطويلة الشاملة، مستقبلا بالمغرب إلا إذا امتزجت الفصحى بالدارجة،
فاللغة العربية، حسب العروي، لا تسعف أبدا في الكتابة لأنها مقوعدة،
بالمقارنة مع اللغة الأنجلوساكسونية، التي اعتبرها حية لأن ليس لها نحو
معقد، مشيرا إلى أن الرواية عرفت تراجعا، لصالح القصة القصيرة بسبب عجزها
على المباشرة.
وتميزت الندوة بمقاربة إبداع العروي من طرف باحثين
ومفكرين قدموا قراءات حبلى بالأفكار لتسليط الضوء على فكر، صاحب "اليتيم"،
وفي هذا السياق قال شعيب حليفي رئيس الجلسة، في كلمة تقديمية، إن هذا
اللقاء يأتي في إطار البحث في تفاعل العلاقات الداخلية لبنيات النص
الإبداعي، باعتباره بناء جماليا ورمزيا معقدا وجدليا لمرايا متحولة وخطابات
ذات قدرة على التخفي والتلون والتكيف بإمكانات متجددة تمنح التأويل فرصا
متعددة للتجلي، معتبرا الرواية عند عبد الله العروي مرآة صوفية للمعرفة
الإنسانية والإضاءة والتفكيك والمتعة، عبر إمكاناتها التخييلية واللغوية من
جهة، وقدرتها من جهة أخرى، في الانفتاح على سجلات وعلامات وحقول من أجل
تشكيل الرومانيسك، من الذات والمجتمع والتاريخ بتوظيف بنيات وأساليب ولغات
من خطابات وأشكال أخرى، إنها، بعبارة أخرى، نص لغوي تخييلي مركب بمرجعيات
وتيارات، لا يمكن أن تحيا وتتطور وتستمر دون مد جسورها عموديا وأفقيا، في
علاقات مفتوحة مع كل شيء لغوي ورمزي.
في مداخلته التي حملت عنوان
"التحديث في الإبداع الأدبي عند عبد الله العروي، خواطر الصباح نموذجا"،
تساءل عبد المجيد القدوري عميد الكلية في البداية، عن الجنس الأدبي الذي
تنتمي إليه "خواطر الصباح"، هل هي سيرة ذاتية، أم كراسة سجل فيها العروي
أفكاره. ولاحظ أن العروي استعمل إلى جانب عنوان خواطر الصباح عنوانا فرعيا
سماه "يوميات"، ملتزما في بداية مؤلفه بالتسلسل الزمني خلال شهر يونيو
1967، ما يدل على أنه كان مشدودا إلى ما أسماه النكسة، وفي ما عدا ذلك لم
يلتزم التسلسل البتة وهو على وعي تام بذلك، غير أن "خواطر الصباح" وإن كانت
يوميات إلا أنها تتضمن عناصر أخرى تجعل منها سيرة ذاتية، ليخلص في الأخير
إلى أن خواطر الصباح جنس أدبي مجدد يجمع بين اليوميات والسيرة الذاتية و
يمكن تصنيفه بالكناش، واعتمد الكاتب في مؤلفه على الأسلوب، الذي يخاطب
العقل و السلوك، معتبرا أن أهم ما يخرج به القارئ من خواطر الصباح هو عبد
الله العروي الإنسان، معلنا في ختام الندوة عن إطلاق اسم عبد الله العروي
على مدرج بالكلية، وإصدار كتابين في الموسم المقبل، ضمن منشورات الكلية.
في
ورقته التي حملت عنوان "حكي الهوية وهوية الحكي"، استهل الناقد جمال
بندحمان حديثه عن حكي الهوية كاصطلاح ملتبس بالمعنى، ما يجعله متعدد
الدلالات، متسائلا عن كيف نقرأ محكيات العروي، دون أن تكون هذه المحكيات
ضحية المفكر؟ مشيرا إلى أن موضوعات (الإخفاق، والتمزق، والمعاناة)، هي
الأكثر حضورا في أعمال العروي الروائية.
كما أشار بندحمان إلى
دلالة العناوين، التي اختارها العروي لرواياته (الغربة، اليتيم، أوراق،
غيلة، الآفة)، معتبرا معظمها حاملة للدلالة المقترنة بعالم مأساوي ومحبط،
ليخلص في النهاية إلى أن القارئ يصعب عليه تصنيف نصوص العروي ضمن جنس حكائي
معين، لذلك يسميها محكيات العروي.
في مداخلة بعنوان "العقل في
النحو واللغة عند عبد الله العروي"، يميز الباحث في اللسانيات عبد الواحد
خيري، بين عقلين: عقل مطلق يهتم بالكائنات المجردة وهو عقل الحدود
والأسماء، و"عقل النطق والكون"، وعقل الواقعات أي أفعال البشر المتجددة أو
الحادثة بمعنى النحاة، وتمثل هذه الثنائية، حسب العروي قطيعة بين العقل
القديم والعقل الحديث، بين التقليد والإبداع التجدد بين الحداثة ونقيضها،
بين البداوة والمدنية، و يعضد العروي هذا التقابل بتمييز النحاة بين الفعل
والاسم، و يرى الباحث أن مشكل التعريب عنده مشكل وسم و تأسيم للعودة إلى
السكون والمطلق، وختم مداخلته بالحديث عن التخلف واعتبر أنه يأتي من كوننا
نرى شيئا صالحا مفيدا في حياتنا اليومية، لكن نتبع مسلكا يبعدنا عنه ظنا
منا أننا نتوسط ولا نغلو لنوافق بين المنقول و المعقول.
وفي الختام ترى،
الباحثة خديجة الصبار في مداخلتها "المرأة وتجليات الحداثة في رواية
الغربة" أن رواية الغربة لعبد الله العروي تستدعي إنصاتا لجميع أصوات
شخوصها، وتطرح جدلية الذات والغير بفكره وحضارته، أي موضوع المثاقفة
المرتبطة بالتساؤل عن وضع المثقف المغربي ووطنه، ووقوعه في طوق الإيدولوجيا
الغربية ومعاناته من الغربة والتغريب، الذي يعني بالتأكيد اغترابا، بمعنى
أن المرء يصير غيره، يزدوج ويفقد وحدته النفسية، كما تطرح طبيعة العلاقة
التواصلية بين الرجل والمرأة بطريقة نقدية تحليلية تنبثق من موقف صدق يرفض
التمويه، هادفا إلى كشف الواقع على حقيقته.
| 07.06.2011 خالد لمنوري | المغربية
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» عبد الله العروي أديبا
» حوار مع المفكر المغربي عبد الله العروي
» مغزى المسيرة / عبد الله العروي
» سوسيولوجـــــــيا .....
» تاريخانة عبد الله العروي على مشرحة النقد
» حوار مع المفكر المغربي عبد الله العروي
» مغزى المسيرة / عبد الله العروي
» سوسيولوجـــــــيا .....
» تاريخانة عبد الله العروي على مشرحة النقد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى