القصيدة..
صفحة 1 من اصل 1
القصيدة..
إن القصيدة بناء لغوي تخييلي وتموجات تركيبية، وفضاء دلالي وإيقاعي ووزني وشبكة من الصور والرؤى، وتضافر بين السردي والوصفي تخلق حالة من الخلخلة والمفاجأة في بنية التوقعات، ولذلك كانت وظيفتها متمثلة في نقطتين جوهريتين ، هما:
أ- العلاقة التي تقيمها بين الدال والمدلول من ناحية وبين المدلولات من ناحية أخرى، فهي علاقات لا تكمن في المادة الصوتية للغة ولا في المادة الإيديولوجية . بل توجد في ذات القصيدة أي في طبيعتها اللغوية الشكلية .
ب - اتسام هذه العلاقات بالسلبية،حيث يصبح كل واحد من المقومات والصور التي تتشكل منها اللغة الشعرية الناسجة للقصيدة يمثل طريقة لخرق اللغة العادية .
والخرق ليس بالضرورة منتجا للشعر، فإذا كانت الكتابة تقتسمها خانتان واحدة للنثر وأخرى للشعر، فإن الشعرية غايتها هي الوقوف على الأساس الموضوعي الذي بواسطته نستطيع أن نصنف كتابة ما في هذه الخانة أو تلك . وبما أن النثر هو اللغة الشائعة، فإن معيار الشعر هو انزياحه عن هذه اللغة الشائعة بصورة قصدية تحمل قيمة جمالية وتكون نوعا من اللغة الجديدة، ومع ذلك فلابد من التحفظ من قضية الإنزياح هاته، إذ ليس كل انزياح - أو عدول حسب الجرجاني - يخلق شعرا، وليس كل تواتر له في نص ما يمثل الشرط الضروري للشعرية والكافي لها. فخرق القواعد لا يكفي وحده لكتابة قصيدة، ورغم ذلك نرى "قصيدة النثر" تراهن على الخرق كبعد في شعريتها أسوة بالسريالية التي دخلت في هذا النفق منذ عقود فكادت تفقد فيه بصرها وبصيرتها، غير أنها أدركت في الأخير أن الصورة الشعرية الأقوى لا تتمثل في الدرجة القصوى من الاعتباط اللغوي والدلالي والانسيال الآلي للكتابة. فالشعر ليس "لعبة الجثة الجديدة" التي تسند إلى الصدفة زحزحة القواعد لإنتاج كلام لا شعري ولا معقول، ثري بمنافرات ومفارقات موهمات بالشعرية .
فالجملة الشعرية والجملة غير المعقولة تتحدان حقيقة في المنافرة ولكنهما تفترقان جوهريا من حيث النفي، إذن المنافرة في الأولى قابلة للنفي ولكنها متعذرة في الثانية، وهذا فارق مهم يقود إلى القول بأن الانزياح في الشعر خطأٌ قصديٌّ هادفٌ إلى الهدم وإعادة التأسيس، وليس إلى المنافرة والمفارقة والهدم فقط. ومن ثمة يصبح الشعر الحق مسكونا بروح تمتهن الهدم والبناء وتصبح لا معقولية القصيدة أساسية لأنها خارج كل أشكال المنطق المتعارف عليها لها دلالتها التي ترفض المجانية والعبثية. إنها المعنى الضائع والمكتشف من جديد في معنى المعنى داخل ليالي اللغات النفسية والذهنية والتاريخية والأسطورية، تسند إلى ألفاظها وظيفة يعجز معنى الألفاظ عن أدائها لكسر معنى المطابقة وإعطاء نوع من المنطق العاطفي الذي تتخلق فيه لعبة اُلْمَدَالِيلِ وفق قانون اللغة الشعرية القائم على التجربة المنطقية.
أحمد بلحاج آية وارهام
أ- العلاقة التي تقيمها بين الدال والمدلول من ناحية وبين المدلولات من ناحية أخرى، فهي علاقات لا تكمن في المادة الصوتية للغة ولا في المادة الإيديولوجية . بل توجد في ذات القصيدة أي في طبيعتها اللغوية الشكلية .
ب - اتسام هذه العلاقات بالسلبية،حيث يصبح كل واحد من المقومات والصور التي تتشكل منها اللغة الشعرية الناسجة للقصيدة يمثل طريقة لخرق اللغة العادية .
والخرق ليس بالضرورة منتجا للشعر، فإذا كانت الكتابة تقتسمها خانتان واحدة للنثر وأخرى للشعر، فإن الشعرية غايتها هي الوقوف على الأساس الموضوعي الذي بواسطته نستطيع أن نصنف كتابة ما في هذه الخانة أو تلك . وبما أن النثر هو اللغة الشائعة، فإن معيار الشعر هو انزياحه عن هذه اللغة الشائعة بصورة قصدية تحمل قيمة جمالية وتكون نوعا من اللغة الجديدة، ومع ذلك فلابد من التحفظ من قضية الإنزياح هاته، إذ ليس كل انزياح - أو عدول حسب الجرجاني - يخلق شعرا، وليس كل تواتر له في نص ما يمثل الشرط الضروري للشعرية والكافي لها. فخرق القواعد لا يكفي وحده لكتابة قصيدة، ورغم ذلك نرى "قصيدة النثر" تراهن على الخرق كبعد في شعريتها أسوة بالسريالية التي دخلت في هذا النفق منذ عقود فكادت تفقد فيه بصرها وبصيرتها، غير أنها أدركت في الأخير أن الصورة الشعرية الأقوى لا تتمثل في الدرجة القصوى من الاعتباط اللغوي والدلالي والانسيال الآلي للكتابة. فالشعر ليس "لعبة الجثة الجديدة" التي تسند إلى الصدفة زحزحة القواعد لإنتاج كلام لا شعري ولا معقول، ثري بمنافرات ومفارقات موهمات بالشعرية .
فالجملة الشعرية والجملة غير المعقولة تتحدان حقيقة في المنافرة ولكنهما تفترقان جوهريا من حيث النفي، إذن المنافرة في الأولى قابلة للنفي ولكنها متعذرة في الثانية، وهذا فارق مهم يقود إلى القول بأن الانزياح في الشعر خطأٌ قصديٌّ هادفٌ إلى الهدم وإعادة التأسيس، وليس إلى المنافرة والمفارقة والهدم فقط. ومن ثمة يصبح الشعر الحق مسكونا بروح تمتهن الهدم والبناء وتصبح لا معقولية القصيدة أساسية لأنها خارج كل أشكال المنطق المتعارف عليها لها دلالتها التي ترفض المجانية والعبثية. إنها المعنى الضائع والمكتشف من جديد في معنى المعنى داخل ليالي اللغات النفسية والذهنية والتاريخية والأسطورية، تسند إلى ألفاظها وظيفة يعجز معنى الألفاظ عن أدائها لكسر معنى المطابقة وإعطاء نوع من المنطق العاطفي الذي تتخلق فيه لعبة اُلْمَدَالِيلِ وفق قانون اللغة الشعرية القائم على التجربة المنطقية.
أحمد بلحاج آية وارهام
عبدالرحيم- عدد الرسائل : 352
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 05/08/2008
مواضيع مماثلة
» القصيدة
» القصيدة الحرة
» هل القصيدة المغربية، الآن، تقول شيئا؟
» القصيدة المغربية الأولى .. شرعنة الحداثة
» تحولات القصيدة المغربية في الثمانينيات
» القصيدة الحرة
» هل القصيدة المغربية، الآن، تقول شيئا؟
» القصيدة المغربية الأولى .. شرعنة الحداثة
» تحولات القصيدة المغربية في الثمانينيات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى